9 مصاحف الكتاب الاسلامي

9 مصاحف هيتميل 9 و 12 مصحف

 

الجمعة، 12 أغسطس 2022

ج1.مجالس ثعلب الإمام ثعلب

 

مجالس ثعلب الإمام ثعلب

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الأول

أخبرنا الشيخ الثقة أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد بن صدقة بن كليب الحراني قراءة عليه: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب قراءة عليه، وأنا أسمع، حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، قراءة عليه وأنا أسمع فأقر به، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم المقرىء في منزله بحضرة الشرقية بدرب النحاسين، يوم الجمعة صلاة الغداة، سلخ جنادى الآخرة من سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، حدثنا أبو العباس أحمد ابن يحيى النحوي، حدثنا ابن شبة قال: أخبرني الطائي قال: قال القاسم ابن معن: كانت أم سعيد بنت سعيد بن عثمان بن عفان عند هشام بن عبد الملك، ثم طلقها فندم على طلاقها، فتزوجها العباس بن الوليد بن عبد الملك، ثم طلقها فندم على طلاقها، فتزوجها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فدس إليها العباس أشعب بأبيات قالها، وقال له: إن أنشدتها إياها فلك ألف دينار. قال: فأتاها فأنشدها، فقالت له: دسك العباس وجعل لك ألف دينار؛ فأخبره عني ولك ألف دينار. ثم قالت: وما قال? فقال: قال:

أسعدة هل إليك لنا سبـيل

 

ولا حتى القيامة من تلاق

قالت: إن شاء الله. فقال:

بلى ولعل دارك أن تواتي

 

بموت من حليلك أو فراق

قالت: بفيك الحجر. قال:

فأرجع شامتاً وتقر عيني

 

ويجمع شملنا بعد إنشقاق

قالت: بل نشمت بك إن شاء الله.
ويقال: إنه يستودف الخبر ويستقطره، والمرأة تستودف ماء الرجل إذا نكحت، فإذا أرادت أن يجتمع الماء في رحمها لم تنبسط.
أخبرنا محمد، حدثنا أبو العباس بن يحيى النحوي ثعلب، حدثنا ابن شبة، حدثنا خلاد بن يزيد الأرقط الباهلي، قال: سمعت أهل مكة يقولون: كان القس بمكة يقدم على عطاء في النسك، فمر يوماً بسلامة وهي تغنى، فأصغى إلى غنائها، وفعل ذلك غير مرة حتى رآه مولاها، فقال له: ألا أدخلك عليها فتقعد مقعدا لا تراك منه، وتسمع? فأبى عليه، فلم يزل به المولى حتى أجاب، وحتى قعد معها، فوقعت في نفسه، ووقع في نفسها، فخلت به ذات يوم، فقالت: والله إني أحبك. قال: وأنا والله أحبك. قالت: وأشتهى أن أضع فمي على فمك. قال: وأنا والله أشتهي ذاك. قالت: وصدري على صدرك، وبطني على بطنك. قال: وأنا والله أحب ذاك. قالت: فما يمنعك? فو الله ما معنا أحد. قال: ويحك، إني سمعت الله تعالى يقول: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين". فأنا أكره أن تكون خلة بيني وبينك في الدنيا عداوة يوم القيامة.
قال: وقال فيها:

أهابك أن أقول بذات نفسي

 

ولو أني أطيع القلب قالا

حياء منك حتى سل جسمي

 

وشق علي كتماني وطالا

وقال:

قد كنت أعذل في الصبابه أهلها

 

فاعجب لما تـأتـى بـه الأيام

فاليوم أعذرهم وأعلـم أنـمـا

 

سبل الضلالة والهدى أقسـام

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: العنقر: ضرب من النبت. وفي قوله عز وجل: أمشاج نبتليه قال: أخلاط. وقال: الورق، والورق، والورق: الدراهم. قال: والورق: ورق الشباب والورق: حدائق الدم. والورق: الغنم.
وأنشد للعجاج: واغفر خطاياي وثمر ورقي وأنشد:

إنا إذا سنة حتت لـنـا ورقـاً

 

نكايد العيش حتى ينبت الورق

وقال أبو العباس، أحمد بن يحيى: قولهم: ألظوا بياذا الجلال والإكرام أي: ألحوا.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال: قال ابن الأعرابي: سألت العرب أي شيء معنى شيطان ليطان? قالوا: شيء نتد به كلامنا: نشده.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا أبو العالية قال: مر قوم من بني سليم برجل من مزينة يقال له نضلة في إبل له، فاستسقوه لبناً فسقاهم، فلما رأوا أنه ليس في الإبل غيره ازدروه، فأرادوا أن يستاقوها، فجالدهم حتى قتل منهم رجلاً، وأجلى الباقين عن الإبل. فقال في ذلك رجل من بني سليم:

ألم تسأل فوارس مـن سـلـيم

 

بنضلة وهو موتـور مـشـيح

رأوه فـازدروه وهـو خـرق

 

وينفع أهله الرجل الـقـبـيح

فشد عليهم بالسـيف صـلـتـا

 

كما عض الشبا الفرس الجموح

وأطلق غل صاحبـه وأردى

 

قتيلاً منهم ونـجـا جـريح

ولم يخشوا مصالته علـيهـم

 

وتحت الرغوة اللبن الصريح

أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى إملاء، وثنا ابن شبة، ثنا محمد بن سلام، قال: زعم يونس بن حبيب قال: صنع رجل لأعرابي ثريدة يأكلها، ثم قال: لا تصقعها، ولا تشرمها، ولا تقعرها. قال: فمن أين آكل لا أبالك?! قوله: لا تصقعها: لا تأكل من أعلاها. وتشرمها: تخرقها. وتقعرها تأكل من أسفلها.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "إذا اكتالوا على الناس يستوفون": يزيدون ما على الناس، ومن الناس.
وقال أبو العباس، قال أبو نصر، قال الأصمعي: أشد الناس الأعجر الضخم؛ وأخبث الأفاعي أفاعي الجدب؛ وأخبث الحيات حيات الرمث، وأشد المواطىء الحصى والصفا، وأخبث الذئاب ذئب الغضى. وإنما صار كذا لأنه لا يباشر الناس إلا إذا أراد أن يغير.
وأنشد:

أنا أبو شرفاء مناع الـخـفـر

 

حية قف لاجىء إلى حـجـر

إذا تعذرت فلم تـقـبـل عـذر

 

ثم أملت الرأس من غير صعر

ثم خزرت العين من غير عور

 

وجدتني ألوي بعيد المستـمـر

مناع ما أعطيت من خير وشر

 

 

في أخرى:

أبذي إذا بوذيت من كلب ذكر

قوله: مناع الخفر: يعني مناع أصحاب الخفر، يعني النساء.
قال: وهو مصدر.
وقوله:

حية قف لاجىء إلى حجر.

قال: حيات الصخر أخبث من غيرها.
وقوله:

إذا تعذرت فلم تقبل عذر

أي: إذا لم تقبل عذري، كنت كذا؛ يريد: إذا لم أعط ما أريد. خزرت العين، أي تكبرت على الناس ونظرت إليهم بمؤخر عيني.
وقال أبو العباس: سلام على إلياسين، مثل إدريسين. آل ياسين: أهل ياسين. ما أنا بمصرخكم، قال: بمعينكم.
وقال: العرعرة: رأس الجبل.
ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: أجملوا في الطلب، فلو أن رزق أحدكم في عرعرة جبل، أو حضيض أرض، لأتاه قبل أن يموت.
وقال أبو العباس: لا يزنى المؤمن حين يزنى وهو مؤمن، قال: ليس هذا من أخلاق المؤمنين. وقال: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع، ما آمن بي: تشديد، أي ينبغي له أن يواسيه.
قال أبو العباس: نصه، أي: أظهره؛ وكل مظهر فهو منصوص، وأصله من نصه، إذا أقعده على المنصة. وأنشد:

ونص الحديث إلى أهله

 

فإن الوثيقة في نصـه

وكل تبيين وإظهار فهو نص.
أعبد الله ثوباً كسوته قال: إن كانت الهاء لعبد الله، فالرفع والنصب، وإن كانت للثوب، فالنصب لا غير؛ لأن النصب قد تقدم في عبد الله.
قال: وقال إياس بن معاوية: كنت في مكتب في الشام، وكنت صبياً، فاجتمع النصارى يضحكون من المسلمين، وقالوا: إنهم يزعمون أنه لا يكون ثفل للطعام في الجنة. قال: قلت: يا معلم، أليس تزعم أن أكثر الطعام يذهب في البدن? فقال: بلى. قال: فقلت فما تنكر أن يكون الباقي يذهبه الله في البدن كله. فقال أنت شيطان! وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فصل لربك وانحر": يقال: استقبل القبلة بنحرك. وييقال: اذبح.
ويقال: غلام نشنش، وشعشع، وبلبل، وبزبز، إذا كان خفيفاً في السفر.
يقال: سويداء قلبه، وحبة قلبه، وسواد قلبه، وسوادة قلبه، وجلجلان قلبه، وأسود قلبه، وسوداء قلبه، بمعنى.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا أفصح العرب، تربيت في أخوالي بني سعد، بيد أنى من قريش.
قال: بيد، وميد، وغير؛ بمعنى.
"فانبذ إليهم على سواء" أي: أدفع إليهم عهودهم، وأعلمهم أنا على الحرب.
"فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى"، قال: لمن اتقى قتل الصيد.
"يوم يكشف عن ساق"، قال: ساق القيامة، وساق الدنيا.
ويقال: ملح ذرآنى وذرآنى.
الصرف: التصرف في الدية. والعدل: المثل.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال، وحدثني ابن قادم قال: كتب فلان إلى المأمون كتاباً فيه: وهذا المال مالاً من حاله كذا. فكتب إليه: أتكاتبني بكاتب يلحن في كلامه? فقال: ما لحنت، وما هو إلا صواب. قال ابن قادم: فدعاني المأمون، فلما أردت الدخول عليه قال لي: ما تقول لأمير المؤمنين إذا سألك? قال: قلت: أقول له: الوجه ما قال أمير المؤمنين، وهذا جائز.

قال: فلما دخلت قال لي: ما تقول في هذا الحرف? قال: فقلت: الرفع أوجه، والنصب جائز. قال: فقال لي: مر، كل شيء عندكم جائز! ثم التفت إلى ذلك فقال: لا تكتين إلى كتاباً حتى تعرضه.
وقال: جمع ثلة: ثلل بالكسر وهي القطعة من الغنم.
وقال: بدرة وبدر، وضيعة وضيع. شاذ.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فإنكم وما تعبدون. ما أنتم عليه بفاتنين": أي لا تقدرون أن تفتنوا إلا من قدرت له النار.
سئل أبو العباس ثعلب: أنت طالق شهراً إلا هذا اليوم? وقال: اليوم لا تطلق، وبعده تطلق. فلو قال في موضع إلا، غير، لكان المعنى واحداً.
الكهف والرقيم قال: الرقيم: اللوح المكتوب فيه أنسابه وأنساب أبيه. "وحناناً من لدناً" أي: رحمة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم": قال: الفراء يقول: لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلا المظلوم. قال: وردوه عليه.
والقول فيه أن: إلا من استثناء، مثل: "فإنهم عدو لي إلا رب العالمين"، قال: أي فإنه ليس عدواً لي.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا الأثرم، قال: قال ابن إدريس: سمعت حمزة بن عبد لله بن عتبة وهو واقف على محمد بن قيس الأسدي ينشد:

كفـاك بـشـير إذ رآك بـحــاجة

 

كليل اللسان ما تمر وما تـحـلـى

تلاوذ بالأبواب مـنـى مـخـافة ال

 

ملامة والإحتار شر من الـبـخـل

فلولا اتقاء الـلـه قـلـت مـقـالة

 

تسير بها الركبان أبردهـا يغـلـى

بها تنفض الأحلاس في كل مـنـزل

 

وينفى الكرى عنه بها صاحب الرحل

أبن لي، فكن مني أو أبتغ صاحـبـاً

 

كمثلك إني مبتغ صاحبـاً مـثـلـي

ولا يلبث الأصحاب أن يتـفـرقـوا

 

إذا لم يزوج روح شكل إلى شكـل

ولا داخلاً ذو الظن بيتي فيبـتـغـي

 

لدى ولا تمشي إلى بيتـه رجـلـي

قلـيل إخـائي لا ينـال مـودتــي

 

من الناس إلا مسلم كامل الـعـقـل

أخبرنا محمد قال ثنا أبو العباس، ثنا الأثرم قال: حدثني ابن إدريس حدثنا ابن أبي الزناد، والقاسم بن معن قالا: قال عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة في رجلين يعاتبهما مرا به، وهو أعمى، فلم يسلما عليه:

ألا أبلغا عنى عراك بـن مـالـك

 

ولا تدعا أن تثنيا بـأبـي بـكـر

لقد جعلت تبدو شواكل منـكـمـا

 

كأنكما بي موقران من الصخـر

وطاوعتما بي داعكاً ذا مـعـاكة

 

لعمري لقد أزرى وما مثله يزرى

فلولا اتقاء الله بقـياى فـيكـمـا

 

للمتكما لوماً أحر من الـجـمـر

فمسا تراب الأرض منها خلقتمـا

 

وفيها المعاد والمصير إلى الحشر

ولا تأنفا أن تسـألا وتـسـلـمـا

 

فما حشى الإنسان شراً من الكبر

ولو شئت أدلى فيكما غـير واحـد

 

علانية أو قال عندي في الـسـر

فإن أنا لم آمر ولم أنه عنـكـمـا

 

تضاحكت حتى يستلج ويستشـرى

ويروي:

ضحكت له حتى يلج ويستشرى

أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، ثنا الزبير، قال: حدثني خالي إبراهيم بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ويحيى ابن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، قالا: ثنا عثمان بن عمر بن موسى المعمرى، عن الزهري قال: دخل عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عتبة بن مسعود، على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ أمير المدينة، فجرى بينهم الحديث، حتى قال عروة في شيء جرى من ذكرى عائشة وابن الزبير: سمعت عائشة رضوان الله عليها تقول: ما أحببت أحداً حبي عبد الله بن الزبير، لا أعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبوى. فقال لي عمر: إنكم لتنتحلون عائشة لابن الزبير انتحال من لا يرى لأحد معه فيها نصيباً. قال عروة: لقد كان عبد الله منها بحيث وضعته الرحم والمودة التي لا يشرك أحداً منهما عند صاحبه فيها أحد. فقال له عمر: كذبت. فقال له عروة: هذا- يعني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة- يعلم أنى غير كاذب، وإن أكذب الكاذبين، لمن كذب الصادقين. فسكت عبيد الله ولم يدخل بينهما بشىء. فغضب عمر بن عبد العزيز، فأفف بهما وقال: اخرجا عني. ثم لم يلبث أن بعث إلى عبيد الله بن عبد الله رسولاً يدعوه لبعض ما كان يأتيه له، فكتب إليه عبيد الله:

لعمر ابن ليلى وابن مروان إنـه

 

لمـروان أداه أب غـير زمـل

لو أنهم عـمـا وجـداً ووالـداً

 

تأسوا فسنوا سنة المتـعـطـل

عذرت أبا حفص بأن كان واحداً

 

من القوم يهدى هديهم ليس يأتلى

ولكنهم فاتوا وجئت مـصـلـياً

 

تقرب إثر السابق المتـمـهـل

زعمت فإن تلحق فضن مبـرز

 

جواد، وإن تسبق فنفسك أعـول

فما لك بالسلطان أن تحمل القذى

 

جفون عيون بالقذى لم تكـحـل

وما الحق أن تهوى فتشعف بالذي

 

هويت إذا ما كان ليس بأجمـل

أبى الله والإسلام أن ترأم الخنـا

 

نفوس رجال بالخنا لـم تـذلـل

قال أبو العباس: وفي الحديث: أن شيعة الدجال جواربهم طوال، وخفافهم مقرطمة، أي لها مناقير.
وأنشد:

يا أم عمرو بينى: لا، أو نـعـم

 

أو اصرمى، فراحة ممن صرم

قلت لها: بيني، فقالت: لا جـرم

 

إن الفراق اليوم، واليوم ظلـم

قال أبو العباس: الغدن، الاسترخاء.
أخبرنا محمد ثنا أبو العباس. ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني ابن عائشة، قال: سمعت أبي يذكر قال: كان عمران بن موسى بن طلحة يجالس أباه، وكان يحبه، فأودعه رجل وديعة. قال: ثم غاب فقدم وقد ترك عمران مجالسة أبيه، فقال لموسى: إني أودعت ابنك وديعة، وهو لازمك ثم تركك ولزم الصيد، وقد خفت على وديعتي. قال: ألقيته? قال: لا. قال: فالقه. فلقيه، فقال: أتعرفنى? قال: نعم، ألست صاحب المال الذي أودعتنا? قال: بلى. قال: فهو لك فخذه. وأعلم أباه فنحله القطقطانة، من سواد الكوفة. فابتاعها منه موسى بن عيسى بتسعين ألف دينار. قال أبي: فأخبرنا القاسم بن محمد من ولد زكرياء بن طلحة قال: قال لي أبو جعفر: ما أرى صاحبكم إلا وقد غبن صاحبنا. قلت: كلا يا أمير المؤمنين.
أخبرنا محمد، قال، وأنبأنا أبو العباس قال، وحدثني عمر بن شبة، عن ابن عائشة قال: وعاتب جناحاً يزيد بن طلحة بن عبد الله بن خلف، في دين عليه فقال له:

فإن يك يا جناح على دين

 

فعمران بن موسى يستدين

ولم يعدمك إما كنت فينـا

 

نبيذ التمر واللحم السمـين

قال ابن عائشة: قال لي الأصمعي، ونحن بالرقة: من عثمان بن موسى الذي يقال له: فعثمان بن موسى يستدين? قال: قلت له: عمران. وأخطأ الأصمعي في هذا.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال وحدثني ابن عائشة سمعت أبي قال: لما أنشد ابن الرقيات عبد الملك:

يعتقد التاج فوق مفرقه

 

على جبين كأنه الذهب

وقال: أما ابن الزبير فيقول- يعني له:

إنما مصعب شـهـاب مـن

 

الله تجلت عن وجهه الظلماء

ويقول لي: على جبين كأنه الذهب

أخبرنا محمد ثنا أبو العباس، قال سمعت عمر بن شبة، عن ابن عائشة، قال: سمعت بعض القرشيين يقول: نظر عبد الرحمن بن الضحاك إلى بعض بني مروان يجر ثيابه فقال: أما والله لو رأيت أباك رأيته مشمراً. قال: فما يمنعك من التشمير? قال: لا شيء، إلا بيت قاله الشاعر، نسجه لأبيك:

قصير الثياب فاحش عند بيتـه

 

وشر قريش في قريش مركبا

أخبرنا محمد، حدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة قال: وثنا ابن عائشة، قال سمعت أبي يذكر قال: كان عبد الملك فاسد الفم، فعض تفاحة فألقاها إلى امرأة من نسائه، فأخذت سكيناً فاجتلفت ما عاب منها. فقال: ما تصنعين? قالت: أمطت الأذى عنها.
أخبرنا محمد قال، وأخبرنا أبو العباس قال، وأنبأنا ابن عائشة قال: كان لداود عليه السلام صوت يطرب المحموم، ويسلى الثكلى، وتصغى له الوحش، حتى يؤخذ بأعناقها وما تشعر.
أخبرنا محمد قال، وأنبأنا أبو العباس ثنا ابن عائشة، ثنا سعيد بن عامر، قال: وشم داود عليه السلام خطيئته في كفه، فما رفع فيها طعاماً حتى يشوبه بدموعه.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس، ثنا ابن عائشة قال: حدثني العجلى قال: قال رجل لعبد الله بن عثمان بن عمر التيمي أخي عمر بن عثمان: ما فعل مالكم بموضع كذا وكذا? قال: ولم? قال: أما سمعت قول الشاعر:

وقد تخرج الحاجات يا أم مالك

 

كرائم من رب بهن ضنـين

أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا ابن عائشة قال، حدثني سلمة بن شعيب قال: أتى عمر بن الخطاب رضوان الله عليه بمال، فقام إليه عبد الرحمن ابن عوف رضوان الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين، لو حبست هذا المال في بيت المال، لنائبة تكون، أو أمر يحدث? فقال: كلمة ما غره بها إلا شيطان، لقاني الله حجتها، ووقاني فتنتها. أعصى الله العام وفي قابل أعد لهم تقوى الله عز وجل!! قال الله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب"، ولتكونن فتنة على من يكون بعدى.
قال أبو العباس، يقال: أخذت مشوا، ومشياً، يريد: دواء يمشي. الدرياقة: اسم للخمر.
معنى: لا حول ولا قوة إلا بالله، أي: لا تحول من معصية الله إلى طاعته إلا به وبقوته. قال: ومنه أخذ أبو نواس ذلك الشيطان.
وأنشد لأبي نواس:

كأنما رجلها قفـا يدهـا

 

رجل غلام تهوى بدبوق

ثم قال لي: أي لا تخذل رجلاها يديها، تتبعها في السير.
وأنشد له:

وأوقة للطير في أرجائها

قال: الأوقة: الموضع الذي يقع فيه الطير.
قال أبو العباس: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقوم الساعة حتى تختم الأيدي قال: أي حتى تمتنع من العطية.
الكهناء، كانوا في الجاهلية يقولون: إن الشياطين كانت تأتيهم. والعراف: الذي يزجر الطير.
المهطع: الذي يرفع رأسه في ذل.
وقال أبو العباس: ما بعد إنما استئناف. إنما زيد قائم. وما بعد أن استئناف، مثل: ظننت أن زيد قائم.
"إن كتاب الأبرار لفي عليين. وما أدراك ما عليون" قال: كل جمع لا عدد له يجمع بالواو والنون- يعني مجهول الواحد.
"ما لكم لا ترجون لله وقاراً" أي: لا تخشون لله عظمة.
ويقال: حصر لسانه، إذا لم يبين الكلام؛ وحسر بصره، إذا لم يبصر، وكذلك سائر الأشياء.
قوله عز وجل: "فذلك يومئذ يوم عسير" قال: فيومئذ مرافع فذلك "ويوم عسير" ترجمة يومئذ.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حدثني عمر بن شبة، قال أخبرني أبو سلمة قال أخبرني ابن زبنج راوية ابن هرمة، قال: أصابت ابن هرمة أزمة، فقال لي في يوم حار: اذهب فتكار لي حمارين إلى ستة أميال. ولم يسم موضعاً، فركب واحداً وركبت واحداً، ثم سرنا حتى انتهينا إلى قصور حسن بن زيد ببطحاء ابن أزهر، فدخلنا مسجده، فلما زالت الشمس خرج علينا مشتملاً على قميصه، فقال لمولى له: أذن. ثم لم يكلمنا كلمة، ثم قال له: أقم. فأقام، فصلى بنا ثم أقبل على ابن هرمة فقال: مرحباً بك أبا سحاق، حاجتك. قال: نعم، بأبي أنت وأمي! أبيات قلتها- وقد كان عبد الله بن حسن، وحسن، وإبراهيم، بنو حسن بن حسن، وعدوه شيئاً فأخلفوه- فقال: هاتها. فأنشد:

أما بنو هاشم حولى فقـد قـرعـوا

 

نبلى الصياب التي جمعت في قرنى

فما بيثرب منهـم مـن أعـاتـبـه

 

إلا عوائد أرجوهن مـن حـسـن

الله أعطاك فضلاً من عطـيتـه

 

على هن، وهن فيما مضى وهن






قال: حاجتك! قال: لابن أبي مضرس على خمسون ومائة دينار. قال: فقال لمولى له: أيا هيثم، اركب هذه البغلة فائتنى بابن أبي مضرس وذكر حقه. قال: فما صلينا العصر حتى جاء به. فقال: مرحباً بك يا ابن أبي مضرس، أمعك ذكر حق على ابن هرمة? فقال: نعم. قال: فامحه. قال: فمحاه. ثم قال: يا هيثم، بع ابن أبي مضرس من تمر الخانقين بمائة وخمسين ديناراً، وزده في كل دينار ربع دينار، وكل لابن هرمة بخمسين ومائة دينار تمراً، وكل لابن زبنج بثلاثين ديناراً تمراً. قال: فانصرفنا من عنده، فلقيه محمد بن عبد الله بن حسن بالسيالة وقد بلغه الشعر، فغضب لأبيه وعمومته. فقال: يا ماص فعل أمه، أنت القائل: على هن وهن فيما مضى وهن قال: لا والله بأبي، ولكن الذي أقول لك:

لا والذي أنت منه نعمة سلفت

 

نرجو عواقبها في آخر الزمن

لقد أبنت بأمر ما عمـدت لـه

 

ولا تعمده قولى ولا سنـنـى

فكيف أمشى مع الأقوام معتدلاً

 

وقد رميت برىء العود بالأبن

ما غيرت وجهه أم مهـجـنة

 

إذا القتام تغشى أوجه الهجـن

قال: وأم الحسن أم ولد.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال حدثني عمر بن شبة، قال: حدثني أبو سلمة، قال أخبرني محمد بن معن الغفاري، قال: أخبرني خالد القسرى، قال: لما خرج محمد بن عبد الله بالمدينة وأنا في حبس ابن حيان، أطلقني، فلما سمعت دعوته التي دعا إليها على المنبر قلت: هذه دعوة حق، والله لأبلين الله فيها. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنك قد خرجت بهذا البلد، والله لو قد وقفت على نقب من أنقابه مات أهله جوعاً وعطشاً، فانهض معي؛ فإنما هي عشر ليال حتى أضربه بمائة ألف سيف. فأبى على. قال: فإنى لعنده يوماً إذ قال: ما وجدنا من حر المتاع شيئاً أجود من شيء وجدنا عند عمران بن أبي فروة ختن أبي الخصيب- وكان انتهبه- قال: قلت: ألا أراك قد أبصرت حر المتاع، قال: فكتبت إلى جعفر فأخبرته بقلة من معه. قال: فعطف على فحبسني، حتى أطلقني عيسى بن موسى بعد قتله محمداً، ودخوله المدينة.
قال: وأنشد ابن الأعرابي، أبو السمح:

ثلاثة أبـيات فـبـيت أحـبـه،

 

وبيتان ليسا من هواى ولا شكلى

ألا أيها البيت الذي حـيل دونـه

 

بنا أنت من بيت، وأهلك من أهل

بنا أنت من بيت دخولـك طـيب

 

ومثواك لو يسطاع بالبارد السهل

قال أبو العباس: فأنشدني ابن الأعرابي:

ثلاثة أحباب: فحـب عـلاقة

 

وحب تملاق، وحب هو القتل

قال، فقلت: فزدني ثانياً. قال: هو يتيم.
وأنشد:

وكتيبة لبستـهـا بـكـتـيبة

 

كالثائر الحيران أشرق للندى

قال: أراد الجراد. وقوله: أشرق للندى من أجل الندى. ويقال للندى.

مجلس

أخبرنا محمد بن الحسن، قال وثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني أبو سعيد الثعلبي ثنا عبيد بن الوسيم، عن أبي رافع، قال: كنت ألاعب الحسن أو الحسين، عليهما السلام، بالمداحى فإذا أصابت مدحاتي قال: أترضى أن تركب بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم?! فأدعه، فإذا أصابت مدحاته، قلت: لا أحملك كما لم تحملني. فيقول: أما ترضى أن تحمل بضعة من رسول الله?! فأحمله.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، حدثني عمر بن شبة قال: وحدثني سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز، والبريد الذي جاءه من قسطنطينية يحدثه، قال: بينا أنا أسير على بغلتي في مدينة القسطنطينية إذ سمعت غناء لم أسمع غناء قط أحسن منه، فو الله ما أدري أكذاك هو أم لغربة العربية في تلك البلاد? فإذا رجل في غرفة، درجة تلك الغرفة في الطريق، فنزلت عن بغلتي فأوثقتها، ثم صعدت الدرجة فقمت على باب الغرفة، فإذا رجل مستلق على قفاه، واضع إحدى رجليه على الأخرى، وإذا هو يغنى ببيتين من الشعر لا يزيد عليهما فإذا فرغ بكى، فيبكى ما شاء الله، ثم يعيد ذينك البيتين، ثم يعود إلى البكاء، ففعل ذلك غير مرة، وأنا قائم على باب الغرفة، وهو لا يراني ولا يشعر بي. والبيتان:

وكائن بالبلاط إلى المصلى

 

إلى أحد إلى ما حاز ريم

إلى الجماء من خد أسيل

 

نقى اللون ليس به كلوم

قال: البيت الثاني لم ينشدنيه سعيد بن عامر؛ قال قلت: السلام عليك. فأتيته فقلت: أبشر، فقد فك الله عز وجل أسرك، أنا بريد أمير المؤمنين عمر إلى الطاغية في فداء الأسارى. فإذا هو رجل من قريش، وكان أسر فسألوه فعرفوا منزلته، فدعوه إلى النصرانية فتنصر وزوجوه امرأة منهم، قال البريد: فقال لي: ويحك! فكيف بعبادة الصليب، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير? فقلت: سبحان الله! ما تقرأ القرآن: "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان". فأعاد علي: فكيف بعبادة الصليب، وأعاد كلامه الأول إعادة غير مرة. قال: فرفع الرجل يديه وقال: اللهم اجنبني هذا واكفني شره. قال: فما زلت راجياً لدعوة عمر. قال جويرية: وقد رأيت أخاه بالمدينة.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: وحدثني محمد بن سلام قال: زعم يونس بن حبيب قال: صنع رجل لأعرابي ثريدة ثم قال له: لا تصقعها ولا تشرمها، ولا تقعرها. قال: من أين آكل لا أبا لك!? نصقعها: تأكل من أعلاها. وتشرمها: تخرقها. وتقعرها: تأكل من أسفلها.
قال أبو العباس: وفي غير هذا الحديث: فمن أين آكل? قال: كل من حواجبها. أي من نواحيها.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا عبد الله بن شبيب، ثنا يحيى بن إبراهيم قال وثنا الزبير، عن أخيه هارون بن أبي بكر، قال وقال عبد الله ابن شبيب: ولقيت هارون فحدثني به عن سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة عن أبيه عن عمه عبد الله بن عروة قال: أقحمت السنة نابغة بني جعدة، فدخل على ابن الزبير في المسجد الحرام ثم أنشده:

حكيت لنا الصديق لمـا ولـيتـنـا

 

وعثمان، والفاروق، فارتاح معـدم

وسويت بين الناس في الحق فاستوى

 

فعاد صباحاً، حالك اللون أسـحـم

أتاك أبو ليلى يجوب بـه الـدجـى

 

دجى الليل جواب الفلاة عثمـثـم

لتجبر منه جانبـاً ذعـذعـت بـه

 

صروف الليالي والزمان المصمـم

فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون مسائلك عندنا. أما صفوة أموالنا فلال الزبير، وأما عفوته فإن بني أسد تشغلها عنك، ولكن لك في مال الله حقان، حق برؤيتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق لشركتك آل الإسلام في فيئهم. ثم أدخله بيت النعم فأعطاه قلائص تسعاً، وجملاً رحيلاً، وأوقر له الركاب براً وتمراً وثياباً، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفا، قال ابن الزبير: ويح أبى ليلى لقد بلغ به الجهد. فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدثت فصدقت، ووعدت خيراً فأنجزت، فأنا والنبيون فراط لقاصفين.
وقال أبو العباس في قول الله عز وجل: "فإن أحصرتم" قال: يكون من علة ويكون من عدو، ويكون من حبس. وأنشد:

وما هجر ليلى أن تكون تباعدت

 

عليك، ولا أن أحصرتك شغول

ولا أن تكون النفس عنها نحيحة

 

بشىء ولا أن ترتضى ببـديل

قال: نحيحة، وشحيحة واحد. أراد: شحيحة ببديل. قال: والاختيار أن يقول: شحيح نحيح، فجاء بغير الإتباع. ولا يكون بغير الإتباع إلا قليلا. ويقول: لم أتركها إلا لجفائها.
وأنشد:

أجش هزيم في الخبار إذا انتحى

 

هوادى عطفيه العنان مقـرب

قال أبو بكر بن مقسم: الخبار: أرض رخوة. أجش: في صوته جشة. العنان: السباق، أي: هو يسبق في الخبار. يقول: في موضع لا يجرى فيه غيره.
وأنشد للراعى مثله- مثل: وما هجر ليلى:

وما هجرتك حتى قلت معلنة

 

لا ناقة لي في هذا ولا جمل

أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس، قال: قال أبو حية العكلي: كان رجل يحب بنت عم له، فسافر مع أخيها سفراً له، فلما قدما استقبلهما بعض الحي فقال: زوجت ليلى. فغشي عليه فرفعه ابن عمه، ورش عليه ماء. فأفاق وهو يقول:

تموت على ليلى خفاتاً وما رأت

 

لك العين إسواراً لليلى ولا حجلا

ولكن نظرات بـعـين مـريضة

 

أولاك اللواتي قد مثلن بنا مثـلا

أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، قال: ركب خالد بن صفوان يوماً في أصحاب له، فأخذتهم السماء وهو على حمار فقال: أما علمتم أن قطوف الدابة أمير القوم، فساروا معه، فلما كان الغد كان الغد ركب برذوناً هملاجاً وأخذتهم السماء، فرمع برذونه فقالوا: أبا صفوان، ما كان أصدق كلامك بالأمس! قال: فلم غالينا بالهماليج.
أخبرنا محمد قال أخبرنا أبو العباس، قال: قال عبد الواحد بن زيد...... جالسوا أهل الدين فإن الفجور لا يقربهم، وجالسوا الأشراف، فإن الفحش لا يجرى في مجالسهم.
قال، وقيل لرجل: من الخطيب? قال: من دام نظره، وبعد صوته، وابتل لسانه.
وقيل لقيس بن عاصم: بم نلت السؤدد? قال: بكف الأذى، ونصرة المولى وتعجيل القرى.
أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، قال ثنا الأصمعي قال: لما أدخل الشعبي على الحجاج: قال هيه يا شعبي. قال: فقال: أحزن بنا المنزل، وأجدب بنا الجناب، واستحلسنا الخوف، واكتحلنا السهر، وأصابتنا خزية لم نكن فيها فجرة أقوياء، ولا بررة أتقياء. قال: لله درك يا شعبي! أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، قال قال ابن سلام: لما أمعر أبو طالب، قالت بنو هاشم: دعنا فليأخذ كل رجل منا رجلاً من ولدك. قال: اصنعوا ما أحببتم إذا خليتم لي عقيلاً. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم علياً، فكان أول من أسلم ممن تلتف عليه خبطاته من الرجال، ثم أسامة بن زيد، فكان أبو طالب يدان لسقاية الحاج حتى أعوزه ذلك، فقال لأخيه، العباس بن عبد المطلب- وكان أكثر بني هاشم مالاً في الجاهلية-: يا أخي، قد رأيت ما دخل علي، وقد حضر الموسم، ولا بد لهذه السقاية من أن تقام للحاج، فأسلفني عشرة آلاف درهم. فأسلفه العباس إياها، فأقام أبو طالب تلك السنة بها وبما احتال، فلما كانت السنة الثانية، وأفد الموسم، قال لأخيه العباس: أسلفني أربعة عشر ألف درهم. فقال: إني قد أسلفتك عام أول عشرة آلاف درهم، ورجوت ألا يأتى عليك هذا الموسم حتى تؤديها، فعجزت عنها، وأنت تطلب العام أكثر منها، وترجو- زعمت- ألا يأتى عليك الموسم حتى تؤديها، فأنت عنها أعجز اليوم. ها هنا أمر لك فيه فرج: أدفع إليك هذه الأربعة عشر الألف، فإذا جاء موسم قابل ولم توفني حقي الأول فولاية السقاية إلى، فأقوم بها فأكفيك هذه المؤونة... عمن تتولاه. قال: فأنعم له أبو طالب بذلك، فقال: ليحضر هذا الأمر بنو....... بني هاشم ففعل أبو طالب، وأعاره العباس الأربعة العشر الألف بمحضر منهم ورضاً. فلما كان الموسم العام المقبل لم يكن بد من إقامته السقاية، فقال العباس لأبي طالب: قد أفد الحج، وليس لدفع حقي إلى وجه، وأنت لا تقدر أن تقيم السقاية، فدعني وولايتها أكفلها وأبرئك من حقي. ففعل، فكان العباس ابن عبد المطلب يليها وأبو طالب حي، ثم تم لهم ذلك إلى اليوم.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: قال ابن سلام: حدثني أبان بن عثمان، قال: أراد رجل بالمدينة أن يسوء عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ويضاره، فجعل يأتى وجوه أهل المدينة فيقول: قال لكم عبد الله بن العباس تغدوا عندي. فجاء الناس حتى ملؤا عليه الدار، وعبيد الله غافل، فقال: ما شأن الناس? قال: جاءهم رسولك أن يتغدوا عندك، فعلم ما أريد به، فأمر بالباب فأغلق، وأرسل إلى السوق في أنواع الفاكهة وذكر الأترج والعنب والموز- فشغلهم، وأمر بالأطعمة فطبخت وشويت، فلم يفرغوا من الفاكهة حتى أتوا بالطعام حتى صدروا عنه، فقال عبيد الله: أموجود هذا كلما شئت? فقالوا: نعم. فقال: ما أبالي من أتاني.
 أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس؛ ثنا عمر بن شبة قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: حدثني أبو صالح الفزاري قال: ذكر ذو الرمة في مجلس فيه عدة من الأعراب، فقال عصمة بن مالك- شيخ منهم من بني جاشىء بن فزارة، وكان قد بلغ عشرين ومائة سنة-: إياى فاسألوا عنه، كان من أظرف الناس، كان آدم خفيف العارضين، حسن المضحك، حلو المنطق، وكان إذا أنشد بربر وجش صوته، فإذا راجعك لم تسأم حديثه وكلامه، وكان له إخوة يقولون الشعر، منهم مسعود، وجرفاس- وهو أوفى- وهشام. فكانوا يقولون القصيدة فيرد فيها الأبيات فيغلب عليها ويجعلها له، فجمعني وإياهم مربع، فأتاني يوماً فقال لي: يا عصمة إن مية منقرية، وبنو منقر أخبث حي وأقوفه لأثر، وأثبته في نظر، وأعلمه بشر، فهل عندك من ناقة نزدار عليها مية? قلت: إي والله، الجوذر، بنت يمانية الجدلى. قال: علي بها. فركبناها جميعاً وخرجنا حتى نشرف على بيوت الحي فإذا هم خلوف، وإذا بيت مي خلو، فعرف النساء ذا الرمة حين طلعنا عليهن، فتقوض النساء إلى بيت مي، وجئنا حتى أنخنا ثم دنونا فسلمنا وقعدنا نتحدث، وإذا مي جارية أملود واردة الشعر، صفراء فيها عسن، وإذا عليها سب أصفر، وطاق أخضر. فتحدثن ملياً ثم قلن له: أنشدنا يا ذا الرمة. قال: أنشدهن يا عصمة. فأنشدتهن قوله:

نظرت إلى أظعان مي كأنهـا

 

ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه

فأوشلت العينان والصدر كاتـم

 

بمغرورق نمت عليه سواكبه

بكا وامق جاء الفراق ولم تجل

 

جوائلها أسراره ومعـاتـبـه

فقالت ظريفة ممن حضر: لكن الآن فلتجل. فنظرت إليها مي؛ ثم مضيت في القصيدة حتى انتهيت إلى قوله:

إذا سرحت من حب مي سوارح

 

عن القلب آبته جميعاً عوازبـه

فقالت الظريفة منهن: قتلته قتلك الله. فقالت مي: ما أصحه وهنيئاً له. فتنفس ذو الرمة تنفسة كاد حرها يطير شعر وجهه، ومضيت حتى انتهيت إلى قوله:

وقد حلفت بالله مـية مـا الـذي

 

أقول لها إلا الذي أنـا كـاذبـه

إذن فرماني الله من حيث لا أرى

 

ولا زال في أرضى عدو أحاربه

فقالت الظريفة: قتلته قتلك الله! فالتفتت إليه مي فقالت: خف عواقب الله يا غيلان. ثم مضيت فيها حتى انتهيت إلى قوله:

إذا راجعتك القـول مـية أو بـدا

 

لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه

فيالك من خد أسـيل ومـنـطـق

 

رخيم ومن خلق تعلـل جـادبـه

فقالت الظريفة: ها هي ذه قد راجعتك القول وبدا لك وجهها فمن لنا بأن ينضو الدرع سالبه. فالتفتت إليها مي فقالت؛ قاتلك الله ما أنكر ما تأتين به! قال عصمة للنساء: إن لهذين شأنا فقمن بنا. فقمن وقمت معهن فجلست في بيت أراهما منه فسمعتها قالت له: كذبت والله. والله ما أدري ما قال لها وما أكذبته فيه. فلبث قليلاً ثم جاءني ومعه قارورة فيها دهن، وقلائد. فقال لي: هذا دهن طيب أتحفتنا به مي، وهذه قلائد لجوذر، ولا والله لا أقلدهن بعيراً أبداً. وشدهن بذؤابة سيفه ثم انصرفنا، فكان يختلف إليها حتى تقضى الربيع ودعا الناس المصيف، فأتاني فقال: يا عصمة، قد رحلت مي، ولم تبق إلا الآثار، والنظر في الديار، فاذهب بنا ننظر في ديارها، ونقفو آثارها. فخرجنا حتى أتينا منزلها، فوقف ينظر ثم قال:

ألا يا اسلمى يا دار مي على البلى

 

ولا زال منهلاً بجرعائك القطر

قال عصمة: فما ملك عينيه، فقلت: مه. فانتبه وقال: إنى لجلد وإن كان مني ما ترى. قال: فما رأيت أحداً كان أشد منه يومئذ صبابة ولا أحسن عزاء وصبراً، ثم انصرفنا وتفرقنا، وكان آخر العهد به.
أخبر نا محمد بن الحسن ثنا أبو العباس: في قوله عز وجل: "من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه" قال أبو العباس: أصل الحرث حرث الأرض، وهو ها هنا العمل.
وأنشدنا أبو العباس:

فجال علينا بـإبـريقـه

 

مخضب كف بفرصادها

يقول: كفه مخضوبة بمثل التوت.

فباتت ركاب بأكوارها

 

وخيل لدينا بألبـادهـا

لقوم فكانوا هم المنفدين

 

شرابهم قبل إنفادهـا

أراد: قبل إنفاد عقولهم.

وقال أبو العباس: أصل المكر الخديعة وأخذ الشىء من غير جهته. وقال: ذو الظفر ما لم يصد، وما اصطاد فهو ذو المخلب. والريش والرياش: اللباس الحسن.
يقال أعطى النابغة النعمان إبلاً وريشها، أي بما يصلحها من الآلة والثياب.
وقال: إذا قيل غزا غزاة فهو بمعنى عمل سنة، وإذا قال غزوة، أراد مرة.
وأنشد:

إذا أراد أمرؤ مكراً خبا علـلا

 

وظل يضرب أخماساً لأسداس

وقال: وأنشد ابن الأعرابي:

وذلك ضرب أخماس أراه

 

لأسداس عسى ألا تكونا

وقال: هؤلاء قوم كانوا في إبل لأبيهم عزاباً، فكانوا يقولون للربع من الإبل الخمس وللخمس السدس، فقال أبوهم: إنما تقولون هذا لترجعوا إلى أهلكم. فصارت مثلاً في كل مكر.
ويقال: جلس الأربعا والأربعاوى، إذا قعد متربعاً.
ويقال: من أخذ من النهاوش والمهاوش ألقى في النهابر. قال: النهاوش والمهاوش، أخذ من نهش الحية. والمعنى يأخذه من النهب وينفقه في غير حله. والنهابر: مواضع من الرمل إذا وقعت فيها رجل البعير لا تكاد تخرج.
وأنشدنا أبو العباس:

عام لا يغررك يوم من غـد

 

عام إن الدهر يغفى ويهـب

صاد ذا الضغن إلى غرتـه

 

وإذا درت لبون فاحتـلـب

ليس بالصافي وإن صافيتـه

 

عيش من يصبح نصباً للريب

ويقال: ما قيل لقوم قط: طوبى لهم، إلا رصد لهم الدهر بيوم سوء.
أخبرنا أبو محمد قال: وثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: قال ابن سلام: كانت امرأة من العرب ومات عنها زوجها ولها منه أربعة بنين، فأقامت عليهم حتى زوجتهم، ثم تزوجت. فغابت عنهم زماناً ثم أتتهم، فقالت: للأكبر: كيف وجدت أهلك? فقال: حسن رائع، وبيت ضائع، وضيف جائع. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك? فقال: غل وثاق، وسوء أخلاق، قد منعتني فراقها، وحرمتني طلاقها. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك? فقال: ظل أثلة، ولين رملة، وجنى نحلة، وكأني كل يوم آيب. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك? فقال: دل لا يقلى، وعجب لا يفنى، ولذة لا تقضى، وكأني مضل أصاب ضالته. فقالت: ألا تسألوني كيف وجدت زوجي بعد أبيكم? قالوا: بلى فأخبرينا. قالت: ليث عرينة، وجمل ظعينة، وظل صخر، وجوار بحر وقال: قال الأصمعي: يقال للقوم المجلس، وأنشد: واستب بعدك يا كليب المجلس وقال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم: .............. ويعينه على رزقه.
قال: وكانت لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دابة، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا فلان ما فعلت دابتك? قال بعتها من فلان. قال: ما جعله أحق بجمالها منك.
ويقال: لزم ثكم الطريق، وكثمه، ومرتكمه، أي معظمه.
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: أنت مولانا، فحجل، أي قفز من الفرح.
العجر في البطن، والبجر في الظهر.
قولهم: لا يدري الحو من اللو أي لا يعرف الكلام الذي يفهم من الذي لا يفهم. ولا يعرف قبيله من دبيره أي لا يدري فتل إلى فوق أو إلى أسفل.
قال: ويقال كان أبو بكر عليه السلام أسيفاً. والأسيف: الحزين.
وأنشد:

إلى رجل منهم أسيف كأنمـا

 

يضم إلى كمحيه كفا مخضبا

أي كأنه قد قطعت يده فهو يحزن عليها.
وأنشد:

كأن العين خالطها قذاها

 

بعوار فلم تقضى كراها

قال: اكتفى بتسكين الياء في تقضى مكان الجزم.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة"، قال: هذا نهى. وتأويله: الجزاء والعذاب إذا نزل عم. فقال: الذين ظلموا منكم خاصة.
قولهم: أراك بشراً ما أحار مشفر قال: معناه أراك حسن البشرة ما رد المشفر في جوفك ما أكلت. ومثله ما غاب سعى عن بدن، أي يبين على البدن ما سعى الرجل. وقال: هذا قريب من ذاك.
وأنشد:

تظل معقلات السوق خوصاً

 

تنازع أنفها ريح الجنـوب

ويقال أقبرته: جعلت له قبراً؛ وقبرته: دفنته.
أخبرنا أبو محمد قال: وثنا أبو العباس قال: دخل بعضهم على المأمون فسأله فقال: يا أمير المؤمنين، إنه بعد أطلاع إيناس. وأنشد:

ليس بما ليس به بأس بـاس

 

ولا يضر البر ما قال الناس

وإنه بعد اطلاع إيناس قال: بعد الإشراف بكون الأنس:

وقال أبو العباس: فاعلت وفعللت وأفعلت، كله يجىء بالضم في الاستقبال، فيقولون أفعل ويفعل فيحذفون الهمز استثقالاً، وربما جاءوا بالأصل كقول الشاعر: وصاليات ككما يؤثفين ويقال فئون وفئين. وكل ما نقص اللام منه جمع بالواو والنون..
ويقال لهده الحمل، إذا فسخ سنامه.
أخبرنا محمد، قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب:

جاءوا مخلين فلاقوا حمضـا

 

وطلبوا النقض فلاقوا نقضـا

وإن علوا من بعد أرض أرضا

 

حسبتهم زادوا عليها عرضـا

أي من كثرتهم تظنهم أكثر من سعة الأرض.
"يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه" قال: عن قتال فيه، كما تقول ضربت الرجل رأسه.
البدنة من الإبل، وقد قال بعضهم: من الإبل والبقر.
وأنشد للفرزدق:

يا أيها المشتكى عكلا وما جرمت

 

إلى القبائل من قـتـل وإبـآس

إنا كذاك إذا كانـت هـمـرجة

 

نسبى ونقتل حتى يسلم الـنـاس

قال: بمت: لم قلت من قتل وإباس. فقال: ويحك فكيف أصنع وقد قلت: حتى يسلم الناس? قال: قلت: فبم رفعته? قال: بما يسوءك وينوءك.
قال أبو العباس: وإنما رفعه لأن الفعل لم يظهر بعده، كما تقول ضربت زيداً وعمرو، لم يظهر الفعل فرفعت: وكما تقول: ضربت زيداً وعمرو مضروب.
وأنشد: ولا صلح حتى تضبعون ونضبعا قال: تمدون أيديكم إلينا بالسيوف ونمد أيدينا.
وأنشد لإبراهيم بن الأسود النخعي:

وقلت لعبـد الـلـه إنـك واحـد

 

ومثلك في هـذا الأنـام كـثـير

قطعت إخائي ظالماً وهجرتـنـي

 

وليس أخي من في الإخاء يجـور

أزور وتجفوني ولسـت بـنـازح

 

وإن الفتى تـجـفـوه ثـم يزور

... كبـير الـعـقـل... والـذي

 

... فـي الـكـرام صـغــير

فلا تحسبن منحى لك الود خالصـاً

 

لضـر ولا أنـى إلـيك فـقـير

فكم من أخ لي ماجد وابن ماجـد

 

أغر كضوء الشمس حين تـنـير

إذا لم أزره لـم يغـب زيارتـي

 

وأعرف منه الـود حـين أزور

عليك سلام سوف دون لـقـائكـم

 

تمر سنون بعـدهـن شـهـور

وأكرم نفسي عنكم وأصـونـهـا

 

إذا كدت من شوق إلـيك أطـير

فهيهات هيهات الزمان الذي مضى

 

وقد حدثت بعـد الأمـور أمـور

فدونك حظى منك لـسـت أريده

 

طوال الليالي مـا أقـام ثـبـير

وما إن أبالي زرتني أم جفوتـنـي

 

وما منهـمـا إلا عـلـى يسـير

ولو أن بعضي رابني لقطـعـتـه

 

وإني بقطع الـرائبـي لـجـدير

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: يقال يأيها الرجل، ويأيها القوم، ويأيها المرأة، ويأيتها المرأة؛ يذكر ويونث مع المؤنث، ولا يوجه يأيها إلا في الواحدة فإنها تذكر وتؤنث. قال: وقال سيبويه والخليل وأصحابهما: يا تنبيه، وها تنبيه، وأي المنادى، والرجل وما جاء بعد يأيها وصف لازم. قال: وهذا لا يصح. قال الفراء: الدليل على أنه ليس كما قالوا أنه يقال يأيهذا أقبل، فيسقط، الثاني الذي زعم أنه وصف لازم. ولكن قال الفراء: يأيهذا اكتفوا بالرجل من ذا، وبذا من الرجل، ويجمعون بينهما فيقولون: يا أيهذا الرجل. وأنشد:

أيهذان كـلا زادكـمـا

 

وذراني واغلاً فيمن يغل

فجاء بهذا وأسقط الرجل. وتأويله يا أي ثم لم يعرف ما بعده فقال هو: هذا الرجل، فاستأنف به، فلذلك قالوا: يا أيهذا الرجل ذو المال، فردوا ذا المال على الرجل.
وأمل في هذا. قال: هذا تكون مثالاً، وتكون قريباً، فإذا كانت مثالاً قلت هذا زيد، هذا الشخص شخص زيد، وإن شئت قلت هذا الشخص كزيد. وإذا قلت هذا كزيد قائماً فهو حال، كأنك قلت: هذا زيد قائماً. ولكنك قد قربته. وتكون تشبيهاً في: كزيد هذا منطلق، وكزيد قائم، وهذا يجرى مجرى الخبر.
قال: وقال سيبويه: هذا زيد منطلقاً، فأراد أن يخبر عن هذا بالانطلاق، ولا يخبر عن زيد، ولكنه ذكر زيداً ليعلم لمن الفعل. قال أبو العباس: وهذا لا يكون إلا تقريباً، وهو لا يعرف التقريب. والتقريب مثل كان، إلا أنه لا يقدم في كان، لأنه رد كلام فلا يكون قبله شيء.

وقال الكسائي: سمعت العرب تقول: هذا زيد إياه بعينه. فجعله مثل كان. وقالوا: تربع ابن جؤية في اللحن حين قرأ: "هؤلاء بناتي هن أطهر لكم" وجعلوه حالاً، يعنى أطهر. وليس و كما قالوا، هو خبر لهذا كما كان في كان، إلا أنه لا يدخل العماد مع التقريب، من قبل أن العماد جواب والتقريب جواب فلا يجتمعان. وإذا صاروا إلى المكنى جعلوه بين ها وذا فقالوا ها أنا ذا قائماً، وجاء في القرآن بإعادتها. ويقولون ها نحن ألاء وها نحن هؤلاء، أعادوها وحذفوها. وهذا كله مع التقريب. ويحذفون الخبر لمعاينة الإنسان، فقالوا: ها أنا ذا عمارا فحذف الخبر كأنه قال: ها أنا ذا حاضر أو في هذا المكان. وإذا جاءوا مع هذا بالألف واللام كانت الألف واللام نعتاً لهذا، فقالوا: هذا الرجل قائم. وقد أجاز أهل البصرة إذا كان معهوداً أن ينصب الفعل، وقد أجازه أيضاً بعض النحويين، والفراء يأباه، وإنما نعتوا هذا بالأسماء فقالوا: مررت بهذا الرجل ورأيت هذا الرجل، فجعلوه تابعاً لهذا؛ لأنه يكون بين يدي الرجل أجناس فلا يدرى إلى أيها أشرت، فقلت هذا الثوب، هذا الرجل، هذه الدابة، فميزت هذا الجنس من هذه الأجناس. ولذلك صارت الأجناس تابعة لهذا، وإذا جاء واحد لا ثاني له فقيل هذا القمر، وهذا الليل، وهذا النهار، لم يكن إلا تقريباً. وقد تسقط، هذا فتقول: كيف أخاف الظلم وهذا الخليفة قائماً، والخليفة قائم، فتدخل هذا وتخرجه فيكون المعنى واحداً. وكلما رأيت إدخال هذا وإخراجه واحداً فهو تقريب، مثل قولهم: من كان من الناس سعيداً فهذا الصياد شقياً، وهو قولك: فالصياد شقى، فتسقط، هذا وهو بمعناه.
وقال أبو العباس: إذا أضفت الأوقات إلى مرفوع فارفع، وإلى منصوب فانصب. ويجوز ذا في ذا، وذا في ذا.
آخر الجزء الأول من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وأله وسلم آمين

الجزء الثاني

ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، في يوم الثلاثاء لعشر بقين من المحرم، ثنا عمر بن شبة قال: حدثني المدائني عن عامر أبي محمد، شيخ من بني تميم، قال: تكلم معاوية بن صعصعة بن معاوية يوماً، فقال له صالح بن عبد الرحمن: لحنت. فقال له معاوية: أنا ألحن يا أبا الوليد، والله لنزل بها جبيل من الجنة.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: وثنا عمر بن شبة قال: حدثني المدائني قال: دخل عبد الله بن جعفر على معاوية، ومعه بديح، فقال لبديح: هات بعض هناتك. فغنى بديح فحرك معاوية رجله، فقال ابن جعفر: ما هذا يا أمير المؤمنين? قال: إن الكريم طروب.
وقال أبو العباس: النيرب: الذي يسعى بين الناس بالشر، وهو النمام؛ والنيرب؛ الرجل الجليد، والنيرب: الشرير. والحشور: الخفيف من الرجال، وهو الهذلول.
ويقال رجل شرير وشرير. وقال: القفة: القصير من الرجال. والصمحمح: الشديد من الرجال. والكندر: الغليظ الحادر. والألف... الضعيف. والألف: عرق في العضد. السميدع: الموطأ الأكناف. الحنبل: القصير؛ والحنبل: الفرو. والكروس: الشديد العظيم الهامة. والكروس: الحادر الخلق الجسيم الجسم، العبل المفاصل؛ وهو العترس؛ والجحاشر نحوه.
والحزور: الغلام الذي لم يحتلم وقد راهق. الضفن والضفندد: الرجل الضخم. البهلول: القريب المعروف، وكذلك المرأة؛ وامرأة بهلول. الأعثى: الكثير الشعر. الأحوث: المكيث، وهو الألوث. والمقفعل: المنقبض من البرد. الفوهة من ألبان الإبل: الذي قد ترك في السقاء ولم يأخذ طعماً.
وأنشد:

إنى لـتـبـاع لـهـا ألـوف

 

إن قاسم مال بـه الـرغـيف

لا نهل الطبخ ولا مجـلـوف

 

حمراء من جلتهـا خـسـيف

كأن ظبياً تحتهـا مـكـفـوف

 

تدر والريح لهـا قـصـيف

حين يقود المربع المـصـيف

 

تصف أو تربى على الصفوف

إذا أتاها الحالب النجوف هو الجيد الحلب.
وأنشدنا أبو العباس أحمد يحيى ثعلب النحوى:

يسقط الطير حيث ينتثر الح

 

ب وتغشى منازل الكرماء

ليس يعطيك للرجاء ولا الخو

 

ف ولكن يلذ طعم العطـاء

وقال أبو العباس: أنشدني عبد الله بن شبيب:

وما الناس بالناس الذين عهدتـهـم

 

وما الدهر بالدهر لذي كنت تعرف

وما كل من تهوى يودك قلـبـه

 

ولا كل من صاحبته لك منصف

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "وأقم الصلاة طرفي النهار" قال: بالغداة والعشي. وأطراف النهار، الغداة والزوال والمغيب. "وزلفاً من الليل": قطعاً من الليل؛ الزلفة: القطعة. وقوله تعالى: "ولا جنباً إلا عابري سبيل" قال: إذا كان له بيت في المسجد فاحتاج أن يدخل إلى بيته جاز له.
ويقال ما عندي إلا خمسون دراهم، وإلا خمسون دراهم، وإلا خمسين دراهم، وإلا خمسين دراهم. وأنشد: ومالي إلا آل أحمد شيعة وآل أحمد، يرويان جميعاً، ليس بينهما اختلاف في رفعه ونصبه.
وقال: النضار: الخالص من كل شيء. النحيف: الردىء من كل شيء. وأنشد:

كأن تحتى كنـدرا كـنـادرا

 

جأبا قطوطى ينشج الأساحرا

قطوطى: يقارب الخطو. والكندر: الغليظ الشديد.
الأمة: الدين. والإمة: النعمة.
"وليبين لكم بعض الذي" قال: تكون بمعنى كل، وبمعنى بعض. وأنشد للبيد:

تراك أمكنة إذا لـم أرضـهـا

 

أو يرتبط بعض النفوس حمامها

الأجزاء في القرآن

عن محمد بن يعقوب السمرقند رحمه الله أخبرنا محمد بن الحسن ابن مقسم، ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، ثنا محمد بن يعقوب السمر قندي، ثنا أبو بكر الحميدي عبد الله بن الزبير ثنا أبو الوليد عبد الملك بن عبد الله بن شعوة، عن إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، عن حميد الأعرج، أنه حسب حروف القرآن فوجد النصف الأول من القرآن ينتهى إلى خمس وستين آية من سورة الكهف عند قوله تعالى: "هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشداً. قال إنك لن تستطيع" وهو الربع الثاني والسدس الثالث والثمن الرابع والعشر الخامس. وصارت "معي صبراً" من النصف الآخر إلى أن تختم القرآن.
والثلث الأول ينتهى إلى بعض إحدى وتسعين آية من براءة عند قوله: "كذبوا الله ورسوله سيصيب" إلا الباء من سيصيب، وهو السدس الثاني والتسع الثالث، وصارت الباء من سيصيب من الثلث الأوسط إلى بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت عند قوله تعالى: "إلا بالتي هي أحسن إلا" وهو السدس الرابع والتسع السادس، وصارت "الذين ظلموا" من الثلث الآخر إلى أن تختم القرآن.
والربع الأول ينتهي إلى أول آية من سورة الأعراف إلى قوله "للمؤمنين" وهو الثمن الثاني، وصارت "اتبعوا" من الربع الثاني. والربع الثاني ينتهى إلى "لن تستطيع" حيث انتهى النصف الأول. والربع الثالث إلى بعض مائة وثمان وأربعين آية من سورة الصافات عند فمتعناهم، وهو الثمن السادس، وصارت إلى حين من الربع الآخر. والربع الآخر إلى أن يختم القرآن.
والخمس الأول ينتهى إلى بعض اثنتين وثمانين آية من سورة المائدة عند قوله تعالى "أن سخط الله عليهم" وهو العشر الثاني، وصارت "وفي العذاب هم خالدون" من الخمس الثاني. والخمس الثاني ينتهي إلى بعض ست وأربعين آية من سورة يوسف عند قوله تعالى "لعلى أرجع إلى الناس" وهو العشر الرابع، وصارت "لعهلم" من الخمس الثالث. والخمس الثالث ينتهي إلى بعض إحدى وعشرين آية من سورة الفرقان، عند قوله تعالى "أو نرى ربنا"، وهو العشر السادس، وصارت "لقد استكبروا" من الخمس الرابع. والخمس الرابع ينتهي إلى بعض خمس وأربعين آية من سورة السجدة عند قوله تعالى "من عمل صالحاً فلنفسه ومن" وهو العشر الثامن، وصارت "أساء فعليها" من الخمس الآخر. والخمس الآخر إلى أن تختم القرآن.

والسدس الأول إلى بعض إحدى وأربعين ومائة آية من سورة النساء عند قوله تعالى "إلى الصلاة قاموا" وصارت كسالى في السدس الثاني. والسدس الثاني ينتهي إلى إحدى وتسعين آية من سورة براءة في سيصيب إلا الباء، وهو الثلث الأول والتسع الثالث. وصارت الباء من سيصيب من السدس الثالث. والسدس الثالث ينتهى إلى بعض خمس وستين آية من سورة الكهف عند قوله تعالى "لن تستطيع"، وهي النصف الأول والربع الثاني والثمن الرابع والعشر الخامس، وصارت "معي صبرا" من السدس الرابع. والسدس الرابع ينتهى إلى بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت عند قوله تعالى "بالتي هي أحسن إلا" وهو السبع السادس، وصارت "الذين ظلموا" من السدس الخامس. والسدس الخامس ينتهي إلى بعض أربع وثلاثين آية من حم الجاثية عند قوله تعالى "فاليوم لا يخرجون منها" وصارت ولاهم من السدس الآخر، والسدس الآخر ينتهى إلى أن تختم القرآن.
والسبع الأول ينتهى إلى بعض ست وخمسين آية من سورة النساء عند قوله تعالى: "أزواج مطهرة وند"، وصارت خلهم من السبع الثاني. والسبع الثاني ينتهي إلى بعض سبع وستين ومائة آية من الأعراف عند قوله تعالى "إن ربك لسريع ال" وصارت "عقاب" من السبع الثالث. والسبع الثالث ينتهى إلى بعض أربع وعشرين آية من سورة إبراهيم عند "وما كان لي علي" وصارت "كم" من السبع الرابع. والسبع الرابع ينتهى إلى بعض سبع وأربعين آية من سورة المؤمنين عند "ولقد آتينا موسى الكتاب" وصارت "لعلهم يهتدون" من السبع الخامس. والسبع الخامس ينتهى إلى بعض ثماني عشرة آية من سورة سبأ عند "قرى ظاهرة وقدر" وصارت "نا" من السبع السادس. والسبع السادس ينتهى إلى أن تختم آيتين من سورة الحجرات عند "وأنتم لا تشعرون" وصارت "إن الذين يغضون" من السبع الآخر. والسبع الآخر انتهى إلى أن تختم القرآن.
والثمن الأول انتهى إلى بعض مائة وخمس وتسعين آية من آل عمران عند قوله "متاع قليل ثم مأ" وصارت "واهم" من الثمن الثاني. والثمن الثاني انتهى إلى انقضاء أول آية من سورة الأعراف عند "وذكرى للمؤمنين" وهو الربع الأول، وصارت "اتبعوا" من الثمن الثالث. والثمن الثالث ينتهي إلى بعض سبع وثلاثين آية من سورة هود عند قوله وفار وصار التنور من الثمن الرابع. والثمن الرابع ينتهي إلى بعض خمس وستين آية من سورة الكهف عند قوله تعالى "إنك لن تستطيع" حيث انتهى النصف الأول والربع الثاني والسدس الثالث والعشر الخامس. وصارت معي صبراً من الثمن الخامس. والثمن الخامس ينتهي إلى الياء من ينقلبون آخر سورة الشعراء، وصارت تقلبون من الثمن السادس. والثمن السادس ينتهي إلى بعض مائة وثماني وأربعين آية من سورة الصافات عند فمتعناهم وهو الربع الثالث وصارت إلى حين من الثمن السابع. والثمن السابع ينتهي إلى أن يختم أول عشر من سورة النجم "إلى عبده ما أوحى" وصارت "ما كذب الفؤاد" من الثمن الآخر. والثمن الآخر إلى أن يختم الآخر.
والتسع الأول ينتهي إلى بعض مائة وثلاث وأربعين آية من سور آل عمران، عند قوله تعالى "فقد رأيتموه أو" وصارت "نتم تنظرون" من التسع الثاني: والتسع الثاني ينتهي إلى بعض أربع وخمسين آية من سورة الأنعام، عند "عليهم من بيننا" وصارت "أليس الله بأعلم بالشاكرين" من التسع الثالث. والتسع الثالث ينتهي إلى بعض إحدى وتسعين آية من سورة براءة عند سيصيب إلا الباء، وهو الثلث الأول والسدس الثاني، وصارت آلباء من سيصيب من التسع الرابع. والتسع الرابع ينتهي إلى بعض إحدى عشرة آية من سورة النحل عند "ومن كل الثمرات إن في" وصار ذلك من التسع الخامس. والتسع الخامس انتهى إلى بعض ثمان وعشرين آية من سورة الحج عند "وأحلت لكم الآ" وصارت نعام من التسع السادس. والتسع السادس إلى بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت عند "إلا بالتي هي أحسن إلا" وهو الثلث الأوسط، والسدس الرابع، وصارت "الذين ظلموا" من التسع السابع. والتسع السابع انتهى إلى بعض تسع آيات من أول سورة المؤمن عند "لمقت الله أكبر من مقتكم أن" وصارت "فسكم" من التسع الثامن. والتسع الثامن انتهى في بعض سبع عشرة آية من أول سورة الواقعة عند "وقليل من الآخرين. على" وصارت سرر من التسع الآخر. والتسع الآخر إلى أن تختم القرآن.

والعشر الأول انتهى إلى بعض إحدى وتسعين آية من سورة آل عمران عند " حتى تنفقوا مما" وصارت "تحبون" من العشر الثاني. والعشر الثاني انتهى إلى بعض إحدى وثمانين آية من سورة المائدة عند "أن سخط الله عليهم" وهو آخر الخمس الأول، وصارت "وفي العذاب" من العشر الثالث. والعشر الثالث ينتهي إلى بعض اثنتين وثلاثين آية من سورة الأنفال عند "حجارة من السماء أو ائتنا" وصارت "بعذاب أليم" من العشر الرابع. والعشر الرابع ينتهي إلى بعض ست وأربعين آية من سورة يوسف عند قوله "لعلى أرجع إلى الناس" وهو الخمس الثاني، وصارت لعلهم من العشر الخامس. والعشر الخامس ينتهي إلى خمس وستين آية من سورة الكهف عند قوله تعالى "إنك لن تستطيع" وهو النصف الأول والربع الثاني والسدس الثالث والثمن الرابع، وصارت "معي صبراً" من العشر السادس. والعشر السادس ينتهي إلى بعض إحدى وعشرين آية من سورة الفرقان عند "أو نرى ربنا" وهو الخمس الثالث، وصارت "لقد استكبروا" من العشر السابع. والعشر السابع ينتهي إلى بعض إحدى وثلاثين آية من سورة الأحزاب عند وتعمل وصارت صالحاً من العشر الثامن. والعشر الثامن ينتهي إلى بعض خمس وأربعين آية من سورة حم السجدة عند فلنفسه ومن وهو الخمس الرابع، وصارت أساء فعليها من العشر التاسع. والعشر التاسع ينتهي إلى بعض خمس وعشرين آية من سورة الحديد عند "في ذريتهما النبوة والكتاب" وصارت "فمنهم مهتد" من العشر العاشر. والعشر العاشر ينتهي إلى آخر القرآن.
تم أجزاء القرآن وأنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب:

إذا قلت أسلو عاودتني مبيئة

 

لها بين جلدى والعظام دبيب

مبيئة: مهلكة، أباءه: أهلكه.
وقال في قوله تعالى: "وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه" قال: إذا اجتمعوا على أمر من أمر الدين لم يتفرقوا إلا عن إذنه.
وأنشد:

تظل مقاليت النسـاء يطـأنـه

 

يقلن ألا يلقى على المرء مئزر

قال: هذا قتيل شريف فإذا قتل وطئته النساء يزعمن أنهن يلدن مثله.
وأنشد:

ظللنا بمستن الحرور كـأنـنـا

 

لدى فرس مستقبل الريح صائم

قال: هذا بيت نصبوه على أرماح ليستظلوا به فطيرته الريح.

أغر من البلق الجياد يشـفـه

 

أذى البق إلا ما احتمى بالقوائم

قال: رجع إلى صفة الفرس.
وأنشد:

هيهات ما سفهت أمية رأيها

 

فاستجهلت حلماءها سفهاؤها

قال: استخفت السفهاء حتى جهلت الحلماء.
وأنشد:

أرجزا تريد أم قريضاً

 

أم هكذا بينهما تعريضا

كلاهما أجيد مستريضا قال: رفع كلاهما وهو في موضع نصب، وكلا يرفع في موضع النصب. والبصريون يقولون: رفع كلا برجوع الهاء.
قول سيبويه والأخفش "سواء عليهم أأنذرتهم": هذا الاستفهام دخل لموضع سواء.
إذا قيل زيد قام أم عمرو.
الملطى: الشجة، قضى فيها عثمان عليه السلام بأربع من الإبل.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: قال الأخفش: قام امرجل، يريد الرجل. قال أبو العباس: هذه لغة للأزد مشهورة.
"فسجدوا إلا إبليس" قال: إن كان إبليس من الملائكة فهو متصل، وإن لم يكن فهو منقطع. "كان من الجن" قال: كل ما استتر فهو من الجن الشكيمة: الخلق؛ وشكمته: أعطيته.
ويقال الجبلة والجبل، والجبلة، والجبل والجبل مثقل ومخفف، والجبلة.
أبيت اللعن تحية الملك. اللعن نصب، والخفض خطأ.
يقال بان من المكان، إذا تنحى، بيناً وبينونة. قال: وقد باز، بالزاي.
وأنشد:

حبوس كفتنا الضيف إلا وساده

 

إذا ضم بين النقبتين الجوالق

قال: تحبس الضيف لكثرة لبنها. قال: إلا وساده أي لا يأخذ منها وبراً. قال: وشبه خلفها بالجوالق.
دين القيمة قال: الأمة القيمة.
وأنشد:

حتى إذا قملت بطونكم

 

ورأيتم أبناءكم شبـوا

وقلبتم ظهر المجن لنا

 

إن اللئيم العاجز الخب

قال: قملت: كثرت. وأدخل الواو في قلبتم.
قال بعضهم: هي مقحمة، يريد: قلبتم لنا.
وأنشد:

أتيت بعبد الله في القد موثقا

 

فألا سعيداً ذا الخيانة والغدر

قال: كان الكسائي يخفض وينصب، وكان الفراء يكره الخفض.
وقال: من نصب سعيداً أضمر فعلاً مثل أتيت، أي فائت ذا

والنصب لا يختلف فيه، والاختلاف في الخفض. قال: ومن خفض شبه ألا بالنسق. والفراء يستقبحه ويجيزه.
وأنشد:

الان بعد بحاجتي تلحوننـي

 

هلا التقدم والقلوب صحاح

فالنصب معناه هلا تقدمتم، وهو مثل الأول. ومن رفع التقدم رفعه بموضع الواو.
وأنشد:

إذا نهى السفيه جرى إلـيه

 

فخالف والسفيه إلى خلاف

قوله جرى إليه، أي جرى إلى السفه، واكتفى بالفعل من المصدر.
وأنشد:

فلا تذهبا عيناك في كل شرمح

 

طوال فإن الأقصرين أمازره

قال الكسائي: أمازره، أي أمازر ما ذكرنا. والفراء يقول: الأقصرين والأقصر منك، رده على المعنى. قال: والمزير: الظريف؛ وهو العاقل.
وأنشد:

حسبت بغام راحلتي عنـاقـاً

 

وما هي ويب غيرك بالعناق

فإني لو رميتك عن قـريب

 

لعاقك عن دعاء الذئب عاق

قال: يصف ذئباً أراد أن يثب على ناقته.
ويقال: ويبك، وويبك، وويب بك، وويب غيرك.
وأنشد:

يقولون جاهد يا جميل بغزوة

 

وإن جهاداً طيىء وقتالهـا

أراد: إن الجهاد جهاد طي وقتال طي. والإنسان لا يكون جهادا. ومثله:

وكيف يصاحب من أصبحت

 

خلالته كأبـي مـرحـب

يريد كخلالة أبي مرحب. قال: يحذفون المضاف إذا تقدم، كما تقول: الفقه أبو حنيفة، والنحو الكسائي. يريد الفقه فقه أبي حنيفة، والنحو نحو الكسائي.

مجلس

قال أبو العباس أحمد بن يحيى: يقال بئر عيلم: كثيرة الماء، والضفدع غيلم بالغين، وكذلك السلحفاة غيلم أيضاً.
والغيلم: المرأة الواسعة، والبئر أيضاً كذلك غيلم: واسعة.
وأنشد:

أبى حب لبنى أن يرى بي صحة

 

يد الدهر، أو يرجو حياتي آمل

فأصبحت مثل الحلس يقتاد نفسه

 

خليعاً تناصيه أمـور جـلائل

وما ذكرت يوماً لها من سمـية

 

من الدهر إلا اعتاد عيني واشل

أي أنا أبداً سقيم من حبها.
يقال به ضمانة وزمانة، إذا كان به حب.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "بئس ما قدمت لهم أنفسهم" قال: قال الكسائي: بئس الذي قدمت لهم السخط، وكأنه بئس الشيء شيء قدمت لهم أنفسهم. وليس بشيء. وقال الفراء: بئس ما يرفع ما ببئس، ولا يجوز بئس الذي قام زيد.
ويقال أسفل الوادي معشب، وأسفل الوادي عشب، وأسفل الحائط آجر، إذا كان أسفله كله، وإذا كان فيه شيء من آجر قيل أسفل الحائط آجر.
وأنشد:

فأقسم ما خوض العيون شـوارف

 

روائم أظآر عكفن على سـقـب

تشممنه لو يستطعن ارتـشـفـنـه

 

إذا سفنه يزددن نكباً على نـكـب

بأوجل مني يوم ولت حمـولـهـم

 

وقد طلعت أولى الركاب من النقب

وحل بقلبي من جوى الحـب مـيتة

 

كما مات مسقى الضياح على ألب

قال أبو العباس: يقال ألب يألب، ويألب، إذا اجتمع. وأنشد: قد أصبح الناس علينا ألبا أي قد اجتمعوا علينا. يقول: اجتمع عليه ومنع من الشرب.
ويقال أجبي مثل أربى، إذا باع الزرع قبل أن يدرك الحصاد. والوراط: أن يورط إبله في إبل أخرى أو في مكان لا ترى، وهو أن يغيبها فيه.
ويقال ضربه فهوره، وجوره، وقطله، وقعطله، وجرعبه، وبركعه، وجعفله، وبرثعه، إذا صرعه.
وأنشد:

ومن رمينا عزه تبركـعـا

 

على استه روبعة أو روبعا

والروبع: وجع يأخذ في القوائم فيقعد.
قال أبو العباس: وإذا أفرد الصفة رفع: زيد خلف، وزيد قدام، وزيد فوق، الصفة تؤدى عن الفعل، فإذا أضاف أدت وقامت مقام الفعل والمكنى. قال: وإذا جاء في الشعر بخلاف ذا قيل شاذ.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: أنشدني عبد الله بن شبيب قال أنشدني محمد بن إبراهيم، لامرأة بدوية:

فلو أن ما ألقى وما بي من الهوى

 

بأرعن ركنـاه صـفـاً وحـديد

تفطر مـن وجـد وذاب حـديده

 

وأمسى تراه العين وهو عمـيد

ثلاثون يومـاً، كـل يوم ولـيلة

 

أمـوت وأحـيا، إن ذا لـشـديد

مسافة أرض الشام ويحك قربـى

 

إلـينـا ابـن جـواب أريد يزيد

فليت ابن حواب من الناس حظنا

 

وأن لنا في النار بعـد خـلـود

قال: قولها أريد يزيد أي هو يزيد على الاستنئاف، وذلك جائز. قال: وقولها "وأن لنا في النار بعد خلود" قال: رفع على الاستئناف. وحكى الكسائى والفراء جميعاً "إن فيك زيد راغب" وقالا: بطلت إن لما تباعدت.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: وأنشدني زبير لسباع بن كوثل السليمى:

نظرت إلى مي خلاساً عشـية

 

على عجل والكاشحون حضور

كذا مثل طرف العين ثم أجنهـا

 

رواق أتى من دونها وستـور

فقالت : حذار القوم إن نفوسهم،

 

وعيش أخى، وجداً عليك تفور

أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: وأنشدني زبير لعبد الله ابن مصعب:

لما رأيتك قد مللـت مـودتـي

 

أليت فيك بأعـظـم الأيمـان

إني كذاك إذا تنكر صاحـبـي

 

داويته بالصرم والـهـجـران

فلقد تدوم لذي الصفاء مودتـي

 

وإذا لويت بـتـت ذا الـلـيان

وأكف عن بغض الصديق تكرماً

 

نفسي، وما دهري له بهـوان

فأفارق الخلان عن غير القلـى

 

وأميت نشر السر بالكتـمـان

أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: أنشدني عبد الله بن شبيب قال: أنشدني محمد بن الحسن العقيلي:

ما استضحك الحسن إلا من نواحيك

 

ولا اغتذى الطيب إلا من تراقيك

عن مقلتيك رأينا الحسن مبتسـمـاً

 

زهراً كما ابتسم المرجان من فيك

يا بهجة الشمس ردي غير صاغرة

 

على قلباً ثوى رهنـاً بـحـبـيك

ما استحسنت مقلتي شيئاً فأعجبهـا

 

إلا رأيت الذي استحسنتـه فـيك

إذ منك يبتسم الإقبال عن غـصـن

 

لدن ويضحك عن دعص توالـيك

أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: وحدثني ثابت بن عبد الرحمن قال: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى زياد: إذا جاءك كتابي فأوفد إلى ابنك عبيد الله. فأوفده عليه فما سأله عن شيء إلا أنفذه، حتى سأله عن الشعر فلم يعرف منه شيئاً، قال: ما منعك من روايته? قال: كرهت أن أجمع كلام الله وكلام الشيطان في صدري. قال: أغرب، والله لقد وضعت رجلي في الركاب يوم صفين مراراً، ما يمنعني من الانهزام إلا أبيات ابن الإطنابة حيث يقول:

أبت لي عفتي وأبى بـلائي

 

وأخذى الحمد بالثمن الربيح

وإعطائي على الإعدام مالي

 

وإقدامي على البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت

 

مكانك تعذري أو تستريحي

لأدفع عن مآثر صالـحـات

 

وأحمى بعد عن أنف صحيح

وكتب إلى أبيه: أن روه الشعر. فرواه فما كان يسقط، عليه منه شيء.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: أصل اليتم الغفلة، ومنه سمى اليتيم، لأنه يغفل عنه. قال: والأبكم الذي يولد لا يسمع ولا يبصر.
وقال أبو العباس: يقال وقع في روعى، وخلدي، ووهمي؛ بمعنى واحد.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حدثني أبو العالية قال: نزل الكروس الهجيمي بشيخ من بني الهجيم، يقال له عرف، فأكرمه وأحسن قراه، فغدا يهجوه فقال:

لو كان عوف مجرباً لعـذرتـه

 

ولكن عوفاً ذو حـلـيب ورائب

لدى روضة قرحاء برقاء جادها

 

من الدلو والوسمى طل وهاضب

قال: القرحاء: التي بدا نبتها؛ وقريحة كل شيء: أوله. وبرقاء: فيها لونان من النبت.

كأن الذباب الأزرق الحمش وسطها

 

إذا ما تغنى بالعـشـيات شـارب

قال: وإذا كثر النبت كثر الذباب.

عقاراً غذاها البحر من خمر عانة

 

لها سورة في رأسه ذات صالب

إذا الضيف ألقى نعله عن شمالـه

 

طروقاً وصلى كف أشعث ساغب

صلى يده من شدة البرد بالنار.

رأى آنفاً دغما قباحاً كأنهـا

 

مقاديم أكيار ضخام الأرانب

قال: مقاديم الكيران تسود من النار، جمع كور. دغم: سود.

تحوز منى أمهـم أن أضـيفـهـا

 

كما انحازت الأفعى مخافة ضارب

أناس يبيت الضيف قدام أهـلـهـم

 

مكباً تخطله عظام الـمـحـالـب

قدام أهلهم: لا يخلطونه بهم، أي هو دونهم.

ولا يستوى الآباء للضـيف آنـس

 

كريم وزاو بين عينـيه قـاطـب

لهم وجبة عند الدخـيل إذا رمـى

 

به الليل في غبراء طلس الكواكب

فبلغ الشعر عوفاً وكان مفحما، فقال: اللهم إني لا أقول الشعر، وقد هجاني ظالماً، فانصرني عليه. فلم ينم حتى قال الشعر، فقال:

على كل من حل اللوى لكروس

 

من الناس حق في النزالة واجب

قال أبو العباس: وللنزالة

إذا ما غدا من أهله نحو ضيفـه

 

إلى الجيرة الأدنـين لابـد آيب

جرى على قرع الأساود وطـؤه

 

سميع برز الكلب والكلب ناضب

إذا أوقدت نار لوى جلد أنـفـه

 

إليها ليستنشى ذرا كل حاطـب

قال: يرويه يستنشى، ويستشرى جميعاً. قال: وأنشدني هذه القصيدة السدرى:

أتانا فلم نفرح بطـلـعة وجـهـه

 

طروقاً وصلى كف أشعث ساغب

فقلنا: أمن قبر خرجت سكـنـتـه

 

لك الويل أم أدمنت جحر الثعالب

فقال: أصابتني من الـعـام لـزبة

 

وهنت فلم أنكر على أم صاحـب

يرد على كفيه أخـلاق شـمـلة

 

له جانب منها وللـريح جـانـب

يحك كدوح القمل تحت لـبـانـه

 

ودفيه، منها دامـيات وجـالـب

فأبرز طاهـينـا لـه هـجـرية

 

وفى كيلها بالقنقل المـتـراغـب

وجئنا بشيزى من حمـيز نـبـيلة

 

تداوى دخيل الجوع من كل ساغب

فلما وضعناهـا أمـام لـبـانـه

 

تبسم عن مكروهة الثعل عاصب

كأن ضغيب المحض في حـاويائه

 

مع التمر أحياناً ضغيب الأرانـب

وقال ابن الأعرابي: يقال وضم بنو على بني فلان، وهم يريدون أن يضموا عليهم، أي يريدون أن يحلوا عليهم. وقال: الحي وضمة واحدة: متقاربة؛ فذلك الوضوم.
وقال: وقبيح بالقوم أن يتنكبوا عن عذرة الحي، ومحبس بهمهم، ومرتع عوائذهم. والعذرات: الأفنية والمجالس. والعوائذ: التي معها أولادها.
وقال: والهلائى أكثر من الوضمة، ويقال الوضيمة، وهم القوم ينزلون على القوم. وواحد الهلاثى هلثاة، مثل سلعاة وسلاعى. وتقول: أتينا هلثاة منهم، أي جماعة منهم؛ والهلاثى: الجماعات.
وتقول: نظرت إليه عرض عين، أي اعترضته على عيني. وتقول: ثكمت آثار القوم ثكماً وأنا أثكمها، أي أقتصها. ويقال كثمت آثار القوم وأنا أكثمها كثماً، يقول: اقتصصت آثارهم قصصاً. وتقول للرجل إذا بطن: إنه لأيهم أكثم. والأكثم: الشبعان. قال أبو العباس: ويقال أكتم بالتاء أيضاً، والمرأة كتماء. والأيهم: الأعمى؛ واليهماء: العمياء. ومن ثم قيل للأرض يهماء لا أثر فيها ولا جادة ولا علم. وقال: الجنن: الكفن. وأنشد قول الشاعر:

ما إن أبالي إذا ما مت ما صنعوا

 

أأحسنوا جننى أم لم يجنـونـي

وأنشد: أسوق بالأعلاج سوقاً بائصا السوق البائص: السريع. وتقول، باصني القوم وهم يبوصونني بوصاً. وتقول: والله لا تبوصني بحقي، أي لا تفوتني.
وتقول: إني لزلز بمجلسي هذا. والزلز: الغرض.
وتقول للمرأة الرود والروؤد التي تدخل بيوت الحي، وهي الطوافة: توقري يا زلزة. وقال أبو رزمة:

ما عفر الليال كـالـدآدى

 

ولا توالى الخيل كالهوادى

فأما عفر الليالي فإن العرب تسمى البيض عفراً، وتسمى ليلة ثمان وعشرين، وتسع وعشرين، وثلاثين: الدآدى، والواحدة دأداءة. وهوادى الخيل: أعناقها. وتواليها: مآخيرها. وتقول العرب: إنه لخبيث التوالي، وإنه لسريع التوالي. قال وتوالي الفرس: مآخيره، ذنبه ورجلاه. والتوالي: توالى الظعن، وهي آخرها. وتوالي الإبل: آخرها وهذا مثل قولهم: ليس قدامي النسر كالخوافي  قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: وقال ابن الأعرابي في صفة القوس: في القوس ظفرها وطرقتها وفرضتها- وهو حزها- وفيها سيتها التي ذكرنا، وهو طرفها المعطوف المعقوب. قال ابن الأعرابي: ويقال سوءة، تضم وتهمز. وفيها طائفاها، وهما دون السيتين. وفيها أبهراها، وهما دون الطائفين. وفيها كبدها، وهو معقد سير علاقتيها. وفيها كليتاها، وهما معقدا سيرها. وفيها عجسها ومعجسها، وهو موضع السهم عليها. وفيها مصائصها وهو ما بل وشد عليها من العقب. وفيها نعلها، وهي الجلدة التي على ظهر السية. قال ابن الأعرابي: جلدها الذي على ظهرها كله. ويدها أعلاها، ورجلها أسفلها. ووحشيها: الجانب الذي لا يقع عليه السهم. وإنسيها: الذي يقع عليه السهم. وإطنابتها: سيرها الذي في رجلها، يشد من الوتر على فرضتها. وغفارتها: جلدة على حزها تحت الوتر. قال أبو العباس: قال ابن الأعرابي: وإنما تنشق من القسي العيدان التي لم تفلق، وهي خير القسى، وأما الفلقة فلا تنشق. ثم الوتر، وهو على أربع قوى وثلاث قوى، فإذا غلظ الوتر قالوا حبجر، فإذا دق فهو شرعة، وجماعه شرع. قال: وقد يكون الوتر لاصقاً بعجسها، وإنما يكون ذلك عند النضال، فإذا كان الحرب أو الصيد بوعد الوتر عن عجسها شيئاً، وذلك لقرب المرمى. قال ابن الأعرابي: وأجود الرمى أن ينزع بثلاث أصابع، وهو أشد الرمى وأجوده، قال: وقد يكون أن يرمى بإصبعين. ومن الرمى ما تنصب له القوس نصباً، ومنه ما تمال بعض الإمالة، ومنه ما تعرض له عرضاً. هذا آخر القوس.
قال: ويقال رجل قنعان أي يقنع به ويرضى برأيه، وامرأة قنعان، ونسوة قنعان، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث. ورجل قنيع، وامرأة قنيع، وكذلك رجل مقنع، وقوم مقنع. ويقال امرأة قنيعة، والجمع قنعاء يا هذا، وقنيعون، وللنساء قنائع، وقد يثنى ويجمع. ويقال رجل قنعان منهاة، أي يقنع برأيه وينتهى إلى أمره.
وقال: أهل الحجاز يقولون: مبرورا مأجوراً؛ وتميم: مبرور مأجور. وقد برحجك وبر وأبر الله حجك. وقد بر النسك وبر. وقد بررت والدى أبره براً، وقد بررت في يميني بروراً وبراً. ويقال أبر الله يمينه يبرها إبرارا.
قال أبو العباس: قولك إذا تزرني أزرك، يجوز في الشعر. وأنشد:

وإذا نطاوع أمر سادتا

 

لا يثننا بخل ولا جبن

وقال في عضين: يقال عضة وعضين، مثل لغة ولغين، وبرة وبرين، وقضة وقضين. فجاء به على النقص وجاء بالجمع على الحذف.
وقال: الندبة تنون، والترخيم يجوز أن ينون ويجوز أن لا ينون. وربما... وأنشد:

سلام الله يا مطراً علـيهـا

 

وليس عليك يا مطر السلام

قال: وربما قالوه وردوه إلى أصله. وقالوا: أراد يا مطراه.
قال: وقد يجمع عضة على غير هذا الجمع فيقال عضة وعضاه مثل شفة وشفاه.
قال أبو العباس: ويقال فعلت ذاك من جراك وإجلك وأجلك، وإجلالك وجلالك، وجللك، ومن أجل جراك. وأنشد:

فما ذو فقار لا ضلوع لجوفه

 

له آخر من غيره ومـقـدم

قال: يصف رمحاً.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: وأنشدني أبو المنهال:

لها وجـه قـرد إذا زينـت

 

ووجه كبيض القطا الأبرش

وثدي يجول على بطنـهـا

 

كقربة ذي الثلة المعطـش

وفخذان بينهمـا نـفـنـف

 

تجيز المحامل لا تـخـدش

وساق بخلخالـهـا خـاتـم

 

كساق الدجاجة أو أحمـش

لها ركب مثل ظلف الغزال

 

أشد اصفراراً من المشمش

وأرسح من ضفـدع غـثة

 

تحير في مأجلى مرعـش

قال: المأجل والماجل: الماء المستنقع. ومرعش: بلدة.

منيت بزمردة كالعصـا

 

ألص وأخبث من كندش

الكندش: العقعق.

تحب النساء وتأبى الرجـال

 

وتمشى مع الأخبث الأطيش

وأنشد:

وإنك قد حملت علـى جـواد

 

رمت بك ذات غرز أو ركاب

قال: شبه المرأة إذا نفرت من الرجل بنفار الفرس.
وانشد أبو العباس:

ليست بسنـهـاء ولا رجـبـية

 

ولكن عرايا في السنين الجوائح

قال: السنهاء التي تحمل سنة وسنة لا. والرجبية التي يخاف سقوطها، فيعمل لها رجبة. والعرايا: التي توهب وتطعم الناس.
وقال أبو العباس: المرثت أن يحمل من المعركة وبه رمق، فإن كان قتيلاً فليس بمرتث. قال لبيد:

فارتث كلماهم عشية هزمهم

 

حي بمنعرج المسيل مقـيم

قال: جعله منعرجاً لأنه لا يصيبه السيل. وقال: أكلتهم الضباع.
أخبرنا محمد قال وثنا أبو العباس قال أبو عبد الله: الأكار في كلام الأنصار: الخبير. وأنشد:

نجذ رقاب الأوس من كل جانب

 

كجذ عقاقيل الكروم خبيرهـا

العقاقيل: ما عقل وعرش. وقال: الخبرة: النصيب. وقال ابن الأعرابي: إنما سميت خيبر من ذا، يعني الأكار.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل: "لقد تاب الله على النبي". قال: غفر له ما تقدم من الجاهلية قبل أن يوحى إليه بأربعين سنة، إنما كانت مخايل ثم أوحى إليه. وأنشد:

وما كنت أخشى الدهر أحلاس مسلم

 

من الناس ذنباً جاءه وهو مسلـمـا

قال: إحلاس: إلزام. يقول: ما كنت أخشى إلزام مسلم مسلماً ذنباً جاءه هو وهو. معناه ما كنت أظن أن إنساناً ركب ذنباً هو وآخر ثم نسبه إليه دونه.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "سامراً تهجرون". قال: وحد سامراً لأنه يقال: قوم سامر ورجل سامر، مثل قوم زور ورجل زور. وقال: تهجرون: تهذون؛ وتهجرون: تقولون القبيح.
وأنشد:

أنجب أيام والـداه بـه

 

إذا نجلاه فنعم ما نجلا

أراد أن يكرر اليوم. معناه أنجب والداه به أيام إذ نجلاه. قال: وجعل به مرافعاً للوالدين. وإذا وأيام من صلة أنجب.
ويقال أزهد الرجل، أي قل ماله، وأوتح وأشقن وأوعر أيضاً. وقال: الزعيم، والصبير، والحميل، والأذين، والكفيل. والأميل: الذي لا يثبت في سرجه. والزعيم: الرئيس. و: الزعامة للغلام : الرياسة. وقال: الميثخة: الدرة.
قال: مررت بالذي أخيك يجعل الذي مثل الرجل. وأنشد:

هابوا لقومهم السلام كأنهم

 

لما تفانوا أهل دين محتر

دين محتر: مستأصل، أي قليل.
ويقال ذنابة الوادي، وذنب الدابة، وذنابي الطائر. والذنوب: الدلو الملأى ماء، ويقال الدلو العظيمة. قال علقمة:

وفي كل حي قد خبطت بنعمة

 

فحق لشأس من نداك ذنـوب

ومنه: "وإن للذين ظلموا ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم".
وقال أبو العباس: وقال المفضل: العرب تقول للغلام إذا بلغ عشر سنين: رمى، أي قويت يده؛ فإذا بلغ عشرين قالوا: لوى، أي لوى يد غيره؛ فإذا بلغ ثلاثين قالوا: عوى- قال: وعوى أشد من لوى قليلاً. فإذا بلغ الأربعين قالوا: استوى؛ فإذا بلغ الخمسين قالوا: حرى أن ينال الخير كله.
قال أبو العباس: وقال لنا يعقوب: بيوت العرب ستة. قبة من أديم ومظلة من شعر، وخباء من صوف، وبجاد من وبر، وخيمة من شجر، وأقنة من حجر.
وقال: قال أبو العميثل: قيل لأعرابي: أي الخيل أجود? قال: المقبلات كالقنا، المعرضات كالدبا، المترصات كالنوى، المدبرات كالقرى. قال: هو من القرى، وهو الطريق في الماء.
قال: وقال ابن الأعرابي: أنشدونا: ليس ذنابي الطير كالقوادم ومثله: ليس ذرا الجمال كالمناسم ويقال لليلة ثلاثين الليلاء، وهو قولهم ليلة ليلاء. ويوم أيوم. واليوم الأيوم: آخر يوم في الشهر.
وأنشد:

تدراكه في منصل الأل بعـدهـا

 

مضى غير دأداء وقد كاد يعطب

وقولهم: منصل الأل، فإنهم كانوا ينزعون أسنتهم في رجب؛ إعظاماً له، لا يتغاورون فيه.
والغفر: النكس. قال: ويقال نكس مثقلة. ويقال انتكس فلان من وجعه ثم غفر. قال الشاعر:

خليلي إن الدار غفر لذي الـهـوى

 

كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم

والغفر: شعر يكون في العنق وفي الحيين والقفا. وأنشد:

دعت نسوة شم العرانين كالدمى

 

أوانس لاشعثاً ولا غـفـرات

وتقول العرب: هو منك أدنى ذي ظلم، وأدنى ظلم، وأدنى ظلم، وأدنى واضح، أي وضح لك. ويقال الظلم: الشبح. ويقول بعض العرب إذا لقى بعضاً فتهدد: اليوم ظلم، أي أتى حقاً.
وتقول: ما هو إلا على خلق واحد من شب إلى دب، ومن شب إلى دب. يعني مذ كان شاباً إلى أن دب على العصا.
وتقول العرب: ذهب بين الصحوة وبين السكرة، أي بين أن يعقل وبين ألا يعقل. وأنشد:

قالت لها أخت لها نصحت

 

ردى فؤاد الهائم الصـب

قالت ولم، قالت لذاك وقد

 

علقتكم شـبـا إلـى دب

قال: وأخبرنا أبو العباس قال: ارتفعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم، وكشكشة ربيعة، وكسكسة هوازن، وتضجع قيس، وعجرفية ضبة، وتلتلة بهراء. فأما عنعنة تميم فإن تميماً تقول في موضع أن: عن. تقول: عن عبد الله قائم. قال: وسمعت ذا الرمة ينشد عبد الملك: أعن ترسمت من خرقاء منزلة قال: وسمعت ابن هرمة ينشد هارون، وكان ابن هرمة ربى في ديار تميم:

أعن تغنت على ساق مطـوقة

 

ورقاء تدعو هديلاً فوق أعواد

وأما تلتلة بهراء، فإنها تقول: تعلمون، وتعقلون، وتصنعون، بكسر أوائل الحروف.
ويقال نفض الديك عفريته، إذا انتفض.
وأنشد:

كأنى غداة البين يوم تحمـلـوا

 

لدى سمرات الحي ناقف حنظل

قال: أبكى فتجرى دموعي، كما تدمل عين ناقف الحنظل.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "أخذة رابية". قال: زائدة. "يكن له كفل منها" قال: حظ ونصيب.
الهرف: سرعة النبات. وأنشد لامرىء القيس:

يا هند لا تنكحـي بـوهة

 

عليه عقيقته أحـسـبـا

مرسـعة بـين أربـاقـه

 

به عسم يبتغـى أرنـبـا

ليجعل في ساقه كعبـهـا

 

حذار المنية أن يعطـبـا

ولست بخزرافة في القعود

 

ولست بطـياخة أخـدبـا

ولست بـذي رثـية إمـر

 

إذا قيد مستكرهاً أصحبـا

قال: البوهة طائر يشبه البومة. عقيقته: شعره. الأخدب: الذي يركب رأسه ولا يبالي. والأحسب: إلى السواد. يبتغى أرنباً، ليأخذ عظمها فيصيره عليه من خشية الجن. والخزرافة: يضطرب في جلوسه. والإمر: الضعيف، شبهه بالجدى. ورجل مرثوء: ضعيف العقل؛ ومرثو، بلا همز: وجع. الرثية: الوجع.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "وأدبار السجود" قال: اختار الكسائي في السجود فتح الألف، على الجمع؛ لأن لكل سجدة دبراً. والنجوم لها دبر واحد في السحر، فتقول "وإدبار النجوم" "وأدبار السجود".
قال: والذكاء بلوغ كل شيء، من الشر وغيره. والذكاة منه أخذت، وفي الحديث: يذكيها بالأسل، أي يذبحها بالحديد.
وأنشد لذي الرمة:

رمتني مي بالهوى رمي ممضع

 

من الوحش لوط لم تعقه الأوالس

قال: الألس: ذهاب العقل؛ مسلوس ومألوس، أي ذاهب البدن والعقل. وممضع: مطعم للصيد: والأوالس: الدواهي. لوط، يقال التاط به، إذا لزمه. وأنشد أيضاً له:

بعينين كحلاوين لم يجر فيهـمـا

 

ضمان، وجيد حلى الشذر شامس

يقال: بالرجل ضمان، أي زمانة. والضمانة: العشق؛ ورجل ضمين وضمن، إذا كان عاشقاً. قال أبو العباس: ويروى هكذا بالخفض، وإن كان يجوز أن يرفع.
ويقال اقلولي، إذا انتصب. واشمعل: سار سيراً خفيفاً سريعاً. ويقال جاءنا بدراهم حرش لو مشت الأرنب عليها لحفيت. قال: قصدت الأرنب بالمثل لأنها لا تحفى. والحرش: الخشن الجدد، التي يبين كتابها ويظهر.
"وجعلنا بعضكم لبعض فتنة". قال: يتقدم الوضيع الشريف فيأنف الشريف أن يسلم؛ لأنه قد تقدمه في الإسلام.
وقوله تعالى: "أتصبرون" قال: أتصبرون على هذا التأديب، أم لا? يقال: ألحد ولحد في الدين، وفي الكلام، والقبر، إلا أنهم يختارون في الدين الإلحاد وفي القبر اللحد، وهو الميل في الأصل.
ويقال: عذب عن الشيء، إذا تركه؛ وأعذبته أنا. ومنه قول الأعشى:

فبات عذوباً للسماء كأنمـا

 

يوائم رهطاً للعروبة صيما

أي ترك كل شيء وقام يرعى السماء، كأنه يضاهي الصيم للجمعة في تركه الطعام والشراب. وقال: اعذبوا عن الدنيا أشد ما أنتم عاذبون عن شيء.
وقال: أعطه إن شاء معناه متى شاء فأعطه. لا تعطه إن شاء معناه متى لم يشأ فلا تعطه إذا لم يشأ ولا تعطه. ثم أملها فقال: أعطه إن شاء أي إذا شاء فأعطه. و أعطه إلا أن يشاء أي لا تعطه إذا لم يشأ. ولا تعطه إن شاء متى شاء فلا تعطه. ولا تعطه إلا أن يشاء معناه إذا شاء فأعطيه.
الأزم: إمساك الفم عن الطعام. والمظلومة: التي مطرت في غير وقتها.
وأنشد:

وصاحب صدق لم تنلنـي أذاتـه

 

ظلمت وفي ظلمي له عامداً أجر

هذا وطب سقي منه قبل أن يبلغ ويخرج منه الزبد.
الأمت: الاختلاف والالتباس، ومنه أخذ الارتفاع. ومنه أيضاً قيل ليس في الخمر أمت أي اختلاف في تحريمها. العوج: ما رئى متعوجاً والعوج: ما لم ير ولم يكن له شخص قائم. سنفرغ لكم أيها الثقلان قال: تهدد.
فرض الشيء إذا حز. ومنه الفريضة أي الأثر، ومنه فرضة القوس.
الكسر ليس من الجروح التي فيها قصاص.
الفال: عرق في الفخذ.
لا يشهدون الزور قال: مجالس اللهو.
قال: وإذا وصف من الفرس العجز والعنق بالاستواء فهو يقول قد استوى كله.
محل به، أي سعى به إلى السلطان. المحال: الهلكة. ببضاعة مزجاة قال: فيها بعض الإغماض. وتصدق علينا تساهل علينا. وسئل أبو العباس عن الحمد الله ما معناه؛ وقد يقال للرجل الحمد? فقال: كل الحمد لله، وكل حمد ذكر للأدميين فهو جزء منه، أي كل ذلك لله.
في الحديث: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر قال: مدحه في فعله فعلها، أي فغي حالة واحدة بعينها.
وعن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه: عمل فيه بعض الريب خير من الحاجة إلى الناس. قال: فيه غمض.
"وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم" قال: العهد الذي أخذت عليكم في ظهر آدم عليه السلام.
قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم قال: أي ابدأ بهذا، وقل هذا.
الجهضم: العظيم البطن. سفيان: فعلان من السفا، وهو سفا الريح. والسفا أيضاً: تراب القبر؛ والسفا: شوك البهمى؛ والسفا: خفة ناصية الفرس.
وأنشد:

ولا وصل إلا أن يقرب بيننا

 

قلائص في آباطهن سفاء

قال: سفه، وهو الخفة والسرعة. وأنشد:

وقد أرسلوا فراطهم فتأثلوا

 

قليباً سفاها كالإماء القواعد

قال: كالإماء البوارك على شيء يعملنه.
قال أبو العباس أحمد بن يحيى: ويروى عن علي عليه السلام أنه قال: أنا يعسوب المؤمنين قال: اليعسوب: السيد.
ويقال عفا، ودرس، ومحا، وامحى، واطرق.
ويقال: رأيتك وراء وراء، ووراء وراء، ووراء وراء، تجعلهما نكرتين.
المقنب: نحو الخمسين من الخيل، يعنى الفوارس.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: قال سلمة: سمعت الفراء يحكى عن الكسائي أنه سمع: اسقني شربة ما يا هذا يريد شربة ماء، فقصر وأخرجه على لفظ من التي للاستفهام. هذا إذا مضى، فإذا وقف قال شربة ما. وحكى له أن المريطاء قصرها بعض النحويين. فأجاز القصر والأصل المد. وكان يحكى لنا مريطاء ولطيخاء. وكان يفسره هو في أسفل البطن.
وأنشدنا:

بكت عيني وحق لها بكاها

 

وما يغنى البكاء ولا العويل

فمد البكاء وقصره. قال: وانشدنا:

فلو أن الأطبا كان حولى

 

وكان مع الأطباء الأساة

فقصر في أول البيت ومد في آخره، وأصله المد. وأما قوله كان حولى فإنه اكتفى بالضمة عن واو الجمع.
قال: وأنشدنا أيضاً في الممدود فقصر:

وأنت لو باكرت مشـمـولة

 

صفرا كلون الفرس الأشقر

فقال: صفرا، وهذا الجنس ممدود.
وحكى لنا بزرقطونا يمد ويقصر. وكذلك الكشوثاء والمد أكثر.
وكذلك الطرمساء، وهي الظلمة. ومد المصطكاء، وهي خفيفة.
وقال: العنظباء، والخنفساءء، والعنصلاء، والحنظباء والحوصلاء.
قال: وكل هذا قد يحذف منه المد فيقال: الخنفس، والعتطب، والحوصل.
آخر الجزء الثاني من أمالى أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى، والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين

الجزء الثالث

ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي المعروف بثعلب، قال: حدثني أبو سعيد عبد الله بن شبيب قال: وحدثني زبير. وقال أبو العباس: وقال أبو سعيد أيضاً: قد حدثني هارون بن أبي بكر، قال: حدثني محمد بن معن الغفاري قال: أقحمت السنة المدينة ناساً من الأعراب، فحل المذاد منهم صرم من بني كلاب، وكانوا يدعون عامهم ذلك الجراف. قال: فأبرقوا ليلة في النجد، وغدوت عليهم فإذا غلام منهم قد عاد جلداً وعظماً، ضيعة ومرضاً وضمانة حب، فإذا هو رافع عقيرته بأبيات قد قالها من الليل:

ألا يا سنا برق علا قلل الحمى

 

لهنك من برق عـلـى كـريم

لمعت اقتذاء الطير والقوم هجع

 

فهيجت أسقاماً وأنـت سـلـيم

فبت بحد المرفقـين أشـيمـه

 

كاني لبرق بالستـار حـمـيم

فهل من معير طرف عين جلية

 

فإنسان طرف العامري كلـيم

رمى قلبه البرق الملألىء رمية

 

بذكر الحمى وهناً فظل يهـيم

فقلت له: في دون ما بك ما يفحم عن الشعر. قال: صدقت، ولكن البرق أنطقني. قال: ثم والله ما لبث يومه ذلك تاماً حتى مات قبل الليل، ما يتهم عليه غير الوجد.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حدثني عبد الله قال: حدثني محمد بن عيسى، عن فليح بن إسماعيل، قال: حدثني عبد الله ابن صالح سنة ثنتين وستين ومائة، قال حدثني عمي سليمان بن علي، عن عكرمة قال: إني لمع ابن عباس بعرفة إذ فتية أدمان يحملون فتى في كساء، معروق الوجه، ناحل البدن، له حلاوة؛ حتى وضعوه بين يدي ابن عباس، وقالوا له: استشف له يا ابن عم رسول الله. قال: فقال ابن عباس: وما به? فأنشأ الفتى يقول:

بنا من جوى الأحزان والوجد لوعة

 

تكاد لها نفس الشـفـيق تـذوب

اللوعة: الحرقة في الجوف.

ولكنما أبقى حشاشة معـول

 

على ما به عود هناك صليب

فأقبل ابن عباس على عبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد ابن عبد العزى فقال: أخذ هذا البدوي العود علينا وعليك. قال: فحملوه، فخفت في أيديهم فمات، فقال ابن عباس: رحمه الله، هذا قتيل الحب، لا عقل ولا قود. قال عكرمة: فما رأيت ابن عباس سأل الله عز وجل في عشيته حتى المساء إلا العافية مما ابتلى به الفتى.
قال أبو العباس: يقال إن قريشاً أصلب العرب عوداً، فقال ابن العباس حين ذكر الفتى صلابة عوده: أخذ البدوى العود علينا وعليك.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: حدثني زبير قال: حدثني عاصم ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رحمه الله، عن أبيه؛ وحدثنيه يونس بن عبد الله بن سالم الخياط، عن مالك بن أنس، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص، أن رجلا من بني كلاب يكنى أبا حبال، نزل على عبد الله بن عمر بن حفص، ومعه ابنه حبال، فمرض ابنه ثم مات. قال عبد الله: فأمرنا أن نكفنه. فكفناه وحنطناه، فلما فرغنا من أمره استأذن أبوه أبى أن يدخل عليه فيسلم عليه، فأذن له فدخل فانكب عليه، فسمعناه يقول:

فلولا حبال لم تنخ بي مطـيتـي

 

بأرض بها الحمى ببرد وصالب

وقائلة أرداك، والـلـه، حـبـه

 

بنفسي حبال من خليل وصاحب

فجعل يردد ذلك، ثم فقدنا صوته، فقال لنا أبي: انظروا، فإني والله أحسبه قد مات. فدخلنا فوجدناه ميتاً، فجهزناه وحملناه مع ابنه.
أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى:

وكانت لهم ربعية يحـذرونـهـا

 

إذا خضخضت ماء السماء القنابل

قال: فرق بين القنابل والقبائل، فالقنابل: جمع قنبلة، والقبائل: جمع قبيلة. والربعية: غزوة في الربيع.
قال: والعرام والعراق واحد. ويقال عرمنا الصبي وعرم، من العرامة والعرامة الاسم. وهو عارم وعرم. والعرامة: الفساد.
وأنشد:

داوبها ظهرك من ملالـه

 

من خزرات فيه وانخزاله

كما يداوى العر من أكاله داو بها الهاء والألف عائدتان على دلو. وقوله هذا له، على الاستهزاء والهزل، يقول: داو ظهرك من علته ودائه بالدلو.
أنشد:

قلت أجيبي عاشقاً

 

بحبكم مكـلـف

أي بحبكم تكليفه. ومثله: لو كان ذا منك قبل اليوم معروف أي معرفته.
السحوف: التي ذهب شحمها؛ سحف أي ذهب.
وأنشد:

إذا لم تكن حاجاتنا في نفوسنا

 

لإخواننا لم تغن عنا الرتائم

الرتيمة: ما يعقد في اليد للتذكرة: والرتيمة أن يعقد الرجل إذا أراد سفراً شجرتين، فإذا رجع فوجدهما على ما كانتا عليه قال: قد وفت امرأته، وإذا لم يجدها قال: قد نكثت.
قال: إذا أردت أن تحول الماضي إلى الدائم فأعمله بالذي قبلا، فإنه الأصل.
وقال أبو العباس: الفارة من المسك غير مهموزة، ومن غيرها مهموزة.
وأنشد:

لها فارة ذفراء كـل عـشـية

 

كما فتق الكافور بالمسك فاتقه

الذفر من الطيب والنتن جميعاً، والذفر من النتن لا غير.
وأنشد:

أرتنى حجلاً على ساقـهـا

 

فهش الفواد لذاك الحجـل

فقلت ولم أخف من صاحبي

 

ألا بأبي أصل تلك الرجل

يريد بالحجل الخلخال، وإنما ثقله وثقل الرجل لاضطرار القافية.

أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حج الحجاج ومعه صاحب له، فأراد أن يأكل لقمة فوضعها من النعاس في عينه، وطارت عمامة صاحبه من النعاس أيضاً، فقال له الحجاج: ما فعلت عمامتك? قال: مع لقمتك.
وأنشد:

والنوم ينتزع العصا من ربها

 

ويلوك ثنى لسانه المنطـيق

قال: والقبول والدبور من الرياح لا تجمع.
قال: يقال: أكلت رغيفاً أجمع، ودخلت داراً جمعاء، ثم يجمع فيقال: جمع، وجمع أجمع التي للناس أيضاً جمع.
ثم أمل علينا فيه. قال أبو العباس ثعلب: قال الفراء: أجمعون معدول عن أجمع وجمعاء؛ لأن هذا أصل النعوت، فعدل إلى التوكيد وما لا يكون نعتاً؛ لأنك لا تقول مررت بأجمعين، وأنت تقول مررت بأجمع وجمعاء فلما أن عدل صار في موضع واحد، فلما أن جاء بصورة النعت عامله معاملتين: معاملة النعت، ومعاملة التوكيد. فيقول: أعجبني القصر أجمع وأجمع، وأعجبني الدار جمعاء وجمعاء. فجمع معدولة عن جمعاء.
وقال أبو العباس: إنما سمى المداد مداداً لأنه يزاد فيه.
ويقال مدت دجلة، ومد النهر النهر؛ لأنها تزيد من نفسها، وكذلك كل شيء مد من نفسه. وأمددته بالجيش، وما كان مثله كذلك.
وأنشد:

كأنما يبردن بالـغـبـوق

 

كيل مداد من فحا مدقوق

الخولع: داء يأخذ في القلب حتى يثقل.
وعن اللحياني: البقرة تجزىء عن سبعة وتجزى عن سبعة، فمن همزها فمعناها تغنى، ومن لم يهمزها تكون جزاء عن سبعة.
ويقال استعددت للمسائل وتعددت: ويقال تعود إتياننا، واستعاد إتياننا.
وحكى أبو العباس قال: رؤف به ورئف به، ورأف به رأفة ورآفة، وهو رؤوف على فعول؛ وهو رؤف على فعل، ورئف ورأف ساكن الهمزة.
ويقال: لو سألتني فصمة سواك ما أعطيتك، وقصمة سواك، وضوازة سواك، ونفاثة سواك: وهو ما بقي بين أسنانه فنفثه. وسمع اللحياني أيضاً قصم سواك.
ويقال: لهنوا ضيفكم وسلفوه، أي قدموا إليه ما يتعلل به قبل الغداء، والاسم اللهنة والسلفة.
وقال: الألوقة واللوقة: الزبدة. ويقال زل في رأيه زلاً وزللاً وزلولاً. ويقال في مثل للثيب: عجالة الراكب تمر وسويق.
ويقال الفكر والفكر والفكرة.
ويقال رجل ورع وامرأة ورعة، إذا كان جباناً، وما كان ورعاً ولقد ورع وورع وروعاً ووروعاً، وبعضهم يقول ورع يرع، فيفتح، وروعاً وتورع. فمن قال ورع قال يورع وروعاً وورعة ووراعة، ومن الورع ورع يرع ورعاً.
ويقال: قرأ فما تلعثم وتلعذم.
ويقال شعر سبط، وسبط، ورجل ورجل، وأمر نكد ونكد ونكد، وقد قرىء بهن: والذي خبث لا يخرج إلا نكداً على الثلاثة الأوجه. وسمع الكسائي تؤى الدار، ونئى الدار على مثال نعي. وقال: سمعت نأى الدار من غير واحد، ونؤى مثل نعى.
وأنشد: عليها موقد ونؤى رماد ويقال أنأيت للخباء نؤياً، مثل أنعيت.
وقال: البر على أوجه، فمنها صلة مثل قولك برك الله، أي وصلك. وقول الله عز وجل: "أن تبروهم وتقسطوا إليهم" أي تصلوا. و"أن تبروا وتتقوا" أي تصلوا. وقوله تعالى: "البر الرحيم" أي الصادق.
وأنشد:

لعمر أبيك والأنبياء تنمى

 

لنعم الطائلون بنور قاش

هم منوا على وبعض قوم

 

عطاؤهم بمن واقتراش

ويقال: هو في أسطمة قومه وأطسمة قومه، وجرثومة قومه، وأرومة قومه، وصيابة قومه، وصوابة قومه، وربا قومه، ورباء قومه ممدود.
وحكي عن ابن الجراح: عوى الكلب عوة. وعوية عن غيره.
والحلواء يمد ويقصر.
قال أبو العباس أحمد بن يحيى: يقال حذق الغلام يحذق وحذق يحذق، وحذق الخل يحذق لا غير. وقال: حذق فلان الحبل يحذقه أي قطعه.
"لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم.
قال: قال الكسائي: هذا استثناء يعرض. قال: ومعنى يعرض استثناء منقطع. ومن قال ظلم قال: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم" وهو الذي منع القرى فرخص له أن يذكر مظلمته.
وقوله عز وجل: "ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء" قال: من تدخل في الجحد على النكرة في الابتداء، ولا تدخل في المعارف، وكأنه قال: أن نتخذ من دونك أولياء. دخولها وخروجها واحد. ومن قال أن نتخذ، ثم أدخلها على المفعول الثاني فهو قبيح، وهو جائز، ما كان ينبغي لآبائنا ولأوليائنا أن يفعلوا هذا.
 وقوله عز وجل: "لولا جاءوا عليه" الآية. قال: هذا ستر ستره الله على الإسلام، أنه لا يقبل في الزنى إلا أربعة. ويقول بعضهم: لأن الحد يقام على اثنين: على الرجل والمرأة.
وفي قوله عز وجل: "وما لهم ألا يعذبهم الله" يوم القيامة وهم قد كفروا في الدنيا، ما لهم ألا يقع بهم العذاب. وموضع أن رفع.
"وما لنا ألا نتوكل على الله" يقولون: لا صلة. ويقول الفراء: ما ينبغي لنا. فجاء بها على المعنى، لأنه معنى ينبغي.
وأنشد عن الكسائي:

كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة ال

 

رجال وأصلال الرجال أقاصره

ولا تذهبا عيناك في كل شرمـح

 

طوال فإن الأقصرين أمـازره

قال أبو العباس: كان الكسائي يقول: أمازر ما ذكرنا، أقاصر ما ذكرنا. وأصلال الرجال، يقول الفراء؛ أقاصرهم. ثم رده على الأقصرين مثل الأفضلين، لأن المعنى أفضل القوم.
وفي قوله عز وجل: "فإنها لا تعمى الأبصار" فإنه قال: إذا جاء بعد المجهول مؤنث ذكر وأنث، إنه قام هند وإنه قامت هند؛ لأن الفعل يؤنث ويذكر. وقوله: مثل الفراخ نتقت حواصله مثل: الأقصرين أمازره.
وقوله عز وجل: "فلم تقتلون أنبياء الله من قبل" قال: وصف فعل آبائهم وما تقدم منهم، فتابعوهم هؤلاء على ما كانوا عليه، كما تقول: قتلنا بني فلان. وأنت لم تقتلهم، إنما قتلهم آباؤك من قبل.
قال: إذا أسقطت الإضافة ضم وترك تنوين ما كان منوناً، فقيل من قبل ومن قبل. فمن كسر كانت الإضافة قائمة، ومن ضم جعله بدلا من الإضافة.
وأنشد:

وكونوا أنتم وبنى أبـيكـم

 

مكان الكليتين من الطحال

أي تكونون قد أخذتم الأمر بطرفيه. فقوله: وبني أبيكم أي مع بني أبيكم. تقول: استوى الماء والخشبة، أي يجعلون الواو بمعنى مع.
وأنشد:

فإنك والكتاب إلى علي

 

كدابغة وقد حلم الأديم

فإنك مع الكتاب. ومعنى حلم الأديم، أي فسد الأمر. ويقال: ما أنت وزيد، وما أنت والباطل. وربما نصبوا الباطل وهو قليل. قال أبو العباس: كلام العرب ما أنت وقصعة من ثريد.
وأنشد: احمل على أحمر جلد ما شيت وأنشد:

فإذا وذلـك لـيس إلا ذكـره

 

وإذا مضى شيء كأن لم يفعل

الإرزبة: المعول. ويقال: بفى عدوك التراب، والتريب، والترباء، والأثلب، والكثكث، والدقعم، والحصحص، والكلحم.
وقال في قوله: بين الدخول فحومل قال: إذا كان الدخول اسماً جامعاً للمواضع.
قال: والقبضة: ما قبصته بيدك.
وأنشد:

فلو كنت ضبياً عرفت قرابتي

 

ولكن زنجياً غليظ المشافـر

قال الفراء: غليظ المشافر، أتبعه وهو الخبر. وقال الكسائي: ولكن بك زنجياً، أي يشبهك. وقال سيبويه: زنجياً غليظ المشافر تشبهه، فأضمر الخبر. فإن رفعت قلت لكنك زنجي، أضمرت الاسم، وهو شبيه باللقب.
ما تقل أقل، تجعله جزاء. الذي تقول أقول، تجعله خبراً.
وأنشد عن ابن الأعرابي:

وقد علم الحي اليمانـون أنـكـم

 

غريبون فيهم لا فروع ولا أصل

يموتون هزلاً في السنين وأنتـم

 

يساريع محياها إذا نبت البقـل

يقال أساريع ويساريع، ويسروع وأسروع، الهمزة مكان الياء. ومثله يلندد وألندد، ويلنجوج وألنجوج.

فإن تثلثوا نربع وإن يك خـامـس

 

يكن سادس حتى يبيركم القـتـل

وإن تسبعوا نثمن وإن يك تـاسـع

 

يكن عاشر حتى يكون لنا الفضـل

قضى الله أن النفس بالنفس بينـنـا

 

ولم نك نرضى أن نباوئكم قـبـل

فإن تشرب الأرطى دماً من صديقنا

 

فلا بد أن يسقى دماءكم النـخـل

ونحن قتلنا بالـمـنـيح أخـاكـم

 

وكيعاً ولا يوفى من الفرس البغل

وقال أبو العباس: المجذر: القصير. قال: العض: طعام الأمصار، مثل النوى والبزر والقت.
وفي قوله عز وجل: "وما قتلوه يقيناً" قال أبو العباس: ما قتلوا الخبر يقيناً، إنما قالوه بالحدس.
وقال: حية عربد، أي خبيث، ومنه العربدة. ويقال أرضه واحدة، والجمع أرض. ويقال رجل فدغم، أي حسن الوجه.

وقال: ليتى وليتني، ولعلى ولعلني، وإني وإنني، وكأني وكأنني. قال في إسقاط النون: الكوفيون يقولون: لم يضف فلا يحتاج إلى نون. وسيبويه يقول: اجتمعت حروف متشابهة فحذفوها. قال أبو العباس: في كلها يجوز بالنون وبحذفها. وأنشد:

كمنية جابر إذ قال ليتى

 

أصادفه وأفقد جل مالي

العذفة: القطعة من الناس. والعذفة: القطعة من الطعام: تقول ما ذفت عذوفاً ولا عذوفاً، بالدال والذال.
"وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم" قال: في الدنيا. مثل "وما لهم ألا يعذبهم الله".
"سلقوكم بألسنة حداد" قال: سلقه وأج.. واحد.
"ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن" قال: الإحسان أن يأتى بالأمر على ما أمر به.
وقال: أحمشكم أي أغضبكم. وقال: شقاشق الشيطان: الذي يتكلم ملء أشداقه.
وقال أبو العباس: المذقة: الشربة من اللبن. قال: نهزة الطاعم و... ما أخذه بالعجلة.
وانشد لمنظور بن مرثد بن فروة بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس بن طريف بن نصر بن قعين، وكثير من الناس ينسبها إلى أمه حبة:

يا أيها المغتـر بـالـضـلال

 

إن كنت في تنحـل الأقـوال

فاسأل فإن العلم بـالـسـؤال

 

من فارجون ليلة البـلـبـال

والمصلون حمس الـقـتـال

 

والمانعون عورة المجـفـال

بضرب لا مـيل ولا أكـفـال

 

والطعن إذ عض على السبال

واعترك القـوم أولـو الإدلال

 

عند الحفاظ عرك الـنـهـال

بالمشرفي والقنـا الـطـوال

 

إني إذا نؤت إلى الـسـفـال

معترم أنمى إلى المـعـالـي

 

تربى سجالاتي على السجـال

حين يجد النهـز بـالـدوالـي

 

فإن تكن أنشوطة الـعـقـال

إلي في الكثر، وفي الإقـلال

 

من طول بغضى غبر الطحال

أكو دخيل دائك الـعـضـال

 

كيا يصيب قصب السـعـال

قعيدك الله على الـتـقـالـي

 

وأنت في الكر وفي الإقبـال

مهتضم المولى عبام الـخـال

 

هل كنت تدري من أبو حبال

وطلحة المبرح بـالأبـطـال

 

والخالدان بانيا الـمـعـالـى

وقائدا الخيل إلـى الأقـتـال

 

والفارجـان ربـق الأغـلال

المحكمان عـقـد الـجـبـال

 

ومانعا الجيران في الزلـزال

من العدو ومـن الـمـوالـى

 

أو الحبيبان ذوا الـفـضـال

وقاريا الضيوف في الإمحـال

 

والحاملان مضلع الأثـقـال

إذا العلاوى نؤن بالـجـمـال

 

والمرثدان فارسـا الـنـزال

والمحرزان ساعة النـضـال

 

عند النضال أفضل الفـعـال

والحارثان حاميا الـتـوالـي

 

والحاملا الديات للمـعـالـي

والمعطيان قبـل مـا سـؤال

 

والمالكـان وأبـو أشـبـال

أم من أبو زينب ذو الأنـفـال

 

حين يعـد نـدب الأبـطـال

والجانب الخيل على الـكـلال

 

للـحـنــو و.............

وابن بجـير إذ دعـى نـزال

 

يمشي العرضنى مشية الرئبال

شد بـه فـروة غـــير آل

 

بصارم ذي شطب قـصـال

فظل لحـاً تـرب الأوصـال

 

وسط القتالى كالهشيم البالـي

للطير أو ذي اللبـد الـعـيال

 

أو من أبو وهب أبو الأشبـال

وجـد كـل قـائل فـعــال

 

أولاك عمى وأبي وخـالـي

منهم خلقت وهـم رجـالـي

 

أولو الندى والألسن الطـوال

وهم إذا شل إلـى الـجـبـال

 

حصونهم مرهفة النـصـال

وكل مـاض حـده قـصـال

 

يعلى به مقتنص الـفـوالـي

من مجمع الهام من الرجـال

 

والزغف ذات الحلق الدخـال

وشـزب لاحـقة الآطــال

 

كالطير تنضو سبل الطـلال

حيناً ترى ملبـسة الـجـلال

 

ومرة في غـارة الـرعـال

تحت ظلال النقع والعـوالـي

 

بالدارعين مـشـية الأوعـال

قوله: وإن تكن أنشوطة العقال مثل: وإنما أراد حل القوم حبلهم، كالبعير إذا حلت أنشوطة عقاله فوثب.

ويقال: اندفع إلى الشر بأنشوطة، إذا أسرع إليه.
وقوله: غبر الطحال أراد من الحقد. ويقال غمر الطحال داء يكون به. غبر وغمر واحد.
وأنشد أبو العباس عن ابن الأعرابي لعبد الرحمن بن منصور، أحد بني عمرو بن كلاب:

أشاقك الربع الخلاء المقفـر

 

غيره والـدهـر قـد يغـير

مر الجديدين وهيف مغـبـر

 

ورائح يتبـعـه مـهـجـر

له ...... مرثعن ممـطـر

 

ينسج منه الماء حين يزفـر

كأنما ... قه حين يظـهـر

 

من يذبل شم طوال عـقـر

.... منهـن ثـقـال أكـدر

 

كنا به وعيشنـا مـعـمـر

............ أخــضـــر

 

ونحن في غيطة ما نشـعـر

..................

 

حتى إذا نش اللوى الأصفـر

ولاحــــــت .........

 

.......... للحى .... العطر

.................

 

ثيابهن الخز والمعـصـفـر

بنـات آبـاء كـرام أيسـروا

 

فقد تباهوا كلهم فـأكـثـروا

ففيهم زي وفيهم مـنـظـر

 

حتى إذا أضحوا ولما يظهروا

ولو على أظعانهم فـأدبـروا

 

كأنها لما تـولـت تـذمـر

نخل من الصفرى دوح موقر

 

يكاد من إيقـاره يهـصـر

فدرت العين فظلت تمـطـر

 

وفي حمول الحي ريم عبهر

أفعم حجلاها وضاق المـئزر

 

والبطن مطوي الحشا مخصر

كأن رياهـا ولا تـعـطـر

 

ريا خزامى نفحت أو مجمر

وقال أبو العباس في قوله تعالى "وكان الله على كل شيء مقيتاً": مقتدراً "إلى مائة ألف أو يزيدون" قال: الفراء يقول: بل يزيدون. وغيره يقول: ويزيدون عندكم.
"لولا أن تفندون" أي تضعفون وتعنفون.
"أو أشد قسوة" قال: أو، إنما هو لنا.
وأنشد:

قد قلت يوماً للغراب إذ حجل

 

عليك بالإبل المسانيف الأول

المسانيف: المتقدمة؛ كأنه يقول: عليك بما تقدم من الإبل كل ما عليها.
ويقال لاق بالبلد إذا أقام به؛ ولاق بكذا وكذا، إذا لزمه.
أخبرنا محمد ثنا أبو العباس قال: قال لي يعقوب: قال ابن الكلبي: بيوت العرب ستة: قبة من أدم، ومظلة من شعر، وخباء من صوف، وبجاد من وبر، وخيمة من شجر، وأقنة من حجر.
المسنف: المتقدم؛ والمسنف: المشدود بالسناف، وهو الذي يشد على ظهر البعير.
جلة دببا قال: قال لي الأثرم: تدب من كثرة الشحم. وابن الأعرابي يقول: الكثيرة الوبر. والقول قول الأثرم. ولم يعرف أبو العباس بفيه... .
معنى "أن يقولوا يوم القيامة": لئلا يقولوا.
الجدب: العيب. قال: جدب لنا عمر السمر بعد الصلاة، أي ذمه وعابه.
وأنشد: ألم تكوني ململى ذقونا الململى: التي...... . والذقون: التي تضرب بذقنها الأرض وتسير فلا تضل الطريق.
................. بتسكين الياء على معنى ............. قد سمى فاعله .......... ما لم يسم فاعله.
قال أبو العباس: وأنشدني الأثرم والسدرى وأبو العالية للنابغة:

لا يهنىء الناس ما يرعون من كلأ

 

وما يسوقون من أهل ومن مـال

بعد ابن عاتكة الثاوي على أبـوي

 

أضحى ببلـدة لا عـم ولا خـال

سهل الخليفة مشـاء بـأقـدحـه

 

إلى ذوات الذرى حمال أثـقـال

حسب الخليلين نأى الأرض بينهما

 

هذا عليها وهذا تحتهـا بـالـي

قال أبو العباس: أخذ الناس كلهم هذا المعنى من النابغة، يعني حسب الخليلين.
وأنشد في معناه لابن عياش المنتوف في أخي أبي عمرو بن العلاء:

صحبت أبا سفيان ستـين حـجة

 

خليلي صفاء ودنا غير كـاذب

فأمسيت لما حالت الأرض بيننا

 

على قربه مني كأن لم أصاحب

وأنشد أبو العباس في إثر منصرف إدريس الحداد:

أرى بصرى في كل يوم ولـيلة

 

يكل وخطوى عن مداهن يقصر

ومن يصحب الأيام تسعين حـجة

 

يغيرنه والـدهـر لا يتـغـير

لعمري لئن أمسيت أمشي مقـيداً

 

لما كنت أمشي مطلق القيد أكثر

"ففسق عن أمر ربه" يقال فسق الشيء، إذا خرج من حال إلى حال، ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت.
اشدد به أزري شد أزره، إذا عاونه في أمره، أي أعني وقوني. الأزر: العون؛ آزره يؤازره.
"ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" قال: قالوا له صلى الله عليه وسلم: اخرج إلى بلاد الشام؛ فإنها بلاد الأنبياء. فأنزل الله هذه الآية.
في الخبر: لا تقبحوا الوجه؛ فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته. قال أبو العباس: الهاء راجعة على صورة الله التي اختارها والكون الذي جعله فيه.
كلا لا وزر أي لا ملجأ؛ الوزر: الملجأ.
قال: وأنشدنا أبو العالية لكعب بن سعد الغنوى:

ألا من لقبر لا يزال يهـجـه

 

شمال ومسياف العشى جنوب

به هرم يا لهف نفسي من لها

 

إذا حدثت للنائبات خـطـوب

تقول سليمى: ما لجسمك شاحباً

 

كأنك يحميك الشراب طبـيب

وأنشد:

أليلتنا بـذي حـسـم أنـيرى

 

إذا أنت انقضيت فلا تحورى

فإن يك بالذنائب طال ليلـى

 

فقد يبكى من الليل القصـير

كأن رماحهم أشطـان بـئر

 

بعيد بين جالـيهـا جـرور

قال أبو العباس: تضطرب الأرشية كما تضطرب الرماح.

تكب القوم للأذقان كبـا

 

وتأخذ بالترائب والنحور

قال: يصف الحرب أنها تكب القوم.
قال: وأنشدني ابن الأعرابي:

علي فيما أبتغـي أبـغـيش

 

بيضاء ترضيني ولا ترضيش

وتطبـى ود بـنـي أبـيش

 

إذا دنوت جعلـت تـنـئيش

وإن نأيت جعلـت تـدنـيش

 

وإن تكلمت حثت في فـيش

حتى تنفى كنقيق الديش قال: يجعلون مكان الكاف الشين، وربما جعلوا بعد الكاف الشين والسين، يقولون: إنكش وإنكس. قال: وهذه الكشكشة والكسكسة المشهورة، وهي الكاف المكسورة لا غير، يفعلون هذا توكيداً لكسر الكاف بالشين والسين، كما يقولون ضربتيه وضربته، لقرب الهاء منها.
ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم أي خلطاً. وكل خلط فهو شوب.
الثلة: القطعة من الغنم: الضأن والماعز وه.. أولا. و "ثلة من الأولين": قطعة من الأولين.
"من جاء بالحسنة فله خير منها": تضاعف له.
"وليقولوا درست ولنبينه" دارست اليهود، ودرست في نفسك، ودرست: درسها الناس من قبلك. ودرست: تقادمت ومضت.
قال: أبدلت الياء الجيم في التشديد لقرب مخرجها، ولا بأس أن تجىء في الياء المخففة، مثل حجتي. وأنشد:

يا رب إن كنت قبلت حجتج

 

فلا يزال شاحج يأتيك بـج

يريد: بي.
والصيهب: شدة الحر. وأنشد:

يغول عني البيد إرقالها

 

إذا احزألت بالصياهيب

واحزأل: ارتفع.
"ولا تصغر خدك للناس": لا تمل خدك من الكبر. وتصعر وتصاعر واحد.
وأنشد:

عليك بأربـاب الـنـمـار فـإنـنـي

 

رأيت صميم الموت في النقب الصفر.

النمرة: الجبة الصوف القصيرة تلبسها الإماء؛ فأمره بالإماء وترك الحرائر.
"ثم ذهب إلى أهله يتمطى": أي يتبختر.
"ففروا إلى الله": أي بأعمالكم الصالحة.
الناهل: العطشان، والريان؛ من الأضداد.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنا رحمة مهداة بالضم، من أهديت الهدية فهي مهداة. وهديت هدية فلان، أي سرت سيره. وهديت العروس وهديت الهدى، كله بلا ألف إلا الهدية. ويقال في العروس أيضاً بالألف.
وأنشد:

فظل لهم يوم كأن سـمـاءه

 

متم تمطت بالنتاج على عقم

هذا يوم حرب، شبه طوله بطول ولادة العقيم.

فصبحهم يوم الغوابـق غـدوة

 

تباريح حدآن العضاه إلى اللحم

قال: حروب ولدت على عقم، وإذا لقحت على عقم فهو أتم لولدها. وقال حدأة وحدأ: الطائر، وحدأة وحدأ: الفؤوس، من قول أصحابنا كلهم. وابن الأعرابي يقول حدأة وحدأ للفوؤس والطائر جميعاً.
قال: وإذا جاء بالهمز في لواء قال لواء. وإذا ترك الهمز، قال الفراء: يكون بالياء. وقال الكسائي: يجوز أن يرد إلى الواو. هذا عطاؤك بالإشارة إلى الواو، وأخذت من عطايك بالإشارة إلى الياء. ويجمعون بين ياءين في النصب أخذت عطاييك. ثم جعلوا ألف النصب بمنزلة الإضافة فصيروها بالياء، وأنشد فيما كانت هذه حاله:

عشية أقبلت من كل أوب

 

كنانة عاقدين لهم لـوايا

فجاءوا عارضاً برداً وجئنا

 

كمثل السيل إذ يربى الغثايا

وأنشد:

دحرجة إن شئت أو إلقايا

 

ثم تقول من بعيد هـايا

ثم تعود بعد ذاك دايا وأنشد:

فدى لبنى خلاوة عمر أمي

 

بلا نية وكنت لهم فـدايا

بعده عشية أقبلت. جعلوا ألف النصب كالإضافة.
"ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزماً" قال: نسى العهد. "ولم نجد له عزماً"، العزم: الصبر على ما عهد إليه.
قال: وقال الفراء: أكره أن أقول في رمضان، لأنه اسم من أسماء الله. وشهر ربيع الأول والآخر، أرادوا شهر هذا الوقت من الربيع والخصب.
"وقالوا يأيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون" يقولون: إن فعلت بنا هذا اهتدينا لك.
فحبكهن، أي شدهن بثوبه؛ يقال احتبك بثوبه، إذا شده عليه.
السر طراط: الفالوذ، من الاستراط.
قول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، قال: كانت العرب تقدم الشهر على الشهر، والسنة على السنة- وهو النسىء- فحج النبي صلى الله عليه وسلم وقد استدار الزمان، فرجع إلى ما كان عليه وصار الحج في ذي الحجة.
كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال: يقال صخرة تحت الأرض.
قال: والزخرف: الذهب، في الأصل. وكل ما زين فهو زخرف.
قال أبو العباس في قوله عز وجل: "فلا كيل لكم عندي ولا تقربون" أراد: تقربوني، فحذف الياء.
وقال: الفاغية: الرائحة الطيبة.
ما نبغي هذه بضاعتنا قال يقال ...................
وأنشد:

كأن وغى الخموش بجانبـيه

 

وغى ركب أميم ذوي زياط

قال: الخموش: البعوض. وقال: زياط: صياح وجلبة، كذا قال الأصمعي. وقال: قال الأصمعي: هذه أجود طائية قيلت.
وقال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني أبدع بي فاحملني. قال أبو العباس: الإبداع أن تموت راحلته، قال: أبدع بالرجل، إذا ماتت راحلته.
وأخبرنا أبو العباس قال: قال الأصمعي: قالوا: لوى فلان عذاره عني. وإنما العذار للفرس والبعير.
وقالوا: لو جاريتني لجئت مضطرب العنان، أي لو جاريتني لجئت مسترخى العنان، وإنما العنان للدابة. أي لو فاخرتني لاضطرب عنانك. ويقال أتى فلان فلاناً فما زال يفتل في ذروته وغاربه حتى صرفه وإنما يفعل ذلك بالبعير إذا ختل ليصرف إلى شيء. ويقال ألقى حبله على غاربه والغارب للبعير. ويقال للرجل إذا جاء باغياً: جاء يجر رسنه. ويقال كلمت فلاناً بكلمة فذهبت جارة الرسن إذا تسومع بها. ويقال ما أوقع طائره إذا كان ساكناً. وفلان رخى اللبب إذا كان في سعة يصنع ما شاء.
والعرب تقول: بعير أورق كأنه دخان الرمث، هو أسود فإذا رفعت الريح شيئاً من وبره رأيت تحته بياضاً. وكذلك رماد الرمث، ترى في سواده بياضاً. وأطيب لحوم الإبل لحم الورق.
ويقال: أتاهم بحب مثل أشداق النغران، وشراب كأنه دم الجوف، وسويق كأنه مكاسر الصمغ.
ولقيت إبل فلان كأن ضروعها الظباء المقفصة. أي هي حفل. ورأيت لها ضرعاً كأنه ....... أو قصعة مكفوءة.
ويقال أتانا بخبزة كأنها الحجفة- وهي الترس من جلد، وخبزة كأنها ربضة الشاة، وكأنها رأس البعير. والخبزة: الثريدة الضخمة، والعصيدة الضخمة.
ورأيت بكرة حمراء كأنها عرق أرطاة، وكأنها الصربة. والصرب: صمغ الطلح، وهو أحمر صلب لا يكاد يكسر إلا بالحجارة.
وقال ابن أحمر:

أفرغ لها من جمء جياش حصب

 

أفرغ بدلويك بحمر كالصـرب

وقوله:

فألفيته غير مستعتـب

 

ولا ذاكر الله إلا قليلا

أي ولا ذاكر الله إلا قليلا، وترك التنوين لاجتماع الساكنين. ومثله: عن خدام العقيلة العذراء أي مثل البيت الماضي. وأنشد:

هم القائلون الخبر والفـاعـلـونـه

 

إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما

والفاعلوه، فبنى على الاستقبال والذين يفعلونه، فأدخل التنوين على الفعل.
وأنشد:

ثقيل على من ساسه غير أنه

 

ركوم على آريه الروث منثل

وقال: لا يتعدى فعول ولا مفعال، وأهل البصرة يعدونه. والفراء والكسائي يأبيانه إلا من كلامين. وقال: ركوم: يركم.
وأنشد:

بأسرع الشد مني يوم لانية

 

لما رأيتهم واهتزت اللمم

الشد نصبه، يريد عند الشد، ولا يخفض.
وأنشدني للشماخ:

فلما شراها فاضت العين عـبـرة

 

وفي الصدر حزاز من اللوم حامز

شراها: باعها. وقال: حزاز وحزاز.
وأنشد:

لقد علمـت أم الأديبـر أنـنـي

 

أقول لها هدى ولا تذخري لحمي

وقال: أهدي وهدي واحد.
وأنشد:

مؤخر عن أنيابه جلد رأسه

 

فهن كأشباه الزجاج خروج

قال: مؤخر أراد مؤخر منون، فلما حال بينهما اكتفى من التنوين.
وأنشد:

لما رأت ساتيدما استعبرت

 

لله در اليوم من لامـهـا

اعترض باليوم بين در ومن. وقال:

فزججتها متـمـكـنـاً

 

زج القلوص أبي مزاده

وأنشد بعضهم: زج الصعاب أبي مزاده أراد: زج أبي مزادة الصعاب، ثم اعترض بالصعاب.
وأنشد:

رب ابن عم لسليمى مشمـعـل

 

طباخ ساعات الكرى زاد الكسل

قال: لا يجوز إلا في الشعر. وقال: أضاف طباخ إلى ساعات.
الهوشات: اختلاط الناس وأصواتهم. وسمعت هوشات الأسواق: أصواتهم.
المقام من قمت، والمقام من أقمت.
وقال: آمين: اسم من أسماء الله عز وجل.
وأنشد: ووجد في مرمضه حيث ارتمض المرمض من الرمضاء، والمربض من الربض.
ويقال قيد وقاد، وقدى، وقاب، وهو القدر. قال:

وإني إذا ما الموت لـم يك دونـه

 

قدى الشبر أحمى الأنف أن أتأخرا

وأنشد:

قاب رمحين قدره أو قدى رم

 

ح وعند العيوق نصر تمـيم

وأنشد:

اسمع حديثاً كما يوماً تـحـدثـه

 

عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا

رفع. وقال: زعم: أصحابنا أن كما تنصب، فإذا حيل بينهما رفعت. وغيرهم يقول: كما ترفع. قال هشام: تقول أفعل كما يفعلون قال: يزعم البصريون أنها لا تعمل كما تعمل كي. قال: وأصحابنا يقولون كما مثل كي. قال الكساني: مثل ذلك: أتيتك كي فينا ترغب.
وأنشد:

قلت لشيبان ادن من لقـائه

 

كما يغدى القوم من شوائه

وأنشد في معنى كي:

وطرفك إما جئتنا فـاحـفـظـنـه

 

كما يحسبوا أن الهوى حيث تصرف

وقال:

يقلب عينيه كما لأخـافـه

 

تشاوس قليلا إنني من تأمل

قال كما تكون بمعنى كي، وتكون بمعنى الجزاء، كما قمت قمت. وقال: كما تكون تشبيهاً تكون جزاء، كما قمت قعدت. والتشبيه قمت كما قمت. وتكون بمعنى كيما وكيلا.

مجلس

"ولقد جئتمونا فرادى" واحده فرد، وفريد، وفرد، وفردان. وفرادى، وفراد لا يجرى. وأنشد عن الفراء:

ترى النعرات الزرق تحت لبانه

 

فراد ومثنى أصعقتها صواهله

وأنشد:

مروا عجالاً وقالوا كيف صاحبكم

 

قال الذي سألوا: أمسى لمجهودا

يا ويح نفسي من غبراء مظلـمة

 

قيست على أطول الأقوام ممدودا

وأنشد، وقال: يقال هي لابن خال رؤبة:

إذا قلقت بين التراقي وحشرجـت

 

وضاق بها بعد المكابدة الصـدر

وقيل اعترف ما كنت قدمت آنفـاً

 

فذاك الغنى عند الحساب أو الفقر

أخبرنا محمد وقال: ثنا أبو العباس، قال: قال إسحاق الموصلي: دخلت على الأصمعي أعوده وإذا قمطر، فقلت: هذا علمك كله? فقال: إن هذا من حق لكثير.
قال: ومر علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم صفين أو يوم الجمل بخالد بن أسيد، فقال هذا يعسوب قريش- أي سيدهم- واروه.
ويقال سمت وشمت، أي دعوت. وسمرت السفينة وشمرتها واحد.
معنى لبيك إجابة بعد إجابة لك. ويقال لب بالموضع، إذا أقام به.
وأنشد: لبيكمتا لبيكما هأنذا لديكما ويقال: لبيك وسعديك، ودواليك وحنانيك، وهذاذيك وحجازيك، وحذاريك. فحنانيك رحمة بعد رحمة. ودواليك: دولة بعد دولة. وحجازيك: محاجزة محاجزة. وسعديك: مساعدة مساعدة. وحذاريك: حذراً حذراً، وهذاذايك: قطعاً قطعاً.
وأنشد: ضرباً هذاذيك وطعناً وخضا وأنشد:

إذا شق برد شق بالبرد مثلـه

 

دواليك حتى ليس للبرد لابس

وأنشد:

ملء الجفان من الشيزى مكـلـلة

 

والضرب عند احمرار الموت للبهم

قال: البهمة الذي لا يدري من شدته كيف يتأتى له. والباب المبهم: المغلق؛ وأخذ من المبهم الذي لا يدري أي شيء هو.
 وقال: حضرت مجلس ابن حبيب فلم يمل، فقلت: ويحك أمل مالك? فلم يفعل حتى قمت، وكان والله حافظاً صدوقاً الحق. وكان يعقوب أعلم منه، وكان هو أحفظ للأنساب والأخبار منه.
"وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم". قال: كان الشياطين يسترقون السمع إلى أن أحرزت للسماء.
وأنشد:

فكيف بليلة لا نوم فيها

 

ولا قمر لساريها منير

ولا قمر، قال: جعل لا التبرئة بمعنى غير.
وأنشد مثله:

أجدك إن ترى بثعـيلـبـات

 

ولا بيدان نـاجـية ذمـولا

ولا متدارك والشمس طفـل

 

ببعض نواشغ الوادي حمولا

جعل لا وهي تبرئة موضع غير، كما جعل إن في موضع ما؛ أراد ما أنت براء، فجعل مكانه حرف جحد.
وقال أبو العباس: حكى ابن الأعرابي: قد جعل الناس ما ليس بأس به. جعل ليس بمعنى التبرئة.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: "وإنا أو إياكم لعلى هدى" كما تقول للرجل: أحدنا كاذب أو أحدنا مخطىء، تكذيباً جميلاً.
ويقال رجل كرم، وامرأة كرم، وقوم كرم، مثل سفر وأشباهه.
وأنشد:

ناجية كرم أبوها تبـتـغـى

 

من غالب قبب البناء الأعظم

"فلولا إن كنتم غير مدينين" قال: إذا جاءت إن الثقيلة مع لولا فليس غير الفتح، فإذا خففت كسرت.
وأنشد:

فلولا أنهم كانوا قريشاً

 

فإن خلافهم جىء بإد

وفي كتاب ابن حبيب: ألهب فلان في العدو، وأهذب، وأحصف، وأهرب، إذا جد واشتد.
وأنشد لروبة: ومحور أخلص من ماء اليلب ظن رؤبة أنه من حديد وإنما هو جلود. وأنشد مثله لابن أحمر:

لم تدر ما نسج اليرندج قبلـه

 

ودراس أعوص دارس متجدد

وهو جلد، فظن أنه منسوج.
الختار والغدار واحد.
ضربتك إياك وضربتك أنت، يجعلون المرفوع مثل التوكيد والعماد، والتوكيد لا يكون أول الكلام. وأهل البصرة يقولون ضربتك إياك بدل، ونحن نقول: هما توكيد.
وفصيلته التي تؤويه قال: أدنى الآباء إليه.
ويقولون مثل هذا الماضي: رأيتك أنت، ومررت بك أنت، صحيح على ما فسرنا. قال: وما رأيت كإياك، لم يجىء إلا في الشعر.
وأنشد:

فأحسن وأجمل في أسيرك إنه

 

ضعيف ولم يأسر كإياك آسر

"وأصفاكم بالبنين" قال: جعل لكم صفوة.
وأنشد:

كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة الر

 

جال وأصلال الرجال أقاصـره

ولا تذهبا عيناك في كل شرمـح

 

طوال فإن الأقصرين أمـازره

الأعيار: لقب لهم. والبسالة: الشدة. والأصلال: الدواهي. ويقال: هو صل الأصلال، أي داهية الدواهي: وأصل الصل الحية. فيقول: أدهاهم أقصرهم. والشرمح: الطويل. يقول: لا تذهب عيناك إلى الطوال. والأمزر: الرجل ... والمزير أيضاً.
وأنشد:

ترى الرجل الضعيف فتزدريه

 

وفي أثـوابـه أسـد مـزير

ويعجبك الطرير فتبـتـلـيه

 

فيخلف ظنك الرجل الطرير

يقال طر شاربه: نبت. ويقال: أطرى فإنك ناعلة، أي دلى فإن عليك نعلين.
وأنشد: بنى مالك ها إن ذا غضب مطر وقال أبو العباس: هو من أطرار الوادي، أي جوانبه.
وأنشد:

ويأخذ عيب الناس من عيب نفسه

 

مراد لعمري ما أردت قـريب

وأنشد:

تبغى ابن كوز والسفاهة كاسمها

 

ليستاد فينا أن شتونـا لـيالـيا

تبغ سوانا يا ابن كـوز فـإنـه

 

غذا الناس مذ قام النبي الجواريا

وأنشد مثله:

إن القبور تنكح الأيامـي

 

والنسوة الأرامل اليتامى

المرء لا تنفى له سلامي أي إن آباءهم إذا ماتوا زوجوا ممن دونهم، ولو كانوا أحياء ما كانوا كذلك، فإنما زوجتهم القبور. ويقول في البيتين الماضيين: أصابنا الجدب فأراد أن يتزوج في ساداتنا فلم نزوجه. وقذ غذا الناس الجواري، كانت الجارية في الجاهلية توأد أي تقتل، فلما قام عليه السلام لم توأد؛ من الموءودة.
ومن ها هنا كان على ظهر كتاب ابن مقسم، فعرضناه عليه، وقال: قال لنا مقسم: ليس هو عن ثعلب ولا هو سماعي منه.
العسل: ريشة الطيب، والعسيل: جردان الفيل. والوذفة من الغنم: الحيا، والمقلمة من البعير، والعقدة من السباع.

والشمشليق: الذي لا يبالي ما أخذ واستلب، والخفيف الطياش. والوذرة للطائر مثل الحيا، ومن الظباء ظبية. والعفلق والذردان: فرج المرأة.
القرعوش والقرعوس: الجمل الضخم.
ما في قومي شاب ولا تاب، يريد شيخ. ورجل حل: شديد السواد. ومقى مقلوب، ويقال جمع مقية موق العين.
الكتال: متاع الرحل وجهازه وحوائجه. الحمأة والحمأ. والوصل: بينهم وصل لا تنقطع. الضهياء: التي لا تنبت لها شعرة، عن أبي عمرة، لا تطمث؛ ومن الإبل التي لا تضبع.
والكبس: بيت صغير. والح....: المسترخي. والخاز: الذي فيه حموضة. و...: بسرة. والجدش: أن يدير الشيء ليأخذه. والحوط: شيء يجعل في مقدم شعر الصبي من خرز أو فضة أو ذهب. والعزل: مؤخر الدابة. والعزلة: الحرقفة. والأعزل: أن تكون إحدى الحرقفتين أصغر من الأخرى. والعرجد: العرجون، ويخفف. والتسفيط: الإصلاح للحوض: وفتحته: عصرته أو فقأته. القرية: عود الشراع في عرضه. عززه: أجبره، والفراء قال: عززته: منعته. قال الخزاعي: القارة هي الباردة. والعرين: شوك العضاه الذي يلقى إذا حطب.
البأدلة: ما حول الصدر من اللحم، والجمع البآدل. وعن ابن الأعرابي دفف بالدال مثل ذفف.
آخر الجزء الثالث من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين

الجزء الرابع

حدثنا أحمد بن يحيى النحوي المعروف بثعلب قال: حدثني الفضل بن سعد ابن سالم قال: كان رجل يطلب العلم فلا يقدر عليه، فعزم على تركه، فمر بماء ينحدر من رأس جبل على صخرة قد أثر فيها، فقال: الماء على لطافته قد أثر في صخرة على كثافتها، والله لأطلبن! فطلب فأدرك.
حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن شبيب، قال حدثني زبير قال: حدثني الحزامى قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: كان يقال: لا يدرك العلم براحة الجسم.
قال: وقيل للأصمعي: كيف حفظت ونسى أصحابك? قال: درست وتركوا.
قال: وقال أبو العباس في قوله عز وجل: يكاد سنا برقه معناه يقارب. يقال سنا البرق يسنو، إذا أضاء. وهو مقصور؛ والسناء من المجد ممدود.
أنت أخانا أول ضارب، يأباه الفراء، ويجيزه الكسائي.
وأنشد:

أبوك الذي نبئت يحبس خـيلـه

 

غداة الندى حتى يجف لها البقل

قال أبو العباس: هذا يحمقه؛ لأن الندى إذا وقع على البقل تأكله الإبل فتموت. فيقول: أبوك ليس صاحب خيل. فمنها ظن أنه يضر الخيل، وليس يضرها، إنما يضر الإبل. وإذا وقع الندى على هذا البقل بعد جفافه يسمى النشر.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "إذا أخرج يده لم يكد يراها" قال: رآها بعد بطء. وقولك كدت أقوم، أي لم أقم؛ ولم أكد أن أقوم، أي قمت. وقال هنا: القول والاختيار أن يقال لم يرها ولم يكد. والفراء يقول: من دون ما هنا لا يراها.
قال أبو العباس: والعقال صدقة سنة في خبر أبي بكر رضي الله عنه: لو منعوني عقالاً. وأنشد في ذلك:

سعى عقالاً فلم يترك لنا سـبـداً

 

فكيف لو قد سعى عمرو عقالين

فأصبح الحي أوباداً ولـم يجـدوا

 

يوم التفرق في الهيجا جمالـين

قال أبو العباس في قوله عز وجل: "وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل" قال: أي اتخذت الناس عبيداً واتخذتني ولداً، كأنه اعترف بالنعمة.
"فجعله نسباً وصهراً" قال: النسب: القرابات؛ والصهر: الذي يصاهر من الغرباء. قال: والأحماء من قبل الزوج، والأختان من قبل المرأة، والأصهار يجمعهما. وإنما سموا أحماء من حموا أنفسهم أن يضاموا. ويقال حمو وحم، وحما وحمو. يقال هذا حموك وحمك وحماك وحموك. والأختان سموا أختاناً من قطع ماثم.
وأنشد:

يطعنهم سلكى ومخلوجة

 

كرك لامين على نابل

ويروى: كر كلامين كما تقول: افعل افعل. وكرك لأمين اللأمين: مثنى اللأم، وهو السهم إذا ريش. أي رميك سهمين فيمر واحد كذا وواحد كذا.
وفي الخبر: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المكامعة والمكاعمة قال: المكاعمة: أن يقبل الرجل الرجل على فمه. والمكامعة: المضاجعة، أن يضاجع الرجل الرجل. والكميع: الضجيع.
وأنشد:

وسيفي كالعقيقة فهو كمعى

 

سلاحي لا أفل ولا فطارا

العقيقة من البرق. ولا أفل: ليس به فلول. ولا فطار: انكسار، من الفطور.
 قال: والنهاة: الخرزة، وجمعها النها. والنهية والنهى: العقل.
قال أبو العباس: وزعم عثمان بن حفص الثقفي أن خلفا الأحمر أخبره أن هذا الشعر لابن الذئبة الثقفي، عن مروان بن أبي حفصة:

ما بال من أسعى لأجبر عظمـه

 

حفاظاً وينوى من سفاهته كسرى

أعود على ذي الذنب والجهل منهم

 

بحلمى ولو عاقبت غرقهم بحرى

أناة وحلماً وانتظاراً بـهـم غـداً

 

فما أنا بالفاني ولا الضرع الغمر

أظن صروف الدهر والجهل منهم

 

ستحملهم مني على مركب وعر

ألم تعلموا أني تخاف عرامـتـي

 

وان قناتي لا تلين على القـسـر

وإني وإياهم كمن نبه الـقـطـا

 

ولو لم تنبه باتت الطير لا تسرى

وقال أبو العباس: التمزيق غناء السفلة، هو الممرق.
يقال البوارى والبارى والبورى. وأنشد للشماخ: على الماء بارى العراق المضفرا ويقال مهاة ومهى، لماء الفحل في رحم الناقة، وحكاة وحكى: دابة مثل العظاية، وطلاة وطلى: الأعناق: وأنشد:

نكحتها من بنات الأوس مجزئة

 

للعوسج اللدن في أبياتها زجل

قال: تزوجتها على أن تقوم لي بهذا. قال: والعوسج والقتاد والشوك وأشباهه تعلف به الإبل وغيرها يطرحون فيه النار حتى يذهب شوكه وهدابه ثم يلقونه للإبل حتى تأكله. فقال: مجزئة تفعل هذا الفعال.
وقال الأصمعي: قيل لأعرابي: ما أرسح نساءكم? قال: نار الزحفتين. قال: هو من هنا، أن تشعل النار فتلتهب فتزحف عنها راجعة، وتخمد فتزحف إليها مقبلة. قال: يقول نكحتها مخافة أن تلد البنات فولدت بنات كثيرة ملأت منهن بيته. والعوسج اللدن، كانت العرب يعملون منه المغازل يغزل النساء بها فيكون لمغازلهن زجل. والزجل: الصوت.
في الخبر: اقرءوا القرآن ولا توسدوه، أي اعملوا به ولا تناموا عليه.
"إلا إبليس كان من الجن" قال: الجن صنف من الملائكة، وكل ما استتر يسمى جنا.
قال أبو العباس: الليل من عشاء الآخرة إلى الفجر. وقد قال قوم: هو من غروب الشمس إلى طلوعها.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين" قال: الفتنة: الاختبار.
وأنشد:

يقودون بي أن أعمرتني منـية

 

وينهون عني كل أهوج شاغب

يقول: أطالت عمري المنية، أي تأخرت عني.
أومن ينشأ في الحلية قال: الجواري.
عبد الله حدثني وعمرو قال: يكون نسقاً على ما في حدثني، ولا يكون على الأول. وقال: إذا وقع النسق والقطع والحال والاستثناء بين الفعل وصلته كان صواباً، وإذا وقع بين الاسم وصلته كان محالا.
"ويوم القيامة يكفرون بشرككم" قال: تكفر الآلهة ما أشركوهم به في الدنيا.
وقال أبو العباس: بعث بهذه الأبيات إلى المازني وقال: وأنشدني الأصمعي:

وقائلة مت بال دوسـر بـعـدنـا

 

صحا قلبه عن آل ليلى وعن هنـد

فإن تك أثوابي تمزقن لـلـبـلـى

 

فإنى كنصل السيف في خلق الغمد

وإن يك شيب قد علاني فـربـمـا

 

أراني في ريع الشياب مع المـرد

طويل يد السربال أغيد للـصـبـا

 

أكف على ذفراى ذا خصل جعـد

وحنت قلوصى من عدان إلى نجـد

 

ولم ينسها أوطانها قدم الـعـهـد

إذا شئت لاقيت القـلاص ولا أرى

 

لقومي أشباهاً فـيألـفـهـم ودي

وأمى الذي يرمون عن قوس بغضة

 

وليس على مولاي حدى ولا عمدي

إذا ما امرؤ ولـي عـلـي بـوده

 

وأدبر لم يصـدر بـإدبـاره ودي

ولم أتعذر مـن خـلال تـسـوءه

 

كما كان يأتى مثلهن على عـمـد

وذي نخوات طامح الرأس قاربـت

 

حبالي فأرخى من علابـيه شـدى

وأنشدنا عن الفراء:

ذراني من نجد فإن سنينه

 

لعبن بنا شيباً وشيبننا مردا

قال: هذا فيمن يجعل السنين اسماً واحداً.

سقى الله نجداً كيف يترك ذا الغنى

 

فقيراً وجلد القوم تحسبه عـبـدا

يريد أن عيشه عيش شديد، لابد أن يقوم بالمال فيه وإلا ضاع.
وأنشد عن ابن الأعرابي:

وحادر قال لي قولا قنعت به

 

لو كنت أعلم أني يطلع القمر

يقول: إن الصبي إذا رأى القمر يهش له.
وأنشد:

إذا ما طلبت شيمة غير شيمة

 

طبعت عليها لم تجبك الطبائع

وقال أبو العباس: إذا كان فعل يفعل فالمصدر منه مفعل مفتوح، كبر يكبر مكبراً، وعمل يعمل المعمل. قد يقال مكبر وهو قليل.
وقال: الزمخر: القصب.

ويوم الهرير شببنـا لـه

 

حريقاً يسعر في زمخر

وأنشد:

ما إن يزال ببغداد يزاحمـنـا

 

على البراذين أمثال البـراذين

أعطاهم الله أقداراً ومـنـزلة

 

من الملوك بلا عقل ولا دين

ما شئت من بغلة سفواء ناجية

 

ومن فعال وقول غير موزون

وأنشد:

قفا نثن أعناق الهوى لـمـربة

 

جنوب تداوى غل شوق مماطل

بمنحدر من رأس برقاء حطـه

 

مخافة بين من حبيب مـزايل

المربة: الدائمة الثابتة. يعنى الجنوب. وإنما خص الجنوب لأنها تهب من نجد خاصة. بمنحدر من رأس برقاء يعني عينه؛ لأن فيها سواداً وبياضاً. والمنحدر: الدمع.
وقال: ليس في الكلام فعلل إلا حرفان: درهم وهجرع.
وأنشد:

تربعت في عازب ممطور

 

ما بين أحفار إلى الممدور

أربعة قعساً من الشـهـور

 

حتى إذا ما صرن كالحدور

وطارت الأوبار عن طرور

 

وهم بادى الحي بالحضور

ونش ما القليب والـغـدير

 

وصعد المكاء في التعشير

هيجها بالجون والصـفـير

 

أصك صعلاً ليس بالغرور

قال: الصعل: الدقة في جلد الرأس.
وقال: الغرور أي الذي يغرها. وقال الغرور المصدر، والغرور الرجل، مثل الهبوط والهبوط.
وأنشد:

عجبت لهرة ذعرت بعيري

 

فأقبل كلبنا فرحا يجـول

يحاذر شرهاً جملى، وكلبي

 

يرجى خيرها ماذا أقـول

وسئل أبو العباس عن الفرق بين كيلا وكيما، قال: إذا كانت لا مع كي فهي جحد، فإذا كانت مع ما فهي صلة.
وأنشد لمالك بن عامر:

عمرت حتى مللت الـحـياة

 

ومات لداتي من الأشـعـر

أتت لي مئون فأفنـيتـهـا

 

فصرت أحلم للمـعـمـر

لبست شبابي فـأنـضـيتـه

 

وصرت إلى غاية المكبـر

وأصبحت مـن أمة واحـداً

 

أجول كالجمـل الأصـور

شهدت خزازى وسلانـهـا

 

على هيكـل أيد الأنـسـر

ونادمت ذا حرثـه حـقـبة

 

ومن بعده ولد الـمـنـذر

وأبرهة الخير في ملـكـه

 

ويفلل بالسرو من حـمـير

أتيت النبي عـلـى بـابـه

 

فبايعته غير مسـتـنـكـر

له فدعا لي بطول البـقـاء

 

وبالبضع الأطيب الأكـثـر

شهدت علـياً وصـفـينـه

 

بفتيان صدق ذوي مفخـر

إذا الحرب دارت بفرسانهـا

 

يقيمون منها صغا الأصعر

إذاما .... وا في الـوغـى

 

حسبتهم الجن من عبـقـر

ويوم الهرير شبـبـنـا لـه

 

حريقاً يسعر بالـزمـخـر

وبالقادسية فـي مـوقـف

 

يعرد عن مثله القـسـور

ويوم المدائن إذ أحجـمـت

 

فوارس أن يعبروا معبري

إذا أقبل الفرس نحوي على

 

خناذيذ تضبر بالـقـرقـر

فصرت درية أرمـاحـهـم

 

وخضت إليهم على الأشقر

فزودت أولـهـم ضــربة

 

وطاعنت من بعد بالسمهري

كأن الفتى لـم يعـش لـيلة

 

إذا صار رمساً على صوأر

وأطول عمر الفتى فـتـنة

 

فأطول بعمرك أو أقصـر

وقال أبو العباس: ظننت تقع لما مضى، ولما أنت فيه، ولما لم يقع. وخفت وخشيت لما لم يقع. وقد ألحقوا خفت بظننت فقالوا: وما خفت يا سلام أنك غائبي مثل ما ظننت. وكذلك: خفت لأدردن؛ مثل ظننت لأدردن.
وسئل أبو العباس عن قوله:

عودت كندة عادة فاصبر لها

 

اغفر لجاهلها ورو سجالها

قال: جعله ابتداء.
وسئل عن قوله:

لو أنك تلقى حنظلاً فوق بيضنا

 

تدحرج عن ذي سامه المتقارب

قال: يقول: قد تراصوا في الحروب، فلو ألقيت حنظلاً تدحرج على رأس كل رجل من كثرتهم. وقال أنك ترك الهمز.
وقال: الشنحف: الضخم. ويقال بعجت له بطني أي كشفت له سرى، وبعجت بطنه إذا شققت بطنه.

وقال ذو الخرق الطهوى- واسمه قرط يصف الذئب:

ألم تعجب لذئب بات يعـوى

 

ليؤذن صاحباً له باللـحـاق

حسبت مغام راحلتي عناقـاً

 

وما هي ويب غيرك بالعناق

وهاتف لأطريهـا حـفـيف

 

وزرق في مركـبة دقـاق

فلو أنى رميتك من قـريب

 

لعاقك عن دعاء الذئب عاق

ولكني رميتك مـن بـعـيد

 

فلم أفعل وقد أوهنت ساقي

عليك الشاء شاء بني تـمـيم

 

فعافقه فإنـك ذو عـفـاق

وأنشد أبو العباس لأبي محمد الحذلمي:

أمسى حبيب كالفريج رائخـاً

 

يقول هذا الشر ليس بـائخـا

بات يماشى قلصاً مخـائخـا

 

صوادراً عن شوك أو أضايخا

على طريق يجلخ المجالـخـا

 

... على ال... راه بـاذخـا

وقال أبو العباس: قال ابن عباس رحمه الله: ما فرحت بكلام بعد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل كلام كتبه إلي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن المرء ليفرح بما لم يكن ليفوته، ويحزن لما لم يكن ليناله. فاجعل فرحك وحزنك بما يقربك من الله.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم" قال: النخل والكرم وما أشبههما.
وأنشد: والبين ينعب ظبيه وغرابه جعل الظبي الذي يمر مثل الغراب.
وأنشد:

أدرك من أم الحكيم غـبـطة

 

بما خبرتني الطير أن قد أنالها

وأنشد:

جرت سنحاً فقلت لها أجيزي

 

نوى مشمولة فمتى اللقـاء

أجيزي أي جوزي. يقول: هذه نوى قد ذهبت بها. يقال مشمولة، إذا أصابتها شمال.
وأنشد أبو العباس لأحمد بن مية وقال: هو أحد الظرفاء:

يسب غراب البين ظلماً مـعـاشـر

 

وهم آثروا بعد الحبيب على القرب

وما لغراب البين ذنـب فـأبـتـدى

 

بسبي غراب البين لكنـه ذنـبـي

ويا شوق لا تنفذ ويا دمع فض وزد

 

ويا حب راوح بين جنب إلى جنب

ويا عاذلـي لـمـنـي افـتـنـى

 

عضيتكما حتى أغيب في الـتـرب

إذا كان ربي عالمـاً بـسـريرتـي

 

فما الناس في عيني بأعظم من ربي

"وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" يقال أجلبت على القوم، إذا اجتمعت أنا وهم.
واستفزز من استطعت قال استخفف.
وأنشد: ولست بجبأ يقول: ولست بجبان. قال: ويكون بجبأ: بجبه يجعل الهاء بدلاً من الهمزة. قال أبو العباس: ولست أحفظه. وذاك أنه سئل عنه.
قال أبو العباس: وزعم بعض من يصيد الطير أنه يحدث في كل سنة من الطير ما لم يكونوا يعرفونه قبل ذلك.
"أنا حملنا ذريتهم" قال: ذرية آبائهم.
وقال أبو العباس: يقال قط يا هذا، وقط يا هذا، وقط يا هذا، وقط يا هذا، وقط يا هذا، وقط يا هذا، وقط يا هذا جزم- وإذا شدد لم يكن يسكن- وقط يا هذا.
وقطني وقطى من كذا وكذا.
وقال أبو العباس: وزعم الفراء أنه سمع أعرابياً يقول قطن زيداً. وعند الفراء أنه إذا قال قطني فهو إضافة، موضع النون والياء خفض.
وأنشد:

يتقيها بقطك إذ باشر المـو

 

ت جديداً والموت شر جديد

قال: ويقال: بقدك، أي يتقى الضربة بقوله قطك.
وأنشد:

امتلأ الحوض وقال قطني

 

سلا رويداً قد ملأت بطني

قال أبو العباس: إذا ضموا هذه الحروف جعلوها مثل قبل وبعد، وإذا فتحوا فمثل ليت ولعل، وإذا خفضوا فمثل الأدوات.
وقال أبو العباس: الجبروت من الجبرية، وهي الكبر. والملكوت من الملكية، وهي الملك. وزادوا الواو والتاء ليكثروا الحروف.
أطول بعمر فلان، وأقصر بعمره، وأكرم بفلان، وأحج به: أي ما أطول عمره، يتعجب. وما أقصر عمره، وما أكرمه، وأحجاه. كأنه يعجب منه. وقوله: فأطول بعمرك أو أقصر أي وإن قال الناس ما أطول عمره وما أقصر عمره فمصيره إلى الموت والفناء.
"الشهر الحرام بالشهر الحرام" قال: هذا كافأهم لما دخل مكة، وقد كانوا منعوه في الشهر الحرام فحارب وقاتل جزاء لهم، وما كان له قبل ذلك.

وقال أبو العباس في قوله "بل عجبت ويسخرون": من نصب أراد بل عجبت يا محمد وهم يسخرون، ومن ضم قال ليس العجب من الله كمثله منا؛ لأنه قد علم قبل أن يكون، فهو بضد عجبنا. أي أريكم الآيات طول الزمان، فالعجب منكم ألا تفهموا. ثم قال بعد: هو منه رحمة، لو أنك خاطبت من لا يعلم ولا يفهم وأنت تعلمه، لقلت شبيهاً بالمتعجب: ليس بذاك، لا يفهم ولا يفهم، تعلمه ذلك رحمة منك له ورقة، ولا تزال توقفه. وقال أبو العباس: وقال الفراء: أرحم رجلين، فرجل يفهم ولا يطلب، ورجل يطلب ولا يفهم.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" قال: قد علموا ولكنهم يجحدون العلم والإقرار.
وقال في قوله عز وجل: "إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين: قال: من طريق الدين.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فانظر ماذا ترى" قال: ما تريني من صبرك. ويقال: كان ينظر ما رأيه ثم يعزم. و"ماذا ترى" ما تشير. و"ماذا ترى" ما تريني من أمرك.
ويقال عثر على أمره أي اطلع عليه؛ أعثرته: أطلعته.
ويقال حافر وأب، إذا كان مقعراً يدخل فيه كل شيء. ويقال في وأب واب بلا همز.
ولا أب لك، ولا بلك. والأصل التثقيل.
وقال أبو العباس: الفراء يقول: لدن غدوة ينصب ويرفع ويخفض. فتأويل الرفع لدن كان غدوة، وينصب بخبر كان، ويخفض بعند، أي عند غدوة. ويقال أيضاً إذا رفعت هي بمعنى مذ.
قال ويروى عن مطرف أنه قال: وجدت العبد ملقى بين الله وبين الشيطان، فإن لم يجذبه الله غلب عليه الشيطان.
ثياب قسية: منسوبة. وأنشد لمحمد النميري:

ولما رأت ركب النميري أعرضت

 

وكن من أن يلقـينـه حـذرات

فأدنين حتى جاوز الركب فوقهـا

 

ثياباً من القسـى والـحـبـرات

فقال عبد الملك لمحمد النميري: ما كان الركب يا محمد? قال: أحمرة عجافاً قد حملت عليها قطراناً من الطائف. فضحك، وأمر الحجاج أن لا يوذيه.
وسئل أبو العباس: لم يقال خفت أنك قائم، ولا يقال خفتك قائماً إذا كان قياساً على ظننت أنك? فقال: إنما يقال ضارع الحرف إذا أشبهه في حرفين وثلاثة، ليس في الباب كله. قال: خفت تكون للاستقبال، وظننت للثلاث الحالات.
وقال أبو العباس: كانت السحرة يجعلون السحر تحت كرسي سليمان، لما فقد، فلما مات صلى الله عليه وسلم أخرجت اليهود السحر فقالوا: بهذا كان سليمان يعمل. فكانوا يعملون به وصار سنة لهم.
وقال أبو العباس في قوله صيحة واحدة ما لها من فواق: أي من إفاقة، أي إقلاع.
وأنشد عن ابن الأعرابي:

يا حبذا القامة والوجه الحسن

 

وهيئة القد وإشراق البـدن

قلت لها والعقل مني لم يبن وأنشد أبو العباس لأبي الخطاب عمر بن عيسى البهدلي، قال أبو العباس: كان في عصر هارون الرشيد:

ضجت ولجت في العتـاب والـعـذل

 

صخـابة ذات لـســان وجـــدل

لو صخبت شهـرين دأبـاً لـم تـبـل

 

وجعلت تكثر مـن قـول الـعـلـل

حبك للبـاطـل قـدمـاً قـد شـغـل

 

كسبك عن عـيالـنـا قـلـت أجـل

تبـرمـاً مـنـى وعـياً بـالـحـيل

 

ويحك قد ضعفت عن ذاك الـعـمـل

ونـكـس الـشـيخ قـفـاه وسـفـل

 

وضعفـتـت قـوتـه فـقـد ذبـل

والناس قد قالوا علـيك بـالـبـصـل

 

وجـزراً نـياً وهـلـيونـاً فـكـل

والبيض تحسوه وبالبـيض الـمـثـل

 

وافل العصافـير بـزيت لا بـخـل

والحبة الخضراء كلهـا بـالـعـسـل

 

والجوز والخشخاش عنـه لا تـسـل

واشرب نبيذ الصـرفـان لا الـدقـل

 

فقلت عزم عاجـل فـهـل عـمـل

ترضى به ذات الخضاب والـحـلـل

 

قالوا عسى قلت عسى في است الجمل

مالي وضرب القلعـى ذى الـخـلـل

 

علـى دواء دغـل مـن الـدغــل

قال أبو العباس: الخلل: جلود السيوف. ويقال مالي وزيد وزيداً، ولا رفع. وكلام العرب: مالي والباطل. وأنشد:

يا قوم مالي وأبـا ذؤيب

 

كنت إذا أتوته من غيب

يشم عطفي ويبز ثوبـي

 

كأنما أربـتـه بـريب

رجع

قد صرت أخشى أجلي قبل الأجل

 

ومات أخداني الألى كنت أصـل

وصرت كالنسر الذي قيل انتقـل

 

فقال أفنى لبداً حتـى حـجـل

وامار عنه ريشه فـقـد نـسـل

 

لم يطق النسر الـدهـارير الأول

أما ترين البهـدلـي قـد نـحـل

 

وصار يمشي مشية فيها خـطـل

على ثلاث أرجل فيهـا عـصـل

 

واحدة في كـفـه مـن الأسـل

كسرطان البحر يمشي في الوحل

 

 

تمت وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير" قال: يدعو على ابنه وقرابته بالموت وهو لا يشتهي ذاك.
وقال في قوله: "ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" قال: يعلمون أنهم أتوا مالا ينبغي.
وقال في قوله تعالى: "ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم" قال: قد علم قبل ذاك، ولكن أراد أن نعلم نحن.
وقال في قوله: "سبحان ربك رب العزة": تفرد بالبقاء والعزة.
وقال: السلام والسلامة: البقاء؛ والسلام: الله عز وجل.
قال: وسميت الجنابة جنابة لتجنب الرجل ما كان عليه.
وقال في قوله: "وشجرة تخرج من طور سيناء": هي الزيتونة. تنبت بالدهن قال: الاختيار فتح التاء. وتنبت لا يحتاج إلى باء، وهي قليلة في اللغة، إنما يقال خرجت به وأخرجته، وذهبت به وأذهبته.
واحتج له الفراء بقوله: خذ الخطام وخذ بالخطام، فجعل الخطام مفعولاً بهذا وترك الباء.
وقال: من قرأ "آتوني أفرغ عليه قطراً": أراد آتوني قطراً أفرغ عليه. ومن قصر قال الفراء: إنما أراد هذا المعنى، ولكنه ترك الهمز، وإذا ابتدأ قال ائتوني بلا مد على ترك الهمز. ومن هذه اللغة يقولون آئدم موضع آدم، بطرح الألف الأولى. وحمزة جعل الممدود والمقصور واحداً.
"وأذنت لربها وحقت" أذنت: استمعت. وحقت، قال الفراء: وحق لها أن تفعل.
وقال: قال لي سلمة: أصحابك ليس يحفظون. فقلت: كلا، فلان حافظ. فقال : يغيرون الألفاظ ويقولون لي: قال الفراء كذا وقال كذا، وقد طالت المدة وأجتهد أن أعرف ذا. فلا أعرفه، ولا أدري ما يقولون.
"دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً قال: أي دعانا متكئاً، أو في هذه الحال، أو في هذه الحال.

لما رأين الشمط القفندرا

قال: هو الشيب في القفا.
"حم عسق" قال: اسم من أسماء الله، وكان على يعرف بهذا العين. سئل: كيف كان يعرف بهذا العين? قال: لا أدرى.

مجلس

قال أبو العباس أحمد بن يحيى: ما يعجبني أن يقوم إلا زيد. قال: مثل هذا كثير في القرآن، وهو بمعنى غير. قال: والعرب تقول: ما كائن إلا قائماً، تذهب به مذهب غير.
وأنشد:

لقينا بهم أطفالهم وكهولهـم

 

عليهم سرابيل الحديد المسرد

حدثنا أبو العباس ثنا عمر بن شبة ثنا ابن عائشة قال: سمعت أبي يقول: قيل ليحيى بن الحكم بن أبي العاص: ما بال عمر بن عبد العزيز، ومولده مولده، ومنشؤه منشؤه، جاء على ما رأيت? قال: إن أباه أرسله وهو شاب إلى الحجاز سوقة يغضب الناس ويغضبونه، ويمخضهم ويمخضونه. والله لقد كان الحجاج وما عربي أحسن مه أدباً، فطالت ولايته، وكان لا يسمع إلا ما يحب، فمات وإنه لأحمق سيئ الأدب.
قال أبو العباس: ثنا ابن شبة، قنا ابن عائشة قال: سمعت أبي يقول: كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابنه عمر: أن تزوج بنت إبراهيم بن محمد بن طلحة. قال: فتزوجها، فكتب بذلك إلى أبيه، فكتب إليه: تزوج بنت عمها وأنت أنت. قال: فخطب إلى عمها ابن معمر بنته فزوجه. قال وكان إبراهيم يدخل بين الخصوم، فقال عمر لبنته: قولي لأبيك يكف عن الدخول. قال: فكان لا يكف عن ذلك. قال: فدخل على ابنته فقال كيف: زوجك? قالت: بخير. قال: فكيف عيشك? قالت: تأتينى مائدة غدوة أصيب منها أنا ومن حضرني، وأخرى عشية أصيب منها أنا ومن حضرني. قال: أو مالك خزانة تعولين عليها إن لم يك مسلم بأضعاف ذلك? قالت: لا. فأرسل إليها ما يحمله الرجال أولهم عندها وآخرهم في السوق. فسأل عمر عن ذلك فأخبرته، فملأ خزانتها بعد.
حدثنا أبو العباس قال ثنا عمر بن شبة قال وثنا عائشة قال: حدثني سعيد بن عامر، ثنا جويرية بن أسماء، قال: كان نافع إذا حدثنا عن أسلم قال: حدثنا أسلم مولى عمر، الأسود الحبشي أما والله ما به عيب، وإن كان لرجلاً صالحاً، ولكن بلغني أن بنيه ادعوا. حدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، ثنا ابن عائشة، قال: حدثني سعيد بن عامر. عن جويرية قال: اقتسم عبد الله وعبد الله ابنا عباس داراً، فقال عبد الله: يا غلام إن أخي قد ترك لي ذراعاً فأقم حبلك. فقال عبيد الله: دع لأخي ذراعين. فقال: يا غلام، إن أخي قد ترك لي ذراعين، فأقم حبلك. فقال: يا أخي كأنك تحب أن تكون الدار كلها لك? قال: نعم. فقال: هي لك.
حدثنا أبو العباس ثنا عمر بن شبة. حدثني ابن عائشة قال: سمعت أبي يقول: كانت دار محمد بن سليمان لرجل من بني مخزوم، فوفد إلى هشام فقال: يا أمير المؤمنين إن دار عبد الله بن نافع بن الحارث في وجه دارى، فائذن لي أن أقدم داري حتى تستوي بها. فقال: وأين دارك? قال: في مربد البصرة. قال: لا والله، ولا تشتري.
حدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، حدثني ابن عائشة، حدثني أبي قال: كان حرب، وابن جدعان، وهشام بن المغيرة، يجلسون دائماً حرباً بينهم، فمات أولهم وقعد أبو سفيان مقعد أبيه. فسكت عبد الله بن جدعان. قال هشام: إن أباك لم يقعد بيننا إلا أنه كان خيرنا. فو الله ما عاد.
وأنشد:

حتى إذا أشرف في جوف جبا

قال: وكان أنشده الفراء وقد أخطأ في إنشاده على الإضافة، إنما في جوف جبا يصف حماراً. جبأ: رجع وجوف: اسم واد.
ويقال: بعير ذب، إذا كان لا يتقار في موضع إذا دخل الريف وأنشد:

وكأننا فيهم جمال ذبة أدم طلاهن الكحيل وقار

ويقال: ما بها كنيع، ولا دبيج، ولا لاعى قرو. والكانع: الداني الثابت؛ وكنع: دنا.
وأنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي:

وموضع زبن لا أريد مبيتـه

 

كأني به من شدة الروع آنس

قال أبو العباس: فقال له شيخ عنده: ليس كذا أنشدتنا يا أبا عبد الله! قال: كيف أنشدتك? قال: وموضع ضيق قال: يا سبحان الله، تصحبنا منذ كذا وكذا، لا تعلم أن زبن وضيق واحد.
المدماك: الدرجة سافاً بعد ساف.
أجزته إجازة وأقمته إقامة، جاءوا بالهاء عوضاً مما ألقوا.
ويقال لذت به لياذاً، إذا احتصنت به، ولاوذته لواذاً، إذا حدت عنه.
وقال الفراء: قال لي أعرابي بمنى: القصار أحب إليك أم الحلق فجاء به على الأصل.
وقال الله عز وجل: "وكذبوا بآياتنا كذاباً" وهو في أكثر الكلام معدول به عن جهته.
وأنشدنا أبو العباس لابن زياد في إسحاق بن إبراهيم الموصلي:

نزورك يا ابن الموصلي لحاجة

 

ونفعك يا ابن الموصلي قلـيل

وقال أبو العباس: قالت العرب: إنما سمينا الملدوغ سليماً لأنه أسلم لما به. وقال بعضهم: سميت المفازة مفازة تفاولأ، أي ينجو وقال ابن الأعرابي: مهلكة؛ يقال فاز يفوز وفوز، إذا مات. ويقال فاد يفيد إذا تبختر؛ وفاد يفود، إذا مات. وابن الأعرابي وغيره يقولهما في الموت. وأنشد:

فإن كنت لا أدري الظباء فإنني

 

أدس لها تحت التراب الدواهيا

وهذا مثل، يقول: إني أصطاد النساء لا الظباء الدريئة بالهمزة: الحلقة يرمى فيها المتعلم ويطعن. والدرية بلا همز: الناقة ترسل مع الوحش ليأنس بها ثم يستتر بها ويرمي الوحش؛ وهي الدرية، والذريعة، والسيقة، والقيدة يعني الناقة. وسئل أبو العباس عن العفطى مم أخذ? فقال: يقال عفط ونفط، إذا تكلم بكلام لا يفعهم. ويقال العافطة والنافطة. والعفط: الضرط؛ والنفط من الأنف. ويقال العافطة: الضأن، والنافطة: المعز.
وأنشد:

رأيتك في الوراد كالمسهب الذي

 

إذا عطشوا يوماً فمن شاء أوردا

خذامية آدت لها عجوة القـرى

 

وتخلط بالمأقوط حيساً مجعـدا

ويقال: نرته، أي أفزعته. وأنشد:

إذا هم ناروا وإن هم أقبلوا

 

أقبل مسماح أريب مسقل

يريد: مسلق.
وأنشد:

أنورا سرع ماذا يا فـروق

 

وحبل الوصل منتكث حذيق

وأنشد مثله للحطيئة:

أعدو القمصى قبل عير وما جرى

 

ولم تدر ما خبرى ولم أدر مالها

عدو القمصى: أي فيه نزو. أي فرت منى أول ما أتني. والعير نظر العين.
وتقول: مررت برجل حسن الوجه، وحسن الوجه.
وأنشد لأبي زبيد يصف السبع:

كأن أثواب نقاد قدرون له

 

يعلو بخملتها كهباء أهدابا


وهدابا. قال: الرواية أهدابا. النقاد: صاحب النقد، وهي الغنم الصغار. يعني كأن عليه فرواً يعلوها بخملة. ويريد: كهباء أهدابها، من قولك مررت برجل حسن آباوه، ومررت بقوم حسن الأباء، ثم تقول: حسن آباؤهم، لما نقلها فجعل الفعل للأول وترك الثاني.
وأنشد:

فليت رجالاً فيك قد نذروا دمى

 

وحموا لقائي يا بثين لقـونـي

إذا ما رأوني طالعاً من ثـنـية

 

يقولون: من هذا، وقد عرفوني

أي يتجاهلونني وهم بي عارفون.

فكيف ولا توفى دماؤهم دمى

 

ولا مالهم ذو ندهة فيدونـى

ذو تدهة: أي سعة. والندهة تكون الزجر.
النجه: الاستقبال بما يكره. وأنشد:

ولغيرك البغضاء والنجه

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: وقولهم إنا قتلنا المسيح قال: إذا تم الكلام فالكسر لا غير، وإذا لم يتم الكلام فالكسر والفتح جميعاً. قول إن زيداً قائم ون زيداً قائم، ومن قولي إن زيداً قائم، لا غير.
ثم دنا فتدلى قال: يقال: تدلى فدنا، مقدم ومؤخر، وهو واحد. ويعنى جبريل عليه السلام. فأوحى إلى عبده إلى محمد ما أوحى الله به إلى جبريل. قاب قوسين قاب، وقدى، وقيد واحد. وأنشد:

على عهد كسرى أنعلتكم ملوكنا

 

صفاً من أضاخ حامياً يتلهـب

قال: أمشوهم عليه حتى قتلوهم.
وفي الخبر موضع يده بين كتفى، قال: هو مثل قولك: الشئ في يدى.
بالأفق الأعلى قال: استوى هو ومحمد بالأفق الأعلى بأعلى المواضع. "لما خلقت بيدي قال: يقال الشئ في يدي ويدي، ونظرت إليه بعينى وبعينى، إذا كان الواحد يدل على الاثنين والاثنان يدلان على الواحد جاز هذا.
العضم: شئ يكون في الفخ، ويقال مقبض القوس. قال: ولا أظنني سمعته، وأحسبه في شعر الحطيئة.
ثم استوى إلى السماء قال: الفراء وأصحابنا يقولون؛ أقبل عليها. وآخرون يقولون: استولى.
فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم م العلم أي من علم محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا يكتمونه. ومثله: فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
رب أوزعني: أي ألهمني.
قال أبو العباس: والأوقات تضاف ولا تضاف، فتقول: زيد ضارب اليوم عمراً، وضارب اليوم عمراً. وكذلك في الصفات زيد ضارب خلفك عمراً وضارب خلفك عمراً. وفي المصدر تقول: هو الضارب الضرب الشديد عمراً.
ذواتي أكل خمط قال: نبت يعرفونه.
المقسط: العادل. والقاسط: الجائر.
وعندنا كتاب حفيظ قال: هو القرآن كله في اللوح المحفوظ أنزل الله منه ما شاء.
ومن قرأ يخربون أراد أكثوا الخراب. ومن قال أخربوا أراد قللوا الخراب.
وكرمت وأكرمت واحد، وعلمت وأعلمت. وأنشد:

لقد علمـت أم الأديبـر أنـنـي

 

أقول لها هدى ولا تذخرى لحمى

أي أكثري الهدايا. وأنشد للأخطل:

أولئك عين الماء فيهم، وعندهم

 

من الخيفة المنجاة والمتحول

قال: لأن الماء يحيى الناس.
والعرب تقول: ظل يومه، وبات ليلته، وطفق وعلق ونشب وجعل، لا يقال على الانفراد حتى يقول: يفعل ذاك، أي لا تقل طفق وتصمت وأنشد:

نبئت أخوالي بنى يزيد

 

بغياً علينا لهم فـديد

فديد: صوت شديد. ويزيد، رفع على الحكاية، حكاية المستقبل. يقال مررت بيزيد، ورأيت يزيد.
وأنشد:

أنا ابن جلا وطلاع الثـنـايا

 

متى أضع العمامة تعرفوني

ويروى وطلاع الثنايا فمن رفع جعله مدحاً لابن، ومن خفضه جعله مدحاً لجلا، فاعلم. والعمامة تلبس في الحرب وتوضع في السلم. وجلا: انكشاف الأمر.

وإني لا يعود إلى قرنـي

 

غداة الروع إلا في قرين

أي لا يجيئني إلا وهو وآخر زوج.

وماذا يبتغي الشعراء منـى

 

وقد جاوزت رأس الأربعين

قال: كسر نون الأربعين لأن العدد ليس له واحد، فجاء به على الأصل.
وأنشد:

إني أبى أبى ذو محافظة

 

وابن أبي أبى من أبيين

قال: والفأر الأسود الأعمى واحده خلد، وجمعه مناجذ. الفخت والساهور: الدارة حول القمر. والهالة، والندأة للشمس. القحمة: ركبو الخطأ والشدة.
أقحم الأعراب: إذا أصابتهم شدة وجدب.

مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كسراب بقيعة" منه لكرونه ثم أدغمت الواو في الياء، وإذا جعلها من السر فهي فعلية. يذرؤكم فيه معناه يكثركم فيه أي في الخلق. وذرية وذرية جميعاً من ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءاً وكان ينبغى أن يكون مهموزاً، ومن قال هي من الذر قال ذرية لا غير، ولا همز، وإنما ضمت قياساً على نسبة أشباهها، مثل دهرى منسوب إلى دهر، وما كان مثله.
وفي الحديث: "نهى عن الذبح بالظرر" وقال: هي الحجارة المحددة، الجمع الظرار والظران والظران.
قولهم: جاءني ثلاثة فصاعداً، فأما أهل البصرة فيقولون: صعد صاعداً، ونحن نقول: هو مثل قوله: وحفظاً، ونقوله بالواو والفاء وثم، وسيبويه لا يقوله بالواو، والمعنى في الثلاثة الأحرف واحد.
وتقول: أتيت عبد الله ومحسناً فمحسناً وثم محسناً، أي أتيته في هذا الحال.
قال: ويقال في القليل: لخمس خلون ومضين وبقين، وفي الكثير: لاثنتي عشرة خلت ومضت وبقيت، وهو الاختيار، وتجوزان في معنى واحد.
وقال: قيل لابن الأعرابي: ما أطيب الخبز? قال آدمه. قيل: فما أطيب اللحم? قال: عوذه: ما عاذ بالعظم.
الرجل المفرح: المثقل بالدين.
وفي الحديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً قال أبو العباس: لا يجزيه إلا بالحمد وأخرى. قال أبو إسحاق بن جابر: شيخ من أهل الفقه: فما تقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا قطع إلا ربع دينار فصاعداً? قال: القطع في الربع فما زاد. قال: فهلا قلت مثل ذلك في الحمد أنها تجزى وحدها?! قال أبو العباس: السنة تقضي على اللغة، واللغة لا تقضي على السنة وظن أنه جاء خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تجزى الصلاة بالحمد وحدها فقيل له: إن السنة لم تجئ بهذا. فقال إن كان هذا كان فالقول فيهما واحد.
وحكى عن أبي زيد صيت مرة من المرية، وحكى أيضاً من المربة. الوجار للضباع، وللظباء وجار أيضاً.
وسئل أبو العباس عن قوله عز وجل: وإذا العشار عطلت قال: العشار أي التي أتى لحملها عشرة أشهر، فجاءت القيامة فعطلت لم تنتج، تركها أهلها وقد دنا خيرها، وهي أنفس ما عندهم إذ قد دنا ولادها.
ويقال ما بها لاعق قرو أي لاعق ما ويقال لاعى قرو. واللاعى من اللعو. والقرو: أصل النخلة ينقر ويجعل فيه الماء.
اللمم: دون الحد.
وأنشد:

إذا أكلت سمكاً وفـرضـا

 

ذهبت طولاً وذهبت عرضا

الفرض: تمر من تمر اليمامة.
وأنشد:

وكأن ظعن الحى مدبرة

 

نخل بزارة حملها السعد

السعد: ضرب من التمر أيضاً.
وفي الخبر: إذا أكلتم فرازموا أي اخلطوا بين العسل والسمن واللحم وغيره من الإدام، أي لا تأكلوا إداماً واحداً أبدا. وقال آخرون: رازموا: أي اخلطوا ذكر الله بين اللقم.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "واتخذتموه وراءكم ظهرياً" الهاء تعود على ذكر الله عز وجل، أي ألقيتموه وراء ظهوركم لم تعبئوا به.
وقال أبو العباس: أنشدني السدرى وأبو العالية:

تقول بنتي وقد قربت مرتحلاً

 

يا أبت إنك والأنصاب مقتول

خلفتنا بين قوم يظهرون بنـا

 

أموالهم عازب عنا ومشغول

أنت ظاهر به، إذا كان عدة للسفر. وبعير ظهر، إذا كان يشتكي ظهره. وقال: الرهط: الأب الأدنى وأهل البيت.
ويذرك وآلهتك جمع إلهك. وإلاهتك: أي عبادتك. ومن قرأ وإلاهتك أراد أنك تعبد ولا تعبد. ومن قرأ: وآلهتك أراد التي تعبدها. وفرعون أخذ من الفرعون: الرجل إذا بلغ الغاية من العتو. وإذا تمرد سمى نمرودا. ونمروذ بالذال وأهل البصرة يقولون نمرود بالدال.
الحاقة: القيامة. العاب: العيب. سدرة المنتهى: لا فوقها ذهاب، هي غاية الأفق. قد علمنا ما فرضنا عليهم: أي قد علمنا الفرض الأول وزدنا فرضاً آخر.
وقال أبو العباس: قال أبو عمرو: العرج: غيبوبة الشمس.
وأنشد:

حتى إذا ما الشمس همت بعرج

وتقول: عوذ بالله منك، يعني أعوذ بالله منك.
وأنشد:

قالت وفيها حيدة وذعر

 

عوذ بربى منكم وحجر

والعرب تقول عند الأمر ينكرونه: حجراً أي دفعاً، وهو استعاذة من الأمر. ويقال افلت فلاناً عوذاً، أي خوفه فلم يضربه، أو ضربه يريد قتله فلم يقتله.
وأنشد:

لقد فدى أعناقهن المحـض

 

والدأظ حتى مالهن غرض


أي كانت لهن ألبان يقرى منها، ففدت أعناقهن من النحر. وقال الدأظ: الامتلاء.
وقال: الأرباض: الجبال، واحدها ربض. وقال: الرفض: النعم المتبدد. إبل رافضة: متبددة.
وأنشد:

سقياً بحيث يهمل المـعـرض

 

وحيث يرعى ورعى وأرفض

قال: المعرض: النعم الذي وسمه العراض، خط في الفخذ عرضاً. والورع: الضعيف. أرفض: أدعها تبدد في المرعى.
وقال حفضت العود حفضاً: حنيته.
وأنشد:

إما ترى دهراً حناني حفضا

وقال: القبص: وجع يصيب الكبد من أكل التمر على الريق ثم يشرب عليه الماء.
وأنشد:

أرفقة تشكو الحجاف والقبص

 

جلودهم ألين من مس القمص

ويروى أرفعه.
والوقص: دق العنق. والوقص: قصر العنق. والوقص: دقاق العيدان تلقى على النار. يقال: وقص على نارك.
وأنشد:

لا تصطلى النار إلا مجمراً أرجاً

 

قد كسرت من يلنجوج له وقصا

آخر الجزء الرابع من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين

الجزء الخامس

حدثنا أحمد بن يحيى النحوي المعروف بثعلب، ثنا زبير قال: كان الرشيد يستنشد أبي كثيراً قول أبي جندب الهذلي:

يا مسك ردى فؤاد الهائم الكمـد

 

من قبل أن تطلبي بالعقل والقود

أما الفؤاد فشئ قد ذهبـت بـه

 

فلا يضرك ألا تحرزي جسدي

ما زال فينا قتيل يستطـب لـه

 

من حب زينب قلباً ليلة الأحـد

حزت الجمال ونشراً طيباً أرجاً

 

فما تسمين إلا مسكة الـبـلـد

وحدثنا أبو العباس، ثنا زبير، حدثني مبارك الطبري قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت أمير المؤمنين المنصور يقول لأمير المؤمنين المهدي: يا أبا عبد الله، لا تبرمن أمراً حتى تفكر فيه، فإن فكرة العاقل مرآة تريه قبيحه وحسنه.
حدثنا أبو العباس، حدثني زبير، حدثني مبارك الطبرى قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت أمير المؤمنين المنصور يقول للمهدي: يا أبا عبد الله، الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل. وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.
حدثنا أبو العباس قال: قال معاوية لعمرو بن العاص: من أبلغ الناس? قال: من اقتصر على الإيجاز وتنكب الفضول. قال: فمن أصبر الناس? قال أردهم لجهله بحلمه.
قال: والعرب تقول: رأيت نبلاً كأن متونها متون الحيات ومتون المزاود.
ويقال إنه لغضيض الطرف، نقي الظرف، أي ليس بخائن.
قال الأصمعي: أول العلة وأول البرء.
وقال الأصمعي: تزوج أعرابي امرأة فقيل له: كيف وجدتها? قال: رصوفاً رشوفاً أنوفاً. قال: رصوفاً: بفرجها ضيق. ورشوقاً: طيبة القبل. وأنوفاً: تأنف مما لا خير فيه.
وحدثنا أبو العباس قال: وقال أعرابي لعبد الله بن جعفر: لا ابتلاك الله ببلاء يعجز عنه صبرك، وأنعم الله عليك نعمة يعجز عنها شكرك.
قال: وكان يقال: ما استنبط الصواب بمثل المشاورة، ولا حصنت النعم بمثل المساواة، ولا اكتسبت البغضاء بمثل الكبر.
وحدثنا أبو العباس قال: قال ابن الأعرابي: حدثني سعيد بن سالم قال: حدثني عبد الكريم بن مسلم -قال أبو العباس: هذا عمه- قال: خرجنا إلى الشام إلى الوليد بن يزيد، حين بايع لابنيه: الحكم، وعثمان. قال: فخرج وفود أهل البصرة ليهنئوه وأهل الكوفة، قال: وكنا في موضع واحد. قال: وخرج معنا شيخ باذ الهيئة، قبيح الفعل. قال: فكنا إذا نزلنا ذهب يشرب، فيمسى سكران، ويصبح مخموراً، فتمنينا فراقه، فلم نزل منه في غم حتى وردنا الشام. قال: وهيأنا الكلام. قال: ثم غدونا على الوليد، قال: فتكلم الناس فأحسنوا. قال: ودخل الشيخ على حالته تلك فتكلم فقال: أراك الله يا أمير المؤمنين في بنيك ما أرى أباك فيك، وأرى بنيك فيك ما أراك في أبيك. قال: فاستوى جالساً فقال: أعد كلامك. فأعاده، ففضله علينا في الحباء والجزاء.
وأنشد:

وإني لمكرام لمكرم نـفـسـه

 

وأبتذل الـذي لا يصـونـهـا

متى ما تهن نفسي على من أوده

 

أهنه ولا يكرم على مهينـهـا

وقال أبو العباس: يقال فلان حسن الشارة والشورة، إذا كان حسن الهيئة؛ وفلان حسن الشورة، إذا كان حسن اللباس. وفلان حسن المشوار، إذا كان ذا منظر. وليس لفلان مشوار، أي منظر. وقال الأصمعي: حسن المشوار، أي مجربه حسن حين تجربه. ويقال لمتاع البيت الشوار والشوار. وشوار البيت أيضاً. والشوار لمتاع الرحل. ويقال شورت إليه بيدي، وأشرت، ولوحت وألحت أيضاً. وشرت الدابة أشورها شوراً، إذا قلبتها، وكذلك الأمة، وشورتها وأشرتها؛ وهي قليلة. ويقال إنه لصير شير، أي حسن الصورة والشورة. ويقال شورت بالرجل؛ إذا أخجلته، وقد تشور هو. والشوار: الفرج، يقال أبدى الله شواره. وقد بدا شواره أي مذاكيره، وكذلك شوار المرأة. والنشوار: ما يبقى من علف الدابة؛ يقال نشورت إذا أبقت. ويقال شررت الثوب واللحم وأشررت، وشررت، وشريت اللحم والثوب. وأنشد بعض الرواة للراعى:

فأصبح يستاف الفـلاة كـأنـه

 

مشرى بأطراف البيوت قديدها

ويقال إشرارة من قديد. وأنشد:

لها أشارير من لحم تتـمـره

 

من الثعالي ووخز من أرانيها

أراد بالثعالي: الثعالب. وأرانيها: أرانبها. والوخز: الخطيئة الشئ بعد الشئ. تتمرده: تقدده. ويقال: هذه أرض بنى تميم وفيها وخز من بني عامر أي قليل. وأنشد:

سوى أن وخزاً من كلاب بن مرة

 

تنزوا إلينا من نقـيعة جـابـر

ويقال: ما حفرت إلا قعدة رجل حتى أعينت، أي حتى بلغت العيون.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "يجد في الأرض مراغماً، أي مضطرباً ومذهباً. وراغم الرجل أهله، إذا تباعد عنهم وفارقهم.
استأسد الأسل، إذا ارتفع؛ وكل شئ أستأسد فهو مرتفع.
وأنشد:

حتى تحنى وهو لما يذبل

 

مستأسداً ذبانه في غيطل

وقال: ما أحد إلا قائم، قال: ليس له معنى. ولا يقال في العربية إلا موقع أحد إلا على الكل. وأنشد:

وما أحد إلا إلى الله راجع

الرائب: السقط الناقص النفس من القوم. والجمع الروبى. وأنشد:

فألفاهم القوم روبى نياما

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "ما بعوضة فما فوقها" يقال دونها وهو قليل، وتكون ما صلة؛ وما فوقها، أي أكبر منها، أجود.
وقال أبو العباس: ملثه يملثه ملثاً، إذا وعده كأنه يرده عنه وليس ينوى له وفاء. وقد ملثه بكلام، إذا طيب نفسه.
وأنشد:

نعم أخو الخصب ونعم المنقل

 

وقد جبينا وجبيتم فأسـالـوا

تخبروا أي جبانـا أفـضـل

 

ومن إذا نادى الفريح المثقل

قال: الفريح والمفرح: المثقل بالدين أو بالشئ؛ والمفرح: الذي لا عشيرة له. والمنقل: الذي يصلح بين الناس، والجبا: ما جبيت؛ وهو من المقلوب الهجاء.

يجيبه جابه مـن لا يخـذل

 

بالشول لا تنفى ولا تبـدل

تقرن في الأقران أو تعقل

 

 

تشد بالحبال في أعناقها.
وأنشد:

عددت للحوض إذا ما نضبا

 

بكرة شيزى ومقاطاً سلهبا

وحبشـيين إذا تـحـلـبـا

 

قالا نعم، قالا نعم، وصوبا

تحلبا: عرقا من التعب. قالا: نعم يلزم العمل ونصبر. وصوبا: صوبا الدلو إذا استراحا بعد جهد. ويروى: ثوبا، أي رجعا إلى العمل. وأنشدنا أبو العباس لأبي محمد الحذلمى:

إن لها في العام ذي الفتوق

 

وزلل النية والتصـفـيق

رعية رب ناصح شفـيق

 

تراه تحت الفنن الـوريق

يشول بالمحجن كالمحروق

 

إذا تناولن لسـجـح روق

تنتاش كل دوحة سحـوق

 

ضاربة في الماء بالعروق

يكلن كيلاً ليس بالمحـوق

 

إذا رضى المعاز باللعوق

قال: الفتق: الخطيطة المجدبة تكون بين أرضين ممطورتين ولم يصبها شئ من المطر. وقال: المحروق مشاط القتاد وهو أن يحرك إذا جمع منه شئ كثير تلقى فيه النار ولا تحرقه، تعلف به الإبل. وقال: قال أبو عمرو: ولا يكون هذا محروقاً، إنما يكون محرقاً؛ وقال: المحروق: الذي أصاب القصبة التي في حق الورك شئ فتخمع منه. يقال قد أحرق فهو محروق، كما قالوا أديم مصحوب، وهو الذي فيه الشعر أو بعضه، كما قال لبيد:

الناطق المبروز

جعلها سجحاً لسعة خدودها. وجعلها روقاً لطول أسنانها من فتائها. وقال: الدوحة: الكبيرة من الطلح. وقال: المعاز: صاحب المعز. واللعوق من اللعقة، وهو اللبن القليل يلعقه الولدان من قلته، لا يقدرون على شربه.
وأنشدنا أيضاً لأبي محمد الحذلمى:

يا سعد غم الماء ورد يدهمه

 

يوم تلاقى شاؤه ونعـمـه

واختلفت أمراسه وقـيمـه

 

فإنما أنت أخ لانعـدمـه

فأبلنا منك بلاء نعـلـمـه

 

فقام وثاب نبيل محـزمـه

لم يلق بؤساً لحمه ولا دمه

 

ولم تبت حمى به توصمه

لم يتجشأ من طعام يبشمـه

 

يدك مدماك الطوى قدمـه

وأنشدنا أبو العباس:

من يذق الحرب يجد طعمها

 

مراً وتتركه بجـعـجـاع

قال: كل موضع سوء فهو جعجاع.
جاء القوم بقضهم وقضيضهم، أي أجمعهم، ويقال بقضهم بالكسر. "لا تثريب عليكم اليوم" أي لا تذكر ذنوبكم، يقال ثرب عليه إذا ذكر ذنوبه.
ويقال: أكلنا داذياً يقبض.
وقال: عولت عليه، اتكلت عليه.
وقال: متت إليه برحم ماسة، أي دانية.
وقال: أنت زيداً ضروب، يأباه أصحابنا؛ لأنه لا يتصرف. ومثله مضراب وضراب أيضاً. وأهل البصرة يجيزونه.
قال تأويله على حرد أمسلا مسحلها تهلوكا. أي على حرد أهالكم مسحلها.
"على أعقابكم تنكصون" يقال نكص، إذا رجع إلى خلفه.
وقال: سيف برند، إذا كان أثره قديماً. وأنشد:

أحملهـا وعـلـجة وزادا

 

وصارماً ذا شطب جـدادا

سيفاً برنداً لم يكن معضادا

 

 

وأنشد:

فليت غداً يكون غرار شهر

 

وليت اليوم أيامـاً طـوالا

قال: غرار شهر: مثل شهر.
وقال: جرح غبر، إذا كان جوفه فاسداً. وقال: امرأة كرعى، أي دقيقة الساق.
وأنشد:

صمصامة ذكره مـذكـره

 

يطبق العظم ولا يكـسـره

ويترك الجرح بعيداً مسبره

 

أعيا على الآسى بعيداً غبره

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: وزرابى مبثوثة قال: الزرابى: الطنافس، واجتها زربية.
ويقال لطرف السهم: القطبة، ويقال للحديدة التي تدور عليها الرحى: قطبة، والقطبة من السهم: موضع يدخل فيه الوتر. واللهوة: ما يطرح في الرحى من الطعام.
وقال: جاء رجل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذاك الأمغر المرتفق. فالأمغر: المشرب الحمرة؛ والمرتفق: الذي قد اعتمد على مرفقه.
وأنشد:

للفتى عقل يعيش بـه

 

حيث يهدى ساقه قدمه

قال: ابن الأعرابي يقول: إن اهتدى للرشد علم.
وقال:

لا تملأ الدلو وعرق فيها

 

ألا ترى حبار من يسقيها

عرق: لا تملأها كثيراً. الحبار: هيئة الإنسان، ألا ترى هيئته ليس يقوى عليها?! قال: يخاطب الساقى. وعرق: اترك فيها بقية حتى يقوم عليها. ثم قال: ألا ترى حبار من يسقيها، أي هيئته.
وأنشد:

مسيخ مليخ كلحم الحـوار

 

فلا أنت حلو ولا أنت مر

المليخ: الذي لا طعم له.
وأنشد:

ألا يا نخلة من ذات عرق

 

برود الظل شاعكم السلام

شاعكم: تبعكم.
ويقال: انسحقت أسنانه من طول أكله حتى تبلغ الدردر، أي أصول الأسنان. وقد درد فوه مثل ما يقال له إذا سقطت أسنانه.
وقال أبو الجارح: رجل أقط وامرأة قطاء? وقال: الظلمة: الملة: الخبزة في النار. وقال: الطرمة والطرامة: ما يجف على فم الرجل من ريفه.
وأنشد:

إجل أن الله قد فـضـلـطـم

 

فوق من أحكى بصلب وإزار

أي بعدد وقوة. ومن أحكأ صلباً بإزار، أي فضلكم على الخلق أجمعين. أحكأ: عقد. ورواية أخرى:

فوق ما أحكى بصلب وإزار

قال: الصلب: القوة. والإزار: العفة. وأحكيه: معناه أصف.
وأنشد:

رقاق النعال طيب حجزاتهـم

 

يحيون بالريحان يوم السباسب

أي إنهم أعفاء. ويوم السباسب: عيد لهم.
قال: ويقال: إذا سقيته فأحنذ، أي أقب الماء وأكثر النبيذ، أي أخفس له. معنى أحنذ، قال: هو من كلام الشطار، أي أقل الماء حتى يسكر.
ويقال إنه لقريب السربة، أي قريب المذهب. وقال: السرب: النفس والأهل. وآمن في سربه أي في نفسه وأهله. والسرب: المال الراعى. خل سربه، أي طريقه. قال: هذا هو الوجه، وقال: فلان واسع السرب، أي الصدر. ويقال: أتيته حين جن رؤى رؤيا، ورأى رأيا، أي اختلط الظلام.
وأنشد:

علقتها عرضاً وأقتل قومهـا

 

زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم

أي إني أحبها فلا أقتل قومها، هذا لا أفعله، أي هذا قول ليس بقول. وعرضاً، معناه عرضت لي فلم أطلبها.
وقال: جاءت الإبل هطلى: مطلقة ليس معها سائق.
قال: وجاء أعاربي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أكلتنا الضبع، فدعا لهم. وهي السنة المجدبة الشديدة.
وأنشد:

سقى الله فتياناً ورائى تركـتـهـم

 

بحاضر قنسرين من سبل القطـر

ثووا لا يريدون الرواح وغالـهـم

 

من الموت أسباب جرين على قدر

يذكرنـيهـم كـل خـير رأيتـه

 

وشر، فما أنفك منهم على ذكـر

وقال: الأحق: الدابة الذي يضع رجليه في موضع يديه.
والشئيت: الذي يجوز رجلاه يديه؛ وهما عيب. والأقدر: الذي يضعهما حيث ينبغي.
ويقال: رجل مشمعل، إذا كان سريعاً. وقال: الهاجن: التي حمل عليها قبل أن تبلغ. والهجائن: الخيار. ويقال: كعكعه عن الورد، إذا نحاه.
وقال: كل مناخ سوء فهو جعجاع.
وأنشدنا أبو العباس، قال: أنشدنا ابن الأعرابي:

لا خير فيه غير ألا يهتدي

 

وأنه ذو صولة في المزود

وأنه غير ثقيل في الـيد

 

 

قوله: غير ثقيل في اليد يقول: إذا بللت به لم يصر في يدك منه خير، ولا خير عنده.
قال: وأنشدني أعرابي من بهدلة:

أعطى فأعطاني يداً ودارا

 

وباحة، خولها، عقـارا

قال: اليد ها هنا: جماعة قومه وأنصاره.
ويقال: دخل في غمار الناس وخمارهم، وغمرهم وخمرهم. ويقال: اجعل لعجينك خمرة وخمرة الطيب أيضاً. وقال لي البهدلي: الباحة ها هنا: جماعة النخل.
قال: والشفاوى من اليرابيع: الطويل الأذنين عارى البراثن.
والتدمرى: مكسو البراثن شعراً كالشفارى. والشفارى يلحق سريعاً، والتدمرى لا يكاد يلحق.
ويقال: عرقت الكأس، إذا مزجتها؛ وصرفتها: مزجتها.
وأنشد:

عادية الجول طموح الجم

 

جيبت بجوف حجر هرشم

تبذل للجار ولابن الـعـم

 

إذا الشريب كان كالأصم

وعقد اللـمة كـالأجـم

 

 

وأنشد:

أوردها سعد على مخمسـا

 

بئراً عضوضاً وشناناً يبسا

من ذات آرام تجنب العسا

 

إني إذا وجه الشريب نكسا

وآض يوم الورد أجنا أقوسا

 

أوصى بأولى إيلى لتحبسا

حتى تطيب نفسه ويأنسا

 

 

وقال مقدام بن جساس الدبيرى:

كأنها وقـد بـدا عـوارض

 

والليل بين قنـوين رابـض

بجيزة الوادى قطاً نواهض

 

 

وأنشد أبو المقدام:

ألا بـك الـنـجــأة يا رداد

 

من ذود عجلى الجلة الجـلاد

من كل ذات كدنة مـقـحـاد

 

كأنما تنحى علـى الـقـتـاد

والشوك حد الفأس والمعضاد

 

 

قال: المعضاد، مثل المنجل ليست له أشر -والأشر: الأسنان- يربط. نصابها إلى عصاً أو قناة ثم يهصر الراعى بها على غنمه أو إبله فروع الشجر.
اللحياني قال: يقال فيه سلاخة وملاخة. ويقال مليه سليه. ورجل ممتلخ العقل وممتشله، أي ذاهبه.
ويقال: بخ بخ وبه به، إذا عظمت إنساناً، وعابس كابس. وحكى عن أعرابي: ما تصنع في ماكتك وغطاك وسواك وأورمك.
وأرغمه وأدغمه: قال رغماً دغماً شنغماً.
ويقال: فعلت ذاك عن رغمه وشنغمه، ومعناه كله واحد.
ويقال: إنه لفظ بظ. وله من فرقه كصيص وأصيص، أي انقباض وذعر.
ويقال: يوم عك أك، إذا كان شديد الحر مع لثق واحتباس ريح.
ويقال: هو لك أبداً سمداً سرمداً. وإنه لشكس لكس، أي عسر. ويقال للخب الخبيث: إنه لسملع هملع، وهو من نعت الذئب. وإنه لأحمق بلغ ملغ، وإنه لمعفت ملفت، إذا كان يعفت كل شئ ويلفته، أي يدقه ويكسره. ويقال قد عفت عظمه. ويقال: إنه لسغل وغل، بين السغول والوغول. وما عنده تعريج على أصحابه ولا تعويج، أي إقامة.

مجلس

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل: وكانوا فيه من الزاهدين أي كانوا من الزاهدين فيه، أي اشتروا على زهد منهم.
قال:

كأن متنيه من الـنـفـي

 

مواقع الطير على الصفى

قال: يصف ساقياً. يقول: كأن الماء لما جف على ظهره ذرق الطائر؛ لأنه قد ابيض، فشبهه به.
 ويقال: شهى الرجل واشتهى، بمعنى واحد.
وقال: الأمر بالمرض والفزع والموت لا معنى له، أي قولك للرجل: امرض، وافزع، ومت، إلا على طريق السب مثل: مت بغيظك، وما أشبه ذلك.
وقال: العرب تقول: عجبت من قراءة في الحمام القرآن، أي من أن قرئ في الحمام. والقرآن إذا نويت ما لم يسم فاعله رفعت، وإذا أشرت إلى الفعل نصبت.
وأنشد للمرار:

أأن هب علـوى يعـلـل فـتـية

 

بنهلة وهنا فاض منك المـدامـع

فهاج جوى في القلب ضمنه الهوى

 

ببينونة ينـأى بـهـا مـن تـوادع

وأصبحت مهموماً كأن مـطـيتـي

 

بجنب مشولى أو بوجرة ظـالـع

لنفسي حديث دون صحبى وأصبحت

 

تزيد لعينى الشخوص السـواجـع

أمر تجع لـي مـثـل أيام حـمة

 

وأيام ذي قار علـى الـرواجـع

وقاتلتـي بـعـد الـذمـاء وعـائد

 

على خبال منـك مـذ أنـا يافـع

ليالي إذ أهلـي وأهـلـك جـيرة

 

وسلم وإذ لم يصدع الحي صـادع

نسر الهوى إلا إشـارة حـاجـب

 

هناك وإلا أن تشـير الأصـابـع

فما لك إذ ترمـين، يا أم هـيثـم،

 

حشاشة نفسي، شل منك الأشاجـع

لها أسهم لا قاصرات عن الحشـى

 

ولا شاخصات عن فؤادي طوالـع

فمنـهـن أيام الـشـبـاب ثـلاثة

 

ومنهن سهم بعد ما شبـت رابـع

عسى زيد قائماً، قال: لم يجئ إلا في قوله: عسى الغوير أبؤساً قال: قال الفراء: عسى لا يقاس. ولا يستحسنها ولا يجيزها إلا مع أن.
وأنشدنا أبو العباس، قال: أنشدنا عبد الله بن شبيب:

فمن يحمد الدنيا لحسن بـلائهـا

 

فسوف لعمري عن قليل يلومها

إذا أقبلت كانت على المرء فتنة

 

وإن أدبرت كانت كثيراً همومها

وأنشد أبو العباس عن عبد الله بن شبيب:

بأى الخلتين عليك أثـنـى

 

فإني عند منصرفي مسول

أبالحسنى وليس لها ضـياء

 

على فمن يصدق ما أقول

وأنشدنا ابن مقسم بيتاً ثالثاً:

أم الأخرى فلست لها بأهل

 

وأنت لكل مكرمة فعول

وأنشدنا أبو العباس أيضاً عن عبد الله بن شبيب:

في كل بلوى تصيب المرء عافية

 

إلا البلاء الذي يدنى من النـار

ذاك البلاء الذي ما فيه عـافـية

 

من العذاب ولا ستر من العـار

وأنشدنا عن عبد الله بن شبيب:

ود رجال من تـمـيم وغـيرهـم

 

من التيم لو أخزى ولو أتضعضع

وما ذاك من جرم إليهـم أتـيتـه

 

ولا حسد عنى لهـم يتـطـلـع

ولكن رزق اللـه عـبء رأيتـه

 

ثقيلاً على من ليس بالرزق يقنع

ولو فقدت تيم مقامي ومشـهـدي

 

وخط لأوصالي من الأرض أذرع

ونابتهم إحدى ملمـات دهـرهـم

 

تمنى حياتي من يعق ويقـطـع

وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا عبد الله بن شبيب، قال: أنشدني زبير لبرذع بن عدى الأوسى:

لعمر أبيها لا تقـول خـلـيلـتـي

 

ألا إنه قد خاننـي الـيوم بـرذع

وأحفظ جارى أن أخالط عـرسـه

 

ومولاى بالنكـراء لا أتـطـلـع

وأبذل مالي دون عـرضـى إنـه

 

على اليسر والإعدام عرضى ممنع

وإني بحمد الله لا ثـوب عـاجـز

 

لبست ولا من خـزية أتـقـنـع

وأنشد:

وأنت الذي خبرت أنك راحل

 

غداة غد أو رائح بهـجـير

فقلت: يسير بعض شهر أغيبه

 

وما بعض يوم غبته بيسـير

وأنشد:

ألم تعلمى يا عصم كيف حفيظتى

 

إذا الشر خاضت جانبيه المجادع

أفر حذار الشر والشر تاركـي

 

وأطعن في أنيابه وهو كـالـح

وقال أبو العباس: إنما أثبت الهاء في قولهم يا زيداه، للوقوف. ويا زيد ورجل الظريفين يجوز. قال: ولا يجوز رجل أقبل، كما يجوز: زيد أقبل، لأن الرجل ينصرف فيما لا ينصرف فيه زيد.
وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا ابن الأعرابي:

إذا حسر اليوم العماس عن استه

 

فلا يرتدي مثلى ولا يتعـمـم

يقول: ألبس ثياب الحرب ولا أتجمل. والعماس: الشديد.
 ويقال: تركت البلاد تحدث، أي تسمع فيها دوياً. وتركت البلاد تجدع وتجادع أفاعيها، أي يأكل بعضها بعضاً، وليس ثم أكل، ولكنها تقطع.
وأنشد:

إذا وقعت فقعى لـفـيك

 

إن وقوع الظهر لا يطنيك

يريد الدلو. يقولك إذا وقعت على ظهرها انشقت فلم يبق فيها ماء ينفع ويقال: ضربه لا تطنى، أي لا تلبثه حتى تقتله.
وأنشد:

أخذمت أم وذمت أم مالـهـا

 

أم صادفت في قعرها خبالها

يقال: وذمت الدلو: انقطع وذمها.
وأنشد:

دلو تمأى دبغت بالحـلـب

 

أو بأعالى السلم المضرب

بلت بكفى عزب مـشـذب

 

إذا اتقتك بالنفي الأشهـب

فلا تقعسرها ولكن صوب

 

 

تقعسرها: تعازها. وتمئيها: تمددها.
وأنشد:

قد أنزع الدلو تقطى في المرس

 

توزغ من ملئ كإيزاغ الفرس

تقطيها: خروجها قليلاً قليلا.
والإمراس: إخراج الحبل إذا نشب في الممرس، وهو مجراه في البكرة.
وأنشد:

بئس مقام الشيخ أمرس أمرس

 

إما على قعو وإما اقعنسـس

وحدثنا أبو العباس قال: قال ابن الأعرابي: قيل لامرأة: أي الرجال أبغض إليك? قالت: المعتر النزاء، القصير النساء، الذي يضحك في بيت جاره، وإذا آوى في بيته وجم. قيل: فأي النساء أبغض إليك? قالت: الطلعة، القبعة الحديدة الركبة، القبيحة النقبة، الحاضرة الكذبة. قيل: ثم ماذا? قالت: والتي إن غدت بكرت، وإن حدثت نثرت، وإن صخبت صرصرت. قيل: ويلك ما تركت في النساء خيراً! قالت: بلى قد تركت خيراً وشراً. قيل: ثم ماذا قالت: التي تأكل أكلاً لما، وتوسع الحي ذماً. قيل: فأي الرجال زوجك? قالت: كجذع النخلة السبحلة المشذب، من مبيه شال، إن دخل فهد وإن خرج أسد، لا يسألني عما عهد.
وقال رجل لابنه يوصيه: يا بنى، إياك والرقوب، الغضوب القطوب، الغلباء الرقباء، اللفوت الشوساء، المنانة، الأنانة، الحنانة، واعلم أن من النساء جماعاً تجمع، وربيعاً تربع، وخروجاً تطلع، توهى الخرق ولا ترقع. يعني بالرقوب: التي تراقبه أن يموت فترثه. الغلباء الرقباء: الغليظة الرقبة. واللفوت: التي عينها لا تثبت في موضع واحد، إنما همها أن يغفل عنها فتغمز غيره. والشوساء: المتشاوسة النظر من التيه. والمنانة: التي تمن على زوجها بمالها. والحنانة: التي تحن إلى زوجها.
وقال اللحياني: يقال: رجل إنزهو ومرأة إنزهوة وقوم إنزهوون، إذا كانوا ذوى زهو. ويقال: سرينا سرية من الليل وسرية، وأخرجنا ببلجة من الليل وبلجة، وسدفة وشدفة، وهو الشدف والسدف، ودلجة ودلجة، وبعضهم يقول: الدلجة، فيها جميعاً.
وسمعت أبا سليمان الأعرابي يقول: الليل دلجة من أوله إلى آخره. قال: أي ساعة سرت من أول الليل إلى آخره فقد أدلجت، ويقال: خرجنا بعد هدء من الليل، وأفاويق من الليل، وبعد قطع وقطعة وقطيع من الليل، وخرجنا بغطاط من الليل وغطاط، وهما السحر.
ويقال: نفشت الغنم تنفش: تفرقت، ولا يكون النفش إلا بالليل، ويقال: مهلت الغنم، إذا رعت بالليل أو بالنهار على مهلها. ويقال: قد أرعى الله الماشية يرعيها إرعاء، وأخلاها وأحياها، إذا أنبت لها ما تأكل من الرعى.
والخلا، والواحدة خلاة. والرعى هو اسم الذي يرعى ويؤكل، والرعى الفعل. ويقال: ما رعيت إلا على نفسك، أي ما أبقيت. ويقال: أرعني سمعك، أي استمع إلى. وراعنا سمعك، وهو من قوله عز وجل: لا تقولوا راعنا، وللجمع راعونا أسماعكم. وقرأ ابن مسعود: لا تقولوا راعناً أي كذباً وسخرياً وحمقاً.
وكذا: أنقه لي سمعك، مثل أرعني. وقد نقهت الحديث بالكسر أنقه نقها بالتثقيل ونقوهاً، ونقهت حديثك أنقه نقوهاً بالفتح. ويقال: نقهت من المرض أنقه نقوهاً بالفتح لا غير.
ويقال: ما أدهنت إلا على نفسك، أي أبقيت. ويقال: ما عنده من جائبة خبر ولا مغربة خبر، أي طريفة. وقول الله عز وجل: أرأيتك هذا الذي كرمت على قال أبو العباس: العرب تقول: أرأيتك وأرأيتكما وأرأيتكم، وكذا المؤنث: أريتك وأريتكما وأريتكن، بفتح التاء وتثنية الكاف وجمعها للمؤنث والمذكر، هذا في جميع العربية يختاره الكسائي. قال الفراء: إذا كان بمعنى أخبرني فأتبعه الاستفهام، فيقولون: أريتك زيداً هل قام، وأين هو، ومتى ذهب? وادعى الفراء أن الكاف قامت مقام التاء، فلذلك وحدوا التاء وثنوا الكاف وجمعوها وربما همزه. قال الكسائي: إنما تركوا الهمز ليفرقوا بينه وبين رأى العين. وقال الكسائي: الكاف موضع نصب. وقال أهل البصرة: الكاف لا موضع لها، إنما هي للخطاب. هذا قول أهل العربية أجمعين.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل آلم الله: حركة الميم مما اختلف الناس فيه، فقال الفراء: هو ترك همزة الألف من الله ثم وصله. وقال الكسائي: حروف التهجي يذهب بها ما بعدها: زاى ياء دال ادخل وزاى ياء دال اذهب، يذهب بها مذهب الحركات التي بعدها. وقال أهل البصرة: للإدراج، ولو أراد أن يدرج آلم ذلك جاز له الحركة، ولم يسمع هذا إذا كان ما بعده متحركاً.
وقوله سبحانه مختلف في تأويله؛ لأن تأويله الإضافة عند الفراء وهو تنزيه وضع موضع المصدر، في الأصل سبحت تسبيحاً وسبحاناً، فإذا أسقطت الكاف فتح. وأنشد:

سبحان من علقمة الفاخر

قال الفراء: طلب الكاف ففتح. وقال أهل البصرة: لم يجره. وهذا باطل، لأنهم قد أنشدوا:

فسبحانا فسبحانا

بالنصب. فيجوز فلا يكون نكرة، وما أضيف فأسقط فلا يكون نكرة.
وقوله عز وجل: "أفما نحن بميتين" هذا الألف استفهام منهم تعجباً.
وقال: المقصور ما لم يمد، ياء وواو قبلها فتحة، مثل قفا ومرعى. والممدود، مثل عطاء وكساء. والسالم: الذي ليس من بنات الياء والواو.
وقال: الرجس والرجز، لغتان: العذاب.
ويقال: نشب يعمل كذا، وطفق، وعلق، إذا أخذ فيه.
وأنشد:

وكأن برقع والملائك تحتها

 

سدر تواكله قوائم أربـع

قال: برقع: السماء، لما فيها من النجوم، تسمى برقعاً. وصف ثوراً شبه السماء به.
وأنشد:

ليت الديار إذا تحمل أهلها

 

درست فلم يعلم لها بمكان

قال: هذا مثل

ألا ليت المنازل قد بلـينـا

 

فلا يبكين عن شزن حزينا

لا كقوله:

إن الديار وإن تقادم عهدها

 

مما تهـيج الأحـزانـا

وأنشد أبو العباس قال: أنشدنا هذه أصحابنا عن الغساني عن الأصمعي:

تشكى إلى الدار غيبة أهـلـهـا

 

وبي مثل ما بالدار إذ غيب الأهل

تقول جلا أهلى فأوحشت بعدهـم

 

فقلت اليلى قد جلت مع من يجلو

ويروى: وليلى.
ويقال: آض يئيض أيضاً، إذا رجع. نائبة: مصيبة. ما توجيها: ما تشكيها. ويقال أخذه عنوة طاعة وعن غير طاعة. وأنشد:

فما أسلموها عنوة عن مـودة

 

ولكن بحد المرهفات استقالها

فجاء بالمعنيين جميعاً.
وأنشد لقطن بن نهشل، يرثى أخاه جندل بن نهشل:

ذاك أبـو لـيلـى أتـانـي نـعـيه

 

فكادت بي الأرض الفضاء تضعضع

كساقـطة إحـدى يديه فـجـانـب

 

يعاش به مـنـه وآخـر أضـلـع

ويضعف عن أن يظلم الناس حقهـم

 

وفي حق من لاقى الزمانة مطمـع

إذا أخـوان آذنـا فـتـفـرقـــا

 

فأغنى غناه الميت فالحـى أضـيع

فلا يبعدنك الله خـير أخـي امـرئ

 

إذا جعلت نجوى المـئين تـصـدع

وقال أبو العباس: فارس يطل عنده دم الناس: لا يدرك بدم الناس.
وحدثنا أبو العباس، ثنا عبد الله بن شبيب، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامى، قال حدثني سعد بن عمرو، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسنداً ظهره إلى الكعبة في الجاهلية، وهو يقول: يا معشر قريش، إياكم والزنى، فإنه يورث الفقر.
وأنشدنا أبو العباس للحسين بن مطير الأسدي:

قضى الله يا أسماء أن لست زائلاً

 

أحبك حتى يغمض العين مغمض

 

فحبك بلوى غير أن لا يسوءنـي

 

وإن كان بلوى أنني لك مبغـض

 

فيا كبداً من لوعة الـحـب كـلـمـا

 

ذكرت ومن رفض الهوى حين يرفض

ومن عبرة تـذرى الـدمـوع وزفـرة

 

تقضقض أطراف الحشا حين ننهـض

إذا ما صرفت القلب في حب غيرهـا

 

إذا حبـهـا مـن دونـه يتـعـرض

فيا ليتني أقرضت جدلاً صـبـابـتـي

 

وأقرضني صبراً عن الشوق مقـرض







وأنشدنا أبو العباس:

تأتى أمور فلا تدري أعـاجـلـهـا

 

خير لنفسك أم مـا فـيه تـأخـير

فاستقدر اللـه خـيراً وارضـين بـه

 

فبينما العسـر إذ دارت مـياسـير

وبينما المرء في الأحياء مغتـبـطـاً

 

إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير

يبكى عليه غـريب لـيس يعـرفـه

 

وذو قرابته في الحـي مـسـرور

حتـى إذا لـم يكـن إلا تـذكــره

 

والدهـر أيتـمـا حـال دهـارير

وحدثنا أبو العباس، حدثنا غير إنسان عن بعض الثقات، أنه رأى رجلاً يدفن وأهله مسرورون، فتعجبت من فرح من يدفنه، فسمعت هذه الأبيات، فقال لي رجل: أتدري من يقول هذه الأبيات? قلت: لا. قال: هذا الميت ينشدها. يعني هذه الأبيات التي مضت.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا" قال: كل نبي بعض بالإسلام.
وأملى علينا: جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحتكمون إليه، فقالوا: في كتابنا أن لا تقتل الرؤساء بغيرهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "باطل، ليس هذا في كتاب الله فقالوا: إن حكمت بهذا وإلا لم نقبل. فأنزل الله عز وجل: "وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط".
وقال أبو العباس: العسيف: الأجير.
وقال في قوله عز وجل: "إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات قال: ضعف عذاب الحياة وذعف عذاب الممات.
ويقال: إنه لمونق إذا كان يعجبه هذا وذا.
الجداد: أسفل الثوب وأنشد:

والليل غامر جدادها

"قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى". يقال فيها على ضربين: إحداهما: تودوني في العرب أي تحفظوني في العرب، لأنه ليس بطن من العرب إلا وقد ولدته، والأخرى أن تحفظوا قرابتي. ثم قال فيها لما روى في المسائل فجمع القول وجاء بالمعنى، قال: أن تودوني في قرابتي بكم، أو تودوا قرابتي في.
وقال أبو العباس: يقال: جزم الرجل، إذا أكل أكلة واحدة في اليوم والليلة.
"فلا يخاف ظلماً ولا هضماً، أي ولا كسرا. يقال انهضم الطعام، إذا انكسر في بطنه؛ وهضمه: كسره.
الخزرج: ريح الجنوب.
المؤمن المهيمن قال: المؤمن: المصدق بالعبادة. والمهيمن: القاءم على كل شئ.
"يحسبهم الجاهل أغنياء" قال: الجاهل: الذي جهل أمور نفسه. "وهو مليم" قال: ألام يليم، إذا أتى ما يلام عليه.
وأنشد:

أحبه حبـاً لـه سـوارى

 

كما يحب فرخه الحبارى

السوارى الشدة من الشئ والارتفاع، أي يزيد على الحب ويرتفع، أي يحب حتى يحمق. وأنشد في معناه:

وكل خنزير يحـب ولـده

 

حتى الحبارى ويزف عنده

أي يعلمه الطيران كما يعلم العصفور ولده.
"فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً" قال: السفيه: الذي لا يحسن شيئاً، ولا يحسن أن يقرأ ولا يكتب، إذ لم يتعلم. والضعيف: الضعيف العقل، ويقال: الصبي والمرأة.
وأنشد:

فاذكرى موقفي إذا التقت الخي

 

ل وسارت إلى الرجال الرجالا

أي سارت الخيل الرجال إلى الرجال.
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أي لم يلبسوه بغيره.
"أسفل سافلين" و"أسفل السافلين" يقال: الهرم، ويقال: النار.
وقال أبو العباس: في "لإيلاف قريش" أقوال، قال الفراء: تكون لام تعجب، أي اعجبوا لهذا. وقال: "فجعلهم كعصف مأكول لهذا. وقال: هي من صلة: فليعبدوا رب هذا البيت" قال: ومعنى لإلاف قريش إيلافهم؛ يجعل مثل أنبتكم نباتاً، رده إلى الأصل.
وأنشد أبو العباس في معنى ما رد عن أصله:

أئن ذكرتك الدار منزلها جمل

 

بكيت فماء العين منهمل جل

أراد نزول جمل إياها. وأنشد مثله:

أظليم إن مصابكم رجلاً

 

أهدى السلام تحية ظلم

أراد إصابتكم فقال: مصابكم.

وكأن غالية تباكرها تحت الثياب إذا صغا النجم

قال: النجم الثريا إذا مالت بالغداة، وهو وقت تتغير فيه الأفواه.

أقصدته وأراد سلمكم

 

إذ جاءكم فليهنه السلم

قال أبو العباس: لما أن قال أبو بكرة: أشهد إنه لزان، قال عمر: أجلده، قال له على رضى الله عنهما: إذا فارجم صاحبك لأنك قد اعتددت بشهادته فصارت شهادتين، وإنما هي شهادة واحدة أعادها، فلا جلد عليه.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "الذي أنقض ظهرك" قال: الذي تسمع لصوته نقيضاً من ثقله. "ورفعنا لك ذكر" قال: لا أذكر إلا ذكرت معي.
قال: الوزر: كل ما احتمل الرجل على ظهره. وإنما سمى الوزير وزيراً لأنه يحمل أثقال صاحبه، وهو ها هنا حمل الإثم. "حتى تضع الحرب أوزارها. قال: تسقط آثام أهلها عنهم، أي إذا قاتلوا فاستشهدوا وضعت أوزارهم ومحصت عنهم الذنوب.
"ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين". قال: فقيل ليبعد الله ويذهب ذنوب المؤمنين.
"وقدموا لله قانتين". قال: القنوت: أصله القيام، وهو ها هنا الخضوع.
"الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة". قال أبو العباس: كانت البغايا تؤاجر نفسها، فقال أصحاب الصفة، وكانوا ممن يتزوج بهن ويأكل مما يكسبن، فأنزل الله عز وجل: "الزاني لا ينكح إلا الزانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين".
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "إلى المرافق" قال: هي مثل حتى للغاية، والغاية تدخل وتخرج. يقال ضربت القوم حتى زيداً، يكون زيد مضروباً وغير مضروب فيؤخذ ها هنا بالأوثق.
وقال أبو العباس: "هذان خصمان اختصموا في ربهم قال: كان الخصمان واسطة القلادة من الفئتين يوم بدر. والخصم يكون واحداً ويكون جمعاً.
وقال في قوله عز وجل "فدكتا دكة واحدة" قال: أخرج الجبال في لفظ الواحد مع الأرض، لقوله هذه أرض وهذه جبال، فأخرجها على هاتين، كقوله تعالى: "ولله الأسماء الحسنى" ولم يقل الحسن ولا الحسنيات، ولو قال دككن لجمعه، تخرج لفظ الجمع بلفظ الواحد.
يقال: هؤلاء وأولئك، للقليل، وهذه وتلك، للكثير، وهؤلاء النسوة، للقليل، وتلك، للكثير. وإنما ذكر القليل وأنث الكثير لأن القليل مثل الواحد والكثير مثل الجمع. يقال: هذا رجل وهؤلاء رجال. كذلك إذا قال: لإحدى عشرة خلت، ولاثنتي عشرة خلت، ولعشر خلون، فأنث الكثير وذكر القليل. وقرأ: "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم" فأنث الكثير وذكر القليل. وحدثنا أبو العباس قال: قال الكسائي: كنت أتعجب من العرب، تقول: لعشر مضين ولإحدى عشرة مضت.
قال أبو العباس: ووعدنا يكون من واحد، وواعدنا م اثنين. ويقال: وعدته خيراً وشرا، وإذا لم يذكر الخير ولا الشر قيل في معنى الخير: وعدته، وفي الشر: وعدته. وفي بعض اللغات أوعدته بالشر. وأنشد:

أوعدني بالسجـن والأداهـم

 

رجلى ورجلى شثنة المناسم

قال: وسئل أبو العباس عن مصدر شثنة، بينه ماذا? قال: الشثونة. وقال: قال الفراء: إذا لم يسمع في المصدر شئ يشترك في الفعل والفعول. وقال أبو العباس: لأنه أصل المصادر. وأنشد في ذلك:

تقول لي ابنة البكرى ليلى

 

أنى منك الترحل والذهوب

قال: والعرب تقول: إيه، بمعنى حدثنا، وإيهاً كف، وواهاً: تعجباً، وويهاً: إغراء. وأنشد:

واهاً لريا ثم واهاً واها

أما قول ذى الرمة:

وقفنا فقلنا إيه عن أم سالـم

 

وما بال تكليم، الديار البلاقع

فإنه ترك التنوين وبنى على الوقف، ومعناه إيه حدثنا عن أم سالم.
وأنشد:

فيالك من وجه أسيل ومنطق

 

رخيم ومن خلق تعلل جادبه

أي ذامه. في الخبر: "جدب لنا عمر السمر أي ذمه. وأنشد لسلامة بن جندل:

كنا نحل إذا هـبـت شـآمـية

 

بكل واد حطيب البطن مجدوب

شامية: تأتي من نحو الشمال. حطيب البطن: لا شئ فيه إلا الحطب. أي نقيم على دار الحفاظ لئلا نحالف فنذل، ونصبر على الجدب حتى يأتي المطر. ويكون مجدوباً مذموماً ومعيباً.

شيب المبارك مدروس مدافـعـه

 

هابى المراغ قليل الودق موظوب

والدياس والدراس واحد. والمدافع: مدافع الماء إلى الأودية، وهي بطون الأودية وفيها يبقى الكلأ. وهابي المراغ: يرتفع ترابه. قليل الودق: لم يصبه مطر.

يقال محبسها أدنى لمرتعهـا

 

ولو تعادى ببكء كل محلوب


قوله "يقال محبسها أدنى لمرتعها" أي محبسها على الجدب أدنى لأن ترتع، لأنها إذا حالفت قوماً ذلت ولم يرعوها إلا ما أرادوا. "ولو تعادى ببكء" أي ولو ذهبت ألبانها كلها.

حتى تركنا وما تثنى ظعائننـا

 

يأخذن بين سواد الخط فاللوب

أي حتى تركنا أعزاء تذهب ظعائننا حيث شاءت لا تمنع قال أبو العباس: ويقال: جبن وجبن، وقطن وقطن، وجبان بين الجبن والجبن، مشدد وغير مشدد.
وأنشدنا أبو العباس:

ترى في سنا الماوى بالعصر والضحى

 

على عفلات الزين والمـتـجـمـل

وجوهاً لو أن المدلجين اعتشوا بـهـا

 

صدعن الدجى حتى ترى الليل ينجلى

فلا تذكـرا عـنـدي فـضـيلة إنـه

 

متى ما يراجع ذكرها القلب يجهـل

وتعلم نزيعات الهـوى أن حـبـهـا

 

تبيغ منى كل عـظـم ومـفـصـل

كما اتبعت صهبـاء صـرف مـدامة

 

مشاش المروى ثم لمـا تـنـصـل

فأصبحن يصرفن النوى بين عـالـج

 

وبين النقا صرف الأديب الـمـذلـل

وهذا مثل قوله:

يأخذن بين سواد الخط فاللوب

وقال أبو العباس في قوله تعالى: "وصبغ للآكلين" قال: هو الزيت يصطبع به. وقال في قوله "فيم أنت من ذكراها": لا تعد لذكراها. وقال في قوله تعالى: "صلوا عليه وسلموا تسليماً". قولوا: السلام عليك يا رسول الله.
إن عبد الله قام أقم، قال الفراء: إن أضمر مجهولاً رفع لا غير، وإذا أضمر غير مجهول رفع ونصب. قال: والشروط كلها يتقدمها المستقبل والماضي، والدائم، وإن لا يتقدمها إلا مستقبلها.
"أولئك ينادون من مكان بعيد" قال: يقال للبليد الذي لا يسمع ما يقال له: إنما ينادى من مكان بعيد.
قولنا صلى الله وسلم على محمد أي زاده الله بركة ورحمة، وثوابها لنا ليس له، صلى الله عليه وسلم.
"إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً" قالت: أنا أعوذ بالله أن تفعل مالا ينبغي إن كنت تتقي. "ليس كمثله شئ" أي ليس كهو. "يذرؤكم فيه": يكثركم فيه، الهاء راجعة على الخلق. "أكاد أخفيها أريد أسترها؛ ومن قال أخفة قال أظهر. "وأسروا الندامة قال: من رؤسائهم. "ليس لها من دون الله كاشفة": لا يكشفها إلا رب العالمين.
آخر الجزء الخامس من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى، والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين

الجزء السادس

ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، قال: حدثني عبد الله بن شبيب قال: جلس عبيد الله بن الحسن يوماً، وهو والى المدينة ومكة، للناس، فذكروا الشعر والشعراء، فقال عبد الملك بن عبد العزيز، ابن الماجشون، فقيه أهل المدينة: أشعر الناس خارجة بن فليح المكى، حيث يقول في مديح أبي بكر بن عبد الله الزبيري:

كأن على عرنينه وجـبـينـه

 

شعاعين لاحا من سماك وفرقد

هو السابق التالي أباه كما تـلا

 

أبوه أبـاه سـيد وابـن سـيد

أهابك إجلالاً وأرجوك للـتـي

 

تلين بها للراغب الـمـتـردد

قال فقال أبو عبد الله زبير: كنت وحسن بن عبيد الله -وأبوه إذ ذاك وال- وابن الماجشون جلوساً فذكر الحسن الشعر والشعراء، فقال عبد الملك: خارجة أشعر الناس في مديح لأبي بكر هذا حين يقول:

ما تدلك الشمس إلا حذو منكـبـه

 

في حومة تحتها الهامات والقصر

آل الزبير نجوم يستـضـاء بـهـم

 

إذا دجا الليل من ظلماته زهـروا

قوم إذا شومسوا لج الشماس بـهـم

 

ذات العناد، وإن ياسرتهم يسـروا

خص المديح أبـا بـكـر ووالـده

 

وعمهم منك إن غابوا وإن حضروا

وقال أبو العباس: وأنشدني عمر بن شبة وغيره، قال أبو يحيى الزهرى: أنشدنيه غير واحد من أصحابنا، منهم سعد بن عمرو، لعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود:

تغلغل حب عثمة في فؤادى

 

فبادى مع الخافـي يسـير

تغلغل حيث لم يبلغ شراب

 

ولا حزن ولم يبلغ سرور

شققت القلب ثم ذررت فيه

 

هواك فليم فالتام الفطـور

وأنشد له:

ألا من لنفسي لا تموت فينقضي

 

عناها ولا تحيا حياة لها طعـم

 

تجنبت إتيان الحبيب تـأثـمـاً

 

ألا إن هجران الحبيب هو الإثم

فذق هجرها قد كنت تزعم أنه

 

رشاد ألا يا ربما كذب الزعـم

حدثنا أبو العباس قال: وثنا عمر بن شبة، قال أبو يحيى: وزادني ابن الماجشون:

كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم

 

ولامك أقوام ولومهـم ظـلـم

ونم عليك الكاشحون وقبـلـهـم

 

عليك الهوى قد نم لو نفع النـم

حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب، حدثني الزبير بن بكار، حدثنا عبد الجبار بن سعيد، عن محمد بن معن الغفارى عن أبيه عن عجوز لهم يقال لها حمادة بنت أبي مسافر، قالت: جاورت آل ذريح بقطيع لي، فيه الرائمة، وذات البو، والحائل، والمتبع، فكان قيس ينظر من شرف إلى ذلك القطيع، وينظر إلى ما يلقين فيتعجب، فقل ما لبث حتى عزم عليه أبوه بطلاق زوجته لبنى، فكاد يموت، ثم آلى أبوه: لئن أقامت لا يساكن قيساً، فظعنت، فاندفع قيس يقول:

أيا كبداً طارت صـدوعـاً نـوافـذاً

 

ويا حسرتا ماذا تغلغل في الـقـلـب

فأقسم ما عمش الـعـيون شـوارف

 

روائم بو حانـيات عـلـى سـقـب

تشممنه لو يستطعـن ارتـشـفـنـه

 

إذا سفنه يزددن نكباً علـى نـكـب

رئمن فما ينحاش مـنـهـن شـارف

 

وحالفن حبساً في المحول وفي الجدب

بأوجد منى يوم ولـت حـمـولـهـا

 

وقد طلعت أولى الركاب من النقـب

وكل ملمات الـدهـور وجـدتـهـا

 

سوى فرقة الأحباب هينة الخـطـب

إذا افتلتت منـك الـنـوى ذا مـودة

 

حبيباً، بتصداع من البين ذى شـعـب

أذاقتك مر العيش أو مـت حـسـرة

 

كمامات مسقى الضياح علـى ألـب

لا أستظل أو تطلق لبنى. فقال: أما إنه آخر عهدك بي. ولما طلقها اشتد عليه وجهد وضمن، فلما طلقها أتاها رجالها ليحملوها، فسأل: متى هم خارجون? فقالوا: غدا. فقال:

فإني لمفن دمع عينى بالبـكـا

 

حذار الذي لما يكن وهو كائن

وقالوا غداً أو بعد ذاك بـلـيلة

 

فراق حبيب لم يبن وهو بائن

فما كنت أخشى أن تكون منيتى

 

بكفى إلا أن ما حـان حـائن

وندم على طلاقها ندماً شديداً، وجعل يأتي منزلها ويبكى فيه، فلامه أبوه وأهل بيته فقال:

أمس تراب أرضك يا لبينى

 

ولولا أنت لم أمسس ترابا

وقال في ذلك أيضاً في إتيان منزلها:

كيف السلو ولا أزال أرى لـهـا

 

ربعاً كحاشية اليماني المخـلـق

ربعاً لواضحة الجـبـين غـريرة

 

كالشمس إذا طلعت رخيم المنطق

قد كنت أعهدها بـه فـي عـزة

 

والعيش صاف والعدى لم تنطـق

حتى إذا نطـقـوا وآذن فـيهـم

 

داعى الشتات برحلة وتـفـرق

خلت الديار فزرتها وكـأنـنـي

 

ذو حية من سمهـا لـم يعـرق

وأنشدني هذا ابن أبي جهمة، وأنشدني زيد بن إبراهيم وعرفها ابن أبي جهمة وداود:

عفا سرف عن أهـلـه فـسـراوع

 

فوادى قديد فـالـتـلاع الـدوافـع

فغيقة فالأخـياف أخـياف ظـبـية

 

بها من لبينى مـخـرف ومـرابـع

لعل لبينـى الـيوم حـم لـقـاؤهـا

 

ببعض البـلاد، إن مـا حـم واقـع

بجزع من الـوادي قـلـيل أنـيسـه

 

خلاء تخطته الـعـيون الـخـوادع

تبكى على لبنى وأنت تـركـتـهـا

 

فكنـت كـآت غـيه وهـو طـائع

فيا قلب صبراً واعترافاً لمـا تـرى

 

ويا حبها قع بـالـذي أنـت واقـع

لعمري لمن أمسى وأنت ضجـيعـه

 

من الناس ما اختيرت عليه المضاجع

أتصبر للبين المشت مـع الـجـوى

 

أم أنت امرؤ ناسى الحياء فـجـازع

وللحب آيات تبـين فـي الـفـتـى

 

شحوب وتعرى من يديه الأشـاجـع

وصاح غراب البين وانشقت العصـا

 

ببين كما شـق الأديم الـصـوانـع

فلما بدا منها الـفـراق كـمـا بـدا

 

بظهر الصفا الصلد الشقوق الصوادع

كأنك بدع لم تر النـاس قـبـلـهـا

 

ولم يطلعك الدهر فيمـن يطـالـع

ألا يا غراب البين قد طرت بالذي

 

أحاذر من لبنى فهل أنت قانـع

 

فما من حبيب دائم لـحـبـيبـه

 

ولا صاحب إلا به الدهر فاجـع

 

فقد كنت أبكى والنوى مطمـئنة

 

بنا وبكم من علم ما البين صانـع

 

وأهجركم هجر البغض، وحبكـم

 

على كبدى منه شئون صـوادع

 

وأعجل بالإشفاق حتى يشفـنـى

 

مخافة شعب الدار والشمل جامع

 







أبو العباس قال: قرأنا على عبد الله بن شبيب قال: حدثني زبير قال: حدثني عبد الملك بن الماجشون، عن أبي السائب، قال أخبرني ابن أبي عتيق، قال: والله إني لأسير في أرض عذرة إذ أنا بامرأة تحمل غلاماً خدلاً ليس مثله يتورك، فعجبت لذاك، فتقبل به فإذا برجل له لحية. قال: فدعوتها فجاءت فقلت: ما هذا ويحك? فقالت لي: أسمعت بعروة بن حزام? فقلت: نعم. فقالت: هذا والله عروة. فقلت له: أنت عروة:? فكلمني وعيناه تدوران في رأسه وقال: نعم، أنا والله الذي أقول:

جعلت لعراف اليمامة حكـمـه

 

وعراف حجر إن هما شفيانـي

وقالا: نعم تشفى من الداء كلـه

 

وراحا مع العـواد يبـتـدران

فما تركا من سلوة يعلمـانـهـا

 

ولا شربة إلا وقد سـقـيانـي

فقالا: شفاك الله، والله مـا لـنـا

 

بما ضمنت منك الضلـوع يدان

فلهفى على عفراء لهف كـأنـه

 

على النحر والأحشاء حد سنـان

فعفراء أحظى الناس عندي مودة

 

وعفراء عنى المعرض المتواني

قال: ثم ذهبت، فما رحت من الماء حتى سمعت الصيحة، فقلت ما هذا? قالوا: مات عروة بن حزام.
أحمد بن يحيى ثعلب، ثنا عبد الله بن شبيب، حدثني حماد بن عمر، حدثنا الهيثم بن عدى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النعمان ابن بشير قال: بعثني عثمان بن عفان على صدقات سعد هذيم، وهم بلى وعذرة، وسلامان، وضنة، والحارث، ووائل، بنو زيد، فلما قبضت الصدقة وقسمتها بين أهلها أقبلت بالسهمين إلى عثمان، فبينا أنا أسير في بلاد عذرة إذ أنا ببيت حريد جاحش عن الحي، فملت إليه، فإذا أنا بشاب راقد بفناء البيت، فإذا أبا بعجوز من ورائه في كسر البيت، فسلمت عليه فرد على بصوت ضعيف:

كأن قطاة علقت بجنـاحـهـا

 

على كبدى من شدة الخفقـان

جعلت لعراف اليمامة حكمـه

 

وعراف نجد إن هما شفياني

فما تركا من رقية يعلمانـهـا

 

ولا سلوة إلا وقد سقـيانـي

فقالا: شفاك الله والله ما لـنـا

 

بما ضمنت منك الضلوع يدان

ثم شهق شقهة خفيفة كانت نفسه فيها، فقمت غليه فنظرت في وجهه فإذا هو قد مات، فقلت: أيتها العجوز، من هذا الشاب الراقد بفناء بيتك هذا فقد مات? فقالت: وأنا والله أرى ذلك. فقامت فنظرت في وجهه وقالت: فاظ ورب محمد! قلت: أيتها العجوز، من هذا الشاب? قالت: هذا عروة بن حزام الضنى، وأنا أمه. قلت: فما بلغ به ما أرى? قالت: الحب، والله ما سمعت له كلمة ولا أنة مذ سنة حتى كان في صدر هذا اليوم؛ فإني سمعته يقول:

من كان من أمهاتي باكـياً أبـدا

 

فاليوم إني أراني اليوم مقبوضا

يسمعتيه فإني غير سـامـعـه

 

إذا علوت رقاب القوم معروضا

قال: فأقمت عنده حتى غسلته وكفنته وصليت عليه ودفنته. قلت: يا صاحب رسول الله ما دعاك إلى ذلك? قال: احتساب الأجر فيه.
وقال أبو العباس: يقال هو يتكسع ويتسكع في طمته، إذا تحير. الماء المعين: الجاري السائل، مأخوذ من المعن وهو يقال في القليل والكثير. أمعن بحقه، إذا ذهب به.
قال: وقال أبو عبد الله بن الأعرابي: الأهيس: الذي يدق كل شئ. قال الراجز:

إحدى لياليك فهيسى هيسى

والأليس: الذي لا يبرح، يقال رجل أليس وقوم ليس. قال عبدة ابن الطبيب:

إذا ما قام راعيها استحثت

 

لعبدة منتهى الأهواء ليس

أي لا تفارقه، منتهى أهوائها لعطن عبدة، فهي تنزع إليه لا تفارقه.
ويقال: ما يطف له شئ ولا يستطف ولا يوهف له شئ إلا أخذه.
وقال أبو العباس: قال أبو عبد الله: "خير النساء الخفرة العطرة المطرة، وشر النساء المذرة الوذرة القذرة".
الخفرة: الحيية. والمطرة: اللازمة للسواك.

وقال أيضاً ابن الأعرابي: الحراث: الكثير الأكل. والحواس: الذي لا يشبع من الشئ ولا يمله. ويقال: ما أدرى أين سكع، وأين صقع وأين بقع، بمعنى واحد.
وقال: كنا نسوق فعرضنا فلاناً، إذا حملوه على بعير معترضاً من التعب. وأنانا فلان فعرضته إذا أعطيته. وقدم فلان مستعرضاً إذا قدم بعرض من الدنيا، من مال أو خيل. وجمع عرض عروض. ورجل فيه عرضية، إذا كان فيه التواء ومنعة، وهو مثل العنجهية والعيدهية.
أنشدنا أبو العباس قال: وأنشد ابن الأعرابي لسلمى بن عوية بن سلمى بن ربيعة الضبى:

لا يبعدن عهد الـشـبـاب ولا

 

لذاته ونبـاتـه الـنـضـر

والمرشقات من الخدود كـإي

 

ماض الغمام صواحب القطر

وطراد خيل مثلها الـتـقـتـا

 

لحفيظة، ومقاعد الـخـمـر

لولا أولئك ما حلفـت مـتـى

 

عوليت في حرج إلى قـبـر

هزئت زنيبة أن رأت ثرمـى

 

وأن انحنى لتقادم ظـهـرى

من بعد ما عهد فأدلـفـنـي

 

يوم يجـئ ولـيلة تـسـرى

حتى كأنى خاتـل قـنـصـا

 

والمرء بعد تمامـه يحـرى

لا تهزئى مى زنـيب فـمـا

 

في ذاك من عجب ومن سخر

أو لم ترى لقمان أهـلـكـه

 

ما اقتات من سنة ومن شهر

وبقاء نسر كلما انقـرضـت

 

أيامه، عـادت إلـى نـسـر

ما طال من أبد علـى لـبـد

 

رجعت محورته إلى قصـر

ولقد حلبت الدهر أشـطـره

 

وعلمت ما آتى مـن الأمـر

وأنشد:

عريت من الشباب وكان غضاً

 

كما يعرى من الورق القضيب

ونحت على الشباب بدمع عينى

 

ومنتحباً فما أغنى النـحـيب

فيا أسفاً أسفت على شـبـاب

 

نعاه الشيب والرأس الخضيب

فيا ليت الشبـاب يعـود يومـاً

 

فأخبره بما فعل الـمـشـيب

تجلاني وبـيض عـارضـى

 

وغيرني فأنكرني الحـبـيب

وأنشدنا أبو العباس:

ويلك يا علقمة بن مـاعـز

 

هل لك في اللواقح الحرائز

وفي اتباع الظلـل الأوارز

 

تحلبها من حافل وغـارز

قال: هذا لص قال لصاحبه: هل لك في أن نغير، فإن أخذنا ضربنا وحبسنا. اتباع الظلل، يريد الحبوس. الأوارز: الباردة. واللواقح: السياط. والحوافل: الجراحات. ومنها ما قد حفل ومنها ما قد جف.
وأنشد مثله للراعى:

نسى الأمانة من مخافة لقح

قال: من جمع كمرثات قال في التصغير: كميمثرية خفيف، وأكثر الكلام كميثرة وكميمثراة أيضاً.
وأنشد:

ألا هلك ابن قران الحمـيد

 

أبو عمرو أخو الجلى يزيد

ألا هلك امرؤ حباس مـال

 

على الإخوان متلاف مفيد

ألا هلك امرؤ هلكت رجال

 

بمهلكه وكان له الفـقـود

ألا هلك امرؤ قامت علـيه

 

بجنب عنيزة البقر الهجود

سمعن بموته فظهرن نوحاً

 

قياماً ما يحل لهـن عـود

وقال الحارث بن خالد لأخيه:

لعمرى لئن لم يجمع الله بـينـنـا

 

بما شـاء لا نـزداد إلا تـنـائيا

أعد الليالـي إذ نـأيت ولـم أكـن

 

بما زل من عيشى أعد اللـيالـيا

أخاف انقطاع العيش دون لقائكـم

 

بأرض ولو منيت نفسى الأمانـيا

إذا ما بكى ذو الشجو أصغيت نحوه

 

وآسيته بالشجـو مـا دام بـاكـيا

وأنشد:

يا أيها المتحلى غير شـيمـتـه

 

ومن خليقته الإفراط والمـلـق

عليك بالقصد فيما أنـت قـائلـه

 

إن التخلق يأتى دونه الخـلـق

ولا يواتيك فيما ناب مـن حـدث

 

إلا أخو ثقة فانظر بمن تـثـق

يا جمل إن يبل سربال الشباب فما

 

يبقى جديد على الدنيا ولا خلـق

وإنما الناس والدنيا على سـفـر

 

فناظر آجلاً منهم ومنـطـلـق

"إن الذين آمنوا والذين هادوا" قال أبو العباس: في قول الخليل معناه الذين تابوا. وقال لفراء: إنما عد أصناف الكفرة، فهم اليهود. قال: وخبر إن ف قوله: "فلهم أجرهم عند ربهم"، وهو جزاء.
قال: والعرب تقول: ما شاكتك يا فلان? فيقول: قرب المدة، وانقطاع الأجل.
 قال: والعرب تشبه الحرف بالحرف وإن خرجوا عن بابه.
"خصمان بغى بعضنا على بعض" قال: رده على معنى الجميع، لأن الخصم والعدل والزور والرضا وما أشبهها، يقال للجمع والواحد والاثنين، والمؤنث.
"فيما رحمة من الله" قال: يقول أهل البصرة توكيد، فإذا سئلوا: كيف هي توكيد? يقولون: لا ندرى.
الضبع: اسم للسنة الشديدة.
وتقول: مررت بزيد وسواه. قال: سواه إذا فارقت الخفض نصبت. ويقال: هو يهقى بفلان ويهذى بفلان، بمعنى واحد. ويقال: استوزرت فلاناً واستوليته، كما يقال استخلفته.
معنى أرش الثوب أنهما يتآرشان فيه. فيقول هذا: ليس هو على، ويقول هذا: هو عليك. فيعطيه الأرش.
"فإن كن نساء فوق اثنتين" قال: كنى عن الأولاد كناية خاصة في المؤنث فرد على الذي كنى عنه؛ وذلك أنه يقال للمؤنث: هن أولادى، وللمذكر: هم أولادى، وللمذكر والمؤنث أيضاً: هم أولادى. قال: وهذا مثل من في التذكير والتأنيث والجمع والتوحيد.
وقال أبو العباس في قول الله عز وجل: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر" قال: كان قبله كتب إبراهيم وغيره، فقال: من بعد الذكر.
وسئل أبو العباس عن كفر توثى فقال: الكفر: القرية. وهو الكفر، وإنما سكن. وأنشد:

تضوع رياه من الكفرات

أي من القرى. وأنشد:

تضوع مسكاً بطن نعمان أن مشت

 

به زينب في نسـوة خـفـرات

وأنشد:

فإن هلاك مالك غير معن

قال: غير معن: غير يسير. قال: وأمعن بحقه إذا اقر به.
قال: ويقال ما به وذية، وما به ظبظاب، أي ما به قلبة. وأنشد:

مواغد جاء له ظباظب

قال: هي الجلبة. وقال: المواغدة مثل المواهقة. قال: والمواهقة أن تصنع كما يصنع. وأنشد:

تواهق رجلاها يديها إذا مشت

وقال أبو العباس: تقول هذه نفس، فإذا قلت ثلاثة أنفس ذهبت إلى الرجال. وأنشد:

ثلاثة أنـفـس وثـلاث ذود

 

لقد جار الزمان على عيالي

وأنشد:

لم يبق إلا كل صغواء صغـوة

 

بصحراء تيه بين أرضين مجهل

قال: صغواء: مائلة. صغوة: صغيرة الرأس. بين أرضين مجهل قال: تخرج من تيه إلى تيه، وهو أشد عليها.

ترى أثر الحيات فيها كأنهـا

 

مماصع ولدان بقضبان إسحل

قرت نطفة بين التراقي كأنها

 

لدى سفط بين الجوانح مقفل

لأصهب صيفى يشبه خطمـه

 

إذا قطرت تسقيه حبة قلقـل

يحرك رأساً كالكباثة واثـقـاً

 

بورد قطاة غلست ورد منهل

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فلما رأينه أكبرنه" قال: أعظمنه، أي كبر في عيونهن.
وقال: الرطبة الحلقانة هي التي قاربت الترطيب من قبل ذنبها فهي مذنبة، وذلك التذنيب؛ فإن بدا وكت فيها فهي موكتة، وذلك التوكيت، وهو أن يكون فيها كالنقط؛ فإن بدا الترطيب في أحد جانبيها فهي معضدة، وذلك التعضيد. والمغسسة: التي لا حلاوة لها. فإن بلغ الترطيب من أسفلها إلى نصفها فهي مجزعة، وذلك التجزيع. فإن بلغ قريباً من الثفروق من أسفلها فهي الحقانة، فإن رطبت كلها وفيها يبس فهي جمسة؛ فإن رطب جداً فهي معوة؛ فإنذا جفت بعض الجفوف بعد الترطيب فهي قابة.
ويقال: أقمن به، وأخلق به، وأحج به، وأحر، واعس. ولا يقال أقرف. وإنه لقرف من كذا، ومخلقة، ومجدرة، ومعساة.
وأنشد:

وصيابة السعدين حول قرومها

 

ومن مالك تلقى على الشراشر

قال: الصيابة: الخالص من كل شئ المحض. وقال غيلان بن حريث:

إني وسطت مالكاً وحنظلاً

 

صيابها والعدد المحجـلا

وأنشد:

وعنس كألواح الإران نسأتها: زجرتها.

وأنشد:

..............إذا

 

لاح سهيل كأنه قبل

قال: مقابلك. قال: تقول الحق بقبل، أي مقابلك.
وانشد أبو العباس، قال: أنشدني أبو العاليه للأقرع، واسمه الأشيم ابن معاذ بن سنان بن حزن بن عبد الله بن عامر بن سلمة بن قشير. وإنما سمى الأقرع لبيت قاله يهجو به معاوية بن قشير:

معاوى من يرقيكم إن أصابـكـم

 

شبا حية مما عدا القفـر أقـرع

يا حاجة ما التي قامت تودعنـي

 

وقد ترقرق ماء العين أو دمعـا

تقول إذ أيقنت منى بمـعـصـية

 

لقد عرضت عليك النصح لو نفعا

ألم ترى أن دهراً قد تغـير بـي

 

فلم ترى فرحاً منى ولا جـزعـا

فإن هلكت وريب الدهر متـلـفة

 

فلم أكن عاجزاً نكساً ولا ورعـا

وإن بقيت فجلـد ذو مـواطـحة

 

أسقى العدو نقيع السم والسلـعـا

ما سد مطلع ضاقـت ثـنـيتـه

 

إلا وجدت. وراء الضيق مطلعـا

ولا رميت على خصم بـقـارعة

 

إلا منيت بخصم فر لي جـذعـا

كم من عدو أخى ضغن يجاملنـي

 

يخفى عداوته ألا يرى طمـعـا

حملت منه على عـوراء طـائشة

 

لم أسه عنها ولم أكثر لها فزعـا

فكم تورعت عن مولى تعرض لي

 

رفهت عنه ولو أتعبته ظـلـعـا

إذ لا أزال على أرجاء مهـلـكة

 

يستخبر الملأ الأعلى ما صنـعـا

قال أبو العباس: يا لها من حاجة وحذف الحاجة الأخرى. وأنشد:

يا ويح تاجة ما هذا الذي زعمت

 

أمسها سبع أم مسهـا لـمـم

قال أبو العباس: قال لي محمد بن سلام -أو قال محمد بن سلام-: هذا مثل المفببة، وهي التي إذا أخذها السبع هربت منه. فإذا شمتها الغنم هربت منها. يقول: فأنتم تهربون ممن هجوته فكيف منى.
وأنشد مثله لجرير:

يشمون الفريس المنيبا

وتاجة: امرأة. أي تنفر كما تنفر الغنم من هذه.

خبرت زوارها قالوا، وما علمـوا:

 

عيب وشيب وشيخ ما لـه نـعـم

أما نضيلتك الأخرى فقد عـرفـت

 

أنى فتى الحى لا نكس ولا بـرم

لا أحفظ البيت من جارات ربـتـه

 

ولن يحالف عرسى قبلك الـعـدم

إن لن هجمة حمـراً مـحـلـقة

 

فيها معاد وفي أذنـابـهـا كـرم

يزرعها الله من جنب ونحصدهـا

 

فلا تقوم لما نأتي بـه الـصـرم

إن أخلف الضيف رسل عند حاجتنا

 

لم يخلف الضيف من أصلابها دسم

لا يتمن السيف عند الحق أسرتهـا

 

ولا يبيت على أعناقـهـا قـسـم

يقول: لا يحلف ألا يذبح منها لأحد.

تسلف الجار شرباً وهي حـائمة

 

والماء لزن بكى العين مقتسـم

ولا تسفه عند الورد عطشتـهـا

 

أحلامنا، وشربت السوء يضطرم

في كل نث أفاد الحمد نقحمـهـا

 

ما يشترى الحمد إلا دونه قحـم

وأنشد:

فإن بنى البدر بدر السمـاء

 

وإن كان مالك قد أفرعـا

يسوقون من مالهم هجـمة

 

إلى الحق يوشك أن يرجعا

قال أبو العباس: وكان يقال: ثمرة القناعة الراحة، وثمرة التواضع المحبة.
وقال أبو العباس: قال شبيب بن شيبة لرجل لم يعجبه أدبه: إن الأدب الصالح خير من النسب المضاعف.
أبو العباس قال: وحدثني الحزامى، قال حدثني أبو ضمرة قال: حدثني من سمع يحيى بن أبي كثير اليمامي يقول: لا يدرك العلم براحة الجسم.
وأنشد أبو العباس قال: أنشدني زبير لسهل بن أبي كثير:

أنت لو هـرشـت داو

 

د على خبـز ولـحـم

أو على روس نـعـاج

 

صليت في السوق سحم

لحرى أن يقطع لـزر

 

ين أو يشجى بعـظـم

وله دهـن مـن الـخ

 

طار مغشوش بشحـم

وله عشرون ضـرسـاً

 

ليس فيها ضرس حلـم

وهو لو دارك لقـمـاً

 

قلت هذا حـس هـدم

وقال أبو العباس: قال الحسن: من لم يكن له عقل من سوسه لم ينتفع برواية الحديث.
قال: وحكى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومشارة الناس، فإنها تدفن الغرة، وتظهر العرة".
قال: يقال: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: حليم من أحمق، وبر من فاجر، وشريف من دنئ.
قال: وقال رجل: سألت ناساً من أهل البادية: إلى من أنكح? قالوا اتق الدقة المتوارثة، وأنكح إلى من شئت. قلت: وما الدقة المتوارثة? قالوا: أخلاق سيئة يرثها آخر من أول.
وقال أبو العباس: قال حسان: ما شئ أهون من الورع، إذا رابك شئ فدعه.
وأنشدنا أبو العباس:

تعفى الشيب جهدك بالخضاب

 

لترجع فيك أبهة الشـبـاب

فكيف وقد كساك الشيب ثوبـاً

 

كأخلق ما يكون من الثـياب

به ظهرت معايب فيك شتـى

 

حوادث لم تكن لك في حساب

 

تعيب الشيب من سفه وجهل

 

وأعيب منه شغلك بالخضاب

وقال ألو العباس: قال أبو صاعد: كان الشنآن بن مالك رجلاً من بنى معاوية بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، يتغنى بأبيات له، وقد كان يزور نساء من بنى المنتفق ابن عم له يقال له المضرحى، فقال بنو المنتفق: لئن لقينا المضرحى لنعقرن به! فتغنى الشنآن بن مالك -وكان صارماً، وكان إنساناً تطلعه العين صورة- فقال:

لقد غضب العرام في أن أزورهـا

 

ولم أر كالعرام حراً ولا عـبـداً

ولا مثل مكحول ولا مثل مـالـك

 

ولا مثل غيلان إذا ما ارتدى البردا

أتوعد نضو المضرحى وقد تـرى

 

بعينك رب النضو يغشاكـم فـردا

فما ذنبنا إذ علقتـنـا نـسـاؤكـم

 

ولم تر فيكم ذا جمال ولا جـلـدا

فتناهض القوم فاقتتلوا، فكان ذلك اليوم يقال له يوم دهو. فجاءت دعجاء بنت هيصم فعلقت المعاويين لحو العود، فيهوى لها الشنآن بن مالك بسهم فيصيبها به بين مأكمتيها وخصرها، حتى خرج من شقها الأقصى، فوقعت، فقال:

ودعجاء قد واصلت في بعض مرهـا

 

بأبيض ماض ليس من نيل هـيصـم

أرغت به فرجاً أضاعته في الـوغـى

 

فخلى القصيري بين خصر ومـأكـم

فقلت أذاك الـسـهـم أهـون وقـعة

 

على الخصر أم كف الهجين المخضرم

وأنشدنا أبو العباس:

قل لأطفال آل بكر يجـيبـوا

 

من دعاهم للحرب عند البراز

قال: كل ضعيف يسمى طفلاً. فأراد: لا يبق منكم أحد إلا أجاب.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: "وحرث حجر" قال: حرام لا يركبها إنسان. والحرث: الزرع والإبل والغنم، وكل ما كان من هذا.
وقال في قوله عز وجل: "وأيدناه بروح القدس" أيدناه: قويناه وروح القدس، يقول: من بعثنا إليه، وينبغي أن يكون ملكاً.
ويحكى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح، مرة كذا ومرة كذا. ومثل المنافق مثل الأرزة ثابتة لا تتحرك. قال أبو العباس: الخام من الزرع: الذي قد قام على سوقه ولم يدرك أن يقطع. والأرز: قضبان شجر بالشام.
المشق: شبيه بالطين يصبغ به الثياب. وأنشد لأبي وجزة:

قد شفها خلق منه وقد قفـلـت

 

على ملاح كلون المشق أمشاج

وقال أبو العباس في قوله: يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين قال: قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد صهيباً وسلمان وبلالاً وهؤلاء، فإنهم سبقوا إلى الهجرة، حتى نتبعك. فأنزل الله هذا.
"وجعلنا ذريته هم الباقين" قال: جعل الأنبياء من ذريته، ثم جعل الأنبياء بعده من ذرية إبراهيم، وهم الباقون إلى الآن. يعنى سائر الناس.
"وتركنا عليه في الآخرين" قال: تركنا له من يدعو له.
"سلام على إبراهيم" قال: سلام، حكاية. "إن الله وملائكته يصلون على النبي" قال: يجوز ولم نسمع من قرأ به. ويقال إن زيداً وعمرو قائمان، وإن زيداً وعمراً قائمان. قال: مثل قوله:

فإني وقيار بها لغريب

وأنشد أيضاً:

يا ليتني وأنت يا لميس

 

في بلد ليس به أنيس

قال أبو العباس: والفراء يقول: لا أقول إلا فيما لا يتبين فيه الإعراب والكسائي يقول فيما يتبين وفيما لا يتبين.
"ورجلاً سلماً لرجل" قال: سلم مصدر. وسالماً نعت، آي سالماً لله لا يعبد إلا الله. وقال: ومثله قوله عز وجل: "وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً، أي كيف أخاف آلهتكم وأنتم لا تخافون الله.
"لقد تقطع بينكم بفتح النون أي ما بينكم، وبينكم بضم النون. أي وصلكم.
وأنشد:

تجيل دلاء القوم فيها غثاءة

 

إجالة حم المستذبية جامله

قال: الجميل: الشحم الذئب. قال: أي تضطرب الدلاء فوق الماء فتنحى الطحلب كذا وكذا، كما يدير المستذيب الشحم في القدر.
والأقيال: الملوك. والعباهلة: الذين ليس على ........
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "ما جئتم به السحر: أي الذي جئتم به السحر. ومن قال آلسحر قال: قالوا هذا سحر، فقال: آلسحر هذا? والفراء يقوله. ومن قال "ما جئتم به السحر أي ما جئتم بمجيئكم السحر، كما يقال: ما جئت به الباطل والزور، ما أي جئت بمجيئك هذا الباطل والزور، جئت الباطل والزور بمجيئك هذا. وهذا كقول لبيد:

وفارقني جار بأربد نافع

أي فارقني بفراق أربد رجل نافع.
"وما كنا له مقرنين" أي مطيقين.
وأنشد:

أتاني بها والليل نصفان قد مضى

 

أمامي وصف قد تولى توائمـه

توائمه: قطعة، أي قطعة مثل قطعة، توأم.
وأنشد:

تجلو بقادمتي حمامة أيكة

 

برداً تسف لثاته بالإثمـد

قال: شبه اللثة وسوادها بالحمامة.
قال أبو العباس: ويحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليماً، عن عائشة قالت: فقدته في فراشي في ليلتي، فظننت أنه قد خالف إلى بعض نسائه، فخرجت فإذا هو ساجد، فقال: جاءني جبريل فقال لي: من قال هذه الكلمات غفر له: وهي: سجد لك خيالي وسوادى، وآمن بك فؤادي. رب هذه يدي بما جنيت على نفسى، يا عظيماً يرجى لكل عظيم، ادفع عنى كل عظيم.
ويقال ذرية وذرية.
"لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض" قال: كبر علمها على أهل السموات والأرض. قال: وكل شئ لم يعلم فهو ثقيل.
"وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة" قال: عرضهم بالميم لا تكون إلا للأشخاص، فإذا قال عرضهن وعرضها فهو لغير الأشخاص ولا تكون عرضهن إلا للأسماء، وتكون عرضها للأسماء والأشخاص.
له صريف صريف القعو بالمسد قال: الصريف يكون إعياء ويكون ضجراً، وهذا ها هنا إعياء.
قال أبو العباس: من قال "ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين" فهو الاختيار؛ لأن السنين جمع، ولا تخرج مفسرة، كأنه قال: ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة، فالسنون تابعة للثلثمائة، والثلثمائة تابعة للسنون. وإذا قال ثلثمائة سنين فأضاف، فإن السنين فيها لغات، يقال هذه سنون فاعلم، ومررت بسنين فاعلم. هذا جمع على ما فسرنا. ولغة يقولون هذه سنينك، ومرت سنينك، فيثبتون النون، فيجعلونها كالواحد، فعلى هذه أضافوا. قال: وأنشد الفراء وأصحابنا:

ذراني من نجد فإن سنينه

 

لعبن بناشيباً وشيبننا مردا

فعلى هذا أضافوا. وأنشد:

سنيني كلها لا قيت حربـا

 

أعد من الصلادمة الذكور

ينون ولا ينون، فمن نون جعله كالواحد ومن لم ينون قال: هو معدول عن الجميع إلى الواحد.
قال أبو العباس: وحكى الكسائي: نزلنا المنزل الذي البارحة، والمنزل الذي آنفاً، والمنزل الذي أمس. فيقولون في كل وقت شاهدوه من قرب، ويحذفون الفعل معه، كأنهم يقولون نزلنا المنزل الذي نزلنا أمس، والذي نزلناه اليوم، اكتفوا بالوقت من الفعل، إذ كان الوقت يدل على الفعل، وهو قريب. ولا يقول الذي يوم الخميس، ولا الذي يوم الجمعة. وكذا يقولون: لا كاليوم رجلاً، ولا كالعشية رجلاً، ولا كالساعة رجلاً، فيحذفون مع الأوقات التي هم فيها. وأباه الفراء مع العلم، وهو جائز، وأنشد:

لا كالعشية زائراً ومزورا

لأني أقول لقيتك العام، ولا أقول لقيتك السنة. وكل ما كان فيه الوقت فجائز أن يحذف الفعل معه، لأن الوقت القريب يدل على فعل لقربه، والفعل يدل على الوقت.
قال: وإذا قال قام عبد الله، دل على مكان وزمان وفعل.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فجاسوا خلال الديار": جاسوا وداسوا واحد.
وقال في قوله عز وجل: "ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه" قال: الفراء يقول: فيما لم نمكنكم فيه، والكسائي يقول: في الذي مكناكم فيه.
قال: وكلام العرب أشرح.
زيد قمت فلم أضرب، خطأ. وزيد قمت قياماً وضربت، خطأ.
يقال شقشقة فارض، ولهاة فارض. قال: ولم نسمعها إلا بلا هاء. وقال الفراء: فرضت البقرة. قال غيره: من قال فرضت أدخل الهاء في فارض. قال أبو العباس: لا أعرفه بالهاء. والفارض: العظيمة.
قال أبو العباس: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الأعمال العج والثج". فالعج: التلبية والثج: الذبح، أي صب الدم.
زيد لما قمت ضربت. يجوز على الجزاء، ويجوز بالواو والفاء وثم، ولا يجوز بلا ولا بأو.
زيد ضربت عمراً وضربت أخاه. خطأ كلام.
الجزاء المحكي يرفع الفعل.


الرجل الكيص: اللئيم. وأنشد أبو العباس للنمر بن تولب:

رأت رجلاً كيصاً يلفف وطبه

 

ويأتى إلى البادين وهو مزمل

ويقال: رأيت صوصاً على أصوص، أي رجلاً لئيما على جمل كريم. قال: وصوص وكوص واحد. وقال: لا أعرفه إلا كيصا.
جعفقوا: ركبوا.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "تظن أن يفعل بها فاقرة. كلا" قال: الفاقرة: الداهية، من فقرت أنفه، أي حزرت أنفه. وكلا في في القرآن كله أي ليس الأمر كما يقولون، الأمر كما أقوله أنا.
من الخبر: الإنفاض يقطر الجلب". يقول: قلة الزاد تورد الأسواق ليمتاروا منها.
وقال في قوله عز وجل: "وهناً على وهن": ثقلاً على ثقل.
من قال هذه نار احترق فوه، أي من يقل هذه نار يحترق فوه.
وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أشكل العينين. الأشكل: اللون الحمر، ويقال في بياض. ضليع الفم أي واسع الفم.
بإهالة سنخة قال: الإهالة الألية المذابة. السنخة: التي لها ريح.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل؛ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية قال: ثمانية أجزاء من كذا وكذا جزءاً من الملائكة.
قال: والعرش: كل شئ مرتفع.
الهيضلة: المرأة الضخمة. والهيضل: الجماعة. وأنشد:

أزهير إن يشب القـذال فـإنـه

 

رب هيضل مرس لففت بهيضل

لا غرار في الصلاة أي لا نقص؛ من قولك غارت الناقة، إذا رفعت لبنها.
"الرحمن على العرش استوى" قال أبو العباس: يقال فيه ضروب؛ يقال أ??قبل، ويقال استوى عليه من الاستواء. والمعتزلة يقولون: استولى. وأنشد لأبي النجم العجلى:

من بعد ما وبعد ما وبعد مت

يقول: فعل مرة بعد مرة، أي فعلت فعلاً أبطأت فيه، ومثله:

وطال ما وطال ما وطال ما

وقال في قوله عز وجل: "عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك": أي علامة.
وسئل هل قرئ: "وإنه منك"? قال: لا أعرفه.
"ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين"، أي بالجدب.
عقا الصبي وورض بمعنى واحد، وهو أول ما يخرج منه. المهزاق من النساء: الكثيرة الضحك.
قال: ولا يحال بين الدائم والأسم بما؛ طعامك ما آكل عبد الله قال: جائز في قول الكسائي.
"فإنهم لا يكذبونك يقال أكذبته إذا قلت ما ئجت به كذب، وكذبته إذا قلت كذبت.
"ومزاجه من تسنيم. عيناً" قال: من ماء تسنم عيناً، أي تسنم عيناً تأتي من معال.
"فخشينا أن يرهقهما" قال: ظننا أن يلقيهما في شر.
ويقال بشكت الناقة، إذا جاءت بضروب من العدو. وبشك فلان، إذا خلط في الكلام.
قال: في كلامه، إذا كان فواق الضحى.
وقال: العنك: ما عظم. يقال عنك الجبل، وعنك الليل، وعنك الإبل.

مجلس

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: يقال رجل دنف، وامرأة دنف، وقوم دنف؛ ورجل دنف، ورجلان دنفان، وقوم دنفون. إذا كسر جمع، وإذا فتح لم يجمع.
وأنشد:

إذا لاقيت قومي فاسأليهـم

 

كفى قوماً بصاحبهم خبيرا

يقول: قومى خبراء. وقال: خبيراً للقوم: والياً للقوم أيضاً.
وقال: هذا مقلوب: وقال الخبير يكون خبيراً بي وأنا خبير به، وكل واحد منهم خبير بصاحبه.
قال أبو العباس: وقال أبو عثمان المازني: إذا قلت إن غداً يجئ زيد، على إضمار الأمر، وتضمر الهاء فيرجع إلى غير شئ. وقال أبو العباس: وكل هذا غلط، العرب تقول إن فيك يرغب زيد. ولا يحتاج إلى إضمار الأمر؛ لأن المجهول لا يحذف. ومن قال إنه قام زيد، لم يحذف الهاء لأن الهاء دخلت وقاية لفعل ويفعل، فإذا أسقطت كان خطأ. إنما قام زيد، دخلت ما وقاية لفعل ويفعل، فإذا سقطت ما كان خطأ أن يلي إن فعل ويفعل. وإضمار الهاء التي تعود على غد لا يجوز؛ لأنك لا تقول إن زيداً ضربت؛ لأنه لا يقع عليه إن والضرب، فلا يحذفون الهاء.
وقال أبو العباس: قال أبو عثمان المازني: قالت العرب: زهى الرجل وما أزهاه، وشغل الرجل وما أشغله، وجن الرجل وما أجنه. وقال المازني: وهذا الضرب شاذ أيضاً، يحفظ حفظاً. قال أبو العباس: وهذا غلط، هذا كثر في الكلام حتى صار مدحاً وذماً، فتعجبت العرب من المفعول لأنه صار مدحاً وذماً، وإنما يتعجب من الفاعل.
وقال المازني في قول الشاعر:

فكفى بنا فضلاً على من غيرنا

 

حب النبي مـحـمـد إيانـا


وإنما تدخل الباء على الفاعل، وهذا أيضاً شاذ أن تدخل الباء على الفاعل. ولكن قد حكى هذا على المفعول. قال أبو العباس: وكل هذا غلط، العرب تقول كفى بزيد رجلاً، ونعم بزيد رجلاً، ونعم زيد رجلاً. وحكى الكسائي عن العرب: مررت بأبيات جاد بهن أبياتاً، وجاد أبياتاً، وجدن أبياتاً، ثلاث لغات. وكذا مررت بأبيات جاد بهن أبياتاً، وجاد أبياتاً، وجدن أبياتاً، ثلاث لغات. وكذا مررت بقوم نعم قوماً، ونعم بهم قوماً، ونعموا قوماً. وهذا كثير في كلام العرب، لا يقال شاذ.. والمعنى أنهم يقولون أحسن بزيد فيدخلون الباء في الممدوح، كما يقولون: ما أحسن زيداً ليعلموا أن الفعل لا يتصرف عليه. ويوحدون الفعل لأن المفسر يدل عليه، ويثنون ويجمعون على الأصل. فهذه ثلاث لغات مسموعات من العرب.
وأنشد:

قد أغتدى بالأعوجى التارص

 

مثل مدق البصل الدلامص

التارص: الشديد، يقال باب مترص أي شديد. والدلامص: البراق.

بمحزم نهد وطرف شاخص

 

وعصب عن نسويه قالص

يريد أنه أشهب. وكل مرتفع نهد.
يقول: هو سمين فقد بان موضع النسا، وهو عرق في الفخذين.

كان ربيب حلب وقارص

 

حتى دفعنا لشبوب وابص

يعني براق. شبوب: ثور.

مرتبع في أربع نحـائص

 

يلمعن إذ ولين بالعصاعص

لمع البروق في ذرى النشائص النشائص من النشوص، وهو الارتفاع.
وقال أبو العباس: قال الفراء: الأعداد لا يكنى عنها ثانية، فلا أقول عندى الخمسة الدراهم والستتها؛ وأقول عندي الحسن الوجه الجميلة، فأكنى عنه، فكل ما كنيت عنه كان مفعولاً. وكل ما لم أكن عنه لم يكن مفعولاً. وقال أصحاب الكسائي: بلى، نكنى عن هذا كما كنينا عن ذاك.
وأنشد:

إذا عاش الفتى مائتين عاماً

 

فقد ذهب اللذاذة والفتـاء

وقال أبو العباس: قال بعضهم لسيبويه: كيف تنشد:

يا صاح يا ذا الضامر العنس

 

والرحل ذى الأقتاب والحلس

قال: فرفع. قال: فقلت له: فأيش تصنع بقوله: والرحل? قال: من ذا أفر. وصعد في الدرجة.
قال: الشعر معناه يا صاحب العنس الضامر والرحل. فقال:

يا صاح يا ذا الضامر العنس

وقال أبو العباس: المرغوس: ذو المال والولد، يقال رغسه الله مالاً، أي أعطاه مالاً وولداً كثيراً.
والعربسيس: الداهية. وقال: الدين: الطاعة، والدين: الدأب.
وأنشد:

تقول وقد درأت لها وضيني

 

أهذا دينـه أبـداً ودينـى

أي دأبه ودأبي. قال: و"مالك يوم الدين" أي يوم الجزاء.
ويقال: من أراد البقاء ولا بقاء فليخفف الرداء، وليؤخر العشاء، وليباكر الغداء، وليجد الخراء، وليقل غشيان النساء. فليخفف الرداء، يقال هو الدين. وليجد الخراء، قال: كانوا يتفاخرون بهذا. قال: وكأنه أراد: لو زاد شئ في العمر لزاد هذا، ويراد به العافية. وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فأوف لنا الكيل" قال: كانت بضاعتهم مزجاة فقالوا له: خذ منا وأوف لنا الكيل.
وقال: يعسوب قريش: سيدهم، مثل اليعسوب ذكر النحل.
وقال: يقال: الطابع والطابع، والطابق والطابق.
آخر الجزء السادس من مجالس أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين

الجزء السابع

ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ثعلب قال: قال ابن الأعرابي: حدثني شيخ عن محمد بن سعيد الأموي، عن عبد الملك بن عمير قال: كنت عند الحجاج بن يوسف، فقال لرجل من أهل الشام: هل أصابك مطر? قال: نعم، أصابني مطر أسال الإكام، وأدحض التلاع، وخرق الرجع، فجئتك في مثل مجر الضبع. ثم سأل رجلاً من أهل الحجاز: هل أصابك مطر? فقال: نعم سقتني الأسمية، فغيبت الشفار، وأطفئت النار، وتشكت الناسء، وتظالمت المعزى، واحتلبت الدرة بالجرة. ثم سأل رجلاً من أهل فارس فقال: نعم، ولا أحسن كما قال هؤلاء، إلا أني لم أزل في ماء وطين حتى وصلت إليك.
وسئل أعرابي عن المطر فقال: مطرنا بعراقي الدلاء، وهي ملاء.
قال أبو العباس ثعلب: وقال أبو الحسن المدائني: سئل أعرابي عن المطر فقال: أصابنا مطر نقع في الأرض فشربت منه الغنم، فحسنت أصواتها، ولانت أصوافها.
وسئل أعرابي عن المطر فقال: لقينى من أمطرها بموضع كذا وكذا، ثم دفعها وراءه، فانقطع خبرى ولم ينقطع المطر. قال أبو العباس: وسأل سليمان بن عبد الملك أعرابياً عن المطر، فقال: أصابنا مطر انعقد منه الثرى، واستؤصل منه العرق، ولم نر وادياً دارئاً.
وكان أعرابي ضرير تقوده ابنته وترعى غنيمات لها، فرأت سحابة فقال: يا أبة، جاءتك السماء. فقال: كيف ترينها? فقال: كأنها فرس دهماء تجر جلالها. قال: ارعى غنيماتك. فرعت ملياً ثم قالت: يا أبه، جاءتك السماء. قال: كيف ترينها? قالت: كأنها عين جمل طريف. قال: ارعى غنيماتك. فرعت ملياً ثم قالت: يا ابه، جاءتك السماء. فقال: كيف ترينها? قالت: سطحت وابيضت. قال: أدخلي غنيماتك. فجاءت السماء بشئ شطأ له الزرع أينع، وخضر ونضر.
وقال أعرابي من طيئ: بعث قوم رائداً فقالوا: ما وراءك? فقال: عشب وتعاشيب، وكمأة متفرقة شيب، تقلعها بأخفافها النيب.
حدثنا أبو العباس قال: قال أبو الحسن المدائني: بعث يزيد بن المهلب، سريعاً مولى عمرو بن حريث، إلى سليمان بن عبد الملك، فقال سريع: فعلمت أنه سيسألني عن المطر، ولم أكن أرتق بين كلمتين، فدعوت أعرابياً فأعطيته درهماً، وقلت له: كيف تقول إذا سئلت عن المطر? فكتبت ما قال، ثم جعلته بينى وبين القربوس حتى حفظته، فلما قدمت قرأ كتابي ثم قال: كيف المطر? فقلت: يا أمير المؤمنين، عقد الثرى، واستأصل العرق، ولم أر وادياً دائا. فقال سليمان هذا كلام لست بأبى عذره. فقلت: بلى فقال: اصدقني. فصدقته فضحك حتى فحص برجليه، ثم قال: لقيته الله ابن بجدتها، أي عالماً بها.
قال: وقيل لرجل: كيف كلأ أرضك? قال: أصابتنا ديمة بعد ديمة، على عهاد غير قديمة؛ فالناب تشبع قبل الفطيمة.
وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي: أحسن ما تكون المرأة غب نفاسها، وغب بنائها، وغب السماء، وغب النوم. واحسن ما تكون الفرس غب نتاجها.
وقيل لابنة الخس: ما أحسن شئ? قالت: غادية في إثر سارية، في نبخاء قاوية. وقد قالوا: نفخاء رابية قالوا: ليس بها رمل ولا حجارة، الجمع نفاخي. ونبت الرابية أحسن من نبت الأودية؛ لأن السيل يصرع الشجر فيقذفه في الأودية ويلقى عليه الدمن. وقال: النبات في موضع مشرف أحسن.
وقالت أيضاً: أحسن شئ سارية في إثر غادية، في روضة أنف قد أكل منها وترك. كذا كان عندها أحسن.
وقيل لأعرابي: أي مطر أصابك? قال: أصابنا مطير كسيل شعاب السخبر فروى التلعة المحلة. شعاب السخبر: عرضها ضيق وطولها قدر رمية بحجر. والتلعة المحلة: التي تحل بيتاً أو بيتين.
ويقال: قد حنأت الأرض تحنأ، وهي حانئة: اخضرت والتف نبتها. فإذا أدبر المطر تغير نبتها وقيل: اصحامت فهي مصحامة.
وقال أبو داود العرابي: تركنا بني فلان في ضغيغة من الضغائغ وهي العشب والكلأ الكثير- وتركناهم في خافية من الكلأ- في أرض خافية منكرة لا يتوارى ثراها، تقئ الماء قيئا.
ويقال بقل رابج: ممتلئ ندى وماء. وقال:

رعت من الصمان بقلاً آرجا

 

وصلياناً ونصـياً رابـجـا

ويقال: رعينا رقة الطريفة، وهي الصليان والنصى. والرقة: أول خروج نباتها رطبا.
وقالت الينمة: أنا الينمة، أغبق الصبى قبل العتمة، وأكب الثمال فوق الأكمة. الثمال: كهيئة زبد الغنم.
وقال أبو العباس: قيل لأعرابي: هل لك في البادية? قال: أما ما دام السعدان مستلقياً فلا. وهو أبداً مستلق. كره البادية.
حدثنا أبو العباس قال: قال العتبى: حدثنى أبى قال: خرج الحجاج إلى ظهرنا هذا، فلقى أعراباً قد انحدروا للميرة، فقال: كيف تركتم السماء وراءكم? فقال متكلمهم: أصابتنا سماء بالمثل، مثل القوائم، حيث انقطع الرمث، بضرب فيه تفتير، وهو على ذلك يعضد ويرسغ ثم أصابتنا سماء أميثل منها، نسيل الدماث والتلعة الزهيدة. فلما كنا حذاء الحفر أصابنا ضرس جود ملأ الإخاذ فأقبل الحجاج على زياد بن عمرو العتكي فقال: ما يقول هذا الأعرابي? قال: ما أنا وما يقول، إنما أنا صاحب رمح وسيف. قال: بل أنت صاحب مجداف وقلس، اسبح. فجعل يفحص الثرى ويقول: لقد رأيتني وإن المصعب ليعطينى مائة ألف، وها أنا ذا أسبح بين يدي الحجاج.
قال: قيل لأعرابي: ما اشد البرد? قال: إذا كانت السماء نقية، والأرض ندية، والريح شامية.
وقيل لآخر: ما اشد البرد? قال: إذا صفت الخضراء، ونديت الدقعاء، وهبت الجربياء.
وقيل لآخر: ما أشد البرد? قال: إذا دمعت العينان، وقطر المنخران، ولجلج اللسان.
 قال: وخرجت ابنى معقر البارقى -وكان أعمى-وتقوده، فراحت عليه رائحة من روائح الصيف فقال: يا بنية انظرى ما ترين? فقال: أرى سحماء عقاقة، كأنها حولاء ناقة، ذات هيدب دان، وسير وان. فقال: أجلسينى إلى أصل قفلة: فإنها لا تنبت إلا بمنجاة من السيل. القفلة: شجرة. عقاقة: تنشق بالبرق انشقاقاً. والحولاء: ما يخرج من رحم الناقة مع الولد، والهيدب: مثل هدب الثوب تراه متعلقاً دون السحاب. وإن: فاتر.
وحدثنا أبو العباس قال: حكى عن الأصمعي قال: سئل أعرابي عن المطر فقال: أخذتنا السماء بدث، يؤذى المسافر، ولا يرضى الحاضر، ثم رككت، ثم رسغت، ثم خنقت وغرقت، ثم أخذنا جار الضبع، فلو قذفت في الأرض بضعة لم تقض.
رككت: رققت وضعفت؛ والركيك: الضعيف. رسغت: بلغ الثرى من الأرض بقدر مدخل الكف فيها إلى الرسع. خنقت: أي خنقت الزبى. وواجد الزبى زبية، وهي ما ارتفع من الأرض، يحفر فيه للسبع. لم تقض: لو ألقيت بضعة في الأرض لم يصبها قضض، لكثرة الندى والعشب. والقضض: حصى صغار.
وحدثنا أبو العباس قال: قال الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: سمعت ذا الرمة يقول: قاتل الله أمة بني فلان ما أعرابها، سألتها عن المر فقالت: غثنا ما شئنا، أي أصابنا الغيث، من قولك غيث الناس فهم مغيثون.
وقال: قال أعرابي ونظر إلى السماء مخيلة: هذا صيب لا تؤمن به الدوافع أن تدرأ عليكم بسيولها، فتحولوا بأخبيتكم إلى التلاع. وإن تليحوا من الموت فللموت باب أنتم لا بد داخلوه.
وأنشد:

تليح من الموت الذي هو واقع

 

وللموت باب أنت لا بد داخله

قال: لقى رجل من بنى شيبان رجلاً فسأله عن المطر فقال: أصابتنا أمطار حسنة اشتد لها ما استرخى من الأرض، واسترخى لها ما اشتد منها، أي اشترخى لها جلد الأرض واشتد الرمل لما ندى. وهذا مثل قول العجاج يصف رملة:

عزز منها وهي ذات إسهـال

 

ضرب سوارى ديمة وتهطال

عزز: شدد.

وسئل أعرابي: هل أصابكم مطر? فقال: نعم مور الأكمة، وسيل الطريق. مور: جعلها تسيح.

ابن كناسة: شام أعرابي برقاً فقال لابنته: انظرى أين ترينه? فقال:

أناخ بذى بقر بـركـه

 

كأن على عضديه كتافا

ثم قال لها بعد قليل: عودى فشيمى. فقالت:

نحته الصبا ومرته الجنـو

 

ب وانتجفته الشمال انتجافا

قال الأصمعي: خرج صالح بن عبد الرحمن يسير بين الحيرة والكوفة، فإذا هو براكب فقال: ممن أنت? فقال: من بنى سعد، فممن أنت? فإني أرى بزة ظاهرة وجلدة حسنة. فقال بعض أصحاب صالح: أتقول هذا للأمير?! فقال صالح: دعوه فلم يقل إلا خيراً. ثم استخبره عن المطر فقال: أقبلت حتى إذا كنت بين هذا الحزن والسهل، وفي كفة النخل -ناحيته- رأيت خرجاً من السحاب، منكفت الأعالي، لاحق التوالي، فهو غاد عليك أو سار، يسيل السلان ويروى الغدران.
وحدثنا أبو العباس قال: قال أعرابي من طى: بعث قوم رائداً فقال: رأيت بقلاً وبقيلا، وماء غللاً سيلا، يشبع الجمل البروك وتشكت النساء، وهم الرجل بأخيه. قوله: يشبع الجمل البروك، أي لو قام لم يتمكن منه لقصره. وقوله: تشكت النساء، اتخذت شكاء؛ والشكوة: القربة الصغيرة. أراد أن اللبن لم يكثر فيمخض في الوطاب. وهم الرجل بأخيه، أي هم بالعطف على أخيه وصلته، حين رأى أوائل الغيث، لأنهم لا يتعطفون إلا في الخصب. وإذا كان الجدب كان كل إنسان مشغولاً بنفسه.
وقال أبو العباس: قال الأصمعي: أرسلت بنو سعد رائداً، فلما صار بمنزلهم من الدهناء ويبرين قال: هذا حيث عفا الأثر، وانقطع الحجر، وكثر الشجر، وقربت هجر. انقطع الحجر: صاروا إلى الرمل.
قال أبو مجيب الربعة: إذا أصاب المطر العرفج فأول تأثير المطر فيه أن يمأد عوده، وهو انتفاخه واسمئداده. ثم يتفطر، وتفطره أن ينفذ النبت منه. ثم يخضب، وخضوبه أن يخرج ورقه ثم ينتشر. ثم يدبى. وإدباؤه أن ينشف نبته ويتآزر ثم يهدر وهدره أن يتام بقله قبل أن يثمر. ثم إثماره، ثم مصوحه" وهو ذهاب بلله. ثم يقال عقب يعقب أشد العقب، وهو أن يميل ويدق عوده ويصفر ثمره. ثم ليس بعد ذلك إلا يبسه.
وقال: أوصى الهلالى راعييه فقال: أراعياها العرفج؛ فإنها تأدمه بأرياقها إذا أكلته. وذلك أنها إذا أكلته حلب أرياقها فكثرت، فتسترط العرفج لكثرة أرياقها وإن كانت عطاشاً. قال: العرفج يرى راعيته تواجب هزالاً وهي رفد دائمة الألبان كثيرتها، عظيمة المحالب. تواجب: أي ترزح وتلزم الأرض.
قال الأصمعي: سأل رجل من أهل الحضر رجلاً من أهل البادية: هل عندكم ما يرعى? فقال البدوى وهو يهزأ به: نعم، عندنا مقمل، ومدب، وباقل، وحانط، وثامر، ووارس. وإنما عنى بذلك كله الرمث؛ لأن الرمث أول ما يتفطر بالنبت يقال له قد أقمل، فإذا زاد على ذلك التفطر شيئاً قيل قد أدبى، وهو الباقل، ثم الحانط، والحانط: المدرك من كل شئ. والثامر: الذي قد أخرج ثمره. والوارس: الذي قد اصفر وكاد يتحات ويتساقط، يقال قد أورس الشجر، إذا دخلته صفرة؛ فالوارس: ذو الصفرة. ومنه قول امرئ القيس:

حجارة غيل وارسات بطحلب

حدثنا أبو العباس قال: قال ابن الأعرابي: قال أبو صالح التميمي: إن رجلاً من الأعراب سأل رجلين أعرابيين فقال: أنى مطرتما? قالا: مطرنا بمكان كذا وكذا. قال: فماذا أصابكما من المطر? قالا: حاجتنا. قال: فماذا سيل عليكما? قالا: ملنا لوادى كذا وكذا، فوجدناه مكسراً، وملنا لوادى كذا وكذا فوجدناه قد سالت معنانه، وملنا لوادى كذا وكذا فوجدناه مشطئاً. قال: فما وجدتما أرض بنى فلان? قالا: وجدناها ممطورة قد ألس غميرها، وأخوص شجرها، وأدلس نصيها، وأليث سخبرها، وأخلس حليها، ونببت عجلتها.
والعجلة: بقلة مستطيلة مع الأرض إذا نببت. وإنما يعنى بنببت صار لها أنابيب. ويعنى بأخلس حليها صار فيه خضرة. وكذا يقال للحلى إذا خرجت فيه خضرة طرية، يقال قد أخلس. أليث سخبرها، يعنى اشتغل ورقاً. ويعنى بالمكسر الذي سالت جرفته. ومعنانه: جوانبه. ومشطئ: سال شطاه ولم يسل بأجمعه.
وقال رجل لرجل: كيف وجدت أرض بنى فلان? قال: وجدتها أرضاً شبعت قلوصها، ونسيت شاتها يعني لا تذكر. قال: فهل مع ذلك خوصة? قال: شئ قليل. قال: والله ما أحمدت، وإن كان القوم لصالحين.
وأخصبت الخصب عند العرب -فيما ذكر أبو صالح- إذا كان الخوض وافراً.
قال أبو مجيب -وكان أعرابياً من بنى ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم-: لقد رأيتنا في أرض عجفاء وزمان أعجف، وشجر أعشم، في قف غليظ، وجادة مدرعة غبراء. فبينا نحن كذلك، إذ أنشأ الله من السماء غيثاً مستكفاً نشؤه، مسبلة عزالية، ضخاماُ قطره، جواداً صوبه، زاكياً، أنزله الله فنعش به أموالنا، ووصل به طرقنا. وأصابنا وإن لبنوطة بعيدة الأرجاء، فاهرمع مطرها، حتى رأيتنا وما غير السماء والماء، وصهوات الطلح؛ فضرب السيل النجاف، ومأ الأدوية فزعبها فما لبثنا إلا عشراً حتى رأيتها روضة تندى.
مدرعة: أكل ما حولها؛ شاة درعاء، إذا ابيض رأسها وسائرها أسود.
وقال رائد مرة: تركت الأرض مخضرة كأنها حولاء، بها قصيصة رقطاء، وعرفجة خاضبة، وقتادة مزبدة، وعوسج كأنه النعام من سواده. مزبدة: قد أورقت.
قال أعرابي: ليس الحيا، بالسحيبة تتبع أذناب أعاصير الريح، ولكن كل ليلة مسبل رواقها، منقطع نطاقها، تبيت آذان ضانها تنطف حتى الصباح.
قال أبو عبيدة: قلت لأعرابي: ما أسح الغيث? قال: ما ألقحته الجنوب، ومرته الصبا، ونتجته الشمال. ثم قال: أهلك والليل ما يرى إلا أنه قد أخذه.
قال الأصمعي: أجود بيت قيل في الغيث بيت الهذلى:

لتلقحه ريح الجنوب وتقبل الش

 

مال نتاجاً والصبا حالب يمرى

وقال الكميت:

مرته الجنوب فلما أكفه

 

ر حلت عزاليه الشمأل

قال: وقف أعرابي على قوم من الحاج فقال: يا قوم، بدء شأنى والذي ألفجنى إلى مسألتكم، أن الغيث كان قد قوى عنا، ثم تكرفأ السحاب، وشصا الرباب، وادلهم سيقه، وارتجس ريقه، وقلنا هذا عام باكر الوسمى، محمود السمى. ثم هبت له الشمال فاحزألت طخاريره، وتقزع كرفئه متياسراً، ثم تتبع لمعان البرق، حيث تشيمه الأبصار، وتحده النظار، ومرت الجنوب ماءه، فقوض الحي مزلمين نحوه، فسرحنا المال فيه، فكان وخماً وخيماً، فأساف المال، وأضف الحال، فبقيا لا تيسر لنا حلوبة، ولا تنسل لنا قتوبة. وفي ذلك يقول شاعرنا:

ومن يرع بقلاً من سويقة يغتبق

 

قراحاً قـول كـل صـلـيق

ذكر مزيد جدباً فقال: أصبحت الأرض والله قد جلح شجرها، وحبس مطرها، ودرع مرتعها، واغبرت جوادها، وأطلب مالها، وذهب دقها، واستدركت ذخائرها، وشاجر مالها، وكثرت حتى قهرت.

تدريع المربع: أن يؤكل كل ما ولى الماء منه. والدرعة: ما حول الماء من الأرض التي قد أكلت، يعنى أنه ليس فيها شئ. وجواد الأرض: جماع جادة، والجادة؛ شرك لطريق كأنها جدة في الأرض، فإذا كان الجدب اغبرت فثار منها الغبار، حتى ترى عرقوبى الرجل مغبرين، كما قال الشاعر:

إذا اغبر أعقاب الرجال من المحل

فإذا كان الحيا لبدها المطر فلم تغبر.
وقال: قد أطلب مالها وأطلب ماؤها سواء، يقال مال مطلب وماء مطلب. وذخائر الأرض: ما كان من عشبها في جبل يدفع عنه الأكلة وعورته، أو في رمل تدفع عنه وعوثته، أو في قرب المرتع وبعدات الأرض. قال ذو الرمة:

ذخير رمل دافعت عـقـداتـه

 

أذى الشمس عنه بالركام العقنقل

ويقال قد شاجر المال، إذا لم يأكل غير الشجرن وفقد الدق والطرائف. وقال حكيم بن معية الربعى ينعت إبلاً:

ترفد في الصر وإن تشاجر

 

تكن مجاليح الشتاء الجازر

والمجاليح: التي لا تحارد. وقوله كثرت أي كثرتها الخيل. وقهرها أن يؤكل مرتعها أجمع.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فإن عثر على أنهما" أي اطلع عليهما بسوء.
القضب: ما أكله الدابة، والرطبة. والأب: ما أخرجت الأرض.
"وقد خلقكم أطواراً قال: خلقاً مختلفة.
وأنشدنا أبو العباس لغادية بنت قزعة، تقوله لابنها مرهب:

يا ليته قد كان شيخاً أرمصا

 

تشبه الهامة منه الدومصا

الدومص: البيضة.

فد كره القيام إلا بالـعـصـا

 

والسقى إلا أن يعد الفـرصـا

أو عن يذود ماله عن ينغصـا

 

وليته في الشول قد تقرمصـا

على نواحي شجر قد أخوصـا

 

وزارع بالسوط علندى مرقصا

إذا رآه في السنام أقـلـصـا

 

وأزهقت عظامه وأخلـصـا

فلا يبالي مرهب أن ينقصـا

 

 

قولها: أن ينغصا، يعنى شرب إبله يحال بينها وبين أن تشرب، يمنع نصيبه من الماء. وتقرمص، القرموص: الحفيرة التي تعمل ليستدفأ بها. وأخوص الشجر: صار له خوص. وزاع بالسوط، هو أن يحركه ويعطفه. وأزهقت عظامه، أي سمنت، وهو من الزاهق. وأخلص: كثر نقيه. وأقلص في سنامه: حمل فيه شحماً. لا يبالي مرهب أن ينقصه رعيه.
وأنشد:

يا رب مولى شانئ مباغـض

 

على ذي ضغن وضب فارض

له قرو كقـرو الـحـائض

 

 

وقال أبو العباس: العقار: خيار متاع بيت الرجل.
ويقال طخرت المرأة وطهرت، لغتان، والفتح أكثر. وطلقت وطلقت. والضم أكثر. ويقال قبلت فلاناً وقبلت به واحد.
وأنشد:

ألا ربما لم نعط زيقاً بحكمـه

 

وأدى إلينا الحكم والغل لازب

أراد لم نعط زيقاً حكمه، وأنشد:

هن الحرائر لا ربات أحمـرة

 

سود المحاجر لا يقرأن بالسور

أراد: لا يقرأن السور.
وقال أبو العباس: ابن عرس، وابن نعش، وابن آوى، وابن قترة، وابن تمرة، وابن أوبر. قال: هؤلاء الأحرف واحدهن مذكر وجماعتهن مؤنثة، لأنهن لسن من جمع الناس. إذا قلت ثلاث أو أربع أو خمس قلتها بالتاء.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" قال: هذا مثل الجزاء، مثل قولهم إذا قمت قمت، وإذا فعلت فعلت، وقيامى مع قيامك، أي الاستعاذة والقرآن معاً، أي اجعل مع قراءتك الاستعاذة، كقولهم: اجعل قيامك مع قيام زيد.
وآتيك إذا احمر البسر، أي في وقت أن يحمر البسر، في قوله الخليل.
وقال: العبقري: كل جيد وبالغ. وعبقر: موضع ينسبون إليه كل جيد وبالغ.
إذن أنت طالق، قال: تأويلها التأخير، على معنى أنت طالق إذن. وقولهم: إذن زيد قائم، إذن إذا وليت الأسماء بطلت.
وأنشد:

ما إن أتيت بشئ أنت تكـرهـه

 

إذن فلا رفعت سوطى إلى يدى

إذن فعاقبني ربـى مـعـاقـبة

 

قرت بها عين من يأتيك بالحسد

معنى الحمد لله: أوجبت الحمد لله.
النحوص: السمينة التي لم تحمل، وهو من الحمير أكثر، ومن الإبل العائط.
وأنشد:

فريقين من شعبين شتى تجاورا

 

قليلاً وكانا بالتفرق أمتـعـا

قال: كان الذي متع كل واحد صاحبه به أن فارقه.
وأنشد:

لما رأى لبد النسور تطايرت

 

رفع القوادم كالفقير الأعزل

اللبد: آخر النسور. الفقير: المكسور الفقار. الأعزل: الذي لا سلاح معه: وأنشد

والليل كالدأماء مستشـعـر

 

من دونه لوناً كلون السدوس

الدأماء: البحر، أي غطى كل شئ كما يغطى البحر كل شئ السدوس: الطيلسان.
وأنشد:

نعم الله ها بذا الوجه عـينـاً

 

وبه مرحباً وأهلاً وسـهـلاً

حين قالت لا تخرجن حديثى

 

يابن عمى فديت قلت أجل لا

لم نرحب بأن سخطت ولكن

 

مرحباً بالرضاء منك وأهلا

قال: راضيته رضاء، ممدود من المفاعلة من أرضيته. وقال رضيت رضاً شاذ من الباب، لأنه من عمى عمى. وطوى طوى، كلها مفتوحة، فلما جاء هذا مكسورةً مخالفاً مد.
لأنك طالق. قال: أوجب لها الطلاق، التأويل لقيامك أو لأنك فعلت كذا. قد تواطح القوم: مثل تضافروا. والطيخ: الفساد.
المفاضل، والمباذل، والموادع: الثياب التي تلبسها المرأة في البيت.
وأنشد:

أأجعل نفسي دون علج كـأنـمـا

 

يموت به كلب إذا مات أبـقـع

أقدمه قدام نـفـسـي وأتـقـى

 

به الموت إن الصوف للخز ميدع

وقيل لهند بنت الخس: ما حملك على أن زنيت بعبدك? قالت: قرب الوساد وطول السواد. السواد: المسارة.
والصوان: التخت.
تبت يده: خسرت وضاعت، ومنه التتبيب. والتتبيب في الجلوس: تباعد الفخذين من عظم الجهاز.
وأنشد:

محب كإحباب السقيم وإنمـا

 

به أسف ألا يرى ما يساوره

قال: يصف الأسد. ويقال: أحب البعير، إذا قام.
ويقال الجداد والجداد، والقطاع والقطاع للصرام، والجزاز والجزاز، والحصاد والحصاد، والصرام والصرام، والرفاع والرفاع.
وأنشد:

ومستنبح يعوى الصدى لعوائه

 

تنور نارى فاستناها وأومضا

أي نظر إلى سناها وإلى وميضها.
الدلامص: البيضة، أخذت من ولص يدلص، والميم زائدة، يزيدون الحرف على الحرف. والدلامص والدلمص: من الدليص، والدليص والدلاص: البراق.
ويقال ما به وذيه ولا ظبظاب، ولا ذباح، ولا كدشة، ولا مدشة، ولا خرشة، ولا نكبة، ولا جدجد، أي ليس به خدش. الظبظاب: البثر يكون في أصل الأجفان. الذباح: تشقق ظواهر الأيدي. وأرانا بيده اليمنى على ظهر اليسرى. والزماح: طائر كان يأتيهم في الزمان الأول فيأخذ الصبى، فرماه إنسان أعسر فقتله؛ فما أكل من لحمه أحد إلا مات. وقال: وله قصة طويلة.
وأنشد:

أعلى الوصل بعدنا أم عمرو

 

ليت شعرى أم غالها الزماح

الأون: الدعة. والأين: الإعياء، والأين أيضاً: الحية، والأيم أيضاً، وجمعها أيون وأيوم، على فعل وفعلو. وأنشد:

مر الليالي واختلاف الجون

 

وسفر كان قـلـيل الأون

والجون: الليل والنهار، وهو الأبيض والأسود جميعاً؛ لأنه من الأضداد. والجونة: الشمس. وأنشد:

يبادر الجونة أن تغيبا

وقال أبو العباس: دخدخ فلان فلاناً إذا أذله وذلله. يقال للظباء: إذا وردت الماء فلا عباب، وإذا لم ترد الماء فلا أباب. أي لا تتهيأ لوروده. ولا عباب: لا تعبأ به.
"عسى ربكم أن يرحمكم" أي ما أقربه. قال: هذه تسمى المقاربة. عسى عبد الله يقوم، مثل كاد عبد الله يقوم. وإذا أدخل أن فإنه يقول قارب أن يقوم. وأنشد:

عسى الغوير أبؤسا

أي عسى أن يكون، مثل كان عبد الله قائماً. قال: وهو شاذ. عسى زيد قائماً شاذ.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "إذا جاءك المؤمنات يبايعنك قال: سماهن مؤمنات قبل أن يؤمن لأنهن اعتقدن الإيمان.
وقال في قوله تعالى "فآمنوا خيراً لكم" قال: الكسائي يقول فيها: فآمنوا يكن خيراً لكم. والفراء قال: فآمنوا إيماناً خيراً لكم. والخليل يقول: أضمر افعلوا خيراً لكم.
وقال أبو العباس: نظرت وانتظرت بمعنى واحد. الكوثع: اللئيم.
يقال مر يا هذا، فإذا ازدادوا قالوا أومر، إنما فعلوا ذلك ردوه إلى أصله وهو أؤمر، فأسقطوا الهمزة ولم يبتدئوا بساكن، فأسقطوا الألف فلما جاءت الواو ردوا الألف. وحذف كل في الأصل مثلها، ولم تسمع إلا هكذا.
ساءلت وسايلت، بالهمز وإسقاط الهمز، ويتسايلان مثله. وأنشد لبلال بن جرير:

إذا ضفتهم أو سآيلتـهـم

 

وجدت بهم علة حاضرة

فكأنه لم يعرفه، فلما فهم قال: هذا جمع بين اللغتين الهمزة والياء.
وأنشد:

وكل الذي يأتي فأنت نسيبـه

 

ولست لشئ قد مضى بنسيب

الشفق يقال هو البياض، ويقال الحمرة، وهو عنده الحمرة. دلكت الشمس: غابت.

حتى دلكت براحى

أي دفعتها براحتى. ومن قال براح فهو اسم للشمس.
إذا لها ثلاثة أوجه، معنى إن: ومعنى الوقت، ومعنى المفاجأة.
"قل للذين آمنوا يغفروا" قال: هذا بمكة. وقال الفراء: هو جزاء، وفيه شئ من الحكاية.
الباحور، والسهور، والسنمار: القمر. قال: والساهور: شئ يتبع القمر.
يا صاحب الرمانة الفالقها هو، لا بد من هو معها. والفالقها لا يحتاج إلى هو إذا خفض؛ لأن الفعل لغير الألف واللأم، وإذا نصب كان معناها الذي فلقها.
وأنشد لسلمة بن الخرشب:

قد زوجت أحمـر ضـياطـيا

 

تحسبه إذا مـشـى خـصـيا

من طول ما قد حالف الكرسيا

 

 

قال: تحسبه خصياً مما تفحج من القعود. والضياطى: الذي يلزم بيته. وفي كتاب ابن حبيب: هو الذي لا يفارق مجلسه.
قال الفراء: أنت رجل قائم، يكون صلة ولا يكون صلة، ويكون حالاً ولا يكون حالاً وأنت، هو الرجل، والرجل هو أنت.
وقال أبو العباس: لا يصح الشعر ولا الغريب ولا القرآن إلا بالنحو. النحو ميزان هذا كله. وقال: تعلموا النحو فإنه أعلى المراتب.
الحلزة: الشجرة.
"وهو بالأفق الأعلى" قال: بأعلى الأفق، وهو جبريل عليه السلام.
"وإنه لتذكرة" الهاء راجعة على القران.
وأنشد:

ما للغواني إذا ما جئت قد جعلت

 

تلقى البراقع من دونى وتبتسـم

لا يتحتثين ولا يحـثـين واحـدة

 

وعندهن تراب الأرض والأكم

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فتصيبكم منهم معرة": أي يصيبكم أمر تكرهونه، وهو أخذ الديات. والعر: الجرب.
وقال: كل ما كان مثل عباس والعباس، وحسن والحسن، فإدخال الألف واللام وإخراجهما عند الكسائي والفراء واحد. وقال الخليل: إذا أسقطتهما فلا يكون الأسم الأول، فلا يسقطهما إلا وقد حول المعنى. وقال الكسائي والفراء: إذا سمينا بالحسن والعباس وكان نعتاً فقد خرج إلى الأسم، والأسم لا يحتاج إلى الألف واللام، لأنك تقول هذا زيد الساعة وغداً وأمس، فتكون له الحالات، فإذا قلت الحسن فنزلت الألف واللام فيه فهو للمعهود، فقد خرج إذا سميت به من ذلك الطريق.
وقال: الرغامى: زيادة الكبد. وأنشد:

يبل من ماء الرغامى ليته

وأنشد:

وحل بقلبي من جوى الحب مـيتة

 

كمامات مسقى الضياح على الألب

ألب يألب، إذا اجتمع.
الحوم والحومان: أن تطوف حول الماء ولا تشرب. الوتيرة: الطريقة من التواتر.
وأنشد:

وأشربتها الأقران حتى أنختها

 

بقرح وقد ألقين كل جـنـين

فأصدرت منها عيبة ذات حلة

 

وليس أبى الجارود غير بطين

قال: هذا الفتى أخذ إبلا قرنها، أي باعها واشترى بثمنها عيبة فيها حلة.
وأنشد:

يقول وقد نكبتها عـن بـلادهـا

 

أتفعل هذا يا جؤى على عـمـد

فقلت له قد كنت فيها مقـصـراً

 

وقد ذهبت في غير أجر ولا حمد

ستأتيك منها إن سلمت عـصـابة

 

وخفان لكامان للقلـع الـكـبـد

يقول هذا اللص: تأخذ إبلى وقد عرفتها. وقوله: وقد كنت فيها مقصراً أي كنت لا تهب لي ولا تسقيني منها. ستأتيك إن سلمت، يهزأ به يقول: إني سوف أهدى لك ثمنها، إن بعتها: عمامة وخفين.
وقال أبو العباس: النسبة إلى ابن بنوى، وابنى. وقال: دمى ودموى، وبنت وابن واحد.
وأنشد:

وقد أكون مرة نطيسا

طباً بأدواء الصبا نقريسا

يحسب يوم الجمعة الخميسا

قال: لا يلتفت إلى الأيام، قد ذهب عقله من الشوق.
قائم أخوك، قال: الفراء يجيزه، والكسائي لا يقوله إلا مع اسم، والفراء يريد من قائم فأخوك.
وأنشد:

ونشاصى إذا نفزعـه

 

لم يكد يلجم إلا ما قسر

وقال: المنهل؛ الماء بعينه الذي ينهل منه، من النهل، والنهل: الشرب الروى؛ والناهل: العطشان؛ والناهل: الراوى.
وأنشد:

يروى بهن النهل النواهل

وأنشد:

ومنهل من الفلا في أوسطـه

 

من ذا وهذاك وذا في مسقطه

أي موضع يجتمع فيه الماء فيكثر فيه.
وأنشد:

ومنهل أعور إحدى العينـين

 

بصير أخرى وأصم الأذنين

قطعته بالسمت لا بالسمتين

 

 

قال: هذا منهل كانت فيه عينان فعورت إحداهما. وأصم ألأذنين، أي ليس فيه جبل يجيب الصدى. وقطعته بالسمت، أي قيل لي مرة واحدة.
وأنشد:

على صفة أو لم يصف لي واصف

قال: هذا مثله وأحذق منه.
وأنشد:

يسير الدليل بها خيفة

 

وما بكآبته من خفاء

قال: لا علم بها.
وأنشد:

فما زال سوطى في قرابى ومحجنى

 

وما زلت منه في عروض أذودها

يقول: ضربته بالأمس فكأنه تأدب فكفاني أن أضربه اليوم.
وأنشد:

عصاه استه وجى العجاية بالفهر

قال: هذا راع ليس معه عصا، فهو يحرك استه على الحمار حتى يسير. والعجاية: العصب يضرب حتى يلين.
وقال ابن الأعرابي: أوصانا أبونا بالرجع والنجع. قال: الرجع: أن يبيع الهرمى ويشترى الطرار.
وأنشد:

لا ترتجع شارفاً تبغى فواضلها

 

بدفها من عرى الأنساع تنديب

إن القلوص إذا ما كنت مرتجعاً

 

خير وأزيد في الدنيا من النيب

تبكى على راكب أفنى عريكتها

 

وتخبر الناس عنه بالأعاجـيب

وقال: لا يكون من أفعل فعال، إلا جبار، ودراك، وسار.
وأنشد:

لا بالحضور ولا فيها بسار

قال: جبار من أجبره، وسار من أسأرت: بقيت. وسوار: مقاتل، من ساوره.
وقال: سوف يكون ذاك، وسف يكون، وسيكون، وسو يفعل، وسوف يفعل.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "قال فالحق والحق أقول": أراد فأقول الحق حقاً. ومن رفع قال فأنا الحق والحق قولى، وأقول في صلة الحق والحق يمين. ومن قال فالحق والحق قال فأنا الحق وأقول الحق.
ناقة حلوب وحلوبة، وامرأة صبور، ولا تقل صبورة. وصبور معدولة من الفعل. إذا كان مفعولاً به أدخلوا الهاء، وإذا لم يكن مفعولاً لم يدخلوا الهاء. ويقال ناقة حلوبة وجزوزة.
موقال الزاورة، غير مهموز: التي تحمل القطاة فيها الماء. والقرية والجرية: الحوصلة. ويقال الحوصلة والحوصلة والحوصلاء. ومن القرية أخذ ابن القرية.
ويقال: أثا به إلى السلطان يأثى ويأثو.
وقال: قال أبو عبد الله: قال الزبرقان بن بدر: أحب صبياننا إلينا العريض الخثلة، السابغ الغرلة، الأسوق الأعنق، الذي إذا بدا يحمق. وأبغض صبياننا إلينا الأقيصع الكمرة، الأفيطس النخرة الذي كأنه يطلع في حجره. قال: يعنى غائر العين. والخثلة والحوصلة واحد، وهو ما بين السرة إلى العانة، فإذا نتأت الخثلة أو دخل الصدر فذاك الفسأ، يقال رجل أفسأ وامرأة فساء مثل فعلاء.
قال أبو العباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس: "إذا اشتبه عليكم شئ من القرآن فاطلبوه في الشعر.
الوليد والوليدة: العبد والأمة.
خذ اللص قبل يأخذك. قال: هذا شاذ. وقال: خذ اللص قبل يأخذك، القياس. وأنشد:

ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى

 

وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى

ويورى: أحضر. وقال: الرفع القياس قال: حق لزيد يقوم، يجوز.
وقال: أحد، لا يكون إلا عاماً.
وذلك دين القيمة قال: الأمة القيمة.
لامستم ولمستم واحد.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فما خطبكم أيها المرسلون: ما حالكم، وما أمركم.
"وما ألتناهم من عملهم من شئ" قال: ما نقصناهم.
سئل عن لمست ومسست، قال: ما أقربه.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: "وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله" قال: لم يعتزلوا الله، كما تقول ضربت القوم إلا زيداً، المعنى إلا زيداً فإني لم أضربه.
وأنشد:

أعطاك يا زيد الذي يعطى النعم

 

من غير ما تمنـن ولا عـدم

بوائكاً لم تنتجع مع الـغـنـم

 

لم تك مأوى للقراد والحـلـم

بين نواصيهن والأرض قـيم

 

 

قيم: جمع قامة. بوائك: ثابتى في مكانها. قال: يريد نخلاً.
لا جناح عليك: أي لا يصيبك إثم.
وأنشد:

وطمرة كهـراوة ال

 

أعزاب ليس لها عدائد

قال: شبهها بالعصا، يعنى عصى المسافرين، لأنها ملساء لكثرة الاستعمال.
وأنشد:

تحسب الطرف عليها نجدة

 

يا لقوى للشباب المسبكر

قال: لا ترفع طرفها من حيائها.

بدلته الشمس من منبـتـه

 

برداً أبيض مسقول الأشر

ثم زارتتي وصحبى هجع

 

في خليط بين برد ونمـر

أي في قبيلتين. يعنى أنها زارته بالليل

لا يكن حبك حباً قـاتـلاً

 

ليس هذا منك ماوى بحر

أي بجميل ولا من فعل الأحرار، أن يقطعوا من أحبهم.

أرق العين خـيال لـم يقـر

 

طاف والركب بصحراء يسر

أي زارني في مكان لا يزار فيه.

يقطع البيد إلى أرحلنـا

 

آخر الليل بيعفور خدر

اليعفور: الظبى.

وإذا تلسننى ألـسـنـهـا

 

وإنني لست بموهون فقر

ويروى: غمر. فقر: مكسور الفقار.

لا كبير دالف مـن هـرم

 

أرهب الليل ولا كل الظفر

ولي الأصل الذي في مثله

 

يصلح الآبر زرع المؤتبر

وأنشد:

تلسن أهله زمناً عـلـيه

 

رماثاُ تحت مقلات نيوب

قال: سألني أبو العالية عن هذا? فقال يعقوب: هذا غريب. والمعنى فيه أنهم أقموا للناقة فصيلاً ليستدر لبنها.
والملسون: الكذاب في شعر عمارة.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: "والقيت عليك محبة منى"، قال أنا ألقيت المحبة عليك منى.
نصحت الناقة بولدها، إذا بلغت الغاية.
"وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض" قال: مقدار ما كانت السموات والأرض. قال: بمقدار ما كانت السموات والأرض. "إلا ما شاء ربك" أن ينقص أو يزيد. عطاء غير مجذود قال: غير مقطوع.
وسئل أبو العباس عن الروح والنفس، أهما واحد? فقال: أبى الله أن يعرف الروح إنسان. وقال: النفس الدم، فإذا ذهب الدم ذهبت النفس.
وقال: إن الله عز وجل قال: جعلت للكفار أن يخلدوا في النار ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء الله من غير زيادة أو نقصان.
قال: العرب تقول: لا آتيك ما أن في بحر قطرة، ولا آتيك ما دامت السماء سماء، ولا آتيك ما السماء سماء، ولا آتيك ما سمر -وأسمر- ابنا سمير، يعنى الليل والنهار. ولا آتيك هبيرة بن سعد، ولا آتيك القارظ العنزي، أي قد ذهب ذا فلا آتيك. قال: يضعون هذا موضع أبد الدهر. ولا آتيك ما اختلفت الجرة والدرة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فاعتبروا يا أولى الأبصار" قال: يا أهل العلم. ولا آتيك سجيس عجيس، وسجيس الأوجس والأوجس. ولا آتيك سجيس الليالي، وأبد الآبدين، وأبد الآباد.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: "أفلم ييئس الذين آمنوا" قال: أفلم يعلموا.
وقال في قوله تعالى: "ويكأن الله يبسط الرق" قال: بعضهم يقول: ويلك، وبعضهم يقول: اعلم أن الله. وأنشد:

ويكأن من يكن لـه نـشـب يح

 

بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

وقال في قوله تعالى: "ذلك ليعلم أنى لم أخته بالغيب": ذلك في موضع رفع ونصب أراد فعلنا ذلك، ومن رفع أراد فعلنا ليعلم ذلك، فيرفع باللام.
"أو أمضى حقباً"، الحقب سنة، والأحقاب السنون.
"كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين"، فأنشد:

كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة ال

 

رجال فأصلان الرجال أقاصره

قال: هذه البسالة خافيها. وقال أبو العباس: كذلك، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، لأنه كالفعل. وربما أدخلوه في الخطاب، يعنى أنه ربما ثنى. وقال: أكثر الكلام كذا.
وأنشد:

أن تقرآن على أسماء ويحكما

 

منى السلام وأن لا تخبرا أحدا

قال: هذه لغة، تشبه بما وأنشد:

يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما

 

وحيثما كنتما لقيتـمـا رشـدا

إن تحملا حاجة لي خف محملها

 

تستوجبا نعمة عندى بهـا ويدا

أن تقرآن على أسماء ويحكمـا

 

منى السلام وأن لا مخبرا أحدا

قال: ولو خفض فقال: قال فالحق والحق لجاز بجعله قسماً.
قال: وسمع: الله لآتينك، و: الحق لآتينك. قال: إذا جاء بالأسماء في الأقسام ومعها واو خفض، وإذا أسقط الواو نصب، الله لآتينك، الحق لآتينك. وزعم أن الأسماء كلها تدخل فيها الواو فتخفض، وتخرج الواو فتخفض وترفع. ولا يجوز النصب إلا في حرفين.

لا كعبة الله ما هجرتكـم

 

إلا وفي النفس منكم أرب

والحرف الآخر:

قضاء الله قد شفع القبورا

قال: وسمعت بعض العرب يقول: كل الله لآتينك.
وأنشد:

جاءت مع الشرق لها ظباظب

 

فغشى الذادة منها عـاكـب

قال: ظباظب: صياح وجلبة. العاكب: الغبار.
الكسائي لا ينسق على المضمر ولا يؤكده، ولكنه يجعل منه قطعاً

إذا قالوا الحمد لربنا والشكر لربنا أوجبوا أن ذا له، وإذا نصبوا وقالوا حمداً وشكراً فإنما أتبعوه كلام من شكر وذكر. وربما فعلوه في الألف واللام فقالوا: الشكر لك والحمد لك.
الخشوع: الذل. قال: ولا يلتفتون هكذا ولا هكذا. وقال: هو الإخبات.
وأنشد:

لها ردج في بيتها تـسـتـعـده

 

إذا جاءها يوماً من الدهر خاطب

قال: الردج: أول ما يخرج من البهيمة فيجعلونه طراراً.
الوجل: الفزع. والوجل والوجر واحد، وهو الفزع. ولا يكاد يقال وجلاء ولا وجراء، وكان القياس لمن قال أوجل أن يقول وجلاء، فقالوا: وجلة ووجرة وأنشد:

فخفن الجنان فقدمنه

 

فجاء به وجل أوجر

يقال رجل أوجل وأوجر، وامرأة وجلة ووجرة. ولم يجيئوا به على القياس وجلاء ووجراء. وديمة هطلاء ليس من هذا. من قال امرأة حسناء كيف يقال للذكر? فيكون على القياس رجل أحسن.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم: أي إن مثل آدم أعجب؛ لأن آدم جاء من غير نفس، وعيسى قد جاء من نفس.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: أو يحدث لهم ذكراً قال: شرفاً. "ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً قال: عطاشاً.
الأقيال العباهلة، قال: هم الملوك المطلقون.
نهى عن الاقتعاط: أن لا يجعل العمامة تحت حلقه.
في عمد ممددة هو القياس، وعمد شاذ. وممددة: طوال.
آخر الجزء السابع من مجالس أبي العباس ثعلب رحمه الله والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد

الجزء الثامن

بسم الله الرحمن الرحيم

ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ثعلب قال: حدَّثني عمر بن شبة قال:حدثني عبيد بن جناد ثنا عطاء بن مسلم عن أبي جناب الكلبي قال: أتيت كربلاء، فقلت لرجلٍ من أشراف العرب بها: بلغنا أنكم تسمعون نوح الجن? قال: ما تلقى حراً ولا عبداً إلا أخبرك أنه سمع ذلك. قلت: فأخبرني ما سمعت أنت. قال: سمعتهم يقولون:

مسح الرسول جبينـه

 

فله بريقٌ في الخدود

أبواه من عليا قـري

 

شٍ جده خير الجدود

حدَّثنا أبو العبَّاس ثنا عمر بن شبة قال حدثني عبيد قال أخبرني عطاء بن مسلم قال: قال السدي: أتيت كربلاء أبيع البز بها، فعمل لنا شيخ من طي طعاماً، فتعشينا عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلت: ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة. فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق، فأنا فيمن شرك في ذلك. فلم نبرح حتى دنا من المصباح وهو يتقد بنفط، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه فأخذت النار فيها، فأخذ يطفئها بريقه، فأخذت النار في لحيته، فعدا فألقى نفسه في الماء، فرأيته كأنه حممه.
حدَّثنا أبو العبَّاس ثنا عمر بن شبة، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ثنا الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن مضرب بن كعب بن زهير بن أبي سلمى، عن أبيه عن جده، قال: خرج كعب وبجير ابنا زهيرٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بلغا أبرق العزاف فقال لبجير: الق هذا الرجل وأنا مقيم لك ها هنا فانظر ما يقول. قال: فقدم بجير على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع منه فاسلم، وبلغ ذلك كعباً فقال:

ألا أبلغا عني بـجـيراً رسـالة

 

على أي شيء ويب غيرك دلكا

على خلقٍ لم تلق أمـاً ولا أبـا

 

عليه ولم تدرك عليه أخا لكـا

قال فبلغت أبياته رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه، وقال: "من لقى منكم كعب بن زهيرٍ فليقتله". فكتب إليه بجير أخوه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمك. ويقول له: انج وما أرى أن تنفلت. ثم كتب إليه بعد ذلك يأمره أن يسلم ويقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول له: إنه من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، قبل منه رسول الله وأسقط ما كان قبل ذلك. فأسلم كعبٌ وقال القصيدة التي اعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكان مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه مكان المائدة من القوم، حلقةً ثم حلقة ثم حلقة، وهو في وسطهم، فيقبل على هؤلاء فيحدثهم، ثم على هؤلاء ثم هؤلاء،فأقبل كعبٌ حتى دخل المسجد، فتخطى حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الأمان. قال: ومن أنت? قال: كعب بن زهير. قال: أنت الذي تقول، كيف قال يا أبا بكر? فأنشده حتى بلغ:

سقاك أبو بكر بكـأسٍ روية

 

وأنهلك المأمور منها وعلكا

فقال: ليس هكذا قلت يا رسول الله، إنما قلت:

سقاك أبو بكرٍ بكـاسٍ روية

 

وأنهلك المأمون منها وعلكا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مأمونٌ والله"، وأنشده:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

حتى أتى على آخرها.
وحدثنا أبو العبَّاس ثنا ابن شبة، حدَّثني إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدَّثني معن بن عيسى أنبأنا محمد بن عبد الرحمن الأوقص، عن ابن جدعان قال: أنشد ابن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

حدَّثنا أبو العبَّاس قال حدَّثني ابن شبة قال: حدَّثني إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة قال: أنشد كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده بالمدينة:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

فلما بلغ:

إن الرسول لسيفٌ يستضاء بـه

 

مهنَّذ من سيوف الله مسـلـول

في صحبةٍ من قريشٍ قال قائلهم

 

ببطن مكة لما أسلموا زولـوا

زالوا فما زال أنكاسٌ ولا كشف

 

لدى اللقاء ولا ميلٌ مـعـازيل

أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحلق أن يسمعوا شعر كعب بن زهير.
وحدثنا أبو العبَّاس، حدَّثني ابن شبة، حدَّثني إبراهيم، حدَّثني محمد بن الضحاك قال: سمعت أبي يقول: عن "قائلهم" الذي عنى كعب بن زهيرٍ، عمر بن الخطاب.
وقال أبو العباس: تضعضع القوم: تفرقوا؛وتضعضعوا: اتضعوا وتواضعوا. ويقال "هو يحفنا ويرفنا"، فيحفنا: يقوم بأمرنا؛ويرفنا يطمعنا ويسقينا. ويقال هذا فعال بالفتح، ولا يقال فعال بالكسر.
ويقال شملت الريح إذا هبت شمالاً. وأشملنا نحن إذا دخلنا في الشمال. وكذلك أشمل يومنا إذا دخل أيضاً في الشمال. ويقال كنا في شمال فأجنبنا، وكنا في جنوبٍ فأشملنا، إذا انقلبت من حال إلى حال دخلت فيه كذلك.
وقال أبو العبَّاس: كان الفراء يكره أن يجعل بئسما ولعلما حرفاً واحداً. وعند هؤلاء ليتما ولعلما وكل هذه الحروف شيء واحد، وما بعدها استئناف.
ويقال فلج الرجل على خصمه يفلج فلجاً وفلوجاً.
ويقال ماء سجسٌ وسجوس، إذا كان متغير الطعم.
وقال: الملك يقال له العزيز.
وأنشد:

فلما التقي الحيان واشتجر القنا

 

نزالاً وأسباب المنايا نزالهـا

تبين لي أن الـقـمـاءة ذلةٌ

 

وأن أعزاء الرجال طوالهـا

وأنشد أبو العبَّاس:

لا ينكتون الأرض عند سؤالهم

 

لتطلب العلات بـالـعـيدان

بل يبسطون وجوههم فترى لها

 

عند السؤال كأحسن الألـوان

وإذا دعوا لنزال يوم كـريهة

 

سدوا فجاج الأرض بالركبان

قوم إذا نزل الغريب بدارهـم

 

ردوه رب صواهـل وقـيان

وقال أبو العباس: الشرمح: الطويل الذي لا خير فيه.
وأنشد:

أعيني إن كان البكا رد هالكـاً

 

على أحدٍ قبلي فلا تتركا جهدا

وجودا بأهمال الدموع لعلـهـا

 

ترد حبيباً صرت من بعده فردا

وأنشد:

وما شنتا خرقاء واهية الكلـى

 

سقى بهما ساق ولما تبـلـلا

بأضيع من عينيك للدمع كلمـا

 

توهمت ربعاً أو توهمت منزلا

وأنشد:

وما كل كلب نابح يستفزني

 

ولا كلما طن الذباب أراع

وأنشد:

لقد جل قدر الكلب إن كان كلما

 

عوى وأطال النبح ألقمته الحجر

وأنشد:

أو كلما طن الذباب زجرته

 

إن الذباب إذا على كـريم

وأنشد:

يروم أذى الأحرار كل مـلاومٍ

 

وينطق بالعوراء من كان أعورا

وأنشد:

إني إذا ما لم تصلني خلتـي

 

وتباعدت مني اعتليت بعادها

وحدثنا أبو العباس قال: حدثني عمر بن شبة، قال في قول الأعشى:

ونبيت قـيسـاً ولـم آتِـهِ

 

وقد زعموا ساد أهل اليمن

فعيب عليه - أو عابه قيس نفسه - فرده قال

ونبيت قيسـاً ولـم آتِـهِ

 

على نأيه ساد أهل اليمن

وحدثنا أبو العباس قال: قال عمر بن شبة: وقف ابن الزبير على باب ميَّة، مولاة كانت لمعاوية ترفع حوائج الناس إليه. قال: قلت: يا أبا بكر، على باب مية? قال: نعم، إذا أعيتك الأمور من رؤوسها فأتها من أذنابها. قال: وأتى مية عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بقرطاس فقال: فيه حاجة لي فارفعيها إلى أمير المؤمنين. فرفعته إلى معاوية فقال: يا مية، ما أحسب هذا الرجل إلا كاذباً. قالت: لا تفعل يا أمير المؤمنين، ما يقول إلا حقاً. قال: أتدرين ما كتب? قالت: لا والله. فقرأ عليها:

سائلاً مية هل نبـهـتـهـا

 

بعد ما نامت لعرد ذي عجر

فتخاجت فتقاعسـت لـهـا

 

جلسة الجازر يستنجى الوتر

فقالت: كذب، عليه لعنة الله.
وقال: حدثني أبو سلمة الغفاري قال: رأيت حلية المهدي وحلية الرشيد، ورأيت حلية محمد بن سليمان فما رأيت مثلها.
وقال أبو العباس: نزلت بسحسحه، وعقوته، وعرصته، وعَذرته، وساحَتِه، وعَقَاته، وعقاره وعيقته وعراقه وعراه وعراته وعرقاته، وحراه وقصاه، ليس فيها شيء مهموز الألف.
وحدثنا أبو العباس قال: قال ابن الأعرابي: قال عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص - أخو مروان بن الحكم - في يوم راهط:

لحا الله قـيسـاً عـيلان إنـهـا

 

أضاعت فروج المسلمين وولت.

أتُرجعُ كلْبٌ قد حَمَتْها رِماحُهـا

 

وتُتْركَ قْتلى راهطٍ ما أجـنَّـت

فشاوِلْ بقيسٍ في الطَعاَن ولا تكن

 

أخاها إذا ما المشرفيَّةُ سُـلّـتِ

ألا إنَّما قيسُ بن عَيلانَ قـمـلة

 

إذا شربَتْ هذا العصيرَ تغنَّـتِ

قال: وسمع هشامُ بنُ عبد الملك زيدَ بن عليٍ يقول: " ما أحَبَّ الحياة أحد قط إلا ذل ". قال: فخافه منذ سمع ذلك منه.
قال: وكان الحسين بن زيد بن علي يلقب ذا الدمعة، وذلك لكثرة بكائه، فقيل له في ذلك، فقال: وهل تركت النار والسهمان لي مضحكاً? ! يريد السهمين اللذين أصابا زيد بن علي ويحيى بن زيد وقتل بخراسان.
وكان من كلام عليٍ كثيراً ما يقول في حروبه: " اللهم أنت أرضى للرضا وأسخط للسخط، وأقدر أن تغير ما كرهت، وأعلم بما يقدر على، لا تغلب على باطل، ولا تعجز عن حق، وما أنت بغافل عما يعمل الظالمون".
قال: وقال أبو زيد: تقول العرب: نؤت بالحمل أنوء به نوءاً، أي نهضت به؛ وناء بي الحمل، أي نؤت به نهوضاً. ويقال ناء النجم ينوء نوءاً، إذا سقط. ويقال نأت الرجل ينئت نئيتاً، وأن يئن أنيناً، وهما واحد، غير أن النئيت أجهرهما صوتاً. وأنت الرجل يأنت أنيتاً، وهو مثل النئيت. وتقول نأم الرجل ينئم نئيماً، وهو مثل الأنين. وتقول نأم الأسد ينئم، نئيماً، وزأر يزئر، والنئيم أهون من الزئير.ويقال أنأت اللحم أنيئه إناءةً، وأنهأته إنهاءً، وهو مناءٌ، مثل مناع، ومنهأٌ، مثل منهع، ويقال قد ناء اللحم ينيء نيئاً، ونهيء اللحم ينهأ نهئاً ونهاءة ونهوءة، وأنأته أنا إناءة.
ويقال نسأت اللبن أنسؤه نسأ، وذلك أن تأخذ حليباً فتصب عليه ماءٍ؛و الإسم النسىء غير مشدد، وقال أبو حاتم: الأسم النسيء وأنشد:

سقوني النسء ثم تكنفوني

 

عداة الله من كذب وزور

وحدثنا أبو العبَّاس قال: قال ابن الأعرابي: وأنشدني رؤبة:

خارجة أعناقها من معتنق

فيعني أعناق هذه الجبال لاث بها السراب فالتف بها فلم يبلغ أعاليها، أي أعتنقها السراب.
ويقال رجل رجلان ورجل، رجل، إذا كان راجلاً.
ويقال أحففت رأسي، إذا فعلت ذلك به، ويقال أحف رأسه وحف رأسه إذا أقل الدهن. ويقال حفي به يحفى حفاوة، من قوله عز وجل: "إنه كان بي حفياً".
وإنه ليخطر في مشيه ويخطر.
قال: والحرش: أن يجيء الرجل فيحرك يده، يمسحها على جحر الضب، فيخرج ذنبه يرى أنه حية فيخرج ذنبه ليضربها، فيأخذ الرجل بذنبه. وأما بيت الهذلي:

وإذا طرحت له الحصاة رأيته

 

ينزو لوقعتها طمور الأخيل

يقول: إذا ألقيت له الحصاة وهو نائم انتبه، من ذكاء قلبه.
ويقال قد شمرج الكلام، إذا كذب. ويقال لفلان على فلان ريم، إذا كان له عليه فضل. ويقال إنه لتاك فاك ماج، لا ينبعث من الكبر، يعني البعير. وقد يوصف به الرجل.
ويقال"نعوذ بالله من الحور بعد الكور"، يعني من الإنتقاص والإنتكاس بعد الاستقامة والفضل.
قال: وقال اللحياني: يقال طخرور وطحرور، للسحابة وغيرها. ويقال شرب حتى اطمخر واطمحر، إذا امتلأ.هو يتخوف ما لي ويتحوفه، يأخذ من أطرافه وينتقصه.
ويقال ما في السماء طخرورة وطحرورة، وطخر وطحر. ويقال ما في السماء طخاءٌ وطحاءٌ، وهو لطخ من الغيم رقيقٌ.
ويقال دربخ ودربح، إذا انحنى ظهره.
وقال أبو عبيدة: مخسول ومحسول، أي مرذول.
ويقال قد حبج وخبج إذا ضرط.
ويقال انتسف لونه وانتشف، واحتمس الديكان واحتمشا، إذا اقتتلا. ويقال حمس الشر وحمش، إذا اشتد. ويقال سننت عليه الماء وشننت. وقال الأصمعي: وسننت: صببت، يقال سن الماء على وجه، إذا صبه. وشننت فرقت، يقال شنوا عليهم الغارة، إذا فرقوها. ويقال تنسمت منه علماً وتنشمت، أي أخذت. وعطس فسمته وشمته. وأتيته بسدفه من الليل وشدفة، وسدفة وشدفة، وهو السدف والشدف. وقد جاحش في القتال وجاحس، عن الأصمعي. ويقال رجل غديان وعشيان، وصبحان وقيلان وغبقان، من الصبوح والقيل والغبوق. وحكى: "صرفانة ربعية، تصرم بالصيف وتؤكل بالشتية".
ويقال رأيت خيال إنسانٍ، وخيالة إنسان، ومخيلة إنسان. والخال من السحاب، والخال من الخيلان، والخال اللواء يعقد للأمير.ويقال إنه لذو خالٍة وذو خالٍ من الخيلاء. ويقال إني أتخيل فيك الخير وأتخول وأخيل،ساكنة الياء. وذهب القوم أخول أخول، أي متفرقين متبددين. ورجل أخيل وأشيم من الخيلان والشامة، وقوم خيل وشيم.
والحال يذكر ويؤنث. والتمر والبر والشعير والذهب والخيل والمطى، تذكر وتؤنث. والإبل والفلك والشجر والسلم، يذكر ويؤنث.وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "وكنت نسياً منسياً" قال: النسي خرق الحيض التي يرمى بها، أي وكنت هذا فيرمي بي.
وقال:رجل ناس ونسي، من النسيان، مثل حاكم وحكيم،وعالم وعليم، وكذلك المرأة ناسية ونسية،مثله.
وفي الخبر: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم " قال:هو مثل قوله:لا يقطع اللص الطريق، وهو الذي يقول: هذا متاعي وهذا لي. ولا يعرب عن نفسه: لا يقر.
وأنشد:

كأن لها في الأرض نسْياً تَقُصُهُ

 

على وجهها إن تخاطبك تبلت

أي تقطع الكلام وتبينه. ونسياً: شيئاً قد نسيته فهي تطلبه.
وقال أبو العباس: قال أهل البصرة ما عبد الله " قائماً "، مشبه بليس، وإذا جاز ذا المعنى ردوه إلى الأصل، فقالوا ما عبد الله إلا قائم، وما قائم عبد الله. هذا مذهبهم، فأما ما قائماً فليس يلزمهم. وأنشد الفراء:

قد سؤَّأَ الناس ما يا ليس بأس به

 

واصبح الدهر ذو العرنين جدعا

فجعل ليس تقوم مقام التبرئة. وهكذا ينشد الفراء. وهذا شاذ فشبهوه بالشاذ، فهذه لغة الحجاز مشهورة. وبها نزل القرآن.
وقال : قال الكسائي وسيبويه " هو " من: " قل هو الله أحد " عماد. فقال الفراء: هذا خطأ. من قبل أن العماد لا يدخل إلا على الموضع الذي يلي الأفعال، ويكون وقاية للفعل مثل إنه قام زيد، ثم يستعمل بعد فيتقدم ويتأخر، والأصل " في " هذا إنما قام زيد. فالعماد ك"ما ". وكل موضع فعلى هذا جاء يقي الفعل، وليس مع " قل هو الله أحد " شيء يقيه.
حدثنا أبو العباس، حدثني عمر بن شبة، حدثني الأصمعي قال: سمعت بيتين لم أحفل بهما، ثم قلت هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب. قال: فإني لعند الرشيد يوماً وعنده عيسى بن جعفر، قال: فأقبل على مسرور الكبير، فقال: يا مسرور، كم في بيت مال السرور? فقال: ليس فيه شيء. قال: فقال عيسى: هذا بيت الحزن. قال: فاغتنم لذلك الرشيد وأقبل على عيسى، فقال: والله لتعطين الأصمعي سلفاً على بيت مال السرور ألف دينار. قال: فاغتنم عيسى وانكسر قال: فقلت لنفسي: جاء موضع البيتين. فأنشدت الرشيد:

إذا شئت أن تلقى أخاك معبسـا

 

وجداه في الماضين كعب وحاتم

فكشفه عما في يديه فـإنـمـا

 

يكشف أخبار الرجال الدراهـم

قال: فتجلى عن الرشيد، وقال: يا مسرور، أعطه سلفاً على بيت مال السرور ألف الدينار. قال: فأخذت بالبيتين ألفي دينار، وما كان البيتان يسويان عندي درهمين.
وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا عمر لأبن مناذر يهجو " محمد بن " عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي:

إذا أنت تـعـلـقـت

 

بحبل من أبي الصلت

تعلقـت بـحـبـل وا

 

هن القوة مـنـبـت

وما يبقى لكـم يا قـو

 

م من أثلتكم نحـتـى

وقال الشيخ ما سرجـو

 

يه داء المرء من تحت

فخذ من سلح كيسـان

 

ومن أظفار سبخـت

قال سبخت: لقب لأبي عبيدة.
وأنشد:

جاءت على غرس طبيبٍ ماهر

 

عشرين عشرين بذرعٍ وافـر

قال: يريد النخل، جاءت على قدر ما غرسها طبيب ماهر. يقول هو حاذق بها بصير. ويقول: جعل بين كل اثنين عشرين ذراعاً.

فهن يروين بطمٍ قـاصـر

 

في ربب الطين بماءٍ حائر

أي تشرب بعروقها، أي قد تحير الماء في أصولها. والربب: ما رببه الطين أي رباه فيه.

لا مفرقٍ ولا بعيدٍ غائر

 

ترى لها بعد إبار الآبر

أي ليس هو ماء يغرقها، ولا هو بغائرٍ بعيدٍ عنها. والآبر: المصلح.

وأثر المخلب ذي المآشر

 

مآزراً تطوي على مآزر

المخلب: المنجل. والمآزر يعني الليف بعضه على بعض.

شقراً وحمراً كبرود التاجر.

يعني الحمل.
قال أبو العباس: ويقال طواه، آي أتاه وجازه، وهو من الأضداد الشائل المحمل. وقال " بعض " العرب: الشائلان إنيه. أي المحملان وإنيه في آخر الحروف. وأنشد:

من شائل يرجح بانحدار

 

فضفضه لما بني النجار

وتقول أيضاً الدموة والدم إنيه.
قال: قال: لم أسمع باستفهامين قط.
وأنشد:

فدقت وجلست واسبكرت وأكملت

 

فلو جن إنسان من الحسن جنت

دقت: دق خصرها. وجلت: عظمت عجيزتها. اسبكرت: حسن قوامها. وأكملت: تمت محاسنها. ويقال إن الحسان تتبعهم الشياطين.
أحسن ما يكون زيدٌ قائمٌ، لم يجزه. ناحيةً من الدار زيد، وناحيةٌ من الدار، كلاهما جائز. قال إذا كان نكرة غلب عليه الاسم.
كتكت الرجل، وهو دون الضحك، مثل الحنين والخنين، الحنين من الحلق، والخنين من الأنف.
ويقال عركت المرأة، ودرست، وطمثت، وطمثتها أنا. وأصل الطمث الحيض، ثم جعل النكاح.
وقال أبو العباس: قال سيبويه: أحتبى ابن جوبة في اللحن في قوله " هن أطهر لكم "؛ لأنه يذهب إلى أنه حال قال: والحال في لا يدخل عليه العماد. وذهب أهل الكوفة، الكسائي والفراء، إلى أن العماد لا يدخل مع هذا لأنه تقريب، وهم يسمون هذا زيد القائم، تقريباً أي قرب الفعل به وحكى: كيف أخاف الظلم وهذا الخليفة قادماً، أي الخليفة قادم. فكلما رأيت "هذا " يدخل ويخرج والمعنى واحد، فهو تقريب. من كان من الناس مرزوقاً فهذا الصياد محروماً، والصياد محرومٌ بإسقاط هذا بمعنى. فقد دخلت لتقرب الفعل مثل كاد. والتقريب على هذا كله. " ف " كان" جواب لتقريب الفعل، والعماد جواب للمعهود " وكان " مخالف ل " هذا "، فلم يجتمع هو وهو. وقال: هذا توكيد لهذا، وهذا توكيد لهذا.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل " وزادكم في الخلق بسطة " قال: جسماً على جسم، وكل زيادة في شيء بسطة.
وأملى علينا أبو العباس. وعد يعد، ووزن يزن، كان يوزن ويوعد، فلم يجتمع الواو مع الكسرة والياء، ثم بنوا الفعل على هذا، فقالوا يزن.
ووجل يوجل، ثبت الواو لأن بعدها فتحة، فلم يجتمع ما يستنقل.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " وهذا بعلي شيخاً "و: " شيخ " إذا كان مدحاً أو ذماً أستأنفوه.
قال: وفتحت مستقبلات وضع يضع، ووهب يهب وأشباهها، لأنها من حروف الحلق: وأنشد لرؤبة:

ولا تكوني يا أبنة الأشـم

 

ورقاء دمي ذئبها المدمى

قال: الذئب إذا رأى دماً بصاحبه وثب عليه. فقال: لا تكوني أنت مثل ذلك الذئب إذا أصابني غم وحزن زدتيني ووثبت على مثله.
ويقال رفقة ورفقة. الصَّعر: الميل. جزرة وجزر: التي تذبح.
 حدَّثنا أبو العباس، حدثني عبد الله بن شبيب أبو سعيد، عن زبير قال: حدَّثني أبو غزية، وعبد الجبار بن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد بن ثابت، أن حسان بن ثابتٍ قال في مقتل المنذر بن عمرو يرثيه:

صلى الإله على ابن عمرو إنَّـه

 

صدق الإله وصدق ذلك أوفـقُ

قالوا له أمران فاختر منـهـمـا

 

فاختار في الرأي الذي هو أرفقُ

قال زبير: قال أبو غزية: لحسان بن ثابت مواضع: هو شاعر الأنصار، وشاعر اليمن، وشاعر أهل القرى وأفضل ذلك كله هو أنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مدافع.
وحدثنا أبو العباس، ثنا أبو شبيب، حدثني محمد بن فضالة، عن خلاد بن إبراهيم بن محمد بن قيس بن شماس، قال: توفي حسان في آخر ولاية معاوية.
وحدثنا أبو العباس ثنا عبد الله، عن زبير قال:وحدثني مصعب بن عبد عن عبد الله بن محمد قال: إنما قل عدد الأوس في بدر وأحد وكثر منهم فيها الخزرج لتخلف أوس الله عن الإسلام.
وحدثنا أبو العباس ثنا ابن شبيب، حدثني سليمان بن سالم الأنصاري قال: تخلف إسلام أوس الله، فجاءت الخزرج إلى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، ائذن لنا في أصحابنا هؤلاء الذين تخلفوا عن الإسلام. فقالت الأوس لأوس الله:إن الخزرج تريد أن تثئر منكم يوم بعاث، قد استأذنوا فيكم رسول صلى الله عليه وسلم فأسلموا قبل أن يأذن لهم فيكم، فأسلموا. وكان يقال لهم أوس اللات، وهم اليوم في الديوان أوس الله، وهم أمية، وخطمة ووائل، وواقف.
وأنشأ الزبير يقول:

ليت شعري ولليالي صروف

 

هل أرى مرة بقيع الزبير

ذاك مغنى ألـذه وقـطـين

 

تفرح النفس أتراهم بخـير

وقال بعض أصحابنا: استعدي تميم بن مقبل عمر بن الخطاب على النجاشي، فقال: يا أمير المؤمنين هجاني فأعدني عليه. قال: يانجاشي ما قلت? قال: يا أمير الؤمنين، قلت مالا أرى أن على فيه إثماً، قلت:

قبـيلة لا يغـدرون بــذمة

 

ولا يظلمون الناس حبة خردل

فقال عمر:ليتني من هؤلاء. قال:

ولا يردون الماء إلا عـشـية

 

إذا صدر الوراد عن كل منهل

قال عمر: وما على هؤلاء متى وردوا? قال: هل غير هذا?قال:

وما سمى العجلان إلا لقـولـهـم

 

خذ القعب فاحلب أيها العبد فاعجل

قال عمر: خير القوم أنفعهم لأهله. قال تميم: سله عن قوله:

إذا اللـه عـادى أهـل لـؤمٍ وذلةٍ

 

فعادى بنى العجلان رهط ابن مقبل

أولـئك أولاد الـلـئيم وأسـرة ال

 

لئيم ورهط العاجز الـمـتـذلـل

تعاف الكلاب الضاريات لحومهـم

 

وتأكل من كعب بن عوفٍ ونهشـل

فقال عمر.أما هذا فلا أعذرك عليه، فحبسه وضربه.
ويقال تمشر الشجر، إذا أورق. وتمشر الرجل، إذا لبس الثياب.
وأنشد:

لها أذنٌ حشـرةٌ مـشـرةٌ

 

كإعليطٍ مرخٍ إذا ما صفر

أي مكتسية من اللحم لا شعر عليها. صفر: تفرغ من حبه. وإعليط مرخٍ: نبتٌ.
إذا قال نحن بني، ومعشر، ورهط، قال الفراء: هو مثل "جميعاً"، وقال البصريون بفعلٍ مضمرٍ.
وقال أبو العباس: تمثل أبو جعفر عند قتل بن عبد الله بن الحسن أبياتاً للحارث بن وعلة:

دعوت أبا أروى إلى السلم كـي يرى

 

برأي أصيل أو يؤول إلـى حـكـم

ومولى دعاه البغي، والحين كاسـمـه

 

وللحين أسبابٌ تصدُّ عـن الـحـزم

أتاني يشبُّ الحرب بـينـي وبـينـه

 

فقلت له لا، بل هلّم إلـى الـسـلـم

وإياك والحرب الـتـي لا يديمـهـا

 

صحيح وقد تعدى الصحاح على السقم

ولكنها تـسـري إذا نـام أهـلـهـا

 

وتأتي على ماليس يخطر في الوهـم

فإن ظفر القوم الـذي أنـت فـيهـم

 

فآبوا بفضلٍ من سناءٍ ومـن غـنـم

فلا بد من قتلي فـعـلـك مـنـهـم

 

وإلا فجرحٌ لا يحن عـن الـعـظـم

وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي " لايحن ".

فلما رم شخصي رمـيت سـواده

 

ولا بد أن يرمي سواد الذي يرمي

فلما أتى أرسلت فضـلة ثـوبـه

 

إليه فلم يرجع بحلـم ولا عـزم

وكان صريع الخيل أول وهلة

 

فيالك مختاراً لجهلٍ على علم

وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا ابن الأعرابي:

أبا مالك لا تسأل الناس والتمس

 

بكفيك فضل الله فاللـه أوسـع

ولو يسأل الناس التراب لأوشكوا

 

إذا قل هاتوا أن يملوا ويمنعوا

وأنشدنا أبو العباس لرجل من كلب:

قامت تأود في جلبـابـهـا أصـلاً

 

عن غربةٍ تحت عين ذات أمطـار

فالعين من جؤذرٍ والجيد من رشـأٍ

 

والفرع مثل قطوف الأعجم القاري

بيضاء صفراء لم تحنى على ولـدٍ

 

إلا لأخرى ولم تقعد عـلـى نـار

وأنشد:

در در الشباب والشعر الأس

 

ود والضامزات تحت الرحال

والخناذيذ كالقداح من الـشـو

 

حط يحملن شكة الأبـطـال

الضامزات: التي لا ترغو الخناذيذ: الخصيان من الخيل.
وأنشد لزفر بن لحارث الكلابي لما هرب:

وقد ينبت المرعى على دمن الثرى

 

وتبقى حزازات النفوس كما هـيا

ولم تر مني نبـوة قـبـل هـذه

 

فراري وتركي صاحبـي ورائيا

أيذهـب يوم واحـد، إن أسـأتـه

 

بصالح أيامـي وحـسـن بـلائيا

وقال أبو العباس: الجعظري: الكثير اللحم. والجواظ الذي لا يقبل " الموعظة " ولا ينحاش، وهو الجافي.
" إلى جهنم ورداً " قال: مصدر.
الزرق: العطاش. وأنشد:

لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبرٍ

 

كما كل ضبيٍ من اللوم أزرق

قال: يذم به الناس.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك " وأنا قضيتها عليك.
وأنشد للبيد:

تراك أمكنة إذا لـم أرضـهـا

 

أو يرتبط بعض النفوس حمامها

قال: أراد حتى يرتبط، ثم نسق به. وأنشد:

فيذرك من أخرى القطاة فنزلق.

أو جزم " يرتبط " لكثرة الحركات.
وقال وهو نسقٌ، كأنك قلت إذا لم يكن أحد ذين. قال أبو العباس: وهو أجود.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ذكاة الجنين ذكاة أمه " أي إذا ذبحت الأم فقد ذبح الجنين.
" استرهبوهم ": حملوهم على الرهَّبة.
وفي الخبر: " كل مما أصميت ولا تأكل مما أنميت "، يقال اصماه، إذا قتله مكانه، وأنماه، إذا تحامل.
وأنشد:

قد يدرك المتأني بعض حاجتـه

 

وقد يكون مع المستعجل لزلل.

قال: يقضي بعض حاجته.
وقال:

أو يعتلق بعض النفوس حمامها.

قال هشام: والناس يقولون: " كل النفوس ". وأختيار أبي العباس: " بعض النفوس ".
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " وآتوا النساء صدقا النساء صدقا تهن نحلة ": قال: كان الآباء يستبدون به. والمخاطبة للآباء.
النخة: الحمير. الكسعة: العبيد.
وقال أبو العباس إذا قلت هذا الجيش مقبلاً، أردت هذا الشخص. " نعم الله بك عيناً " كان الفقهاء يكرهونه. يقولون: الله لا ينعم عيناً بإنسان. وأنشد أبو العباس:

أنعم الله بالرسول وبالمـر

 

سل والحامل الرسالة عينا

وكان الفراء يقول: هذا من المقلوب إنما هو نعمت عينك، كقولك طبت به نفساً، أي طابت به نفسي، وضقت به ذرعاً، أي ضاق به ذرعي. وقال أبو العباس في قوله تعالى: " وإذ نتقنا الجبل " يقال أنتق جرابك، أي ألق ما فيه. ونتقت المرأة ولدها، إذا رمت بهم.
وقال في قوله عز وجل: " غثاء أحوى ": يقول أخرج المرعى أحوى فجعله غثاءً. ويقال أسود من القدم.
وأنشد:

لكل حالٍ قد لبست أثوبا.

يقول: قد لبست لكل حالةٍ حالة، وأنشد:

ألبس لكل عيشةٍ لبوسها

 

إما نعيمها وإما بوسها.

وقال أبو العباس: قال النضر بن شميل: سمعت أعرابياً حجازياً، وباع بعيره، يقول: " أبيعكه يشبع عرضاً وشعباً ". والشاعب: البعير يهتضم الشجر من أعلاه. والعارض: الذي يأكل من أعراضه.
وأنشدنا أبو العباس عن الفراء:

إما تريني اليوم شيخـاً أشـيبـا

 

إذا نهضت أتشكى الأصلـبـا

تأذى العواد اشتكى أن يركـبـا

 

تحسب أطماري على جلـبـا

مثل المناديل تعاطى الأشـربـا

 

يطرن عن ظهري ومتني خببا

لكل عصرٍ قد لبسـت أثـؤبـاً

 

حتى اكتسى الرأس قناعاً أشهبا

أملح لا لذا ولا مـحـبـبـا

 

أكره جلبابٍ لمن تجلـبـبـا

وقد أناجى الرشأ المـربـبـا

 

ذا الرعثات البادن المخضبـا

خوداً ضناكاً لا تمد العقـبـا

 

يهتز متناها إذا ما أضطربـا

كهز نشوان قضيب السيسبا.

 

 

قال أبو العباس: الأملح: الغالب على سواده البياض. ولا تمد العقبا: لا تسير مع الرجال كما يسيرون. والسيسبا والسيسبان: الجذع، أراد العذق. والعذق بالفتح: النخلة، والعذق بالكسر: الكباسة.
وأنشد:

قد أنتحى للحاجة العسير

وهي التي تعسر على الناس.
وقال في الحديث: "على ظهر وضم" وهو كل ما وضع تحت اللحم ليقيه التراب، فهو وضم.
وأنشد:

ألا يا اسلمى يا هند هند بني بدر

 

تحية من صلى فؤادك بالجمر

قال: قتل قومك.
وقال أبو العباس: المؤوب، مثل المعوب، هو المقور المأخوذ من حافاته. أوب الأديم وقوره واحد.
وقال: الفراء يقول: النعم الإبل والغنم، وكذلك الأنعام. وغيره يقول: النعم الإبل، والأنعام جميع المال.
وقال: البقامة: ما يطيره النجاد من القطن عند الندف. وأنشد:

إذا اغتزلت من بقام الفرير

 

فيا حسـن شـمـلـتـا

أراد شملةً، ثم أدخل عليها الألف شبهها بالتاء الأصلية، وكذلك يشبهون التاء الأصلية بالتي ليست بأصلية. وأنشد:

العاطفونت حين ما من عاطف

شبه هاء الوقف بهاء التأنيث.
وأنشد:

نحن بنو أم البنين الأربعة

وقال أبو العباس بعضهم ينصب فيقول:

نحن بني أم البنين الأربعة.

قال: وليس بالوجه؛ لأنه ليس بالمدح يمدح نفسه بأن عددهم أربعة.
والعرب تفعل هذا في بني، ورهط، ومعشر، وآل. قال الفراء كأنهم قالوا نحن جميعاً نقول ذاك.
وقال: في مثل "ما جعل قدك إلى أديمك" القد: الجلد الصغير. والأديم الجلد التام يقول: ما جعل الكبير مثل الصغير.
وأنشد لرؤبة:

فيها خطوط من سواد وبلـق

 

كأنه في الجلد توليع البهـق

يحسبن شاماً من رقاعٍ وبنق

 

 

قال: قال أبو عبيدة: قلت لرؤبة: لم قلت"خطوطٌ من سوادٍ وبلق" ثم قلت: "كأنه" ولم لم تقل: كأنهن أو كأنها? فزجرني ثم قال: كأن ذلك، ويلك. وقال: البنق جمع بنيقة القميص، وبنائق ثم بنق.
وأنشد:

هلا غضبت لرحل جا

 

رك إذا يهتكه حضاجر

قال: حضاجر: جمع حضجر، وهو الوطب، فسميت الضبع به، شبهت به من عظم جوفها.
وقال: يقال أخفق الصائد وأورق، إذا لم يصب شيئاً. وأنشد:

إذا كحلن عيونًا غـير مـورقةٍ

 

ريشن نبلا لأصحاب الصباصيدا

غير مورقة يعني غير مصيبة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "ولو أعجبك كثرة الخبيث" يعني الحرام.
وأنشدنا:

ألم تر أن الحرب تعرج أهلها

 

مراراً وأحياناً تفيد وتـورق

تعرج: تعطهيم عرجا من الإبل.
وقال: الثيتل ذكر الأراوى.
وقال في قوله عز وجل: "لو لا اجتبيتها" أي جئت بها من نفسك وأنشد:

تجول خلاخيل النساء ولا أرى

 

لعزة خلخالاً يجول ولا قلبـا

يعني أنها سمينةٌ خدلة اليدين والرجلين.
وأنشد:

كأن قوائم النحـام لـمـا

 

تولى صحبتي أصلاً محار

قوائمه مـعـلـقة شـواه

 

كأن بياض غرته خمـار

قال: المحار الصدف، أي هي مثل الصدف، يعني أنها تزل عن كل شيء لا يصيبها شيء. وقال: أي كأنها محارٌ معلقة به.

وما يدريك ما فـقـري إلـيه

 

إذا ما الركب في نهبٍ أغاروا

وأنشد:

كأنهم عـاد حـلـومـاً إذا

 

طاش من الجهل القطاريب

قال القطرب: الرجل الخفيف. وتقول العرب: "إنما أنت قطرب ليل".
وأنشد:

قل ما بدا لك من زورٍ ومن كذبٍ

 

حلمي أصم وأذني غير صمـاء

أشوى: أخطا المقتل. والشوى: القوائم. قال: وهي التي إذا أصابها لم تقتل. والشوى: ردئ المال. والشوى: جلدة الرأس.
وتقول: هذه كليتان، وتثنى فتقول هاتان ذواتا كليتين، والجمع ذوات كليتين. وكل مل سمى باثنين فكذلك، تقول: هذان ذوا رجلين، وهؤلاء ذوو رجلين. الحكاية كذا.
قال: وحكى الفراء الهاوون بواوين، ويجمع هاوونات وهواويون. وقال التكش: البازي يجاء به على رأس الكبر فلا يتعلم، فيسمى تكشا.

وقال أبو العباس حدَّثنا عمر بن شبة، حدَّثنا أحمد بن سيار الجرجاني- وكان شاعراً راويةً مداحاً ليزيد بن مزيد- قال: دخلت أنا وأبو محمد التيمي، وأشجع بن عمرو، وابن رزين الحراني، على الرشيد بالقصر الأبيض بالرقة، وقد كان قد ضرب أعناق قوم في تلك الساعة، فتخللنا الدم حتى وصلنا إليه، فتقدم التيمي فأنشده أرجوزةً يذكر فيها نقفور، ووقعة الرشيد بالروم، فنثر عليه الدر، من جودة شعره. وأنشده أشجع:

قصرٌ عـلـيه تـحـيةٌ وسـلام

 

ألقت عليه جـمـالـهـا الأيام

قصرٌ سقوف المزن دون سقوفه

 

فيه لأعـلام الـهـدى أعـلام

يثنى عـلـى أيامـك الإسـلام

 

والشاهدان الـحـل والإحـرام

وعلى عدوك يا ابن عم محـمـدٍ

 

رصدان: ضوء الصبح والإظلام

فإذا تنـبـه رعـتـه وإذا هـدا

 

سلت عليه سـيوفـك الأحـلام

القصيدة. قال: وأنشدته:

زمنٌ بأعلى الرقتين قصير

يقول فيها:

لا تبعد الأيام إذ ورق الصـبـا

 

خضلٌ وإذ غصن الشباب نضير

قال: فأعجب بها، وبعث إلى الفضل بن الربيع ليلاً فقال: إني أشتهي أن أنشد قصيدتك الجواري فابعث إلى. فبعثت بها إليه.
قال أبو العباس: وركب الرشيد يوماً في قبةٍ وسعيد بن سالمٍ عديله، فدعا محمداً الراوية - يعرف بالبيذق لقصره - وكان إنشاده أشد طرباً من الغناء، فقال له: أنشدني قصيدة الجرجاني التي مدحني بها. فأنشده، فقال الرشيد: الشعر في ربيعة سائر اليوم. فقال له سعيد بن سالم: يا أمير المؤمنين، استنشده قصيدة أشجع التي مدحك بها. فقال: الشعر في ربيعة سائر اليوم. فلم يزل به سعيدٌ حتى استنشده فأنشده، فلما بلغ قوله:

وعلى عدوك يا ابن عم محـمـدٍ

 

رصدان: ضوء الصبح والإظلام

فإذا تنـبـه رعـتـه وإذا هـدا

 

سلت عليه سـيوفـك الأحـلام

فقال له سعيد: والله لو خرس يا أمير المؤمنين بعد هذين البيتين كان أشعر الناس.
وأنشد:

لا تزجر الفتيان عن سوء الرعه

 

يا رب هيجا هي خيرٌ من دعه

قال: الرعة: حالة الأحمق التي رضي بها.

في كل يوم هامتي مقزعه

 

قانعة ولم تكن مقنـعـه

وقوله مقزعه يقول: أنا أقاتل في كل يوم وأقاتل.

نحن بنو أم البنـين الأربـعـه

 

نحن خيار عامر بن صعصعه

?المطعمون الجفنة المدعدعه=والضاربين الهام تحت الخيضعه المدعدعة: المملوءة. الخيضعة: أصواب الحرب. والخضيعة: صوت غرمول الفرس. وأنشد:

"كأن خضيعة بطـن الـجـوا

 

د وعوعة الذئب في الفـدفـد"

يا واهب المال الجزيل من سعه

 

إليك جاوزنا بلاداً مسـبـعـه

إذا الفلاة أوحشت في المعمعه

 

يخبرك عن هذا خبيرٌ فاسمعه

فقال النعمان: وما هو? فقال:

مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه

قال النعمان: ولم? قال:

إن استه من برصٍ ملمعه

قال النعمان: وما على? قال:

وإنه يدخل فيها إصبـعـه

 

يدخلها حتى توارى أشجعه

كأنما يطلب شيئاً أطمعه

 

 

وأنشدنا أبو العباس لخالد بن قيس بن منقذ بن طريف، يقوله لمالك بن بجرة، ورهنته بنو موألة بن مالك في دية، ورجوا أن يقتلوه فلم يفعلوا، وكان يحمق. فقال خالد:

ليتك إذ رهنـت آل مـؤالـه

 

حزوا بنصل السيف عند السبله

وحلقت بك العقاب القيعـلـه

 

مدبرة بشرطٍ لا مـقـبـلـه

وشاركت منك بشلـوٍ جـيألـه

 

أيا ضياع المائة المجلجـلـه

المجلجلة: المختارة. وكان مالك يقال له شرط.
وأنشدنا أبو العباس:

لا خير في الشيخ إذا ما أجلخا

 

وسال غرب عينـه ولـخـا

وكان أكلاً قـاعـداً وشـخـا

 

تحت رواق البيت يغشى الدخا

يريد الدخان.

وانثنت الرجل فكانت فخا

 

وكان وصل الغانيات أخا

اجلخ: سقط فلم يتحرك، ولخ: سال. وأخ كقولك أف وتف.
وأنشد لمبشر بن هذيل بن زافر الفزاري، أحد بني شمخ ولد نضلة. بن خمار:

أرسلت فيها قرداً لكالكـا

 

من الذريحيات جلداً آركا

قرد: تقرد شعره واجتمع. ولكالك: عظيم شديد.

يقصر يمشي ويطول باركا

 

كأنه مجـلـلٌ درانـكـا

قال: عليه الدرانك: البسط: وأنشد:

دار لليلى خلق لـبـيس

 

ليس بها من أهلها أنيس

إلا اليعافير وإلا العـيس

 

وبقرٌ ملمع كـنـوس

وقال آخر:

وحوقلٍ ذبذبه الـوجـيف

 

ظل لأعلى رأسه رجيف

يقول والعيس لها حفـيف

 

أكل من ساق بكم عنيف

وحدثنا أبو العباس قال: قال رجل لابن عباس: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر? قال: لا. قال: أفكان يقرأ في نفسه? قال: لا. فقال: "حمسا". قال أبو العباس: أي هذا بلاءٌ، ويقول هذا شر. والحمس لا يكون إلا عند البلاء.
وقال أبو العباس: نداء النفس على أربع لغات، يا نفس اصبري، ويا نفس اصبري، ويا نفس اصبري، ويا نفسا اصبري. من قال "يا نفسا" بين الفتح والكسر فإنه أراد يا نفساه، فحذف الهاء. ومن قال "يا نفس" فإنه لما رأى أنه قد حذف الهاء وبقى ألف حذف الألف وأشار إلى موضعها بالفتح. ومن قال" يا نفس" فإنه حذف الياء وأشار إليها بالكسر.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " يوم ينادي المناد من مكانٍ قريبٍ " قال: يسمع كل واحدٍ، ويقال إنه يقوم على صخرة البيت المقدس فينادي. وقال في قوله عز وجل: " فأستعذ بالله " بعد " فإذا قرأت القرآن " قال: هو كقولك إذا قمت فأحسن، فأول ما يقوم يجب الإحسان.
إذا قلت: قام زيد وعمرو، فإن شئت كان عمرو بمعنى التقديم على زيد، وإن شئت كان بمعنى التأخير، وإن شئت كان قيامها معاً. فإذا قلت قاما معاً كانا فيه سواءً لا غير.
وقال أبو العباس: قلت لابن قادم: قام عبد الله وزيد معاً. وقام عبد الله وزيد جميعاً، ما بينهما من الفرق? فبقي يركض فيها إلى الليل، فلما أصبح قلت له: إنما ها هنا ابن يحيى أحمد. وفسر ذلك فقال: قام زيد وعمرو معاً، لا يكون القيام وقع لهما إلا في حالة، وإذا قلت قاما جميعاً فيكون في وقتين و في واحد؛ لأنك تقول مات زيد ومحمد جميعاً، فيكون الوقت متخلفاً، وإذا قلت: قام ذا مع ذا، لم يكن القيام إلا في وقت واحد.
من هو قائم جاريتك ومن هو يقوم جاريتك، جيد ولا يقطع منه ولا ينسق عليه، ويسمى، مجهولاً، وهو يشبه من هو قائمة جارتيك. قال: قد أخرج المعنى ولا يؤكد هو ولا " الضمير " في قائم. من هي قائمة جاريتك، قال قد أخرج المعنى كله.
قال: وقلت لابن قادم: " من " مسألتان. فقال: لا، ثلاث مسائل. فقلت: مسألتان. فقال: ثلاث. فقلت: بين لي حتى أسمع وأفهم. فجاء باللفظ ثم جاء بالمعنى، ثم جاء باللفظ والمعنى فقلت: هذه هم تلك بعد. وفسر فقال: من مسألتان: لفظ ومعنى من قام إخوتك وإخوانك بمعنى، فقابلها بما شئت والأول مجهول. وإذا قلت يقوم جاريتك ويقومان ويقوم، جئت به على المعنى واللفظ. فإذا جمع بينهما فقيل من هو قائمة جاريتك، جاء باللفظ وجاء بالمعنى، فليس يزيد على هذا، وهي تلك إلا أنه جاء بها باللفظ والمعنى. من هو أخوك هند، قال: لا يجوز. وقال الفراء: من هو أختك هند، قبيح، والأسماء لا تخرج على اللفظ بما تخرج الأفعال. من قال كلهن قائمات لم يقل كلهن أخوك.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل :" قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم " قال: إذا كان الموت واحداً يقصد له فالذي بعده خبر وإذا كان ضروباً فالذي بعده نعت، وإذا كان واحداً لم يكن جزاء، وإذا كان ضروباً كان جزاء.
" يا ابن أم " قال: يريد أماه: ويقال جعله حرفاً واحداً. ومن تأول إسقاط الهاء أجود.
ويقال هذه الحلف منى صرى، وأصرى، " وصرى " "وأصرى"، أربع لغات، مثل عزيمتي وحقيقة عزمي.
يا غلام أقبل، تسقط الياء منه، ويا ضاربي أقبل، لا تسقط الياء منه. وذلك فرق بين الأسم والفعل.
وإذا كان الفعل يدوم فالماضي والمستقبل واحد. صلى يصلي، وصام يصوم، واحد.
وأنشد:

شهد الحطيئة حين يلقى ربه

 

أن الوليد أحق بـالـعـذر

قال: هو بمعنى يشهد:  
" يأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان" قال:زعم سيبويه أنه شهادة اثنين، ورفع الشهادة بمحذوف: معه شهادة اثنين قد تقدما. وقال الفراء: إن شئت رفعته بحين أي يشهد اثنان "ذوا عدل منكم أو آخران" من غير أهل دينكم من النصارى أو اليهود. وهذا في السفر للضرورة، لأنه لا يجوز شهادة كافرٍعلى مسلم، هذه الشهادة لكافرين "إن أنتم ضربتم في الأرض": للضرورة. ولا تجوز الشهادة لهما في غير هذا. "تحبسونهما من بعد الصلاة "وهذا لا يكون في الإسلام أن يحبس المسلم حتى يحلف بعد الصلاة. "فيقسمان بالله"الكافران. "إن ارتبتم لانشتري به" بأيماننا "ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله " "فإن عثر" أي اطلع بعد ذا عليهما بأنهما قد اختانا و "استحقا إثماً فآخران يقومان مقامهما مقام النصرانيين، والنصرانيان من أستحقت الخيانة فيهم فقال: " استحقا عليهم الأوليان أي أستحقت الخيانة، استحقها المسلمان على النصرانيين. الأوليان هما استحق على النصرانيين. وقال بعضهم: الأوليان هما الآخران، " فيحلفان بالله " أن هؤلاء قد أختانوا و " لشهادتنا أحق من شهادتهما الأولين والأوليان يقرأ على ثلاثة أوجه.
آخر الجزء الثامن من آمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحمده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين.

الجزء التاسع

ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي المعروف بثعلب، ثنا عمر بن شبة، ثنا ابن عائشة قال سمعت أصحابنا يذكرون أن أبا بكر لما تشاغل بأهل الردة استبطأته الأنصار فكلموه، فقال: أما إذ كلفتموني أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم،فو الله ما ذاك عندي ولا عند أحد، ولكن والله ما أوتى من مودة لكم، ولا حسن رأي فيكم، وكيف لا نحبكم فو الله ما وجدت لنا ولكم إلا ما قال طفيل الغنوى لبني جعفر:

جزى الله عنا جعفراً حين أشرفت

 

بنا نعلنا في الواطئين فـزلـت

أبوا أن يملونـا ولـو أن أمـنـا

 

تلاقى الذين يلقون منا لمـلـت

فذو المال موفور وكل معصـبٍ

 

إلى حجرات أدفأت وأظلـمـت

قال: ويروي هو وغيره: "حين أزلقت في البيت الأول.
وحدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، ثنا ابن عائشة قال: سمعت أبي يذكر أن عبد الملك بن مروان، أشرف على أصحابه وهم يذكرون سيرة عمر، فغاظه ذلك فقال: "إيهاً عن ذكر عمر، فإنه إزراءٌ على الولاة، مفسدةٌ للرعية" وحدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، قال:سمعت سعيد بن عامر، يذكر عن جويرية قال:" ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم درهماً قط".
وحدثنا أبو العباس ثنا عمر بن شبة، ثنا ابن عائشة قال: سمعت أبي قال: قال طاوس: رأيت على بن الحسين ساجداً في الحجر. فقلت: رجل صالح من أهل بيت طيب، لأسمعن ما يقول. فأصغيت إليه فسمعته يقول: " عبدك بفنائك، " مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك ". فو الله ما دعوت بها في كرب قط إلا كشف عني.
وحدثنا أبو العباس، ثنا ابن شبة ثنا ابن عائشة قال: قال قنيع النصري جد عبد الواحد بن عبد الله بن قنيع، يهجو موسى بن عمرو بن سعيد ابن العاص:

كل بني العاصي حمدت عطاءهم

 

إني لموسى في العطـاء لـلأئم

وليس بمعطٍ نائلا وهـو قـاعـد

 

وحسبك من بخل امرئٍ وهو قائم

فإن يك من قـومٍ كـرامٍ فـإنـه

 

ذنابي أبت أن تستوي والمقـادم

قال أبو العباس: ولا تجئ عسى إلا مع مستقبل، ولا تجئ مع ماضٍ ولا دائمٍ ولا صفة.
" والشجر الملعونة "، قال: الزقوم.
البرزخ: الحاجز بين كل شيئين.
الشقذانة: الخفيفة الروح. " فلان عبد غارية"أي بطنه وفرجه.
والغار: الفرج في الجبل، استعاره ها هنا.
"ويعجبني ما في الدار " لا تكون "ما " مصدراً لأنها في موضع فاعل. وقوله " ويختار ما كان لهم الخيرة " على ضربين في قول الفراء، يكون مصدراً، ويكون عائد الألف واللام.
ويقال: " الناس ثلاثة: ساكت، وسالم، وشاجب "، فالسالم من قال الخير، والشاجب من قال سوءاً فهلك.
القمرة: بياض ليس بخالص.
ويقال ما كان ضارباً ولقد ضرب، فإذا أردت أنه زاد فيه على غيره قلت ضروب مثله: ما كان عارماً ولقد عرم عليها المدح.
وأنشد:

تراه كأن الله يجـدع أنـفـه

 

وأذنيه إن مولاه ثاب له وفر

أتبع الأذنين الأنف في اللفظ.
ويقال "هذا مئنة " في الحديث: مخلقة. وقرف من ذاك، وقمن من ذاك، ومعساة من ذاك، ومخلقةٌ، ومجدرةٌ. يقال منه أعس به، وأخلق به، وأجدر به، وأقرف به، وأقمن به.
قال: ورجل وثوب وأشباههما، جنس لم يعدل. وأنشد:

إذا اقتسمنا خطتينا بـينـنـا

 

فحملت برة وأحتملت فجار

ويقال: " قد شد الظهارية " أي شدت يداه إلى خلف.
اختصم عندي من يقوم ويقعد، قال: أجازه الفراء في الإستواء، وهو مثله في الحذف والإقرار.
ويقال ابتته أبتاتاً.وبتته بتاً وبتته، ثلاث لغات " وبتةً " فعلة من هذا، فإذا كان لمعهودٍ قيل " البتة " أي التي تعرف. والبت الذي يعرف. والمصادر كلها إذا دخلت فيها الألف واللام كانت لمعهودٍ، وإذا لم تدخلها كان على أصل المصادر. قال: والمصادر لا تجمع إلا قليلاً.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل " شواظ من نار ": لهب لا دخان فيه. وأنشد:

وقد أكون للغواني مصيدا

 

ملاوةً كأن فوقي جلـدا

الجلد: جلد الحوار يحشى لترأمه الناقة، أي تعطف عليه. يقول كي يرأمنني.
"وقعوا في مرطلة " أي في ردغةٍ. قد مرطلت السماء ثيابنا إذا بلتها.
القوعلة: الأكمة؛ وقيعلة وقوعلة واحد. يقال عقاب القواعل.
وأنشد:

أوعقاب القواعل.

"إن بيوتنا عورة" ممكنة للسراق. وسميت من الإنسان، لأن كل موضع ممكن للسوء فهو عورة. وكل مخوفٍ عورةٌ، من المواضع.
وأنشد:

على ظهر عادى تلوح متونه

 

تبيت لألحيهن فيه قفاقـف

القفقفة: الرعدة.
الآصال: من نصف النهار إلى العصر. والثغور: مواضع المخافة. يقال "ما أمك و أم الباطل " أي ما أنت والباطل.
"ووجدك ضالاً فهدى" قال: بعضهم يقول: كنت بين ضالين فأخرجك منهم. وقال أهل السُّنة: زوَّج ابنتيه في الجاهلية.
"بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها " قال: الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وكانوا بين قومهم يرون أنهم في مللهم، فنجاهم الله منها.
ومثله "ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ".
" ومن يسلم وجهه إلى الله " أي يستقبل القبلة " وهو محسنٌ" يتبع الرسول.
"وعلى الذين يطيقونه فدية " قال: هذه منسوخة، نسختها " فمن شهد منكم الشهر ".
الذي يقوم فإنه أخوك. قال: ذهب الفراء إلى أن الأوائل هي ترفع. وليس بشيء. الذي عندك فأخوك، قال: إن كان قدر "حل" فمحال، وإن كان قدر "يحل" فإنه جائز.
" ومن يعش عن ذكر الرحمن ": يضعف نظره فيه. قال الأصمعي: لا يعشى إلا بعد ما يعشو، وإذا ذهب بصره قيل عشى يعشى، وإذا ضعف بصره قيل عشا يعشو. وأنشد:

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

أي تنظر نظراً ضعيفاً بغير تثبت.
قال: وتوكيع الضأن: أن تضرب ضروعها حتى يرتد لبنها. ويقال توكيع وتنكيع أيضاً. وحكى أن التوكيع تمرين الجلد.
"هذا صراط على مستقيم" و "عليٌّ" قرىء بهما.
قال: وكل ما كان في البدن من الأسقام فهو لا يتعدى، وماضيه ودائمه واحد، كقولك هرم فهو هرمٌ، وفزع فهو فزع، ومرض فهو مرضٌ ومريض.
ويقال: هذا أبك، وهذا أبك،وهذا أباك، وهذا أبوك، ثلاث لغات، فمن قال: أبُك قال: هذان أباك، أبٌ وأبان، ويجوز فيه أبوان. ومن قال: أباك وأبوك فتثنيتهما واحدة: أبوان. وأنشد:

سوى أبكَ الأدنى وإنَّ محمداً

 

علا كلَّ عالٍ يا بن عم محمد

ويقال: جارية فزراء، أي تامة. والفزراء أيضاً: الحدباء. والفرساء مثلها. الفزرة والفرسة الحدبة.
وقال أبو العباس في قوله عزَّ وجلّ " أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير " أي أوضع. وإذا قيل بالهمزة قيل: الدانىء، وهو الخسيس من الشطار.
"وهدوا إلى الطيب من القول " قال: إلى الحسن.
ويقال: لا إله إلا الله.
بعير مأموم، وهو المأكول رأس السنام.
وكل ذي زمانةٍ فجمعه فَعلى، مثل جرحى وأسرى، ومن جمع أسارى شبهه بسكارى.
" قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل " قال: تابعوا هؤلاء أولئك فنسب القتل إليهم.
قال: وإذا مضى من الشهر عشرة أيامٍ فحلف حالفٌ أنه مضى منه ثلاثة فهو بارّ.
" وإليك نسعى ونحفد " أي نسرع، وهو ضربٌ من السير.
 والفاجر، إنما سمى فاجراً من قولهم يوم الفجار، لأنهم حاربوا فيه، وكان في أشهر الحرام "ونترك من يفجرك " أي من يظلم ن وأصله من انفجار النهر إذا تخرب وجرى في غير حقه. " ونخشى عذابك إن عذابك الجد" أي الانكماش. والجد: البخت ن وهو أيضاً الجدُّ للأب، وهو العظمة، وهو العمر.
وأنشد:

تنتحُ ذفراه بماءٍ صبِّ

أي تنضح وهما بمعنى واحد.
وقال في قوله تعالى: "واتقوا يوماً لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً " جزى يجزي، إذ كفى وأجزأ يجزىء، إذ قام مقامه. ولم يكن أهل البصرة يقولون أجزأ بالهمز، والكسائي يقول يجزىء فيه. والفراء يقول يجزىء فيه ويجزيه جميعاً.
شفةٌ أصلها شفهة. وشفاهٌ جمع على الأصل.
وفي الحديث: " العين وكاءُ السَّه " وهو بالهاء شاذ، وبالتاء على الأصل، لأنه قد سقط عين الفعل، ولأنه هو في الأصل ستهة، لأنَّ تصغيرها ستيهة وأصل عضة عضهة، فمن قال عضوة قال عضوات، ومن قال عضهة مثل عضهة بشفه. ويجمع بالهاء على الأصل مثل شفاهٍ، وعضوات مثل شفوات.
"إن لك في النهار سبحاً طويلاً " يعني اضطراباً. السبح: السكون، والسبح: الاضطراب.
ارتجعت الغنم: كثرت، ويقال ارتعج المال، إذا كثر وذهب معاً، فيقال منه فيما اضرب وذهب وجاء: قد ارتعج، ويقال لما كثر أيضاً. "مما عملت أيدينا " أي ممّا أمرنا. وأنت تقول: الشيء في يدي وليس في يديك، تريد إيجابه.
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب وهي تمعس منيئةً لها قال: تمعس: تدبغ. والمنيئة: الجلد في الدباغ. وأنشد:

أحمد ربّا ردني معاسا

وقال: الزلفات: المصانع، وأحدها زلفة. والسخد: ما يخرج على وجه الولد.
ويقال " نام همه " أي لم يكن له همّ. ويقال: " ماهو إلا عشمة وعشبة " للشيخ الذي قد عسا وكبر.
ويقال: شعر حجن أي معقف بعضه على بعض.
وقال في قوله عزّ وجل: "أهلكت مالاً لبداً " قال: يقال لبدة وبدٌ، لبدة ولبد، إذا كان بعضه على بعض.
وأنشد:

وللفؤاد وجيب عنـد أبـهـره

 

لدم الوليد وراء الغيب بالحجر

يرد أنه ذكيٌّ حديد النفس.
وقال أبو العباس: أنشدنا أبو سعيد الغنوي:

لو كنت من مازنٍ لم تستبح إبلـي

 

بنو الشقيقة من ذهل بن شيبـانـا

إذاً لقام مقامي معـشـرٌ خـشـنٌ

 

عند الحقـيقة إن ذو لـوثةٍ لانـا

قوم إذا الشر أبدى ناجـذيه لـهـم

 

طاروا إليه زرافـاتٍ ووحـدانـا

لا يسألون أخاهم حين ينـدبـهـم

 

في النائبات على ما قال برهانـا

لكن قومي وإن كانـوا ذوي عـددٍ

 

ليسوا من الشر في شيءٍ وإن هانا

يجزون من ظلم أهل مـغـفـرةً

 

ومن إساءة أهل السوء إحسـانـا

كأن ربك لم يخلق لـخـشـيتـه

 

سواهم من جميع الناس إنسـانـاً

وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدني أبو غسان محمد بن يحيى بن عبد الحميد ليحيى بن الحكم:

أذاهبهٌ ولما أشف نفسي

 

من المتعمرات إلى قباء

من اللاتي سوالفهنَّ غيدٌ

 

عليهن الملاحة والبهاء

وأنشد لعبد الله بن مسلم بن جندب:

يا للرجال ليوم الأربـعـاء أمـا

 

ينفك يحدث لي بعد النهى طربا

إذ لا يزال غزالٌ فيه يفتنـنـي

 

يهوى إلى مسجد الأحزاب منتقبا

يخبر الناس أنَّ الأجر هـمـتـه

 

وما أتى طالباً للأجر محتسـبـاً

لو كان يطلب أجراً ما أتى ظهراً

 

مضمخاً بفتيت المسك مختضبـا

لكنه شاقـه أن قـيل ذا رجـبٌ

 

ياليت عدة دهري كله رجـبـا

فإن فيه لمن يبغي فـواضـلـه

 

فضلاً وللطالب المرتاد مطلبـا

كم فيه من حرةٍ قد كنت آلفهـا

 

تسدُّ من دونها الأبواب والحجبـا

قد ساغ فيه لها مشى النهار كما

 

ساغ الشراب لعطشان إذا شربا

أخرجن فيه ولا تبرهن ذا كـذبٍ

 

قد أبطل الله فيه قول من كذبـا

وقال أبو العباس: قال زبير: دخل على خالصة مغنٍ فغناها:

مرملٌ وابن سبيل

 

فإلى من تكلوني

فقلت: إلى الله يا هذا.
أنشدني أبو العباس قال: وأنشدني زبير لأعرابي:  والفاجر، إنما سمى فاجراً من قولهم يوم الفجار، لأنهم حاربوا فيه، وكان في أشهر الحرام "ونترك من يفجرك " أي من يظلم ن وأصله من انفجار النهر إذا تخرب وجرى في غير حقه. " ونخشى عذابك إن عذابك الجد" أي الانكماش. والجد: البخت ن وهو أيضاً الجدُّ للأب، وهو العظمة، وهو العمر.
وأنشد:

تنتحُ ذفراه بماءٍ صبِّ

أي تنضح وهما بمعنى واحد.
وقال في قوله تعالى: "واتقوا يوماً لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً " جزى يجزي، إذ كفى وأجزأ يجزىء، إذ قام مقامه. ولم يكن أهل البصرة يقولون أجزأ بالهمز، والكسائي يقول يجزىء فيه. والفراء يقول يجزىء فيه ويجزيه جميعاً.
شفةٌ أصلها شفهة. وشفاهٌ جمع على الأصل.
وفي الحديث: " العين وكاءُ السَّه " وهو بالهاء شاذ، وبالتاء على الأصل، لأنه قد سقط عين الفعل، ولأنه هو في الأصل ستهة، لأنَّ تصغيرها ستيهة وأصل عضة عضهة، فمن قال عضوة قال عضوات، ومن قال عضهة مثل عضهة بشفه. ويجمع بالهاء على الأصل مثل شفاهٍ، وعضوات مثل شفوات.
"إن لك في النهار سبحاً طويلاً " يعني اضطراباً. السبح: السكون، والسبح: الاضطراب.
ارتجعت الغنم: كثرت، ويقال ارتعج المال، إذا كثر وذهب معاً، فيقال منه فيما اضرب وذهب وجاء: قد ارتعج، ويقال لما كثر أيضاً. "مما عملت أيدينا " أي ممّا أمرنا. وأنت تقول: الشيء في يدي وليس في يديك، تريد إيجابه.
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب وهي تمعس منيئةً لها قال: تمعس: تدبغ. والمنيئة: الجلد في الدباغ. وأنشد:

أحمد ربّا ردني معاسا

وقال: الزلفات: المصانع، وأحدها زلفة. والسخد: ما يخرج على وجه الولد.
ويقال " نام همه " أي لم يكن له همّ. ويقال: " ماهو إلا عشمة وعشبة " للشيخ الذي قد عسا وكبر.
ويقال: شعر حجن أي معقف بعضه على بعض.
وقال في قوله عزّ وجل: "أهلكت مالاً لبداً " قال: يقال لبدة وبدٌ، لبدة ولبد، إذا كان بعضه على بعض.
وأنشد:

وللفؤاد وجيب عنـد أبـهـره

 

لدم الوليد وراء الغيب بالحجر

يرد أنه ذكيٌّ حديد النفس.
وقال أبو العباس: أنشدنا أبو سعيد الغنوي:

لو كنت من مازنٍ لم تستبح إبلـي

 

بنو الشقيقة من ذهل بن شيبـانـا

إذاً لقام مقامي معـشـرٌ خـشـنٌ

 

عند الحقـيقة إن ذو لـوثةٍ لانـا

قوم إذا الشر أبدى ناجـذيه لـهـم

 

طاروا إليه زرافـاتٍ ووحـدانـا

لا يسألون أخاهم حين ينـدبـهـم

 

في النائبات على ما قال برهانـا

لكن قومي وإن كانـوا ذوي عـددٍ

 

ليسوا من الشر في شيءٍ وإن هانا

يجزون من ظلم أهل مـغـفـرةً

 

ومن إساءة أهل السوء إحسـانـا

كأن ربك لم يخلق لـخـشـيتـه

 

سواهم من جميع الناس إنسـانـاً

وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدني أبو غسان محمد بن يحيى بن عبد الحميد ليحيى بن الحكم:

أذاهبهٌ ولما أشف نفسي

 

من المتعمرات إلى قباء

من اللاتي سوالفهنَّ غيدٌ

 

عليهن الملاحة والبهاء

وأنشد لعبد الله بن مسلم بن جندب:

يا للرجال ليوم الأربـعـاء أمـا

 

ينفك يحدث لي بعد النهى طربا

إذ لا يزال غزالٌ فيه يفتنـنـي

 

يهوى إلى مسجد الأحزاب منتقبا

يخبر الناس أنَّ الأجر هـمـتـه

 

وما أتى طالباً للأجر محتسـبـاً

لو كان يطلب أجراً ما أتى ظهراً

 

مضمخاً بفتيت المسك مختضبـا

لكنه شاقـه أن قـيل ذا رجـبٌ

 

ياليت عدة دهري كله رجـبـا

فإن فيه لمن يبغي فـواضـلـه

 

فضلاً وللطالب المرتاد مطلبـا

كم فيه من حرةٍ قد كنت آلفهـا

 

تسدُّ من دونها الأبواب والحجبـا

قد ساغ فيه لها مشى النهار كما

 

ساغ الشراب لعطشان إذا شربا

أخرجن فيه ولا تبرهن ذا كـذبٍ

 

قد أبطل الله فيه قول من كذبـا

وقال أبو العباس: قال زبير: دخل على خالصة مغنٍ فغناها:

مرملٌ وابن سبيل

 

فإلى من تكلوني

فقلت: إلى الله يا هذا.
أنشدني أبو العباس قال: وأنشدني زبير لأعرابي:

 

 

 

فديتك يا زين البلاد إن العدى

 

حموك فلم يوجد إليك سبـيل

أراجعةٌ عقلي إلـىَّ فـرائحٌ

 

مع القوم لم يكتب عليك قتيل

فلا تقتلي نفساً وأنت ضعـيفةٌ

 

فإنَّ دمي يوم الحساب ثقـيل

وإني لتعدوني عـوادٍ ورقـبةٌ

 

وأهجر من غير القلى فأطيلُ

مخافة أن ينمى حديث فتؤخذي

 

بذنبي أو يعبأ عليك جـهـولُ

فديتك أعدائي كثير وشقـتـي

 

بعيد وأشياعي لديك قـلـيل

وحدثنا أبو العباس ثنا عبد الله بن شبيب، قال: قيل لأبي عمرو بن العلاء: ما يعجبك من شعر أبي دهبل? قال: قوله:

يا عمر حم فراقكم عـمـرا

 

ونويت منا النأي والهـجـرا

وإذا أردنا رحلة جـزعـت

 

وإذا أقمنا لم تـفـد نـقـرا

والله ما أحبـبـتُ حـبـكـم

 

لا ثيباً خلقـت ولا بـكـرا

وترى لها دلاًّ إذا نـطـقـت

 

تركت بنات فؤاده صـعـرا

كتساقط الرطب الجني من ال

 

أقناء لا نـثـراً ولا نـزرا

يا عمر شيخك وهو ذو شرفٍ

 

يحمى الذمار ويكرم الصهرا

إن كان هذا السحر منك فـلا

 

ترعى عليَّ وجددي سحـرا

إحدى بني أودٍ كلفـت بـهـا

 

جعلت بلا ترةٍ لـنـا وتـرا

إني لأرضى بالذي رضـيتْ

 

وأرى لحسن حديثكم سُكـرا

وقال أبو العباس: الإسبُ: شعر الفرج الجمع الآساب.
المبذر: الذي ينفق ولا يشكر الله.
قال أبو العباس: وحكى بعض أصحابنا قال: قال معاوية لعتبة يوم الحكمين: "يا أخي أما ترى ابن عباس قد فتح عينيه ونشر أذنيه، ولو قد قدر أن يتكلم بها فعل، وغفلة أصحابه مجبورة بفطنته، وهي ساعتنا الطولى فاكفنيه ". قال: قلت بجهدي. قال: فقعدت إلى جنبه، فلما أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث، فقعدت إلى جنبه، فلما أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث، فقرع يدي وقال: ليست ساعة حديث. قال: فأظهرت غضباً وقلت يا ابن عباس: إن ثقتك بأحلامنا أسرعت بك إلى أعراضنا، وقد والله تقدم فيك العذر، وكثر منَّا الصبر، ثم اقذعته، فجاش بي مرجله، وارتفعت أصواتنا، فجاء القوم فأخذوا بأيدينا، فنحوه عني ونحوني عنه قال: فجئت فقربت من عمرو ابن العاص فرماني بمؤخر عينه، أي ما صنعت? فقلت له: كفيتك التقوالة فحمحم كما تحمحم الفرس للشعير. قال: وجاءت ابن عباس أول الكلام فكرةٌ أن يتكلَّم في آخره.
قال أبو العباس: وحكى عن يونس بن عبيد قال: سمعت كلمات ما سمعت من كلام الناس شيئاً أعجب منهنَّ: قال ابن سيرين: " ما حسدت أحداً على شيء قط ". وقال مورق العجلى: " دعوت الله تعالى أربعين سنةً في حاجة، فما قضاها وما يئست منها ". وقال حسان بن أبي سنان: " ما شيء أهون من الورع، إذ رابك شيءٌ فدعهُ".
حدثنا أبو العباس قال: وقال إسحاق الموصلي: حدثني شيخٌ من بني أمية قال: قال سعيد بن العاص: " ما وصلت من الجانه إلى أن تنتح كما ينتح الحميت "،يعني يرشح. والحميت: النحى المربوب.
قال: وقال معاوية لعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص: "قد رايتك تعجب بالشعر، فإذا فعلت فإياك والتشبيب بالنساء، فتعرَّ الشريفة، وترمى العفيفة، وتقر على نفسك بالفضيحة. وإياك والهجاء. فإنك تحنق به كريماً، وتستثير به لئيماً. وإياك والمدح، فإنه كسب الوقاح، وطعمه السؤال. ولكن أفخر بمفاخر قومك وقل من الأمثال ما تزين به نفسك وشعرك، وتؤدب به غيرك ". قال: ويقال: " الشعر أدنى مروءة السري، وأفضل مروءة الدني ".
وقال الأصمعي: أول من تروى له كلمة تبلغ ثلاثين بيتاً من الشعر مهلهل، ثم ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم، ثم ضمرة رجل من بني كنانة، والأضبط بن قريع. وأنشد لذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم:

يا كعب إنَّ أخاك منحمقٌ

 

فاشدد أزار أخيك يا كعبُ

وأنشد لضمرة:

يا ضمرة أخبرني ولست بفاعل

 

وأخوك نافعك الذي لا يكـذبُ

وللأضبط:

أدفع عن نفسه ويخـدعـنـي

 

يا قوم من عاذري من الخدعه

وقال الأصعمي:

فصلن إن وصـل الـحـب

 

ل وأقطن القريب إن قطعه

 

هكذا سمعت هذا البيت، قال:

 

وكان بين هؤلاء وبين الإسلام

أربعمائة سنة. قال: وكان امرؤ القيس بعد هؤلاء بكثير.
وقال أبو العباس: أجتمع يزيد بن الحكم وحمزة بن بيضٍ في الحبس، فقال له يزيد هو يهزأ به: إنك لأستاذ بالشعر يا ابن بيض ! فقال: " إن لعمري، إني لأدق الغزل،وأصفق النسج، وأوراق الحاشية ".
وقال: قال عبد الملك بن مروان للأخطل: أي الناس أشعر ظ قال: العبد العجلاني قال: بم ذلك? قال: وجدته قائماً في بطحاء الشعر، والشعراء، والشعراء على الحرفين. قال: أعرف ذاك له كرهاً. يعني ابن مقبل. فقال ابن مقبل: إني لأرسل البيوت عوجاً فتأتي الرواة بها قد أقامتها.
وحدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة ، قال: أخبرني معافي بن نعيم قال: حدثني عبد الله بن رؤبة بن العجاج، عن شبيب بن شيبة قال: كان لي مجلس من الهدى في كل عشية خمسين، خامس خمسة، فذكر يوماً عيسى ابن زيد حين توارى، فقال: غمض على أمره فما ينجم لي منه شيء، ولقد خفته على المسلمين أن يفتنهم. فملا سكت قلت: وما يعنيك من أمره، فو الله لا يجتمع عليه اثنان، وما هو لذاك بأهل. قال: فرأيته يكره ما أقول، فقطعت كلامي، فلما سكت قال: والله ما هو كما قلت، هو والله المحقوق أن ينبغ، وأن يشق العصا. فلما فرغ قمت وخرجت، فقال للفضل بن الربيع: أحجبه عن هذا المجلس. فحجبني أشهراً، ثم حضرت، فقال للفضل بن الربيع: يا أمير المؤمنين، هذا " ابن " شيبة بالباب. قال: ائذن له فلما دخلت قال: مرحباً بأبي المعتمر، وكذا كان يكنيني - وكان يكنى أبا معمر - أبقاك الله طويلاً؛في بقاء مثلك صلاحاً للعامة والخاصة. فما سكت قلت: يا أمير المؤمنين، إني وإياك كما رؤبة لبلال بن أبي بردة:

إني وقد تعني أمور تعتـنـي

 

على طريق العذر إن عذرتني

فلا ورب الأمنات الـقـطـن

 

ما آيب سـرك إلا سـرنـي

شكراً فإن عرك أمر عرنـي

 

ما الحفظ أم ما النصح إلا أنني

أخوك والراعي لما استرعيتني

 

إني وإن لم ترني كـأنـنـي

أراك الغيب وإن لـم تـرنـي

 

من غش أوني فإنـي لا انـي

عن رفدكم خيراً بكم موطن.

 

 

قال: صدقت، يا فضل رده إلى مجلسه. وأمر له بعشرة آلاف درهم.
حدَّثنا أبو العباس، حدثني ابن ميثم، عن ابن شبرمة قال: زوجت أبني على ألفي درهم والله ما هي عندي، وما ذكرت لها غيرك. فقال: قد أمرنا لك بها. فجزيته خيراً وذهبت أقوم ، فقال: لا تجعل، أجلس. ثم قال: إذا دفعت إليهم المهر فلا تحتاج إلى الطعام? قلت: بلى. قال: وألفين الطعام. فجزيته خيراً? وذهبت أقوم فقال:لا تجعل، أجلس لا تريد خادماً? قلت: بلى. قال: وألفين خادم. ثم قال: إذا أخذت هذا فلا تريد نفقة غير هذا? قلت: بلى. قال: وألفين للنفقة. قال: ولا يريد الشيخ شيئاً? قلت له: بلى. قال: فلم أزل أجزيه الخير ويتذكر ويعطيني. حتى قمت بخمسين ألفاً وحدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، حدثني الزعل بن الخطاب، قال بني أبو نخيلة داره، فمر به خالد بن صفوان فوقف عليه، فقال له أبو نخيلة: يا ابن صفوان، كيف ترى? قال: رأيت سألت إلحافاً، وأنفقت إسرافاً، وجعلت إحدى يديك سطحاً وملأت الأخرى سلحاً، فقلت من وضع في سطحي وإلا ميته بسلحي. ثم مضى، فقيل له: الا تهجوه? قال: إذا يقف على المجالس سنة يصف انفي لا يعيد حرفاً.
وقال أبو العباس: أنشدنا ابن الأعرابي:

لو كان قنـيص كـان ا جـددٍ

 

تكون أربته في آخر المرمر

لعوا حريصاً يقول القانصان له

 

قبح ذا الوجه أنفاً حق مبتئس

قال: كان ينشدناه مرة: " ذا الوجه أنفاً " ومرة: " قبح ذا وجه أنف " وبهذا هجا الرجل. يقول: لو كنت كلب صائدٍ كنت في آخر المرس، أي الحبل، لأنه لا يصلح لشيء والجدد: العلامات والطرق، الواحدة جدة، العلامة من كل شيء، واللعو: الشره. ويريد " أن " الصائدين يشتمانه ويقبحانه. لأنه لا يصلح.
وقال أبو العباس: إذا كان الفعل من الاثنين جاز رفعهما، يقال: خاصم زيد عمرو.
ويقال: افعل هذا بداءة بدئٍ، وبدا بدئٍ، وأول وهلة، وأول واهلة.
الخلة والخلالة بمعنى.

بدا الشيء، بلا همز: ظهر. وبالهمز ابتدأ. ومنه: " بادئ الرأي " من همز " بادئ " أراد ابتداء الرأي، ومن لم يهمز أراد ظهور الرأي وبدا القوم إذا خرجوا " إلى " البادية، بلا همز.
خبنداةٌ وبخنداةٌ: حسنة خلقا الأوراك.
المخلق: أي المعمول بقدر المملس. ومنه:

في رأس خلقاء.

قوله " إنما أنت ابن وثنٌ ابن وثنٍ " أي كافر ابن كافر.
وأنشد:

ألقى عصاه وأرخى من عمامتـه

 

وقال ضيفٌ فلت الشيب قال أجل

ألقى عصاه: أقام. وأرخى من عمامته، أي لم يكن في حربٍ، اطمأن وكان في سلم.
حسست به: نفرت عليه، وأحسست به وحسست به وحسيت: وجدته. وحسسته أحسه: قتلته. ويقال: ما رأيت عقيلياً إلا حسست له وحسست له وحسيت له، أي رققت له. وانشد:

هل من بكى الدار راج أن تحس له

 

أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل

قال: ينشده أصحابنا بالفتح والكسر جميعاً، يعني في تحس. والمعنى ها هنا أن ترق له. وانشد:

حسين به فهن إليه شوس.

أي حسن به. وحسى وحسى إذا فطن له وشعر به.
وحدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: حضرت مجوسيا الوفاة، فقال له قائل: كيف حالك? قال: " كيف حال من يريد سفراً بلا زاد، ويرد على حكمٍ عدل بلا حجة ".
الوصيد: الفناء، ويقال الباب. آصدته وآوصدته سواء أفكته: صرفته عن الحق. المعلهج: الذي ليس بخالصٍ.
"وكلبهم باسط " حكى الحالة.
ويقال: بلقت الباب وأبلقته، وإذا فتحته. النعج البياض. زيداً إن تضرب أضرب. إن نصبته بالثاني لم يختلفا فيه، وإن كان الأول أجاز الكسائي وأبي الفراء: لأن الشروط لا يتقدمها صلاتها.
" وأن هذا صراطي مستقيماً ". قال: أهل البصرة يخففونها يريدون معنى الثقيلة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " لو لا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين " قال: ربطنا على قلبها لا تقول هو ابني، لتكون من المؤمنين بما أمرها وانزل إليها. المدجر والجزر.
"النجم والشجر ". النجم: ما طلع من النبت. والشجر: ما كان على ساق، وأنشد:

ولم أر مثل الفقر أوضع للـفـتـى

 

ولم أر مثل المال أرفـع لـلـرذل

ولم أر عـزا امـرئ كـعـشـيرة

 

لم أرذلا مثل نـأى عـن الأصـل

ولم أر من عدم أضر على لامـرئ

 

إذا عاش وسط الناس من عدم العقل

وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي أبو عبد الله: وذكر عن أبي صالح الفزاري أنه قال في وصف ناقة: " إذا كحالت عينها، وأللت أذنها، وسجح خدها، وهدل مشفرها، وأستدارت جمجمتها، فهي كريمة " وقال: قال أبو عبد الله: مررت بأعرابية بالمناخ بالكوفة تمرض أخالها في حطمةٍ أصابتهم، ثم راح بالعشى فسأل عنه، فقالت: دفناه وإذا هي تأكل سويقة معها قد ثرتها بالماء. فقال لها الرجل: ما أسرع ما أكلت بعده، فاغرورقت عيناها وقالت:

على كل حال يأكل المرء زاده

 

على الضر والسراء والحدثان

" ومنها جائز " الهاء للسبيل. " ومنه شجر فيه تسيمون " أي ترعون فيه. " فدمدم عليهم " أي سوَّاها عليهم. " ولأوضعوا خلالكم " وضع وأوضع، إذا أسرع.
وأنشد:

إذا رأيت أنجماً من الأسـد

 

جبهته أو الخراة والكتـد

بال سهيلٌ في الفضيخ ففسد

 

وطاب ألبان اللقاح وبـرد

وحد " وبرد " لأن معنى لبنٍ وألبانٍ واحد.
والتراب واحده وجمعه واحد.
أنشد:

ألا ذهب الشهاب المستنـير

 

ومدرهنا الكمى إذا نغـير

وفكاك المئين إذا ألـمـت

 

بنا الحدثان والأنف النصور

فذهب إلى أن معنى الحدثان والحوادث واحد.
وأنشد:

أيا بارح الجوزاء مالك لا ترى

 

عيالك قد أمسوا مراميل جوعا

قال: كان يسقط الرطب من النخل.
وأنشد:

برهرهة رخـصةٌ رؤدةٌ

 

كخرعوبة البانة المنفطر

رد " المنفطر " إلى القضيب.
وأنشد:

وقائع في مضر تسـعة

 

وفي وائلٍ كانت العاشره

ذكر الوقائع لأنه ذهب بها إلى الأيام.
التمجد: الترفع، "ومنه " المجيد في أصله. الضلال: الجور عن الطريق. الجلب: الجلد الرقيق يلبس به الرحل وعيدانه، وهو اللباس في كل شيء، مثل الجلباب والقميص، وفي كل شيء ...
والوقم: الرد بخزي. وأنشد:

فما نفى عنك قوماً أنت خائفـهـم

 

كمثل وقمك جهـالاً بـجـهـال

فاقعس إذا حدبوا واحدب إذا قعسوا

 

ووازن الشر مثقالاً بـمـثـقـال

قعس: إذا تأخر، أي إذا عملوا شيئاً فزد عليه.
وقال في قوله: " في صرةٍ ": في صيحة.
وقال أبو العباس: أنشدني عبد الله بن شبيب:

تقول جمـيلة فـرقـتـنـا

 

وصرعت أهلك شتى شلالا

تركت القداح وعزف القيان

 

والخمر تصلية وأبـتـهـالا

وكر المحبر فـي غـمـرةٍ

 

وشدى على المشركين القتالا

فيا رب لا أغبنن بـيعـتـي

 

فقد بعت أهلي ومالي بـدالا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. " ربح البيع، ربح البيع، ربح البيع " تصلية من الصلاة. وابتهالاً من الدعاء. يقال صليت صلاة وتصلية. والأبيات لعبد العزيز بن الأزور الأسدي.
" يصدون " يضجون.
وأنشد:

على أنني بعد ما قد مضى

 

ثلاثون للهجر حولاً كميلا

أي كاملاً.

يذكرنيك حنين العـجـول

 

ونوح الحمامة تدعو هديلا

قال: فرق بين التفسير وبين ما فسره. وهذا يجوز في الشعر لا في الكلام.
الحمولة من الأنعام: الكبار، والفرش: الصغار.
وأنشد:

إن بني شرهم كالكـلـب

 

وخيرهم أولعهم بسـبـي

لم يغن عنهم أدبي وضربي

 

يا ليتني كنت عقيم الزب

وليتني كنت بغير عقب.

 

 

وقالت امرأة في ابنها:

ظني به لو قد جثوا على الركب

 

وابتدروا الفلج بحدٍ وغـضـب

أن سوف يلفى أربة مـن الأرب

 

ألوى إذا خاف ردى صدقٍ كذب

وقالت أخرى في ابنها:

لو ظمئ القوم فقالوا من فتى

 

يخلف لا يردعه خوف الردى

فبعثوا سعداً إلى الماء سـدى

 

ليلة بيانها مثـل الـعـمـى

بغير دلو ورشاء لاسـتـقـى

 

أمرد يهدى رأيه رأى اللحى

أشخصت بالرجل، إذا اغتبته.
وقال الكميت بن معروف بن ثعلبة الفقعسي:

أرى العين مذ لم تلق ذيلة راجعت

 

هواها ولجت في البكاء فهو دابها

وما ذكرت إلا أكفكـف عـبـرة

 

بعيني منها ملؤها أو قـرابـهـا

ولو كنت أرجو أن أنال كلامهـا

 

إذا جئت لم يبعد على طلابـهـا

وما بي من هجرانها غـير أنـه

 

عداني ارتقابي قومها وارتقابهـا

وإني ليعروني الحياء مـع الـذي

 

يخامرني من ودها فأهـابـهـا

وأعرض عنها والفؤاد كـأنـمـا

 

يصلي بناٍ يعتريه التـهـابـهـا

فتلك قد كاذبتني عـن الـهـوى

 

وعن ذكرها والنفس حم كتابهـا

ودهري هوى يوم المنينة قادنـي

 

لجاذبة الأقران بـادٍ خـلابـهـا

إذا هي حلت بالـفـرات ودجـلة

 

وحرة ليلى دون أهلي ولا بـهـا

فليت حمام الطف يرفع حاجـبـاً

 

إليها ويأتينا بنـجـد جـوابـهـا

وقال مرة أخرى: "حاجنا" جمع حاجة. وقال المعبدي: "حاجياً" والمعنى زجر الطير.

سل القلب يا ابن أقوم ما هو صانع

 

إذا نية حانت وخفت عقـابـهـا

العقاب: الراية.

أتجزع بعد الحلم والشيب أن ترى

 

دجنة لهو قد تجلى ضبـابـهـا

ألا يا لقوم للخيال الـذي سـرى

 

إلى ودوني صارة فعنـابـهـا

سرى بعد ما غار السماك ودوننا

 

مياه حصيد عينها فكـثـابـهـا

كثبان الرمل.

عسى بعد هجران يداني ببـينـنـا

 

تصعد أيدي العيس ثم انصبابـهـا

وجوب الفيا في بالقلاص إذا انطوت

 

ولا يقطع الموماة إلا اجتـيابـهـا

بكل سبنتاة إذا الخمـس ضـمـهـا

 

يقطع أضغان النواجي هبـابـهـا

إذا وردت ماء عن الخمس لم يكـن

 

على الماء إلا عرضها فانجذابهـا

وإن أوقد الحر الحزابي وارتـقـى

 

إلى كل نسر محزئل سـرابـهـا

حدتها توال لاحـقـات وقـدمـت

 

هواديهـا أيد سـريع ذهـابـهـا

بهن يداني عـرض كـل تـنـوفة

 

يموت صدى دون المياه غرابـهـا

هو الغراب المعروف. والغراب أيضاً: عظم العنق.

وإن حلت الظلماء بالبيد واستوى

 

على من سرى بطنانها وحدابها

تخوضنها حتى يفرجن غمهـا

 

وينجاب عن أعناقهن ثيابـهـا

قال يعني ظلمتها:

يصابحن حد الشمس كل ظهيرة

 

إذا الشمس فوق البيدذاب لعابها

بجائلة تحت الأحجة هجـجـت

 

إلى همعات مستصل حجابهـا

تخطي بنا الأهوال كل شمـلةٍ

 

إذا غضبت غنى السديسين نابها

تنيف برأس في الزمام كـأنـه

 

قدوم فؤوس ماج فيها نصابها

القدوم: الفأس برأسين. يقول فأس فؤوس، يبالغ في مدحها.
وأنشد:

يا ابن أخي كيف رأيت عمكا

 

أردت أن تختمه فاختمكـا

يقال: ضربه فقصعه. ويقال: في نسبه قضأة، أي عيب ويقال: "يعرف قلبي ويليغ لساني" والأليغ: الذي لا يبين كلامه.
ويقال: عذم دنياه يعذمها - والعذم: العض - أي أكلها. ويقال: "اخضموا وإنا نقضم" أي كلوا الرطب وإنما نأكل اليابس.
ويقال: لبك أمره عليه والتبك، أي اختلط.
"لا تظمأ فيها ولا تضحي" تضحي: تصيبك الشمس. وأنشد في جمع حاجة شاهداً لقوله: "يرفع حاجنا".

ألا ليت شوقاً بالكناسة لم يكن

 

إليها لحاج المسلمين طريق

وأنشد:

ظلت وظل يومها حوب حل

 

وظل يوم لأبي الهجنجـل

قال: يقال حوب حلى بالرفع والنصب والخفض. وأبو الهجنجل كنيته.

ضاحي الـمـقـيل دائم الـتـبـذل

 

ما أنا يوم الـورد بـالـمـظـلـل

عنـــي ولا بـــالـــذايد ...

 

بين العمـودين عـلـى مـبـذلـي

أرمض من تحت وأضحى من علي

 

 

وأنشد:

على سرف البيداء حين تطخطخ ال

 

ظلام ودون الليل من ضخية جلب

ولم يعرف جلب بالضم.
"أقروا الطير على مكناتها" أي على مكاناتها. في الحديث: "نويبتة خير أو نويبتة شر" أي نابتة، فصغر.
"فظلت أعناقهم لها خاضعين" قال: تكون الأعناق الرؤساء، أي فظلت رؤسائهم للآية خاضعين. والكسائي يقول: فظلت أعناقهم خاضعيها.
"ولي من الذل" أي من ينصره ويعينه.
قال أبو العبَّاس: كان يقول ابن سلام: التشريق يكون من طلوع الشمس، ومن تشريق اللحم. قال: وسمعت يقال: امض بنا إلى المشرق، موضع الناس لاجتماعهم، يعني المصلى. قال: والتروية: كثرة الماء، كانوا يجمعون فيه الماء. عرفات: موضع عرف آدم حواء.
مني، من المنية، مني عليه إذا قدر عليه المنية. ومني واحد. المعلومات: أيام العشر. والمعدودات: عرفات والنحر واليومان بعدهما قال أبو العبَّاس: ويقال هذه موضع هذه، وهذه موضع هذه.
القزل: أسوأ العرج، يقال: هو أقزل، أي أعرج.
الملاوة مشتقة من الدهر الملاوة أتي يتملى بها وكذا في الدهر الملاوة والملاوة والملاوة والملوة والملوة والملوة. وأنشد:

حتى إذا جزرت مياه رزونه

 

وبأي حد ملاوة تتقـطـع

المضاربة قراضاً، أي يعمل مثل ما يعمل. ويقال قارضة قراضاً. والمفاوضة: الشركة في كل شيء، وشركة عنان شيء دون شيء. والثوب الشثن: الخشن.
حدَّثنا أبو العبَّاس قال أنشدني محمد بن سلام قال: إذا أخذ جرير في هذا المعنى لم يقم له شيء:

فلا يضغمن الليث عكلاً بغرة

 

وعكل يشمون الفريس المنيبا

قال: الأسد إذا افترس فريسة أو أثر في شاة من الغنم فرت الغنم منه كلما شمته. فيقول: هي تجزع من هجائي إذا هجوت غيرهم.
وأنشد:

وعند سعيد غير أن لم أبـح بـه

 

ذكرتك إن الأمر يعرض للأمر

أي ذكرتك عند سعيد، وكان سعيد والي المدينة، وقد دعا به للقتل. يقول: فإذا ذكرتك في هذا الوقت فكيف سائر الأوقات.
يقال رغد عيشنا ورغد، وهو رغد ورغيد. احرنجم: اجتمع.
حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا عمر بن شبة قال: حدَّثني عمر بن محمد بن أقيصر السلمي، ثنا يحيى بن عروة بن أذينة قال: أتى أبي وجماعة من الشعراء هشام بن عبد الملك، فأنشدوه فنسبهم، فلما عرف أبي قال: ألست القائل:

لقد علمت وما الإشراف من خلقي

 

أن الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعى له فيعنينـي تـطـلـبـه

 

ولو قعدت أتانـي لا يعـنـينـي


فألا جلست حتى يأتيك? قال: فسكت أبي فلم يجبه. فلما خرجوا جلس أبي على راحلته حتى قدم المدينة، وتنبه هشام عليهم فأمرا بجوائزهم، ففقد أبي، فسأل عنه، فأخبر بانصرافه، فقال: لا جرم والله ليعلمن هذا أن ذاك سيأتيه في بيته. قال: ثم أضعف له ما أعطى واحداً من أصحابه، وكتب له فريضتين كنت أنا آخذهما.
حدَّثنا أبو العبَّاس، حدَّثني عمر بن شبة قال حدَّثني ابن أقيصر، قال: حدَّثني يحيى بن عروة قال: لما قدم الفرزدق المدينة أتي مجلس أبي، فأنشده الأحوص شعراً، قال: من أنت? قال: الأحوص بن محمد. قال: ما أحسن شعرك !قال: أهكذا تقول لي، فوالله لأنا أشعر منك !قال: وكيف تكون أشعر مني وأنت تقول:

يقر بعيني ما يقر بـعـينـهـا

 

وأفضل شيء ما به العين قرت

فإنه يقر بعينها أن تنكح !أفيقر ذاك بعينك?! وأنشدنا أبو العبَّاس قال: أنشدنا عمر بن شبة: قال: وأنشدني ابن أقيصر لماجد الأسدي:

وللدهر ألوان فـكـن فـي ثـيابـه

 

كلبسـتـه يومـا أجـدَّ وأخـلـقـا

فكن أكيس الكيسي إذا كنـت فـيهـم

 

وإن كنت في الحمقى فكن أنت أحمقا

ولا تسأ من جوب البلاد مع الـدجـا

 

فإنـــك...... أخـــرقــــا

وحدثنا أبو العبَّاس: قال حدَّثنا ابن شبة قال: حدَّثني ابن أقيصر قال: تنازعنا إلى الحسن بن زيد في قطيعة سلمة بن مالك السلمي، فعرفها الحسن فقال: ائتوني ببرهان مع معرفتي، فأتينا عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، فسألناه، فاخبرنا عن أبيه عن جده رفعه إلى عمار ابن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع سلمة بن مالك السلمي، وكتب له: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بن مالك، أعطاه ما بين الحناظل إلى ذات الأساود. ومن حاقه فهو مبطل، وحقه حق".
ويقال للرجل: ما كان مريئاً ولقد مرؤ مراءة، مهموز. والطعام مثله في الفعل ويختلف في المصدر، ما كان مريئاً ولقد مرؤ مراءة.

يا دار مية بالعلياء فالسند

قال: العلياء من صلة "دار" لأنها مجهولة، من أجل ما لها دوراً كثيرة. وإن كانت واحدة فخطأٌ.
قولهم " معناق الوسيقة" أي لا يخاف أعداءه فهو يسوقها قليلاً قليلاً، وهي ما يسوقه من الغنيمة.
المنتاش: الآخذ. دردب الرجل ودربخ، إذ ذل، وأنشد: ولو أقول دربخوا لدربخوا المها: البلور، والمها أيضاً: البقر.
كردم الرجل، إذا مضى، الكردمة: المضى.

وما بالربع من أحد

قال: إدخال"من" وإخراجها واحدٌ في هذا المعنى، فإذا دخلت فإنما أريد به التجزئة، أي تدخل "من" تجزئةً على كل أحد، كأنه إذا قال: ما بالربع أحدٌ، أمكن أن يريد اثنين أو ثلاثة.
السنان والمسن واحد. وأنشد فيه:

وزرق كستهن الأسنة هبوةً

 

أرق من الماء الزلال كليلها

قال: إذا كان الكليل هكذا فكيف الحديد فيها. والهبوة، أي ترى عليها كالغبرة من حدتها.
وقال: الروق السيد، والروق أول الشيء، والترويق: أن يبيع الرديء ويشتري الجيد.
"لا تتخذوا إلهين اثنين" قال: يرجع إلى الأصل، لأنه كان ينبغي أن يكون مع الواحد والاثنين تفسير كما كان في الجمع، ولكن لم يجيء. والأصل درهم واحدٌ، ثوبٌ واحد، درهمان اثنان، ثوبان اثنان. كما يقال دراهم ثلاثة وأربعة، أثواب ثلاثة وأربعة، وما أشبه ذلك.
وأنشدني في روق بمعنى سيد:

روقا قضاعة حلا حول قبته

 

مدا عليه بسلاف وأنفـار

يريد سيدا قضاعة.
"يكادون يسطون"، أي يبطشون.
ويقال"كل ولا تتخذ خبنة ولا ثبنة".وجمع ثبنة ثبان. والخبنة: ما خباته، والثبنة: ما جعلته بين يديك.
ويقال زجاجة وزجاجة وزجاجة. والورد: العطاش، والورد: السير إلى الماء. يقال: حلاها وردها، أي منعها الماء.
ويقال: جئت من جلك، ومن أجل جراك، ومن جللك.
وأنشدني ابن الأعرابي:

حمراء منها ضخمة المكان

 

كأنها والشول كالشـنـان

تميس في حـلة أرجـوان

 

لو مر كلب معه كلـبـان

وزافـنـان ومـغـنـيان

 

وضارب في كفه دفـان

ما برحت ساطعة الجـران

 

الدهر أو تملأ ما تدانـي

من العلاب ومن الصحان

 

 

وقال أبو العباس: قال الفراء: الأيمان ترتفع بجواباتها، وهذا موضع هذا وأنشد:

لعمر أبي الواشين لا عمر غيرهم

 

لقد كلفونـي خـطة لا أريدهـا

فتنصب "عمر" إذا سقط اللام.

رمى الحدثان نسوة آل صخرٍ

 

بمقدارٍ سمدن له سـمـودا

أي لهون عنه. السامد: اللاهي.
"ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون" أي لجعلنا مكانكم ملائكة يخلفون منكم في الأرض.
وقال: جميع العدد، مثل أحد عشر واثنا عشر وأشباههما، إنما هو واحدٌ وعشرة، واثنان وعشرة، وثلاثة وعشرة، وإنما أعربوا اثنى عشر ولم يعربوا سائر أخواتها لأن التثنية لا تعتل ولا تكون إلا من وجه واحد يعرب بكل العربية، والجمع يتغير ويعتل. أنت تعرب هذين ولا تعرب هؤلاء.
السجسج: ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس، أي لا حر ولا برد.والسجسج أيضاً: موضع.
وقال: أنا وأنت، لم يختلف الناس في أنها أبدال، وأنها أول المعارف، ولكن اختلفوا في زيد وهذا. وأنشد:

عاذت تميم بأحفى الخمس إذ لقيت

 

إحدى القناطر لا يمشي لها الخمر

القناطر: الدواهي، الواحدة قنطره. وعاذت بأحفى القوم، أي لجأت إلى هؤلاء القوم. وأما: "أحقى الخمس" فأوساط الرمل. وواحد أحقى حقو. لا يمشي لها الخمر؛أي ظهروا لهم ولم يخفوا القتال. والخمر: ما استتربه.
وأنشد:

قوم عوادي، ملك الناس كان لهـم

 

والشمس إذ ذاك لم تطلع ولا القمر

قال: يقول كان ملكهم قبل أن تخلق الدنيا.
وأنشد:

طال على رسم مهددٍ أبده

 

ثم عفا واستوى به بلـده

أبده: دهره. ويقول: استوى الموضع كله بالسفي حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا أبو سعيد، قال: حدَّثني يعقوب بن حميد قال: خرجت أريد الحج أنا وفلان وفلان - ذكر عدة من أصحابة - فلما صدرنا عن قديدٍ إذا نحن بجويريةٍ قدامنا، فقلت لها يا جارية، ما فعلت نعم? قالت: سل نصيباً. تريد:

ألا تسأل الخيمات من بطن أرثـدٍ

 

إلى النخل من ودان ما فعلت نعم

وقال أبو العبَّاس: قال أبو سعيد: أنشدني السدري لغلامٍ من بني نمير:

أنا ابن الرابعين بني نمـير

 

وأخوالي الكرام بنو كلاب

نعرض للطعان إذ التقينـا

 

وجوهاً لا تعرض للسباب

حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا أبو سعيد، حدَّثني السدري قال: غزت نميرٌ حنيفة فساقت أموالاً وقتلت رجالاً، قال: وثابت حنيفة فتبعوهم.
قال: فلقيت غلاماً منهم فقلت: كيف صنع قومك? قال: تبعوهم والله وقد أحقبوا كل جمالية خيفانة، فما زالوا يخصفون أخفاف المطي بحوافر الخيل، حتى لحقوهم بعد ثالثة، فجعلوا المران أرشية الموت، فاسقوا بها أرواحهم.
حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا ابن شبيب، حدَّثني عتاب بن عبد الرحمن قال صدرت عن مكة أريد المدينة، زائراً قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت مر الظهران، فأتتني بدوية فسألتني، فقلت لها: ممن أنت? قالت: اللهم غفراً، أو على هذا الحال تسألني عن هذا? قلت لها: فما عليك أن تخبريني? قالت: امرأةٌ من كنانة. قالت: فمن أنت? قلت: لا عليك. قالت: يا سبحان الله، تسألني فأخبرك وأنا على هذه الحال، وأسألك فلا تخبرني وأنت في هذه الشارة والزينة?! قلت: رجلٌ من قريش قالت:

لولا قريش هلكـت مـعـدٌ

 

وأستاق مال الأضعف الأشد

ولم يزل يوطأ منـا خـد

 

 

قال: فأعطيتها وأحسنت.
حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا ابن شبيب، حدَّثني عتاب بن الرحمن، حدَّثني عمر بن عبد الوهاب الرياحي قال: أتيت بدوية بقصر أوسٍ، في غداةٍ شاتية، فسلمت فقالت: يا أبا حفص، إنك أتيني في غداةٍ قرة، وأنا أسفع بالنار. ثم أنشدت:

حيا الإله خيال من لو زارني

 

عدد الليالي كان ذاك قلـيلاً

الأقيال: دون الملوك. والعباهلة: المطلقون يعملون ما شاؤوا، وربل القوم: إذا كثروا،أو كثر أموالهم وأولادهم.
وأنشد:

أرى علل الدنيا على كثيرةً

 

وصاحبها حتى يموت عليل

حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا بن شبيب، ثنا محمد بن سلام، حدثني أبان ابن عثمان قال: لما ثقل عبد الملك بن مروان أرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية، وخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، قال: أتدريان لم بعثت إليكما? قالا: نعم، ترينا ما أصبحت فيه من العافية. قال: لا، ولكنه كان في بيعة الوليد وسليمان ما قد علمتما، فإن أردتما أن أقيلكما أقلتكما. قالا: لا، وكيف تقيلنا وقد جعلت لهما في رقابنا مثل هذه السواري. فقال: أجيزا، أما والله لو قلتما غير هذا لقد متكما أمامي.
وحدثنا أبو العباس، ثنا بن شبيب، ثنا محمد بن سلام، قال. وحدثني محمد بن الحارث، قال: دخل ابن أبي ربيعة على عبد الملك، فقال: ما بقي من فسقك يا ابن أبي ربيعة? قال: بئست تحية الشيخ ابن عمه على بعد المزار.
وأنشد:

ضخم تعلق أشناق الديات به

 

إذا المئون أمرت فوقه حملا

الأشناق: دون الديات.
التيعة: أربعون من الشاء. التيمة: الشاة الواحدة. السيوب: المعادن. القذاف: الميزان؛والقذاف: الخذروف؛ والقذاف: المنجنيق الهادي: العنق الكتد: أصل العنق.
وقال: إنما أخطأ سيبويه في هذا البيت، فأنشده بالرفع وهو على الخفض:

يا صاح يا ذا الضامر العنس

لأنه ذهب بذا مذهب هذا، وذو يذهب مذهب"هذا" ومذهب "صاحب:، فهي ها هنا في معنى صاحب؛لأنه قال يا صاحب العنس الضامر والرحل والأقتاب والحلس. وخطأ أن يكون يا هذا العنس والضامر منهم ضرب زيداً، محال إلا أن يقول: منهم من ضرب زيداً. وقال: لم تقع "من" في موضع الأسم إلا في ثلاثة مواضع:

جادت بكفي كان من أرمي البشر

وقوله:

ألا رب منهم من يقوم بمالكا

وقوله:

ألا رب منهم وادع وهو أشوس

كان من أفضلكم زيد.ونصب "زيد" خطأ. قال: لا يحذفون إلا في موضع النصب، لأنه إذا كانت "من" في موضع المفعول فالمفعول لا يحتاج إليه، والفاعل لا بد منه. وتقول: ما قام من أحدٍ، وما ضربت من أحد، وما مررت بأحد. الفراء يقول: المرفوع والمنصوب يفارقان والمخفوض لا يفارق ما خفضه. وقال أبو العبَّاس: الفاعل يكون أن تصرفه إلى من شئت، والمفعول ينصرف إلى ما شئت، والباء لا ينصرف إلا إلى المخفوض.
وقال أبو العبَّاس: لأبي عبيد في الوراط قولان: أحدهما قيمة الإبل، والثاني أن يخفى من المصدق. والقول الثاني الأكثر، وهو قول أصحابنا.
"أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الارض مخضرة" قال: هذا تأويل الجزاء، أراد إذا أنزل من السماء ماءً تصبح الأرض مخضرة.
مررت بزيد لا بعمرو، قال: الكسائي لا يجيزه إلا مع الباء، والفراء لا يلزمه أن يقوله؛لأن الكسائي يقول: الثاني محذوف مطلوب، وإذا جاء الخفض لم يحذف الخافض والفعل.
والفراء يقول: إذا حسنت "ليس" موضع "لا" جاز، وأنشد:

إنما يجزي الفتى ليس الجمل

قال سيبويه يقول ليس الجمل يجزي. فجعله فعلاً محذوفاً واستراح.
قال أبو العبَّاس: وأول ما ينبغي أن نقول للكسائي لم حذفت الثاني وطلبته.
وقال أبو العبَّاس في قوله عز وجل: "يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين" قال: يصدق المؤمنين. وقال: اللام تدخل لأنه بني الماضي والمستقبل على الدائم. وهذا قوله، وأنشد:

يذموم للدنيا وهم يرضعونها

 

أفاويق حتى ما يدر لها ثعل

وأنشد:

إذا الـقـوس وتـرهـا أيد

 

رمى فأصاب الكلى والذرى

فأصبحت والليل مستحـلـسٌ

 

وأصبحت الأرض بحراً طما

وقوله: فأصبحت والليل مستحلسٌ، قال: فأصبحنا وكأنا في ليلٍ من شدة الغيم، أي: لم يعلم بالصباح لأن الغيم مقيمٌ متكاثف.
وأنشد:

يغينك عن سوداء وإعتجانهـا

 

وكرك الطرف إلى بنابـهـا

ناتية الجبهة في مكـانـهـا

 

صلعاء لو تطرح في ميزانها

قال أبو العباس: هذا يصف كمأة.
وقال الصناء: الرماد وهو يمد ويقصر. وقال: يكتب بالألف والياء، والألف أجود.
آخر الجزء التاسع من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين

الجزء العاشر

ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي، قال: حدثني عمر بن شبة قال: حدثني ابن سلام قال: سمعت أعرابياً يخبر يونس قال: فارق أعرابيٌ امرأته فقالت: " إن كنت إذا أكلت لتحتف، وإذا شربت لتشتف، وإذا نمت لتلتف، ". قال: قال: " والله إن كنت لبولة منعةً طلعة قبعة".
وحدثنا أبو العباس: ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء قال: لما أراد معاوية البيعة ليزيد كتب إلى مروان وهو على المدينة، فقرأ كتابه فقال: إن أمير المؤمنين قد كبرت سنه، ورق عظمه، وقد خاف أن يأتيه أمر الله فيدع الناس كالغنم لا راعي لها، وقد أحب أن يعلم علماً ويقيم إماماً ". قالوا: وفق الله أمير المؤمنين وسدده، ليفعل: فكتب بذلك إلى معاوية، فكتب إليه أن سم يزيد. قال: فقرأ الكتاب عليهم وسمى يزيد، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان، وكذب معاوية معك، لا يكون ذاك، لا تحدثوا علينا سنة الروم: كلما مات هرقل قام هرقل. فقال مروان: هذا الذي قال الله تعالى: " والذي قال لوالده أف لكما أتعدانني أن أخرج " قال: فسمعت ذلك عائشة فقالت: ألا بن الصديق يقول هذا? ! استروني. فستروها فقالت: كذبت والله يا مروان، إن ذلك لرجل معروف النسب. قال: فكتب بذلك مروان إلى معاوية، قال: فأقبل، فما دناه من المدينة استقبله أهلها. فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، والحسين بن علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر فأقبل على ابن أبي بكر فسبه. فقال: لا مرحباً بك ولا أهلاً فلما دخل الحسين قال: لامرحباً بك ولا أهلاً، بدنةٌ يترقرق دمها والله مهريقه. فلما دخل ابن الزبير قال: لا مرحباً بضبٍ تلعةٍ مدخل رأسه تحت ذنبه. فلما دخل ابن عمر قال: لامرحباً ولا أهلاً. وسبه، فقال: لست بأهلٍ لهذه المقبلة قال: بلى ولما هو بسببٍ منها. فدخل المدينة وخرج هؤلاء الرهط معتمرين، فلما كان وقت الحج خرج معاوية حاجاً فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: لعله قد ندم فأقبلوا يستقبلونه، فلما دخل ابن عمر قال: مرحباً وأهلاً يابن الفاروق، هاتوا لأبي عبد الرحمن دابة. وقال للحسين: مرحباً يا بن رسول الله، هاتوا له دابة. وقال لأبن الزبير: مرحباً يا بن حواري رسول الله، هاتوا له دابة. وقال لأبن أبي بكر: مرحباً يا بن الصديق، هاتوا له دابة. ثم جعلت الصادقة تدخل عليهم ظاهرةً يراهاً أهل مكة وتحسن إذنهم وشفاعتهم قال: ثم أرسل إليهم يوماً، فقال بعضهم لبعض: من يكلمه? فأقبلوا على ابن عمر فقال: لست صاحبه. فأقبلو على ابن أبي بكر فأبي،فأقبلوا على الحسين فأبى، فقالوا لأبن الزبير: هات فأنت صاحبنا. قال: نعم، على أن تعطوني عهد الله ألا أقول شيئاً إلا تابعتموني عليه فأخذ عهودهم رجلاً رجلاً، ورضى من ابن عمر بدون مارضي من صاحبيه. قال: فدخلوا عليه فدعاهم إلى بيعة يزيد فسكتوا، فقال: أجيبوني، فسكتوا أيضاً، فقال لأبن الزبير: هات فأنت صاحبهم.قال: اختر منا خصلة من ثلاث. قال: هات، إن في ثلاث لمخرجاً قال: إما أن تفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ماذا? قال: لم يستخلف أحداً. قال: وماذا? كما فعل أبو بكر. قال: فعل ماذا? قال: نظر إلى رجلٍ من عرض قريش فولاه. قال: وماذا? قال: تفعل كما فعل عمر. قال: فعل ماذا? قال: جعلها شورى في ستةٍ من قريش. قال: ألا تسمعون? قد عودتكم على عادةٍ، وإني أكره أن أمنعكموها حتى أبين لكم. إني كنت لا أزال أتكلم بالكلام فتعترضون عليه وتردون على، فإياكم أن تعودوا، فإني قائم فقائل مقالاً، فإن صدقت فلي صدقي، وإن كذبت فعلي كذبي. والله لا ينطق أحدكم في مقالتي إلا ضربت عنقه. ثم أمر بكل رجل رجلين يحفظانه لا يتكلم، ثم قام خطيباً فقال: إن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير والحسين ابن علىٍ، وعبد الرحمن بن أبي بكر قد بايعوا، فبايعوا. فانجفل الناس فبايعوا، حتى إذا فرغ من البيعة ركب بجانب فرمى إلى الشام وتركهم، فأقبل الناس على الرهط يلومونهم، فقالوا: إنا والله ما بايعنا، ولكن فعل بنا وفعل.
 وحدثنا أبو العباس، ثنا ابن الأعرابي قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ جالساً مع أصحابه إذا نشأت سحابة، فقيل: يا رسول الله، هذه سحابة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف ترون قواعدها? قالوا: ما أحسنها واشد تمكنها. قال فكيف ترون رحاها? قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها. قال: فكيف ترون بواسقها? قالوا: ما أحسنها وأشد استقامتها. قال: فكيف ترون برقها، أو ميضاً أم خفيا أم يشق شقا? قالوا: بل يشق شقاً. قال: فهذا الحيا. قالوا: يا رسول الله ما أفصحك، ما رأينا الذي هو افصح منك. فقال: " ما يمنعني وإنما أنزل القرآن بلساني، بلسان عربي مبين ".
قال: قواعدها أسافلها. ورحاها: وسطها ومعظمها. وبواسقها: أعاليها. وإذا استطار البرق فيها من طرفها إلى طرفها، وهو أعاليها، فهو الذي لا يشك في مطره وجوده. وإذا كان البرق من أسافلها لم يكد يصدق.
قال: وقال رجل من العرب وقد كبر، وكان في داخل بيته: كيف تراها يا بني? قال. أراها نكبت وتبهرت، وأرى برقها أسافلها. قال: أخلقت يا بني.
قال: والومض: أن يومض إيماضة ضعيفة ثم يخفي، ثم يومض . وليس في هذا إياس من مطر. قال: ويكون ولا يكون. وأما المسلسل في أعاليها فلا يكاد يخلف.
وأنشد:

لما تبـيينـا أخـا تـمـيم

 

أعطى وعطاء اللحز اللئيم

تبيينا: تعمدنا.
وأنشد:

بيا لهم إذ نزلوا الطَّعاما

 

الكبد والملحاء والسناما

بيا: هيأ.
ويقال: ما ذقت غماضا، و ما جعلت في عيني حثاثا وحثاثا. معناه ما ذقت نوماً ولا أكتحلت به.
وأنشد:

نجا سالم والنفس منه بشـدقـه

 

ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا

قال: وقال الفراء: هكذا أنشدني يونس، فقلت له: لم نصب الجفن " فقال: أراد سيف قال أبو العباس: قال الفراء: هذا خطأ.
وأنشد.

فلا تستطل مني بقائي ومدتي

 

ولكن يكن للخير فيك نصيب

قال: أراد " ليكن ". قال: وظهور اللام اجود.
وأنشد:

فقلت أدعي وأدع فإن أندى

 

لصوتٍ أن ينادي داعـيان

أراد: ولأدع.
حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله تعالى: " أزفت الآزفة " قربت القيامة.
وقال: الهجرع، يقال هو الجبان ويقال الشجاع، ويقال الطويل. قوله: " ليس لها من دون الله كاشفة " أي لا يكشفها إلا هو، وأدخل الهاء للمبالغة كقولك رجل علامة.
ويقال: هذا أهجر من هذا، أي أطول وأحسن.
وأنشد:

وحسبتنا نزع الكتيبة غدوة

 

فيغيفون ونرجع السرعانا

يغيفون: يتخلفون. والسرعان: أول كل شيء.
وأنشد:

قد أكنبت كفاك بعـد لـين

 

"وبعد دهن البان والمضنون

وهمتا بالصبر والمرون ".

 

 

أكنبت: غلظت يداه على العمل، ويقال: كنبت وأكنبت. وأنشد:

وقالوا صرانا اليوم عين بكيةٌ

 

وكذانةٌ صاقورها يتقلقـل

قال: الصرا: ما تقطع من شيء؛ يريد بئراً. والبكية: القليلة الماء. وكذانة: جبل صلب. والصاقور: فاس عظيم. يتقلقل: أي لا يعمل فيها من صلابتها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كنت مولاه فعلى مولاه "، وقال: " من كنت وليه فعلى وليه ".
وأنشد:

ترى كل حرجوج دلاث ضـلـيعةٍ

 

رفودٍ توفي محلبا بعد مـحـلـب

وأخرى على عسنٍ بني الصيف نيها

 

عرور بها لو لا الغني لم تحلـب

قال: العسن: الشحم العتيق. يقول: كسبها في الصيف الشحم. ويقال ناقة عراء إذا لم يكن لها سنام.
وأنشد:

هلا عطفت على ابن أمك معبدٍ

 

والعامري يقوده بـصـفـاد

وذكرت من لبن المحلق شربة

 

والخيل تعدو بالصعـيد بـداد

هلا فوارس رحرحان هجوتـم

 

عشراً تناوح في سـرارة واد

لا تأكل الإبل الغراث نبـاتـه

 

بل لا يقوم عماده لـعـمـاد

قال: يقول: هذا رجل هرب عن أخيه وجعله ابن أمه لأنه أخصُّ من ابن الأب. والعشر: نبتٌ حسن المنظر مُرُّ المذاق. البر: ثمر السلم.
وأنشد:

رشوف وراء الخور لو تندري لها

 

صباً وشمال حر جف لم تقلـب

قال: الخور: قليلات الشرب. قال: هذه من طول عنقها تشرب من ورائهم لا تقلب من قوتها. وأنشد مثله:

لو أنه البول لظلت تشربه.

قال: لا تعاف شيئاً. وأنشد:

تأخذه بـدمـنـه تـوعـيه

 

تلقيه في أمثال غيطان التيه

وأنشد مثله:

يبول غداة الغب من غب خمسها

 

لحاء الدلاء المسلمات العراقـيا

في قوله عز وجل: " أخلد إلى الأرض ": مال إليها.
وأنشد:

حديا الناس كلهم جميعاً

 

مقارعة بنيهم عن بنينا

حديا الناس، أي رأسهم والقيم بأمرهم قال: أي أسوق الناس ومن أفاخرهم، أي أحدوهم فأفاخرهم ببنينا عن بنيهم. ويقال نمل ينمل، إذا أفسد بين القوم بالنميمة.
وقال: ألقى الرشيد للفيل مائة رغيف، ولميسرة التراس مائة رغيف، فأكل ميسرة المائة رغيفاً، فعطف عليه ميسرة فأكله.
وأنشد:

يلقم لقمـاً ويفـدى زاده

 

يرمى بأمثال القطا فؤاده

وأنشد:

فطارت بالجدود بنو نزارٍ

 

فسدناهم وأثعلت المضار

قال: جمع مضر: مضار. وقال: أثعلت: كثرت، صارت واحدةً على واحدة، مثل السن المركبة الواحدة على الاثنتين. وقال: ضفة الوادي: ناحيته.
وقال: كل ما أحتاج إلى ثانٍ فهو زوجٌ.
وأنشد:

وترعيةٍ لم يدر ما الخمر قبلنـا

 

سقيناه حتى كان قيداً له السكر

فثم كفيناه البـداد ولـم يكـن

 

لننكده عما يضن به الصـدر

قال: ترعية وترعاية، إذا كان جيد الرعاية. والبداد: أن يخرج هذا شيئاً وهذا شيئاً. ونتكده، أي ننكد عليه.
وأنشد:

ألا تسألان المرء ماذا يحـاول

 

أحب فيقضي أم ضلاٌل وباطل

أي ما الذي يحاول? قال أبو العباس: ماذا على ضربين، إن شاء جعله اسماً واحداً، وإن شاء إسمين. فإذا جعله بمعنى الذي رفع، لأنه جواب مرفوع. أراد ما الذي يحاوله أنحب? وله أن يقول: ماذا تحاول أهو نحبٌ? فيستأنف فإذا جعله حرفاً واحداً نصبه بمعنى ماذا صنعت? وأنشد:

ما ذاق بوس معيشةٍ ونعيمها

 

فيما مضى أحدٌ إذا لم يعشق

قال: إذا تقع في الحالات، وهي هنا للمستقبل " أكثر " الكلام آتيك إذا قمت،وآتيك إذا تقوم، فهذا أكثر الكلام. ويجوز أن أقول: آتيك إذا قمت، أي في أي وقت قمت.كما تقول آتيك إذا جلس القاضي.
قال: إذا قالوا"أفعل " واقع بعده فعل فإنه لا يثنى ولا يجمع ويوحد، فتقول: أخوك أفضل قائم،وإخوتك أفضل قائم، تريد أفضل من قام فإن" وقع "رجل كان خطأ، لا يقولون إخوتك أفضل رجل؛ لأنه لا يكون بمعنى من.
وأنشد:

بل لو رأيت الناس إذ تكموا

 

بغمة لو لم تفرج غـمـو

يقال:تكميت الرجل، إذا قصدته لتقتله.

إذ زعمت ربيعة الـقـشـعـم

 

والأزد دعوى النوك واطرخموا

اطرخموا: تكبروا والقشعم: الكبير. وأخبرنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: قال مسلم بن عقبة لرجل: والله لأقتلنك قتلة يتحدث بها العرب. فقال له: إنك والله لن تدع لؤم القدرة وسوء المثلة لأحدٍ أحق بهما منك.
وقال أبو العباس: قال الأصمعي: عن معتمر بن سليمان، عن أبيه قال: قلت: لهلال بن الأسعر: ما أكلةٌ بلغتني عنك? قال: نعم، جعت جوعةً وأنا على بعيري، فنحرته وأكلته إلا ما حملت على ظهري منه.
الخطمى والخطمى بالكسر والفتح، ولم نسمع إدخال الهاء فيه.
الأتضاع: أن يضع الجمل رأسه حتى يركب.
وأنشد:

قالوا اتضعت فقالت لا فقلت لهـا

 

فكيف تقوين يا سلمى على الجمل

وأنشد مثله:

فلما دنت أولى الركاب تيممـت

 

إلى جؤجؤ جلس فقالت له ضع

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " إلى أهله يتمطى " أي يمد مطاه، أي ظهره، وهو يتبختر.
الشبر: العطية، وحركه العجاج وغيره والتسكين أكثر.
نكاح المقت: أن يتزوج الرجل بامرأة أبيه في الجاهلية ليأخذ الشيء الذي في يدها. والمقتوى: الخادم.
تقدمت امرأة مع زوجها إلى يحيى بن يعمر، فادعت عليه فقال: " ألله، أأن سألتك ثمن شكرها ظلت تضهلها وتطلها? ! " الشكر: الفرج.
وأنشد:

إني امرؤ عاكب القتامة لا

 

أحسن قتو الملوك والخببا

وأنشد:

تقطع الأمعز المكوكب.

المكوكب: الذي يسير في الموكب في الكوكبة من الجبل.
قلت لأبي عمرو: المكعبر الأعجمي لأنه يقطع الرأس، فيبلغ كعبرة رأس المقتول، والمكعبر العربي? فقال: الأسماء لا تضاهي، أي لا يضارع بعضها بعضاً، ولا يحال بعضها على بعض.
 وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي: كانت امرأة لا يبقى لها ولد إلا أفقدها، فقيل لها: نفرى عنه. فسمته قفذاً وكنته أبا العداء فعاش.
وأنشد:

إذا بلغ الرأي المشورة فاستـعـن

 

برأي نصيحٍ أو مشـورة حـازم

ولا تجعل الشوري عليك غضاصة

 

مكان الخوافي نافعٌ لـلـقـوادم

قال أبو العباس: قوله عز وجل: " من الجنة والناس " قال: العرب تقول جاءني ناسٌ من جنٍ.
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور. التقصيص والتجصيص واحد.
قولهم: " لقد بارك الله لأمرئ في حاجة أطال فيها التضرع إلى الله ": قال: إذا دعاه فأصمد له كتب له، وإن لم يعطعه في وقته.
يقال: رجل مسبل: طويل السبة زممت وزمزمت واحد، ومن زمزمت أخذت " زمزم ".
الأغراب: الأقداح. ومنها التبن، والرفد، والغمر الباء لا تدخل على " من "، ولا خافضٌ على خافضٍ.
السلسبيل: اللين وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي سمعت سلسبيل، والقمطرير لم نسمعه إلا في القرآن.
وأنشد:

بكرت تلومك بعدوهنٍ في الندى

 

بسلٌ عليك ملامتي وعتـابـي

يقال: بكر وبكر وأبكر - ثلاث لغات - إذا تقدم في الأمر. ومن هذا باكور الثمر: والبسل: الحرام، والبسل: الطلق، والطلق كان يقول ابن الأعرابي.
وأنشد:

كم به من مـكء وحـشـيةٍ

 

قيض في منتثـلٍ أو شـيام

نظرة ما أنت مـن نـظـرةٍ

 

أو غلت من بين سجفى قرام

مثل ما كافحت مـخـروفة

 

نصهـا ذاعـر روع مـؤام

قال: قال أبو نصر: أحسن ما تكون الظبية إذا مدت عنقها من روع يسير. نصها: نصبها.مخروفة: أصابها الخريف، يعني ظبية. مؤام من أممت. نظرة ما أنت من نظرةٍ، تعجب. المكء: الحجر. وقال: هذا بيت الوحشية. قيض: قدر في هذا الموضع. وقال المنتثل: ما يخرج من المكء من التراب. والشيام: التراب وقال أبو العباس: الهيام: هو ما لا يتماسك من الرمل. وقال: هذا للطر ماح، وأمله أبو نصر، ومحمد بن عمرو بن أبي عمرو الشيباني. وقال أبو العباس: أوغلت ولم يعرف الشيام.
" والسموات مطوياتٌ بيمينه " قال: هو كما تقول: الدار بيدي، والشيء في يدي.
" هو أعدى من الذئب " قال: من العدو، ويكون من العداوة، والعدو أجود. " رماه الله بداء الذئب " قال: بالجوع.
وقال: " رماه الله بثالثة الأثافي " قال: هو أن لا يجد أثفية ثالثة فيسند قدره إلى الجبل.
وأنشد:

رميناهم بثالثة الأثافي.

وأنشد:

هزرتكم لـو أن فـيكـم مـهـزة

 

وذكرت ذات التأنيث فاستنوق الجمل

يريد أصحاب الإناث. واستنوق: صار ناقة.
وأنشد:

ظلت تلوذ أمس بالـصـريم

 

وصليان كسـبـال الـروم

ترشح إلا موضع العرسوم.

 

 

قال: الصريم: القطعة من الرمل، والقطعة من الليل. وقوله: " ترشح إلا موضع الوسوم " قال: موضع الوسم لا يرشح، تعرق كلها إلا هذا الموضع. " كسبال الروم " قال: هو طويلٌ كسبال الروم.
" الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " قال: مطيقين.
وقال: إذا ركب الدابة قال هذا، وإذا ركب البحر قاله. قال: والمقرن: المطيق.
"احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال: المعنى وقرناءهم."كيف نكلم من كان في المهد صبياً" أي من يكن في المهد صبياً فكيف نكلمه?وقال: وقعت الصفة في موضع الفعل،أي من كان صبياً في المهد.
وقال: كل طعام يقتل فهو زقوم.العرب تقول زقمة، أي طاعون.
وأنشد:

وعلى شتـير راح مـنـا رائح

 

يأتي قبيصة كالفنيق المـقـرم

يردي بشر حاف المغاور بعد ما

 

نشر النهار سواد ليل مظـلـم

لحمام بسطام بن قيس بعـد مـا

 

جنح الظلام بمثل لون العظلـم

ويقال رمح خطل، أي ممتد، ونيزك: لا يلحق قصير ومربوع ومخموس: أربع أذرع وخمس أذرع.
الشملة الفلوت:التي لا تنضم، لايلتقي طرفاها لصغرها. بين المزادتين النضوحين تنضح الماء. على الجمل الثفال أي البطىء.
وقال أبو العباس:قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول:"اللهم إني أعوذ بك من العواقر والنواقر". العواقر: ماتعقر. والنواقر: السهام التي تصيب.
وأنشد:

رب عجوز عرمس زبون

العرمس:الشديدة.وزبون: تدفع.
وقال:

وإني مقيم ماأقام عسيب

عسيب: جبل.
القبقب: البطن. والذبذب: الذكر واللقلق: اللسان. والساجور يسمى الزمارة. والمسمعان: القيدان. وأنشد:

ولي مسمعان وزمـارةٌ

 

وظلٌ مديدٌ وحصنٌ أمق

قال: أمق: واسعٌ.
"لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن " قال: لا يخرجن إلا لحداد، لا تخرج حتى تقضي العام ثم تخرج حيث شاءت.
وقال: ما يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا كلمة واحدة في النبيذ، يعني رخصة: "اشربوا ولا تمزَّروا " أي لا تشربوا قليلاً قليلاً، إذا عطشتم اشربوا أو اتركوه.
"إنه لحقٌ مثل ما أنكم تنطقون" قال: انتصاب "مثل" على أنها في موضع حقاً، كأنَّه قال: إنه لحقٌ حقاً مثل ما أنكم تنطقون.
"وهموا بما لم ينالوا" أي بأمر لم يقدروا أن يتموه.
وقال: زعبلة اسم رجلٍ، وزعبلةٌ: الكثير. وأنشد:

لست إذاً لزعبله......

 

إن لم أغير بكلتي

 

إن لم أساو بالـطـول

البكلة: الحال والخلط. بكل عليه وبكله إذا خلط. وقال: كذا ينشد، وهو صدر بيت وبيت.
"ولا جدال في الحج" أي أنه في ذي القعدة وذي الحجة جميعاً؛ لأنه كان يقدم ويؤخر وقال: كذا فسره.
وقال أبو العباس: قلت لأعرابي? ما الثلاثة الحرم? قال: ذو القعدة، وذو الحجة، ورجب. وقال: ثلاثة سردٌ وواحد فردٌ الثلاثة: ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، والفرد ": رجبٌ.
وأنشد:

سلام الله يا مطراً علـيهـا

 

وليس عليك يا مطر السلام

قال: بعضهم يقول رخم، وبعضهم يقول رد إلى أصله.
قال: وأنشد الفراء:

يا فقعساً وأين منِّي فقعس

 

أإبلي يأكلهـا كـروَّسُ

المتزبع من الزنباع وهو السيء الخلق وأنشد:

وإذا غلا شيءٌ على تـركـتـه

 

فيكون أرخص ما يكون إذا غلا

وقال في قول الله عز وجل: "وجاءكم النذير " قال: الرسول، ويكون الشيّب. الظل والحرور يريد الظل والحر ويكون الجنة والنار. "وما يستوي الأحياء ولا الأموات " أي المؤمن والكافر.
"من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى" قال: يشهدون أنفسهم أنه ربهم لا يدري كيف تكلم، كمخاطبة أيضاً للسموات والأرض وغيرهما.
قال: والذر: وزن مائة نملةٍ منها وزن حبةٍ، الذرة واحدة منها. وقال: كل استفهام يكون معه الجحد يجاب المتكلم به ببلى ولا. وكل استفهام لا جحد معه فالجواب فيه نعم. وإنما كره أن يجاب ما فيه جحد بنعم، لئلا يكون إقراراً بالجحد من المتكلم.
وقال: اللعون: المطرود، وأنشد:

مقام الذئب كالرجل اللعين

والحنان: الرحمة. وأنشد:

حنانك ربنَّا يا ذا الحنان

أي رحمتك ربنا يا ذا الرحمة.
وقال أبو العباس: الفراء يقول: من أنمّ الأب فقال هذا أبوك فأضاف إلى نفسه قال: هذا أبي، خفيف. قال: والقياس قول العرب: هذا أبوك وهذا أبي - فاعلم - ثقيلٌ، وهو الاختيار. وأنشد:

فلا وأبي لا آتيك حـتـى

 

ينسى الواله الصب الحنينا

وقال: أنشد الكسائي برنبويه، - قرية من قرى الجبل - قبل أن يموت:

قدر أحـلــك ذا الـــنـــجـــيل وقـــد أرى

 

وأبـىَّ مـالــك ذو الـــنـــجـــيل بـــدار

إلا ما كداركمُ بذي بقر الحمى هيهات ذو بقر من المزدار

 

 

وأملى علينا: إذا قلت: ما فيك راغبٌ زيد، وما طعامك آكلٌ زيدٌ، كان الاختيار هكذا الرفع؛ لأن الفعل أولى بالحق من المفعول والصفة، وكان كأنّ الفعل مع الجحد، فإذا أدخلوا الباء فيهما كان قبيحاً، لأنه قد جاء الاسم بعدهما، لأنه لما جاء ثانياً احتاجوا إلى أن يعلموا أنه الفعل، وإنما تدخل الباء للفعل، فإذا أخروا الفعل فقالوا: ما طعامك زيدٌ بآكلٍ، وما فيك زيدٌ براغب ثم نزعوا الباء، كان الاختيار الرفع، لأن الباء قد حالت بين الاسم وما، فكأنَّ الفعل معها. وكذلك اختاروا الرفع، فإن نصبوا فقالوا: طعامك زيدٌ آكلاً، وما فيك زيدٌ راغباً، لم يعبئوا بالصفة ولا المفعول، لأنها من صلة الفعل، فكأنهم قالوا: ما زيد آكلاً طعامك، وما زيد راغباً فيك.
تقمأت الشيء: أخذت خياره. وأنشد لابن مقبلٍ في ذلك:

مما تقمأته من لذةٍ وطري

حاط به وأحاط به، ودار به وأدار به، واحد.
القوم على سكناتهم، ورَبَعاتهم، ورَبِعاتهم، ونزلاتهم، أي على منازلهم. ويقال: رجل ملفجٌ وملفج للفقير. ومدجَّج ومدجِّج، وينبغي ويبتغي. والمُبلِط والمُبلَط: الذي لا شيء معه. والصعلوك كذلك. والرَّامك: المقيم ويقال: نكل ينكُل وينكِل، جميعاً.
وأنشد: على حتِّ البراية زمخريّ السواعد ظل في شريٍ طوال.
قال: يصف ظليماً. البراية: بقية الجسم والشرى: الحنظل.
ويقال: جاء فلانٌ بدبى دبيٍ ودبى دُبيَّين، ودبى دبّيّين، أي جاء بخير كثير.
ويقال: عيشٌ أغضف وأغطفُ وأوطفُ، أي واسع. وعيش خرَّمٌ أي ناعم. أرتع القوم: وقعوا في خصب. لو كان في التحايا، أي في الدنيا. ويقال: جاء يقث الدنيا، أي يجرها.
وقال: المقثّة والمقاثّ: خشبة مدورةٌ كان الصبيان يلعبون بها.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم، ثنا أبو بكر محمد بن يحيى ابن سليمان المروزي إملاءً، ثنا محمد بن عمرٍ وعن جده أبي عمرو الشيباني قال: النخلة التي تنبت من النواة يقال لها: شربة. والمحوّلة تسمّى: فصلة، ويقال: افتصلتها. والتي تنبت في جذع النخلة ثم تحول إلى مكان آخر هي: الركزة. الرَّاكوب - وهن الرواكيب - ما دامت في مكانها وأصلها في الجذع تدعى: الصنبور، وجمعها الصنابير. وإذا كان في الأصل الواحد أربع أو خمس فهو: العريش.
والحفرة التي توضع فيها النخلة يقال لها: القناة، يقال: قد قنَّيت كذا وكذا. والنخلة التي تناولها بيدك هي: البهزرة، وهنّ البهازر. قال حبيب القشيري:

بهازراً لـم تـتـخـذ مـآزرا

 

فهي تُسامى حول جلفٍ جازرا

والجلف: الذكر الذي يلقح منه، ويقال له: الفحال. ويقال إذا أفسدها: قد جزرها وهو يجزر. والليف إذا انتزع يقال له: الهمل، والواحدة هملة.
وأنشد:

وفتاة بيضاء ناعمة الـجـس

 

م لعوبٍ ووجهها كالفـتـاق

ولها مبسٌم تـشـبـهـه الإغ

 

ريض بعد الهدو عذب المذاقِ

قال: الإغريض: أصل الإهان. الفتاق: أصل الّليِف، إذا لم يظهر، الأبيض.
وأنشد:

كأن حلى سليمى حين تلبـسـه

 

على إهان من الغيلين معطوف

الغيلين: مكان. وقال: القلعة: التي تقتلع من أصل النخلة تنبت في الكربة، هي لاحقة. والنخلة تكون فيها أخرى فهي: الفريق. والسلسة التي قد ذهب كربها فليس عليها منه شيء.
وأنشد:

لا ترجون بذي الآطام حـامـلةً

 

ما لم تكن صعلةً صعباً مراقيها

يقول خارفها والريح ينفـضـه

 

لا بارك الله فيما في خوافيهـا

جرداء معطاء لاليفٌ ولا كربٌ

 

ولا ينال بغير الكر ما فـيهـا

معطاء، أي جرداء. والصعلة: التي فيها عوج، وهي جرداء أصول السعف. والعروق: هي النواجم، وهي الأمراس، وواحد نواجم ناجم. والخوافي: السعف الذي يلي القلب. والكر، الذي يسمى السلب. وواحد خوافي خافية.
قال الصرام: ما صرمت. والبقية في النخلة بعد الصرام يقال له: الكرابة. ويقال للرجل إذا صعد في قلب النخلة يقال: صار في قمتها. فإذا نفض العذق فرمى به فهو التريك. والعذق: الكباسة، والعذق: النخلة. وإذا لقطت فبقي فيها شيء فهي الشماليل، وأحدها شملال. والنخلة الطويلة العذوق يقال لها: بائنة، وإذا كانت قصيرة العذوق فهي: حاضنة، وهي كابس. وأنشد الحبيب القشيري:

من كل بائنةٍ تبين عذوقها

 

منها وحاضنةٍ لها ميقار

ويقال للنخلة: قد أوقرت فهي موقر وميقار، إذا كثر حملها. الدالج: الذي ينقل الماء إلى النخل من البئر، يحمل الدلو بيده. دلج يدلج دلوجاً. والدالج أيضاً: الذي ينقل الماء من البئر إلى الحوض، وما بينهما مدلج. الذي يسقط من البسر قبل أن يدرك: السراء، الواحدة سراءة. وهو الجدال، والواحدة جدالة. وهو السداء، ممدودٌ بلغة أهل اليمامة. هو السدى بلغة أهل المدينة. وهو السياب، الواحدة سيابة بلغة أهل وادي القرى. وهي الرمخ طي، الواحدة رمخة. وهو الخلال بلغة أهل البصرة وأهل البحرين. وأنشد في الجدال:

يحر على أيدي السقاة جدالها.

والكرابة هو ما بقي في أصول السعف بلغة أهل اليمامة، والغشانة بلغة أهل عمان. يقال: للرجل: تكرب هذه النخلة من الكرابة، وتغشنها من الغشانة، وهي الخلالة بلغة أهل البصرة والبحرين، يقال: تخللها. يقال للنخلة إذا تناثر بسرها: قد أسلست، وهي منثار ونثرة، ومسلس ومسلاس. وقال الشسيف: البسر المشقق، يقال: شسفوه.
وأنشد:

كأنها الدوم إلا أنهـا خـمـل

 

أو سرح ناعمتي دمخٍ إذا بسقا

وأنشد:

غلب مجاليح عند المحل كفأتـهـا

 

أشطانها في عذاب البحر تستبـق

جثل الذوائب تنـمـي وهـي آزيةٌ

 

ولا يخاف على حافاتها الـسـرق

ولا تبالي عواء الذئب سخلـتـهـا

 

ولا تسـير إذا مـا بـارقٌ بـرق

لها حليب كأن المسك خـالـطـه

 

يغشى الندامى عليه الجود والرهق

حليب، يريد النبيذ، الرهق، يريد العربدة.

طورين، يبيض أحياناً وتحسبه

 

كأنه بدمٍ أو عصفرٍ شـرق

قال: الغلب: اللواتي قد استمكنت في الأرض حتى تشرب من الأرض. والمجاليح من النخل، الواحدة مجلاح. وهن اللواتي لا يبالين قحوط المطر. والكفأة حمل سنتها. أي إنها تحمل وإن لم يكن مطر، وهي الكفأة. وهي من الإبل أيضاً: نتاج عامها، كفأتها. قال ذو الرمة:

ترى كفأتيها تنفضان ولـم يجـد

 

لها ثيل سقبٍ في النتاجين لامس

كفأتيها: نتاج عامها. والعام الماضي، فإذا نتجت كلها فقد أنفضت، وهي منافيض، الواحدة منفض. وإنما وصف فحلاً فجعله مئناثاً، لا ينتج مما ضربه ذلك الفحل إلا أثني، وذلك أكرم له.
ويقال: قد فلق النخل إذا انشق عن الكافور، وهو نخل فلق. وجمع الكافور كوافير، وهو الطلع. وهي نخلة فالق. وإذا استبان البسر قيل: قد حصل النخل، وهو الحصل، إذا تدحرج أي صار مدحرجاً. ويقال إذا صار شيصاً: قد أصاص النخل وصيص، وهو الصيصاء. ونخلة مصيصٌ ومصياص. ويقال للبسر إذا عظم شيئاً: قد جثمت العذوق،وهو الجثوم، جثم يجثم جثوماً. ويقال: قد تلون إذا أصفر أو احمر ونور. ويقال النخلة أول ما تطعم يقال لها: عرف، وهي البكور، وهي المعجال. ويقال القيقاءة: غلاف الكافور.
وأخبرنا محمد بن يحيى المروزي: عن محمد بن عمرو، عن جده أبي عمرو الشيباني قال: يقال: أتيته على إفان ذاك، وقفان ذاك، وعلى قافة ذاك، وعلى دبر ذاك. وقال بعضهم: أتيته على إفان أمر كان. وقال: قد والله قصر منه، وقصر من عنانه، وقد قصر علمه أشد القصر، وقصر عنانة قصراً، وقصر من صلاته قصوراً ويقصر قصراً.
وقال أتيته في عبش السواد، أي في ظلمة. ويقال: قد أحصنه فلان عن أمره، أي منعه أن يعلم. وقال: قد تبريت له، أي تعرضت له. وقال: دانه الناس، أي دنوا له، خضعوا له. وقال: دنته ديناً ما، أي أطعته. وقال: التأبل: تأبل القدر، همزها. وقال بعضهم تأبلت القدر، وبعضهم لم يهمزها. وتأبلت وتبلت.
وقال: السعيع: الزؤان الذي يكون في الحنطة، الواحدة سعيعة. والزؤان: الشيلم، يهمز ولا يهمز، الواحدة زؤانة. والمريراء: حبة سوداء تكون في الحنطة فيمر الطعام منها.
وقال: " طوبي لهم وحسن مآبٍ " فنصبٍ.
وقال: السلمة. الحجر. قال: توجبت نعجة من غنمي فأنا أحتلبها وجبه، أي مرةً في اليوم. وقال ما أطعم عياله إلا الوجبة والوزمة؛ وقد وجبهم وزمهم. والعنز لجبة، وإذ قل لبنها عند فطام ولدها.

يحلب لي فيها اللجاب الغزاز.

قال: إذا فطمت ولدها فهي لجبة. وقال: إذا أغبت صريت، وهي عنز صري، أي مصراةٌ ومصراة. ونعجةٌ صرباء وصرية. وأنشد: لمغلس الأسدي:

ليالي لم تنتـج عـذامٌ خـلـيةً

 

تسوق صرياً في مقلدةٍ صهب

وقال معزى صراء، ممدود. وقال:

ندر الحرب بالرزق النواجي

 

ونحلبها إذا صريت صراها

وقال: ما جاءني إلا بهذا قد جزم. فإن استقبلتها ألف ولامٌ خفضتها.
وقال السلان: تنبت الضعة والينم والحلمة، والواحد سال وسليل وهي سهلية.
وقال مياه العراق مياه بني سعد بن مالك، وتقيد. ماء بني ذهل بن ثعلبة ومياه بني مازن. وتقتد: اسم ماء.
وقال: استعرقت إبلكم، إذا أتت ذلك المكان. وإن إبلك لعراقية، تنسبها إلى العرق، وهو موضع فيه سبخةٌ تنبت الشجر ويقال: إن سميت العراق لعراق البحر، وهو ما كان قريباً من البحر.
وأهل الحجاز يسمون ما كان قريباً من البحر عراقاً، كما يسمون ها هنا السيف، جمعها أسياف، وهو ما قرب من البحر.
وقال:هذا مال خلة، أي مهزول، وهو مختل. ويقال للقوم: مخلون أي مهزلون ومرقون.
 وقال: قد حقب المطر عن هذه البلاد حتى هلكت إذا لم تمطر. وقال: " يا راكباً إيما عرضت " يريد إما عرضت. وقال بعضهم:: يا راكباً أما عرضت " ففتح.
وقال: إنه لعض سفر، إذا كان جلداً.
وقال المهايع: " جمع مهيع، وهو الطريق الواضح الواسع ". العد العائن من الماء العد: الذي له مادةٌ. عائنٌ: سائل، عان يعين عيناً.
وقال: قد عاهت الإبل إلى الماء تهيع، وهلعت إليه، إذا طشت وأرادته. وقال: " إن على فلان لابلاً عجاساء " جلة ". عجاساء ": أي كبيرة. جلة أي مسان.
وقال: هو صدى إبل، أي، لزوم لها يحسن القيان عليها وهو سرسور مال، وخال مال. والخائل: القهرمان إزاء معاشٍ.
وقال: تقول للجمل إذا أعجبنا وأردنا أن نتخذه فحلاً: أقرموا جملكم - أي عفوه فلا يحمل عليه - ونعموه. وهو المقرم، وهو القرم.عفوه: لا يركبه. أحد يقال: قد عفا ظهره يعفو، إذا لم يركب وكثر لحمه ونبت وبره. وعفا المال وعفا القوم، إذا كثروا.
وقال: " إذا طلعت الشعرى سفراً، ولم ترفيها مطراً فلا تلحق فيها إمرةً ولا إمرا، ولا سقيباً ذكرا " تصغير سقب. والإمرة: الرجل الذي لا عقل إلا ما أمرته به. أي لا ترسل فيها رجلاً لا عقل له، يريد في الإبل. والإمعة: الذي يصحب ذا مرةً وذا مرة، وليس له رأي. وقال: لقد تلكد بإبله ما استطاع، أي تتبع بها الخضرة حيث كان، وذلك التلكد.
وقال: تقول للرجل إذا أورد إبله وهو في الجزء ولو شاء أخرها عن الماء: أما والله لقد فارقت خليطاً لا تلقى مثله أبداً. يعني الجزء. وقال: البوائك: العشار الخيار، واحد البوائك بائك.
وقال: تقول للمرأة إذا كانت حسناء: " كأنها فرسٌ شوهاء " والشوهاء: الحديدة النفس.
وقال: الخب من الأرض: مثل السال وهي الخباب.
وقال: قد غب اللحم عنده وربع، أخذه من الغب والربع وقال: قد أصبح بعير كم مستحيراً، أي ظالعاً.
وأنشد:

كمشى الكسير غدا مستحيرا.

وقال: إن فلاناً لنعور الهم ونعور النية أي بعيد النية والهم.
وأنشد:

وكنت إذا لم يصرني الهوى

 

ولا حبها كان همي نعورا

يصورني: يميلني نعوراً، أي بعيداً.
وقال: قد هاجت بنا ريحٌ نخير أي شديدة.
وقال: أكرينا الحديث الليلة، أي أطلنا؛ وقد كرينا في النوم، أي نعسنا.
وقال: قد ورى من حبها وهو مورى، وقد ورته فلانة. ويقال قد وراه الغيظ والحسد. ويقال: هذا بعير مورى، إذا أصابه داءٌ في جوفه من العطش. و " تقول العرب: أي الورى " هو? الورى: الخلق.
وقال الكميت:

هلم إلى أمية إن فـيهـا

 

شفاء الواريات من الغليل

وقال: النكس: المائق من الرجال، وهم الأنكاس؛ ومن السهام المنكوس.
وقال: ياليتنا نزوج الكفاء، يقول: هو كقولهم. وأنشد:

ولا في كفاءٍ من لحيم أبية

 

إذا حل يوماً فيهم المتجرم

وقال: الأكفاء القرناء، الواحد كفء.
وقال المع ... من الأرض المشرف. والجمد: القارة العظيمة، وهي الجماد.
وقال: غدا الغداة وليس له بعده يتم شيء، أي يكون ما وراءه مايهمه. وقال: غدا من عندنا وليس بذي يتمٍ. وقال: رجلةٌ من الوحش ورجلة من الجراد، أي جماعة.
وأنشد:

والعين عين لياحٍ لجلجت وسناً

 

لرجلةٍ من بنات الوحش أطفال

وقال: معدنٌ مركزٌ، إذا كان فيه ذهب كثير أو فضة.
وقال:

بيضٌ يعاليل.

" علت " مرة بعد مرة، أي علت من العلل وقال: أفلقت: أكثرت مما كان وقال: نطت غزلها، أي سدته، تنطو نطواً.
وأنشد:

ذكرت سلمى ذكـراً تـشـوقـا

 

وهن يذرعن الرقاق السملـقـا

ذرع النواطي السحل المدقـقـا

 

خوصاً إذا ما الليل ألقى الأروقا

السحل، يريد من السحيل. مدققا: دقيق.

خرجن من تحت دجاه مرقا

 

لأم غيلان أكل مرفـقـا

أي قد أعيت.

وركبةً مني إذا تشـبـرقـا

 

عني القميص وتليت الأينقـا

وما يقيم الناجيات المـرقـا

 

الهيق منها والطويل السهوقا

إلا غلامٌ لم يكن معـشـقـا

 

خلف المطي رجلاًمخرورقا

أي يدور.

لم يعد صوب درعه أن نطقا

 

ولا عدا فضل يديها المرفقا

صوبه: ما انصب منه، أي سفل. نطقا: أي بلغ المنطق يريد بدرعه جبة صوفٍ قصيرة.

لم تر ذرع ناجياتٍ أفلـقـا

 

من ذرعهن يوم غلن الأبرقا

أي أبعد.

صوادراً عن ذات رجلٍ حزقا

 

يقلبن للرأي البعيد الحـدقـا

تقليب ولدان العراق البندقا

 

 

وقال: تناحروا على الطريق، إذا كان بعضهم يتبع بعضاً. قال: وبعضهم يقول تناحروا عن الطريق إذا عدلوا عنه.
قال: تأييت عليه، أي انتظرته. وقال: هذه لغةٌ، وبعضهم يقول:تأنيت عليه؛ وهي أكثرهما وتأييت: تعمدت، لا يقال في هذا غير هذا.وقال: أم حمارس تكون في الماء سوداء، لها قوائم كثيرة.وقال: دابةٌ تكون في جحرة الحيات منقطة بسوادٍ وبياض، يقال لها: فالاة الخشاش. يريد فالية الحية، وهي لغة طي، يريد أنها تقلبها. من فليت رأسه.
وقال: الشاجب. اليابس. وأنشد.

لو أن سلمى ساوقت ركائبي

 

وشربت من ماءٍ شنٍ شاجب

لأصبحت تشكو إلى القرائب

 

منها رثاثاً شعث القصـائب

ساوقت، أي تسير معها. رثاثٌ. من الرث. وشجب يشجب: في الهلاك واليبس جميعاً، شجباً وشجوباً.
وقال: البهل: القليل الحقير. يقال: أعطاه قليلاً بهلاً. وأنشد:

وأعطاك بهلاً منهما فرضيتـه

 

وذو اللب للبهل الحقير عيوف

وقال: نخلات متناوحات، إذا كان بعضهن قريباً من بعض. وكذاك الإبل والناس وغيرهم. وأنشد:

كأنك نشوانٌ تميل برأسـه

 

مجاجة زقٍ شربها متناوح

أي قريبٌ.
وقال: فثأ عنه، أي انكسر عنه. وأنشد:

تفور علينا قدرهم فنديمهـا

 

ونفثؤها عنا إذا حميها غلا

ويقال: قد فثأت غضبه، وفثأت الحار بالبارد، أي كسرته. وقوله نديمها، الإدامة: أن يترك القدر على النار بعد ما تنضج ولا يوقد تحتها ولا ينزلها، فتلك الإدامة. يقال: أديمي قدركِ.
وقال: ذكور الأسمية: التي تجئ بالمطر الشديد والبرد.
وأنشد:

والله لو كنتم بأعـلـى تـلـعةٍ

 

من روس فيفا، أو بروس صماد

صماد: جبل.

لسمعتم من ثم وقع سيوفنا

 

ضرباً بكل مهند جمـاد

جماد: قاطع.

والله لا يرعى قبيلٌ بعدنـا

 

خضر الرمادة آمناً برشاد

قال: الجمد: القطع، وهو في الثوب: الخرق الخضر، يريد العشب وقال: الزمل. الرجز. وأنشد:

لا يغلب النازع ما دام الزمل

 

إذا أكب صامتاً فقد حمـل

يقول: ما دام يرجز فهو قوى.
وأنشد:

ومن العطية ما ترى

 

جذماء ليس لها بذاره

أي نزلٌ. يقال طعام كثير النزل والبذارة، وهو نزل، وكثير البذارة وبذر. وقال: لو بذرت فلاناً لوجدته رجلاً، أي لو جربته.
وأنشد:

ألفهم بالسيف من كـل جـانـبٍ

 

كما لفت العقبان حجلي وغرغرا

الغرغر: دجاج الحبش، والواحدة غرغرة. والحجلى: جماعةٌ، واحدها حجلة. وجماعة الظربان ظربي وظرابين وظرابي، وهو دويبة أبقع يكون في المقابر أصغر من السنور شيئاً.
وقال: زيتٌ أنفاقي.
وقال: الخروس من الإبل: التي لا ترغو، وهي الكتوم.
وقال: إبر الدوم، وهو شجر المقل: سعفه.
وقال: وجدت أثره ... الندى.
وقال: قد نكل فلانٌ بفلانٍ، إذا أوقع به. وقال الحشيك: القضيم تقضمه الدابة، وهو الشعير. يقول:أحشكت الدابة: أقضمتها.
وقال: طلبت أثراً فأسديته، أي أصبته وقال:خوة الوادي: جانبه.
وقال:البصقة:حرةٌ إلا أنها مرتفعة؛ وهي البصاق.
وقال:قد حم قدوم فلانٍ يحم حموماً،مثل أحم،أي حضر.
يقال:جنف عليه وأجنف،بمعنى واحد،أي جار عليه؛والمصدر الجنف.
وقال:الرغام:رملةٌ يغشى البصقة وهي الرغمان. قال نصيب:

فلا شك أن الحي أدنى مقيلهم

 

كناثر أورغمان بيض الدوائر

بيض: موضع. والدوائر: جمع دائرة؛والدائرة:ما استدار من الرمل.
وقال:الإغضاء، تقول: أغضيت عن كذا وكذا، وعلى كذا وكذا، أي تغافلت.
وقال:الأبهر من الأرض: الربوة وربوة وربوة ورباوة.
وقال: القضيض: أن تسمع من الوتر والنسع صوتاً كأنه قطع؛قض يقض قضيضاً.
وقال: ما طمثتها كفٌ، أي ما مستها بطمث.
وقال: إنه لمعصور الفؤاد، أي قليل ماء الفؤاد. يريد مدحه.
وقال: قد غاييت إليه بسيفي؛ أي أشرت إليه، وغاييت عليه.
وقال: الزبرة الجؤشوش، وهو صدره.
واغده: سار بخياله.


وقال: الأقدر: الأقفد، والأقفد الذي تتلوي رجلاه إذا مشى. وقال: اللصق: اللازق وقال: الجزيحة: أن يجزح على الإنسان شيئاً يفعله؛جزحت عليه، أي جزمت عليه.
وقال: إنك عنه لهيدانٌ، إذا كان يهابه.
وقال النبخة: بثرةٌ تأخذ في العين، وهي الجدرة.
وقال: نسل ينسل الريش نسولاً، وقد أنسل، وأنسلت الإبل والغنم ونسلت أوبارها وأصوافها. وقال: نسل الذئب ينسل نسلاناً. وقال بعضهم: ينسل.
وقال نابغة بني جعدة:

أدوم على العهد ما دام لي

 

إذا كذبت خلة المخلـب

المخلب: الناقة. يقال: كذب لبن الناقة إذا ذهب، كذباً وكذب.
وقال: غرزت الناقة تغرز غروزاً وغرازاً.
وقال بعضهم: يزمر.
وقال: صبغ يصبغ، ودبغ يدبغ، ونبغ ينبغ: وقال: حزرت النخلة أحزر حزراً. وقال: الجزار:صرام النخل. وقال: الطيب والعنق.
وقال: صرامٌ وصرامٌ، وجزاز وجزازٌ، وقطاع وقطاع، ورفاع ورفاع: ما يرفع من الزرع.
وقال: أعطيتك جاد قفيزين أي قدر ما تجد منه قفيزين.
وقال: مدركة وطابخة: أخوان طلبا إبلهما فصادا أرنباً، فقال مدركة لطابخة: اطبخ لنا صيدنا هذا إلى أن اثني عليك الإبل. فطبخها طابخة، وثنى عليه مدركة الإبل،فلما أتيا أمهما قالا: فعلنا وفعلنا.
قال: فلقب طابخة وهذا مدركة، فذهبا طابخة ومدركة، وأمها خندف.
وقال: الأباجير، إنه يأتي بالأباجير، أي الدهي والنكراء. وقال: لقيت منه البجاري.
وقال: ملك الوادي: وسطه. وما يصب في الوادي أبعدها سليلاً: الرحبة - ولها جرفةٌ - ثم الشعبة، ثم التلعة، ثم المذنب، ثم القرارة وهي قيد الرمح، والزمعة دونها، وهي الزماع، والتفصيد آخرها، وهو أن يسيل قدر شبر. والشوان: التي تصب في الوادي من المكان الغليظ، وهي الشانة. والحشاد، إذا كانت أرضاً صلبة سريعة السيل وكثرت شعابها في الرحبة وتحشد بعضها في بعض. والفلقان تكون في الأرض الغليظة في الجبال، تتعلق فيها فلا تسيل حتى يفرطها السيل، أي يملؤها حتى تدفق، والواحد فالق. وتقول: قد أفرطت حوضك، إذا ملأته فتدفق.
وقال: رحبة محلة: لها منا كب يحل الناس عليها وهي شجيرةٌ إذا كانت كثيرة الشجر. وقال: بنات أوبر: شيء ينقض مثل الكمأة وليس بكمأة. والإنقاض: انشقاق الأرض عنها، وهي صرر. ويقال: إن بني فلانٍ مثل بنات أوبر، يظن أن فيهم خيراً، فإذا خبروا لم يكن فيهم خيرٌ. والواحد: ابن أوبر. وقال: هذا ابن أوبر مطروحاً.
وقال الذبحة شجيرة تنبت على ساقٍ نبت الكراث، ثم يكون لها زهرةٌ صفراء وأصلها مثل الجزرة حلوة. والحنزاب: جزر البرية، وهو حلوٌ شديد الحلاوة، وورقة فطح. وشيءٌ يسمونه أذن الحمار، لها ورق عرضه شبرٌ، وله أصلٌ يؤكل أعظم من الجزر مثل الساعد، وفيه بعض الحلاوة.
وقال: العنصل تأكله الوحامي، الواحدة وحمى؛وقد توحمت ووحمت. وهو الوحام والوحام والوحم، والعرجون أبيض مثل الذؤنون والذ آنين، تأكله الإبل وتنشط بألبانها الرجال. وقال، طبخنا فورين أو ثلاثةً، غليتين.
وقال: العقنقل: مصير الضب: "أطعم أخاك من عقنقل الضب. إنك إلا تطعمه يغضب وقال: هو أول شواية الضب، أي أول ما يشوى منه. وزعم أنه أطيب من مصران الغنم والدجاج. وقال في الضب:

أشب لعـينـي مـسـلـحـبٌ كـأنـه

 

بذى الطرف في آل الضحى وطب رائب

من الصفر دحـداحٌ تـرى بـلـبـانـه

 

بصاق الذناني أو بصـاق الـجـنـادب

وبالأنف والـخـرطـوم جـونٌ كـأنـه

 

مناضح ربٍ حالـك الـلـون جـالـب

فلـمـا رآنـي لـم يفــزع فـــؤاده

 

وقـال:..... تـمـضـي وراكـــب

تعارض مجرى الـريح هـوجٌ مـنـيبةٌ

 

إذا نصبت أعنـاقـهـا لـلـجـنـائب

فما زال كالموقـوذ حـتـى غـشـيتـه

 

وكان قريباً قدر مـهـوى الـمـواثـب

جلست له حينـاً وحـرفـت سـاعـدي

 

على عجلٍ والـخـائب الـجـد خـائب

فولي شديد الـجـذب لا يسـتـطـيعـه

 

رفيقٌ ولا مستعجـل الـنـتـر جـاذب

مسلحب: ممتد ملقى. جالب، كما تجلب يد الرجل إذا عمل فخشنت، يقال: جلبت وأجلبت الدبرة،وكذلك اليد. ومجلت اليد مثله، ومجلت تمجل وتمجل مجلاً ومجلولاً. هوجٌ منيبةٌ، أي راجعة. وقدر مهوى، أي حيث يهوى منه. وحرفت ساعدي، أي رميته.
وقال: قد رأم شعبهم ورأم شعب القدح، أي أصلحه.
وأنشد:

وقتلى بحقفٍ من أوارة جدعت

 

صد عن قلوباً لم ترأم شعوبها

وقال: البنانة: الروضة المعشبة الحالية وهو عاينه عليهم.
وقال: الخشاش الماضي من الرجال، وخشاش أيضاً؛وامرأة خشاشةٌ وخشاشة. والصدع والضرب من الرجال واحد، وهو النحيف. والصدع: الوعل. وأنشد:

تبكي أم حولـي بـنـيهـا

 

أجيج الناب أشعرها السنان

أشعرها: أدماها، أشعرها كما تشعر البدنة. وقال: أجيجها صوتها، مثل أجيج الريح، أجت تؤج.
وقال: طهت الإبل، إذا انتشرت في الرعى؛وهي تطهى طهياً.
وقال: كانوا في لزنةٍ، أي في ضيقٍ وشدةٍ وشتاءٍ شديد.
وقال: الأعشى:

ويقبل ذو الحاج والراغبـو

 

ن في ليلةٍ هي إحدى اللزن

وقال: أغيلت الغنم، إذا نتجت في السنة مرتين، والبقر، وهو قول الأعشى:

وسيق إليه الباقر الغيل

وأنشد للأعشى:

وشمولٍ تحسب العين إذا

 

صفقت بردتها نور الذبح

وقال: أركني إلى كذا وكذا، أي أخرني، للدين يكون عليه أو غيره. وقال: ركوت عنهم بقية يومهم هذا وعشيته، أي أقمت.
وقال: قد أكمح، إذا رفع رأسه، وأكمحته، باللجام، إذا جذبت لجامه فرفع رأسه.
وقال: الحصير من الرجال: الذي لا يشرب مع الشرب، وهو الحصور. وأنشد:

لا بالحصير ولا فيها بسوار

وقال: ما نمت إلا غراراً، أي قليلاً ثم عارت عيني.وأنشد:

قليل غرار العين حتى تحمـلـوا

 

على كالقطا الجوني افزعه القطر

وقال: الحنكلة من النساء: الدميمة.
وقال: تلك له عادةٌ طادية، أي قديمة. وقال: تقول: إن فلاناً لكريم الخلق. قال: فيقول: إن ذاك له لطاد، ئاي لقديم. وهو قول القطامي:

وقد تقضت بواقي دينها الطادي

وقال: العيثة: الأرض السهلة.
وقال: المكري من الإبل: الذي يعدو. وأنشد للقطامي:

منها المكري ومنها اللين السادي

وقال: ما بقي بها وجاح، وما في الحوض وجاح والوجاح: الستر.
وقال: هذه ريح خازمة، أي شديدة البرد. وأنشد للقطامي:

تراوحها إما شمـال مـسـفة

 

وإما صبا من آخر الليل خازم

قال: ويقال: هذا طريق مشقب ومخرت، إذا كان مستقيماً بيناً.
أخر الجزء العاشر من آمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين.

الجزء الحادي عشر

حدَّثنا أبو العبَّاس أحمد بن يحيى ثعلب، ثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني زبير قال: تعرض رجل لعبد الله بن الحسن يسبه، فأنشأ يقول:

أظنت سفاهاً من سفاهة رأيهـا

 

أن اهجو لما أن هجتني محارب

فلا وأبيها إنني بـعـشـيرتـي

 

هنالك عن ذاك المقام لراغـب

وأنشد أبو العبَّاس عن زبير:

هوى صاحبي ريح الشمال إذا غدت

 

وأهوى لنفسي أن تهب جـنـوب

فويلي من العذال ما يتركـونـنـي

 

لهمي وما في العاذلـين لـبـيب

يقولون لو عزيت قلبـك لارعـوى

 

فقلت: وهل للعاشقـين قـلـوب

وأنشد أبو العبَّاس:

يقولون: لا تنزف دموعك بالبـكـا

 

فقلت: وهل للعاشـقـين دمـوع

لئن كان قد بقي لي الحـب دمـعة

 

فإني إذا من عاشـق لـمـضـيع

أظن دموع العين تذهب بـاطـنـاً

 

إلى القلب حتى انصاع وهو صديع

ألا إن حبيها قد انـزف عـبـرت

 

وبالقلب منهـا حـسـرة وولـوع

وقد تجد العين الشقية بـالـبـكـا

 

رواحاً فتذري الدمع وهي جزوع

وتجمد أخرى والـفـؤاد مـدلـه

 

به من دواعي ما يكـن صـدوع

تساقط نفسي أنفساً كلـفـاً بـهـا

 

وإن شوى إن مت وهو جـمـيع

يعني ب"هو" القلب.
وقال: عن ابن الأعرابي، يقال: وهصه الدين يهصه، أي فدحه، واتهص هو. ووقصه: دق عنقه، فهو يقصه. وأنشصه ينشصه، أي أخرجه من جحره ومن بيته. ويقال: "يا صاح أخف شخصك وأنشص بشظف ضبك": هذا مثل يتمثل به. وقوله: فاد: هلك. وخاله: خيلاؤه. وعرصة، من عرص الهرة واستنانها. ويقال:

إذا اعترصت كاعتراض الهره

 

يوشك أن تسقط فـي أفـره

والأفرة: البلية. وأنشده.
ويقال: هبص يهبص هبصاً، وأرن يأرن أرناً، وعرص يعرص عرصاً.
 وتقول للمرأة: حطأتها، وفطأتها، وحشأتها، ورطأتها، أي نكحتها. ويقال: مالي وذائم، أي هدايا، الواحدة وذيمة. ويقال للرجال: أو ذم يميناً: وذمها. والوذم فضل؛ تقول: أعطني وذمها أي زيادتها.
وقد وذم، يقول: قطع ماله وذائم. وقال الشاعر:

فإن لم اكن أهواك والقوم بعضهم

 

غضابي على بعض فما لي وذائم

وأنشد أبو العبَّاس:

إذا ارتحلت من ساحل البحر رفقة

 

مشرقة هاج الفؤاد ارتحالـهـا

فإن لم نصاحبها رمينـا بـأعـين

 

سريع برقراق الدموع انهلالهـا

وأنشد أبو العبَّاس أحمد بن يحيى:

قد هلكت جارتنا من الهمج

 

وإن تجع تأكل عتودا وبذج

قال أبو العبَّاس: الهمج الجوع. والعتود: الجدي. والبذج: الحمل.
وأنشدنا أبو العبَّاس قال أنشدنا أبو العالية:

أذم بغداد والـمـقـام بـهـا

 

من بعد ما خبرة وتجـريب

ما عند أملاكهم لمخـتـبـط

 

خير ولا فرجة لمـكـروب

خلوا سبيل العلا لـغـيرهـم

 

ونافسوا في الفسوق والحوب

يحتاج راجي النوال عندهـم

 

إلى ثلاث من بعد تـعـذيب

ويروي: "تقريب"

كنوز قارون أن تكون لـه

 

وعمر نوح، وصبر أيوب

وقال أبو العبَّاس: عن ابن الأعرابي: عسرت حاجتك تعسر عسراً، وعسرت الناقة بذنبها عند اللقاح تعسر عسراً، وكذلك: عسرت يده، إذا رفعها يضرب. وعسرت غريمي أعسره وأعسره عسراً، إذا ألححت عليه. وأمر عسير وعسر. والعسر والمعسرة من الضيق. ويقال: ناقة عاسر وعواسر وعسر. والعسر يثقل ويخفف، وكذلك اليسر، وناقة عاسر وعسير. وأنشد:

وعسير أدماء حادرة الـع

 

ين خنوف غيرانة شملال

ويد عسراء. والمعاسر والمياسر: جماعة معسرة وميسرة. ويقال: معسرة وميسرة، ومعسرة وميسرة.
وأنشد أبو العبَّاس للعباس بن الأحنف:

ألا إن جـيرانـنـا غــدوة

 

لوقت الرحيل أعدوا الغروبا

فلو كنت بالشمـس ذا طـاقةٍ

 

لطال على الشمس حتى تغيبا

وأنشد أبو العبَّاس له أيضاً:

قد كــنـــت أبـــكـــي وأنـــت راضـــية

 

حذار هـذا الـــصـــدود والـــغـــضـــب

إن تم ذا الهجر يا ظلوم ولاتم فما لي في العيش من أرب

 

 

وقال أبو العبَّاس: عن اللحياني، يقال: "وقع القوم في سلي جمل" أي في أمر شديد.
وإذا سئل الرجل ما لا يكون وما لا يقدر عليه قيل:" كلفتني الأبلق العقوق، وكلفتني سلى جمل، وكلفتني بيض الأنوق"، وهي الرخمة لا يقدر على بيضها. و" كلفتني بيض السماسم" وهو طير مثل الخطاف.
والعقوق: الحامل، والأبلق ذكر، فهذا ما لا يكون. والسلي: ما تلقيه الناقة إذا وضعت، وهذا لا يكون في الجمل. والسماسم: طائر لا يقدر له على بيض.
وقال أبو العباس: ويقال: عرف عليهم يعرف عرافة، ونقب ينقب نقابة، ونكب ينكب نكابة، بمعنى نقب.
ويقال: لبن طيب العرض، وامرأة طيبة العرض أي الريح، وطيبة العرف، وقال بعضهم: العرض الجسد والعرف. والعرض عرض الإنسان، ما ذم منه أو مدح. والعرض: ما كان من مال ليس من بذهب ولا فضة؛ والعرض من كل أصناف المال. والعرض: ما عرض للإنسان من أمر لا يحتسبه، من مرض أو لصوص. والعارضة: الشاة أو الناقة تذبح لشيء يعرض لها. ويقال: بعير عرض، وناقة عرضة، وبعير عارض، وناقة عارضة. ويقال فلان شديد العارضة، أي الناحية. ويقال: ألقه في أعراض الدار شئت، الواحد: عرض وعرض: ويقال: خذه من عرض الناس، بالتثقيل وعرض بالتخفيف، أي من أي شق شئت. والعرض: عرضك الشيء على البيع.
من أسماء الله "حي". قال أبو العباس أحمد بن يحيى:يقال: لقيت منه الفتكرين والفتكرين، والأمرين، العنقفير. ولقيت منه البرح وبنات برح وبني برح، والذربيا، والداهية الدهياء، والعنقاء، والخنشفير، و أم خشاف، والدلو، والديلم، والزفير. وقال الشاعر:

يحملن عنقاء وعنقفيرا

 

وأم خشاف وخنشفيرا

والدلو والديلم والذفيرا

 

 

والبرجين. ويقال في الداهية "صمى صمام"و" فيحي فياح" و"صمي ابنة الجبل" و"صمت حصاة بدم". وقال الأسود بن يعفر:

فرت يهود وأسلمت جيرانها

 

صمى بما فعلت يهود صمام

ولقيت منها البجاري، وأحدها: يجري. وقال العجاج:

وجارة البيت لها حجرى

 

وحرمات هتكها بجري

والعضائه والبدائه والبوائج، واحدها: بديهة وعضيهة وبائجة.
قال أبو العبَّاس: إذا تزوج الأعجمي بالعربية فولدهما يسمى: المذرع. والمقرف من العجم والعرب: الزري الدني النذل؛وهو دون الهجين. الفلنقس: الذي جدتاه من قبل أبيه وأمه عجميتان.
العذر والنذر واحد، من قول الله تعالى: "عذرا أو نذرا" الإغريض والوليع: ما في جوف الطلعة. الصعيد: أعلى الأرض وأطيبها، وهو أطيب مما سفل من الأرض؛لأنه لا يلحق العالي ما يلحق المنهبط. وهو الأصل في أسم الصعيد، ثم لحق الأسم كل تراب طيب.
فإذا درس من الدار الصعيد فلم يبق منها شيء إلا وقد درس.
الرائد: الذي ينظر إلى الدار يرتاد منزلاً له ولقومه، فينظر هل يصلح لهم أم لا. وأنشد:

وفقت فيها رائداً أرودها

وهذه الأرجوزة في هذا المجلس.
المطا والمطو: الصاحب. وهو القبو أيضاً. أعطي المطو، وهو المطا.
قال أبو العبَّاس: وإذا قال الرجل: تفاعلت من أي شيء كان فهو يقول: دخلت في تلك الحال، وليس من أهلها.
أتيتك يوم يوم قلت كذا، ويوم ليلة فعلت كذا، وليلة ساعة قمت. قال: هذا تكرير لا وقت.
وإذا كان الرجل بفلاة لا أنيس معه ولا أحد، يقال: لا أرض لديه ولا سماء. ومثله حديث قيلة: "أتخرجين وحدك لا أرض معك ولا سماء".

يستنفض القوم طرفه

يتأمل من الشديد منهم من غيره. وذلك مثل نفضت الطريق أنفضه إذا نظرت إليه. وأنشد للعجير، وقال: قاتله الله ما أشره وأخبثه:

وقائلة عن العجـيز تـقـلـبـت

 

به أبطـنٌ بـلـينـه وظـهـور

رأتني تخاذلت الغداة ومـن يكـن

 

فتىً عام عام الماء فهـو كـبـير

فمنهن إدلاجي على كل كـوكـبٍ

 

له من عماني النـجـوم نـظـير

فجئت وخصمي يعلكون نيوبـهـم

 

كما وضعت بين الشفار جـزور

إلى ملك يستنفض القوم طـرفـه

 

له فوق أعـواد الـسـرير زئير

ولي مائح لم يورد الماء قـبـلـه

 

يعلي وأشطان الطـوى كـثـير

إذا ما القلنسي والعمـائم أدرجـت

 

ففيهن عن صلع الرجال حسـور

وظل رداء العصب ملقى كـأنـه

 

سلى فرس بين الرجال عـقـير

لو أن الصخور الصم يسمعن صلقنا

 

لرحن وقد بانت بهـن فـطـور

وأنشد أبو العباس:

هل تعرف الدار عفا صعيدهـا

 

واشتبهت غيطانهـا وبـيدهـا

وعاد بعدي خلـقـاً جـديدهـا

 

وقفت فـيهـا رائداً أرودهـا

سلوب أسلاب أسـيلا جـيدهـا

 

مثل الأتان، شبعت قـتـودهـا

دار لحـود غـائم مـفـيدهـا

 

تحلف بالرحمن لا يصـيدهـا

إلا جميل القـوم أو جـلـيدهـا

 

إنا إذا الحرب ذكـا وقـودهـا

وهفت الهاتـف: مـن يذودهـا

 

جاءت بنو عمرو تسامي صيدها

على الجياد ثبتت لـبـودهـا

 

 

قال أبو العباس: يكون هذا دعاء لهم، ويكون أنهم لا يزولون عنها. وفي قول الله عز وجل:"من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه " قال:هو جزاء لما قرب وهو"الذي" ويرفع حينئذ، وإذا كان جزاء "لمن" نصب سئل: هل هذا مثل قولك من زيد فأقوم إليه? فقال: زيد لا يكون صلة ولا يجاب، ولكن لو قيل من أخوك فنقوم إليه، نصب لا غير قال: والاسم ونعته رفع، وما بعد"ما" من صلتها.
قال: وإنما تجعل"ما" مع "ذا" حرفاً واحداً ولا تجعل"من" معها. وأملي في ذلك علينا:"من ذا يقوم "من لا يجىء مع ما حرفاً واحداً وتكون مع ما وماذا تصنع، يكون ماذا حرفاً واحداً،وتصنع عاملاً فيها، كأنك قلت ما تصنع، وإنما يجعلون " من " مع " ذا " حرفاً واحداً لأن " من " للناس خاصاً و " ذا " لكل شيء، وجعلوها مع ما حرفاً واحداً، لأن " ما " لكل شيء. و "ذا " لكل شيء. فإذا قالوا من ذا أخوك? لم تكن " من " مع " ذا " حرفاً واحداً، فقالوا من ذا أخوك لم يضمروا هو، لأن ذا يتم وينقص مع الذي يضمرون، فإذا قالوا من ذا نأته، كان من قول الفراء والكسائي أن يرفع من بذا وذا بمن، ونأته جواب الجزء. كأنه قال من يكن هذا نأته وإذا أراد الاستفهام قال من ذا فناتيه? كأنه قال: من هذا فنأتيه.
وأنشد:

محلاَّ كوعساء القنافذ ضارباً

 

به كنفاً كالمخدر المتأجـم

قال: ضرب كنفاً بهذا المكان، وإذا أقام به. أي لا يتهيأ لأحد أن يسلكها لامتناعها، أي من أرادها لم يصل إليها، فهو مثل الأسد في الأجمة. قال أبو العباس: قال الفراء: لجبةٌ ولجبات، حركتها العرب. والعرب تقول: ضخمة وضخمات، وعبلة وعبلات، فلا يحركون النعوت. ويحركون الأسماء، فيقولون تمرة و تمرات، فحركوا الأسماء وسكنوا النعوت، لأن النعوت يكون فيها ذكر الأسم فتثقل فلم يزيدوه حركة، فيدخلوا ثقلاً على ثقل،ففرقوا بين النعوت وبين الأسماء.
وقال الكسائي: سمعت لجبة ولجبات ولجبة ولجبات، فجاء بها على القياس. وقال: لم يحكها غيره. وكذلك ربعة وربعات، حركت وهي نعت.وقال: هذان الحرفان حركا في النعوت إلا في قول الكسائي، فإنه جاء به على القياس في لجبة. ولم يحك الفراء ولا الكسائي في ربعة إلا التحريك. وقال ابن الأعرابي: رجال ربعات وربعات. وقال الفراء:إنما حرك لأنه جاء نعتاً للمذكر والمؤنث و كأنه اسم نعت به. وقال أبو العباس: والذي سكن في ربعات جعله مرة على النعت ومرة على الاسم. وقالوا: لجبة لا تكون إلا من المعز الذي قد ذهب لبنها.
وأنشد:

وترى بها زبر القتال على الذرى

 

ثبجاً وما تحيا لهـن فـصـال

وأنشد:

ياليت شعري عنك والأمر عمم

 

ما فعل اليوم أويس بالـغـنـم

صب لها في الريح مريخ أشيم

 

فاجتال منها لجـبة ذات هـزم

حاشكة الدرة ورهاء الـرخـم

 

فجئت لا يشتد شدي ذو قـدوم

وفي شمالي سمحة ذات خـذم

 

صفراء من نبعة شيبان القـدم

تعج في الكف إذا الرامي اعتزم

 

ترنم الشارف في أخرى النعم

قد كنت آليت فثنيت الـقـسـم

 

وقلت خذها لا شوى ولا شرم

"لا شوى ولا شرم" أي لم أشوه فأصيب غير المقتل، بل أصبت المقتل ولم أخطه. يقال أشوي الصيد، إذا أخطأ المقتل.

لئن بعدت أو دنوت مـن أمـم

 

لأخضبن بعضك من بعض بدم

يقال: شكر من اللبن، إذا امتلأ. ويقال: شكيت شكوى وما شكو.
قام زيد في الدار الظريف، قال: هشام لا يجيز أن يحول بين النعت والاسم بصلة، والفراء يقول في التام ولا يقول في التام في الناقص، أي إذا تم الكلام في الصلة أجاز النعت بعد، وإذا لم يتم لم يجز.
وأنشد:

ألا ليت أيام الصفاء جديد

 

ودهراً تولى يا بثين يعود

قال: رد الجديد على الصفاء وترك أيام. ومن قال: ألا ليت أيام الصفاء جديد، جعله إضافة غير محضة، اكتفى بفعل الثاني منه من فعل الأول.

وعهداً تولي يا بثين يعود.

أي تعود الأيام، كما تقول ليت زيداً وهنداً قائمة، فتكتفي بفعل هند من الأول. وأنشد:

فإني وقياراً بها لغريب.

فاكتفى بالثاني.
حدثنا أبو العباس، حدثنا عمر بن شبة حدثنا صفوان بن هبيرة، حدثنا أبو بكر الهذلي ومحمد بن حفص بن عائشة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " إذا قدمتم علينا شهرنا أحسنكم وجهاً، فإذا يلوناكم كان الأختيار ".
وأخبرنا أبو العباس قال: وأنشدنا محمد بن إبراهيم الزبيري، لمالك ابن أسماء بن خارجة:

أمغطي مني على بصري في ال

 

حب أم أنت أكمل الناس حسنـاً

وحـديث ألـذه هـو مـمــا

 

تشتهيه النـفـوس يوزن وزنـا

منطق صائبٌ وتـلـحـن أحـيا

 

ناً وخير الحديث ما كان لحـنـا

وقال أبو العباس: وأخبرني أبو الزبير ثابت بن عبد الرحيم قال: أنشدتني امرأة من بني سليم

وإن امرأ أمسى ودون حبيبـه

 

سواس فوادي الرس والهميان

لمعترف بالنأي بعد اقتـرابـه

 

ومعذورة عيناه بالهـمـلان

فما ريح ريحانٍ بمسكٍ بعنبـرٍ

 

برندٍ بكافورٍ بـدهـنة بـان

بأطيب من ريا حبيبي لو أنني

 

وجدت حبيبي خالياً بمـكـان

وأنشدنا أبو العباس قال: وأنشدني أبو علي أحمد بن عمرو بن عثمان:

أعزز على بأن تكون عليلا

 

أو أن يكون لك السقام نزيلا

هذا أخ لك يشتكي ما تشتكي

 

وكذا الخليل إذا أحب خليلا

قال: وأنشدني أبو العالية:

وعلقت ليلى وهي ذات مؤصـدٍ

 

ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا

 

إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

وليلى مكان النجم سحقاً وهل لنا

 

من النجم إلا أن يقابلنا النـجـم

قال:وأنشدني علي بن عبد الله، للفضل بن العباس اللهبي:

هلا سألت وأنت خير خـلـيفة

 

عن حور غايتنا وبعد مـدانـا

أهل النبوة والخلافة والتـقـي

 

الله أكرمنـا بـه وحـبـانـا

حوض النبي وحوضنا من زمزم

 

ظمئ امرؤ لم يروه حوضانـا

علمت قريش أننـا أعـيانـهـم

 

من قام يمدح قومه استثنـانـا

ولنا أسام ما تلـيق بـغـيرنـا

 

ومشاهد تهتـل حـين تـرانـا

ويسود سيدنا بغـير تـكـلـفٍ

 

هوناً ويدرك تبـلـه مـولانـا

أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: وحدثني محمد بن عبيد بن ميمون قال: حدثني عبد الله بن إسحاق الجعفري قال: كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة. قال: فتذاكروا يوماً السنن، فقال رجلٌ كان في المجلس: يسن العمل على هذا. فقال عبد الله: أرأيت إن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام، أفهم الحجة على السنة?! قال ربيعة: أشهد أن هذا كلام أبناء الأنبياء.
وقال: أشجاه: أغصه، وشجاه: حزنه.
وقال أبو العباس: قال الفراء: أنشدتني الدبيرية:

من لي من هجران ليلى من لـي

 

والحبل من وصالها المـنـحـل

تعرضت لـي بـمـجـاز حـل

 

تعرض المهرة فـي الـطـول

تعرضاً لم تأل عـن قـتـلـلـى

 

يمثل جيد الرئمة الـعـطـبـل

ملء البريم متـأق الـخـلـخـل

 

فأردفت خبلاً على خـبـلٍ لـي

كالثقل إذ عالي به الـمـعـلـى

 

يا صاح لا تكثر بها عـزلاً لـي

فلـم أكـن والـمـالـك الأجـل

 

أرضى بإلف بعـدهـا مـبـدل

بخـلةٍ عـنـهـا ولا مـخـتـل

 

إن صح عن داعي الهوى المضل

صحو ناسي الشوق مـسـتـبـل

 

مقتصـر لـلـصـرم أو مـدل

فسل هم الوامـق الـمـغـتـل

 

ببـازلٍ وجـنـاء أو عـيهــل

ترى مراد نسـعـه الـمـدخـل

 

بين رحى الحيزوم والمـرحـل

بسـلـمٍ مـن دفـه الـمــزل

 

مثل الزحاليف بنـعـف الـتـل

نوط إلى صلبٍ شديد الـحـمـل

 

وعنق كالـجـذع مـتـمـهـل

تقصر عنـه هـدبـات الـجـل

 

إذا اغـتــدى عـــر.... ..

أذرى أسـاهـيك عـتــيق أل

 

بأوب ضبعـي مـرحٍ شـمـل

كأن مهواه علـى الـكـلـكـل

 

بعد السرى من الندى المخضـل

في غبش الصبح وفي التجـلـي

 

موقع كفـى راهـبٍ مـصـل

لعلها تـسـعـف أو لـعـلـى

 

في طلب الحاج أو التـسـلـي

قال: وأنشدنا لأبن عناب الطائي:

عوى ثم نادى هل أحستم قلائصـاً

 

وسمن على الأفخاذ بالأمس أربعا

يريد: أحسستم.

غلامٌ قليعي يحف سـبـالـه

 

ولحيته طارت شعاعاً مقزعا

غلام. أضلته النبوح فلم يجد

 

بما بين خبت فالهباءة أجمعا

أناساً سوانا فاستمانا فلم نرى

 

أخا دلج أهدى بليل وأسمـا

وأستمانا: تصيدنا. والمستمي. المتصيد. والمسماة: جوربٌ يلبسه الصائد في الحر.

فقلت أجراً ناقة الضيف إنني

 

جدير بأن تلقي إنائي مترعا

أي من عادتي هذا.

فما برحت سجواء حتى كأنما

 

تغادر بالزيزاء برساً مقطعا

أي ساكنة عند الحلب. تغادر: تترك. والزيزاء: الموضع الصلب من الأرض. والبرس: القطن. شبه ما سقط من اللبن به.

كلا قادميها يفضل الكف نصفه

 

كجلد الحباري ريشه قد تزلعا

تزلع: تقلع.

دفعت إليه رسل كومـاء جـلـدةٍ

 

وأغضيت عنه الطرف حتى تضلعا

تضلع: أمتلأ ما بين أضلاعه.

إذا قال قطنى قلت آليت حلفةً

 

لتغني عني ذا إنائك أجمعـا

قطني: حسبي. أي قلت قد حلفت أن تشرب جميع ما في إنائك

يدافع حيزوميه سخن صريحها

 

وحلقاً تراه للثمالة مقـنـعـا


قال: حيز وماه: ما اكتنف حلقومه من جانبي الصدر. والثمالة: رغوة اللبن فيريد أنه يرفع حلقه لإستيفاء اللبن.

إذا عم خرشاء الثمالة أنفـه

 

تقاصر منها للصريح وأقمعا

قال:و يروي في البيت الذي قبل هذا: " لتغنن " قال: وهذا إنما يكون للمرأة، إلا أنه في لغة طي جائزٌ. وفي لغة غيرهم لتغنين." واللام لام الأمر أدخلها في المخاطبة. والكلام أغنن عني ".
ويقال: شعر سبط وسبط، ورجل ورجل، وأمرٌ نكد ونكدٌ ونكدٌ، وقد قرئ بهن. قال: وسمع الكسائي نوى الدار ونئى الدار مثل نعي. قال: وسمعت نأى الدار من غير واحد. والنوى على مثال النعى ويقال: أنأيت فيا الخباء نوياً مثل أنعيت. ويقال: رماه يقلاعةٍ من الأرض وبفلاقة آجر، والجمع قلاع وفلاق. ورجل قلعة وقلاع، إذا كان لا يثبت على السرج.
ويقال عجزت تعجز عجوزاً وعجزت تعجيزاً. وعصرت وأعصرت، وكعبت تكعب كعوباً، ونهدت ونهدت تنهد نهوداً وتنهد، وفلك ثديها وأفلك.
قال أبو العباس: يقال: رجل ودٌ وودٌ وودٌ، وجمعه أودٌ، من المودة.
وأنشد:

إني كأني لدى النعمان خـيره

 

بعض الأود حديثاً غير مكذوب

والأولاد جمع في هذا البيت. ومثله " حتى إذا بلغ أشده " جمع شدٍ في قول الفراء. وسئل المازني عن الأود فقال: جمع دل على واحد. دونك زيداً، وعليك زيداً، وعندك زيداً، يريد قددنا منك فخذه.
في قوله الله تعالى " أمرنا متر فيها " قال: يقال: أمرنا من الإمارة، وآمرنا من الأمر. أكثرنا، وقد سمعوا أيضاً أمرنا خفيف بلا مدٍ: أكثرنا. وأمرنا: كثرنا في أنفسنا، ولا يجوز في القراءة.
والمنصحة: الزرافة. القداس: الحجر الذي يقدر به ماء البئر، ينظركم هو. والأشر: تحديد الأسنان. ويقال: قلٌ، وقلٌ، وهو القلة.
وأنشد:

قذفوا سيدهـم فـي ورطةٍ

 

قذفك المقلة وسط المعترك

قال: والمقلة التي تلقي في البئر، يعني الحجر يقدر به الماء.
وأنشد:

فأمست بقاع الكدر وهي خبيثةٌ

 

وقد أنجعت داريها من محمـد

تساقط أعدال التجار كـأنـهـا

 

سقائف ساج فوق سيفٍ مهند

حباها رسول الله إذ نزلت بـه

 

وأمكنها من نائل غير منـفـد

فلم أخز قومى إذا أتيت عصابةً

 

عظام الرقاب من مسودٍ وسيد

وأنشد ليزيد:

ألا حييا الأطلال والمتطنبـا

 

ومربط أفلاءٍ وخيماً منصبا

الأطلال ما ارتفع وما انخفض يكونان جميعاً. والمتطنب: الحبال.

وأشعث مهدوم السراة كأنـه

 

هلالٌ توفي عدة الشهر أحدبا

وأشعث مهدوم السراة، يريد الحوض.

ألا لا أرى عصر المنيفة راجعـاً

 

ولا كليالينا بتعشار مطـلـبـا

ولا الحب إلا قاتلي حين أخلقـت

 

قواها وأضحى الحبل منها تقضبا

ويوم فراض الوشم أذريت عبرةً

 

كما ضيع السلك الجمال المثقبـا

العلجوم: سواد الليل، وهو أيضاً موج البحر؛ وهو الضفدع الذكر، وهو الظبي الآدم.
وأنشد:

صحوت وأوقدت للجهل ناراً

 

ورد على الصبا ما استعارا

قال: رد على الجهل الصبا وعيشته. قال: فإذا فارق فراقاً لا يرضى أوقدوا ناراً حتى يرجع.
إن تاته يأتك زيد، الجزم أكثر إذا لم يتقدم كلامٌ، فإذا تقدم كلامٌ كان الرفع أكثر، مثل قولك زيدٌ إلا تأته يأتيك. قال: لأنه إذا لم يتقدم كان جواباً. وانشد:

إن تأتنا تنقاد للوصـل طـائعـاً

 

نجئك ولا وصلٌ على الكره ينفع

قال: والأنف يسمى " المنثر "، ومنه الاستنثار.
وأنشد:

وإنسان عيني يحسر الماء مرة

 

فيبدو وتاراتٍ يجم فـيغـرق

أي يقل الماء فيرى، ويكثر فلا يرى.
وقولهم: " نزلت بين المجرة والمعرة "، هما حيان من الأحياء.
وأنشد:

مرينا لهم بالقصب من قمع الذرى

 

إذا الشول لم ترزم لزرٍ فصالهـا

قال: ومثله قيل في صعوبة الشتاء:

إذا لم تذد ألبانها عن لحومها

 

مرينا لهم منها بأسيافنا دما

ويقال: قطعت يده، وجذمت، وبترت، وبتكت، وبضكت، وصرمت، وترت، وجدت؛ قال أبو العباس: أغرب ما فيه بضكت.
قال: وتصغير سراويل سرييل، وتصغير إسرائيل أسيريل.


في قوله عز وجل: " وتبتل إليه تبتيلاً " التبتل: الإنقطاع، أي أنقطع إليه إنقطاعاً، ومنه يقال: " مريم البتول " أي انقطعت عن الناس.
الألات يفرقون بينها وبين المصارد، فمبرد اسم، وهو آلة، وهو مثل مفعل، ومثله مثقب ومنقر، ولم يجئ الضم إلا في مسعط، ومكحلة، ومدهن؛ والمصادر تقال بالفتح.
قرطم وقرطمٌ، وقطنٌ وقطنٌ.
" ولو القى معاذيره " قال: ستوره، ومنه إن أعتذر لم يقبل عذره " ليفجر أمامه ": يؤخر التوبة.
" على أن نسوي بنانه ". قال: يسوي بين أصابعه حتى تصير يده كيد البعير.
ويقال: استعملته ملايلة، مياومة، ومساوعة، ومشاهرة، ومساناة، ومسانهة، ومجامعة، وهو قليل.
وأنشد:

ولا خـير فـيمـن لـيس يؤمـــن فـــجـــعـــه

 

ولا يسـتـقـيم الـدهـر فـــينـــا خـــلائقـــه

فإن شئت فأتركه فلا خير عندهوإن شئت فاجعله خليلاً تماذقه

 

 

فإن قرين السوءء ليس بواجدٍ

 

له راحة مـا عـشـت حـتـــى تـــفـــارقـــه

والطبع: " الدنس على السيف والطبع: الدنس والرين على القلب. يقال: سيفٌ طبعٌ.
والمصدة: الربد. وازى يأزى ازياً وأزيا، إذا تقبض من الحر.
وانشد ك

ظل من الشعرى لنا يومٌ ازى

 

نعوذ منه بزرانيق الركـى

وياقل للجص الجون الأبيض. والكلس يسمى الجيار. وهو النورة والرماد إذا أختلطا.
ويقال: قضى كتاله، إذا قضى بعض حاجته. والكتال: القوة واللحم أيضاً. والزني ماخوذ من زنا الرجل في الجبل؛ ويقال: زنأ الرجل إذا غلط الطريق.
وانشد:

أن تعطف العيس صعراً في أزمتها

 

إلى ابن ليلى ابزوزي بك السفـر

أي إذا غليه؛ ياقل أبزى عليه، وإذا غلب عليه.
وانشد:

خوص يدنين الفتى الملتاثـا

 

من أهله وقد وني أوراثـا

من يعمل الوجزة والختاثا.

 

 

حدثنا أبو العباس قال: وقال الأصعمي عن ابيه قال: قال سليمان الأعمش: أعطاني أبو الضبار الكاهلي دراهم أضارب له بها، ثم جاءني بعد أيامٍ فقال: أرني دراهمي. فاجتلبتها له فاعطيته غير نقده، فجاء بها في طرف ثوبه. فقال: يا سليمان بن مهران، أعطيتك دراهم طازجة كأنما جرى خلالها ألبان شولٍ شاتيةٍ، وجئتني بها سوداء مكسرة، كأنها الأظفار، جرى خلالها دخان الطرفاء، لا حاجة بها لي ورمى بها.
وقال الاصعمي عن جعفر بن سليمان بن علي، قال رايت اعرابياً من قيس مسنا، فقلت: ألك ابن? قال: "كأن لي فمات، المخش والمخش? كان والله خرطمانيا أشدق، وإذا تكلم سال لعابه، ينظر بمثل القلتين، كأن ترقوته بوانٌ او خالفة، وكأن مشاش منكبه كركرة جمل. ففقأ الله عيني هاتين إن كنت رايت قط مثله، ولا قبله قبله ولا بعده ".
قال أبو العباس: البوان والخالفة: عمودان من أعمدة البيت. وقوله إذا تكلم سال لعبه، أي هو كثير الريق طيب الفم.
والعرب تقول: وجدت أرضاً كأنها الزرابي من خضرتها ونورها، وكأنها الطيقان من شدة خضرتها، وكانها الحولاء، من استوائها واتساق نبتها.
ويقال للأرض التي اخضرت حتى اسودت من الرى فاستوى نبتها: رأيت أرضاً مثل الظليم البارك.
ويقال: رأيت ناقة قمراء كأنها أعفر، أي ظبيٌ. ورأيت رجلا جسمياً وكأنه حرجة. ويقال: وردنا طوياً سكا - أي ضيقاً - مثل حلقوم الضوع، وهو طير أبغث اللون. وانونا بهبر كأنه فلذ اللبن. الهبرة: قطعةٌ ضخمةٌ من اللحم.
أول شيب يراه الرجل قد بدا من شعره يسمى الرواعي. قال: ويشبه أن يكون قلباً لأنه روائع، الواحدة رائعة.
" يخوف أولياءه "قال يخوفهم بأوليائه. يقال: اخافك كخوف الأسد، أي كخوفي من الأسد. وأنشد:

وقد جفت حتى ما نزيد مخافتي

 

على علٍ في ذي الماطرة عاقل

" والارض جميعاً فقبضته يوم القيامة "أي في قبضته، كما تقول: هذه الدار في قبضتي. " نسوا الله فنسيهم " تركوا الله فتركهم. والله عز وجل لا ينسى إنما يترك " فأنساهم أنفسهم " أي أنساهم أن يعلموا لأنفسهم، " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ". من قال حرام على قرية أهلكناها أنهم يرجعون، فجعل " لا " صلة انهم لا يرجعون، و" من " جعل الحرام مكان القول واقره على ما كان، فالقولان صحيحان.
وأنشد:

ونازلة بالحي ليلاً قريتـهـا

 

جواليق أصفاراً وناراً تحرق

قال: هذا جرادٌ.

أن " أدوا إلى عباد الله "، أي أسلموهم إلى؛ وهو من قول موسى. وقال: إذا كانت " ما " صلة أدخلوا معها النون الخفيفة والثقيلة، وتقول: اذهب ثم عيناً ما أرينك أي كأنك لم تغب. وكثيراً ما أرينك، أي كثيراً أرينك. وإلى ساعة ما تندمن. فإذا لم يدخلوا " ما " لم تدخل النون. قال: وإنما فرقوا دخول "ما" وخروجها بذلك تقول: أذهب قليلاً أراك ونم كثيراً أراك، إذا لم تدخل ما. والنون الخفيفة والثقيلة تدخل في ستة مواضع هذا أحدها، وفي الأمر، والنهى، والإستفهام، والتمني، و " إما " إذا كانت جزاء، مثل: " فإما نذهبن بك ". وهي قليلة في الأمر. وأنشد:

أرسلني أبا عميرٍ على اي

 

ة حال أثاقل أم خفـوت

وأنشد:

يحسبه الجاهل مالم يعلما

 

شيخاً على كرسيه معمما

لو أنه أبان أو تكـلـمـا

 

لكان إياه ولكن أعجمـا

قال: الأصل لم يعلم، فلما أطلق الميم ردها إلى فتحة اللام. وأهل البصرة يقولون: أراد لم يعلمن، فجعل موضع النون الخفيفة ألفاً. وأما قول زهير:

دمنة لم تكلم.

خفضاً، فإن القوافي إذا حركت في الجزم تحركت إلى الخفض، لأن الخفض أخو الجزم. قال: والإتباع أكثره ما بعده هاء، تقول اضربه، اقتله.
وأنشد:

تقول للسائس قده أعجله

وأنشد:

قال أبو ليلى بحبل مـدة

 

حتى إذا مددته فشـده

إن أبا ليلى نسيج وحده

 

 

الأصل في نسيج وحده أن الثوب ينسج وحده على نير واحد، وما سوى ذلك ينسج ثلاثة وأربعة على نير واحد. وإنما قالوه بالهاء لأن ما بعده لا يكون إلا متحركا. والإتباع يكون في الهاء وفي الهمز؛ لأن الهاء والهمز خفيان، فحركوا ما قبل.
وقال:سمعت العرب تقول اضرب الوجه، وهذا الوجه وفررت من الوجه. ورأيت الفقا وهذا الفقو ومررت بالفقي والفقء مهموز:ماء لهم وقوله:

شيخاًعلى كرسيه معمما.

فإنه شبَّه وطب لبنٍ ملفوفٍ بكساءٍ، بشيخ في هذه الصفة.
وقال: الوحا الوحا، والنَّجا النَّجا، يقصران ويمدان، وتدخل الكاف فيهما على القصر، وإنما أدخلت الكاف للخطاب ولا موضع لها.
ويقال خاي بك اعجل، وخاي بكما اعجلا، وخاي بكم اعجلوا، وخاي بكنَّ اعجلن، في المذكر والمؤنث والجمع والتثنية بحال واحد،وتقدم خاي على اعجل وخاي كلمة عجلة، وهي صوتٌ. وأنشد:

بخاي بك اعجل يهتفون وحيهل

"فسينغضون إليك رؤوسهم " أي يحركون رؤوسهم. ونغض الظليم مثله، يقال، نغض ينغض وأنغضه غيره.
معنى جحيش وحده، وعبير وحده، أي لا يصلح إلا لنفسه.
وجحيش: تصغير جحش. وجحيشٌ: متنحٍّ.
وأنشد:

لقد أهدت حبابة بنت جـلٍ

 

لأهل حباحبٍ حبلاً طويلاً

قال: قدرت عجيزتها بحبلٍ وبعثت به إليهن فقالت: أفيكن من لها عجيزة مثل هذا? وأنشد:

ترى الزّل يكرهن الرياح إذا جرت

 

وبثنة إن هبت لها الريح تـفـرح

إذا هبت الريح ألصقت القميص بالجسم فبانت الزلاء من العجزاء. والزلاء: التي لا عجز لها. والعجزاء: ذات العجز. وقال: الفرح أن تجد في قلبك خفة. والمرح: أن تضرب بأطرافك.
وأنشد لنصيب:

إذا ما الزلُّ ضاعفن الحشايا

 

كفاها أن يُلاث بها الإزار

قال: الحشية مثل العظامة، وهي ما ثقلت به أليتيها.
"قدرنا فنعم القادرون " جمع بين اللغتين.
"وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى" قال: أي بينَّا لهم الطريقين فتركوا طريق الخير واتبعوا طريق الشر. الحافرة: الخلق الأول، ومنه " النقد عند الحافرة "، أي عند أول ما يضع الفرس رجله إذا سبق، وهي الأرض المحفورة. وأنشد:

أحافرةً على صلع وشيبٍ

 

معاذ الله ذلك أن يكونـا

"ألا بلاغاً من الله " قال: استثناء منقطع، أي إلا أن أبلغكم بلاغاً من الله. قال: المصادر وغيرها يستثني بها استثناء منقطعاً.
وأنشد:

ولقد جنيتك أكمؤاً وعساقلاً

 

وبقد نهيتك عن بنات الأوبر

قال: قال الفراء " أوبر " إلا أنها نعتت بالمنان، أي بمثل الألف واللام. والعساقل وبنات أوبر: ضربان من الكمأة.
وفي الخبر: "الرحم شحنة من الرحمن ". قال " الشجنة والشجنة ": القطعة والناحية، أي قطعة مما أمر الله به أن يوصل.
العرب تقول: حبذا، وحبذا لا يثنّى ولا يجمع، ومعناه حب الشيء ذا، حب الشيء زيد، ونعم الشيء زيدٌ، ونعم الشيء الزيدان.
وأنشد:

يا حبذا أنت إذا جئت مـلا

 

وكل دلوٍ منك يروي جملا

"فإن عزم الأمر "، أي عزم الأمر.
من ضربك إياك. قال: أهل البصرة يقولون: ضربتك إياك، بدل، وضربتك أنت تأكيد، وهما جميعاً تأكيد. وقولهم بدل خطأ، لأن البدل يقوم مقام الشيء وهذا لا يقوم مقامه، لأنه لا يقع الثاني موقع الأول.
"صدقاتهن نحلةً " قال: كان الآباء يستبدون بالمهور فجعلها الله لهن.
أنا كهو، كناية عن زيد، قال: لأنهم أرادوا أن يأتوا بعد الكاف بثلاثة أحرف يعني " مثل " فوضعوا "هو" موضعها. وقال الله عز وجل: "ليس كمثله شيء" فجمع بين هو وبين مثل. روى عن أبي عمران الجوني أنه قرأ: "آلهكم التكاثر " قال: هذا توبيخ.
قال: "حيث" رفعوا بها شيئين، لأنها تقوم مقام صفتين، إذا قالوا حيث زيدٌ عمروٌ، فالتأويل: مكان يكون فيه زيدٌ يكون فيه عمرو، فإنما ضموها - على مذهب الفراء - لأنها تدل على محذوف مثل قبل وبعد. وهشام يقول: كان أصلها حوث فخولت الضمة.
فرفرني فرفارة، وبعثرني بعثارة، أي حرّكني.
وياهن أقبل، أي يا إنسان أقبل. وياهنت أقبلي، فإذا وقف قال: يا هنه. وأنت هنٌ وهنتٌ، مثل منت كناية عن من. وأنشد:

أريد هناتٍ من هنين فتلتوي

 

عليَّ وأبى من هنين هناتِ

أي أريد نساءً من قوم فيأبون عليَّ، ويجيئني من آبى عليهم أنا.
عرض الرجل عرضاً، فهو يعرض. وعرب الرجل يعرب عرباً وعروباً.
"عطاءً حساباً": محفوظاً معلوماً.
تقادع: تراجع.
قال أبو العباس: أصل "لولا " أن لو للتمني، ولا للجحد، فلما ضمتا صارتا كلمة واحدة. لو كان لكان كذا، لولا أنه كان كذا لكان كذا.
قوله عز وجل: "إنا كنا نستنسخُ ما كنتم تعلمون ". قال: قال: هل تنسخ النسخة إلا من نسخة.
قوله " إلى أجلٍ مسمى " قال: القيامة.
وحكى عن الفراء: ضني المال، غير مهموز، كثر، وأضنأ القوم، مهموز: كثرت ماشيتهم. قال أحمد بن يحيى: أضنا الرجل، بهمز وبلا همز، إذا كثر ماله.
مالٌ جبلٌ، أي كثير. إن فلاناً لمخضم، أي موسّع عليه وأحرف الرجل، إذا نمى ماله وكثر. تجبر الرجل مالاً، إذا عاد إليه من ماله ما كان ذهب وتجبر الشجر. إذا نبت فيه الشيء وهو يابس. وفلانٌ عريض البطان، أي كثير المال.
وأنشدنا أبو العباس هذه الأبيات وقال: إنها لمن حسن الشعر:

متى تؤنس العـينـان أطـلال دمـنةٍ

 

بنعف الصفا يرفض دمعهما رفضـا

ألا ربما يقضي بما يعجب الـفـتـى

 

ويا ربما يقضى على غير ما يرضى

إذا فرَّقت بـين الـمـحـبـين نـيةٌ

 

فإن لتفريق الهوى وجعـاً مـضَّـا

فما بـال دينـي إذ يحـل عـلـيكـم

 

أرى الناس يقضون الديون ولا أقضي

لقد كان هذا الدين نقـداً وبـعـضـه

 

بعرض فما أديت نقداً ولا عـرضـا

فلو كنت تنوين القـضـاء لـدينـنـا

 

لأنسأتكم بعضاً وعجلت لي بعـضـا

ولكنمـا ذاك الـذي كـان بـينـنـا

 

أماني ما لاقت سـمـاءً ولا أرضـا

أي لم أحصل على شيء مما تمنيت.
وأنشد:

إذا ما المنايا قاسمت يا ابن مسحلٍ

 

أخا واحد لم يعط نصفاً قسيمهـا

وآب بلا قسمٍ وآبت بقـسـمـه

 

إلى قسمها، لاقت قسيماً يضيمها

قال: إذا أخذت المنايا أخا رجلٍ لم يكن له سواه، لم يعدل هذا الميت وقد أخذته وصار في حيزها، ولم يعدلني ذلك الأخ في المصيبة بهذا الميت، لفضل هذا الميت على أخيه. والمنية في مقاسمتها بيني وبينه ظالمةٌ لي. دعا على المنية، فقال: "لاقت قسيماً يضيمها " أي يغلبها.
آخر الجزء الحادي عشر من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين.

الجزء الثاني عشر

أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: أنشدنا أبو الربيع الأعرابي من أهل نجران، في حلقة ابن الأعرابيّ. قال: وكتبها ابن الأعرابي معنا:

صحا القلب عن ذكر الصبا غير أنه

 

يحن لشوق والدمـوع سـواكـب

 

إلى أرض نجران اليمانـي وأهـلـه

 

وحيث التقي من ذي الهضاب المذانب

وما عن قلى شعب النوى إذ تصدعت

 

ولكن مقدوراً مـن الأمـر غـالـب

وسرت وفي نجران قلبي مـخـلـف

 

وجسمي ببغداد العراق مـشـاعـب

وإني لما قد كان بـينـي وبـينـهـا

 

لموف وإن شط المزار المجـانـب

ولست بناس عهدها إذ تـقـول لـي

 

هل أنت إلى رأس من الحـول آيب

فقلت لها أمري إلـى الـلـه كـلـه

 

وإني إلـيه فـي الإياب لـراغـب

وإنـي بـغـلات الـصـداء لـلائع

 

عليك اصطهاراً في الحشا فهو ثاقب

فدانت سماحاً واستهلـت شـؤونـهـا

 

كإغريض مزن حطمته الـجـنـائب

قال أبو العبَّاس: قال أبو الربيع: الإغريض: قطر جليل تراه إذا وقع كأنه نصول نبلٍ. قال: وهو من سحابة متقطعة، وهو الإغريض أول ما يسقط منها.
وأنشدنا أبو الربيع للنابغة:

تميح بعود الضر وإغريض بغشةٍجلا ظلمة ما دون أن يتيمما البغشة: السحابة التي يدفع مطردها دفعةً. وأنشد:

 

أسير وما أدري لعل منيتي

 

بلـــبـــي إلـــى أعـــرافـــهـــــــا قـــــــد تـــــــدلـــــــت

فقـــلـــت لـــمـــلاح الــــســـــــفـــــــينة خـــــــالـــــــدٍ

 

أجـــزهـــا فـــقـــد طـــال الـــــثـــــــواء ومـــــــلـــــــت

أجـــزهـــا فـــمـــا كـــانـــت لـــهـــا قـــارة الـــحـــمـــــــى

 

معـــانـــاً ولا الأجـــبـــال مـــمــــــا تـــــــمـــــــنـــــــت

ومـــا طـــوحـــت بـــي قـــــــلة عـــــــن عـــــــشـــــــيرة

 

بظـــلـــمٍ فـــلـــم أصـــبـــر عـــلـــــــيه فـــــــقـــــــرت

تحـــن إلـــى الـــفـــردوس والـــــــشـــــــير دونـــــــهـــــــا

 

وأيهـــات عـــن أوطـــانـــهـــــــا حـــــــوث حـــــــلـــــــت

قال أبو العبَّاس: هذه لغته، وهو رجل من طي.
وقال:

ارم على قوسك ما لم تنهزم

 

رمى المضاء وجواد بن عتم

قال: إنه لحسن الندام وحسن البشرية. وقال: ذو الجبرية والجبرية والجورة من التجبر.
وقال أبو العبَّاس في قوله عز وجل: "وتجعلون له أنداداً" قال: أمثالاً. وهذا نده، أي مثله، وكذلك النديد أيضاً.
وأنشد:

لكيلا يكون السندري نديدتـي

 

وأجعل أقواماً عموماً عماعما

قال: والسندس: الرقيق من الديباج.
وفي قوله تعالى: "يؤتكم كفلين من رحمته" قال: الكفل: المثل.
في قوله تعالى: "ولا تنس نصيبك من الدنيا " قال: قال: تأخذ بحظ من الدنيا للآخرة.
وأنشد:

لعبت على أكتافهم وصدورهم

 

وليداً وسموني مفيداً وعاصما

قال: سال لعابه.
ويروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يمش في الأسواق وينكح النسوان". وقال عمر بن الخطاب: "ليس خيركم من عمل للآخرة وترك الدنيا، أو من عمل للدنيا وترك الآخرة، ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه".
وقال: هو سيلان السيف، وهي الحديدة التي يقع عليها المقبض. وقال: المليح: العطية، ماحه يميحه، واستمحت الرجل، منه. وقال: النشوز يكون من المرأة والرجل، وأخذ من النشز وهو الارتفاع من الأرض، أي إنه ارتفع هذا من هذه، وهذه من هذا.
وقال في قوله تعالى: "إلى العظام كيف ننشزها": نرفع بعضها على بعض.
التحيات: البقاء والملك.
قال: ويقال "أعطني نفساً أو نفسين" أي دبغةً أو دبغتين وأنشد:

وذي أنفس شتى ثـلاث رمـت بـه

 

على الماء إحدى اليعملات العرامس

واصبح يطوي البيد ريان بـعـدمـا

 

أطال به الكلب السري وهو يابـس

قال أبو العبَّاس: هذا وطب من لبن جره الكلب.
وقال أبو العبَّاس: وقال ابن الأعرابي: السحر من كل شيء: الفاسد.
وأنشد:

ونسحر بالطعام وبالشراب

قال: وهؤلاء يقولون: نعلل بالطعام. ابن الأعرابي يقول: نفسد.
وفي قوله تعالى: "وإذا قيل أنشزوا فانشزوا " أي يرتفع كل إنسان منكم.
ويقال: طس وطسة، وطساس وطسات.
وأنشد:

وهم القضاة وكل ذلك منهم

 

يأتيك في رفق وفي معتمد

قال ويروي: "وهم".
وقال في قوله تعالى: " إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته" قال: التمني اتلاوة، والتمني اختراع الحديث، والتمني من المنى.
وأنشد:

أسيلة مجرى المدمع خمصانة الحشا

 

برود الثنايا ذات خلق مشـرعـب

ترى العين ما تهوى وفـيهـا زيادة

 

من اليمن إذ تبدو وملهي لملعـب

 

كريمة حر الوجه لم تدع هالـكـا

 

من القوم هلكاً في غدٍ غير معقب

قال: إذا هلك من قومك سيد قام سيد. واليمن: البركة فهي لم تندب سيداً واحداً لا نظير له، أي له نظراء من قومه.
وأنشد:

لقد كان فيها للأمانة موضع

 

وللعين ملتذ وللكف مسبح

قال: إذا لمستها الكف وجدت فيها جميع ما تريد.
وقال بو العبَّاس: الوارش في الطعام، والواغل في الشراب، والداقع الذي لا يبالي في أي شيء وقع في طعام أو شراب أو غيره. والوقب والوغب: النذل الدنيء، قب في الشيء إذا دخل فيه،فهو يدخل في الدناءة.
وقال: الحبير: كل شيء زين وحسن؛والحبارة: النضارة، وكل شيء هيء فهو حبير.
وأنشد:

من حبير متحم

قال: الأتحمي: ضرب من البرود.
وأنشد:

حوم ترى فيه الجبال خشفا

 

كما رأيت الشارف الموحفا

قال: الخشف: المتواضعة؛تخشف: نواضع. قال أبو العبَّاس: هذا وصف إبلاً كأنهم أعظم من الجبال. وقال آخر: وصف سحاباً.
قال: والألف الدينار، والمائة الدينار، وإنما أضيفا لأنه ليس فيهما نون مثل الثلاثين والعشرين.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما دخلت مكاناً إلا سمعت خشفة، فالتفت فإذا بلال".
قال: والاستنجاء: من قولك غسل نجوه.
وأنشد:

أم لقوة وأب قبيس

قال: يقال للفحل إذا ضرب ضربة واحدة فأنجب.
قال الأخفش: لا أدري والله ما قول العرب: "وضع يديه بين مقمورتين" يعني بين شرين.
قال: والوشوشة، والوزوزة، والوزواز والزوزاء: السرعة.
وأنشد:

مزوزياً إذا رآها زوزت

قال: إذا رآها أسرعت أسرع معها.
قال: وفي قوله تعالى: "فمن عفي له من أخيه شيء" قال: كان الناس من سائر الأمم يقتلون الواحد بالواحد، فجعل الله تعالى لنا نحن العفو، أن يعفو عمن قتل.
وقال اللغيزا: باب جحرة الضباب.
وقال: رماح الجن: الطاعون. وأنشد:

لعمرك ما خشيت على أبي

 

رماح بني مقيدة الحمـار

ولكني خشيت علـى أبـي

 

رماح الجن أو إياك حار

قال أبو العبَّاس: وقال ابن الأعرابي: الطليل: الحصير يعمل من قشور الشعف، والجمع أطلة وطلل. وأنشد:

على ظهر عادي يلوح كأنه

 

طليل أشاءٍ بطنته الروامل

الروامل: النواسج وقال: ملة وأرمله.
وأنشد:

تخـبـط بــالأخـــفـــاف والـــمـــنـــاســـم

 

عن درةٍ تخضب كف الهاشم قال: هذه حرب شبهها بالناقة. ودرتها.

وقال المرازمة: أن ترعى الحمض مرة والخلة مرة، وهي المعاقبة أيضاً. ويقال للمرأة التي لا تختضب: سلتاء.
وقال: الثوي: الضعيف، والثوي: الأسير. ويقال رجل غرنوق وغرناق وغرنوق وغرانق، وجمعه غرانق. وأنشد:

إذا أنت غرناق الشباب ميال

 

ذو دأيتين ينفجان السربـال

وقال: عبد واعبد وعبيد وعباد وعبدان وعبدي مقصور ومعبدة ومعبوداء ممدودة، وأمة ثلاث آم وإماء كثيرة وأموات وإموان وأمي وأمي.
وأنشد:

فلو لا سلاحي عند ذاك وغلمتي

 

لرحت وفي رأسي مآيم تسبر

ولكن رأونا سبعة لا يشـفـنـا

 

ذكاء ولا فينا غـلام حـزور

قال أبو العبَّاس: يشفنا: يذهب بعقولنا. والذكاء: الكبر قال: وجمع آمة على مآيم، وهذا على غير القياس كما قالوا: "اخيل تجري على مساويها:. وأنشد:

فوردت ماءً نقاخاً سمهجا

 

فأعجلت شنتها أن تنفجـا

أو أن تزاد دودماً وتعجبا

 

 

ويقال: ورش فلان، وإنه لوارش داقع. فلان يرش في كل شيء وروشاً، وهي الشهوة للطعام، ولا يكرم نفسه. وأما الدقَّاعة فإنه مدقعٌ للأمور الدنيئة الرديئة، والداقع مثله.
ويقال: تركت فلاناً وقد شصر بصره يشصر شصوراً، وهو أن تنقلب العين عند الموت، ويشخص بصره. ويقال أيضاً: شصره الثور بقرنه، أي نطحه، فهو يشصر شصراً. وقال أبو رزمة الفزاري:

الوقس يعدي فتعدَّ الوقسـا

 

من يدن للوقس يلاق التعسا

الوقس: الجرب، ويقال: إنه أوله ويقال: إنَّ في إبلهم لوقساً. والتعس: الهلاك. وقوله: فتعد: تنكب.
وتقول "لا مساس لا مساس " "لا خير في أوقاس ". ويقولون أيضاً: "لا مساس لا مساس " فينصبون بغير تنوين وينونون؛ وقال النابغة الجعدي:

 

 

 

 

 

 

فأصبح في الناس كالسامري

 

إذ قال موسى له لا مساسا

 










وقال: نتكلم بهذا الكلام إذا جاءنا قومٌ نطفون - والنطف صاحب الريبة - قلنا لهم: " لا مساس لا مساس، لا خير في الأوقاس ". أي لا خير في الجربى. إذا نصبت الميم من مساس كانت السين خفضاً أبداً. مثله قولهم: لا حساس، أي لا يحس شيئاً.
قال أبو رزمة، وأنشد بيت شعرٍ قاله ثمامة بن المحبر السدوسي:

ألا ربَّ ملتاثٍ يجـر كـسـاءه

 

نفى عنه وجدان الرقين العزائما

الرقين: جمع الرقة. قال أبو العباس: والرقة: الذهب والفضة. قال: وتقول العرب: "وجدان الرقين، يغطي أفن الأفين ".والأفن: الحمق. ويقال إنه لمأفون. ويقال للفرس إذا نظر إلى شخصٍ أو سمع صوتاً فأقام أذنيه نحوه مع عينيه، قيل: حدج يحدج حدوجاً. ويقول الرجل لصاحبه: إنك لتحدجني بعينيك. والحدوج: شدة النظر.
وتقول: وضم بنو فلانٍ على بني فلانٍ، وهم يريدون أن يضموا عليهم، أي يريدون أن يحلوا عليهم.
وقال: الحي وضمة متقاربة. فذلك الوضوم.
قال: وقبيح بالقوم أن يتنكبوا عن عذرة الحيّ.
ويقال: هو هدىٌّ لبيت الله. وأهل الحجاز يخففون، وتميم تثقله. وواحد الهدى هدية. وقد قرىء بالوجهين: "حتى يبلغ الهدى محله" و الهدى. ويقال. فلانٌ هديُّ بني فلانٍ، وهدى بني فلانٍ، أي جارهم يحرم عليهم منه ما يحرم "من الهدى". " وهديت العروس إلى زوجها " هداءً، ويقال: أهديتها بالألف. ويقال: قطر فلانٌ هدية أمره، أي جهة أمره. وما أحسن هدية، أي سمته وسكونه. وأتيته بعد هدءٍ من الليل، ساكن العين. وجاء حين هذأ الناس وحين هدأت الرجل، وحين هدأت العيون. وقد هدئ الرجل هدأ على فعل، إذا جني وأجنأته وأهدأته أنا. ويقال: هديت الضالة أهديها هداية، وهديت الرجل في الدين أهديه هدى. ويقال:.......... على تهديته، أي على حاله.ورجل مهداءٌ: كثير الهدايا، والمهدي مقصور: الطبق الذي يهدي عليه. وحكى الكسائي: هدايا وهداوي. قال أبو العبَّاس: وحكى أبو زيد أيضاً: هداوي.
قال عائشة: "يقولون أوصى، فكيف أوصى وإنما مات بين ذاقنتي وحاقنتي??! إنما دعا بالطست ليبول، فانخنث فمات". الذاقنة: الذقن، ويقال من الذقن إلى حد المعدة والحاقنة: المعدة.
وأنشد:

كأن مهوي قرطها المعقوب

 

على دباةٍ أو على يعسوب

قال أبو العبَّاس: المعقوب: الذي عمل بالعقب.
افترطت إليك في هذا الأمر وتمهلت،إذا تقدمت فيه.
ويقال: قد أصل الرجل أصالة، إذا عقل. ويقال: قد تبعصصت، أي اضطربت. ويقال: هذيت وهذوت.
قال: والأكشف الذي لا ترس معه.والأعزل: الذي لا سلاح معه. والأنكب الذي لا قوس معه. والأجم: الذي لا رمح معه الأميل: الذي لا يثبت في السرج.
يتساوكن: أي يسرن سيراً ضعيفاً.
الجذاذ مثل الحطام، لا واحد له. والجذاذ مثل فعيل وفعال جذيذ وجذاذ.
"فاليوم ننجيك ببدنك" قال: بدرعك، أي نلقيك بنجوة من الأرض، أي بارتفاع.
المنزعة، بفتح الميم: الصخرة التي يقوم عليها الساقي يسقي. العقاب: الصخرة في أسفل البئر. والمقام الزلج: الدحض وأنشد:

يا عين بكى عامراً يوم النهل

 

رب العشاء والرشاء والعمل

قام على منزعةٍ زلجٍ فزل

 

 

وأنشد:

فطلقها فلست لها بأهـل

 

وإلا يعل مفرقك الخشيب

قال أبو العبَّاس: هذا على الجزاء. ويجوز أن يحذف الواو من "وإلا" كأنه قال: إلا تفعل كذا نفعل كذا. ويجوز بحذف"إلا" على الجزاء.
وأنشد:

بأيما بلدة تقـدر مـنـيتـه

 

إلا يسارع إليها طائعاً يسق

قال أبو العبَّاس: قال الكسائي: لا يجوزذا إلا بالواو، لأنه جزاء مطوف على جزاء. وقال الفراء.: يجوز بثم وبالفاء والواو.
ويقال: المجدوع: المقطع الأنف. والمجدع والمجزع مثله.
قال: والمجلس: القوم، والمجلس: الموضع الذي يجلس فيه.
"حرث حجر" قال: محرم. "خذ العفو" قال: ما صفا. "عفوا": كثروا "يا ليتنا نرد ولا نكذب" قال: من نصب فالواو حرف جواب، ومن رفع أدخله في التمني. "حتى إذا استيئس الرسل" من قومهم أن يؤمنوا وظن القوم أن الرسل" قد كذبوا أتاهم" النصر.


ومن قال كذبوا يقول: كذبنا الرسل فيما قالوا لنا.قال: والعرب تقول إذا أصابتهم مصيبة أو حين: الدهر فعل بنا ذاك. فسبوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الدهر فإن الذي فعل بكم ذاك رب الدهر ".
والدهر: الزمان، والليل والنهار لا غير ذلك. كذا قال أبو العباس.
وأنشد:

هل الدهر إلا ليلة ونهارهـا

 

وإلا طلوع الشمس ثم غيارها

وأنشد:

حذار من رماحنا حـذار

 

حتى يصير الليل كالنهار

قال: يقول: احذروا. قال كأنهم كانوا في غبار فقالوا حتى ينجلي الغبار فنصير كأنا في نهار.
قول الله تعالى: "لا تتخذوا آلهين اثنين " قال: إذا كان عندي ثلاثة أثواب فمع الثلاثة أثواب ... العدد ما هو التقديم والتأخير.يقال: ثلاثة أبواب، وثلاثةٌ أثواباً، وثلاثة أثوابٌ. وتقدم فيقال: عندي أثواب الثلاثة . هكذا الأصل. وأكتفوا بالتثنية بلا عددٍ فقالوا: عندي درهمان، لأن الاثنين لا يختلفان. فإن جئت معهما باثنين كان واحداً فقلت: عندي درهمان اثنان. فجاءوا به على الأصل. وقال الأخفش: جاءوا به توكيداً. وليس بشيء.
وأنشد:

سليل أناس نسلهم غير معقب.

أي لا يخلفون اولئك ولا يكونون مثلهم.
" وما يعلم تاويله إلا الله " قال: تفسيره.
" فمحن به " في بيت فرزدق قال: هو مثل ماح الدلو يميح ميحاً. جاءنا بخبرةٍ ناسة، قال: يابسة. " وأضله الله على علمٍ ". قال: أي فأضله الله على علم من الأرض أريضة: حسنة النبات.
وأنشد المهلهل بن ربيعة:

أودى الخيار من المعاشر كلهـا

 

واستب بعدك يا كليب المجلـس

وتنازعوا في كل أمر عـظـيمةٍ

 

لو كنت شاهدهم إذا لم ينبـسـوا

إبني ربيعة من يقوم مـقـامـه

 

أم من يرد على الضريك ويحبس

وتلهف الصعلوك بـعـدك أمـه

 

لما استعال وقال أني المجلـس

وإذا تشاء رأيت وجهاً نـاعـمـاً

 

وذراع باكيةٍ علـيهـا بـرنـس

قال أبو العباس: كن نصاري فكن يلبسن البرانس.

جزعاً عليك ولـسـت لائم حـرةٍ

 

تبكي عليك بعبـرةٍ وتـنـفـس

ولقد شفيت النفس من سرواتـهـم

 

والخيل تعثر في الدماء وتعبـس

وتركت جساساً ينوء بـصـعـدةٍ

 

سمراء يقدمها سنـانٌ مـدعـس

أكليب لو حدثت كيف عقوبـتـي

 

علمت عظامك إذ علاها المرمس

أن لست زيراً حين شب وقودهـا

 

في الحرب يوم عنانها لا يسلـس

" من عين كان مزاجها كافوراً ". قال: لو كان اسماً للعين لم يجر، ولكن تشبيه فأجرى. قال: وقال الفراء: " سلسبيل " إن لم يكن نعتاً لها فلا يجوز.
"إني كفرت بما أشتركتموني من قبل " عند الفراء أن فيه إضمار " كنتم "، قال: كل ماضٍ عند الفراء يحتاج إلىكان. هكذا قال. وإنما يفعل هذا إذا كان جزاء، أي إني كفرت بالشيء الذي كنتم اشتركتموني به. قال: والدليل لا يكون الشيء، إنما يكون غيره.
عشاه يعشون: أتاه على غير بصيرةٍ، " وعشا يعشو "، أي ضعف بصره. وعشى يعشى: عمى ويقال: أعشاه وعشاه بمعنى.
" الكاظمين الغيظ " الحابسين لا يظهرون جزاءه. الكظامة، المصنع وهو منه.
إذا قال: يا رجل، فقد قصد قصده، مثل يا زيد. وإذا قال: يأيها الرجل، أختلف الناس فيه، فقال سيبويه وأصحابه: الرجل تابعٌ لأي، وخطأه الفراء: قال: هو يأي هذا الرجل أراد يأي هو هذا الرجل، كذا هو عند الفراء. وسيبويه يقول: فيه تنبيه في موضعين: يا، وها. وهذا باطلٌ.
الحصيف: الرجل الشديد العقل، من المحصف، وهو الشديد " الفتل ". ويقال: البقوى والبقيا، والرعوى والرعيا، والفتيا والفتوى. هذا كله إذا ضم كتب بالألف، وإذا فتح كتب بالياء.
وقال سألني خلف فأجبته هذا. قال: قد أرحتني.
وأنشد أبو العباس:

فما بقيا على تركتمانـي

 

ولكن خفتما صرد النبال

قال: ويقال: من علو ومن علو ومن علو ومن علو، يا هذا ومن عال ومن علا.
وأنشد:

وهي تنوش الحوض نوشاً من علا

 

نوشاً به تقطع أجـواز الـفـلا

قال: من قال علا جعله مثل قفاً، وعال مثل فاعل، وعل مثل عمٍ، ومن معال مثل مفاعلٍ، ومن علو مثل قبل وبعد، ومن علو مثل ليت ولعل، ومن علو، يا هذا، على حذف الإعراب.
 
إن عبد الله رجل وأنا. قال جيدٌ، وكذلك إن عبد الله رجلٌ وإياي المكثفة: المحكمة الفرج والمؤنفة: التي استؤنفت بالنكاح أولاً " وأختار موسى قومه " أي أختار من القوم. وهما منصوبان بوقوع الفعل، يعني " وأختار موسى قومه سبعين "، أخترتك الرجل. وأنشد.

محمد واختاره الله الخير.

" هل أتي على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً " بموضع ما، وتكون استفهاماً وتكون خبراً وتكون جزاء. وقد قال الفراء: تكون أمراً. قال: وسمعت أعرابياً يقول هل أنت ساكت، أي اسكت. مثله: " هل أنتم منتهون ".
قال: حدثني الطوال قال: كنت عند الفراء فسألته عن مسألةٍ فسر " ها " لي وقال لي: أفهمت? فقلت: لا. فأعاد وبينها عند نفسه، وقال: أفهمت? فقلت: لا.فقال أفلى ذنبٌ. فقلت: لا الذنب لي.
وقال: المهيمن: الشاهد على الأشياء.
وقال: وقال قطرب: أصله المؤيمن.
وقال: ويقال فلان أزين من فلانٍ، واشين من فلانٍ.
" ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "، قال: لو قال لتبتغوا من فضله ولتسكنوا فيه لكان أشرح، وكان كل واحد بجنب صاحبه، ولكنه يقوم مقام ذلك إلا انه خالف بين الشرطين. وكان ينبغي أن يجعل من كل واحدٍ " جعل " فجاء بجعل واحداً، فلما أن جاء بجعل جعل الشرطين واحداً.
وقد كان قبل هذا قال: قوله " فيه " عائدٌ عليهما لما كانا وقتاً واحداً.
" لرادك إلى معادٍ " قال الفراء: إلى معادٍ ، وأي معادٍ، الجنة قال: ويقال: إلى بلدك ووطنك.
قال: ويقال " إن لاطمته لاطمت الإشفي " وهو الكلام. وإذا قالوا: لشفي اسقطوا الألف.
" الذي أحسن كل شيء خلقه " من خفف أراد خلقه: منةً ورحمةً لعباده، ويقال: الذي علم كل شيء خلقه. وإذا ثقل أراد: خلق كل شيء حسناً. والهاء فيهما لله.
" لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن ". قال: اللام الأولى يمينٌ، والثانية جوابها.
قولهم: نعم الخاز باز يا هذا، جعلوه صوتاً فأداروه في العربية كلها على حالةٍ.
وقال: قال سمعت العرب تقول: نعم الها هو ذا، فأدخلوا عليه الأداة وتركوه على حاله، ونعم الخمسة العشر هي قال: أراد نعم الخمسة العشر هي: وقال: الأصل فيه أنه إذا أدخل الأداة إن كان مجزوماً عمل فيه الأدوات.
وقال: لا تجتمع الإضافة عند البصريين مع الألف واللام إلا في حرفين، وعند هؤلاء في أربعة. أولئك يقولون: نعم الحسن الوجه ، ونعم الضارب الرجل. وعند هؤلاء هذان الحرفان، والعدد والمقدار نعم الاثنا عشر، قال من أجازها قال: هي مثل خير خمسة عشر ومن لم يجزها قال: هي مثل خير غلامٍ.
وقال: الكلام بذكر القول هو بمعنى اليمين، مثل قد قلت لتقومن. قال: وقال الأخفش: معنى قوله تعالى "ثم بدا لهم من بعد مارأووا الآيات ليسجننه ". قال: لما كانت أي تقع ها هنا وقعت اللام هو المفعول المرفوع.
" كانتا رتقاً ففتقناهما " قال: يقال: امرأةٌ رتقاء، إذا كانت لا يوصل إليها فيقول: كانت السماء لا تمطر ثم أمطرت، وأنبتت الأرض ولم تكن تنبت.
" لا يشاري ولا يماري " المشاراة: العداوة والمجاذبة والدفاع عن الحق والاستشراء في الشر. ولا يمارى، أي لا يرد الكلام.
ممن يقوم أجمع زيدٌ، وممن يقومون أجمعون زيد، ولم يجز: ممن يقوم أجمعون.
قال: من قال: من هو إخوتك الزيدون، لم يقل من هو أنفسهم. ومن من عندك أجمعون زيد، قال: عندك يكون في الجمع.
وقال: كل ما جاء على تقطيع الأسماء لم ينكروا جمعه. قولهم: الطواسين مثل القوابيل جمع قابيل. ومن قال: الطواسيم بناه على أنهم يقلبون النون ميماً.
"يدعو لمن ضره أقرب من نفعه" قال: هذه لام اليمين وجوابها "لبئس المولي ولبئس العشير". وقال الأخفش يدعو لمن ضره إلهه أقرب من نفعه. "مناص": مذهب. "إن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً". قال: هذا توكيد. وقال: يقال:لما قرئت قال ابن مسعود: "لن يغلب عسر يسرين".
الشب: الأرتفاع. والشت: الافتراق والغلط. والشث: الجوز البري.
" ماذا أنزل ربكم قالواأساطير الأولين " قال: هذا استئنافٌ، وكأنهم قالوا لم ينزل شيئاً، هذه أساطير الأولين. ويجوز في مثل هذا الاستئناف والنصب جميعاً، مثل قوله: " قالوا خيراً ".
من هو أحمر جاريتك. قال: هو قليلٌ، والأجود: من هو حمراء جاريتك


لم يفرق بين قوله: أنتِ طالق بعلم الله، وأنت طالقٌ يعلم الله. وأجاز: زيداً ضرب أخوه، وأجاز: زيداً أخوه ضرب. قال: حق المفعول أن يكون بعد الفعل، مثل: " لا ينفع نفساً إيمانها ".
دار قومك تهدم وبهدمون هم. قال: إذا جاءت الكناية عقب كلام أجازوه كلهم، وإذا لم تكن لم يجيزوه، تقول: نعم القوم إخوتك وبئس هم. وليس في العربية إذا قال قام إخوتك أن يقول قام هم، وكذا العماد على هذا يعمل.
سئل عن قولهم " إنه قام زيد "، ما تقدم قبله من الكلام? فقال: هذا مثل قولهم " إنه " قامت هند، إنما تقدم العماد ها هنا - يعني في أول الكلام - ليعلموا أن الكلام يجيء مذكراً أو مؤنثاً. يقال: عرفته إلى أبيه،أي نسبته. قال: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس منا من لم يأتمر بأمر الله عز وجل" أي يرد أمره إلى أمره. في قوله: "والمرسلات عرفاً " قال: الملائكة يتبع بعضهم بعضاً. "فالعاصفات عصفا ": الرياح. " فالناشرات نشراً " قال: الملائكة أيضاً. "فالفارقات فرقاً"قال: الملائكة تنزل بالحلال والحرام.
الحليلة: الجارة، وهي امرأة الرجل أيضاً.
ويقال كفه لا يليق بها شيءٌ، أي لا يبقي فيها شيء.
وقال: الصفر: داءٌ في البطن، يقال منه: لا يليق بصفري شيءٌ. أي لا يثبت في جوفي.
وقال: " لا تسافرن حتى تصيب لمةً " أي حتى تصيب شكلاً.
وقال: اللمة: الشكل.
وقال: حوض الثعلب: موضعٌ باليمامة.
وقال: المخارف: الطرق.
وأنشد:

اسكت ولا تنطق فأنت خياب

 

كلك ذو عيبٍ وأنت عـياب

إن صدق القوم فأنت كذاب

 

أو نطق القوم فأنت هـياب

أو سكت القوم فأنت قبقـاب

 

أو قدموا يوماً فأنت وجاب

وأنشد:

حلفت لا تنتهي عنا ضيافتكم

 

حتى تكون بوادينا السنانير

وقال: الهذر: الكلام الردى الكثير.
وانشد:

هذريان هـــذرٌ "هـــذاءةٌ

 

موشك " السقطة ذو " لبٍ نثر "

قال: الهذر سقط الكلام أيضاً.
"و السماء ذات الرجع "، قال: ترجع تمطر سنةً بعد سنة. " والأرض ذات الصدع ": قال: تتصدع بالنبت. " إنه لقولٌ فصلٌ ". قال: حقٌ ليس بباطل. " وما هو بالهزل " ،أي ليس بهذيانٍ.
يقال: " أنت فضضٌ من صلبه " أي تخرج منه متفرقا. كذلك الفضض: المتفرق.
وقال أبو العالية: قال محمد بن سلام: أنشد النابغة الجعدي النبي صلى الله عليه وسلم:

ولا خير في حلم إذا لم يكن له

 

بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

ولا خير في جهل إذا لم يكن له

 

حليمٌ إذا ما أورد الأمر أصدرا

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يفضض الله فاك ". قال: فبقيت أسنانه ترف حتى مات.
يقال: رف يرف، إذا برق؛ ورف يرف، إذا أكل. وأنشد:

لم أدر إلا الظن ظن الغائب

 

أبك أم بالغيث رف حاجبي

قال: النامية: القضيب الذي عليه العناقيد؛ والشكير مثله، وهي النوامي والشكر. وقال عمر: " لا تمثلوا بنامية الله " أي بخلق الله. " وهم في طغيانهم يعمهون " قال: العمه: الذي لا يعرف الحجة. والطغيان: هو الضلال. وقال: أصل الطغيان: الإرتفاع، ومنه طغى الماء، أي إرتفع. قال: ثم ضرب مثلاً للمتكبر.
المستوئج: الكثير المال؛ أستوئج من المال، إذا استكثر. قال. ويقال: " الملك عقيم " أن يقتل أباه وأخاه وعمه.
وقال:: أنشدنا أصحابنا:

أمص ثمـادي والـمـياه كـثـيرةٌ

 

أحاول يوماً حفرهـا واكـتـدادهـا

وأرضي بها من بحر آخـر إنـنـي

 

أرى الري أن ترضى النفوس ثمادها

يقول: أرضي القليل وأقنع به. والثماد: الماء القليل.
وقال: إنما قالوا: ما عبد الله قائماً. وهو قول أهل الحجاز وقد جاء القرآن " ما هذا بشراً ". وبنو تميمٍ يرفعون فيقولون: ما زيدٌ قائمٌ. والذين نصبوا أدخلوا ... بين الأسم والفعل لأن الفعل هو المجحود، فإذا قدموه لم ... ولم ينصبوا، فقالوا. ما قائمٌ عبد الله، فرفعوا كلهم لأن الجحد ............ وأهل البصرة إذا قالوا: ما عبد الله قائماً، شبهوه بليس، فإذا قدموا رفعوا فقالوا:إنما أشبه ليس في ذلك الموضع فقط هذه أصول العربية.
الوشل: الماء القليل. والشول : ما يبقي في القربة من الماء القليل.


والتغييض: أن يأخذ العبرة من عينه ويقذف بها.
وأنشد:

إن الذين غدوا بلبك غـادروا

 

وشلاً بعينك ما يزال معينـا

غيضن من عبراتهن وقلن لي

 

ماذا لقيت من الهوى ولقينـا

وقال أبو العباس: قال أبو الحسن، عن بعض الأعراب قال: خرجت بنت معقر بن حمارٍ البارقي بأبيها تقوده - وقد كان عمى فراحت عليه رائحةٌ من روائح الصيف، فقال: يا بنية، انظري ماذا ترين? قالت: " أرى سحماء عقاقةً، كأنها حولاء ناقةٍ، ذات هيدب دانٍ، وسيرٍ وانٍ " قال: أجلسيني إلى أصل قفلةٍ، فإنها لم تنبت قط إلا بمنجاةٍ من السيل.
قال أبو العباس: القفلة: ضربٌ من الشجر. سحماء. سوداء. عقاقة بالبرق. يشق شقاً. والحولاء: ما يخرج من رحم الناقة إذا ولدت. والهيدب: مثل هيدب الثوب، تراه متعلقاً دون السحاب. وإن بطئ.
تم الجزء وهو آخر المجالس والحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلامه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

غاية الشوق لفضل بر الوالدين والعتق -الشيخ / محمد صفوت نور الدين - رحمه الله -

غاية الشوق لفضل بر الوالدين والعتق  تأليف فضيلة الشيخ / محمد صفوت نور الدين - رحمه الله -   مقدمة 1. الحمد لله، والصلاة والسل...