مجالس ثعلب الإمام ثعلب
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول
أخبرنا الشيخ الثقة أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد بن صدقة بن كليب الحراني قراءة عليه: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب قراءة عليه، وأنا أسمع، حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، قراءة عليه وأنا أسمع فأقر به، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم المقرىء في منزله بحضرة الشرقية بدرب النحاسين، يوم الجمعة صلاة الغداة، سلخ جنادى الآخرة من سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، حدثنا أبو العباس أحمد ابن يحيى النحوي، حدثنا ابن شبة قال: أخبرني الطائي قال: قال القاسم ابن معن: كانت أم سعيد بنت سعيد بن عثمان بن عفان عند هشام بن عبد الملك، ثم طلقها فندم على طلاقها، فتزوجها العباس بن الوليد بن عبد الملك، ثم طلقها فندم على طلاقها، فتزوجها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فدس إليها العباس أشعب بأبيات قالها، وقال له: إن أنشدتها إياها فلك ألف دينار. قال: فأتاها فأنشدها، فقالت له: دسك العباس وجعل لك ألف دينار؛ فأخبره عني ولك ألف دينار. ثم قالت: وما قال? فقال: قال:
أسعدة هل إليك لنا سبـيل |
|
ولا حتى القيامة من تلاق |
قالت: إن شاء الله. فقال:
بلى ولعل دارك أن تواتي |
|
بموت من حليلك أو فراق |
قالت: بفيك الحجر. قال:
فأرجع شامتاً وتقر عيني |
|
ويجمع شملنا بعد إنشقاق |
قالت:
بل نشمت بك إن شاء الله.
ويقال: إنه يستودف الخبر ويستقطره، والمرأة تستودف ماء الرجل إذا نكحت، فإذا أرادت
أن يجتمع الماء في رحمها لم تنبسط.
أخبرنا محمد، حدثنا أبو العباس بن يحيى النحوي ثعلب، حدثنا ابن شبة، حدثنا خلاد بن
يزيد الأرقط الباهلي، قال: سمعت أهل مكة يقولون: كان القس بمكة يقدم على عطاء في
النسك، فمر يوماً بسلامة وهي تغنى، فأصغى إلى غنائها، وفعل ذلك غير مرة حتى رآه
مولاها، فقال له: ألا أدخلك عليها فتقعد مقعدا لا تراك منه، وتسمع? فأبى عليه، فلم
يزل به المولى حتى أجاب، وحتى قعد معها، فوقعت في نفسه، ووقع في نفسها، فخلت به
ذات يوم، فقالت: والله إني أحبك. قال: وأنا والله أحبك. قالت: وأشتهى أن أضع فمي
على فمك. قال: وأنا والله أشتهي ذاك. قالت: وصدري على صدرك، وبطني على بطنك. قال:
وأنا والله أحب ذاك. قالت: فما يمنعك? فو الله ما معنا أحد. قال: ويحك، إني سمعت
الله تعالى يقول: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين". فأنا
أكره أن تكون خلة بيني وبينك في الدنيا عداوة يوم القيامة.
قال: وقال فيها:
أهابك أن أقول بذات نفسي |
|
ولو أني أطيع القلب قالا |
حياء منك حتى سل جسمي |
|
وشق علي كتماني وطالا |
وقال:
قد كنت أعذل في الصبابه أهلها |
|
فاعجب لما تـأتـى بـه الأيام |
فاليوم أعذرهم وأعلـم أنـمـا |
|
سبل الضلالة والهدى أقسـام |
وقال
أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: العنقر: ضرب من النبت. وفي قوله عز وجل: أمشاج
نبتليه قال: أخلاط. وقال: الورق، والورق، والورق: الدراهم. قال: والورق: ورق
الشباب والورق: حدائق الدم. والورق: الغنم.
وأنشد للعجاج: واغفر خطاياي وثمر ورقي وأنشد:
إنا إذا سنة حتت لـنـا ورقـاً |
|
نكايد العيش حتى ينبت الورق |
وقال
أبو العباس، أحمد بن يحيى: قولهم: ألظوا بياذا الجلال والإكرام أي: ألحوا.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال: قال ابن الأعرابي: سألت العرب أي شيء معنى
شيطان ليطان? قالوا: شيء نتد به كلامنا: نشده.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا أبو العالية قال: مر قوم من بني سليم برجل من
مزينة يقال له نضلة في إبل له، فاستسقوه لبناً فسقاهم، فلما رأوا أنه ليس في الإبل
غيره ازدروه، فأرادوا أن يستاقوها، فجالدهم حتى قتل منهم رجلاً، وأجلى الباقين عن
الإبل. فقال في ذلك رجل من بني سليم:
ألم تسأل فوارس مـن سـلـيم |
|
بنضلة وهو موتـور مـشـيح |
رأوه فـازدروه وهـو خـرق |
|
وينفع أهله الرجل الـقـبـيح |
فشد عليهم بالسـيف صـلـتـا |
|
كما عض الشبا الفرس الجموح |
وأطلق غل صاحبـه وأردى |
|
قتيلاً منهم ونـجـا جـريح |
ولم يخشوا مصالته علـيهـم |
|
وتحت الرغوة اللبن الصريح |
أخبرنا
محمد، ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى إملاء، وثنا ابن شبة، ثنا محمد بن سلام، قال:
زعم يونس بن حبيب قال: صنع رجل لأعرابي ثريدة يأكلها، ثم قال: لا تصقعها، ولا
تشرمها، ولا تقعرها. قال: فمن أين آكل لا أبالك?! قوله: لا تصقعها: لا تأكل من
أعلاها. وتشرمها: تخرقها. وتقعرها تأكل من أسفلها.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "إذا اكتالوا على الناس يستوفون":
يزيدون ما على الناس، ومن الناس.
وقال أبو العباس، قال أبو نصر، قال الأصمعي: أشد الناس الأعجر الضخم؛ وأخبث
الأفاعي أفاعي الجدب؛ وأخبث الحيات حيات الرمث، وأشد المواطىء الحصى والصفا، وأخبث
الذئاب ذئب الغضى. وإنما صار كذا لأنه لا يباشر الناس إلا إذا أراد أن يغير.
وأنشد:
أنا أبو شرفاء مناع الـخـفـر |
|
حية قف لاجىء إلى حـجـر |
إذا تعذرت فلم تـقـبـل عـذر |
|
ثم أملت الرأس من غير صعر |
ثم خزرت العين من غير عور |
|
وجدتني ألوي بعيد المستـمـر |
مناع ما أعطيت من خير وشر |
|
|
في أخرى:
أبذي إذا بوذيت من كلب ذكر |
قوله:
مناع الخفر: يعني مناع أصحاب الخفر، يعني النساء.
قال: وهو مصدر.
وقوله:
حية قف لاجىء إلى حجر. |
قال:
حيات الصخر أخبث من غيرها.
وقوله:
إذا تعذرت فلم تقبل عذر |
أي:
إذا لم تقبل عذري، كنت كذا؛ يريد: إذا لم أعط ما أريد. خزرت العين، أي تكبرت على
الناس ونظرت إليهم بمؤخر عيني.
وقال أبو العباس: سلام على إلياسين، مثل إدريسين. آل ياسين: أهل ياسين. ما أنا
بمصرخكم، قال: بمعينكم.
وقال: العرعرة: رأس الجبل.
ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: أجملوا في الطلب، فلو أن رزق أحدكم في عرعرة
جبل، أو حضيض أرض، لأتاه قبل أن يموت.
وقال أبو العباس: لا يزنى المؤمن حين يزنى وهو مؤمن، قال: ليس هذا من أخلاق
المؤمنين. وقال: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع، ما آمن بي: تشديد، أي ينبغي
له أن يواسيه.
قال أبو العباس: نصه، أي: أظهره؛ وكل مظهر فهو منصوص، وأصله من نصه، إذا أقعده على
المنصة. وأنشد:
ونص الحديث إلى أهله |
|
فإن الوثيقة في نصـه |
وكل
تبيين وإظهار فهو نص.
أعبد الله ثوباً كسوته قال: إن كانت الهاء لعبد الله، فالرفع والنصب، وإن كانت
للثوب، فالنصب لا غير؛ لأن النصب قد تقدم في عبد الله.
قال: وقال إياس بن معاوية: كنت في مكتب في الشام، وكنت صبياً، فاجتمع النصارى
يضحكون من المسلمين، وقالوا: إنهم يزعمون أنه لا يكون ثفل للطعام في الجنة. قال:
قلت: يا معلم، أليس تزعم أن أكثر الطعام يذهب في البدن? فقال: بلى. قال: فقلت فما
تنكر أن يكون الباقي يذهبه الله في البدن كله. فقال أنت شيطان! وقال أبو العباس في
قوله عز وجل: "فصل لربك وانحر": يقال: استقبل القبلة بنحرك. وييقال:
اذبح.
ويقال: غلام نشنش، وشعشع، وبلبل، وبزبز، إذا كان خفيفاً في السفر.
يقال: سويداء قلبه، وحبة قلبه، وسواد قلبه، وسوادة قلبه، وجلجلان قلبه، وأسود
قلبه، وسوداء قلبه، بمعنى.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا أفصح العرب، تربيت في أخوالي بني
سعد، بيد أنى من قريش.
قال: بيد، وميد، وغير؛ بمعنى.
"فانبذ إليهم على سواء" أي: أدفع إليهم عهودهم، وأعلمهم أنا على الحرب.
"فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى"، قال:
لمن اتقى قتل الصيد.
"يوم يكشف عن ساق"، قال: ساق القيامة، وساق الدنيا.
ويقال: ملح ذرآنى وذرآنى.
الصرف: التصرف في الدية. والعدل: المثل.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال، وحدثني ابن قادم قال: كتب فلان إلى المأمون
كتاباً فيه: وهذا المال مالاً من حاله كذا. فكتب إليه: أتكاتبني بكاتب يلحن في
كلامه? فقال: ما لحنت، وما هو إلا صواب. قال ابن قادم: فدعاني المأمون، فلما أردت
الدخول عليه قال لي: ما تقول لأمير المؤمنين إذا سألك? قال: قلت: أقول له: الوجه
ما قال أمير المؤمنين، وهذا جائز.
قال:
فلما دخلت قال لي: ما تقول في هذا الحرف? قال: فقلت: الرفع أوجه، والنصب جائز.
قال: فقال لي: مر، كل شيء عندكم جائز! ثم التفت إلى ذلك فقال: لا تكتين إلى كتاباً
حتى تعرضه.
وقال: جمع ثلة: ثلل بالكسر وهي القطعة من الغنم.
وقال: بدرة وبدر، وضيعة وضيع. شاذ.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "فإنكم وما تعبدون. ما أنتم عليه
بفاتنين": أي لا تقدرون أن تفتنوا إلا من قدرت له النار.
سئل أبو العباس ثعلب: أنت طالق شهراً إلا هذا اليوم? وقال: اليوم لا تطلق، وبعده
تطلق. فلو قال في موضع إلا، غير، لكان المعنى واحداً.
الكهف والرقيم قال: الرقيم: اللوح المكتوب فيه أنسابه وأنساب أبيه. "وحناناً
من لدناً" أي: رحمة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من
ظلم": قال: الفراء يقول: لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلا المظلوم.
قال: وردوه عليه.
والقول فيه أن: إلا من استثناء، مثل: "فإنهم عدو لي إلا رب العالمين"،
قال: أي فإنه ليس عدواً لي.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا الأثرم، قال: قال ابن إدريس: سمعت حمزة بن عبد
لله بن عتبة وهو واقف على محمد بن قيس الأسدي ينشد:
كفـاك بـشـير إذ رآك بـحــاجة |
|
كليل اللسان ما تمر وما تـحـلـى |
تلاوذ بالأبواب مـنـى مـخـافة ال |
|
ملامة والإحتار شر من الـبـخـل |
فلولا اتقاء الـلـه قـلـت مـقـالة |
|
تسير بها الركبان أبردهـا يغـلـى |
بها تنفض الأحلاس في كل مـنـزل |
|
وينفى الكرى عنه بها صاحب الرحل |
أبن لي، فكن مني أو أبتغ صاحـبـاً |
|
كمثلك إني مبتغ صاحبـاً مـثـلـي |
ولا يلبث الأصحاب أن يتـفـرقـوا |
|
إذا لم يزوج روح شكل إلى شكـل |
ولا داخلاً ذو الظن بيتي فيبـتـغـي |
|
لدى ولا تمشي إلى بيتـه رجـلـي |
قلـيل إخـائي لا ينـال مـودتــي |
|
من الناس إلا مسلم كامل الـعـقـل |
أخبرنا محمد قال ثنا أبو العباس، ثنا الأثرم قال: حدثني ابن إدريس حدثنا ابن أبي الزناد، والقاسم بن معن قالا: قال عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة في رجلين يعاتبهما مرا به، وهو أعمى، فلم يسلما عليه:
ألا أبلغا عنى عراك بـن مـالـك |
|
ولا تدعا أن تثنيا بـأبـي بـكـر |
لقد جعلت تبدو شواكل منـكـمـا |
|
كأنكما بي موقران من الصخـر |
وطاوعتما بي داعكاً ذا مـعـاكة |
|
لعمري لقد أزرى وما مثله يزرى |
فلولا اتقاء الله بقـياى فـيكـمـا |
|
للمتكما لوماً أحر من الـجـمـر |
فمسا تراب الأرض منها خلقتمـا |
|
وفيها المعاد والمصير إلى الحشر |
ولا تأنفا أن تسـألا وتـسـلـمـا |
|
فما حشى الإنسان شراً من الكبر |
ولو شئت أدلى فيكما غـير واحـد |
|
علانية أو قال عندي في الـسـر |
فإن أنا لم آمر ولم أنه عنـكـمـا |
|
تضاحكت حتى يستلج ويستشـرى |
ويروي:
ضحكت له حتى يلج ويستشرى |
أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، ثنا الزبير، قال: حدثني خالي إبراهيم بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ويحيى ابن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، قالا: ثنا عثمان بن عمر بن موسى المعمرى، عن الزهري قال: دخل عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عتبة بن مسعود، على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ أمير المدينة، فجرى بينهم الحديث، حتى قال عروة في شيء جرى من ذكرى عائشة وابن الزبير: سمعت عائشة رضوان الله عليها تقول: ما أحببت أحداً حبي عبد الله بن الزبير، لا أعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبوى. فقال لي عمر: إنكم لتنتحلون عائشة لابن الزبير انتحال من لا يرى لأحد معه فيها نصيباً. قال عروة: لقد كان عبد الله منها بحيث وضعته الرحم والمودة التي لا يشرك أحداً منهما عند صاحبه فيها أحد. فقال له عمر: كذبت. فقال له عروة: هذا- يعني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة- يعلم أنى غير كاذب، وإن أكذب الكاذبين، لمن كذب الصادقين. فسكت عبيد الله ولم يدخل بينهما بشىء. فغضب عمر بن عبد العزيز، فأفف بهما وقال: اخرجا عني. ثم لم يلبث أن بعث إلى عبيد الله بن عبد الله رسولاً يدعوه لبعض ما كان يأتيه له، فكتب إليه عبيد الله:
لعمر ابن ليلى وابن مروان إنـه |
|
لمـروان أداه أب غـير زمـل |
لو أنهم عـمـا وجـداً ووالـداً |
|
تأسوا فسنوا سنة المتـعـطـل |
عذرت أبا حفص بأن كان واحداً |
|
من القوم يهدى هديهم ليس يأتلى |
ولكنهم فاتوا وجئت مـصـلـياً |
|
تقرب إثر السابق المتـمـهـل |
زعمت فإن تلحق فضن مبـرز |
|
جواد، وإن تسبق فنفسك أعـول |
فما لك بالسلطان أن تحمل القذى |
|
جفون عيون بالقذى لم تكـحـل |
وما الحق أن تهوى فتشعف بالذي |
|
هويت إذا ما كان ليس بأجمـل |
أبى الله والإسلام أن ترأم الخنـا |
|
نفوس رجال بالخنا لـم تـذلـل |
قال
أبو العباس: وفي الحديث: أن شيعة الدجال جواربهم طوال، وخفافهم مقرطمة، أي لها
مناقير.
وأنشد:
يا أم عمرو بينى: لا، أو نـعـم |
|
أو اصرمى، فراحة ممن صرم |
قلت لها: بيني، فقالت: لا جـرم |
|
إن الفراق اليوم، واليوم ظلـم |
قال
أبو العباس: الغدن، الاسترخاء.
أخبرنا محمد ثنا أبو العباس. ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني ابن عائشة، قال: سمعت أبي
يذكر قال: كان عمران بن موسى بن طلحة يجالس أباه، وكان يحبه، فأودعه رجل وديعة.
قال: ثم غاب فقدم وقد ترك عمران مجالسة أبيه، فقال لموسى: إني أودعت ابنك وديعة،
وهو لازمك ثم تركك ولزم الصيد، وقد خفت على وديعتي. قال: ألقيته? قال: لا. قال:
فالقه. فلقيه، فقال: أتعرفنى? قال: نعم، ألست صاحب المال الذي أودعتنا? قال: بلى.
قال: فهو لك فخذه. وأعلم أباه فنحله القطقطانة، من سواد الكوفة. فابتاعها منه موسى
بن عيسى بتسعين ألف دينار. قال أبي: فأخبرنا القاسم بن محمد من ولد زكرياء بن طلحة
قال: قال لي أبو جعفر: ما أرى صاحبكم إلا وقد غبن صاحبنا. قلت: كلا يا أمير المؤمنين.
أخبرنا محمد، قال، وأنبأنا أبو العباس قال، وحدثني عمر بن شبة، عن ابن عائشة قال:
وعاتب جناحاً يزيد بن طلحة بن عبد الله بن خلف، في دين عليه فقال له:
فإن يك يا جناح على دين |
|
فعمران بن موسى يستدين |
ولم يعدمك إما كنت فينـا |
|
نبيذ التمر واللحم السمـين |
قال
ابن عائشة: قال لي الأصمعي، ونحن بالرقة: من عثمان بن موسى الذي يقال له: فعثمان
بن موسى يستدين? قال: قلت له: عمران. وأخطأ الأصمعي في هذا.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال وحدثني ابن عائشة سمعت أبي قال: لما أنشد ابن
الرقيات عبد الملك:
يعتقد التاج فوق مفرقه |
|
على جبين كأنه الذهب |
وقال: أما ابن الزبير فيقول- يعني له:
إنما مصعب شـهـاب مـن |
|
الله تجلت عن وجهه الظلماء |
ويقول لي: على جبين كأنه الذهب
أخبرنا محمد ثنا أبو العباس، قال سمعت عمر بن شبة، عن ابن عائشة، قال: سمعت بعض القرشيين يقول: نظر عبد الرحمن بن الضحاك إلى بعض بني مروان يجر ثيابه فقال: أما والله لو رأيت أباك رأيته مشمراً. قال: فما يمنعك من التشمير? قال: لا شيء، إلا بيت قاله الشاعر، نسجه لأبيك:
قصير الثياب فاحش عند بيتـه |
|
وشر قريش في قريش مركبا |
أخبرنا
محمد، حدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة قال: وثنا ابن عائشة، قال سمعت أبي يذكر
قال: كان عبد الملك فاسد الفم، فعض تفاحة فألقاها إلى امرأة من نسائه، فأخذت
سكيناً فاجتلفت ما عاب منها. فقال: ما تصنعين? قالت: أمطت الأذى عنها.
أخبرنا محمد قال، وأخبرنا أبو العباس قال، وأنبأنا ابن عائشة قال: كان لداود عليه
السلام صوت يطرب المحموم، ويسلى الثكلى، وتصغى له الوحش، حتى يؤخذ بأعناقها وما
تشعر.
أخبرنا محمد قال، وأنبأنا أبو العباس ثنا ابن عائشة، ثنا سعيد بن عامر، قال: وشم
داود عليه السلام خطيئته في كفه، فما رفع فيها طعاماً حتى يشوبه بدموعه.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس، ثنا ابن عائشة قال: حدثني العجلى قال: قال رجل
لعبد الله بن عثمان بن عمر التيمي أخي عمر بن عثمان: ما فعل مالكم بموضع كذا وكذا?
قال: ولم? قال: أما سمعت قول الشاعر:
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك |
|
كرائم من رب بهن ضنـين |
أخبرنا
محمد، ثنا أبو العباس، ثنا ابن عائشة قال، حدثني سلمة بن شعيب قال: أتى عمر بن
الخطاب رضوان الله عليه بمال، فقام إليه عبد الرحمن ابن عوف رضوان الله عليه فقال:
يا أمير المؤمنين، لو حبست هذا المال في بيت المال، لنائبة تكون، أو أمر يحدث?
فقال: كلمة ما غره بها إلا شيطان، لقاني الله حجتها، ووقاني فتنتها. أعصى الله
العام وفي قابل أعد لهم تقوى الله عز وجل!! قال الله تعالى: "ومن يتق الله
يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب"، ولتكونن فتنة على من يكون بعدى.
قال أبو العباس، يقال: أخذت مشوا، ومشياً، يريد: دواء يمشي. الدرياقة: اسم للخمر.
معنى: لا حول ولا قوة إلا بالله، أي: لا تحول من معصية الله إلى طاعته إلا به
وبقوته. قال: ومنه أخذ أبو نواس ذلك الشيطان.
وأنشد لأبي نواس:
كأنما رجلها قفـا يدهـا |
|
رجل غلام تهوى بدبوق |
ثم
قال لي: أي لا تخذل رجلاها يديها، تتبعها في السير.
وأنشد له:
وأوقة للطير في أرجائها |
قال:
الأوقة: الموضع الذي يقع فيه الطير.
قال أبو العباس: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقوم الساعة حتى
تختم الأيدي قال: أي حتى تمتنع من العطية.
الكهناء، كانوا في الجاهلية يقولون: إن الشياطين كانت تأتيهم. والعراف: الذي يزجر
الطير.
المهطع: الذي يرفع رأسه في ذل.
وقال أبو العباس: ما بعد إنما استئناف. إنما زيد قائم. وما بعد أن استئناف، مثل:
ظننت أن زيد قائم.
"إن كتاب الأبرار لفي عليين. وما أدراك ما عليون" قال: كل جمع لا عدد له
يجمع بالواو والنون- يعني مجهول الواحد.
"ما لكم لا ترجون لله وقاراً" أي: لا تخشون لله عظمة.
ويقال: حصر لسانه، إذا لم يبين الكلام؛ وحسر بصره، إذا لم يبصر، وكذلك سائر
الأشياء.
قوله عز وجل: "فذلك يومئذ يوم عسير" قال: فيومئذ مرافع فذلك "ويوم
عسير" ترجمة يومئذ.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حدثني عمر بن شبة، قال أخبرني أبو سلمة قال
أخبرني ابن زبنج راوية ابن هرمة، قال: أصابت ابن هرمة أزمة، فقال لي في يوم حار:
اذهب فتكار لي حمارين إلى ستة أميال. ولم يسم موضعاً، فركب واحداً وركبت واحداً،
ثم سرنا حتى انتهينا إلى قصور حسن بن زيد ببطحاء ابن أزهر، فدخلنا مسجده، فلما
زالت الشمس خرج علينا مشتملاً على قميصه، فقال لمولى له: أذن. ثم لم يكلمنا كلمة،
ثم قال له: أقم. فأقام، فصلى بنا ثم أقبل على ابن هرمة فقال: مرحباً بك أبا سحاق،
حاجتك. قال: نعم، بأبي أنت وأمي! أبيات قلتها- وقد كان عبد الله بن حسن، وحسن،
وإبراهيم، بنو حسن بن حسن، وعدوه شيئاً فأخلفوه- فقال: هاتها. فأنشد:
أما بنو هاشم حولى فقـد قـرعـوا |
|
نبلى الصياب التي جمعت في قرنى |
||
فما بيثرب منهـم مـن أعـاتـبـه |
|
إلا عوائد أرجوهن مـن حـسـن |
||
الله أعطاك فضلاً من عطـيتـه |
|
على هن، وهن فيما مضى وهن |
||
قال: حاجتك! قال: لابن أبي مضرس على خمسون ومائة دينار. قال: فقال لمولى له: أيا هيثم، اركب هذه البغلة فائتنى بابن أبي مضرس وذكر حقه. قال: فما صلينا العصر حتى جاء به. فقال: مرحباً بك يا ابن أبي مضرس، أمعك ذكر حق على ابن هرمة? فقال: نعم. قال: فامحه. قال: فمحاه. ثم قال: يا هيثم، بع ابن أبي مضرس من تمر الخانقين بمائة وخمسين ديناراً، وزده في كل دينار ربع دينار، وكل لابن هرمة بخمسين ومائة دينار تمراً، وكل لابن زبنج بثلاثين ديناراً تمراً. قال: فانصرفنا من عنده، فلقيه محمد بن عبد الله بن حسن بالسيالة وقد بلغه الشعر، فغضب لأبيه وعمومته. فقال: يا ماص فعل أمه، أنت القائل: على هن وهن فيما مضى وهن قال: لا والله بأبي، ولكن الذي أقول لك:
لا والذي أنت منه نعمة سلفت |
|
نرجو عواقبها في آخر الزمن |
لقد أبنت بأمر ما عمـدت لـه |
|
ولا تعمده قولى ولا سنـنـى |
فكيف أمشى مع الأقوام معتدلاً |
|
وقد رميت برىء العود بالأبن |
ما غيرت وجهه أم مهـجـنة |
|
إذا القتام تغشى أوجه الهجـن |
قال:
وأم الحسن أم ولد.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال حدثني عمر بن شبة، قال: حدثني أبو سلمة، قال
أخبرني محمد بن معن الغفاري، قال: أخبرني خالد القسرى، قال: لما خرج محمد بن عبد
الله بالمدينة وأنا في حبس ابن حيان، أطلقني، فلما سمعت دعوته التي دعا إليها على
المنبر قلت: هذه دعوة حق، والله لأبلين الله فيها. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنك قد
خرجت بهذا البلد، والله لو قد وقفت على نقب من أنقابه مات أهله جوعاً وعطشاً،
فانهض معي؛ فإنما هي عشر ليال حتى أضربه بمائة ألف سيف. فأبى على. قال: فإنى لعنده
يوماً إذ قال: ما وجدنا من حر المتاع شيئاً أجود من شيء وجدنا عند عمران بن أبي
فروة ختن أبي الخصيب- وكان انتهبه- قال: قلت: ألا أراك قد أبصرت حر المتاع، قال:
فكتبت إلى جعفر فأخبرته بقلة من معه. قال: فعطف على فحبسني، حتى أطلقني عيسى بن
موسى بعد قتله محمداً، ودخوله المدينة.
قال: وأنشد ابن الأعرابي، أبو السمح:
ثلاثة أبـيات فـبـيت أحـبـه، |
|
وبيتان ليسا من هواى ولا شكلى |
ألا أيها البيت الذي حـيل دونـه |
|
بنا أنت من بيت، وأهلك من أهل |
بنا أنت من بيت دخولـك طـيب |
|
ومثواك لو يسطاع بالبارد السهل |
قال أبو العباس: فأنشدني ابن الأعرابي:
ثلاثة أحباب: فحـب عـلاقة |
|
وحب تملاق، وحب هو القتل |
قال،
فقلت: فزدني ثانياً. قال: هو يتيم.
وأنشد:
وكتيبة لبستـهـا بـكـتـيبة |
|
كالثائر الحيران أشرق للندى |
قال: أراد الجراد. وقوله: أشرق للندى من أجل الندى. ويقال للندى.
مجلس
أخبرنا
محمد بن الحسن، قال وثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني أبو سعيد الثعلبي
ثنا عبيد بن الوسيم، عن أبي رافع، قال: كنت ألاعب الحسن أو الحسين، عليهما السلام،
بالمداحى فإذا أصابت مدحاتي قال: أترضى أن تركب بضعة من رسول الله صلى الله عليه
وسلم?! فأدعه، فإذا أصابت مدحاته، قلت: لا أحملك كما لم تحملني. فيقول: أما ترضى
أن تحمل بضعة من رسول الله?! فأحمله.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، حدثني عمر بن شبة قال: وحدثني سعيد بن عامر، عن
جويرية بن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز، والبريد
الذي جاءه من قسطنطينية يحدثه، قال: بينا أنا أسير على بغلتي في مدينة القسطنطينية
إذ سمعت غناء لم أسمع غناء قط أحسن منه، فو الله ما أدري أكذاك هو أم لغربة
العربية في تلك البلاد? فإذا رجل في غرفة، درجة تلك الغرفة في الطريق، فنزلت عن
بغلتي فأوثقتها، ثم صعدت الدرجة فقمت على باب الغرفة، فإذا رجل مستلق على قفاه،
واضع إحدى رجليه على الأخرى، وإذا هو يغنى ببيتين من الشعر لا يزيد عليهما فإذا
فرغ بكى، فيبكى ما شاء الله، ثم يعيد ذينك البيتين، ثم يعود إلى البكاء، ففعل ذلك
غير مرة، وأنا قائم على باب الغرفة، وهو لا يراني ولا يشعر بي. والبيتان:
وكائن بالبلاط إلى المصلى |
|
إلى أحد إلى ما حاز ريم |
إلى الجماء من خد أسيل |
|
نقى اللون ليس به كلوم |
قال:
البيت الثاني لم ينشدنيه سعيد بن عامر؛ قال قلت: السلام عليك. فأتيته فقلت: أبشر،
فقد فك الله عز وجل أسرك، أنا بريد أمير المؤمنين عمر إلى الطاغية في فداء الأسارى.
فإذا هو رجل من قريش، وكان أسر فسألوه فعرفوا منزلته، فدعوه إلى النصرانية فتنصر
وزوجوه امرأة منهم، قال البريد: فقال لي: ويحك! فكيف بعبادة الصليب، وشرب الخمر،
وأكل لحم الخنزير? فقلت: سبحان الله! ما تقرأ القرآن: "إلا من أكره وقلبه
مطمئن بالإيمان". فأعاد علي: فكيف بعبادة الصليب، وأعاد كلامه الأول إعادة
غير مرة. قال: فرفع الرجل يديه وقال: اللهم اجنبني هذا واكفني شره. قال: فما زلت
راجياً لدعوة عمر. قال جويرية: وقد رأيت أخاه بالمدينة.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: وحدثني محمد بن سلام قال: زعم يونس بن حبيب قال:
صنع رجل لأعرابي ثريدة ثم قال له: لا تصقعها ولا تشرمها، ولا تقعرها. قال: من أين
آكل لا أبا لك!? نصقعها: تأكل من أعلاها. وتشرمها: تخرقها. وتقعرها: تأكل من
أسفلها.
قال أبو العباس: وفي غير هذا الحديث: فمن أين آكل? قال: كل من حواجبها. أي من
نواحيها.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا عبد الله بن شبيب، ثنا يحيى بن إبراهيم قال وثنا
الزبير، عن أخيه هارون بن أبي بكر، قال وقال عبد الله ابن شبيب: ولقيت هارون
فحدثني به عن سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة عن أبيه عن عمه عبد الله بن عروة
قال: أقحمت السنة نابغة بني جعدة، فدخل على ابن الزبير في المسجد الحرام ثم أنشده:
حكيت لنا الصديق لمـا ولـيتـنـا |
|
وعثمان، والفاروق، فارتاح معـدم |
وسويت بين الناس في الحق فاستوى |
|
فعاد صباحاً، حالك اللون أسـحـم |
أتاك أبو ليلى يجوب بـه الـدجـى |
|
دجى الليل جواب الفلاة عثمـثـم |
لتجبر منه جانبـاً ذعـذعـت بـه |
|
صروف الليالي والزمان المصمـم |
فقال
له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون مسائلك عندنا. أما صفوة أموالنا
فلال الزبير، وأما عفوته فإن بني أسد تشغلها عنك، ولكن لك في مال الله حقان، حق
برؤيتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق لشركتك آل الإسلام في فيئهم. ثم أدخله
بيت النعم فأعطاه قلائص تسعاً، وجملاً رحيلاً، وأوقر له الركاب براً وتمراً
وثياباً، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفا، قال ابن الزبير: ويح أبى ليلى لقد
بلغ به الجهد. فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما
وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدثت فصدقت، ووعدت خيراً فأنجزت، فأنا والنبيون
فراط لقاصفين.
وقال أبو العباس في قول الله عز وجل: "فإن أحصرتم" قال: يكون من علة
ويكون من عدو، ويكون من حبس. وأنشد:
وما هجر ليلى أن تكون تباعدت |
|
عليك، ولا أن أحصرتك شغول |
ولا أن تكون النفس عنها نحيحة |
|
بشىء ولا أن ترتضى ببـديل |
قال:
نحيحة، وشحيحة واحد. أراد: شحيحة ببديل. قال: والاختيار أن يقول: شحيح نحيح، فجاء
بغير الإتباع. ولا يكون بغير الإتباع إلا قليلا. ويقول: لم أتركها إلا لجفائها.
وأنشد:
أجش هزيم في الخبار إذا انتحى |
|
هوادى عطفيه العنان مقـرب |
قال
أبو بكر بن مقسم: الخبار: أرض رخوة. أجش: في صوته جشة. العنان: السباق، أي: هو
يسبق في الخبار. يقول: في موضع لا يجرى فيه غيره.
وأنشد للراعى مثله- مثل: وما هجر ليلى:
وما هجرتك حتى قلت معلنة |
|
لا ناقة لي في هذا ولا جمل |
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس، قال: قال أبو حية العكلي: كان رجل يحب بنت عم له، فسافر مع أخيها سفراً له، فلما قدما استقبلهما بعض الحي فقال: زوجت ليلى. فغشي عليه فرفعه ابن عمه، ورش عليه ماء. فأفاق وهو يقول:
تموت على ليلى خفاتاً وما رأت |
|
لك العين إسواراً لليلى ولا حجلا |
ولكن نظرات بـعـين مـريضة |
|
أولاك اللواتي قد مثلن بنا مثـلا |
أخبرنا
محمد، قال وثنا أبو العباس، قال: ركب خالد بن صفوان يوماً في أصحاب له، فأخذتهم
السماء وهو على حمار فقال: أما علمتم أن قطوف الدابة أمير القوم، فساروا معه، فلما
كان الغد كان الغد ركب برذوناً هملاجاً وأخذتهم السماء، فرمع برذونه فقالوا: أبا
صفوان، ما كان أصدق كلامك بالأمس! قال: فلم غالينا بالهماليج.
أخبرنا محمد قال أخبرنا أبو العباس، قال: قال عبد الواحد بن زيد...... جالسوا أهل
الدين فإن الفجور لا يقربهم، وجالسوا الأشراف، فإن الفحش لا يجرى في مجالسهم.
قال، وقيل لرجل: من الخطيب? قال: من دام نظره، وبعد صوته، وابتل لسانه.
وقيل لقيس بن عاصم: بم نلت السؤدد? قال: بكف الأذى، ونصرة المولى وتعجيل القرى.
أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، قال ثنا الأصمعي قال: لما أدخل الشعبي على
الحجاج: قال هيه يا شعبي. قال: فقال: أحزن بنا المنزل، وأجدب بنا الجناب،
واستحلسنا الخوف، واكتحلنا السهر، وأصابتنا خزية لم نكن فيها فجرة أقوياء، ولا
بررة أتقياء. قال: لله درك يا شعبي! أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، قال قال
ابن سلام: لما أمعر أبو طالب، قالت بنو هاشم: دعنا فليأخذ كل رجل منا رجلاً من
ولدك. قال: اصنعوا ما أحببتم إذا خليتم لي عقيلاً. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم
علياً، فكان أول من أسلم ممن تلتف عليه خبطاته من الرجال، ثم أسامة بن زيد، فكان
أبو طالب يدان لسقاية الحاج حتى أعوزه ذلك، فقال لأخيه، العباس بن عبد المطلب-
وكان أكثر بني هاشم مالاً في الجاهلية-: يا أخي، قد رأيت ما دخل علي، وقد حضر
الموسم، ولا بد لهذه السقاية من أن تقام للحاج، فأسلفني عشرة آلاف درهم. فأسلفه
العباس إياها، فأقام أبو طالب تلك السنة بها وبما احتال، فلما كانت السنة الثانية،
وأفد الموسم، قال لأخيه العباس: أسلفني أربعة عشر ألف درهم. فقال: إني قد أسلفتك
عام أول عشرة آلاف درهم، ورجوت ألا يأتى عليك هذا الموسم حتى تؤديها، فعجزت عنها،
وأنت تطلب العام أكثر منها، وترجو- زعمت- ألا يأتى عليك الموسم حتى تؤديها، فأنت
عنها أعجز اليوم. ها هنا أمر لك فيه فرج: أدفع إليك هذه الأربعة عشر الألف، فإذا
جاء موسم قابل ولم توفني حقي الأول فولاية السقاية إلى، فأقوم بها فأكفيك هذه
المؤونة... عمن تتولاه. قال: فأنعم له أبو طالب بذلك، فقال: ليحضر هذا الأمر
بنو....... بني هاشم ففعل أبو طالب، وأعاره العباس الأربعة العشر الألف بمحضر منهم
ورضاً. فلما كان الموسم العام المقبل لم يكن بد من إقامته السقاية، فقال العباس
لأبي طالب: قد أفد الحج، وليس لدفع حقي إلى وجه، وأنت لا تقدر أن تقيم السقاية،
فدعني وولايتها أكفلها وأبرئك من حقي. ففعل، فكان العباس ابن عبد المطلب يليها
وأبو طالب حي، ثم تم لهم ذلك إلى اليوم.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: قال ابن سلام: حدثني أبان بن عثمان، قال:
أراد رجل بالمدينة أن يسوء عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ويضاره، فجعل يأتى
وجوه أهل المدينة فيقول: قال لكم عبد الله بن العباس تغدوا عندي. فجاء الناس حتى
ملؤا عليه الدار، وعبيد الله غافل، فقال: ما شأن الناس? قال: جاءهم رسولك أن
يتغدوا عندك، فعلم ما أريد به، فأمر بالباب فأغلق، وأرسل إلى السوق في أنواع
الفاكهة وذكر الأترج والعنب والموز- فشغلهم، وأمر بالأطعمة فطبخت وشويت، فلم
يفرغوا من الفاكهة حتى أتوا بالطعام حتى صدروا عنه، فقال عبيد الله: أموجود هذا
كلما شئت? فقالوا: نعم. فقال: ما أبالي من أتاني.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس؛ ثنا عمر بن شبة قال: حدثني إسحاق بن
إبراهيم الموصلي قال: حدثني أبو صالح الفزاري قال: ذكر ذو الرمة في مجلس فيه عدة
من الأعراب، فقال عصمة بن مالك- شيخ منهم من بني جاشىء بن فزارة، وكان قد بلغ
عشرين ومائة سنة-: إياى فاسألوا عنه، كان من أظرف الناس، كان آدم خفيف العارضين،
حسن المضحك، حلو المنطق، وكان إذا أنشد بربر وجش صوته، فإذا راجعك لم تسأم حديثه
وكلامه، وكان له إخوة يقولون الشعر، منهم مسعود، وجرفاس- وهو أوفى- وهشام. فكانوا
يقولون القصيدة فيرد فيها الأبيات فيغلب عليها ويجعلها له، فجمعني وإياهم مربع،
فأتاني يوماً فقال لي: يا عصمة إن مية منقرية، وبنو منقر أخبث حي وأقوفه لأثر،
وأثبته في نظر، وأعلمه بشر، فهل عندك من ناقة نزدار عليها مية? قلت: إي والله،
الجوذر، بنت يمانية الجدلى. قال: علي بها. فركبناها جميعاً وخرجنا حتى نشرف على
بيوت الحي فإذا هم خلوف، وإذا بيت مي خلو، فعرف النساء ذا الرمة حين طلعنا عليهن،
فتقوض النساء إلى بيت مي، وجئنا حتى أنخنا ثم دنونا فسلمنا وقعدنا نتحدث، وإذا مي
جارية أملود واردة الشعر، صفراء فيها عسن، وإذا عليها سب أصفر، وطاق أخضر. فتحدثن
ملياً ثم قلن له: أنشدنا يا ذا الرمة. قال: أنشدهن يا عصمة. فأنشدتهن قوله:
نظرت إلى أظعان مي كأنهـا |
|
ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه |
فأوشلت العينان والصدر كاتـم |
|
بمغرورق نمت عليه سواكبه |
بكا وامق جاء الفراق ولم تجل |
|
جوائلها أسراره ومعـاتـبـه |
فقالت ظريفة ممن حضر: لكن الآن فلتجل. فنظرت إليها مي؛ ثم مضيت في القصيدة حتى انتهيت إلى قوله:
إذا سرحت من حب مي سوارح |
|
عن القلب آبته جميعاً عوازبـه |
فقالت الظريفة منهن: قتلته قتلك الله. فقالت مي: ما أصحه وهنيئاً له. فتنفس ذو الرمة تنفسة كاد حرها يطير شعر وجهه، ومضيت حتى انتهيت إلى قوله:
وقد حلفت بالله مـية مـا الـذي |
|
أقول لها إلا الذي أنـا كـاذبـه |
إذن فرماني الله من حيث لا أرى |
|
ولا زال في أرضى عدو أحاربه |
فقالت الظريفة: قتلته قتلك الله! فالتفتت إليه مي فقالت: خف عواقب الله يا غيلان. ثم مضيت فيها حتى انتهيت إلى قوله:
إذا راجعتك القـول مـية أو بـدا |
|
لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه |
فيالك من خد أسـيل ومـنـطـق |
|
رخيم ومن خلق تعلـل جـادبـه |
فقالت الظريفة: ها هي ذه قد راجعتك القول وبدا لك وجهها فمن لنا بأن ينضو الدرع سالبه. فالتفتت إليها مي فقالت؛ قاتلك الله ما أنكر ما تأتين به! قال عصمة للنساء: إن لهذين شأنا فقمن بنا. فقمن وقمت معهن فجلست في بيت أراهما منه فسمعتها قالت له: كذبت والله. والله ما أدري ما قال لها وما أكذبته فيه. فلبث قليلاً ثم جاءني ومعه قارورة فيها دهن، وقلائد. فقال لي: هذا دهن طيب أتحفتنا به مي، وهذه قلائد لجوذر، ولا والله لا أقلدهن بعيراً أبداً. وشدهن بذؤابة سيفه ثم انصرفنا، فكان يختلف إليها حتى تقضى الربيع ودعا الناس المصيف، فأتاني فقال: يا عصمة، قد رحلت مي، ولم تبق إلا الآثار، والنظر في الديار، فاذهب بنا ننظر في ديارها، ونقفو آثارها. فخرجنا حتى أتينا منزلها، فوقف ينظر ثم قال:
ألا يا اسلمى يا دار مي على البلى |
|
ولا زال منهلاً بجرعائك القطر |
قال
عصمة: فما ملك عينيه، فقلت: مه. فانتبه وقال: إنى لجلد وإن كان مني ما ترى. قال:
فما رأيت أحداً كان أشد منه يومئذ صبابة ولا أحسن عزاء وصبراً، ثم انصرفنا
وتفرقنا، وكان آخر العهد به.
أخبر نا محمد بن الحسن ثنا أبو العباس: في قوله عز وجل: "من كان يريد حرث
الآخرة نزد له في حرثه" قال أبو العباس: أصل الحرث حرث الأرض، وهو ها هنا
العمل.
وأنشدنا أبو العباس:
فجال علينا بـإبـريقـه |
|
مخضب كف بفرصادها |
يقول: كفه مخضوبة بمثل التوت.
فباتت ركاب بأكوارها |
|
وخيل لدينا بألبـادهـا |
لقوم فكانوا هم المنفدين |
|
شرابهم قبل إنفادهـا |
أراد: قبل إنفاد عقولهم.
وقال
أبو العباس: أصل المكر الخديعة وأخذ الشىء من غير جهته. وقال: ذو الظفر ما لم يصد،
وما اصطاد فهو ذو المخلب. والريش والرياش: اللباس الحسن.
يقال أعطى النابغة النعمان إبلاً وريشها، أي بما يصلحها من الآلة والثياب.
وقال: إذا قيل غزا غزاة فهو بمعنى عمل سنة، وإذا قال غزوة، أراد مرة.
وأنشد:
إذا أراد أمرؤ مكراً خبا علـلا |
|
وظل يضرب أخماساً لأسداس |
وقال: وأنشد ابن الأعرابي:
وذلك ضرب أخماس أراه |
|
لأسداس عسى ألا تكونا |
وقال:
هؤلاء قوم كانوا في إبل لأبيهم عزاباً، فكانوا يقولون للربع من الإبل الخمس وللخمس
السدس، فقال أبوهم: إنما تقولون هذا لترجعوا إلى أهلكم. فصارت مثلاً في كل مكر.
ويقال: جلس الأربعا والأربعاوى، إذا قعد متربعاً.
ويقال: من أخذ من النهاوش والمهاوش ألقى في النهابر. قال: النهاوش والمهاوش، أخذ
من نهش الحية. والمعنى يأخذه من النهب وينفقه في غير حله. والنهابر: مواضع من
الرمل إذا وقعت فيها رجل البعير لا تكاد تخرج.
وأنشدنا أبو العباس:
عام لا يغررك يوم من غـد |
|
عام إن الدهر يغفى ويهـب |
صاد ذا الضغن إلى غرتـه |
|
وإذا درت لبون فاحتـلـب |
ليس بالصافي وإن صافيتـه |
|
عيش من يصبح نصباً للريب |
ويقال:
ما قيل لقوم قط: طوبى لهم، إلا رصد لهم الدهر بيوم سوء.
أخبرنا أبو محمد قال: وثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: قال ابن سلام: كانت امرأة
من العرب ومات عنها زوجها ولها منه أربعة بنين، فأقامت عليهم حتى زوجتهم، ثم
تزوجت. فغابت عنهم زماناً ثم أتتهم، فقالت: للأكبر: كيف وجدت أهلك? فقال: حسن
رائع، وبيت ضائع، وضيف جائع. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك? فقال: غل وثاق، وسوء
أخلاق، قد منعتني فراقها، وحرمتني طلاقها. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك? فقال: ظل
أثلة، ولين رملة، وجنى نحلة، وكأني كل يوم آيب. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك? فقال:
دل لا يقلى، وعجب لا يفنى، ولذة لا تقضى، وكأني مضل أصاب ضالته. فقالت: ألا
تسألوني كيف وجدت زوجي بعد أبيكم? قالوا: بلى فأخبرينا. قالت: ليث عرينة، وجمل
ظعينة، وظل صخر، وجوار بحر وقال: قال الأصمعي: يقال للقوم المجلس، وأنشد: واستب
بعدك يا كليب المجلس وقال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم: .............. ويعينه
على رزقه.
قال: وكانت لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دابة، ففقدها رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فقال: يا فلان ما فعلت دابتك? قال بعتها من فلان. قال: ما
جعله أحق بجمالها منك.
ويقال: لزم ثكم الطريق، وكثمه، ومرتكمه، أي معظمه.
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: أنت مولانا، فحجل، أي قفز من الفرح.
العجر في البطن، والبجر في الظهر.
قولهم: لا يدري الحو من اللو أي لا يعرف الكلام الذي يفهم من الذي لا يفهم. ولا
يعرف قبيله من دبيره أي لا يدري فتل إلى فوق أو إلى أسفل.
قال: ويقال كان أبو بكر عليه السلام أسيفاً. والأسيف: الحزين.
وأنشد:
إلى رجل منهم أسيف كأنمـا |
|
يضم إلى كمحيه كفا مخضبا |
أي
كأنه قد قطعت يده فهو يحزن عليها.
وأنشد:
كأن العين خالطها قذاها |
|
بعوار فلم تقضى كراها |
قال:
اكتفى بتسكين الياء في تقضى مكان الجزم.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين
ظلموا منكم خاصة"، قال: هذا نهى. وتأويله: الجزاء والعذاب إذا نزل عم. فقال:
الذين ظلموا منكم خاصة.
قولهم: أراك بشراً ما أحار مشفر قال: معناه أراك حسن البشرة ما رد المشفر في جوفك
ما أكلت. ومثله ما غاب سعى عن بدن، أي يبين على البدن ما سعى الرجل. وقال: هذا
قريب من ذاك.
وأنشد:
تظل معقلات السوق خوصاً |
|
تنازع أنفها ريح الجنـوب |
ويقال
أقبرته: جعلت له قبراً؛ وقبرته: دفنته.
أخبرنا أبو محمد قال: وثنا أبو العباس قال: دخل بعضهم على المأمون فسأله فقال: يا
أمير المؤمنين، إنه بعد أطلاع إيناس. وأنشد:
ليس بما ليس به بأس بـاس |
|
ولا يضر البر ما قال الناس |
وإنه بعد اطلاع إيناس قال: بعد الإشراف بكون الأنس:
وقال
أبو العباس: فاعلت وفعللت وأفعلت، كله يجىء بالضم في الاستقبال، فيقولون أفعل
ويفعل فيحذفون الهمز استثقالاً، وربما جاءوا بالأصل كقول الشاعر: وصاليات ككما
يؤثفين ويقال فئون وفئين. وكل ما نقص اللام منه جمع بالواو والنون..
ويقال لهده الحمل، إذا فسخ سنامه.
أخبرنا محمد، قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب:
جاءوا مخلين فلاقوا حمضـا |
|
وطلبوا النقض فلاقوا نقضـا |
وإن علوا من بعد أرض أرضا |
|
حسبتهم زادوا عليها عرضـا |
أي
من كثرتهم تظنهم أكثر من سعة الأرض.
"يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه" قال: عن قتال فيه، كما تقول ضربت
الرجل رأسه.
البدنة من الإبل، وقد قال بعضهم: من الإبل والبقر.
وأنشد للفرزدق:
يا أيها المشتكى عكلا وما جرمت |
|
إلى القبائل من قـتـل وإبـآس |
إنا كذاك إذا كانـت هـمـرجة |
|
نسبى ونقتل حتى يسلم الـنـاس |
قال:
بمت: لم قلت من قتل وإباس. فقال: ويحك فكيف أصنع وقد قلت: حتى يسلم الناس? قال:
قلت: فبم رفعته? قال: بما يسوءك وينوءك.
قال أبو العباس: وإنما رفعه لأن الفعل لم يظهر بعده، كما تقول ضربت زيداً وعمرو،
لم يظهر الفعل فرفعت: وكما تقول: ضربت زيداً وعمرو مضروب.
وأنشد: ولا صلح حتى تضبعون ونضبعا قال: تمدون أيديكم إلينا بالسيوف ونمد أيدينا.
وأنشد لإبراهيم بن الأسود النخعي:
وقلت لعبـد الـلـه إنـك واحـد |
|
ومثلك في هـذا الأنـام كـثـير |
قطعت إخائي ظالماً وهجرتـنـي |
|
وليس أخي من في الإخاء يجـور |
أزور وتجفوني ولسـت بـنـازح |
|
وإن الفتى تـجـفـوه ثـم يزور |
... كبـير الـعـقـل... والـذي |
|
... فـي الـكـرام صـغــير |
فلا تحسبن منحى لك الود خالصـاً |
|
لضـر ولا أنـى إلـيك فـقـير |
فكم من أخ لي ماجد وابن ماجـد |
|
أغر كضوء الشمس حين تـنـير |
إذا لم أزره لـم يغـب زيارتـي |
|
وأعرف منه الـود حـين أزور |
عليك سلام سوف دون لـقـائكـم |
|
تمر سنون بعـدهـن شـهـور |
وأكرم نفسي عنكم وأصـونـهـا |
|
إذا كدت من شوق إلـيك أطـير |
فهيهات هيهات الزمان الذي مضى |
|
وقد حدثت بعـد الأمـور أمـور |
فدونك حظى منك لـسـت أريده |
|
طوال الليالي مـا أقـام ثـبـير |
وما إن أبالي زرتني أم جفوتـنـي |
|
وما منهـمـا إلا عـلـى يسـير |
ولو أن بعضي رابني لقطـعـتـه |
|
وإني بقطع الـرائبـي لـجـدير |
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: يقال يأيها الرجل، ويأيها القوم، ويأيها المرأة، ويأيتها المرأة؛ يذكر ويونث مع المؤنث، ولا يوجه يأيها إلا في الواحدة فإنها تذكر وتؤنث. قال: وقال سيبويه والخليل وأصحابهما: يا تنبيه، وها تنبيه، وأي المنادى، والرجل وما جاء بعد يأيها وصف لازم. قال: وهذا لا يصح. قال الفراء: الدليل على أنه ليس كما قالوا أنه يقال يأيهذا أقبل، فيسقط، الثاني الذي زعم أنه وصف لازم. ولكن قال الفراء: يأيهذا اكتفوا بالرجل من ذا، وبذا من الرجل، ويجمعون بينهما فيقولون: يا أيهذا الرجل. وأنشد:
أيهذان كـلا زادكـمـا |
|
وذراني واغلاً فيمن يغل |
فجاء
بهذا وأسقط الرجل. وتأويله يا أي ثم لم يعرف ما بعده فقال هو: هذا الرجل، فاستأنف
به، فلذلك قالوا: يا أيهذا الرجل ذو المال، فردوا ذا المال على الرجل.
وأمل في هذا. قال: هذا تكون مثالاً، وتكون قريباً، فإذا كانت مثالاً قلت هذا زيد،
هذا الشخص شخص زيد، وإن شئت قلت هذا الشخص كزيد. وإذا قلت هذا كزيد قائماً فهو
حال، كأنك قلت: هذا زيد قائماً. ولكنك قد قربته. وتكون تشبيهاً في: كزيد هذا
منطلق، وكزيد قائم، وهذا يجرى مجرى الخبر.
قال: وقال سيبويه: هذا زيد منطلقاً، فأراد أن يخبر عن هذا بالانطلاق، ولا يخبر عن
زيد، ولكنه ذكر زيداً ليعلم لمن الفعل. قال أبو العباس: وهذا لا يكون إلا تقريباً،
وهو لا يعرف التقريب. والتقريب مثل كان، إلا أنه لا يقدم في كان، لأنه رد كلام فلا
يكون قبله شيء.
وقال
الكسائي: سمعت العرب تقول: هذا زيد إياه بعينه. فجعله مثل كان. وقالوا: تربع ابن
جؤية في اللحن حين قرأ: "هؤلاء بناتي هن أطهر لكم" وجعلوه حالاً، يعنى
أطهر. وليس و كما قالوا، هو خبر لهذا كما كان في كان، إلا أنه لا يدخل العماد مع
التقريب، من قبل أن العماد جواب والتقريب جواب فلا يجتمعان. وإذا صاروا إلى المكنى
جعلوه بين ها وذا فقالوا ها أنا ذا قائماً، وجاء في القرآن بإعادتها. ويقولون ها
نحن ألاء وها نحن هؤلاء، أعادوها وحذفوها. وهذا كله مع التقريب. ويحذفون الخبر
لمعاينة الإنسان، فقالوا: ها أنا ذا عمارا فحذف الخبر كأنه قال: ها أنا ذا حاضر أو
في هذا المكان. وإذا جاءوا مع هذا بالألف واللام كانت الألف واللام نعتاً لهذا،
فقالوا: هذا الرجل قائم. وقد أجاز أهل البصرة إذا كان معهوداً أن ينصب الفعل، وقد
أجازه أيضاً بعض النحويين، والفراء يأباه، وإنما نعتوا هذا بالأسماء فقالوا: مررت
بهذا الرجل ورأيت هذا الرجل، فجعلوه تابعاً لهذا؛ لأنه يكون بين يدي الرجل أجناس
فلا يدرى إلى أيها أشرت، فقلت هذا الثوب، هذا الرجل، هذه الدابة، فميزت هذا الجنس
من هذه الأجناس. ولذلك صارت الأجناس تابعة لهذا، وإذا جاء واحد لا ثاني له فقيل
هذا القمر، وهذا الليل، وهذا النهار، لم يكن إلا تقريباً. وقد تسقط، هذا فتقول:
كيف أخاف الظلم وهذا الخليفة قائماً، والخليفة قائم، فتدخل هذا وتخرجه فيكون
المعنى واحداً. وكلما رأيت إدخال هذا وإخراجه واحداً فهو تقريب، مثل قولهم: من كان
من الناس سعيداً فهذا الصياد شقياً، وهو قولك: فالصياد شقى، فتسقط، هذا وهو
بمعناه.
وقال أبو العباس: إذا أضفت الأوقات إلى مرفوع فارفع، وإلى منصوب فانصب. ويجوز ذا
في ذا، وذا في ذا.
آخر الجزء الأول من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحده
وصلواته على سيدنا محمد وأله وسلم آمين
الجزء الثاني
ثنا
أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، في يوم الثلاثاء لعشر بقين من المحرم، ثنا عمر بن
شبة قال: حدثني المدائني عن عامر أبي محمد، شيخ من بني تميم، قال: تكلم معاوية بن
صعصعة بن معاوية يوماً، فقال له صالح بن عبد الرحمن: لحنت. فقال له معاوية: أنا
ألحن يا أبا الوليد، والله لنزل بها جبيل من الجنة.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: وثنا عمر بن شبة قال: حدثني المدائني قال:
دخل عبد الله بن جعفر على معاوية، ومعه بديح، فقال لبديح: هات بعض هناتك. فغنى
بديح فحرك معاوية رجله، فقال ابن جعفر: ما هذا يا أمير المؤمنين? قال: إن الكريم
طروب.
وقال أبو العباس: النيرب: الذي يسعى بين الناس بالشر، وهو النمام؛ والنيرب؛ الرجل
الجليد، والنيرب: الشرير. والحشور: الخفيف من الرجال، وهو الهذلول.
ويقال رجل شرير وشرير. وقال: القفة: القصير من الرجال. والصمحمح: الشديد من
الرجال. والكندر: الغليظ الحادر. والألف... الضعيف. والألف: عرق في العضد.
السميدع: الموطأ الأكناف. الحنبل: القصير؛ والحنبل: الفرو. والكروس: الشديد العظيم
الهامة. والكروس: الحادر الخلق الجسيم الجسم، العبل المفاصل؛ وهو العترس؛ والجحاشر
نحوه.
والحزور: الغلام الذي لم يحتلم وقد راهق. الضفن والضفندد: الرجل الضخم. البهلول:
القريب المعروف، وكذلك المرأة؛ وامرأة بهلول. الأعثى: الكثير الشعر. الأحوث:
المكيث، وهو الألوث. والمقفعل: المنقبض من البرد. الفوهة من ألبان الإبل: الذي قد
ترك في السقاء ولم يأخذ طعماً.
وأنشد:
إنى لـتـبـاع لـهـا ألـوف |
|
إن قاسم مال بـه الـرغـيف |
لا نهل الطبخ ولا مجـلـوف |
|
حمراء من جلتهـا خـسـيف |
كأن ظبياً تحتهـا مـكـفـوف |
|
تدر والريح لهـا قـصـيف |
حين يقود المربع المـصـيف |
|
تصف أو تربى على الصفوف |
إذا
أتاها الحالب النجوف هو الجيد الحلب.
وأنشدنا أبو العباس أحمد يحيى ثعلب النحوى:
يسقط الطير حيث ينتثر الح |
|
ب وتغشى منازل الكرماء |
ليس يعطيك للرجاء ولا الخو |
|
ف ولكن يلذ طعم العطـاء |
وقال أبو العباس: أنشدني عبد الله بن شبيب:
وما الناس بالناس الذين عهدتـهـم |
|
وما الدهر بالدهر لذي كنت تعرف |
وما كل من تهوى يودك قلـبـه |
|
ولا كل من صاحبته لك منصف |
وقال
أبو العباس في قوله عز وجل: "وأقم الصلاة طرفي النهار" قال: بالغداة
والعشي. وأطراف النهار، الغداة والزوال والمغيب. "وزلفاً من الليل":
قطعاً من الليل؛ الزلفة: القطعة. وقوله تعالى: "ولا جنباً إلا عابري
سبيل" قال: إذا كان له بيت في المسجد فاحتاج أن يدخل إلى بيته جاز له.
ويقال ما عندي إلا خمسون دراهم، وإلا خمسون دراهم، وإلا خمسين دراهم، وإلا خمسين
دراهم. وأنشد: ومالي إلا آل أحمد شيعة وآل أحمد، يرويان جميعاً، ليس بينهما اختلاف
في رفعه ونصبه.
وقال: النضار: الخالص من كل شيء. النحيف: الردىء من كل شيء. وأنشد:
كأن تحتى كنـدرا كـنـادرا |
|
جأبا قطوطى ينشج الأساحرا |
قطوطى:
يقارب الخطو. والكندر: الغليظ الشديد.
الأمة: الدين. والإمة: النعمة.
"وليبين لكم بعض الذي" قال: تكون بمعنى كل، وبمعنى بعض. وأنشد للبيد:
تراك أمكنة إذا لـم أرضـهـا |
|
أو يرتبط بعض النفوس حمامها |
الأجزاء في القرآن
عن
محمد بن يعقوب السمرقند رحمه الله أخبرنا محمد بن الحسن ابن مقسم، ثنا أبو العباس
أحمد بن يحيى ثعلب، ثنا محمد بن يعقوب السمر قندي، ثنا أبو بكر الحميدي عبد الله
بن الزبير ثنا أبو الوليد عبد الملك بن عبد الله بن شعوة، عن إسماعيل بن عبد الله
بن قسطنطين، عن حميد الأعرج، أنه حسب حروف القرآن فوجد النصف الأول من القرآن
ينتهى إلى خمس وستين آية من سورة الكهف عند قوله تعالى: "هل أتبعك على أن
تعلمن مما علمت رشداً. قال إنك لن تستطيع" وهو الربع الثاني والسدس الثالث
والثمن الرابع والعشر الخامس. وصارت "معي صبراً" من النصف الآخر إلى أن
تختم القرآن.
والثلث الأول ينتهى إلى بعض إحدى وتسعين آية من براءة عند قوله: "كذبوا الله
ورسوله سيصيب" إلا الباء من سيصيب، وهو السدس الثاني والتسع الثالث، وصارت
الباء من سيصيب من الثلث الأوسط إلى بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت عند قوله
تعالى: "إلا بالتي هي أحسن إلا" وهو السدس الرابع والتسع السادس، وصارت
"الذين ظلموا" من الثلث الآخر إلى أن تختم القرآن.
والربع الأول ينتهي إلى أول آية من سورة الأعراف إلى قوله "للمؤمنين"
وهو الثمن الثاني، وصارت "اتبعوا" من الربع الثاني. والربع الثاني ينتهى
إلى "لن تستطيع" حيث انتهى النصف الأول. والربع الثالث إلى بعض مائة
وثمان وأربعين آية من سورة الصافات عند فمتعناهم، وهو الثمن السادس، وصارت إلى حين
من الربع الآخر. والربع الآخر إلى أن يختم القرآن.
والخمس الأول ينتهى إلى بعض اثنتين وثمانين آية من سورة المائدة عند قوله تعالى
"أن سخط الله عليهم" وهو العشر الثاني، وصارت "وفي العذاب هم
خالدون" من الخمس الثاني. والخمس الثاني ينتهي إلى بعض ست وأربعين آية من
سورة يوسف عند قوله تعالى "لعلى أرجع إلى الناس" وهو العشر الرابع،
وصارت "لعهلم" من الخمس الثالث. والخمس الثالث ينتهي إلى بعض إحدى
وعشرين آية من سورة الفرقان، عند قوله تعالى "أو نرى ربنا"، وهو العشر
السادس، وصارت "لقد استكبروا" من الخمس الرابع. والخمس الرابع ينتهي إلى
بعض خمس وأربعين آية من سورة السجدة عند قوله تعالى "من عمل صالحاً فلنفسه
ومن" وهو العشر الثامن، وصارت "أساء فعليها" من الخمس الآخر.
والخمس الآخر إلى أن تختم القرآن.
والسدس
الأول إلى بعض إحدى وأربعين ومائة آية من سورة النساء عند قوله تعالى "إلى
الصلاة قاموا" وصارت كسالى في السدس الثاني. والسدس الثاني ينتهي إلى إحدى
وتسعين آية من سورة براءة في سيصيب إلا الباء، وهو الثلث الأول والتسع الثالث.
وصارت الباء من سيصيب من السدس الثالث. والسدس الثالث ينتهى إلى بعض خمس وستين آية
من سورة الكهف عند قوله تعالى "لن تستطيع"، وهي النصف الأول والربع
الثاني والثمن الرابع والعشر الخامس، وصارت "معي صبرا" من السدس الرابع.
والسدس الرابع ينتهى إلى بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت عند قوله تعالى
"بالتي هي أحسن إلا" وهو السبع السادس، وصارت "الذين ظلموا"
من السدس الخامس. والسدس الخامس ينتهي إلى بعض أربع وثلاثين آية من حم الجاثية عند
قوله تعالى "فاليوم لا يخرجون منها" وصارت ولاهم من السدس الآخر، والسدس
الآخر ينتهى إلى أن تختم القرآن.
والسبع الأول ينتهى إلى بعض ست وخمسين آية من سورة النساء عند قوله تعالى:
"أزواج مطهرة وند"، وصارت خلهم من السبع الثاني. والسبع الثاني ينتهي
إلى بعض سبع وستين ومائة آية من الأعراف عند قوله تعالى "إن ربك لسريع
ال" وصارت "عقاب" من السبع الثالث. والسبع الثالث ينتهى إلى بعض
أربع وعشرين آية من سورة إبراهيم عند "وما كان لي علي" وصارت
"كم" من السبع الرابع. والسبع الرابع ينتهى إلى بعض سبع وأربعين آية من
سورة المؤمنين عند "ولقد آتينا موسى الكتاب" وصارت "لعلهم
يهتدون" من السبع الخامس. والسبع الخامس ينتهى إلى بعض ثماني عشرة آية من
سورة سبأ عند "قرى ظاهرة وقدر" وصارت "نا" من السبع السادس.
والسبع السادس ينتهى إلى أن تختم آيتين من سورة الحجرات عند "وأنتم لا تشعرون"
وصارت "إن الذين يغضون" من السبع الآخر. والسبع الآخر انتهى إلى أن تختم
القرآن.
والثمن الأول انتهى إلى بعض مائة وخمس وتسعين آية من آل عمران عند قوله "متاع
قليل ثم مأ" وصارت "واهم" من الثمن الثاني. والثمن الثاني انتهى
إلى انقضاء أول آية من سورة الأعراف عند "وذكرى للمؤمنين" وهو الربع
الأول، وصارت "اتبعوا" من الثمن الثالث. والثمن الثالث ينتهي إلى بعض
سبع وثلاثين آية من سورة هود عند قوله وفار وصار التنور من الثمن الرابع. والثمن
الرابع ينتهي إلى بعض خمس وستين آية من سورة الكهف عند قوله تعالى "إنك لن
تستطيع" حيث انتهى النصف الأول والربع الثاني والسدس الثالث والعشر الخامس.
وصارت معي صبراً من الثمن الخامس. والثمن الخامس ينتهي إلى الياء من ينقلبون آخر
سورة الشعراء، وصارت تقلبون من الثمن السادس. والثمن السادس ينتهي إلى بعض مائة
وثماني وأربعين آية من سورة الصافات عند فمتعناهم وهو الربع الثالث وصارت إلى حين
من الثمن السابع. والثمن السابع ينتهي إلى أن يختم أول عشر من سورة النجم
"إلى عبده ما أوحى" وصارت "ما كذب الفؤاد" من الثمن الآخر.
والثمن الآخر إلى أن يختم الآخر.
والتسع الأول ينتهي إلى بعض مائة وثلاث وأربعين آية من سور آل عمران، عند قوله
تعالى "فقد رأيتموه أو" وصارت "نتم تنظرون" من التسع الثاني:
والتسع الثاني ينتهي إلى بعض أربع وخمسين آية من سورة الأنعام، عند "عليهم من
بيننا" وصارت "أليس الله بأعلم بالشاكرين" من التسع الثالث. والتسع
الثالث ينتهي إلى بعض إحدى وتسعين آية من سورة براءة عند سيصيب إلا الباء، وهو
الثلث الأول والسدس الثاني، وصارت آلباء من سيصيب من التسع الرابع. والتسع الرابع
ينتهي إلى بعض إحدى عشرة آية من سورة النحل عند "ومن كل الثمرات إن في"
وصار ذلك من التسع الخامس. والتسع الخامس انتهى إلى بعض ثمان وعشرين آية من سورة
الحج عند "وأحلت لكم الآ" وصارت نعام من التسع السادس. والتسع السادس
إلى بعض ست وأربعين آية من سورة العنكبوت عند "إلا بالتي هي أحسن إلا"
وهو الثلث الأوسط، والسدس الرابع، وصارت "الذين ظلموا" من التسع السابع.
والتسع السابع انتهى إلى بعض تسع آيات من أول سورة المؤمن عند "لمقت الله
أكبر من مقتكم أن" وصارت "فسكم" من التسع الثامن. والتسع الثامن
انتهى في بعض سبع عشرة آية من أول سورة الواقعة عند "وقليل من الآخرين.
على" وصارت سرر من التسع الآخر. والتسع الآخر إلى أن تختم القرآن.
والعشر
الأول انتهى إلى بعض إحدى وتسعين آية من سورة آل عمران عند " حتى تنفقوا
مما" وصارت "تحبون" من العشر الثاني. والعشر الثاني انتهى إلى بعض
إحدى وثمانين آية من سورة المائدة عند "أن سخط الله عليهم" وهو آخر
الخمس الأول، وصارت "وفي العذاب" من العشر الثالث. والعشر الثالث ينتهي
إلى بعض اثنتين وثلاثين آية من سورة الأنفال عند "حجارة من السماء أو
ائتنا" وصارت "بعذاب أليم" من العشر الرابع. والعشر الرابع ينتهي
إلى بعض ست وأربعين آية من سورة يوسف عند قوله "لعلى أرجع إلى الناس"
وهو الخمس الثاني، وصارت لعلهم من العشر الخامس. والعشر الخامس ينتهي إلى خمس
وستين آية من سورة الكهف عند قوله تعالى "إنك لن تستطيع" وهو النصف
الأول والربع الثاني والسدس الثالث والثمن الرابع، وصارت "معي صبراً" من
العشر السادس. والعشر السادس ينتهي إلى بعض إحدى وعشرين آية من سورة الفرقان عند
"أو نرى ربنا" وهو الخمس الثالث، وصارت "لقد استكبروا" من
العشر السابع. والعشر السابع ينتهي إلى بعض إحدى وثلاثين آية من سورة الأحزاب عند
وتعمل وصارت صالحاً من العشر الثامن. والعشر الثامن ينتهي إلى بعض خمس وأربعين آية
من سورة حم السجدة عند فلنفسه ومن وهو الخمس الرابع، وصارت أساء فعليها من العشر
التاسع. والعشر التاسع ينتهي إلى بعض خمس وعشرين آية من سورة الحديد عند "في
ذريتهما النبوة والكتاب" وصارت "فمنهم مهتد" من العشر العاشر.
والعشر العاشر ينتهي إلى آخر القرآن.
تم أجزاء القرآن وأنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب:
إذا قلت أسلو عاودتني مبيئة |
|
لها بين جلدى والعظام دبيب |
مبيئة:
مهلكة، أباءه: أهلكه.
وقال في قوله تعالى: "وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى
يستأذنوه" قال: إذا اجتمعوا على أمر من أمر الدين لم يتفرقوا إلا عن إذنه.
وأنشد:
تظل مقاليت النسـاء يطـأنـه |
|
يقلن ألا يلقى على المرء مئزر |
قال:
هذا قتيل شريف فإذا قتل وطئته النساء يزعمن أنهن يلدن مثله.
وأنشد:
ظللنا بمستن الحرور كـأنـنـا |
|
لدى فرس مستقبل الريح صائم |
قال: هذا بيت نصبوه على أرماح ليستظلوا به فطيرته الريح.
أغر من البلق الجياد يشـفـه |
|
أذى البق إلا ما احتمى بالقوائم |
قال:
رجع إلى صفة الفرس.
وأنشد:
هيهات ما سفهت أمية رأيها |
|
فاستجهلت حلماءها سفهاؤها |
قال:
استخفت السفهاء حتى جهلت الحلماء.
وأنشد:
أرجزا تريد أم قريضاً |
|
أم هكذا بينهما تعريضا |
كلاهما
أجيد مستريضا قال: رفع كلاهما وهو في موضع نصب، وكلا يرفع في موضع النصب.
والبصريون يقولون: رفع كلا برجوع الهاء.
قول سيبويه والأخفش "سواء عليهم أأنذرتهم": هذا الاستفهام دخل لموضع
سواء.
إذا قيل زيد قام أم عمرو.
الملطى: الشجة، قضى فيها عثمان عليه السلام بأربع من الإبل.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: قال الأخفش: قام امرجل، يريد الرجل. قال أبو
العباس: هذه لغة للأزد مشهورة.
"فسجدوا إلا إبليس" قال: إن كان إبليس من الملائكة فهو متصل، وإن لم يكن
فهو منقطع. "كان من الجن" قال: كل ما استتر فهو من الجن الشكيمة: الخلق؛
وشكمته: أعطيته.
ويقال الجبلة والجبل، والجبلة، والجبل والجبل مثقل ومخفف، والجبلة.
أبيت اللعن تحية الملك. اللعن نصب، والخفض خطأ.
يقال بان من المكان، إذا تنحى، بيناً وبينونة. قال: وقد باز، بالزاي.
وأنشد:
حبوس كفتنا الضيف إلا وساده |
|
إذا ضم بين النقبتين الجوالق |
قال:
تحبس الضيف لكثرة لبنها. قال: إلا وساده أي لا يأخذ منها وبراً. قال: وشبه خلفها
بالجوالق.
دين القيمة قال: الأمة القيمة.
وأنشد:
حتى إذا قملت بطونكم |
|
ورأيتم أبناءكم شبـوا |
وقلبتم ظهر المجن لنا |
|
إن اللئيم العاجز الخب |
قال:
قملت: كثرت. وأدخل الواو في قلبتم.
قال بعضهم: هي مقحمة، يريد: قلبتم لنا.
وأنشد:
أتيت بعبد الله في القد موثقا |
|
فألا سعيداً ذا الخيانة والغدر |
قال:
كان الكسائي يخفض وينصب، وكان الفراء يكره الخفض.
وقال: من نصب سعيداً أضمر فعلاً مثل أتيت، أي فائت ذا
والنصب
لا يختلف فيه، والاختلاف في الخفض. قال: ومن خفض شبه ألا بالنسق. والفراء يستقبحه
ويجيزه.
وأنشد:
الان بعد بحاجتي تلحوننـي |
|
هلا التقدم والقلوب صحاح |
فالنصب
معناه هلا تقدمتم، وهو مثل الأول. ومن رفع التقدم رفعه بموضع الواو.
وأنشد:
إذا نهى السفيه جرى إلـيه |
|
فخالف والسفيه إلى خلاف |
قوله
جرى إليه، أي جرى إلى السفه، واكتفى بالفعل من المصدر.
وأنشد:
فلا تذهبا عيناك في كل شرمح |
|
طوال فإن الأقصرين أمازره |
قال
الكسائي: أمازره، أي أمازر ما ذكرنا. والفراء يقول: الأقصرين والأقصر منك، رده على
المعنى. قال: والمزير: الظريف؛ وهو العاقل.
وأنشد:
حسبت بغام راحلتي عنـاقـاً |
|
وما هي ويب غيرك بالعناق |
فإني لو رميتك عن قـريب |
|
لعاقك عن دعاء الذئب عاق |
قال:
يصف ذئباً أراد أن يثب على ناقته.
ويقال: ويبك، وويبك، وويب بك، وويب غيرك.
وأنشد:
يقولون جاهد يا جميل بغزوة |
|
وإن جهاداً طيىء وقتالهـا |
أراد: إن الجهاد جهاد طي وقتال طي. والإنسان لا يكون جهادا. ومثله:
وكيف يصاحب من أصبحت |
|
خلالته كأبـي مـرحـب |
يريد كخلالة أبي مرحب. قال: يحذفون المضاف إذا تقدم، كما تقول: الفقه أبو حنيفة، والنحو الكسائي. يريد الفقه فقه أبي حنيفة، والنحو نحو الكسائي.
مجلس
قال
أبو العباس أحمد بن يحيى: يقال بئر عيلم: كثيرة الماء، والضفدع غيلم بالغين، وكذلك
السلحفاة غيلم أيضاً.
والغيلم: المرأة الواسعة، والبئر أيضاً كذلك غيلم: واسعة.
وأنشد:
أبى حب لبنى أن يرى بي صحة |
|
يد الدهر، أو يرجو حياتي آمل |
فأصبحت مثل الحلس يقتاد نفسه |
|
خليعاً تناصيه أمـور جـلائل |
وما ذكرت يوماً لها من سمـية |
|
من الدهر إلا اعتاد عيني واشل |
أي
أنا أبداً سقيم من حبها.
يقال به ضمانة وزمانة، إذا كان به حب.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "بئس ما قدمت لهم أنفسهم" قال: قال
الكسائي: بئس الذي قدمت لهم السخط، وكأنه بئس الشيء شيء قدمت لهم أنفسهم. وليس
بشيء. وقال الفراء: بئس ما يرفع ما ببئس، ولا يجوز بئس الذي قام زيد.
ويقال أسفل الوادي معشب، وأسفل الوادي عشب، وأسفل الحائط آجر، إذا كان أسفله كله،
وإذا كان فيه شيء من آجر قيل أسفل الحائط آجر.
وأنشد:
فأقسم ما خوض العيون شـوارف |
|
روائم أظآر عكفن على سـقـب |
تشممنه لو يستطعن ارتـشـفـنـه |
|
إذا سفنه يزددن نكباً على نـكـب |
بأوجل مني يوم ولت حمـولـهـم |
|
وقد طلعت أولى الركاب من النقب |
وحل بقلبي من جوى الحـب مـيتة |
|
كما مات مسقى الضياح على ألب |
قال
أبو العباس: يقال ألب يألب، ويألب، إذا اجتمع. وأنشد: قد أصبح الناس علينا ألبا أي
قد اجتمعوا علينا. يقول: اجتمع عليه ومنع من الشرب.
ويقال أجبي مثل أربى، إذا باع الزرع قبل أن يدرك الحصاد. والوراط: أن يورط إبله في
إبل أخرى أو في مكان لا ترى، وهو أن يغيبها فيه.
ويقال ضربه فهوره، وجوره، وقطله، وقعطله، وجرعبه، وبركعه، وجعفله، وبرثعه، إذا
صرعه.
وأنشد:
ومن رمينا عزه تبركـعـا |
|
على استه روبعة أو روبعا |
والروبع:
وجع يأخذ في القوائم فيقعد.
قال أبو العباس: وإذا أفرد الصفة رفع: زيد خلف، وزيد قدام، وزيد فوق، الصفة تؤدى
عن الفعل، فإذا أضاف أدت وقامت مقام الفعل والمكنى. قال: وإذا جاء في الشعر بخلاف
ذا قيل شاذ.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: أنشدني عبد الله بن شبيب قال أنشدني محمد بن
إبراهيم، لامرأة بدوية:
فلو أن ما ألقى وما بي من الهوى |
|
بأرعن ركنـاه صـفـاً وحـديد |
تفطر مـن وجـد وذاب حـديده |
|
وأمسى تراه العين وهو عمـيد |
ثلاثون يومـاً، كـل يوم ولـيلة |
|
أمـوت وأحـيا، إن ذا لـشـديد |
مسافة أرض الشام ويحك قربـى |
|
إلـينـا ابـن جـواب أريد يزيد |
فليت ابن حواب من الناس حظنا |
|
وأن لنا في النار بعـد خـلـود |
قال:
قولها أريد يزيد أي هو يزيد على الاستنئاف، وذلك جائز. قال: وقولها "وأن لنا
في النار بعد خلود" قال: رفع على الاستئناف. وحكى الكسائى والفراء جميعاً
"إن فيك زيد راغب" وقالا: بطلت إن لما تباعدت.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: وأنشدني زبير لسباع بن كوثل
السليمى:
نظرت إلى مي خلاساً عشـية |
|
على عجل والكاشحون حضور |
كذا مثل طرف العين ثم أجنهـا |
|
رواق أتى من دونها وستـور |
فقالت : حذار القوم إن نفوسهم، |
|
وعيش أخى، وجداً عليك تفور |
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: وأنشدني زبير لعبد الله ابن مصعب:
لما رأيتك قد مللـت مـودتـي |
|
أليت فيك بأعـظـم الأيمـان |
إني كذاك إذا تنكر صاحـبـي |
|
داويته بالصرم والـهـجـران |
فلقد تدوم لذي الصفاء مودتـي |
|
وإذا لويت بـتـت ذا الـلـيان |
وأكف عن بغض الصديق تكرماً |
|
نفسي، وما دهري له بهـوان |
فأفارق الخلان عن غير القلـى |
|
وأميت نشر السر بالكتـمـان |
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: أنشدني عبد الله بن شبيب قال: أنشدني محمد بن الحسن العقيلي:
ما استضحك الحسن إلا من نواحيك |
|
ولا اغتذى الطيب إلا من تراقيك |
عن مقلتيك رأينا الحسن مبتسـمـاً |
|
زهراً كما ابتسم المرجان من فيك |
يا بهجة الشمس ردي غير صاغرة |
|
على قلباً ثوى رهنـاً بـحـبـيك |
ما استحسنت مقلتي شيئاً فأعجبهـا |
|
إلا رأيت الذي استحسنتـه فـيك |
إذ منك يبتسم الإقبال عن غـصـن |
|
لدن ويضحك عن دعص توالـيك |
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: وحدثني ثابت بن عبد الرحمن قال: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى زياد: إذا جاءك كتابي فأوفد إلى ابنك عبيد الله. فأوفده عليه فما سأله عن شيء إلا أنفذه، حتى سأله عن الشعر فلم يعرف منه شيئاً، قال: ما منعك من روايته? قال: كرهت أن أجمع كلام الله وكلام الشيطان في صدري. قال: أغرب، والله لقد وضعت رجلي في الركاب يوم صفين مراراً، ما يمنعني من الانهزام إلا أبيات ابن الإطنابة حيث يقول:
أبت لي عفتي وأبى بـلائي |
|
وأخذى الحمد بالثمن الربيح |
وإعطائي على الإعدام مالي |
|
وإقدامي على البطل المشيح |
وقولي كلما جشأت وجاشت |
|
مكانك تعذري أو تستريحي |
لأدفع عن مآثر صالـحـات |
|
وأحمى بعد عن أنف صحيح |
وكتب
إلى أبيه: أن روه الشعر. فرواه فما كان يسقط، عليه منه شيء.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: أصل اليتم الغفلة، ومنه سمى اليتيم، لأنه يغفل عنه.
قال: والأبكم الذي يولد لا يسمع ولا يبصر.
وقال أبو العباس: يقال وقع في روعى، وخلدي، ووهمي؛ بمعنى واحد.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حدثني أبو العالية قال: نزل الكروس الهجيمي
بشيخ من بني الهجيم، يقال له عرف، فأكرمه وأحسن قراه، فغدا يهجوه فقال:
لو كان عوف مجرباً لعـذرتـه |
|
ولكن عوفاً ذو حـلـيب ورائب |
لدى روضة قرحاء برقاء جادها |
|
من الدلو والوسمى طل وهاضب |
قال: القرحاء: التي بدا نبتها؛ وقريحة كل شيء: أوله. وبرقاء: فيها لونان من النبت.
كأن الذباب الأزرق الحمش وسطها |
|
إذا ما تغنى بالعـشـيات شـارب |
قال: وإذا كثر النبت كثر الذباب.
عقاراً غذاها البحر من خمر عانة |
|
لها سورة في رأسه ذات صالب |
إذا الضيف ألقى نعله عن شمالـه |
|
طروقاً وصلى كف أشعث ساغب |
صلى يده من شدة البرد بالنار.
رأى آنفاً دغما قباحاً كأنهـا |
|
مقاديم أكيار ضخام الأرانب |
قال: مقاديم الكيران تسود من النار، جمع كور. دغم: سود.
تحوز منى أمهـم أن أضـيفـهـا |
|
كما انحازت الأفعى مخافة ضارب |
أناس يبيت الضيف قدام أهـلـهـم |
|
مكباً تخطله عظام الـمـحـالـب |
قدام
أهلهم: لا يخلطونه بهم، أي هو دونهم.
ولا يستوى الآباء للضـيف آنـس |
|
كريم وزاو بين عينـيه قـاطـب |
لهم وجبة عند الدخـيل إذا رمـى |
|
به الليل في غبراء طلس الكواكب |
فبلغ الشعر عوفاً وكان مفحما، فقال: اللهم إني لا أقول الشعر، وقد هجاني ظالماً، فانصرني عليه. فلم ينم حتى قال الشعر، فقال:
على كل من حل اللوى لكروس |
|
من الناس حق في النزالة واجب |
قال أبو العباس: وللنزالة
إذا ما غدا من أهله نحو ضيفـه |
|
إلى الجيرة الأدنـين لابـد آيب |
جرى على قرع الأساود وطـؤه |
|
سميع برز الكلب والكلب ناضب |
إذا أوقدت نار لوى جلد أنـفـه |
|
إليها ليستنشى ذرا كل حاطـب |
قال: يرويه يستنشى، ويستشرى جميعاً. قال: وأنشدني هذه القصيدة السدرى:
أتانا فلم نفرح بطـلـعة وجـهـه |
|
طروقاً وصلى كف أشعث ساغب |
فقلنا: أمن قبر خرجت سكـنـتـه |
|
لك الويل أم أدمنت جحر الثعالب |
فقال: أصابتني من الـعـام لـزبة |
|
وهنت فلم أنكر على أم صاحـب |
يرد على كفيه أخـلاق شـمـلة |
|
له جانب منها وللـريح جـانـب |
يحك كدوح القمل تحت لـبـانـه |
|
ودفيه، منها دامـيات وجـالـب |
فأبرز طاهـينـا لـه هـجـرية |
|
وفى كيلها بالقنقل المـتـراغـب |
وجئنا بشيزى من حمـيز نـبـيلة |
|
تداوى دخيل الجوع من كل ساغب |
فلما وضعناهـا أمـام لـبـانـه |
|
تبسم عن مكروهة الثعل عاصب |
كأن ضغيب المحض في حـاويائه |
|
مع التمر أحياناً ضغيب الأرانـب |
وقال
ابن الأعرابي: يقال وضم بنو على بني فلان، وهم يريدون أن يضموا عليهم، أي يريدون
أن يحلوا عليهم. وقال: الحي وضمة واحدة: متقاربة؛ فذلك الوضوم.
وقال: وقبيح بالقوم أن يتنكبوا عن عذرة الحي، ومحبس بهمهم، ومرتع عوائذهم.
والعذرات: الأفنية والمجالس. والعوائذ: التي معها أولادها.
وقال: والهلائى أكثر من الوضمة، ويقال الوضيمة، وهم القوم ينزلون على القوم. وواحد
الهلاثى هلثاة، مثل سلعاة وسلاعى. وتقول: أتينا هلثاة منهم، أي جماعة منهم؛
والهلاثى: الجماعات.
وتقول: نظرت إليه عرض عين، أي اعترضته على عيني. وتقول: ثكمت آثار القوم ثكماً
وأنا أثكمها، أي أقتصها. ويقال كثمت آثار القوم وأنا أكثمها كثماً، يقول: اقتصصت
آثارهم قصصاً. وتقول للرجل إذا بطن: إنه لأيهم أكثم. والأكثم: الشبعان. قال أبو
العباس: ويقال أكتم بالتاء أيضاً، والمرأة كتماء. والأيهم: الأعمى؛ واليهماء:
العمياء. ومن ثم قيل للأرض يهماء لا أثر فيها ولا جادة ولا علم. وقال: الجنن:
الكفن. وأنشد قول الشاعر:
ما إن أبالي إذا ما مت ما صنعوا |
|
أأحسنوا جننى أم لم يجنـونـي |
وأنشد:
أسوق بالأعلاج سوقاً بائصا السوق البائص: السريع. وتقول، باصني القوم وهم يبوصونني
بوصاً. وتقول: والله لا تبوصني بحقي، أي لا تفوتني.
وتقول: إني لزلز بمجلسي هذا. والزلز: الغرض.
وتقول للمرأة الرود والروؤد التي تدخل بيوت الحي، وهي الطوافة: توقري يا زلزة.
وقال أبو رزمة:
ما عفر الليال كـالـدآدى |
|
ولا توالى الخيل كالهوادى |
فأما
عفر الليالي فإن العرب تسمى البيض عفراً، وتسمى ليلة ثمان وعشرين، وتسع وعشرين،
وثلاثين: الدآدى، والواحدة دأداءة. وهوادى الخيل: أعناقها. وتواليها: مآخيرها.
وتقول العرب: إنه لخبيث التوالي، وإنه لسريع التوالي. قال وتوالي الفرس: مآخيره،
ذنبه ورجلاه. والتوالي: توالى الظعن، وهي آخرها. وتوالي الإبل: آخرها وهذا مثل
قولهم: ليس قدامي النسر كالخوافي قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: وقال
ابن الأعرابي في صفة القوس: في القوس ظفرها وطرقتها وفرضتها- وهو حزها- وفيها
سيتها التي ذكرنا، وهو طرفها المعطوف المعقوب. قال ابن الأعرابي: ويقال سوءة، تضم
وتهمز. وفيها طائفاها، وهما دون السيتين. وفيها أبهراها، وهما دون الطائفين. وفيها
كبدها، وهو معقد سير علاقتيها. وفيها كليتاها، وهما معقدا سيرها. وفيها عجسها
ومعجسها، وهو موضع السهم عليها. وفيها مصائصها وهو ما بل وشد عليها من العقب.
وفيها نعلها، وهي الجلدة التي على ظهر السية. قال ابن الأعرابي: جلدها الذي على
ظهرها كله. ويدها أعلاها، ورجلها أسفلها. ووحشيها: الجانب الذي لا يقع عليه السهم.
وإنسيها: الذي يقع عليه السهم. وإطنابتها: سيرها الذي في رجلها، يشد من الوتر على
فرضتها. وغفارتها: جلدة على حزها تحت الوتر. قال أبو العباس: قال ابن الأعرابي:
وإنما تنشق من القسي العيدان التي لم تفلق، وهي خير القسى، وأما الفلقة فلا تنشق. ثم
الوتر، وهو على أربع قوى وثلاث قوى، فإذا غلظ الوتر قالوا حبجر، فإذا دق فهو شرعة،
وجماعه شرع. قال: وقد يكون الوتر لاصقاً بعجسها، وإنما يكون ذلك عند النضال، فإذا
كان الحرب أو الصيد بوعد الوتر عن عجسها شيئاً، وذلك لقرب المرمى. قال ابن
الأعرابي: وأجود الرمى أن ينزع بثلاث أصابع، وهو أشد الرمى وأجوده، قال: وقد يكون
أن يرمى بإصبعين. ومن الرمى ما تنصب له القوس نصباً، ومنه ما تمال بعض الإمالة،
ومنه ما تعرض له عرضاً. هذا آخر القوس.
قال: ويقال رجل قنعان أي يقنع به ويرضى برأيه، وامرأة قنعان، ونسوة قنعان، لا يثنى
ولا يجمع ولا يؤنث. ورجل قنيع، وامرأة قنيع، وكذلك رجل مقنع، وقوم مقنع. ويقال
امرأة قنيعة، والجمع قنعاء يا هذا، وقنيعون، وللنساء قنائع، وقد يثنى ويجمع. ويقال
رجل قنعان منهاة، أي يقنع برأيه وينتهى إلى أمره.
وقال: أهل الحجاز يقولون: مبرورا مأجوراً؛ وتميم: مبرور مأجور. وقد برحجك وبر وأبر
الله حجك. وقد بر النسك وبر. وقد بررت والدى أبره براً، وقد بررت في يميني بروراً
وبراً. ويقال أبر الله يمينه يبرها إبرارا.
قال أبو العباس: قولك إذا تزرني أزرك، يجوز في الشعر. وأنشد:
وإذا نطاوع أمر سادتا |
|
لا يثننا بخل ولا جبن |
وقال
في عضين: يقال عضة وعضين، مثل لغة ولغين، وبرة وبرين، وقضة وقضين. فجاء به على
النقص وجاء بالجمع على الحذف.
وقال: الندبة تنون، والترخيم يجوز أن ينون ويجوز أن لا ينون. وربما... وأنشد:
سلام الله يا مطراً علـيهـا |
|
وليس عليك يا مطر السلام |
قال:
وربما قالوه وردوه إلى أصله. وقالوا: أراد يا مطراه.
قال: وقد يجمع عضة على غير هذا الجمع فيقال عضة وعضاه مثل شفة وشفاه.
قال أبو العباس: ويقال فعلت ذاك من جراك وإجلك وأجلك، وإجلالك وجلالك، وجللك، ومن
أجل جراك. وأنشد:
فما ذو فقار لا ضلوع لجوفه |
|
له آخر من غيره ومـقـدم |
قال:
يصف رمحاً.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: وأنشدني أبو المنهال:
لها وجـه قـرد إذا زينـت |
|
ووجه كبيض القطا الأبرش |
وثدي يجول على بطنـهـا |
|
كقربة ذي الثلة المعطـش |
وفخذان بينهمـا نـفـنـف |
|
تجيز المحامل لا تـخـدش |
وساق بخلخالـهـا خـاتـم |
|
كساق الدجاجة أو أحمـش |
لها ركب مثل ظلف الغزال |
|
أشد اصفراراً من المشمش |
وأرسح من ضفـدع غـثة |
|
تحير في مأجلى مرعـش |
قال: المأجل والماجل: الماء المستنقع. ومرعش: بلدة.
منيت بزمردة كالعصـا |
|
ألص وأخبث من كندش |
الكندش: العقعق.
تحب النساء وتأبى الرجـال |
|
وتمشى مع الأخبث الأطيش |
وأنشد:
وإنك قد حملت علـى جـواد |
|
رمت بك ذات غرز أو ركاب |
قال:
شبه المرأة إذا نفرت من الرجل بنفار الفرس.
وانشد أبو العباس:
ليست بسنـهـاء ولا رجـبـية |
|
ولكن عرايا في السنين الجوائح |
قال:
السنهاء التي تحمل سنة وسنة لا. والرجبية التي يخاف سقوطها، فيعمل لها رجبة.
والعرايا: التي توهب وتطعم الناس.
وقال أبو العباس: المرثت أن يحمل من المعركة وبه رمق، فإن كان قتيلاً فليس بمرتث.
قال لبيد:
فارتث كلماهم عشية هزمهم |
|
حي بمنعرج المسيل مقـيم |
قال:
جعله منعرجاً لأنه لا يصيبه السيل. وقال: أكلتهم الضباع.
أخبرنا محمد قال وثنا أبو العباس قال أبو عبد الله: الأكار في كلام الأنصار:
الخبير. وأنشد:
نجذ رقاب الأوس من كل جانب |
|
كجذ عقاقيل الكروم خبيرهـا |
العقاقيل:
ما عقل وعرش. وقال: الخبرة: النصيب. وقال ابن الأعرابي: إنما سميت خيبر من ذا،
يعني الأكار.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل: "لقد تاب الله على
النبي". قال: غفر له ما تقدم من الجاهلية قبل أن يوحى إليه بأربعين سنة، إنما
كانت مخايل ثم أوحى إليه. وأنشد:
وما كنت أخشى الدهر أحلاس مسلم |
|
من الناس ذنباً جاءه وهو مسلـمـا |
قال:
إحلاس: إلزام. يقول: ما كنت أخشى إلزام مسلم مسلماً ذنباً جاءه هو وهو. معناه ما
كنت أظن أن إنساناً ركب ذنباً هو وآخر ثم نسبه إليه دونه.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "سامراً تهجرون". قال: وحد سامراً لأنه
يقال: قوم سامر ورجل سامر، مثل قوم زور ورجل زور. وقال: تهجرون: تهذون؛ وتهجرون:
تقولون القبيح.
وأنشد:
أنجب أيام والـداه بـه |
|
إذا نجلاه فنعم ما نجلا |
أراد
أن يكرر اليوم. معناه أنجب والداه به أيام إذ نجلاه. قال: وجعل به مرافعاً
للوالدين. وإذا وأيام من صلة أنجب.
ويقال أزهد الرجل، أي قل ماله، وأوتح وأشقن وأوعر أيضاً. وقال: الزعيم، والصبير،
والحميل، والأذين، والكفيل. والأميل: الذي لا يثبت في سرجه. والزعيم: الرئيس. و:
الزعامة للغلام : الرياسة. وقال: الميثخة: الدرة.
قال: مررت بالذي أخيك يجعل الذي مثل الرجل. وأنشد:
هابوا لقومهم السلام كأنهم |
|
لما تفانوا أهل دين محتر |
دين
محتر: مستأصل، أي قليل.
ويقال ذنابة الوادي، وذنب الدابة، وذنابي الطائر. والذنوب: الدلو الملأى ماء،
ويقال الدلو العظيمة. قال علقمة:
وفي كل حي قد خبطت بنعمة |
|
فحق لشأس من نداك ذنـوب |
ومنه:
"وإن للذين ظلموا ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم".
وقال أبو العباس: وقال المفضل: العرب تقول للغلام إذا بلغ عشر سنين: رمى، أي قويت
يده؛ فإذا بلغ عشرين قالوا: لوى، أي لوى يد غيره؛ فإذا بلغ ثلاثين قالوا: عوى-
قال: وعوى أشد من لوى قليلاً. فإذا بلغ الأربعين قالوا: استوى؛ فإذا بلغ الخمسين
قالوا: حرى أن ينال الخير كله.
قال أبو العباس: وقال لنا يعقوب: بيوت العرب ستة. قبة من أديم ومظلة من شعر، وخباء
من صوف، وبجاد من وبر، وخيمة من شجر، وأقنة من حجر.
وقال: قال أبو العميثل: قيل لأعرابي: أي الخيل أجود? قال: المقبلات كالقنا،
المعرضات كالدبا، المترصات كالنوى، المدبرات كالقرى. قال: هو من القرى، وهو الطريق
في الماء.
قال: وقال ابن الأعرابي: أنشدونا: ليس ذنابي الطير كالقوادم ومثله: ليس ذرا الجمال
كالمناسم ويقال لليلة ثلاثين الليلاء، وهو قولهم ليلة ليلاء. ويوم أيوم. واليوم
الأيوم: آخر يوم في الشهر.
وأنشد:
تدراكه في منصل الأل بعـدهـا |
|
مضى غير دأداء وقد كاد يعطب |
وقولهم:
منصل الأل، فإنهم كانوا ينزعون أسنتهم في رجب؛ إعظاماً له، لا يتغاورون فيه.
والغفر: النكس. قال: ويقال نكس مثقلة. ويقال انتكس فلان من وجعه ثم غفر. قال
الشاعر:
خليلي إن الدار غفر لذي الـهـوى |
|
كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم |
والغفر: شعر يكون في العنق وفي الحيين والقفا. وأنشد:
دعت نسوة شم العرانين كالدمى |
|
أوانس لاشعثاً ولا غـفـرات |
وتقول
العرب: هو منك أدنى ذي ظلم، وأدنى ظلم، وأدنى ظلم، وأدنى واضح، أي وضح لك. ويقال
الظلم: الشبح. ويقول بعض العرب إذا لقى بعضاً فتهدد: اليوم ظلم، أي أتى حقاً.
وتقول: ما هو إلا على خلق واحد من شب إلى دب، ومن شب إلى دب. يعني مذ كان شاباً
إلى أن دب على العصا.
وتقول العرب: ذهب بين الصحوة وبين السكرة، أي بين أن يعقل وبين ألا يعقل. وأنشد:
قالت لها أخت لها نصحت |
|
ردى فؤاد الهائم الصـب |
قالت ولم، قالت لذاك وقد |
|
علقتكم شـبـا إلـى دب |
قال: وأخبرنا أبو العباس قال: ارتفعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم، وكشكشة ربيعة، وكسكسة هوازن، وتضجع قيس، وعجرفية ضبة، وتلتلة بهراء. فأما عنعنة تميم فإن تميماً تقول في موضع أن: عن. تقول: عن عبد الله قائم. قال: وسمعت ذا الرمة ينشد عبد الملك: أعن ترسمت من خرقاء منزلة قال: وسمعت ابن هرمة ينشد هارون، وكان ابن هرمة ربى في ديار تميم:
أعن تغنت على ساق مطـوقة |
|
ورقاء تدعو هديلاً فوق أعواد |
وأما
تلتلة بهراء، فإنها تقول: تعلمون، وتعقلون، وتصنعون، بكسر أوائل الحروف.
ويقال نفض الديك عفريته، إذا انتفض.
وأنشد:
كأنى غداة البين يوم تحمـلـوا |
|
لدى سمرات الحي ناقف حنظل |
قال:
أبكى فتجرى دموعي، كما تدمل عين ناقف الحنظل.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "أخذة رابية". قال: زائدة. "يكن
له كفل منها" قال: حظ ونصيب.
الهرف: سرعة النبات. وأنشد لامرىء القيس:
يا هند لا تنكحـي بـوهة |
|
عليه عقيقته أحـسـبـا |
مرسـعة بـين أربـاقـه |
|
به عسم يبتغـى أرنـبـا |
ليجعل في ساقه كعبـهـا |
|
حذار المنية أن يعطـبـا |
ولست بخزرافة في القعود |
|
ولست بطـياخة أخـدبـا |
ولست بـذي رثـية إمـر |
|
إذا قيد مستكرهاً أصحبـا |
قال:
البوهة طائر يشبه البومة. عقيقته: شعره. الأخدب: الذي يركب رأسه ولا يبالي.
والأحسب: إلى السواد. يبتغى أرنباً، ليأخذ عظمها فيصيره عليه من خشية الجن.
والخزرافة: يضطرب في جلوسه. والإمر: الضعيف، شبهه بالجدى. ورجل مرثوء: ضعيف العقل؛
ومرثو، بلا همز: وجع. الرثية: الوجع.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: "وأدبار السجود" قال: اختار الكسائي في
السجود فتح الألف، على الجمع؛ لأن لكل سجدة دبراً. والنجوم لها دبر واحد في السحر،
فتقول "وإدبار النجوم" "وأدبار السجود".
قال: والذكاء بلوغ كل شيء، من الشر وغيره. والذكاة منه أخذت، وفي الحديث: يذكيها
بالأسل، أي يذبحها بالحديد.
وأنشد لذي الرمة:
رمتني مي بالهوى رمي ممضع |
|
من الوحش لوط لم تعقه الأوالس |
قال: الألس: ذهاب العقل؛ مسلوس ومألوس، أي ذاهب البدن والعقل. وممضع: مطعم للصيد: والأوالس: الدواهي. لوط، يقال التاط به، إذا لزمه. وأنشد أيضاً له:
بعينين كحلاوين لم يجر فيهـمـا |
|
ضمان، وجيد حلى الشذر شامس |
يقال:
بالرجل ضمان، أي زمانة. والضمانة: العشق؛ ورجل ضمين وضمن، إذا كان عاشقاً. قال أبو
العباس: ويروى هكذا بالخفض، وإن كان يجوز أن يرفع.
ويقال اقلولي، إذا انتصب. واشمعل: سار سيراً خفيفاً سريعاً. ويقال جاءنا بدراهم
حرش لو مشت الأرنب عليها لحفيت. قال: قصدت الأرنب بالمثل لأنها لا تحفى. والحرش:
الخشن الجدد، التي يبين كتابها ويظهر.
"وجعلنا بعضكم لبعض فتنة". قال: يتقدم الوضيع الشريف فيأنف الشريف أن
يسلم؛ لأنه قد تقدمه في الإسلام.
وقوله تعالى: "أتصبرون" قال: أتصبرون على هذا التأديب، أم لا? يقال:
ألحد ولحد في الدين، وفي الكلام، والقبر، إلا أنهم يختارون في الدين الإلحاد وفي
القبر اللحد، وهو الميل في الأصل.
ويقال: عذب عن الشيء، إذا تركه؛ وأعذبته أنا. ومنه قول الأعشى:
فبات عذوباً للسماء كأنمـا |
|
يوائم رهطاً للعروبة صيما |
أي
ترك كل شيء وقام يرعى السماء، كأنه يضاهي الصيم للجمعة في تركه الطعام والشراب.
وقال: اعذبوا عن الدنيا أشد ما أنتم عاذبون عن شيء.
وقال: أعطه إن شاء معناه متى شاء فأعطه. لا تعطه إن شاء معناه متى لم يشأ فلا تعطه
إذا لم يشأ ولا تعطه. ثم أملها فقال: أعطه إن شاء أي إذا شاء فأعطه. و أعطه إلا أن
يشاء أي لا تعطه إذا لم يشأ. ولا تعطه إن شاء متى شاء فلا تعطه. ولا تعطه إلا أن
يشاء معناه إذا شاء فأعطيه.
الأزم: إمساك الفم عن الطعام. والمظلومة: التي مطرت في غير وقتها.
وأنشد:
وصاحب صدق لم تنلنـي أذاتـه |
|
ظلمت وفي ظلمي له عامداً أجر |
هذا
وطب سقي منه قبل أن يبلغ ويخرج منه الزبد.
الأمت: الاختلاف والالتباس، ومنه أخذ الارتفاع. ومنه أيضاً قيل ليس في الخمر أمت
أي اختلاف في تحريمها. العوج: ما رئى متعوجاً والعوج: ما لم ير ولم يكن له شخص
قائم. سنفرغ لكم أيها الثقلان قال: تهدد.
فرض الشيء إذا حز. ومنه الفريضة أي الأثر، ومنه فرضة القوس.
الكسر ليس من الجروح التي فيها قصاص.
الفال: عرق في الفخذ.
لا يشهدون الزور قال: مجالس اللهو.
قال: وإذا وصف من الفرس العجز والعنق بالاستواء فهو يقول قد استوى كله.
محل به، أي سعى به إلى السلطان. المحال: الهلكة. ببضاعة مزجاة قال: فيها بعض
الإغماض. وتصدق علينا تساهل علينا. وسئل أبو العباس عن الحمد الله ما معناه؛ وقد
يقال للرجل الحمد? فقال: كل الحمد لله، وكل حمد ذكر للأدميين فهو جزء منه، أي كل
ذلك لله.
في الحديث: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر قال: مدحه في
فعله فعلها، أي فغي حالة واحدة بعينها.
وعن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه: عمل فيه بعض الريب خير من الحاجة إلى الناس.
قال: فيه غمض.
"وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم" قال: العهد الذي أخذت عليكم في ظهر آدم عليه
السلام.
قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم قال: أي ابدأ بهذا، وقل هذا.
الجهضم: العظيم البطن. سفيان: فعلان من السفا، وهو سفا الريح. والسفا أيضاً: تراب
القبر؛ والسفا: شوك البهمى؛ والسفا: خفة ناصية الفرس.
وأنشد:
ولا وصل إلا أن يقرب بيننا |
|
قلائص في آباطهن سفاء |
قال: سفه، وهو الخفة والسرعة. وأنشد:
وقد أرسلوا فراطهم فتأثلوا |
|
قليباً سفاها كالإماء القواعد |
قال:
كالإماء البوارك على شيء يعملنه.
قال أبو العباس أحمد بن يحيى: ويروى عن علي عليه السلام أنه قال: أنا يعسوب
المؤمنين قال: اليعسوب: السيد.
ويقال عفا، ودرس، ومحا، وامحى، واطرق.
ويقال: رأيتك وراء وراء، ووراء وراء، ووراء وراء، تجعلهما نكرتين.
المقنب: نحو الخمسين من الخيل، يعنى الفوارس.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: قال سلمة: سمعت الفراء يحكى عن الكسائي أنه
سمع: اسقني شربة ما يا هذا يريد شربة ماء، فقصر وأخرجه على لفظ من التي للاستفهام.
هذا إذا مضى، فإذا وقف قال شربة ما. وحكى له أن المريطاء قصرها بعض النحويين.
فأجاز القصر والأصل المد. وكان يحكى لنا مريطاء ولطيخاء. وكان يفسره هو في أسفل
البطن.
وأنشدنا:
بكت عيني وحق لها بكاها |
|
وما يغنى البكاء ولا العويل |
فمد البكاء وقصره. قال: وانشدنا:
فلو أن الأطبا كان حولى |
|
وكان مع الأطباء الأساة |
فقصر
في أول البيت ومد في آخره، وأصله المد. وأما قوله كان حولى فإنه اكتفى بالضمة عن
واو الجمع.
قال: وأنشدنا أيضاً في الممدود فقصر:
وأنت لو باكرت مشـمـولة |
|
صفرا كلون الفرس الأشقر |
فقال:
صفرا، وهذا الجنس ممدود.
وحكى لنا بزرقطونا يمد ويقصر. وكذلك الكشوثاء والمد أكثر.
وكذلك الطرمساء، وهي الظلمة. ومد المصطكاء، وهي خفيفة.
وقال: العنظباء، والخنفساءء، والعنصلاء، والحنظباء والحوصلاء.
قال: وكل هذا قد يحذف منه المد فيقال: الخنفس، والعتطب، والحوصل.
آخر الجزء الثاني من أمالى أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى، والحمد لله وحده
وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين
الجزء الثالث
ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي المعروف بثعلب، قال: حدثني أبو سعيد عبد الله بن شبيب قال: وحدثني زبير. وقال أبو العباس: وقال أبو سعيد أيضاً: قد حدثني هارون بن أبي بكر، قال: حدثني محمد بن معن الغفاري قال: أقحمت السنة المدينة ناساً من الأعراب، فحل المذاد منهم صرم من بني كلاب، وكانوا يدعون عامهم ذلك الجراف. قال: فأبرقوا ليلة في النجد، وغدوت عليهم فإذا غلام منهم قد عاد جلداً وعظماً، ضيعة ومرضاً وضمانة حب، فإذا هو رافع عقيرته بأبيات قد قالها من الليل:
ألا يا سنا برق علا قلل الحمى |
|
لهنك من برق عـلـى كـريم |
لمعت اقتذاء الطير والقوم هجع |
|
فهيجت أسقاماً وأنـت سـلـيم |
فبت بحد المرفقـين أشـيمـه |
|
كاني لبرق بالستـار حـمـيم |
فهل من معير طرف عين جلية |
|
فإنسان طرف العامري كلـيم |
رمى قلبه البرق الملألىء رمية |
|
بذكر الحمى وهناً فظل يهـيم |
فقلت
له: في دون ما بك ما يفحم عن الشعر. قال: صدقت، ولكن البرق أنطقني. قال: ثم والله
ما لبث يومه ذلك تاماً حتى مات قبل الليل، ما يتهم عليه غير الوجد.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حدثني عبد الله قال: حدثني محمد بن عيسى،
عن فليح بن إسماعيل، قال: حدثني عبد الله ابن صالح سنة ثنتين وستين ومائة، قال
حدثني عمي سليمان بن علي، عن عكرمة قال: إني لمع ابن عباس بعرفة إذ فتية أدمان
يحملون فتى في كساء، معروق الوجه، ناحل البدن، له حلاوة؛ حتى وضعوه بين يدي ابن
عباس، وقالوا له: استشف له يا ابن عم رسول الله. قال: فقال ابن عباس: وما به?
فأنشأ الفتى يقول:
بنا من جوى الأحزان والوجد لوعة |
|
تكاد لها نفس الشـفـيق تـذوب |
اللوعة: الحرقة في الجوف.
ولكنما أبقى حشاشة معـول |
|
على ما به عود هناك صليب |
فأقبل
ابن عباس على عبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد ابن عبد العزى فقال: أخذ
هذا البدوي العود علينا وعليك. قال: فحملوه، فخفت في أيديهم فمات، فقال ابن عباس:
رحمه الله، هذا قتيل الحب، لا عقل ولا قود. قال عكرمة: فما رأيت ابن عباس سأل الله
عز وجل في عشيته حتى المساء إلا العافية مما ابتلى به الفتى.
قال أبو العباس: يقال إن قريشاً أصلب العرب عوداً، فقال ابن العباس حين ذكر الفتى
صلابة عوده: أخذ البدوى العود علينا وعليك.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: حدثني زبير قال: حدثني عاصم ابن عبد الرحمن بن
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رحمه الله، عن أبيه؛ وحدثنيه
يونس بن عبد الله بن سالم الخياط، عن مالك بن أنس، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن
عمر بن حفص، أن رجلا من بني كلاب يكنى أبا حبال، نزل على عبد الله بن عمر بن حفص،
ومعه ابنه حبال، فمرض ابنه ثم مات. قال عبد الله: فأمرنا أن نكفنه. فكفناه
وحنطناه، فلما فرغنا من أمره استأذن أبوه أبى أن يدخل عليه فيسلم عليه، فأذن له
فدخل فانكب عليه، فسمعناه يقول:
فلولا حبال لم تنخ بي مطـيتـي |
|
بأرض بها الحمى ببرد وصالب |
وقائلة أرداك، والـلـه، حـبـه |
|
بنفسي حبال من خليل وصاحب |
فجعل
يردد ذلك، ثم فقدنا صوته، فقال لنا أبي: انظروا، فإني والله أحسبه قد مات. فدخلنا
فوجدناه ميتاً، فجهزناه وحملناه مع ابنه.
أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى:
وكانت لهم ربعية يحـذرونـهـا |
|
إذا خضخضت ماء السماء القنابل |
قال:
فرق بين القنابل والقبائل، فالقنابل: جمع قنبلة، والقبائل: جمع قبيلة. والربعية:
غزوة في الربيع.
قال: والعرام والعراق واحد. ويقال عرمنا الصبي وعرم، من العرامة والعرامة الاسم.
وهو عارم وعرم. والعرامة: الفساد.
وأنشد:
داوبها ظهرك من ملالـه |
|
من خزرات فيه وانخزاله |
كما
يداوى العر من أكاله داو بها الهاء والألف عائدتان على دلو. وقوله هذا له، على
الاستهزاء والهزل، يقول: داو ظهرك من علته ودائه بالدلو.
أنشد:
قلت أجيبي عاشقاً |
|
بحبكم مكـلـف |
أي
بحبكم تكليفه. ومثله: لو كان ذا منك قبل اليوم معروف أي معرفته.
السحوف: التي ذهب شحمها؛ سحف أي ذهب.
وأنشد:
إذا لم تكن حاجاتنا في نفوسنا |
|
لإخواننا لم تغن عنا الرتائم |
الرتيمة:
ما يعقد في اليد للتذكرة: والرتيمة أن يعقد الرجل إذا أراد سفراً شجرتين، فإذا رجع
فوجدهما على ما كانتا عليه قال: قد وفت امرأته، وإذا لم يجدها قال: قد نكثت.
قال: إذا أردت أن تحول الماضي إلى الدائم فأعمله بالذي قبلا، فإنه الأصل.
وقال أبو العباس: الفارة من المسك غير مهموزة، ومن غيرها مهموزة.
وأنشد:
لها فارة ذفراء كـل عـشـية |
|
كما فتق الكافور بالمسك فاتقه |
الذفر
من الطيب والنتن جميعاً، والذفر من النتن لا غير.
وأنشد:
أرتنى حجلاً على ساقـهـا |
|
فهش الفواد لذاك الحجـل |
فقلت ولم أخف من صاحبي |
|
ألا بأبي أصل تلك الرجل |
يريد بالحجل الخلخال، وإنما ثقله وثقل الرجل لاضطرار القافية.
أخبرنا
محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حج الحجاج ومعه صاحب له، فأراد أن يأكل لقمة
فوضعها من النعاس في عينه، وطارت عمامة صاحبه من النعاس أيضاً، فقال له الحجاج: ما
فعلت عمامتك? قال: مع لقمتك.
وأنشد:
والنوم ينتزع العصا من ربها |
|
ويلوك ثنى لسانه المنطـيق |
قال:
والقبول والدبور من الرياح لا تجمع.
قال: يقال: أكلت رغيفاً أجمع، ودخلت داراً جمعاء، ثم يجمع فيقال: جمع، وجمع أجمع
التي للناس أيضاً جمع.
ثم أمل علينا فيه. قال أبو العباس ثعلب: قال الفراء: أجمعون معدول عن أجمع وجمعاء؛
لأن هذا أصل النعوت، فعدل إلى التوكيد وما لا يكون نعتاً؛ لأنك لا تقول مررت
بأجمعين، وأنت تقول مررت بأجمع وجمعاء فلما أن عدل صار في موضع واحد، فلما أن جاء
بصورة النعت عامله معاملتين: معاملة النعت، ومعاملة التوكيد. فيقول: أعجبني القصر
أجمع وأجمع، وأعجبني الدار جمعاء وجمعاء. فجمع معدولة عن جمعاء.
وقال أبو العباس: إنما سمى المداد مداداً لأنه يزاد فيه.
ويقال مدت دجلة، ومد النهر النهر؛ لأنها تزيد من نفسها، وكذلك كل شيء مد من نفسه.
وأمددته بالجيش، وما كان مثله كذلك.
وأنشد:
كأنما يبردن بالـغـبـوق |
|
كيل مداد من فحا مدقوق |
الخولع:
داء يأخذ في القلب حتى يثقل.
وعن اللحياني: البقرة تجزىء عن سبعة وتجزى عن سبعة، فمن همزها فمعناها تغنى، ومن
لم يهمزها تكون جزاء عن سبعة.
ويقال استعددت للمسائل وتعددت: ويقال تعود إتياننا، واستعاد إتياننا.
وحكى أبو العباس قال: رؤف به ورئف به، ورأف به رأفة ورآفة، وهو رؤوف على فعول؛ وهو
رؤف على فعل، ورئف ورأف ساكن الهمزة.
ويقال: لو سألتني فصمة سواك ما أعطيتك، وقصمة سواك، وضوازة سواك، ونفاثة سواك: وهو
ما بقي بين أسنانه فنفثه. وسمع اللحياني أيضاً قصم سواك.
ويقال: لهنوا ضيفكم وسلفوه، أي قدموا إليه ما يتعلل به قبل الغداء، والاسم اللهنة
والسلفة.
وقال: الألوقة واللوقة: الزبدة. ويقال زل في رأيه زلاً وزللاً وزلولاً. ويقال في
مثل للثيب: عجالة الراكب تمر وسويق.
ويقال الفكر والفكر والفكرة.
ويقال رجل ورع وامرأة ورعة، إذا كان جباناً، وما كان ورعاً ولقد ورع وورع وروعاً
ووروعاً، وبعضهم يقول ورع يرع، فيفتح، وروعاً وتورع. فمن قال ورع قال يورع وروعاً
وورعة ووراعة، ومن الورع ورع يرع ورعاً.
ويقال: قرأ فما تلعثم وتلعذم.
ويقال شعر سبط، وسبط، ورجل ورجل، وأمر نكد ونكد ونكد، وقد قرىء بهن: والذي خبث لا
يخرج إلا نكداً على الثلاثة الأوجه. وسمع الكسائي تؤى الدار، ونئى الدار على مثال
نعي. وقال: سمعت نأى الدار من غير واحد، ونؤى مثل نعى.
وأنشد: عليها موقد ونؤى رماد ويقال أنأيت للخباء نؤياً، مثل أنعيت.
وقال: البر على أوجه، فمنها صلة مثل قولك برك الله، أي وصلك. وقول الله عز وجل:
"أن تبروهم وتقسطوا إليهم" أي تصلوا. و"أن تبروا وتتقوا" أي
تصلوا. وقوله تعالى: "البر الرحيم" أي الصادق.
وأنشد:
لعمر أبيك والأنبياء تنمى |
|
لنعم الطائلون بنور قاش |
هم منوا على وبعض قوم |
|
عطاؤهم بمن واقتراش |
ويقال:
هو في أسطمة قومه وأطسمة قومه، وجرثومة قومه، وأرومة قومه، وصيابة قومه، وصوابة
قومه، وربا قومه، ورباء قومه ممدود.
وحكي عن ابن الجراح: عوى الكلب عوة. وعوية عن غيره.
والحلواء يمد ويقصر.
قال أبو العباس أحمد بن يحيى: يقال حذق الغلام يحذق وحذق يحذق، وحذق الخل يحذق لا
غير. وقال: حذق فلان الحبل يحذقه أي قطعه.
"لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم.
قال: قال الكسائي: هذا استثناء يعرض. قال: ومعنى يعرض استثناء منقطع. ومن قال ظلم
قال: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم" وهو الذي منع
القرى فرخص له أن يذكر مظلمته.
وقوله عز وجل: "ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء" قال: من
تدخل في الجحد على النكرة في الابتداء، ولا تدخل في المعارف، وكأنه قال: أن نتخذ
من دونك أولياء. دخولها وخروجها واحد. ومن قال أن نتخذ، ثم أدخلها على المفعول
الثاني فهو قبيح، وهو جائز، ما كان ينبغي لآبائنا ولأوليائنا أن يفعلوا هذا.
وقوله عز وجل: "لولا جاءوا عليه" الآية. قال: هذا ستر ستره الله على
الإسلام، أنه لا يقبل في الزنى إلا أربعة. ويقول بعضهم: لأن الحد يقام على اثنين:
على الرجل والمرأة.
وفي قوله عز وجل: "وما لهم ألا يعذبهم الله" يوم القيامة وهم قد كفروا
في الدنيا، ما لهم ألا يقع بهم العذاب. وموضع أن رفع.
"وما لنا ألا نتوكل على الله" يقولون: لا صلة. ويقول الفراء: ما ينبغي
لنا. فجاء بها على المعنى، لأنه معنى ينبغي.
وأنشد عن الكسائي:
كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة ال |
|
رجال وأصلال الرجال أقاصره |
ولا تذهبا عيناك في كل شرمـح |
|
طوال فإن الأقصرين أمـازره |
قال
أبو العباس: كان الكسائي يقول: أمازر ما ذكرنا، أقاصر ما ذكرنا. وأصلال الرجال،
يقول الفراء؛ أقاصرهم. ثم رده على الأقصرين مثل الأفضلين، لأن المعنى أفضل القوم.
وفي قوله عز وجل: "فإنها لا تعمى الأبصار" فإنه قال: إذا جاء بعد
المجهول مؤنث ذكر وأنث، إنه قام هند وإنه قامت هند؛ لأن الفعل يؤنث ويذكر. وقوله: مثل
الفراخ نتقت حواصله مثل: الأقصرين أمازره.
وقوله عز وجل: "فلم تقتلون أنبياء الله من قبل" قال: وصف فعل آبائهم وما
تقدم منهم، فتابعوهم هؤلاء على ما كانوا عليه، كما تقول: قتلنا بني فلان. وأنت لم
تقتلهم، إنما قتلهم آباؤك من قبل.
قال: إذا أسقطت الإضافة ضم وترك تنوين ما كان منوناً، فقيل من قبل ومن قبل. فمن
كسر كانت الإضافة قائمة، ومن ضم جعله بدلا من الإضافة.
وأنشد:
وكونوا أنتم وبنى أبـيكـم |
|
مكان الكليتين من الطحال |
أي
تكونون قد أخذتم الأمر بطرفيه. فقوله: وبني أبيكم أي مع بني أبيكم. تقول: استوى
الماء والخشبة، أي يجعلون الواو بمعنى مع.
وأنشد:
فإنك والكتاب إلى علي |
|
كدابغة وقد حلم الأديم |
فإنك
مع الكتاب. ومعنى حلم الأديم، أي فسد الأمر. ويقال: ما أنت وزيد، وما أنت والباطل.
وربما نصبوا الباطل وهو قليل. قال أبو العباس: كلام العرب ما أنت وقصعة من ثريد.
وأنشد: احمل على أحمر جلد ما شيت وأنشد:
فإذا وذلـك لـيس إلا ذكـره |
|
وإذا مضى شيء كأن لم يفعل |
الإرزبة:
المعول. ويقال: بفى عدوك التراب، والتريب، والترباء، والأثلب، والكثكث، والدقعم،
والحصحص، والكلحم.
وقال في قوله: بين الدخول فحومل قال: إذا كان الدخول اسماً جامعاً للمواضع.
قال: والقبضة: ما قبصته بيدك.
وأنشد:
فلو كنت ضبياً عرفت قرابتي |
|
ولكن زنجياً غليظ المشافـر |
قال
الفراء: غليظ المشافر، أتبعه وهو الخبر. وقال الكسائي: ولكن بك زنجياً، أي يشبهك.
وقال سيبويه: زنجياً غليظ المشافر تشبهه، فأضمر الخبر. فإن رفعت قلت لكنك زنجي،
أضمرت الاسم، وهو شبيه باللقب.
ما تقل أقل، تجعله جزاء. الذي تقول أقول، تجعله خبراً.
وأنشد عن ابن الأعرابي:
وقد علم الحي اليمانـون أنـكـم |
|
غريبون فيهم لا فروع ولا أصل |
يموتون هزلاً في السنين وأنتـم |
|
يساريع محياها إذا نبت البقـل |
يقال أساريع ويساريع، ويسروع وأسروع، الهمزة مكان الياء. ومثله يلندد وألندد، ويلنجوج وألنجوج.
فإن تثلثوا نربع وإن يك خـامـس |
|
يكن سادس حتى يبيركم القـتـل |
وإن تسبعوا نثمن وإن يك تـاسـع |
|
يكن عاشر حتى يكون لنا الفضـل |
قضى الله أن النفس بالنفس بينـنـا |
|
ولم نك نرضى أن نباوئكم قـبـل |
فإن تشرب الأرطى دماً من صديقنا |
|
فلا بد أن يسقى دماءكم النـخـل |
ونحن قتلنا بالـمـنـيح أخـاكـم |
|
وكيعاً ولا يوفى من الفرس البغل |
وقال
أبو العباس: المجذر: القصير. قال: العض: طعام الأمصار، مثل النوى والبزر والقت.
وفي قوله عز وجل: "وما قتلوه يقيناً" قال أبو العباس: ما قتلوا الخبر
يقيناً، إنما قالوه بالحدس.
وقال: حية عربد، أي خبيث، ومنه العربدة. ويقال أرضه واحدة، والجمع أرض. ويقال رجل
فدغم، أي حسن الوجه.
وقال: ليتى وليتني، ولعلى ولعلني، وإني وإنني، وكأني وكأنني. قال في إسقاط النون: الكوفيون يقولون: لم يضف فلا يحتاج إلى نون. وسيبويه يقول: اجتمعت حروف متشابهة فحذفوها. قال أبو العباس: في كلها يجوز بالنون وبحذفها. وأنشد:
كمنية جابر إذ قال ليتى |
|
أصادفه وأفقد جل مالي |
العذفة:
القطعة من الناس. والعذفة: القطعة من الطعام: تقول ما ذفت عذوفاً ولا عذوفاً،
بالدال والذال.
"وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم" قال: في الدنيا. مثل "وما لهم
ألا يعذبهم الله".
"سلقوكم بألسنة حداد" قال: سلقه وأج.. واحد.
"ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن" قال: الإحسان أن يأتى بالأمر على ما
أمر به.
وقال: أحمشكم أي أغضبكم. وقال: شقاشق الشيطان: الذي يتكلم ملء أشداقه.
وقال أبو العباس: المذقة: الشربة من اللبن. قال: نهزة الطاعم و... ما أخذه
بالعجلة.
وانشد لمنظور بن مرثد بن فروة بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس بن طريف
بن نصر بن قعين، وكثير من الناس ينسبها إلى أمه حبة:
يا أيها المغتـر بـالـضـلال |
|
إن كنت في تنحـل الأقـوال |
فاسأل فإن العلم بـالـسـؤال |
|
من فارجون ليلة البـلـبـال |
والمصلون حمس الـقـتـال |
|
والمانعون عورة المجـفـال |
بضرب لا مـيل ولا أكـفـال |
|
والطعن إذ عض على السبال |
واعترك القـوم أولـو الإدلال |
|
عند الحفاظ عرك الـنـهـال |
بالمشرفي والقنـا الـطـوال |
|
إني إذا نؤت إلى الـسـفـال |
معترم أنمى إلى المـعـالـي |
|
تربى سجالاتي على السجـال |
حين يجد النهـز بـالـدوالـي |
|
فإن تكن أنشوطة الـعـقـال |
إلي في الكثر، وفي الإقـلال |
|
من طول بغضى غبر الطحال |
أكو دخيل دائك الـعـضـال |
|
كيا يصيب قصب السـعـال |
قعيدك الله على الـتـقـالـي |
|
وأنت في الكر وفي الإقبـال |
مهتضم المولى عبام الـخـال |
|
هل كنت تدري من أبو حبال |
وطلحة المبرح بـالأبـطـال |
|
والخالدان بانيا الـمـعـالـى |
وقائدا الخيل إلـى الأقـتـال |
|
والفارجـان ربـق الأغـلال |
المحكمان عـقـد الـجـبـال |
|
ومانعا الجيران في الزلـزال |
من العدو ومـن الـمـوالـى |
|
أو الحبيبان ذوا الـفـضـال |
وقاريا الضيوف في الإمحـال |
|
والحاملان مضلع الأثـقـال |
إذا العلاوى نؤن بالـجـمـال |
|
والمرثدان فارسـا الـنـزال |
والمحرزان ساعة النـضـال |
|
عند النضال أفضل الفـعـال |
والحارثان حاميا الـتـوالـي |
|
والحاملا الديات للمـعـالـي |
والمعطيان قبـل مـا سـؤال |
|
والمالكـان وأبـو أشـبـال |
أم من أبو زينب ذو الأنـفـال |
|
حين يعـد نـدب الأبـطـال |
والجانب الخيل على الـكـلال |
|
للـحـنــو و............. |
وابن بجـير إذ دعـى نـزال |
|
يمشي العرضنى مشية الرئبال |
شد بـه فـروة غـــير آل |
|
بصارم ذي شطب قـصـال |
فظل لحـاً تـرب الأوصـال |
|
وسط القتالى كالهشيم البالـي |
للطير أو ذي اللبـد الـعـيال |
|
أو من أبو وهب أبو الأشبـال |
وجـد كـل قـائل فـعــال |
|
أولاك عمى وأبي وخـالـي |
منهم خلقت وهـم رجـالـي |
|
أولو الندى والألسن الطـوال |
وهم إذا شل إلـى الـجـبـال |
|
حصونهم مرهفة النـصـال |
وكل مـاض حـده قـصـال |
|
يعلى به مقتنص الـفـوالـي |
من مجمع الهام من الرجـال |
|
والزغف ذات الحلق الدخـال |
وشـزب لاحـقة الآطــال |
|
كالطير تنضو سبل الطـلال |
حيناً ترى ملبـسة الـجـلال |
|
ومرة في غـارة الـرعـال |
تحت ظلال النقع والعـوالـي |
|
بالدارعين مـشـية الأوعـال |
قوله: وإن تكن أنشوطة العقال مثل: وإنما أراد حل القوم حبلهم، كالبعير إذا حلت أنشوطة عقاله فوثب.
ويقال:
اندفع إلى الشر بأنشوطة، إذا أسرع إليه.
وقوله: غبر الطحال أراد من الحقد. ويقال غمر الطحال داء يكون به. غبر وغمر واحد.
وأنشد أبو العباس عن ابن الأعرابي لعبد الرحمن بن منصور، أحد بني عمرو بن كلاب:
أشاقك الربع الخلاء المقفـر |
|
غيره والـدهـر قـد يغـير |
مر الجديدين وهيف مغـبـر |
|
ورائح يتبـعـه مـهـجـر |
له ...... مرثعن ممـطـر |
|
ينسج منه الماء حين يزفـر |
كأنما ... قه حين يظـهـر |
|
من يذبل شم طوال عـقـر |
.... منهـن ثـقـال أكـدر |
|
كنا به وعيشنـا مـعـمـر |
............ أخــضـــر |
|
ونحن في غيطة ما نشـعـر |
.................. |
|
حتى إذا نش اللوى الأصفـر |
ولاحــــــت ......... |
|
.......... للحى .... العطر |
................. |
|
ثيابهن الخز والمعـصـفـر |
بنـات آبـاء كـرام أيسـروا |
|
فقد تباهوا كلهم فـأكـثـروا |
ففيهم زي وفيهم مـنـظـر |
|
حتى إذا أضحوا ولما يظهروا |
ولو على أظعانهم فـأدبـروا |
|
كأنها لما تـولـت تـذمـر |
نخل من الصفرى دوح موقر |
|
يكاد من إيقـاره يهـصـر |
فدرت العين فظلت تمـطـر |
|
وفي حمول الحي ريم عبهر |
أفعم حجلاها وضاق المـئزر |
|
والبطن مطوي الحشا مخصر |
كأن رياهـا ولا تـعـطـر |
|
ريا خزامى نفحت أو مجمر |
وقال
أبو العباس في قوله تعالى "وكان الله على كل شيء مقيتاً": مقتدراً
"إلى مائة ألف أو يزيدون" قال: الفراء يقول: بل يزيدون. وغيره يقول:
ويزيدون عندكم.
"لولا أن تفندون" أي تضعفون وتعنفون.
"أو أشد قسوة" قال: أو، إنما هو لنا.
وأنشد:
قد قلت يوماً للغراب إذ حجل |
|
عليك بالإبل المسانيف الأول |
المسانيف:
المتقدمة؛ كأنه يقول: عليك بما تقدم من الإبل كل ما عليها.
ويقال لاق بالبلد إذا أقام به؛ ولاق بكذا وكذا، إذا لزمه.
أخبرنا محمد ثنا أبو العباس قال: قال لي يعقوب: قال ابن الكلبي: بيوت العرب ستة:
قبة من أدم، ومظلة من شعر، وخباء من صوف، وبجاد من وبر، وخيمة من شجر، وأقنة من
حجر.
المسنف: المتقدم؛ والمسنف: المشدود بالسناف، وهو الذي يشد على ظهر البعير.
جلة دببا قال: قال لي الأثرم: تدب من كثرة الشحم. وابن الأعرابي يقول: الكثيرة الوبر.
والقول قول الأثرم. ولم يعرف أبو العباس بفيه... .
معنى "أن يقولوا يوم القيامة": لئلا يقولوا.
الجدب: العيب. قال: جدب لنا عمر السمر بعد الصلاة، أي ذمه وعابه.
وأنشد: ألم تكوني ململى ذقونا الململى: التي...... . والذقون: التي تضرب بذقنها
الأرض وتسير فلا تضل الطريق.
................. بتسكين الياء على معنى ............. قد سمى فاعله ..........
ما لم يسم فاعله.
قال أبو العباس: وأنشدني الأثرم والسدرى وأبو العالية للنابغة:
لا يهنىء الناس ما يرعون من كلأ |
|
وما يسوقون من أهل ومن مـال |
بعد ابن عاتكة الثاوي على أبـوي |
|
أضحى ببلـدة لا عـم ولا خـال |
سهل الخليفة مشـاء بـأقـدحـه |
|
إلى ذوات الذرى حمال أثـقـال |
حسب الخليلين نأى الأرض بينهما |