{وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّالِيَعْبُدُونِ}د.محمد
بن عبد الرحمن العريفي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
..
ما خلقنا الله إلا لعبادته ، وأعظم العبادات أركان الإسلام الخمسة ، وقد تكلمت تفصيلاً عن الركن الأول شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله في كتابي السابق " اركب معنا " ، وهنا بقية الأركان : إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ..
أسأل الله أن ينفع به وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم .. آمين ..
9 أنفاس في الدقيقة !!
حدثني أحد الأطباء أنه دخل في غرفة الإنعاش على مريض .. فإذا شيخ كبير .. على سرير أبيض وجهه يتلألأ نوراً .. قال صاحبي : أخذت أقلب ملفه فإذا هو قد أجريت له عملية في القلب .. أصابه نزيف خلالها مما أدى إلى توقف الدم عن بعض مناطق الدماغ .. فأصيب بغيبوبة تامة وإذا الأجهزة موصلة به وقد وضع على فمه جهاز للتنفس الصناعي يدفع إلى رئتيه تسعة أنفاس في الدقيقة .. كان بجانبه أحدُ أولاده ..سألته عنه فأخبرني أن أباه مؤذن في أحد المساجد منذ سنين .. أخذت أنظر إليه حركت يده حركت عينه كلمته لا يدري عن شيء أبداً.. كانت حالته خطيرة فعلاً .. اقترب ولده من أذنه وبدأ يكلمه وهو لا يعقل شيئاً فبدأ الولد يقول .. يا أبي .. أمي بخير وإخواني بخير وخالي رجع من السفر .. واستمر الولد يتكلم .. والأمر على ما هو عليه .. الشيخ لا يتحرك .. والجهاز يدفع تسعة أنفاس في الدقيقة .. وفجأة قال الولد : والمسجد مشتاق إليك ولا أحد يؤذن فيه إلا فلان ويخطئ في الأذان ومكانك في المسجد فارغ .. فلما ذكر المسجد والأذان اضطرب صدر الشيخ وبدأ يتنفس فنظرت إلى الجهاز فإذا هو يشير إلى ثمانية عشر نفساً في الدقيقة .. والولد لا يدري .. ثم قال الولد : وابن عمي تزوج وأخي تخرج .. فهدأ الشيخ مرة أخرى .. وعادت الأنفاس تسعة .. يدفعها الجهاز الآلي .. فلما رأيت ذلك أقبلت إليه .. حتى وقفت عند رأسه .. حركت يده .. عينه .. هززته .. لا شيء .. كل شيء ساكن .. لا يتجاوب معي أبداً .. تعجبت ..
قربت فمي من أذنه ثم قلت : الله أكبرررر .. حي على الصلاة .. حي على الفلاح ..
وأنا أسترق النظر إلى جهاز التنفس .. فإذا به يشير إلى ثمان عشرة نفس في الدقيقة .. رجل قلبه معلق بالمساجد ..
فلله درهم من مرضى.. بل والله نحن المرضى.. نعم .. ( رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ..
صلاة في المتحف ..
قال لي : كنت في السويد فذهبت مع اثنين من الأخوة المقيمين المغتربين لزيارة متحف للكتب القديمة والآثار .. وبعدما دفعنا رسوم الدخول وأمضينا دقائق .. دخلت صلاة العصر .. فقال أحدهما : يا شيخ هيا نخرج لنصلي ثم نعود .. فسألته مستغرباً : لماذا لا نصلي هنا ؟! فقال : هاه ! نصلي أمامهم ؟! لا .. لا هذا صعب جداً .. قلت : لماذا صعب جداً ؟!
فقال : يا شيخ .. نصلي أمام السويديين ؟! قلت : نعم نصلي أمام السويديين .. ولماذا لا نصلي أمامهم ؟! ألست تراهم يشربون الخمر في الشوارع .. ويكشفون عوراتهم .. ولا يستحون !! ويرتكبون الأفعال المخلة بالحياء .. ويعتبرون ذلك حرية .. ونحن أحياناً ننظر إليهم إعجاباً بهذه الحرية ! فلماذا لا نصلي أمامهم ونعتبرها حرية ؟!
فوافق صاحبي على مضض .. فأخذنا جانباً من المتحف واتجهت إلى القبلة ووضعت أصبعي في أذني ..
فصرخ صاحبي : يا شيخ !! ماذا ستفعل ؟! فأجبته بهدوووء : أؤذن .. فقال – باضطراب شديد – : تؤذن هنا ؟!
قلت : نعم أليست حرية ! .. أليسوا يغنون في الشوارع والطرقات ويسمون ذلك حرية ! .. سمّه أنت أيضاً : حرية Free ..!!
ثم أذنت وأقمت بصوت منخفض وصلينا .. وأكملنا زيارتنا ورآنا الناس ونحن نصلي جماعة نكبر ونسبح ونركع ونسجد .. ولم يمسك بنا رجال الشرطة .. ولم يدفعونا غرامة .. ولم يقتادونا إلى السجن .. ولم تنطبق السماء على الأرض .. فلماذا يخجل بعض المسلمين من الصلاة أمام الناس .. في الحدائق والأماكن العامة .. بل إن بعض المسلمين يجمعون بين الصلاتين من غير عذر سفر ولا مرض إلا أنهم يخجلون أن يقيموا الصلاة أمام الناس ..
فالصلاة ركن من أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ، ولم تخل منها شريعة رسول من رسل الله .
وقد فرضها الله على نبيه r ليلة المعراج في السماء ;لعظمتها ومكانتها عند الله . وأمر الله بها في 58موضعاً من كتابه ..
وقبل تعلم أحكام الصلاة لا بد من معرفة أحكام الطهارة ..
أحكام الطهارة
المحدث ( غير المتطهر ) ممنوع من بعض الأعمال ، منها :
1 - ويحرم على المحدث الصلاة ولا تصح صلاته , سواء كان جاهلا أو عالماً , ناسياً أو عامداً .
2 - مس المصحف ; فلا يمسه المحدث بدون حائل ; لقوله تعالى :" لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " أي : المتطهرون من الحدث جنابة أو غيرها , على القول بأن المراد بهم المطهرون من البشر , وهناك من يرى أن المراد بهم الملائكة الكرام . وحتى لو فسرت الآية بأن المراد بهم الملائكة ; فإن ذلك يتناول البشر بدلالة الإشارة ، ومنع مس المصحف لغير المتطهر : " هو مذهب الأئمة الأربعة " .
3 - يحرم على المحدث الطواف بالبيت العتيق لقوله r : ( الطواف بالبيت صلاة ; إلا أن الله أباح فيه الكلام ) .
4- ومن كان عليه جنابة يحرم عليه قراءة القرآن غيباً ، واللبث في المسجد بغير وضوء .
في آداب قضاء الحاجة
فإذا أراد المسلم دخول الخلاء - وهو المحل المعد لقضاء الحاجة - ; فيستحب له أن يقول : بسم الله , أعوذ بالله من الخبث والخبائث . ويقدم رجله اليسرى حال الدخول , وعند الخروج يقدم رجله اليمنى , ويقول : غفرانك .
ويستتر عن الأنظار بحائط أو شجر أو غير ذلك , ويحرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء الحاجة وعليه أن يتحرز من رشاش البول أن يصيب بدنه أو ثوبه .
خصال الفطرة
من مزايا ديننا خصال الفطرة وهي أفعال اتفق عليها الأنبياء ، قال r :" خمس من الفطرة : الاستحداد , والختان , وقص الشارب , ونتف الإبط , وتقليم الأظافر " وقال :" أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" . متفق عليهما .
1 - الاستحداد : وهو حلق العانة , وهي الشعر النابت حول الفرج , فيزيله بما شاء من حلق أو غيره .
2- الختان : وهو إزالة الجلدة التي تغطي حشفة الذكر ، وهو واجب في حق الذكر ، مكرمة في حق الأنثى .
3- قص الشارب وإعفاء اللحية .
4- تقليم الأظافر , وهو قصها .
5- إزالة الشعر النابت في الإبط بالنتف أو الحلق .
ولا يجوز أن يمر عليه أربعون يوماً دون أن يفعلها .
أحكام الوضوء
قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " وكيفية الوضوء كالتالي :
ينوي الوضوء بقلبه ثم يقول : ( بسم الله ) والتسمية سنة إن تركها فلا شيء عليه ، ثم يغسل كفيه 3مرات ، ولا يشترط للوضوء أن يغسل فرجه ، لأن غسل الفرج ( القُبُل أو الدُبُر ) يكون بعد البول أو الغائط ، ولا دخل له بالوضوء .
ثم يتمضمض 3مرات ، أي : يدير الماء في فمه ، ثم يخرجه .
ثم يستنشق 3مرات ، أي يجذب الماء بنَفَسٍ من أنفه ، ثم يستنثر ، أي يخرجه من أنفه ، ويُستحب أن يُبَالغ في الاستنشاق ( أي يستنشق بقوة ) إلا إذا كان صائماً ، فإنه لا يُبالغ ، خشية أن يدخل الماء إلى جوفه ، وإن تمضمض واستنشق بغرفة واحدة فلا بأس .
ثم يغسل وجهه 3مرات ، وحدُّ الوجه طولاً : من منابت شعر الرأس ، إلى ما انحدر من اللحيين والذقن ، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً ، أما اللحية : فإن كانت خفيفة فتغسل وما تحتها من البشرة ، وإن كانت كثيفة غسل ظاهرها ، ويُستحب تخليلها بالماء ، بأن يجعل في كفه ماء يفركها به من تحتها .
ثم يغسل يديه مع المرفقين 3مرات ، ويدخل كفيه في الغسل .
ثم يمسح رأسه مع الأذنين مرة واحدة ، يبدأ بيديه من مقدمة رأسه ويمرهما إلى مؤخرة رأسه ثم يعود إلى مقدمة رأسه ، ويمكن أن يمسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره دون أن يعود لمقدمه مرة أخرى .
ثم يمسح أذنيه بما بقي على يديه من ماء الرأس .
ثم يغسل رجليه مع الكعبين ، والكعبان هما العظمان البارزان في أسفل الساق ، ويخلل أصابع رجليه بخنصر يده اليسرى .
أذكار ما بعد الوضوء :
" أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " " سبحانك اللهم وبحمك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك " .
تنبيهات :
يجب على المتوضئ أن يغسل أعضاءه بتتابع ، فلا يؤخر غسل عضو منها حتى ينشف الذي قبله .
يباح أن يُنشف المتوضئ أعضاءه بعد الوضوء .
يجوز للمتوضئ أن يغسل أعضاءه في الوضوء مرة مرة ، ومرتين مرتين ، لكن السنة ثلاثاً ثلاثاً .إلا الرأس فلا يمسحه إلا مرة .
ولا بأس أن ينشف المتوضئ أعضاءه من ماء الوضوء بمسحه بخرقة ونحوها .
ولا يترك منه شيئاً لم يصبه الماء : فقد رأى النبي r رجلاً ترك موضع ظفر على قدمه ;فقال له : ارجع ,فأحسن وضوءك.
وإن توضأ وبه جرح ملفوف بخرقة ، مسح على الخرقة ، وإن لم يكن الجرح مغطى ، كالحروق ، فإنه يتوضأ فيما يستطيع من بدنه ، ثم يتيمم .
أحكام المسح على الخفين
الخف وهو ما يُلبس على الرجل من جلد أو قطن أو صوف وغيره .
وكيفية المسح : أن يمر أصابع يديه مفرقة مبللة على ظاهر قدم الخف من أصابعه إلى أول ساقه دون أسفله وعقبه .
قال علي Z : رأيت رسول الله r يمسح أعلى الخف .رواه أحمد .
قال الحسن البصري : حدثني سبعون من أصحاب رسول الله r أنه مسح على الخفين ، وقال الإمام أحمد : ليس في نفسي من المسح شيء , فيه أربعون حديثا عن النبي r .
شروط المسح على الخفين ونحوهما :
1. مدة المسح للمقيم يمسح يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام .يبتدئ من وقت مسحه على خفيه إذا كان ماسحاً بعد حدث ، قال عـلي Z " جعل رسول الله r ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً وليلة للمقيم " رواه مسلم .
2. يشترط أن يكون قد لبس الخفين أو الجوربين على طهارة ، عـن المغيرة بن شعبـة ذكر وضوء النبي r قال : ومسح برأسه ثم أهويت لأنزع خفيه فقال : دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ومسح عليهما متفق عليه .
3. الخف والجورب المخرق يجوز المسح عليه ، قال سفيان الثوري : امسح عليهـا ما تعلقت به رجلك وهل كانت خفـاف المهـاجرين والأنصار إلا مخرقة مشققة مرقعة .
4. إذا توضأ ومسح على الجوربين ، ثم نزعهما قبل الصلاة فطهارته باقية ، دون حاجة إلى غسل القدمين .
5.إذا أصابت المرء جنابة في نوم أو غيره ، فيجب عليه نزع الخفين أو الجوربين والاغتسال ، ولا يجزئه المسح عليهما ، لأنهما يمسحان في الطهارة الصغرى دون الكبرى .
ويجوز كذلك المسح على الجبيرة ، وهي الجبس الذي تغطى به الكسور في اليد أو الرجل أو غيرهما ، وكذلك يجوز المسح على لفائف القماش ونحوه التي تكون على الجروح .
وليس للمسح على الجبيرة وقت محدد , بل يمسح عليها إلى نزعها ; لأن مسحها لأجل الضرورة إليها , فتقدر بقدر الضرورة ، والدليل على مسح الجبيرة حديث جابر Z ; قال : خرجنا في سفر , فأصاب رجلا منا حجر , فشجه في رأسه , ثم احتلم , فسأل أصحابه : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ قالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء . فاغتسل , فمات , فلما قدمنا على رسول الله r ; أخبر بذلك , فقال : ( قتلوه قتلهم الله , ألا سألوا إذا لم يعلموا ; فإنما شفاء العي السؤال , إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ) صحيح رواه أبو داود .
نواقض الوضوء
وهي الأشياء التي إذا وقعت للشخص صار محدثاً ( غير متوضأ ) :
1- الخارج من السبيلين ، من بولٍ أو غائط ، أو ريح .
2- زوال العقل بجنون
، أو إغماء ، أو سُكْر ، أو نوم عميق لا يحس فيه بما يخرج منه ، أما النوم
اليسير الذي لا يغيب فيه إحساس الإنسان ، فإنه لا ينقض الوضوء
.
3-
لمس الفَرْج باليد بشهوة ، سواءً
كان فَرْجه هو أو
فَرْج غيره ، لقوله r : ( من مسَّ فرجه فليتوضاً ) .
4-
أكل لحم الإبل أو كرشه أو كبده ،
لأنه r سُئل : أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : (
نعم ) .
5- وهناك أشياء قد اختلف العلماء فيها ; هل تنقض الوضوء أو لا ؟ وهي :مس المرأة بشهوة , وتغسيل الميت ، ولو توضأ من هذه الأشياء خروجا من الخلاف ; لكان أحسن .
جنة المؤمن في محرابه ..
دخل أحدهم على رجل مقعد مشلول تماماً في أحد المستشفيات .. لا يتحرك إلا رأسه .. فلما رأى حاله .. رأف به وقال : ماذا تتمنى ؟ فقال المريض : أنا عمري قرابة الأربعين .. وعندي خمسة أولاد .. وعلى هذا السرير منذ سبع سنين .. والله لا أتمنى أن أمشي .. ولا أن أرى أولادي .. ولا أن أعيش مثل الناس .. لكنني أتمنى أني أستطيع أن ألصق هذه الجبهة على الأرض ذلة لرب العالمين .. وأسجد كما يسجد الناس ..
فأنت يا سليماً من الأمراض والأسقام .. هل أقمت صلاتك كما أمرك الله ..
أحكام الغسل
والغسل هو التطهر من الحدث الأكبر ; جنابة كان أو حيضاً أو نفاساً قال تعالى :" وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا " .
وموجبات الغسل ستة أشياء , إذا حصل واحد منها ; وجب على المسلم الاغتسال :
1- خروج المني في اليقظة أو النوم ( الاحتلام ) فالنائم إذا استيقظ ووجد أثر المني ; وجب عليه الغسل , وإن استيقظ وذكر أنه قد احتلم , ولم يخرج منه مني , ولم يجد له أثرا ; لم يجب عليه الغسل .
2- الوطء ولو لم ينزل .
3- الحيض . 4- النفاس .
ويسن الغسل للجمعة والعيدين ..
وصفة الغسل الكامل
-
أن ينوي بقلبه .
- ثم يسمي ويغسل يديه ثلاثا ويغسل فرجه .
- ثم يتوضأ وضوءا كاملا .
- ثم يحثي الماء على رأسه ثلاث مرات , يروي أصول شعره .
- ثم يعم بدنه بالغسل , ويدلك بدنه بيديه , ليصل الماء إليه .
ويجب على المغتسل أن يتفقد أصول شعره ومغابن بدنه وما تحت حلقه وإبطيه وسرته وطي ركبتيه , وإن كان لابساً ساعة أو خاتما ; فإنه يحركهما ليصل الماء إلى ما تحتهما .
أحكام التيمم
التيمم هو : استعمال التراب لرفع الحدث ، عند عدم القدرة على استعمال الماء .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ .. ) إلى أن قال سبحانه : (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) ..
والتيمم هو : مسح الوجه واليدين بصعيد طيب ، وبعد التيمم يفعل المتطهر به كل ما يفعل المتطهر بالماء من الصلاة والطواف وقراءة القرآن وغير ذلك .
يجوز التيمم في أربع حالات :
أولا : إذا عدم الماء سواء عدمه في الحضر أو السفر , وطلبه , ولم يجده .
ثانيا : إذا كان معه ماء لكنه قليل ، ويحتاجه لشرب وطبخ .
ثالثا : المريض العاجز عن الوضوء بالماء ، أو المصاب بحروق في جلده ، ولا يستطيع استعمال الماء .
خامسا : في البرد الشديد ، ولم يجد ما يسخنه به .
ففي هذه الأحوال يتيمم ويصلي .
ويجوز التيمم بكل ما علا وجه الأرض من تراب ورمل وحصى وغيره لقوله تعالى :" فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا" .
وصفة التيمم أن يضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع , ثم يمسح وجهه بباطن أصابعه , ويمسح ظهر كفيه بباطنهما ..
ومن حضرته الصلاة ، ولم يستطع أن يستعمل الماء ولا التراب ، لشدة مرضه أو غيره ، فإنه يصلي بلا وضوء ولا تيمم ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها .
إن الله يدافع ..
روى البخاري : أن إبراهيم عليه السلام .. بينما هو ذات يوم يسير مع زوجه سارة.. إذ أتى على بلد يحكمها جبار من الجبابرة.. فأتى هذا الجبار بعض حاشيته وقالوا:إن ها هنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ولا تصلح إلا لك ..فأرسل هذا الجبار جنده إلى إبراهيم وسألهوه من هذه معك ؟ فعلم إبراهيم عليه السلام أنه لا قوة له بهذا الطاغية .. وأنه لو قال زوجتي لقتلوه .. فقال لهم : هي أختي .. ثم أتى إبراهيم إلى سارة .. وقال : يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك.. وإن هذا سألني عنك .. فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني .. فأرسل الجبار إليها .. فأحضرت إليه .. فلما دخلت عليه .. أقبل عليها.. فلما رفع يده إليها .. شلت يده .. ففزع الرجل .. وقال : ادعي الله لي ولا أضرُّك .. فدعت الله له .. فأطلق .. فوسوس له الشيطان .. فأقبل إليها مرة أخرى .. فدعت عليه .. فأصابه كالأولى أو أشد.. فلما رأى أنه لا طاقة له بها .. فزع وقال: ادعي الله لي ولا أضرُّك.. فدعت له فأطلق الله يديه.. ففزع منها .. ودعا بعض حجابه .. وقال : إنكم لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان .. ثم أخرجها من قصره .. وأعطاها جارية اسمها هاجر .. فخرجت سارة .. إلى زوجها .. فلما دخلت عليه فإذا هو قائم يصلي .. ويدعو ويبتهل .. فلما أحس بها أومأ بيده .. يسألها عن الخبر .. فقالت : رد الله كيد الكافر - أو الفاجر - في نحره.. وأخدم هاجر .. فانظر كيف فزع إبراهيم إلى الصلاة لما حزبته الأمور ..
أحكام الصلاة
الصلاة ركن من أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ، ولم تخل منها شريعة رسول من رسل الله .
وقد فرضها الله على نبيه r ليلة المعراج في السماء ;لعظمتها ومكانتها عند الله . وأمر الله بها في 58موضعاً من كتابه ..
ويؤمر بها الطفل الصغير في السابعة من عمره ليهتم بها , ويتمرن عليها .. قال r " مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين , واضربوهم عليها لعشر , وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .
ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لقوله تعالى :" إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا " أي : مفروضة في أوقات معينة , لا يجوز تأخيرها عنها .
ومن ترك الصلاة تهاونا أو كسلا من غير جحد لوجوبها كفر على الصحيح من قولي العلماء , بل هو الصواب الذي تدل عليه الأدلة كحديث :" بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة " رواه مسلم ، وينبغي مناصحة تاركها حتى يتوب ويقيم الصلاة .
صفة الصلاة
قال r : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .. وتكره الصلاة في مكان فيه تصاوير ; لما فيه من التشبه بعباد الأصنام .
ويسن
أن يجعل المصلي أماه سترة ، إذا كان منفرداً أو إماماً ; قال r
: ( إذا
صلى أحدكم , فليصل إلى سترة , وليدن منها ) رواه أبو داود ، لتمنع المار بين يديه
, وتمنع المصلي من الانشغال بما وراءها . وإن كان في صحراء ; جعل أمامه شجرة أو
حجراً أو عصاً ، يسن للمصلي رد من يقطع صلاته ; قال r
إذا كان أحدكم يصلي , فلا يدعن أحدا يمر
بين يديه , فإن أبى , فليقاتله ; فإن معه القرين ) رواه مسلم .
والسنة في الصلاة هي :
يستقبل القبلة ثم يقول ( الله أكبر ) وهي ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها ، ولا بد من قولها باللسان ، ولا يشترط أن يرفع صوته بها ، والأخرس ينويها بقلبه ، ويُسَن أن يرفع يديه عند التكبير إلى منكبيه ، أو يرفعهما بمحاذاة أذنيه .
ثم يضع بطن كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى ، أو يضع يده اليمنى على رسغ يده اليسرى ، وينظر إلى موضع سجوده .
ثم
يقرأ دعاء الاستفتاح ، وهو سنة ، فيقول : ( سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ،
وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ، أو يقول : ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت
بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ،
الله اغسلني بالماء والثلج والبَرَد ) ، ثم يقول : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
) أو : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) ( بسم الله الرحمن الرحيم
) ، ثم يقرأ الفاتحة في كل ركعة وهي ركن لا تصح الصلاة بدونها .
وإذا كان المصلي لا يُجيد الفاتحة ، فإنه يقرأ ما تيسر من القرآن بدلها ، فإذا كان
لا يجيد ذلك ( كالمسلم الجديد ) فإنه يقول : ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا
الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ، ويجب عليه المبادرة بتعلم الفاتحة
.
ثم يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن .
وإذا عرض للمصلي أمر ; كاستئذان أحد عليه , أو سهو إمامه , أو خاف على إنسان الوقوع في هلكة , فله التنبيه على ذلك ; بأن يسبح الرجل وتصفق المرأة , لقوله r : ( إذا نابكم شيء في صلاتكم ; فلتسبح الرجال , ولتصفق النساء ) متفق عليه .
وإذا سلم أحد على المصلي فإنه يرد السلام بالإشارة بيده فقط .
أخطاء أثناء القيام :
قول بعض الناس نويت أن أصلى كذا وهذا خطأ لأن النية محلها القلب والتلفظ بها بدعه .
قول بعض الناس في الصلاة الجهرية عند قول الأمام { إياك نعبد وإياك نستعين } استعنا بالله .
زيادة بعضهم كلمة ولك الشكر بعد قوله ربنا ولك الحمد .
مسح الوجه بعد رفع اليدين من الركوع .
عدم التراص في الصفوف وترك أماكن فراغ وهذا مخالف للأمر بتسوية الصف .
الالتفات في الصلاة ورفع البصر إلى السماء وقد ورد النهي عن ذلك .
مدافعة الأخبثين في الصلاة ، وهو أن يصلي مع شدة حاجته لقضاء الحاجة من بول أو غائط .
تغطية الفم من غير حاجة ، أو سدل اليدين عن جانبيه في الصلاة .
وضع اليد اليمنى على اليسرى على البطن ، والسنة وضعهما على الصدر .
تغميض العينين لغير الضرورة .
النظر إلى ما يلهي عن الصلاة والواجب النظر إلى موضع السجود .
تشبيك الأصابع أو فرقعتها .
ثم يركع قائلاً : ( الله أكبر ) ، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو إلى حذو أذنيه ، كما فعل عند تكبيرة الإحرام .
ويجب أن يسوى ظهره في الركوع ، ويقبض بأصابع يديه على ركبتيه مع تفريقها ، ويقول في ركوعه : "سبحان ربي العظيم " والواجب أن يقولها مرة واحدة ، وما زاد فهو سنة .
ويسن أن يقول في ركوعه أيضاً : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي "و" سبوح قدوس رب الملائكة والروح " .
ثم يرفع رأسه من الركوع قائلاً : ( سمع الله لمن حمده ) ويُسَن أن يرفع يديه ، كرفع تكبيرة الإحرام ، ثم يقول بعد أن يستوي قائماً " ربنا ولك الحمد " أو " اللهم ربنا ولك الحمد " ، ويُسن أن يقول بعدها : " ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " . ويُسَن أن يضع يديه على صدره في هذا القيام ، كما فعل في القيام الأول قبل الركوع .
أخطاء في الركوع :
عدم إقامة الصلب أثناء الركوع ، والسنة أن يكون الظهر مستوياً .
النظر إلى القدمين ، والسنة النظر لموضع السجود .
عدم مساواة الرأس مع الظهر ، والسنة أن يكون على امتداد الظهر .
ثم
يسجد قائلاً : ( الله أكبر ) ، ويقول في سجوده " سبحان ربي الأعلى " مرة
واحدة ، وما زاد على ذلك فهو سنة
.
ويجب أن يسجد المصلي على سبعة أعضاء :
رجليه ، وركبتيه ، ويديه ، وجبهته مع الأنف ، ولا يجوز أن يرفع عضواً منها عن
الأرض أثناء سجوده ، وإذا لم يستطع المصلي أن يسجد بسبب المرض فإنه ينحني بقدر
استطاعته حتى يقرب من هيئة السجود .
ويُسَن في السجود أن يُبعد بطنه عن فخذيه ، وأن يُبعد عضديه عن جنبيه إلا إذا كان
ذلك يضايق من بجانبه .
ويُسَن أن يكثر من الدعاء في سجوده ، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد .
أخطاء في السجود :
عدم السجود على الأعضاء السبعة .
أن يبسط المصلي ساعديه ويضع مرفقيه على الأرض في سجوده .
أن يسجد على الجبهة دون الأنف ، أو الأنف دون الجبهة .
أن يرفع رجليه عن الأرض ، أو يكتفي بوضع رؤوس الأصابع ، والواجب إلصاق بطون الأصابع بالأرض .
أن يلصق بطنه بفخذيه ، أو عضديه بجنبيه ، والأصل أن يجافي بين ذلك كله .
ثم
يرفع رأسه من سجوده قائلاً " الله أكبر " ويجلس بين
السجدتين مفترشاً رجله اليسرى ناصباً رجله اليمنى ، واضعاً يديه على فخذيه ،
وأطراف أصابعه
عند ركبتيه ، أو يضع يده اليمنى على ركبته اليمنى ويده اليسرى على ركبته اليسرى .
ويجب أن يقول وهو جالس بين السجدتين : (
رب اغفر لي ) أو " اللهم اغفر لي اغفر لي " أو " رب اغفر لي
وارحمني واهدني وعافني وارزقني
" مرة واحدة ، وما
زاد على ذلك فهو
سنة
.
ثم يسجد السجدة الثانية ، ثم ينهض من السجود إلى الركعة الثانية قائلاً : "الله أكبر " ، وإن جلس جلسة خفيفة ( جلسة الاستراحة ) فلا بأس .
ثم يصلي الركعة الثانية كما صلى الركعة الأولى ، إلا أنه لا يقرأ دعاء الاستفتاح ، ولا يتعوذ قبل قراءة الفاتحة ، لأنه قد استفتح وتعوذ في بداية الركعة الأولى .
وبعد السجود الثاني في الركعة الثانية يجلس للتشهد الأول مفترشاً .
ويقبض أصبعه
الخنصر والبنصر ويُحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة ، أو يقبض جميع أصابع يده
اليمنى ويشير بالسبابة
، أما يده اليسرى فيقبض بها على ركبته اليسرى ، وله أن يبسطها على فخذه الأيسر دون قبض الركبة .
ويقول في هذا التشهد : ( التحيات لله والصلوات
والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد
أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ) .
فإذا كانت الصلاة ركعتين ، كصلاة الفجر ، صار هذا هو الجلوس الأخير ، فأكمل التشهد فقال : اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
وإن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب ، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء ، قرأ التشهد الأول ، ثم نهض إلى الركعة الثالثة ، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه ، كما فعل في تكبيرة الإحرام ، قائلا : "الله أكبر " ..
ويضع يديه على صدره .. كما تقدم .. ويقرأ الفاتحة فقط ( في الركعة الثالثة والرابعة ) .
فإذا
جلس للتشهد الأخير ، جلس متوركاً ، واضعاً قدمه اليسرى تحت ساقه اليمنى ، وبعض
مقعدته على الأرض ، ويلقم كفه اليسرى ركبته ، متكئاً عليها ، ويقرأ التشهد كاملاً
: التحيات لله .. إلى آخره : إنك حميد مجيد ، ويُسَن أن يقول بعده ( اللهم إني
أعوذ بك من
عذاب جهنم ، وعذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة
المسيح الدجال "
ثم يدعو بما شاء ، كقول " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" وغيره .
ثم
يسلم عن يمينه " السلام عليكم ورحمة الله
" وعن يساره كذلك .
ويسن له بعد الصلاة أن يأتي بأذكار الصلاة
وهي :
أن يستغفر ثلاثاً ، ويقول : اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ،
ثم يقول سبحان الله ، والحمد لله، والله أكبر ، كلاً منها 33مرة .
ثم يتم المائة بقوله : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ،
ثم يقرأ آية الكرسي وهي : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة:255)
ثم يقرأ سورة "قل هو الله أحد " والفلق ، والناس ، مرة واحدة .
إلا بعد صلاتي الفجر والمغرب ، فيستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات .
كما يستحب أن يقول بعد صلاتي الفجر والمغرب : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ،عشر مرات .
صليت !.. لا .. لم تصلِّ !!
وفي الصحيحين .. أن النبي e كان جالساً في المسجد مع أصحابه يوماً .. فدخل رجل فصلى .. وجعل النبي e يرمقه وهو يصلي .. ثم جاء فسلم على النبي e فرد عليه السلام .. ثم قال : ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ ..
فرجع الرجل فصلى .. كصلاته الأولى .. ثم جاء إلى النبي e فسلم عليه .. فقال له : وعليك السلام .. ارجع فصلِّ .. فإنك لم تصلِّ ..فرجع الرجل فصلى .. ثم جاء إلى النبي e فسلم عليه .. فقال له : وعليك السلام .. ارجع فصلِّ .. فإنك لم تصلِّ .. فقال الرجل : والذي بعثك بالحق .. ما أحسن غير هذا .. فعلمني ..فقال e : إذا قمت إلى الصلاة فكبر .. ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن .. ثم اركع حتى تطمئن راكعاً .. ثم ارفع حتى تعتدل قائماً .. ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً .. ثم ارفع حتى تطمئن جالساً .. ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ..
عجباً .. فما أحوج كثير من الناس اليوم أن يقال له بعد صلاته : ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ ..؟!ينقر أحدهم سجوده كنقر الغراب .. ويركع مستعجلاً كالمرتاب .. لا يناجي ربه في السجود .. ولا يخشع للرحيم الودود ..
صلاة المريض
وللمريض في الطهارة عدة حالات:
1. إن كان مرضه يسيراً لا يضره معه استعمال الماء كالمريض بالصداع ووجع الضرس ونحوهما، فهذا لا يجوز له التيمم .
2. وإن كان به مرضه يزداد باستعمال الماء ، فهذا يجوز له التيمم .
3. المريض إذا لم يستطع الوضوء أو الغسل بالماء لعجزه أو لخوفه من زيادة المرض فإنه يتيمم بتراب نظيف ، لقوله تعالى:" وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [المائدة:6] ، فإن كان لا يستطيع التيمم يَـمّمَهُ غيره ، بأن يأخذ يدي المريض فيضرب بها على التراب ثم يمسح وجهه وكفيه ، وإن كان بدنه أو ملابسه أو فراشه متلوثاً بالنجاسة ، ولم يستطيع إزالة النجاسة ، أو التطهر منها - جاز له الصلاة على حالته التي هو عليها؛ لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) [التغابن:16].
4. من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره استعمال الماء ، فأصابته جنابة ، جاز له التيمم للأدلة السابقة ، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك وتيمم للباقي .
5. إذا كان المريض في محل لم يجد ماء ولا ترابا ولا من يحضر له الماء أو التراب ، فإنه ينوي الطهارة بقلبه ، ويصلي على حسب حاله وليس له تأجيل الصلاة ، لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) [التغابن:16] .
6. المريض المصاب بسلس البول ، أو استمرار خروج الدم أو الريح ولم يبرأ بمعالجته ، عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ويغسل ما يصيب بدنه وثوبه ، أو يجعل للصلاة ثوبا طاهراً إن تيسر له ذلك . وإن تيسر أن يضع على فرجه قطناً أو نحوه مما يمنع وصول النجاسة إلى ملابسه وبقية بدنه ، فهو أفضل .
7. وإن كان المريض عليه جبيرة فيمسح عليها في الوضوء والغسل، ويغسل بقية العضو، أما إن كان المسح على الجبيرة أو غسل ما يليها من العضو يضره ، أو كان فيه جروح لا يستطيع غسلها ولا مسحها (كالحروق) اكتفى بالتيمم بعد انتهائه من الوضوء .
كيفية صلاة المريض ..
أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام، له أن يصلي جالسا، ويكون جلوسه حسب ما يسهل عليه فكيفما جلس جاز .
فإن عجز عن الصلاة جالسا فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن ، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى على ظهره , وتكون رجلاه جهة القبلة إن أمكن ؛ لقوله r لعمران بن حصين : ( صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ) "رواه البخاري" وزاد النسائي: " فإن لم تستطع فمستلقيا " .
ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائما فيومئ بالركوع ( يعني : يميل بجسمه خافضاً رأسه ) ثم يرفع من الركوع ، فإذا أراد السجود جلس ، وأومأ بالسجود؛ لقوله تعالى : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) [البقرة:238]، ولقوله r : صل قائماً .
وإن كان المرض شديداً ، أو شللاً ، ولم يقدر على الإيماء برأسه ، نوى الركوع والسجود بقلبه ، وإن لم يكن عنده من يوجهه إلى القبلة , ولم يستطع التوجه إليها بنفسه ; صلى على حسب حاله , إلى أي جهة تسهل عليه .
وبعض المرضى ممن تجرى لهم عمليات جراحية , يتركون الصلاة لأنهم لا يقدرون على أدائها بصفة كاملة , أو لعجزهم عن الوضوء , أو لأن ملابسهم نجسة , وهذا خطأ كبير ; فلا يجوز ترك الصلاة . بل يصليها على حسب حاله : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) .
وبعض المرضى يقول : إذا شفيت ; قضيت الصلوات التي تركتها , وهذا تساهل ; فالصلاة تصلى في وقتها حسب الإمكان , ولا يجوز تأخيرها عن وقتها .
وإذا نام المريض أو غيره عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم ، أو حال ذكره لها ، ولا يجوز له تركها إلى دخول وقت مثلها ليصليها فيه. لقوله r : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ) .
وإن شق عليه فعل الصلاة بوقتها فيجمع الظهر والعصر، والمغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير حسبما يتيسر له ، إن شاء قدم العصر مع الظهر وإن شاء أخر الظهر مع العصر، وإن شاء قدم العشاء مع المغرب، وإن شاء أخر المغرب مع العشاء ، أما الفجر فلا تجمع مع ما قبلها ولا مع ما بعدها .
شروط الصلاة
للصلاة
شروط لا تصح إلا بها , إذا عدمت أو بعضها ; لم تصح الصلاة , ومنها :
أولا : دخول وقتها : قال تعالى " إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا " ، وأوقاتها هي :
1 - صلاة الظهر : ويبدأ وقتها بزوال الشمس ; أي : ميلها إلى الغرب بعد تعامدها ، إلى أن يصير ظل كل شيء مثله .
2- العصر : تبدأ بنهاية وقت الظهر , إلى اصفرار الشمس ويسن تعجيلها في أول وقتها .
3- المغرب : من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر ( والشفق : آثار غروب الشمس وهو بياض تخالطه حمرة , ثم تذهب الحمرة ويبقى بياض خالص ثم يغيب ) .
4- العشاء : تبدأ بخروج وقت المغرب إلى طلوع الفجر , وينقسم وقتها إلى قسمين : وقت اختيار يمتد إلى ثلث الليل , ووقت اضطرار من ثلث الليل إلى طلوع الفجر الثاني .
5- الفجر تبدأ بطلوع الفجر الثاني , ويمتد إلى طلوع الشمس , ويستحب تعجيلها .
قال تعالى :" فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ " أي : الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها .
ثانيا: ستر العورة ، يستحب التزين عموماً للصلاة ، لكن الواجب على الرجل ستر ما بين السرة والركبة ، والمرأة تستر جسمها كله إلا وجهها وكفيها ( في الصلاة ) .
ثالثا: اجتناب النجاسة ; بأن يبتعد عنها المصلي , ويخلو منها تماما في بدنه وثوبه وبقعته التي يقف عليها للصلاة .
ومن رأى عليه نجاسة بعد الصلاة ولا يدري متى حدثت ; فصلاته صحيحة , وكذا لو كان عالما بها قبل الصلاة , لكن نسي أن يزيلها ; فصلاته صحيحة على القول الراجح .
وإن علم بالنجاسة في أثناء الصلاة وأمكنه إزالتها من غير عمل كثير ; كخلع النعل أو العمامة ونحوهما ; أزالهما وأكمل صلاته , وإن لم يتمكن من إزالتها ; قطع صلاته وأزالها ثم أعاد الصلاة .
ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا في المسجد المبني على القبر ، فإن كان المسجد مبنياً قبل القبر ; نُبش القبر وأخرج وإن كان القبر قبل المسجد ; فإما أن يزال المسجد , وإما أن يزال القبر .
وتكره الصلاة في مكان فيه تصاوير معلقة .
رابعاً : استقبال القبلة .. إلا العاجز عن الاستقبال كالمريض والمربوط ، وإن جهل القبلة سأل قدر المستطاع وصلى ، فإن لم يجد من يسأله وصلى حسب اجتهاده فصلاته صحيحة ، سواء أصاب القبلة أو أخطأها .
خامسا: النية ، ومحلها القلب فلا يتلفظ بها .
أركان الصلاة وواجباتها وسننها
الأركان : إذا ترك منها شيئاً , بطلت صلاته , سواء تركه عمدا أو سهواً .
والواجبات : إذا ترك منها شيئاً متعمداً ; بطلت صلاته , وإن تركه سهواً ; لم تبطل , ويجبره بسجود السهو .
والسنن لا تبطل الصلاة بترك شيء منها لا عمدا ولا سهوا , لكن تنقص هيئة الصلاة بذلك . والنبي r صلى صلاة كاملة بجميع أركانها وواجباتها وسننها , وقال : "صلوا كما رأيتموني أصلي " .
وأركانها هي
1.القيـام مع القدرة ، 2.وتكبيرة الإحرام ( يقول : الله أكبر ) .
3.وقراءة الفاتحة ، وهي ركن على الإمام والمنفرد في كل ركعة ، وعلى المأموم في الصلاة السرية ، أما في الجهرية فهي ركن في حق المأموم في الثالثة والرابعة ، أما في الأولى والثانية فواجبة ، وفي الصلاة الجهرية على المأموم أن يقرأها بعد فراغ الإمام من قراءتها .
4.والركوع ، 5.والرفع منه ، 6.والسجود ، 7.والجلوس عنه ، 8.والتشهد الأخير جالساً ، 9.والصلاة على النبي r في التشهد الأخير
10.والتسليمة الأولى 11.الترتيب بين الأركان ، 12.والطمأنينة في كل الأفعال المذكورة : وهي التأني والسكون .
وواجباتها هي
1.جميع تكبيرات الانتقال ( وهي التي يقولها أثناء انتقاله بين أفعال الصلاة ) غير تكبيرة الإحرام فهي ركن ، 2.وقول : " سمع الله لمن حمده " للإمام والمنفرد , فأما المأموم ; فيقول : ربنا ولك الحمد ، 3.التحميد ; أي قول : " ربنا ولك الحمد " , للإمام والمأموم والمنفرد ، 4. قول : " سبحان ربي العظيم " في الركوع ، 5. قول : " سبحان ربي الأعلى " في السجود ، 6. قول : " رب اغفر لي " , بين السجدتين ,
6.التشهد الأول وهو أن يقول : " التحيات لله والصلوات والطيبات , السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ، 7. الجلوس للتشهد الأول " صلوا كما رأيتموني أصلي " ..
فهذه الواجبات من ترك واجباً منها متعمداً ; بطلت صلاته ; لأنه متلاعب فيها, ومن تركه سهواً أو جهلاً ; فإنه يسجد للسهو .
مسئول عن رعيته ..
بعث عبد العزيز بن مروان ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها ويطلب العلم .. وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده .. وكان يلزمه في الصلوات .. فأبطأ يوماً عن الصلاة .. فقال : ما حبسك ؟ قال : كنت أمشط شعري .. فقال : بلغ من حبك لشعرك أن تؤثره على الصلاة ؟! وكتب بذلك إلى والده .. فبعث أبوه رسولاً إليه فما كلمه حتى حلق شعره ..
وفقد عبد الملك بن مروان ولده هشام يوماً في صلاة جمعة .. فبعث إليه بعد الصلاة يسأله عن تغيبه .. فقال : عجزت بغلتي عن حملي .. ولم أجد دابة .. فأرسل إليه : وإذا لم تجد دابة تغيب عن الجمعة .. أقسمت عليك ألا تركب دابة سنة كاملة ..
وقال مجاهد : سمعت رجلاً من أصحاب النبي e ممن شهد بدراً قال لابنه : أدركت الصلاة معنا ؟ قال : نعم .. قال : أدركت التكبيرة الأولى ؟ قال : لا .. قال : لما فاتك منها خير من مائة ناقة كلها سود العين ..
وكان ابو هريرة t إذا خرج للصلاة .. مر ببيوت أهله يصيح ويخرجهم معه إلى المسجد .. وهو يقرأ } وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى { ..
صلاة التطوع
التطوع بالصلاة من أفضل القربات ; قال r " اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة " :
وصلوات
التطوع نوعان :
1.صلوات مؤقتة بأوقات معينة , وتسمى بالنوافل المقيدة .
2.صلوات غير مؤقتة بأوقات معينة , وتسمى بالنوافل المطلقة .
صلاة الوتر وأحكامها :
ولسهولة
فعلها وعظم أجرها ، صار الذي لا يصليها مذموماً ، قال الإمام أحمد : " من ترك
الوتر عمدا ; فهو رجل سوء , لا ينبغي أن تقبل شهادته " .
ووقت الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء ويستمر إلى طلوع الفجر .
وأقل الوتر ركعة واحدة وأكثره 11ركعة ,
يصليها ركعتين ركعتين , ثم يصلي ركعة واحدة يوتر بها .
وله
أن يوتر بثلاث ركعات , فيصلي ركعتين ويسلم , ثم يصلي الركعة الثالثة وحدها ,
ويستحب أن يقرأ في الأولى ب ( سبح ) , وفي الثانية :" قُلْ يَا أَيُّهَا
الْكَافِرُونَ " والثالثة :" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " .
ويستحب له أن يرفع يديه ويقنت بعد الركوع
في الوتر ( وهو الركعة الأخيرة ) فيدعو الله , ويقول : " اللهم اهدني فيمن
هديت . .. " إلخ الدعاء الوارد .
صلاة التراويح وأحكامها
هي في شهر رمضان ، وهى سنة مؤكدة , سميت تراويح لأن الناس كانوا يستريحرن فيها بين كل أربع ركعات لطول الصلاة ، وفعلها جماعة في المسجد أفضل قال r : من قام مع الإمام حتى ينصرف ; كتب له قيام ليلة " وقال" من قام رمضان إيمانا واحتسابا , غفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه .
أما عدد ركعاتها , فقد أخبرت عاشئة Z أنه r ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن 11ركعة ، ولكن لم يثبت فيها أمر قاطع عن النبي r , فله أن يصلي 11ركعة , أو 23 ركعة , وله أن يزيد على ذلك .
السنن الراتبة مع الفرائض
ولها فضل عظيم ، قال r : ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة .. تطوعاً غير فريضة .. إلا بنى الله له بيتاً في الجنة .. أربعَ ركعات قبل الظهر .. وركعتين بعد الظهر .. وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء .. وركعتين قبل الصبح ) رواه مسلم .
أربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، وركعتان قبل الفجر.
وآكدها ركعتا الفجر قال r "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " والسنه تخفيف ركعتي الفجر ، ويقرأ في الركعة الأولى من سنة الفجر بعد الفاتحة :" قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " وفي الثانية :" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " أو يقرأ في الأولى منهما :" ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة:136) .. وفي الركعة الثانية : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) (آل عمران:64 ).
وكذلك يقرأ في الركعتين بعد المغرب بالكافرون والإخلاص .
وإذا فاته شيء من هذه السنن الرواتب , فيسن له قضاؤه , وكذا إذا فاته الوتر من الليل , فإنه يسن له قضاؤه في الضحى ، قال r : من نام عن الوتر أو نسيه , فليصله إذا أصبح أو ذكر ، لكنه عند قضاء الوتر يزيد فيه ركعة ، فيجعله شفعاً ، فإن كان يصلي دائماً خمس ركعات ، فيقضيها ست ركعات ، وهكذا ..
صلاة الضحى
قال
أبو هريرة Z : " أوصاني خليلي
رسول الله r بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر , وركعتي
الضحى , وأن أوتر قبل أن أنام " متفق عليه ، وسماها النبي r صلاة الأوابين ( التوابين ) :" صلاة
الأوابين حين ترمض الفصال " رواه مسلم ; أي : حين يشتد حر الشمس ; فتبرك الإبل
الصغار من شدة الحر .
ووقت صلاة الضحى يبدأ من بعد طلوع الشمس بربع ساعة ، ويمتد إلى قبيل أذان الظهر
بعشر دقائق .
سجود التلاوة
ويسن عند تلاوة آية فيها سجود أثناء الصلاة أو خارجها ، عن أبي هريرة Z مرفوعا " إذا قرأ ابن آدم السجدة , فسجد ; اعتزل الشيطان يبكي , يقول : يا ويله ! أمر ابن آدم بالسجود , فسجد ; فله الجنة ; وأمرت بالسجود , فأبيت , فلي النار" رواه مسلم .
ويكبر إذا سجد للتلاوة ، لحديث ابن عمر : كان رسول الله r يقرأ علينا القرآن , فإذا مر بالسجدة ; كبر وسجد , وسجدنا معه رواه أبو داود . ويقول في سجوده : " سبحان ربي الأعلى " وإن قال : " سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره , وشق سمعه وبصره , بحوله وقوته , اللهم اكتب لي بها أجرا , وضع عني بها وزرا , واجعلها لي عندك ذخرا , وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود " فلا بأس .
ويستحب أن يخرَّ لسجود التلاوة من قيام ، لا من قعود .
التطوع المطلق
قال r " أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل " رواه أصحاب السنن ، وقال "إن في الليل ساعة , لا يوافقها عبد مسلم , يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة ; إلا أعطاه إياه " وقال " عليكم بقيام الليل , فإنه دأب الصالحين قبلكم , وهو قربة إلى ربكم , ومكفرة للسيئات , ومنهاة عن الإثم " رواه الحاكم .
ومدح الله القائمين من الليل : فقال تعالى :" كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " وقال : " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " ..
الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
هناك أوقات ورد النهي عن الصلاة فيها وهي ثلاثة أوقات :
الأول : من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح ( أي ينتظر بعد طلوع الشمس بمقدار 15دقيقة ثم يصلي إن شاء ) ..
والثاني : قبيل أذان الظهر لمدة عشر دقائق .
والثالث : من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس .
لقول عقبة بن عامر :" ثلاث ساعات نهانا رسول الله r أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع , وحين يقول قائم الظهيرة حتى تزول , وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب" رواه مسلم .
فهذه الأوقات لا يصلي فيها إلا : قضاء الفريضة ، وركعتا الطواف ، والصلوات ذوات الأسباب، كصلاة الجنازة , وتحية المسجد , وصلاة الكسوف .
وجوب صلاة الجماعة وفضلها
قال r :"صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " متفق عليه ، وقال r :" أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر , ولو يعلمون ما فيهما , لأتوهما ولو حبوا " متفق عليه .
وسئل ابن عباس عن رجل يقوم الليل ويصوم النهار ولا يحضر الجماعة , فقال : " هو في النار " .
وتسقط صلاة الجماعة عن أصحاب الأعذار ، كالمريض .
عجبا! كاد يحرق بيوتهم !!
وفي الصحيحين : أن النبي e قال : والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب .. ثم آمر بالصلاة فيؤذنَ لها .. ثم آمرَ رجلاً فيؤمَّ الناس .. ثم أخالفَ إلى رجال فأحرقَ عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء.. فقام بن أم مكتوم الأعمى t فقال : يا رسول الله ! يا رسول الله ! إني رجل ضرير البصر .. شاسع الدار .. وليس لي قائد يلائمني .. فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي.. قال : أتسمع النداء ؟ قال : نعم .. قال : فاحضرها ..قال : يا رسول الله .. إن بيني وبينها نخلاً وشجراً .. وليس لي قائد .. قال أتسمع الإقامة : قال : نعم .. قال : فاحضرها ولم يرخص له ..
وروى مسلم : عن ابن مسعود t قال : من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن .. فإن الله شرع لنبيكم e سنن الهدى .. وإنهن من سنن الهدى .. ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته .. لتركتم سنة نبيكم .. ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ..ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق .. ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ..
صلاة المسافر
المسافر يشرع له قصر الصلاة الرباعية من أربع إلى ركعتين قال تعالى :( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ) .
ويقصر المسافر الصلاة , ولو كان يتكرر سفره , كصاحب البريد وسيارة الأجرة .
ويجوز للمسافر الجمع بين الظهر والعصر , والجمع بين المغرب والعشاء ; في وقت أحداهما ; فكل مسافر يجوز له القصر , فإنه يجوز له الجمع , والأفضل أن لا يجمع إلا عند الحاجة .
إذا دخل عليه وقت الصلاة وهو في بلده وهو يريد السفر ولم يفارق البنيان فلا يترخص بأحكام السفر من قصر وجمع وإفطار في نهار رمضان ، وغيرها لأن الترخص يبدأ بمفارقة البنيان ، أما إذا دخل عليه وقت الصلاة وهو في بلده ، لكنه قد ركب سيارته وشرع في السفر لكن لم يخرج من البلد بعد ، فإنه يجوز أن يصلي خارج البلد قصراً ، أو يجمعها إلى ما بعدها إن شاء .
إذا كان المطار خارج بنيان البلد فيقصر المسافر الصلاة فيه إذا كان الحجز مؤكداً ، أما إذا كان الحجز انتظاراً فلا يقصر لأنه لم يجزم بالسفر ، أما إذا كان المطار داخل البلد فلا يقصر الصلاة فيه سواء كان الحجز انتظاراً أو مؤكداً لأنه لم يفارق البنيان .
نية القصر لا يشترط استحضارها قبل الصلاة لأن القصر هو الأصل في السفر فلا يحتاج إلى نية ، كالإتمام في الحضر . وهنا مسائل تقع للمسافر :
أ_ إذا نوى المأموم المسافر الإتمام وصلى إمامه قصراً فيقصر مثله إن كان كلاهما مسافر .
ب_ إذا نوى المأموم المسافر القصر وصلى إمامه إتماماً لزمه متابعة إمامه والإتمام .
ج_ إذا دخل المسافر في الصلاة ونسي أن ينوي القصر فيقصر سواء إماماً أو مأموماً .
د_ إذا ائتم المسافر بإمام لا يدري هل هو مسافر أو مقيم فيلزمه ما صلى إمامه .
هـ _ إذا نوى ابتدأ المسافر صلاته بنية الإتمام سواء كان إماماً أو مأموماً ثم تذكر أنه مسافر صلى قصراً ( رجحه ابن عثيمين ) لأن الأصل في صلاة المسافر القصر .
و_ إذا نوى المسافر القصر ثم قام إلى الثالثة ناسياً فإنه يرجع ويسجد للسهو .
يستحب تخفيف القراءة في صلاة السفر ، وكان أصحاب النبي e يقرؤون في السفر بالسور القصار .
لا يجوز للمسافر ترك الجماعة في المسجد إذا كان نازلاً في البلد المسافر إليه سواء كان مسافراً فرداً أو كانوا جماعة ، لعموم أدلة وجوب الجماعة في المسجد ولا دليل على استثناء المسافر من وجوب صلاة الجماعة قال e : ( من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر ) .
لا يصح القصر وراء الإمام المتم سواء دخل المسافر في أول الصلاة أو آخرها لقوله e : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) متفق عليه .
ومن الخطأ أن بعض المسافرين يدخل مع الإمام المقيم في الرباعية في الركعتين الأخيرتين ويكتفي بهما وهذا لا يجوز ، بل لا بد للمسافر إذا صلى خلف المقيم أن يصلي أربعاً .
إذا دخل المسافر مع إمام يظن أنه مسافر فأدرك معه الركعتين الأخيرتين ثم علم بعد السلام أن الإمام متم ، فعلى المسافر عندئذ أن يتم الصلاة أربعاً فوراً .
إذا كان المسافر لم يصلّ المغرب ، ودخل مع إمام مسافر يصلي العشاء ، فإنه إذا سلم الإمام قام فأتى بالثالثة ، فإن كان الإمام مقيماً يجلس المأموم في الثالثة وينتظر حتى يسلم مع الإمام ( رجحه الشيخ ابن عثيمين ) .
إذا أراد المسافر أن يصلي العشاء ركعتين ، ودخل مع إمام يصلي المغرب ، فإنه يدخل بنية العشاء ، فإذا سلم الإمام قام وأتى بركعة رابعة ، ولا يصح أن يكتفي بركعتين .
صلاة الجمعة
-
فضل يوم الجمعة : قال r : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام
وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها
ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة ) . رواه مسلم . وقال r : ( من أفضل أيامكم يوم الجمعة ) متفق عليه .
- حكمها :فرض عين على كل مكلف قادر ، قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي
للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر اللّه ) ، فإن غاب عنها صلى
الظهر أربع ركعات .
وفي
صحيح مسلم أنه r قال لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي
بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن
الجمعة بيوتهم . وقال : من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع اللّه على قلبه
). رواه الخمسة . وقال : ( لينتهين أقوامٌ عن ترك الجمعة أو ليختمن الله على قلوبهم وليكونن من
الغافلين ) .
-
وقتها : هو وقت الظهر، من زوال الشمس إلى دخول وقت العصر .
-
ومما ابتلي به اليوم كثير من الناس التأخر عن صلاة الجمعة ، قال r
: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح
.. فكأنما قرب بدنة .. ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في
الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب
دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت
الملائكة يستمعون الذكر " رواه البخاري ، والساعات تبدأ من طلوع الشمس ، وقيل
من الفجر .
وقال : "إذا كان يوم الجمعة كان على
كل باب من أبواب المسجد .. الملائكة يكتبون الأول فالأول .. فإذا جلس الإمام طووا
الصحف وجاءوا يستمعون الذكر " رواه البخاري .
من أجل ذلك كان الصالحون يتسابقون إليها ، ويشتغلون بالصلاة النافلة والذكر والقراءة حتى يخرج الإمام للخطبة ، وكان الصحابة , قبل صلاة الجمعة ; منهم من يصلي عشر ركعات , ومنهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة , ومنهم من يصلي ثماني ركعات , وليس لها راتبة قبلها محددة .
قال الإمام الزركشي : إن من أول ما أحدث المتأخرون من التغيير في صلاة الجمعة أنهم يتأخرون في المجيء إليها .. ولقد أدركنا السابقين يأتي أحدهم إلى صلاة الجمعة بيده السراج ، يعني يأتي إليها قبل أن تطلع الشمس ..
ومن حب الله تعالى للذين يبكرون إلى صلاة الجمعة ، أنهم هم الأقرب إليه في يوم المزيد في الجنة إذا اجتمع المؤمنون ينظرون إلى ربهم جل جلاله ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان .
- آداب الجمعة :
- يستحب أن يأتي إليها " ماشيا " لقوله r : من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها ) رواه الترمذي ، ويستحب أن يشتغل في طريقه بقراءة أو ذكر .
-
ويستحب " أن يتزين بأحسن ثيابه ويتطيب " لقوله r : من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه ومس
من طيب إذا كان عنده ثم أتى الجمعة ولم يتخط أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج
إمامه حتى يفرغ من صلاته كان كفارة لما بينه وبين جمعته التي قبلها ) رواه ابن حبان والحاكم وقال صحيح على
شرط مسلم .
-
وإن دخل
والإمام يخطب لم يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد ، لحديث سليك
الغطفاني أنه دخل المسجد ورسول الله r يخطب فجلس ، فقال له r : (أركعت ركعتين ؟ فقال : لا ، فقال : قم فاركعهما )
.
- ولا يتخطى رقاب الناس لأنه r رأى رجلا يتخطى رقاب الناس ، فقال له : اجلس فقد آذيت وآنيت ( أي تأخرت ) رواه ابن حبان والحاكم وصححاه .
-
ويستحب أن يقرأ سورة الكهف يومها أو ليلتها ليغفر له ما بين الجمعتين .( ليلة
الجمعة : تبدأ من مغرب يوم الخميس ) .
-
ويكثر الدعاء في يوم الجمعة وليلتها ، رجاء أن يصادف ساعة الإجابة قال r
: ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئا إلا
أعطاه إياه وأشار بيده يقللها ) رواه الشيخان .
- ويستحب كثرة الصدقة وفعل الخير ويومها وليلتها.
- ويكثر الصلاة على رسول الله r في يومها وليلتها ، لقوله r : إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة ، وقوله r : أكثروا علي من الصلاة ليلة الجمعة ويوم الجمعة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا رواه البيهقي بإسناد جيد .
-
ويكره تشبيك الأصابع في طريقه إلى المسجد ، وفي المسجد ، وكذا سائر أنواع العبث ما
دام مستمعاً للخطبة ، أو منتظراً للصلاة .
-
إذا نعس أثناء استماع الخطبة ، فيفعل كما قال r : إذا نعس أحدكم وهو في المسجد
فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره ) أبو داود والترمذي ،صحيح .
-
الاغتسال لها , وهو سنة مؤكدة , ومن العلماء من يوجبه .
-
إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا , إلا أعطاه
إياه .
- سنة الجمعة البعدية .. إن صلى في بيته ; صلى ركعتين , وإن صلى في المسجد , صلى
أربع ركعات .
- ومن دخل المسجد والإمام يخطب ; لم يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما ; لقوله r : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام ; فليصل ركعتين وليتجوز فيهما ( أي : يسرع ) رواه مسلم .
- وتسن الصلاة على النبي r إذا سمعها من الخطيب , ولا يرفع صوته بها .
- ويستحب أن يؤمن على دعاء الخطيب بلا رفع صوت .
- ومن دخل والإمام يخطب ; فإنه لا يسلم , بل ينتهي إلى الصف بسكينة , ويصلي ركعتين ويجلس لاستماع الخطبة , ولا يصافح من بجانبه.
- ويجب الإنصات ولا يجوز الكلام والإمام يخطب ، قال r : ( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب ; فقد لغوت ) متفق عليه . ويجوز للإمام أن يكلم بعض المأمومين حال الخطبة ، ولا يجوز العبث حال الخطبة بيد أو ظفر أو لحية أو ثوب أو فرش ; لقوله r : ( من مس الحصا ; فقد لغا , ومن لغا , فلا جمعة له ) صححه الترمذي .
- وكذلك لا ينبغي له أن يتلفت يمينا وشمالا , ويشتغل بالنظر إلى الناس , أو غير ذلك , لأن ذلك يشغله عن الاستماع للخطبة , ولكن ليتجه إلى الخطيب كما كان الصحابة Z يتجهون إلى النبي r حال الخطبة .
- وإذا عطس ; فإنه يحمد الله سرا بينه وبين نفسه .
- ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها وإذا جلس الإمام بين الخطبتين ، لمصلحة , لكن لا ينبغي التحدث بأمور الدنيا .
- ومن خرجوا إلى البر في نزهة أو غيرها , ولم يكن حولهم مسجد تقام فيه الجمعة , فلا جمعة عليهم , ويصلونها ظهرا مهما كان عددهم ، لأنه يشترط للجمعة أن يكونوا مستوطنين .
-
ومن جاء متأخراً ، فأدرك مع الإمام من صلاة الجمعة ركعة ; أتمها جمعة ، وإن أدرك
أقل من ركعة , كالتشهد الأخير ، أو السجدتين ، فقد فاتته صلاة الجمعة , فيدخل معه
بنية الظهر , فإذا سلم الإمام , أتمها ظهرا أربع ركعات .
- ويشترط لصحة صلاة الجمعة تقدم خطبتين .
- وليس من شرط الخطبتين أن تكونا طويلتين مفصلتين ، بل أقل شيء أ يوجد فيهما حمد
الله , والشهادتان , والصلاة على رسوله , والوصية بتقوى الله , والموعظة , وقراءة
شيء من القرآن , ولو آية ;
-
ويسن للخطيب أن يسهل خطبته للفهم ، ويخاطب الناس على قدر عقولهم ، فإذا صعد المنبر
سلم على المأمومين ثم يجلس إلى فراغ المؤذن ، ويخطب قائما ، ويجلس بين الخطبتين , ولا
يكثر الالتفات عن جانبيه أثناء الخطبة ، لأنه r كان يقصد تلقاء وجهه في الخطبة , ويستقبله
الحاضرون بوجوههم ، ويسن أن يختصر الخطبة اختصاراً معتدلا , بحيث لا يملوا , ويسن
أن يرفع صوته بها ; لأنه r كان إذا خطب ; علا صوته , واشتد غضبه , ولأن
ذلك أوقع في النفوس , وأبلغ في الوعظ ، ويسن أن يدعو للمسلمين بما فيه صلاح دينهم ودنياهم
, فإذا فرغ من الخطبتين تقام الصلاة مباشرة .
- وصلاة الجمعة ركعتان , يجهر فيهما بالقراءة , ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بعد
الفاتحة " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى " وفي الثانية " هَلْ
أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ " ، أو يقرأ في الأولى سورة الجمعة , وفي
الثانية سورة "المنافقون" .
70سنة لم تفته صلاة !!
كان سعيد بن عبد العزيز إذا فاتته صلاته الجماعة بكى ..
وسعيد بن المسيب : ما نودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا وهو في المسجد .
والأعمش كان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
وسئل سليمان المقدسي عن صلاة الجماعة وقد قارب عمره التسعين .. فقال: لم أصلّ الفريضة قط منفرداً إلا مرتين وكأني لم أصلهما قط..
وقال حاتم الأصم : فاتتني صلاة الجماعة فعزاني أبو إسحاق البخاريُ وحده .. ولو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشرة آلاف ..
وكان الربيع بن خثيم بعدما شُلَّ جسده وأصابه الفالج .. يهادي بين رجلين إلى مسجد قومه .. وكان أصحابه يقولون : يا أبا يزيد .. لقد رخص الله لك لو صليت في بيتك .. فيقول : إنه كما تقولون .. ولكني سمعته ينادي : حي على الفلاح .. فمن سمع منكم ينادي حي على الفلاح .. فليجبه ولو زحفاً ولو حبواً ..لله درهم من مرضى.. بل والله نحن المرضى..
صلاة العيدين
- ليس في الإسلام إلا عيدان : عيد الفطر ، وعيد الأضحى ..ولا تجوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى كعيد الأم وعيد المعلم وعيد الحب وغيرها ، بل هذا ابتداع في الدين , وتشبه بالكافرين , سواء سميت أعيادا أو أياما ، وقد قال r :" من تشبه بقوم , فهو منهم " .
- ودليل مشروعية صلاة العيد : قوله تعالى :" فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ " أي صلى العيد ثم نحر أضحيته .
- وأول صلاة عيد صلاها النبي r في يوم الفطر من السنة الثانية للهجرة , ولم يتركها r حتى مات .
-
والسنة أن تصلى العيد في صحراء قريبة من البلد ; لأن النبي r كان يصلي العيدين في المصلى الذي على باب
المدينة إلا في مكة ; فإنها تصلى في المسجد الحرام ، والمأموم إذا حضر لصلاتها في
مصلى بالصحراء فيجلس مباشرة دون تحية مسجد إلى أن يحضر الإمام ، أما إن صلاها في
مسجد فيصلي ركعتين تحية للمسجد قبل الجلوس .
- ويبدأ وقت صلاة العيد من بعد طلوع الشمس بربع ساعة ، ويمتد وقتها إلى زوال الشمس
( وقت الظهر ) ، ويسن تقديم وقت صلاة الأضحى ليفرغ الناس بعد الصلاة لذبح أضاحيهم
، وتأخير صلاة الفطر ليتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر قبل صلاة الفطر .
- ويسن أن يأكل قبل الخروج لصلاة الفطر تمرات , وأن لا يأكل يوم الأضحى حتى يصلي العيد
، فقد كان r " لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر , ولا يطعم يوم
النحر حتى يصلي "رواه أحمد وغيره .
-
ويسن أن يتجمل للصلاة وكانت للنبي r حلة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة وكان ابن
عمر يلبس في العيدين أحسن ثيابه .
- ويشترط لصلاة العيد الاستيطان ; بأن يكون الذين يقيمونها مستوطنين في مساكن
مبنية , كما في صلاة الجمعة ; فلو كان قوم في نزهة وحضرت صلاة العيد لم يصح أن
يصلوها .
- وصلاة العيد ركعتان قبل الخطبة بدون أذان ولا إقامة , فقد " كان r وخلفاؤه يصلون العيدين قبل الخطبة "متفق عليه ، والخطبة بعد صلاة العيد سنة ، والاستماع إليها سنة أيضاً .
- وكيفية الصلاة أن يكبر للإحرام .. ثم يقرأ دعاء الاستفتاح ثم يكبر ست تكبيرات ; فتكبيرة الإحرام ركن , وبقية التكبيرات سنة ثم يقرأ الفاتحة ، وفي الركعة الثانية يكبر قبل القراءة خمس تكبيرات - غير تكبيرة الانتقال - ويرفع يديه مع كل تكبيرة ; لأنه r كان يرفع يديه مع التكبير ، قال ابن القيم : " كان r يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة , ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات " .
- وإن دخل المأموم مع الإمام بعدما شرع في القراءة ; فيكبر تكبيرة واحدة فقط للإحرام .
-
وصلاة العيد ركعتان , يجهر الإمام فيهما بالقراءة ، وكان r يقرأ في الأولى " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ
الْأَعْلَى " وفي الثانية "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ" رواه
أحمد ، أو يقرأ في الأولى بسورة ( ق ) , وفي الثانية بسورة ( القمر ) رواه مسلم .
- فإذا سلم من الصلاة ; خطب خطبتين , يجلس بينهما ، ثم ينصرف الناس ، وليس لصلاة
العيد سنة بعدية .
- ويستحب حضور النساء لصلاة العيد .
- ومن فاتته صلاة العيد أو فاته بعضها ، فإنه يقضيها ركعتين ; بتكبيراتها ، فإن جاء والإمام يخطب ; جلس لاستماع الخطبة , فإذا انتهت ; صلاها , ولا بأس بقضائها منفردا أو مع جماعة .
- ويسن في العيدين الإكثار من التكبير يرفع به صوته , ففي عيد الفطر : يبدأ التكبير ليلة العيد ( من بعد مغرب اليوم الذي قبله ) ، وينتهي ببداية صلاة العيد ، لقوله تعالى : "وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ " ، ويجهر بالتكبير في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل موضع يجوز فيه ذكر الله تعالى , ويجهر به في الخروج إلى المصلى ; وكان ابن عمر إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى ; يجهر بالتكبير , حتى يأتي المصلى , ثم يكبر حتى يأتي الإمام .
- وفي عيد الأضحى : يبدأ التكبير من أول أيام شهر ذي الحجة في كل وقت ، ويتأكد بعد كل صلاة فريضة في جماعة , فيلتفت الإمام إلى المأمومين , ثم يكبر ويكبرون ، لكنه بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ( 13ذي الحجة ) يكون التكبير مقيداً ( أي بعد الصلوات المفروضة فقط ) .
وهذه
الصيغة نمن التكبير عامة للحاج وغيره ، لكن الحاج ; يبتدئ تكبيره المقيد من صلاة
الظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق ; لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية ، وصيغة
التكبير أن يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله , والله أكبر الله أكبر
ولله الحمد .
- ولا بأس في العيدين ، بتهنئة الناس بعضهم بعضا ; بأن يقول لغيره : تقبل الله منا
ومنك ، أو غير ذلك .
صلاة الكسوف
- صلاة الكسوف سنة
مؤكدة باتفاق العلماء ، ولما كسفت الشمس في عهد رسول الله r , خرج إلى المسجد مسرعا فزعا , فصلى بالناس ,
وأخبرهم أن الكسوف آية من آيات الله , يخوف الله به عباده , وأنه قد يكون سبب نزول
عذاب بالناس , فأمر بالصلاة عند حصوله
والدعاء والاستغفار والصدقة .
- ووقت صلاة الكسوف من ابتداء الكسوف إلى انتهائه , لقوله r "وإذا رأيتم شيئا من ذلك , فصلوا حتى
ينجلي" رواه مسلم ، وإذا لم يعلموا بالكسوف إلا بعد انتهائه ، فلا يشرع لهم
أن يصلوا لفوات وقت الصلاة .
- وصفة صلاة الكسوف أن يصلي ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ، يقرأ في الأولى الفاتحة
وسورة طويلة كسورة البقرة أو نحوها , ثم يركع ركوعا طويلا قريباً من طول قيامه ,
ثم يرفع رأسه قائلاً : " سمع الله لمن حمده , ربنا لك الحمد " , ثم يقرأ
الفاتحة وسورة طويلة أقصر من الأولى ثم يركع فيطيل الركوع , ثم يرفع رأسه قائلاً :
" سمع الله لمن حمده , ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه , ملء
السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد " ثم يسجد سجدتين طويلتين , ولا
يطيل الجلوس بين السجدتين , ثم يصلي الركعة الثانية كالأولى بركوعين طويلين
وسجودين طويلين مثلما فعل في الركعة الأولى , ثم يتشهد ويسلم ، وتصلى في جماعة ، ويجوز
أن تصلى فرادى .
- فإن انتهت الصلاة قبل أن ينجلي الكسوف , اشتغلوا بالذكر والدعاء ، وإن انجلى
الكسوف وهو في الصلاة ; أتمها خفيفة , ولا يقطعها .
60سنة ما سها في صلاة !!
كان علي بن الحسين y : إذا توضأ أخذته رعدة وتصبب عرقاً .. فيسألونه عن ذلك ؟ فيقول : ويلكم .. أتدرون بين يدي من سوف أقوم !!
أما مسلم بن يسار .. فقال عنه بعض أصحابه : ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتاً في صلاته قط .. خفيفة ولا طويلة .. ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدته وإنه لفي المسجد في صلاة فما التفت إليهم ..
وقال ابن سيرين : رأيت مسلم بن يسار رفع رأسه من السجود في المسجد الجامع .. فنظرت إلى موضع سجوده كأنه صب فيه الماء من كثرة دموعه ..
وقال ابن عون : رأيت مسلم بن يسار يصلي كأنه وتد .. لا يميل على قدم مرة ولا على قدم مرة .. ولا يتحرك .. له ثوب ولا يتروح على رجل ..
وكثير الحمصي .. أمَّ أهل حمص ستين سنة كاملة .. ولم يسهُ في صلاة قط .. فسئل عن ذلك .. فقال : " ما دخلت من باب المسجد قط وفي نفسي غير الله "
صلاة الاستسقاء
- الاستسقاء هنا هو
طلب السقي ( المطر ) من الله تعالى ، ويشرع الاستسقاء إذا أجدبت الأرض وانحبس
المطر .
- وحكم صلاة الاستسقاء أنها سنة مؤكدة كما ثبت في الصحيحين .
- وصفة صلاة الاستسقاء يستحب فعلها في المصلى ( الصحراء خارج البلد ) كصلاة العيد
, وأحكامها كأحكام صلاة العيد في عدد الركعات والتكبيرات والجهر بالقراءة , وفي
كونها تصلى قبل الخطبة كصلاة العيد تماماً .
- وينبغي أن يكثر الإمام في خطبة الاستسقاء من الاستغفار والدعاء ويرفع يديه , لأنه
r كان يرفع يديه في دعائه بالاستسقاء .
- ويسن أن يستقبل الإمام القبلة في آخر الدعاء , ويقلب رداءه ; فيجعل اليمين على
الشمال والشمال على اليمين , فيكون باطن الرداء ظاهراً والظاهر باطناً ، ويفعل
المأمومون ذلك أيضاً بأرديتهم ونحوها ، والحكمة في ذلك التفاؤل بتحويل الحال عما
هي عليه من الشدة إلى الرخاء ونزول الغيث , ثم إن سقى الله المسلمين , وإلا أعادوا
الاستسقاء ثانياً وثالثاً ; لأن الحاجة داعية إلى ذلك .
أحكام الجنائز
يسن الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له بالتوبة ورد المظالم لأصحابها ، قال r "أكثروا من ذكر هاذم اللذات "رواه الحاكم وصححه .
أولا : أحكام المريض ، والمحتضر .
- إذا أصيب الإنسان بمرض , فعليه أن يصبر ويحتسب ، ولا يجوز التداوي بمحرم لقوله r : "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " وقال في الخمر : " إنه ليس بدواء ولكنه داء " ، ومن الحرام التداوي عند المشعوذين والكهان والسحرة والمستخدمين للجن فعقيدة المسلم أهم عنده من صحته .
- وتسن عيادة المرضى , ولا يطيل الجلوس عنده , إلا إذا كان المريض يرغب ذلك , ويقول للمريض : " لا بأس عليك , طهور إن شاء الله " , ويدخل عليه السرور , ويدعو له بالشفاء , ويرقيه بالقرآن , لا سيما سورة الفاتحة والإخلاص والمعوذتين .
- ويسن للمرء أن يكتب وصيته ، ويوصي بشيء من ماله في أعمال الخير , ويبين ماله وما عليه من الديون ، لقوله r " ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه .
- فإذا احتضر المريض , فيسن لمن حضره أن يلقنه لا إله إلا الله , برفق ولين , ولا يكثر عليه , لقوله r " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله " رواه مسلم وقال " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله , دخل الجنة " ويستحب أن يوجه المحتضر للقبلة .
ثانيا : أحكام الوفاة :
- فإذا مات الشخص يستحب لمن عنده تغميض عينيه لأن النبي r أغمض عيني أبي سلمة Z لما مات , وقال : " إن الروح إذا قبض , تبعه البصر , فلا تقولوا إلا خيرا , فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " رواه مسلم .
- ويسن ستر الميت بعد وفاته بثوب , قالت عائشة : لما توفي النبي r سُجِّي ببرد حبرة " متفق عليه .
- وينبغي الإسراع في تجهيزه إذا تأكد موته , لقوله r : " لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله " رواه أبو داود .
- ويستحب الإسراع بتنفيذ وصيته ,وقضاء ديونه , سواء كانت لله تعالى من زكاة وحج أو كفارة , أو كانت للخلق من أمانات للناس عنده ، وأموال استدانها ، ونحوها .
ثالثاً : تغسيل الميت ..
- الرجل يغسله الرجال ، والمرأة تغسلها النساء ، إلا أنه يجوز للمرأة أن تغسل زوجها , وللرجل أن يغسل زوجته .
- ولا يجوز لمسلم أن يغسل كافرا أو يحمل جنازته أو يكفنه أو يصلي عليه أو يتبع جنازته , قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ " وقال :" وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ " ولا يدفنه , لكن إذا لم يوجد من يدفنه من الكفار , فإن المسلم يواريه , بأن يلقيه في حفرة , منعا للتضرر بجثته , ولأن النبي r ألقى قتلى المشركين في معركة بدر في البئر.
وكيفية التغسيل كالتالي :
يسن عند تغسيل
الميت أن يستر عورته بخرقة أو نحوها ، وينزع ثيابه ، ثم يرفع رأسه وظهره كهيئة
الجالس ، ويعصر بطنه ليخرج الأذى منه ، ويُكثر صب الماء حينئذ ليذهب ما يخرج من الأذى .
ثم يلف الغاسل على يده خرقة فيغسل بها فرج الميت دون
أن يرى عورته أو
يمسها ، ثم يسمي ويوضئه كوضوء الصلاة ، ولكن لا يُدخل الماء في أنفه وفمه ، بل يُدخل الغاسل أصبعه ملفوفاً به خرقة
مبلولة بين شفتي الميت فيمسح أسنانه ، وفي منخريه فينظفهما ، ثم يغسل برغوة السدر رأسه ولحيته وبقية
جسده .
ثم يغسل جانبه الأيمن من جهة الأمام والخلف ، ثم الأيسر كذلك ، وللغاسل أن يزيد في الغسلات على 3مرات عند الحاجة .
يسن أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً وهو طيب معروف بارد تطرد رائحته الحشرات ، أو أي طيب آخر .
يستحب
أن يُغسل الميت بماء بارد إلا إذا احتاج الغاسل للماء الحار بسب أوساخ الجسد ، ويمكن
استعمال الصابون لإزالة الوسخ ، ولكن يفركه بلطف .
يستحب قص شارب الميت وشعر الإبط إن كان طويلاً ، وتقليم أظافره .
شعر المرأة يظفر ثلاث ظفائر ويُسدل وراء
ظهرها .
يستحب أن يُنَشف الميت بعد غسله .
إذا خرج من الميت بول أو غائط أو دم ولم ينقطع مع تكرار الغسل ، فأنه يُسَدّ فرجه
بقطن ، ثم يُوَضأ الميت ، أما إن خرج شيء بعد تكفينه ، فلا يُعاد غسله للمشقة ،
وإنما يغسل مكان الخارج ، ويزال ما أصاب الكفن .
إذا مات الحاج أو المعتمر أثناء إحرامه فيُغْسل ولكن لا يُطيب ولا يُغَطى رأسه
فانه يُبْعث يوم القيامة ملبياً ) متفق عليه .
شهيد المعركة لا يُغسل ، لأنه r
( أمر بقتلى أحُد أن يُدْفنوا في ثيابهم
وألا يُغَسلوا ) رواه البخاري ، ولا يُصلى عليه لأنه r
لم يصل على شهداء أحد ، متفق عليه .
أما السقط وهو الجنين الذي يسقط من بطن أمه أثناء حملها به ، إذا كان قد تم له في
بطن أمه 4 أشهر فيُغسل ويُصلى عليه ويُسَمى ، لقوله r
( ( إن أحدكم يكون في بطن أمه 40 يوماً
نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يُرْسل له المَلَك فينفخ
فيه الروح ) رواه مسلم ، أي بعد 4 أشهر ، أما قبلها فهو قطعة لحم يُدْفن في أي
مكان بلا غسل ولا صلاة .
من تعذر غسله إما لعدم وجود الماء ، أو لتمزقه ، أو احتراقه ، فانه يُيَمم ، أي
يضرب المغسِّل بيده التراب ويمسح بهما وجه الميت وكفيه .
رابعاً : أحكام التكفين :
يكفن
الرجل في 3 لفائف بيضاء ، لأن النبي r
كُفّن في ثلاث لفائف بيض وتطيب بالبخور ، فتُبْسط بعضها فوق
بعض ، ويُجعل الطيب بينها ، ثم يوضع الميت عليها
مستلقياً على ظهره ، مستورة عورته بخرقة ، ويوضع
قطن مطيَّب تحت مقعدته لئلا تخرج رائحة كريهة ، وإن ربط خرقة عليها قطن تغطي عورة الميت وأدارها على فرجيه فهو حسن .
ويستحب أن يجعل الطيب على عيني الميت وأنفه وشفتيه وأذنيه
، ومواضع سجوده ، وإن طُيب جميع بدنه فحسن .
ثم يبدأ في تكفينه فيطوي طرف اللفافة الأولى على جنبه الأيمن ، ثم طرفها الآخر على جنبه الأيسر ، ثم يطوي اللفافة الثانية كالأولى ، ثم الثالثة كذلك ، ثم تسحب الخرقة التي تستر عورته ، ثم تربط العقد السبع على الكفن ، ثم تحل العقد في القبر . وإن كانت العقد أقل من سبع جاز .
المرأة تكفن في 5 أثواب : إزار يغطي أسفل البدن وخمار يغطي الرأس ، وقميص ( وهو كالثوب ولكن مفتوح الجانبين ، ولفافتات تعمان جميع الجسد.
خامسا : أحكام الصلاة على الميت ..
- قال r :" من شهد الجنازة حتى يصلى عليها , فله قيراط , ومن شهدها حتى تدفن , فله قيراطان . قيل : وما القيراطان , قال : مثل الجبلين العظيمين " متفق عليه .
الصلاة على الجنازة فرض كفاية . أي يكفي أن يقوم به بعض المسلمين .
يكبر
أربع تكبيرات , يتعوذ بعد التكبيرة الأولى ويقرأ الفاتحة ، وبعد الثانية يقرأ
الصلاة على النبي r : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم
وعلى آل إبراهيم إنك
حميد مجيد , اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد ، وبعد التكبيرة الثالثة يدعو للميت ، ومن ذلك : ( اللهم اغفر له
وارحمه ، وعافه واعفُ عنه ، ونقه من
الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدَنَس , وأبدله داراً خيراً من
داره , وأهلاً خيراً
من أهله , وزوجاً خيراً من زوجه ، وأدخله الجنة , وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار ) رواه مسلم ، أما
الطفل الميت فيدعو له ولوالديه .
وبعد التكبيرة الرابعة يسكت قليلاً ، ثم
يُسَلم عن
يمينه تسليمة واحدة ، ويجوز أن يسلم تسليمة ثانية عن يساره ، ويرفع
المصلي يديه مع كل تكبيرة .
من فاتته الصلاة على الميت جاز أن يصلي عليه بعد دفنه
، أي يجعل القبر بينه وبين القبلة
ويصلي عليه كما يصلي على الجنازة ، لفعله r ، متفق عليه .
ومن فاتته بعض الصلاة على الجنازة , ودخل
مع الإمام في أثنائها ، فإنه إذا سلم الإمام قضى ما فاته على صفته , وإن خشي أن
ترفع الجنازة , تابع التكبيرات ( أي : بدون فصل بينها ) , ثم سلم .
سادسا : حمل الميت ودفنه ..
يسن الإسراع بالجنازة برفق , لقوله r : "أسرعوا بالجنازة , فإن تك صالحة , فخير تقدمونها إليه , وإن تك سوى ذلك , فَشَرٌّ تضعونه عن رقابكم" متفق عليه , ويكون على حامليها ومشيعيها السكينة , ولا يرفعون أصواتهم , لا بقراءة ولا ذكر .
و يجوز أن يمشي الناس أمام الجنازة ، أو خلفها ، وعن يمينها وشمالها ، ويكره لمن يتبع الجنازة أن يجلس قبل أن توضع الجنازة على الأرض ، لنهي النبي r عن ذلك .
هناك
ثلاثة أوقات نهى النبي r
عن الدفن فيها : وقت طلوع الشمس حتى ترتفع
، وقبل أذان الظهر بعشر دقائق ، وحين تبدأ الشمس بالغروب حتى تغرب ، قال عقبة بن
عامر Z: ( ثلاث ساعات كان رسول الله r
ينهانا أن نصلي فيهم أو أن نقبر
فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى
تميل الشمس ، وحين تضيّف الشمس للغروب حتى تغرب ) رواه مسلم ، ويجوز الدفن في الليل
.
يسن أن يُدْخل الميت القبر من عند رجلي القبر ، فإذا لم يمكن أدْخل من جهة القبلة ، ويقول من يُدخل الميت في قبره : ( بسم الله وعلى ملة رسول الله ) رواه أبو
داود .
اللحد أفضل من الشق ، قال r
: ( اللحد لنا والشق لغيرنا ) رواه أبو داود ، واللحد هو أن يُحفر للميت في قاع القبر حفرة من جهة القبلة
يوضع فيه ، والشق
هو أن يحفر له حفرة وسط قاع القبر ، ويسن
تعميق القبر ليأمن على الميت من
السّباع ، ومن خروج رائحته .
يُسن وضع الميت في قبره على شقه الأيمن
مستقبلاً القبلة .
يسن أن يُرْفع القبر مقدار شبر ليُعلم أنه قبر فلا يُهَان ، ويكون مُسَنماً ، أي
على هيئة سنام البعير ، ويضع على قبره حجراً جهة الرأس ليعرف ، كما فعل r
بقبر عثمان بن مظعون Z ، رواه ابو داود .
يحرم البناء على القبر ، والكتابة عليه ، وتحرم إهانة القبور بالمشي عليها ووطئها بالنعال والجلوس عليها لما روى مسلم عن أبي هريرة مرفوعا :" لأن يجلس أحدكم على جمرة , فتحرق ثيابه , فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر" .
الأصل
أن يدفن كل ميت في قبر بمفرده ، ولكن عند الضرورة يجوز دفن الاثنين والثلاثة في
قبر واحد ، كما في حالة كثرة الموتى وقلة من يدفنهم ، كما فعل بشهداء أحد ، ويجعل بين كل اثنين حاجزاً من
التراب .
ويستحب إذا فرغ من دفنه أن يقف المسلمون
على قبره ويدعوا له ويستغفروا له لأنه عليه الصلاة والسلام كان إذا فرغ من دفن
الميت , وقف عليه , وقال :" استغفروا لأخيكم , واسألوا له التثبيت , فإنه
الآن يسأل " رواه أبو داود , وأما قراءة شيء من القرآن عند القبر , فإن هذا
بدعة ; لم يفعله النبي r ولا صحابته .
ويحرم إسراج القبور - أي : إضاءتها بالأنوار الكهربائية وغيرها , ويحرم بناء المساجد عليها , والصلاة عندها .
سادسا : أحكام التعزية وزيارة القبور
- تسن تعزية المصاب بالميت , وحثه على الصبر والدعاء للميت , لقوله r :"ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة , إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة " رواه ابن ماجة بسند حسن ، فيقول في التعزية : " أعظم الله أجرك , وأحسن عزاءك , وغفر لميتك " .
يجوز البكاء اليسير على الميت ، ولكن بلا نياحة أو صراخ ، لأنه r دمعت عيناه لما مات ابنه إبراهيم .
يجوز
للمصاب بالميت أن يحد على الميت : أي يترك تجارته أو الخروج للنزهة أو نحو ذلك حزناً على الميت ، ويكون
ذلك لثلاثة أيام فقط . إلا الزوجة على زوجها ، فيجب عليها أن تحد على زوجها مدة العدة وهي 4 أشهر و10
أيام إن لم تكن
حاملاً ، أما الحامل فتحد على زوجها إلى أن تلد .
-
ولا ينبغي الجلوس للعزاء والإعلان عن ذلك كما يفعل بعضهم اليوم , ويستحب أن يعد لأهل
الميت طعامًا يبعثه إليهم لقوله r :" اصنعوا لآل جعفر طعاما , فقد جاءهم ما يشغلهم
" رواه أحمد والترمذي وحسنه .
- وما يفعله بعض الناس من أن أهل البيت يهيئون مكانا لاجتماع الناس عندهم , ويصنعون الطعام , ويستأجرون المقرئين لتلاوة القرآن , ويتحملون تكاليف مالية , فهذه مآتم محرمة مبتدعة , قال جرير بن عبد الله Z " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة " رواه أحمد ورجاله ثقات .
تسن
زيارة الرجال فقط للعبرة والاتعاظ قال r
: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ،
فزوروها ، فانها تذكركم الآخرة ) رواه مسلم .
ويقول زائر المقبرة : ( السلام عليكم دار
قوم مؤمنين ، و إنّا إن شاء الله بكم لاحقون ) رواه مسلم .
-
زيارة القبور تستحب بثلاث شروط :
1 - أن يكون الزائر من الرجال لا النساء ; لأن النبي r " لعن الله زوارات القبور " .
2- أن تكون بدون سفر , لقوله r :" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " .
3- أن يكون القصد منها الاعتبار والدعاء للأموات , فإن يتبرك بالقبور والأضرحة ويطلب قضاء الحاجات من الموتى فهذه زيارة بدعية شركية .
على فراش الموت ..
لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس .. اشتد عليه الكرب .. فلما اخذ يشهق .. بكت ابنته .. فقال : يا بنيتي .. لا تبكي .. فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة .. كلها لأجل هذا المصرع ..
أمّا عامر بن عبد الله بن الزبير .. فلقد كان على فراش الموت .. يعد أنفاس الحياة .. وأهله حوله يبكون .. فبينما هو يصارع الموت .. سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب .. ونفسه تحشرج في حلقه .. وقد أشتدّ نزعه .. وعظم كربه .. فلما سمع النداء قال لمن حوله : خذوا بيدي ..!! قالوا : إلى أين ؟ .. قال : إلى المسجد .. قالوا : وأنت على هذه الحال !! قال : سبحان الله .. !! أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه .. خذوا بيدي .. فحملوه بين رجلين .. فصلى ركعة مع الإمام .. ثمّ مات في سجوده .. نعم .. مات وهو ساجد ..
احتضر عبد الرحمن بن الأسود .. فبكى .. فقيل له : ما يبكيك !! وأنت .. أنت ..يعني في العبادة والخشوع .. والزهد والخضوع .. فقال : أبكي والله .. أسفاً على الصلاة والصوم .. ثمّ لم يزل يتلو حتى مات ..
أما يزيد الرقاشي فإنه لما نزل به الموت .. أخذ يبكي ويقول : من يصلي لك يا يزيد إذا متّ ؟ ومن يصوم لك ؟ ومن يستغفر لك من الذنوب .. ثم تشهد ومات ..
أحكام الزكاة
- الزكاة أحد أركان الإسلام قال تعالى :" وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ " ، فرضت في السنة الثانية للهجرة .
- روى البخارى أنه r قال : من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه ( يعني بطرفي فمه ) يقول : أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (آل عمران:180)
- وروى مسلم أنه r قال : ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر تطؤه ذات الظلف بظلفها وتنطحه ذات القرن بقرنها ليس فيها يومئذ جماء ( لا قرن لها ) ولا مكسورة القرن ، قلنا : يا رسول الله وما حقها ؟ قال : إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنيحتها وحلبها على الماء وحمل عليها في سبيل الله ، ولا من صاحب مال لا يؤدي زكاته إلا تحول يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب وهو يفر منه ويقال : هذا مالك الذي كنت تبخل به فإذا رأى أنه لا بد منه أدخل يده في فيه فجعل يقضمها كما يقضم الفحل ) .
- وتجب الزكاة على الشخص إذا توفرت فيه شروط خمسة :
أحدها : الحرية , فلا تجب على عبد مملوك .
الثاني : أن يكون صاحب المال مسلما .
الثالث : امتلاك النصاب وهو قدر معلوم من المال يأتي تفصيله .
الرابع : استقرار الملكية ، فإذا كان ماله محجوزاً عند أحد ، أو كان هو ممنوعاً من التصرف في ماله ، فلا زكاة عليه .
الخامس : مضي الحول على المال ، إلا الخارج من الأرض كالحبوب والثمار ، فتجب فيه الزكاة عند حصاده .
زكاة بهيمة الأنعام
فتجب الزكاة في الإبل والبقر والغنم بشرطين :
الأول : أن تتخذ للاستفادة من لبنها ، وتكاثرها .
الثاني : أن تكون ترعى من العشب في الصحراء السنة كلها أو أكثرها ، أما إن كان يعلفها السنة أو أكثر السنة ، فليس فيها زكاة .
زكاة الذهب والفضة :
قال الله تعالى :" وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ "
قال r :" ما من ذهب ولا فضة لا يؤدى حقها , إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار " متفق عليه .
فتجب الزكاة في الذهب إذا بلغ 84غراماً , وفي الفضة إذا بلغت 595غراماً .
والرجل يباح له الخاتم من الفضة ، ويحرم عليه خاتم الذهب ، والمرأة يجوز لها التحلي بالذهب والفضة ، لقوله r " أحل الذهب والحرير لإناث أمتي , وحرم على ذكورها " رواه أحمد .
- ولا زكاة في حلي النساء من الذهب والفضة إذا كان معداً للاستعمال أو للإعارة , لقوله r :"ليس في الحلي زكاة " رواه الطبراني عن جابر بسند ضعيف , وأفتى بذلك جماعة من الصحابة , منهم أنس , وجابر , وابن عمر , وعائشة وأسماء أختها , قال أحمد : " فيه عن خمسة من أصحاب النبي r , ولأنه لا يقصد به النماء والزيادة ، بل الاستعمال فقط كالثياب ودور السكنى ، أما إن كان عند المرأة حلياً ، لا تستعمله دائماً ، لكنها تحتفظ به لتبيعه عند الحاجة ، فهذا تجب فيه الزكاة ، لأنه كنز ( والمسألة فيها خلاف واسع بين العلماء ) .
- فائدة : يحرم أن يطلى شيء من الأواني أو الأقلام ، أو السيارات أو مفاتيحها بذهب أو فضة ، قال r :"الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " .
- تجب الزكاة في الأوراق النقدية إلحاقاً لها بالذهب والفضة ، مع بلوغ النصاب ، و مضي الحول ، أما نصاب المال فقد حدده النبي r بالفضة فقال : َلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ " متفق عليه . والخمس أواق تساوي (595جراما) = 595 ريالاً ، فإذا ملك ما لا يقل عن هذا المقدار ، وحال عليه الحول ، وجبت عليه الزكاة ، ومقدار الزكاة الواجب إخراجها ربع العشر . أي ( 2.5% ) .
- وإذا كان المال يزيد وينقص ، كما هو حال أكثر الناس اليوم ، فإنه يحدد تاريخاً معيناً من السنة ، وكلما أتى هذا التاريخ ، نظر كم يملك من المال ثم زكاه ، سواء ملكه من سنة ، أو شهر .
- وإذا اجتمع للشخص نقود تبلغ النصاب فعليه زكاتها ، إذا حال عليها الحول ، سواءً كان أعدها للنفقة ، أو للتزوج ، أو لشراء عقار ، أو لقضاء دين ، أو غير ذلك من المقاصد ، لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا .
- وبعض الناس يخصص رمضان لإخراج الزكاة ، ويمكن إخراجها بقية السنة ، لكنهم ربطوا الزكاة برمضان حتى لا ينسوها ، فإذا كان الأمر كذلك فلا حرج إن شاء الله تعالى .
- من له دين على آخر ، هل تجب عليه زكاته ؟ الجواب : فيه تفصيل ؛ إذا كان المدين معسراً ، أو كان قادراً على الوفاء لكنه مماطل لا يمكن تحصيل الدين منه ، فهذا لا تجب فيه الزكاة ، لأن الزكاة في المال ، و لا مال في هذه الحال ، وإذا كان المدين يمكن تحصيل الدين منه ، لكن الدائن تكاسل عن طلبه واستلامه ، فالزكاة فيه واجبة ؛ لأنه قادر على تحصيل الدين فهو كأنه عنده ، قال ابن عمر Z : " كل دين ترجو أخذه ، فإنما عليك زكاته كلما حال عليه الحول ". ( أخرجه أبو عبيد /صحيح ) .
زكاة عروض التجارة
- وهو ما أعد للبيع والشراء لأجل الربح , سمي بذلك لأنه يعرض ليباع ويشترى ، قال سمرة Z :"كان النبي r يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع" رواه أبو داود ، فتجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ، وهو ناوٍ به التجارة ، لقوله r :"لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " .
- وكيفية إخراج زكاة العروض , أنها عند تمام الحول ينظر كم تساوي لو باعها ، ثم يخرج زكاة القيمة ، مثال : لو كان عنده بضاعة في دكان (مهما كانت هذه البضاعة : طعام ، لباس ، سيارات ، أجهزة .. ) فحال عليها الحول ، فينظر كم قيمتها الآن ، فيزكي القيمة ، فإن كانت تساوي ألف ريال أخرج 2.5% منها ، أي أخرج 25 ريالاً .
- وما زاد ونما أثناء الحول فحوله حول أصله ، مثال1: فتح المحل في أول السنة ووضع فيه بضاعة بألف ريال ، وباع واشترى ، وفي آخر السنة لزمته الزكاة فنظر كم يساوي ما في المحل فإذا هو يساوي 1500ريال ، فيزكي 1500ريال ، مثال2: رجل عنده صيدلية ، فتجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول : فيحسب المعروض للبيع كله بقيمته عند إخراج الزكاة ، وليس بقيمة شرائه لها .
أما الأشياء غير المعدة للبيع فلا تزكى ، كأثاث المحل ، والهاتف ، والثلاجات ، وسيارات الشحن وآلات المخابز ، فهذا لا تجب فيه الزكاة ، فيحسب التاجر ما عنده من مال ، وقيمة البضاعة الموجودة المعد للبيع فيخرج زكاتها جميعاً (2.5 % ) ، وزكاة العروض لا تكون من العروض نفسه ، وإنما تكون بإخراج قيمتها ، لأن المقصود منها هو القيمة ، وإن أخرج الزكاة من المعروض نفسه وكان الفقير يحتاجه ، جاز ) .
- الأراضي والبيوت والسيارات ، لا زكاة فيها ، إلا إذا أعدت للتجارة بالبيع ، أما إذا كانت للاقتناء والاستعمال ، فلا زكاة فيها ، قال r : " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " متفق عليه ، أما إذا أعد الأرض أو البيت أو السيارة للبيع فتجب الزكاة فيها بعد مضي الحول ، ويبدأ حولها من حين عزمه على البيع ، أما الذي يملك أرضاً - مثلاً – ويفكر في بيعها ، لكنه لم يعزم على البيع ، وإنما هو متردد ، فمثل هذا لا تجب عليه الزكاة .
- ومن وجبت عليه الزكاة , ومات قبل إخراجها , وجب إخراجها من تركته , فلا تسقط بالموت .
- أما العمارات والمحلات والأراضي المعدة للإيجار لا للبيع ، فالزكاة في أجورها إذا حال عليها الحول ، أما ذاتها فليس فيها زكاة، وكذلك السيارات الخصوصية والأٌجرة ليس فيها زكاة إذا كانت لم تُعد للبيع ، وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال .
7000درهم .. وسجن !!
ذكر في تاريخ بغداد.. أن فقيراً جاء إلى عبد الله بن المبارك .. فسأله أن يقضى عنه ديناً عليه .. فناوله عبد الله كتاباً .. إلى وكيل ماله .. فذهب به الفقير .. فلما قرأه الوكيل .. قال للفقير : كم الدين الذي سألت فيه عبد الله أن يقضيه عنك ؟ قال : سبعمائة درهم .. فكتب الوكيل إلى عبد الله .. أن الرجل سألك أن تقضي عنه سبعمائة درهم .. وكتبت له سبعة آلاف .. وسوف تفنى الأموال أو فنيت .. فكتب إليه عبد الله : إن كانت الأموال قد فنيت .. فإن العمر أيضاً قد فني .. فأجز له ما سبق به قلمي ..
وكان ابن المبارك كثيراً ما يسافر إلى الرقة .. وينزل في خان فيها .. فكان شاب يأتي إليه .. ويقوم بحوائجه .. ويسمع منه الحديث .. فقدم عبد الله الرقة مرة .. فلم ير ذلك الشاب .. فسأل عنه .. فقالوا : إنه محبوس .. لدين ركبه ..فقال عبد الله : وكم مبلغ دينه ؟ فقالوا : عشرة آلاف درهم ..
فلم يزل عبد الله يستقصي .. حتى دُلَّ على صاحب المال .. فدعا به ليلاً وأعطاه عشرة آلاف درهم .. وحلفه أن لا يخبر أحداً ..ما دام عبد الله حياً .. وقال له : إذا أصبحت .. فاخرج الرجل من الحبس .. ثم خرج عبد الله من ليلته من الرقة .. فلما خرج الفتى من الحبس .. قيل له : عبد الله بن المبارك كان هاهنا .. وكان يسأل عنك .. فخرج الفتى في أثره فلحقه على مرحلتين أو ثلاث من الرقة .. فلما قابله .. قال له عبد الله : يا فتى .. أين كنت ؟ لم أرك في الخان ! قال : كنت محبوساً بدين .. قال : فكيف كان سبب خلاصك ؟ قال : جاء رجل فقضى ديني .. ولم أعلم به حتى أخرجت من الحبس ..فقال له عبد الله : احمد الله على ما وفق لك من قضاء دينك .. ثم فارقه ومضى ..
زكاة الفطر
- وهي الزكاة التي تخرج قبل صلاة عيد الفطر أو قبل العيد بيوم أو يومين ، قال تعالى :" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وذكر اسم ربه فصلى " وفرض رسول الله r زكاة الفطر صاعا من بر أو صاعا من شعير , على العبد والحر , والذكر والأنثى , والصغير والكبير من المسلمين " متفق عليه .
- ومقدارها صاع ( 2.040 غرام ، كيلوان وأربعون غراماً ) , وتخرج من الطعام من غالب ما يأكله أهل البلد , أرزاً ، أو بُرّا ،, أو شعيرا , أو ذرة ..
- وقتها : يبدأ وقت الإخراج الأفضل بغروب الشمس ليلة العيد ( بعد المغرب من آخر يوم من رمضان ) ويجوز تقديم إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ، وإخراجها يوم العيد قبل صلاة العيد أفضل ، ولا يجوز تأخيرها عن ذلك .
- ويخرج المسلم زكاة الفطر عن نفسه وعن من يعولهم من الزوجات والأولاد أو غيرهم كالأب والأم ونحوهما لقول r " أدوا الفطرة عمن تمولون ". ويستحب إخراجها عن الحمل , لفعل عثمان Z .
- ويجوز التبرع بإخراجها عمن لا يلزمه ، كمن يخرجها عن الخادمة والسائق .
- وينبغي إخراج زكاة الفطر طعاماً كما سنها النبي r ، أما إخراج قيمتها مالاً بأن يدفع دراهم , فهو خلاف السنة , ولم ينقل عن النبي r ولا عن أحد من أصحابه .
مصارف الزكاة
- تجب الزكاة في كل مال مملوك ، حتى لو كان مالاً لصبي يتيم ، أو مجنون , ويتولى إخراجها عنهما وليهما ، قال تعالى :" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ " أي : ادع لهم .
- الأموال التي لا مالك لها ، كالأموال التي تجمع لبناء مساجد ، أو دعم مشاريع خيرية فهذه لا زكاة فيها مهما بلغت ولو حال الحول .
- وعند إعطاء الزكاة للفقير لا يجب إخباره أنها زكاة ، لئلا يحرجه ، ولكن إن أعطاها لشخص يشك في أنه فقير فالأبرأ لذمة المعطي أن يقول : هذه زكاة ، حتى إن لم يكن الآخذ مستحقاً لها ردها ، أو دفعها إلى مستحقها .
- والأفضل إخراج زكاة كل مال في بلده , بأن يوزعها على فقراء ذلك البلد الذي فيه المال , ويجوز نقلها إلى بلد آخر لمصلحة شرعية , كأن يكون له قرابة محتاجون ببلد آخر .
- ويجوز تعجيل إخراج الزكاة قبل وجوبها لأن النبي r تعجل من العباس صدقة سنتين ( كما رواه أحمد وأبو داود ) , فلو جاءك فقير محتاج في شهر صفر ، وزكاتك لا تحل إلا في رمضان ، فيجوز أن تعطيه صدقة تنوي أنها من الزكاة ، فإذا جاء رمضان خصمتها من زكاتك .
أهل الزكاة
- قال تعالى :" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " فهؤلاء هم أهل الزكاة لا يجوز صرفها لغيرهم ، وقال r :"إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أجزاء" رواه أبو داود .
1-2. الفقراء والمساكين ، وهو من لا يجدون كفايتهم ، والفقير أشد حاجة من المسكين . فيعطى الفقير أو المسكين ما يكفيه ، وعائلتَه لمدة سنة ، فإن كان لا يحسن التصرف ، وقد يصرف المال الخاص بسنة في شهر واحد ، فيمكن أن تسلم لثقة يقسطها عليه طوال السنة .
أما الغني ، أو القوي الذي يستطيع الاكتساب فإنها لا تحل له . لقوله r : لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ " ( رواه النسائي وأحمد ) .
3.العاملون عليها , وهم العمال الذين يقومون بجمع الزكاة من أصحابها ، فيعطون من الزكاة قدر أجرة عملهم , إلا إن كان لهم رواتب من بيت المال فلا يجوز أن يعطوا شيئا من الزكاة , كما هو الجاري في هذا الوقت , فإن العمال يعطون من قبل الدولة , فيأخذون انتدابات على عملهم في الزكاة , فهؤلاء حرام عليهم أن يأخذوا من الزكاة شيئا عن عملهم ; لأنهم قد أعطوا أجرة عملهم من غيرها .
4.المؤلفة قلوبهم : وهم قسمان : كفار ، ومسلمون , فالكافر يعطى من الزكاة لتحبيبه في الإسلام ، أو لكف شره عن المسلمين ، والمسلم يعطى من الزكاة لتقوية إيمانه وتثبيته على الدين .
5.الرقاب , وهم الأرقاء المكاتبون الذين لا يجدون وفاء ، ويجوز أن يفتدى من الزكاة الأسير المسلم .
6.الغارمون : وهم نوعان :
أحدهما : غارم لغيره , وهو الغارم لإصلاح ذات البين , بأن يقع بين قبيلتين نزاع في أموال أو نحوها , ويحدث بسبب ذلك وعداوة , فيتوسط رجل بالصلح بينهما , ويدفع مالا من ماله ليطفئ الفتنة ، فيسدد ما غرِمه من الزكاة .
الثاني : الغارم لنفسه , كمن يكون عليه دين تحمله بسبب صحيح كعلاج أو سكن أو نحوه ، ولا يقدر على تسديده , فيعطى من الزكاة ما يسدد به دينه .
السابع : في سبيل الله ، وهم المجاهدون .
الثامن : ابن السبيل , وهو المسافر المنقطع في سفره لضياع ماله أو نفاده ، فيعطى ما يوصله إلى بلده .
- ويستحب دفعها إلى أقاربه المحتاجين كإخوانه وأخواته ( إلا الآباء والأبناء ) لقوله r :" صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة" رواه الخمسة ، وسألت امرأة النبي r عن بني أخ لها أيتام في حجرها , أفتعطيهم زكاتها , قال : نعم "رواه البخاري ، وقال r :" الصدقة على المسكين صدقة والصدقة على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة " ( أخرجه أحمد ) .
كانوا في رمضان
كان الصحابة في عهد عمر y يصلون ثلاثاً وعشرين ركعة .. ويختمون القرآن مراراً في رمضان ..
وفي الموطأ عن ابن هرمز قال : ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان .. فكان القارىء يقوم بسورة البقرة في ثمان ركعات .. فإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعةً .. رأى الناس أنه قد خفف ..
وفي الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال : كنا ننصرف من القيام في رمضان .. فنستعجل الخادم بالطعام مخافة الفجر ..
وفي شعب البيهقي عن خالد بن دريك قال : كان لنا إمام بالبصرة يختم بنا في شهر رمضان في كل ثلاث .. فمرض فأمنا غيرُه .. فختم بنا في كل أربع .. فرأينا أنه قد خفف ..
وقال السائب بن زيد : كان القارئ يقرأ بالمئين - يعني بمئات الآيات - حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام .. وما كنا ننصرف إلا عند الفجر ..
فقارن حالهم بحالنا اليوم ..
أحكام الصيام
- صوم رمضان فرض ، قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ، وقال r : بُني الإسلام على خمس: .. صوم رمضان ) رواه البخاري .
- فضل الصيام : الصيام يشفع للعبد يوم القيامة يقول: أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه " رواه أحمد ، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " رواه مسلم ، ومن صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً " رواه مسلم ، وفي الجنة باب يُقال له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد " رواه البخاري .
- ورمضان ، أُنزل فيه القرآن، وفيه ليلة خير من ألف شهر، و " إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ " رواه البخاري ، وصيامه يعدل صيام عشرة أشهر ، و " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري ، و "لله عزّ وجلّ عند كلّ فطر عتقاء " رواه أحمد .
- من أفطر يوماً من رمضان بغير عذر فقد أتى كبيرة عظيمة، قال r لما ذكر رؤيته لبعض أنواع عذاب العصاة : " حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات ؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قال: قلت: من هؤلاء ؟ قال: الذين يُفطرون قبل تحلّة صومهم " أي قبل وقت الإفطار ( ابن خزيمة ) .
آداب الصيام وسننه
- الحرص على السحور وتأخيره، قال r : " تسحروا فإن في السحور بركة " رواه البخاري ،و" نِعمَ سحور المؤمن التمر " رواه أبو داود.
- تعجيل الفطر لقوله r : " لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر رواه البخاري ، وأن يفطر على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء." رواه الترمذي
- وكان r إذا أفطر قال : ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله " رواه أبو داود .
- البعد عن الرفث لقوله r "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث.. " رواه البخاري ، والرفث هو الوقوع في المعاصي، وقال r : " من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. " رواه البخاري .
- وينبغي اجتناب الصائم الغيبة والفحش والكذب ، فربما ذهبت بأجر صيامه ، قال r : " رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع. " رواه ابن ماجه .
- أن لا يشتم ولا يخاصم ، لقوله r : " وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم، إني صائم " رواه البخاري .
- عدم الإسراف في الطعام ، لحديث " ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنٍ.. " رواه الترمذي .
- الجود والكرم بالصدقة والمساعدة للمحتاج ، وقد كان r أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله r أجود بالخير من الريح المرسلة ". رواه البخاري .
- والجمع بين الصيام والإطعام من أسباب دخول الجنة لقوله r : " إن في الجنة غرفا يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام " رواه أحمد ، وقال r : " من فطّر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء. " رواه الترمذي والمراد بتفطيره أن يُشبعه .
من أحكام الصيام
- من الصيام ما يجب فيه تتابع أيامه ، كصوم رمضان والصوم في كفارة القتل الخطأ وكفارة الوطء بنهار رمضان .
- ومن الصيام ما لا يلزم فيه التتابع كقضاء رمضان والصوم في كفارة اليمين .
- نهى النبي r عن إفراد الجمعة بالصوم ( رواه البخاري ) ، ويحرم صيام يومي العيدين ، وأيام التشريق ( 11-12-13من شهر ذي الحجة ) لأنها أيام أكل من الأضاحي وشرب وذكر لله ، ويجوز لمن لم يجد الهدي أن يصومها بمنى .
- يثبت دخول شهر رمضان برؤية هلاله أو بإتمام شعبان ثلاثين يوما .
- ويجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر سالم من الموانع ( الموانع : كالحيض والنفاس ) .
- يحصل البلوغ بواحد من أمور ثلاثة: 1. إنزال المني باحتلام أو غيره 2. نبات شعر العانة الخشن حول القُبُل، 3. إتمام خمس عشرة سنة ، وتزيد الأنثى أمرا رابعا وهو الحيض فيجب عليها الصيام ولو حاضت قبل سنّ العاشرة .
- يستحب أن يؤمر الصبي بالصيام وعمره سبع سنين إن قدر ، وأجر صيامه له ولوالديه ، قالت الرُبيِّع بنت معوِّذ Z : كنا نصوِّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن ( القطن ) فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار. رواه البخاري .
- إذا أسلم الكافر ، أو بلغ الصبي ، أو أفاق المجنون ، أثناء النهار ، لزمهم الإمساك بقية اليوم لأنهم صاروا من أهل الوجوب ، ولا يلزمهم قضاء ما فات من الشهر، لأنهم لم يكونوا من أهل الوجوب في ذلك الوقت ، وإن قضوا هذا اليوم الذي وجب عليهم الصوم في منتصفه فهو أولى .
- المجنون مرفوع عنه القلم ، فإن كان يجنّ أحيانا ويُفيق أحيانا ، لزمه الصيام في حال إفاقته دون حال جنونه. وإن جُنّ في أثناء النهار لم يبطل صومه ، كما لو أغمي عليه بمرض أو غيره ، لأنه نوى الصيام وهو عاقل. ومثله في الحكم : المصروع .
- من مات أثناء الشهر فليس عليه ولا على أوليائه شيء فيما تبقى من الشهر.
أحكام صيام المسافر
- المسافر ، يجوز له الفطر ، لقوله تعالى: ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أُخر ) ، ويُشترط لفطره في السفر : أن يكون سفراً ( أكثر من 80كم ) ( على خلاف مشهور بين العلماء ) ، وأن يُجاوز بنيان البلد ، فلا يفطر قبل مغادرة البلد ، وإن سافر جواً أفطر إذا أقلعت به الطائرة وفارقت البنيان ، وإذا كان المطار خارج بلدته أفطر فيه ، أما إذا كان المطار في البلد أو ملاصقا لها فإنه لا يُفطر فيه لأنه لا يزال في البلد ، وأن لا يكون قصد بسفره التحيّل للفطر.
- يجوز الفطر للمسافر سواء كان قادرا على الصيام أم عاجزا ، وسواء شقّ عليه الصوم أم لم يشقّ .
- إذا غربت الشمس فأفطر على الأرض ، ثم أقلعت به الطائرة فرأى الشمس لم يلزمه الإمساك لأنه أتمّ صيام يومه كاملا ، فلا سبيل إلى إعادته للعبادة بعد فراغه منها. وإذا أقلعت به الطائرة قبل غروب الشمس وأراد إتمام صيام ذلك اليوم في السفر فلا يُفطر إلا إذا غربت الشمس في المكان الذي هو فيه من الجوّ، ولا يجوز للطيار أن يهبط إلى مستوى لا تُرى فيه الشمس لأجل الإفطار ، لأنه تحايل ، لكن إن نزل لمصلحة الطيران فاختفى قرص الشمس أفطر ( ابن باز ) .
- من وصل إلى بلد ونوى الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام وجب عليه الصيام ( على خلاف مشهور ) ، فالذي يسافر للدراسة في الخارج أشهرا أو سنوات ، فالجمهور ومنهم الأئمة الأربعة أنه في حكم المقيم يلزمه صوم رمضان وإتمام الصلاة .
- وإذا مرّ المسافر ببلد غير بلده وهو مفطر ، فليس عليه أن يمسك عن الطعام ، إلا إذا كانت إقامته فيها أكثر من أربعة أيام فإنه يمسك ( يصوم ) لأنه في حكم المقيمين .
- ومن كان يسافر أكثر عمره ، كموظف البريد وأصحاب سيارات الأجرة والطيارين ولو كان سفرهم يوميا ، يجوز لهم الفطر وعليهم القضاء .
- إذا رجع المسافر إلى بلده ، ووصلها أثناء النهار ، وهو مفطر ، فهل يجب عليه الإمساك إلى المغرب أم لا ؟ فيه خلاف ، والأحوط له أن يمسك مراعاة لحرمة الشهر، وعليه القضاء .
- إذا ابتدأ الصيام في بلده ، ثم في آخر الشهر سافر إلى بلد صاموا قبل بلده بيوم ، أو بعدهم بيوم ، فإن حكمه حكم من سافر إليهم ، فلا يعيّد إلا في عيدهم ، ولا ينتهي عنه رمضان إلا معهم ، ولو زاد عن ثلاثين يوما لقوله r " الصوم يوم تصومون والإفطار يوم تُفطرون "، وإن نقص صومه عندهم عن تسعة وعشرين يوما فعليه إكماله بعد العيد إلى تسعة وعشرين يوما لأن الشهر الهجري لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما. ( بن باز ) .
هداية ..
ذكر ابن قدامة في التوابين .. عن عبد الواحد بن زيد قال : كنت في مركب .. فطرحتنا الريح إلى جزيرة ..
وإذا فيها رجل يعبد صنماً .. فقلنا له : يا رجل .. من تعبد ؟ فأومأ إلى الصنم .. فقلنا : إن معنا في المركب من يصنع مثل هذا .. وليس هذا إله يعبد .. قال : فأنتم من تعبدون ؟ قلنا : الله .. قال : وما الله ؟ قلنا : الذي في السماء عرشه .. وفي الأرض سلطانه .. وفي الأحياء والأموات قضاؤه .. فقال : كيف علمتم به .. قلنا : وجه إلينا هذا الملك رسولاً كريماً .. فأخبر بذلك .. قال : فما فعل الرسول ؟ قلنا : أدى الرسالة .. ثم قبضه الله ..
قال : فما ترك عندكم علامة ؟ قلنا : بلى .. ترك عندنا كتاب الملك .. فقال : أروني كتاب الملك .. فينبغي أن تكون كتب الملوك حساناً .. فأتيناه بالمصحف .. فقال : ما أعرف هذا .. فقرأنا عليه سورة من القرآن .. فلم نزل نقرأ ويبكي .. حتى ختمنا السورة .. فقال ينبغي لصاحب هذا الكلام أن لا يعصى .. ثم أسلم .. وحملناه معنا .. وعلمناه شرائع الإسلام .. وسوراً من القرآن ..وأخذناه معنا في السفينة .. فلما سرنا وأظلم علينا الليل .. أخذنا مضاجعنا فقال لنا : يا قوم .. هذا الإله الذي دللتموني عليه .. إذا أظلم الليل هل ينام ؟قلنا : لا يا عبدالله .. هو عظيم قيوم لا ينام ..فقال : بئس العبيد أنتم .. تنامون ومولاكم لا ينام .. ثم أخذ في التعبد وتركنا ..فلما وصلنا بلدنا .. قلت لأصحابي : هذا قريب عهد بالإسلام .. وغريب في البلد .. فجمعنا له دراهم وأعطيناه .. فقال : ما هذا ؟ قلنا : تنفقها في حوائجك ..فقال : لا إله إلا الله .. أنا كنت في جزائر البحر .. أعبد صنماً من دونه .. ولم يضيعني .. أفيضيعني وأنا أعرفه .. !! ومضى يتكسب لنفسه ..وكان بعدها من كبار الصالحين ..
أحكام صيام المريض
- كل مريض يشق عليه الصوم ، يجوز له الفطر ، لقول تعالى ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ). أما المرض اليسير كالسعال والصداع فلا يجوز الفطر بسببه .
- وإذا كان الصيام يزيد المرض أو يؤخر الشفاء ، ويحتاج نهاراً لأكل الدواء ، فيجوز له أن يُفطر ، ويُكره له الصيام لقوله تعالى :" يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (البقرة: الآية185) .
- إن كان الصوم يسبب له الإغماء ، أفطر وقضى ، وإذا أصبح صائماً فأغمي عليه أثناء النهار وأفاق قبل الغروب أو بعده فصيامه صحيح ما دام لم يأكل ولم يشرب ، ومن أغمي عليه ، أو وضعوا له مخدرا لمصلحته ، فغاب عن الوعي ، فإن كان ثلاثة أيام فأقلّ ، فيقضي - قياساً على النائم - وإن كان أكثر فلا يقضي قياساً على من غاب عقله بجنون ( بن باز ) .
- المريض الذي يُرجى بُرؤه وينتظر الشفاء ( كمن أجريت له عملية جراحية ) إذا شق عليه الصوم أفطر وقضى .
- والمريض مرضاً مزمناً لا يُرجى برؤه ( كمرض السرطان ، والفشل الكلوي مثلاً ) وكذلك الكبير العاجز عن الصيام والقضاء ، يُطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد ( كيلو ونصف من الرز ) .
- والمريض الذي أفطر بعض رمضان وينتظر الشفاء ليقضي ، ثم علم أن مرضه مزمن ، وأنه لن يستطيع القضاء أبداً ، فالواجب عليه إطعام مسكين واحد عن كل يوم أفطره .
- ومن كان ينتظر الشفاء من مرض يُرجى برؤه ، فمات قبل أن يوجد وقت للقضاء ، فليس عليه ولا على أوليائه شيء ( مثال : شخص عمل عملية جراحية في 25رمضان ، فأفطر بنية القضاء بعد الشفاء ، فتوفي في 30رمضان ، فهذا لا يلزم أهله عنه قضاء ولا إطعام ) .
- ومن مرض فأفطر ، ثمّ شفي وتمكن من القضاء ، فتكاسل حتى مات ، أُخرج من ماله طعام مسكين عن كل يوم ، وإن تبرع أحد أقاربه بالصوم عنه فهو أولى لقوله r : " من مات وعليه صيام صام عنه وليّه "( مثال : عمل عملية في 25رمضان ، فأفطر بنية القضاء ، فشفي في 30رمضان ، وتكاسل عن القضاء حتى مات في شهر الحج ، فهذا يلزم أهله عنه قضاء أو إطعام ) .
- ومن كان مرضه يُعتبر مزمناً ، فأفطر وأطعم ( لعجزه عن القضاء ) ، ثم تطور الطبّ فاكتُشِف علاج لمرضه ، فاستعمله وشفي ، فلا يلزمه شيء عما مضى ، لأنّه فعل ما وجب عليه في حينه ( اللجنة الدائمة ) .
- ومن أصابه جوع أو عطش شديد ، فخاف على نفسه الهلاك ، أفطر وقضى لأن حفظ النفس واجب ، ولا يجوز الفطر لمجرد الشدة المحتملة أو التعب أو خوف المرض متوهما .
- وأصحاب المهن الشاقة كالحدادين والنجارين ، وعمال الطرق ، لا يجوز لهم الفطر ، فإن كان يضرهم الصوم وخشوا على أنفسهم الموت أثناء النهار، فإنهم يُفطرون بمقدار ما يدفع المشقة من ماء أو طعام ، ثمّ يُمسكون إلى الغروب ويقضون بعد ذلك ، وعلى العامل في المهن الشّاقة كأفران صهر المعادن وغيرها إذا كان لا يستطيع تحمّل الصيام أن يحاول جعل عمله بالليل ، أو يأخذ إجازة أثناء شهر رمضان ولو بدون مرتّب ، فإن لم يتيسّر ذلك بحث عن عمل آخر يُمكنه فيه الجمع بين الواجبين الديني والدنيوي ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ( فتاوى اللجنة الدائمة ) .
- امتحانات الطلاب ليست عذرا يبيح الفطر في رمضان، ولا تجوز طاعة الوالدين في الإفطار لأجل الامتحان لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
- الإطعام له صورتان : فيجوز أن يجعله آخر الشهر ، فيطعم 30 مسكيناً في آخر الشهر ، ويجوز أن يطعم مسكينا كلّ يوم .
- الشيخ الكبير والعاجز والهرم الذي ضعف جسمه لكبر سنه ، لا يلزمه الصوم ، مادام الصيام يشق عليه ، ويطعم عن كل يوم مسكيناً .
- وأما كبير السن الذي بلغ حد الخرف ، وسقط تمييزه ، فهذا سقط عنه التكليف لعدم العقل ، ومن شروط وجوب الصوم ، العقل ( وهذا فاقد للعقل ) ، فلا يجب عليه ولا على أهله شيء ، فإن كان هذا الكبير يميز أحيانا ويهذي أحيانا ، وجب عليه الصوم حال تمييزه ، ولم يجب حال هذيانه .
النية في الصيام
- تُشترط النية من الليل في كل صوم واجب كرمضان والقضاء والكفارة ، لقوله r : " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " رواه أبو داود ، والنية عزم القلب على الفعل ، والتلفظ بها بدعة ، وكل من علم أن غدا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى ، أما صيام النفل فلا تُشترط له النية من الليل ، لحديث عائشة Z قالت: دخل علي رسول الله r ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ فقلنا : لا ، فقال : فإني إذاً صائم . رواه مسلم .
- من شرع في صوم واجب كالقضاء والنذر والكفارة فلا بدّ أن يتمّه ، ولا يُفطر بغير عذر ، وأما صوم النافلة فإن " الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر " ( رواه أحمد ) ولو بغير عذر .
- من لم يعلم بدخول شهر رمضان إلا بعد طلوع الفجر فعليه أن يمسك بقية يومه وعليه القضاء عند جمهور العلماء لقوله r : " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ". رواه أبو داود .
أحكام الإفطار والإمساك
- إذا غابت الشمس يفطر الصائم لقوله r : " إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم " رواه البخاري .
- والسنّة أن يعجّل الإفطار، وقد كان r لا يصلي المغرب حتى يُفطر ، ولو على شربة من الماء ، رواه الحاكم ، والسنة أن يفطر على رطب , فإن لم يجد , فعلى تمر , فإن لم يجد , فعلى ماء , لأنه r كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات , فإن لم تكن رطبات , فتمرات , فإن لم تكن تمرات , حسا حسوات من ماء " رواه أحمد ، فإن لم يجد رطباً ولا تمراً ولا ماء أفطر على ما تيسر من طعام وشراب ، فإن لم يجد شيئاً يُفطر عليه نوى الفطر بقلبه .
- ولا بأس أن يدعو عند إفطاره بما أحب , فإن للصائم عند فطره دعوة لا ترد ، وكان r إذا أفطر قال : ذهب الظمأ , وابتلت العروق , وثبت الأجر إن شاء الله ".
- وليحذر من الإفطار قبل الوقت فإن النبي r رأى بعض أنواع عذاب العصاة فقال : " ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دما، قال: قلت: من هؤلاء ؟ قال: الذين يُفطرون قبل تحلّة صومهم " أي قبل وقت الإفطار ( رواه ابن خزيمة ) .
- وهنا أمر يجب التنبيه عليه , وهو أن بعض الناس قد يجلس على مائدة إفطاره ويتعشى ويترك صلاة المغرب مع الجماعة في المسجد , فيرتكب بذلك خطأ عظيماً , وهو التأخر عن الجماعة في المسجد , ويفوت على نفسه ثواباً عظيماً, ويعرضها للعقوبة , والمشروع للصائم أن يفطر أولاً , ثم يذهب للصلاة , ثم يتعشى بعد ذلك .
- إذا طلع الفجر وجب على الصائم الإمساك فوراً ، سواء سمع الأذان أم لا ، وإذا كان يعلم أنّ المؤذن دقيق حريص ، لا يؤذن إلا عند طلوع الفجر الحقيقي ، فيجب عليه الإمساك فور سماع أذانه ، وأما إذا كان المؤذن يؤذن قبيل الفجر احتياطاً فلا بأس من الاستمرار في الأكل والشرب إلى بداية الأذان أو منتصفه ، وإن كان لا يعلم حال المؤذن أو كثر المؤذنون ، فيعمل بتقويم الصلاة المطبوع المبني على الحسابات .
- وأما الاحتياط بالإمساك قبل الفجر بعشر دقائق ونحوها فهو بدعة ، وما يلاحظ في بعض التقاويم من وجود خانة للامساك وأخرى للفجر فهو أمر خلاف السنة .
- البلد الذي فيه ليل ونهار خلال الأربع والعشرين ساعة ، على المسلمين فيه الصيام ولو طال النهار ، أما البلاد التي يستمر الليل أو النهار أكثر من 24ساعة ، فيصومون بحسب أقرب البلدان إليهم مما فيه ليل أو نهار متميزان .
المفطرات ( مفسدات الصوم )
1- الجماع : فمن جامع في نهار رمضان عامداً مختاراً ، جماعاً تاماً ، فقد أفسد صومه أنزل أو لم يُنزل ، ويلزمه :
1.التوبة ، 2.إتمام ذلك اليوم ، 3.قضاء صوم هذا اليوم بعد رمضان ، 4.الكفارة المغلظة ، وهي : وجوب عتق رقبة ، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً ، لأن رجلاً جاء إلى رسول الله r فقال : يا رسول الله ! هلكتُ !! ، قال: مالك ؟ قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم ، فقال r : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ، قال : لا ، قال : فهل تجد إطعام ستين مسكيناً ؟ ، قال: لا.. الحديث رواه البخاري ، هذا والحكم واحد في الزنا واللواط وإتيان البهيمة .
ومن جامع عدة مرات في أيام متعددة من رمضان واحد نهاراً ، فعليه كفارات بعدد الأيام التي جامع فيها ، مع قضاء تلك الأيام ، ولا يُعذر بجهله بوجوب الكفّارة ، فلو جامع ثم قال : أنا أعلم أن الجماع مفسد للصوم ، لكني لا أدري أن فيه كفارة مغلظة ، فهنا ما دام عالماً أنه مفسد للصوم ، لزمته الكفارة وإن لم يعلم بها . ( اللجنة الدائمة ) .
- الزوجة الصائمة ، إذا وطئها زوجها في نهار رمضان برضاها ، فحكمها حكمه ، وأما إن كانت مكرهة ، واجتهدت في منعه ، فلم تستطع ، فلا كفارة عليها ، والأحوط أن تقضي صيام ذلك اليوم فقط ، أما الزوج فتلزمه الكفارة السابقة .
- وينبغي على المرأة التي تعلم أن زوجها لا يملك نفسه أن تتباعد عنه ولا تتزين في نهار رمضان ، ويجب عليها قضاء ما أفطرته من رمضان ولا يُشترط إذن الزوج في القضاء ، وإذا شرعت في قضاء يوم فلا يحلّ لها الإفطار إلا بعذر شرعي ، ولا يحلّ لزوجها أن يفسد صيامها . أمّا صيام النافلة فلا يجوز لها أن تشرع فيه وزوجها حاضر إلا بإذنه لقوله r " لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ" رواه البخاري .
- لو أراد رجل جماع زوجته فاحتال لذلك ، بأن أفطر بالأكل أوّلا ، ثم جامع ، فمعصيته أشدّ ، وقد هتك حرمة الشهر مرتين ؛ بأكله ، وجماعه ، والكفارة المغلظة واجبة عليه ، وعليه التوبة .
- إذا أذن عليه الفجر وهو جُنُب وهو لم يغتسل بعد ، من وطء أو احتلام ، فصومه صحيح .
2 - إنزال المني بشهوة بفعل من الصائم : بسبب تقبيل أو لمس أو استمناء أو تكرار نظر , فإذا حصل شيء من ذلك , فسد صومه , وعليه القضاء فقط بدون كفارة ; لأن الكفارة تختص بالجماع ، وكذلك لو نام الصائم نهاراً فاحتلم فصومه صحيح ، لأنه بغير اختياره , لكن يجب عليه الاغتسال من الجنابة .
3 - الأكل أو الشرب عمداً : لقوله تعالى :" وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ " ، وإذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه" رواه البخاري ، وفي رواية: " فلا قضاء عليه ولا كفارة ، وإذا رأى الشخص صائماً يأكل ناسياً فعليه أن يذكّره ، لعموم قوله تعالى ( وتعاونوا على البرّ والتقوى ) وعموم قوله r :"فإذا نسيت فذكّروني " ، ولأن الأصل أن هذا منكر يجب تغييره .
- ومن المفطرات ما يكون في معنى الأكل والشرب ، كالأدوية والحبوب عن طريق الفم ، والإبر المغذية ، وكذلك حقن الدم ، ونقله .
- وأما الإبر التي لا تغذي ولا تغني عن الأكل والشرب ، ولكنها للمعالجة ، كالبنسلين والأنسولين ، أو إبر التطعيم ، فلا تضرّ الصيام ، سواء أخذت عن طريق العضلات ، أو الوريد ، والأحوط أن تكون كل هذه الإبر بالليل .
- وإن دخل إلى حلقه شيء بغير اختياره ، كما لو شرق أثناء المضمضة في الوضوء ، فبلع شيئاً من الماء بغير قصد ، فصومه صحيح ، ولكن ينبغي للصائم أن لا يبالغ في المضمضة والاستنشاق ; لئلا يدخل الماء لجوفه , قال r :" وبالغ بالاستنشاق إلا أن تكون صائماً " .
- أما النخامة ( وهي المخاط النازل من الرأس ) والنخاعة ( وهي البلغم الصاعد من الباطن بالسعال والتنحنح ) فإن ابتلعها وهي في أقصى حلقه ، قبل وصولها إلى فمه ولسانه ، فصومه صحيح ، لأنه يشق تكلف إخراجها ، أما إن وصلت إلى فمه ، وصارت على لسانه ، فهنا يجب إخراجها ، فإن ابتلعها فسد صومه ، إلا دخلت بغير قصده واختياره فلا تفطّر .
- والسواك سنّة للصائم في جميع النهار وإن كان رطبا ، وإذا استاك بسواك جديد له فوجد طعمه في حلقه ، تفله ، ويُخرج ما تفتت من السواك داخل الفم فإن ابتلعه بغير قصد فلا شيء عليه .
- ولا بأس باستعمال المراهم المرطّبة والمليّنة للبشرة ، وشمّ الطيب واستعمال العطور ، والبخور لا حرج فيه للصائم إذا لم يستنشقه ليدخل لجوفه .
- والتدخين حرام للصائم والمفطر ، وهو من المفطّرات .
- لو فعل الصائم ما يخفف به العطش عن نفسه، من اغتسال ، ومضمضة ، فلا بأس .
- لو أكل أو شرب ، ظاناً بقاء الليل ، ثم تبين له أن الفجر قد طلع ، صح صومه لقوله تعالى :( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) ( مثال : لو كان أذان الفجر الساعة 4فجراً ، فاستيقظ رجل ليتسحر فنظر لساعته فوجدها الثالثة والنصف ، وأثناء سحوره سمع إقامة الصلاة من مسجد مجاور ، فاكتشف أن ساعته متأخرة نصف ساعة ، فهنا أكل وشرب ظاناً بقاء الليل ثم تبين له أنه قد طلع الفجر ، فصومه صحيح ) .
- إذا ظن الشمس قد غربت فأفطر شاكاً في غروبها ، ثم تبين له أنها لم تغرب ، فعليه القضاء ( عند جمهور العلماء ) لأن الأصل بقاء النهار واليقين لا يزول بالشك .
4 - إخراج الدم من البدن : بحجامة أو فصد أو سحب دم ليتبرع به لإسعاف مريض , فيفطر بذلك كله ، أما إخراج دم قليل كالذي يستخرج للتحليل , فهذا لا يؤثر على الصيام , وكذا خروج الدم بغير اختياره برعاف أو جرح أو خلع سن , فهذا لا يؤثر على الصيام .
5 - التقيؤ : وهو استخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم متعمدا , فهذا يفطر به الصائم , أما إذا غلبه القيء , وخرج بدون اختياره , فلا يؤثر على صيامه , لقوله r :" من ذرعه القيء , فليس عليه قضاء , ومن استقاء عمدا , فليقض" ومعنى : " ذرعه القيء " أي : خرج بدون اختياره , ومعنى قوله : " استقاء " أي : تعمد القيء .
من عجائب الصلاة ..
كان محمد ابن خفيف .. رحمه الله به وجع الخاصرة .. فكان يشتد عليه حتى يقعده عن الحركة ..فكان إذا نودي بالصلاة.. يحمل على ظهر رجل إلى المسجد .. فقيل له : إن الله قد عذرك .. فلو خففت على نفسك .. فقال : كلا .. إذا سمعتم حي على الصلاة .. ولم تروني في الصف فاعلموا أني ميت في المقبرة ..لله درهم من مرضى.. بل والله نحن المرضى..
وكان منصور بن المعتمر .. إذا جن عليه الليل .. يلبس من أحسن ثيابه .. ثم يرقى إلى سطح بيته .. ويصلي .. فلما مات .. قال غلام جيرانهم لأمه : يا أماه .. الجذع الذي كان ينصب في الليل في سطح جيراننا .. ليس أراه .. فقالت : يا بني .. ليس ذاك جذعاً ذاك منصور كان يصلي .. وقد مات..
مسائل متفرقة حول المفطرات
- هذه المفطّرات ( ماعدا الحيض والنفاس ) لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة : أن يكون عالماً بأنها مفطّرة غير جاهل بها ، ذاكراً أنه صائم غير ناس ، مختاراً غير مُكْرَه .
- وغسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته ثم رجوعه مرة أخرى ، مع إضافة مواد كيماوية وغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم يعتبر مفطّراً . ( اللجنة الدائمة للإفتاء ) .
- الراجح أن الحقنة الشرجية ، وقطرة العين والأذن ، وقلع السنّ ، ومداواة الجراح ، كل ذلك لا يفطر ، لأنه لا يغني عن الأكل والشرب .
- بخاخ الربو لا يفطّر لأنه غاز مضغوط يذهب إلى الرئة ، وليس بطعام ، وهو مضطر إليه في رمضان .
- وسحب الدم القليل للتحليل لا يُفسد الصوم ، بل يُعفى عنه ، لأنه مما تدعو إليه الحاجة ( فتوى ابن باز ) .
- دواء الغرغرة الذي يعالج الحنجرة والبلعوم ، لا يبطل الصوم إن لم يبتلعه .
- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق ، لا يفطر ، وكذلك من حشا سنّه بحشوة طبية ، فوجد طعمها في حلقه ، فلا يضر ذلك صيامه ( فتوى بن باز ) .
- غسول الأذن ، أو قطرة الأنف ، أو بخاخ الأنف ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق ، فلا يفطر .
- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق ، لا تفطر .
- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم ، وما يدخل المهبل من تحاميل أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي ، لا يفسد الصوم .
- وكذلك ما يدخل الإحليل، أي مجرى البول الظاهر للذكر أو الأنثى، من قصطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة ، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة ، لا يفطر .
- - المضمضة ، والغرغرة ، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق ، لم يفطر .
- غاز الأكسجين ، لا يفطر .
- ما يدخل الجسم امتصاصاً من خلال الجلد كالدهونات والمراهم ، واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية ، مثل لصقات الإقلاع عن التدخين ، ونحوها ، لا تفطر .
- إدخال قصطرة ( أنبوب دقيق ) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء ، وكذلك دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي ، لا يفطر .
- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء ، لا يفطر ، أما منظار المعدة فإذا صاحبه إدخال سوائل ( محاليل ) أو مواد أخرى فطر ، وإلا فلا .
- من احتاج إلى الإفطار لإنقاذ أحد معصوم من مهلكة ، فإنه يُفطر ويقضي ، كما قد يحدث في إنقاذ الغرقى وإطفاء الحرائق .
- من قاتل عدوا ، أو أحاط العدو ببلده ، والصوم يُضعفه عن القتال ساغ له الفطر ولو بدون سفر ، وكذلك لو احتاج للفطر قبل القتال فيفطر ، لقوله r لأصحابه قبل القتال : " إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطِروا " رواه مسلم .
- من أفطر يوماً في رمضان لعذر كالمسافر والمريض ، فهل يجوز له أن يأكل ويشرب أمام الناس ؟ الجواب : إن كان سبب فطره ظاهرا كالشيخ الكبير ، والمريض الواضح مرضه ، فلا بأس أن يفطر أمام الناس ، ومن كان سبب فطره خفياً كالمسافر فالأولى أن يُفطر خفية حتى لا يتهمه الناس ويسيئون به الظن .
من أحكام الصيام للمرأة
- لا تصوم الزوجة نافلة ، وزوجها حاضر إلا بإذنه ، فإذا سافر فلا حرج .
- الحائض أو النفساء إذا طهرت ليلا فَنَوَت الصيام ، ثم طلع الفجر قبل اغتسالها ، فصومها صحيح .
- ينبغي للمرأة أن تجتنب استعمال موانع الحيض من أدوية وحبوب ، والأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها وترضى بما كتب الله عليها وتقضي أيام حيضها ، مع العلم بأنه قد ثبت طبياً ضرر هذه الموانع وابتليت النساء باضطراب الدورة بسببها ، فإن أصرّت المرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فانقطع فعلاً ، وصامت ، أجزئها ذلك .
- دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام .
- إذا أسقطت الحامل جنينها ، فإن كان متخلّقاً ، أو ظهر فيه تخطيط لعضو كرأس أو يد ، فدمها دم نفاس ، وإذا كان الساقط لا يزال علقة ، أو مضغة لحم ، لا يتبيّن فيه شيء من خَلْق الإنسان ، فدمها دم استحاضة ، وعليها الصيام إن استطاعت ، وإلا أفطرت وقضت .
- وكذلك لو عملت عملية تنظيف ، وانقطع الدم تماماً فصامت ، صح صومها .
- النفساء إذا طهرت قبل الأربعين ، صامت وصلت ، فإن رجع إليها الدم في الأربعين أمسكت عن الصيام لأنه نفاس ، وإن استمر بها الدم بعد الأربعين نوت الصيام واغتسلت ( عند جمهور أهل العلم ) وتعتبر ما استمر استحاضة ، إلا إن وافق وقت حيضها المعتاد فهو حيض .
- والمرضع إذا صامت بالنهار ، ورأت في الليل على ملابسها ، نقطاً من الدم ، فلم تدر خرجت أثناء صومها أم بعده ، فالأصل السلامة ، وصيامها صحيح (اللجنة الدائمة ) .
- الحامل والمرضع إن شق عليهما الصوم ، فحكمهما كالمريض ، يجوز لهما الإفطار عند الحاجة ، وليس عليهما إلا القضاء ، سواء خافتا على نفسيهما أو ولديهما ، لقوله r : " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحامل والمرضع الصوم ". رواه الترمذي .
- الحامل إذا صامت ، وأصابها نزيف ، فصيامها صحيح ، لأنه ليس حيضاً .( اللجنة الدائمة ) .
أحكام قضاء صيام رمضان
- يستحب المبادرة بالقضاء , لإبراء الذمة , ولا يجب أن تكون أيام القضاء متتابعة ، ويجوز له تأخير القضاء ; لأن وقته واسع , ولا يجوز تأخيره إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر .
- وإن مات من عليه صوم استحب لوليه أن يصوم عنه , لأن امرأة قال للنبي r : إن أمي ماتت وعليها صيام نذر , أفأصوم عنها , قال : " نعم " متفق عليه ، وإن لم يصم عنه وليه أطعم عنه عن كل يوم مسكيناً .
وقوموا لله قانتين
كانوا يستشعرون عظمة ربهم إذا وقفوا بين يديه .. كان أبو زرعة الرازي إماماً في مسجد قومه عشرين سنة .. فجاءه يوماً .. قوم من طلاب الحديث .. فنظروا فإذا في محرابه كتابة .. فقالوا له : ما حكم الكتابة في المحاريب ؟ فقال : قد كرهه قوم ممن مضى .. فأنا أنهى عنه وأكرهه .. فقالوا : هو ذا في محرابك كتابة .. أو ما علمت بها ..!! فقال : سبحان الله !! رجل يقف بين يدي الله تعالى .. ويدري ما بين يديه ..
كان شعبة بن الحجاج يطيل الصلاة .. وما رأيته ركع في الصلاة قط إلا ظننت أنه نسي .. ولا قعد بين السجدتين إلا ظننت أنه نسي ..
وعبيدة بن مهاجر .. كان عابداً شاكراً .. متخشعاً ذكراً .. وكان له أم مجوسية .. فكان يبرها أشد البر .. ويدعوها إلى الإسلام فتأبى عليه .. فرجع من صلاة العصر يوم الجمعة .. فبشرته أنها أسلمت .. ونطقت الشهادتين .. فخر ساجداً لله .. يبكي ويناجي .. فما رفع رأسه حتى غابت الشمس ..
وكانت حفصة بنت سيرين تسرج سراجها من الليل ثم تقوم في مصلاها .. وكانت تقرب كفنها .. لتذكر الموت في صلاتها .. فتخشع ..
أحكام الحج
حج بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى " وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً " (آل عمران: 97) ، وقوله r : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا " .
وقال r : تابعوا بين الحج والعمرة ; فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة , وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة " رواه الترمذي .
فإذا عزم على الحج , فليرد المظالم لأهلها , ويرد الودائع ويسدد الديون لأصحابها , ويكتب وصيته , ويوكل من يقضي ما لم يتمكن من قضائه من الحقوق التي عليه , ويؤمن لأولاده نفقة حلالا .
ويجب الحج بشروط خمسة : الإسلام , والعقل , والبلوغ , والحرية , والاستطاعة , فمن توفرت فيه هذه الشروط , وجب عليه المبادرة بأداء الحج .
والاستطاعة هي أن يكون المسلم صحيح البدن ، يملك من المواصلات ما يصل به إلى مكة حسب حاله ، ويملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً زائداً على نفقات من تلزمه نفقته . ويشترط للمرأة خاصة أن يكون معها محرم .
فالحج واجب على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر .
مواقيت الحج
المواقيت : هي الحدود التي لا يجوز للحاج أن يتعداها إلى مكة بدون إحرام .
والمواقيت خمسة :
ذو الحليفة ، وتبعد عن مكة 428كم .
الجحفة
، قرية بينها وبين البحر الأحمر 10كم ، وهي اليوم مهجورة ، ويحرم الناس اليوم من
رابغ التي تبعد عن مكة 186كم .
يلملم ، وادي يبعد 120كم عن مكة جنوباً ،
ويحرم الناس اليوم من قرية السعدية .
قرن المنازل : واسمه الآن السيل الكبير في
الطائف يبعد حوالي 75كم عن مكة .
ذات عرق : ويسمى الضَريبة يبعد 100كم عن مكة ،
وهو اليوم مهجور لا يمر عليه طريق .
-
ومن كان منزله دون هذه المواقيت أي أقرب إلى مكة , فإنه يحرم من منزله للحج
والعمرة , وسكان مكة يحرمون للحج من بيوتهم , ولا يجب خروجهم للميقات للإحرام منه
بالحج , وأما العمرة فيخرجون للإحرام بها من أدنى الحل ، أي من التنعيم أو عرفة أو
غيرها .
- وكذا من ركب طائرة , فإنه يتهيأ بالتنظف قبل ركوب الطائرة , فإذا حاذى الميقات جواً , نوى الإحرام , ولبى وهو في الجو , ولا يجوز له تأخير الإحرام إلى أن يهبط في مطار جدة , فيحرم منها لأنها ليست ميقاتاً .
- ويجب على من جاوز الميقات بدون إحرام أن يرجع إليه ويحرم منه ; فإن لم يرجع , وأحرم من دونه من جدة أو غيرها , فعليه فدية , بأن يذبح شاة توزع على مساكين الحرم , ولا يأكل منه شيئاً .
كيفية الإحرام
أول مناسك الحج هو الإحرام , وهو نية الدخول في النسك , سمي بذلك لأن المسلم يُحرِّم على نفسه بنية الحج أو العمرة ما كان مباحا له قبل الإحرام من النكاح والطيب وتقليم الأظافر وحلق الرأس وأشياء من اللباس .
وقبل الإحرام يستحب :
أولا : الاغتسال بجميع بدنه , للتنظف وقطع الرائحة الكريهة ، لذا فهو مستحب حتى للحائض والنفساء ; لأن النبي r "أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل "رواه مسلم , وأمر عائشة أن تغتسل للإحرام بالحج وهي حائض .
ثانيا : أخذ الزائد من الشعر , كشعر الشارب والإبط والعانة .
ثالثا : التطيب في البدن لقول عائشة رضي الله عنها :" كنت أطيب رسول الله r لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت " .
رابعا: يجب أن ينزع لباسه المعتاد ، ويلبس إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين , ويجوز بغير الأبيضين .
أما المرأة فتحرم في ما شاءت من اللباس الساتر الذي ليس فيه تبرج أو تشبه بالرجال ، دون أن تتقيد بلون محدد . ولكن تجتنب في إحرامها لبس النقاب والقفازين ( النقاب : هو أن تغطي وجهها وتظهر عينيها ، والقفازان : قماش مفصل على اليدين تغطي به المرأة يديها ) لقوله r : ( لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) رواه البخاري .
ولكنها تستر وجهها عن الرجال الأجانب بغير النقاب ، لقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام ) رواه الحاكم وصححه .
ثم ينوي بقلبه الدخول في العمرة ، ويتلفظ بما نوى فيقول : ( اللهم لبيك عمرة ) ، والأفضل أن يتلفظ بالنية بعد استوائه على مركوبه ، كالسيارة ونحوها .
وإن
كان يريد الإحرام بالحج فيلبي بحسب نسكه .. والأنساك ثلاثة :
- التمتع : وهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ( شوال ، ذو القعدة ، عشر ذي الحجة )
فإذا فرغ من العمرة ، نزع ملابسه وتحلل ، فإذا جاء وقت الحج أحرم بالحج .
- الإفراد : أن يحرم بالحج فقط من الميقات , ويبقى على إحرامه حتى يؤدى أعمال الحج
.
- القران : أن يحرم بالعمرة والحج معا , أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل
شروعه في طوافها , فينوي العمرة والحج من الميقات أو قبل الشروع في طواف العمرة ,
ويطوف لهما ويسعى .
وعلى المتمتع والقارن ذبح هدي إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام .
وأفضل هذه الأنساك الثلاثة التمتع , لأدلة كثيرة ، وهو الذي سنشرحه هنا تجنباً للإطالة والتفصيل .
فإذا أحرم ردد التلبية : لبيك اللهم لبيك , لبيك لا شريك لك لبيك , إن الحمد والنعمة لك والملك , لا شريك لك , ويكثر من التلبية , ويرفع بها صوته .
وليس للإحرام
صلاة ركعتين تختصان به ، ولكن لو أحرم بعد صلاة فريضة فهذا أفضل ، لفعله r
. رواه مسلم.
من كان مسافراً بالطائرة فإنه يحرم إذا
حاذى الميقات جوا .
إذا
كان مريضاً ، أو لديه عذر يخشى أن يعيقه عن إتمام عمرته أو حجه، فيقول بعد تلفظه
بالنية : "إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني " وفائدة هذا الاشتراط أنه لو
عاقه شيء فإنه يحل من عمرته بلا فدية .
بعد الإحرام يسن أن يكثر من التلبية ، وهي : ( لبيك
اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ) يرفع بها
الرجال أصواتهم ، أما النساء فيخفضن أصواتهن .
اعلف الحمار !!
سفيان الثوري.. فقد حدث عنه عبد الرزاق .. أحد طلابه .. قال : قدم عليَّ سفيان الثوري .. بعد العِشاء .. فوضعت له العَشاء .. والزبيب والموز .. فأكل أكلاً جيداً .. فلما فرغ .. قام .. وتوضأ .. ثم شد على وسطه إزاره .. واستقبل القبلة وقال .. يا عبد الرزاق !! يقولون : اعلف الحمار ثم كده .. ثم صف قدميه يصلي حتى الصباح .. وقال ابن وهب : رأيت سفيان الثوري في الحرم بعد المغرب .. صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع حتى نودي بالعشاء ..
قام أبو مسلم الخولاني ليلة .. فتعبت قدماه فضربهما بالسوط .. وأخذ يقول : أيظن أصحاب رسول الله e أن يسبقونا عليه ؟ والله لنـزاحمنهم عليه .. حتى يعلموا أنهم خلفوا وراءهم رجالاً ..
كيفية العمرة
يستمر في التلبية حتى يدخل الحرم ، فإذا دخله قطع التلبية واضطبع بإحرامه ( يخرج كتفه الأيمن ويغطي ألأيسر ) ، ثم استلم الحجر الأسود بيمينه ( أي مسح عليه ) وقبله قائلاً : الله اكبر ، فإن لم يتمكن من تقبيله بسبب الزحام فإنه يستلمه بيده ويقبل يده .
فإن لم يستطع استلمه بشيء معه كالعصا وما شابهها وقبّل ذلك الشيء .
فإن لم يتمكن من استلامه استقبله بجسده وأشار إليه بيمينه – دون أن يُقبلها – قائلاً : "الله أكبر" .
ثم يطوف على
الكعبة 7 أشواط يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود وينتهي به ، ويُقَبله ويستلمه مع التكبير كلما مر عليه ،
فإن لم يتمكن أشار إليه بلا تقبيل مع التكبير – كما سبق – ويفعل
هذا أيضا في نهاية الشوط السابع .
أما الركن اليماني فإنه كلما مر عليه
استلمه بيمينه دون تكبير ، فإن لم يتمكن من استلامه
بسبب الزحام فإنه لا يشير إليه ولا يكبر ، بل يواصل طوافه.
يستحب له أن يقول في المسافة التي بين الركن اليماني والحجر الأسود ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) .
ليس
للطواف ذكر خاص به فلو قرأ المسلم القرآن أو ردد بعض الأدعية المأثورة أو ذكر الله
فلا حرج .
يسن للرجل أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طوافه ، والرَمَل هو الإسراع في
المشي مع تقارب الخطوات .
ينبغي أن يكون على طهارة عند طوافه .
إذا شك في عدد الأشواط فإنه يبني على اليقين ، أي يرجح الأقل ، فإذا شك هل طاف 3
أشواط أم 4 فإنه يجعلها 3 احتياطاً ويكمل الباقي.
إذا فرغ من طوافه اتجه لمقام إبراهيم عليه السلام وتلا " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ثم صلى خلفه ركعتين بعد أن يزيل الاضطباع ويغطي كتفيه بردائه ، ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى "قل يا أيها الكافرون "وفي الثانية " قل هو الله أحد " ، فإن لم يتمكن من الصلاة خلف المقام بسبب الزحام فيصلي في أي مكان بالحرم ، ثم يستحب له أن يشرب من زمزم ، ثم يستلم الحجر الأسود إن استطاع .
ثم يتوجه للمسعى ، فيبدأ بالصفا ، فيقرأ قوله تعالى : " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ " ، ويقول ( نبدأ بما بدأ الله به ) ، ثم يرقى على الصفا فيستقبل القبلة ويرفع يديه داعياً يقول : ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ثم يدعو بما شاء ، ثم يعيد الذكر السابق ، ثم يدعو ثانية ، ثم يعيد الذكر السابق مرة ثالثة ، ولا يدعو بعده ، ثم يمشي إلى المروة ، ويسرع بين العلمين الأخضرين في المسعى ، فإذا وصل المروة فعل كما فعل على الصفا من استقبال القبلة والدعاء ، وهكذا يفعل في بداية كل شوط ، أما في نهاية الشوط السابع فلا يدعو .
وليس للسعي ذكر خاص به ، ولكن يذكر الله ويدعو بما شاء ، وإن قرأ القرآن فلا حرج ، ويستحب أن يكون متطهراً أثناء سعيه ، وإذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يصلي مع الجماعة ثم يكمل سعيه .
ثم إذا فرغ من سعيه حلق شعر رأسه أو قصره ، فإن كانت العمرة قريبة من وقت الحج فالتقصير أفضل ، لكي يحلق شعره في الحج ، أما إن كانت العمرة مفردة عن الحج فالحلق أفضل .
لابد أن يستوعب التقصير جميع أنحاء الرأس ، فلا يكفي أن يقصر شعر رأسه من جهة واحدة .
المرأة تقصر شعر رأسها بقدر الأصبع من كل ظفيرة أو من كل جانب ، لقوله r : ( ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير " رواه أبو داود .
ثم بعد الحلق أو التقصير تنتهي أعمال العمرة .
بداية الحج
يوم التروية – 8 ذو الحجة .
إذا كان يوم التروية أحرم الحاج من مكانه الذي هو فيه ، فاغتسل وتطيب ، ثم ذهب إلى منى في الضحى ، فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، يصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية منها ( أي يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ) ، ثم يبيت في منى .
يوم عرفة – 9 ذو الحجة .
فإذا طلعت شمس يوم عرفة توجه إلى عرفة ، ويصلي الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر ، ويستحب للحاج الوقوف خلف جبل عرفة مستقبلاً القبلة ، لأنه موقف النبي r ، ويجتهد في الذكر والدعاء والاستغفار راكبا وماشيا وواقفا وجالسا ومضطجعا , ويختار الأدعية الواردة والجوامع , لقوله r :" أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة , وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده , لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير " رواه الترمذي .
ويبقى بعرفة إلى غروب الشمس ولا يجوز أن ينصرف منها قبل الغروب , فإن انصرف قبل الغروب , وجب عليه الرجوع , ليبقى فيها إلى الغروب , فإن لم يرجع , وجب عليه ذبح فدية , لتركه الواجب .
ووقت وقوف عرفة يبدأ بظهر يوم عرفة , ويستمر إلى طلوع الفجر ليلة العاشر , فمن وقف نهارا , وجب عليه البقاء إلى الغروب , ومن وقف ليلا ولو لحظة صح حجه ، لقوله r : ( من أدرك عرفات بليل , فقد أدرك الحج ) ..
والوقوف بعرفة أعظم أركان الحج , لقوله r : "الحج عرفة ".
الخروج من عرفة إلى مزدلفة والمبيت فيها
بعد غروب الشمس يدفع الحجاج من عرفة إلى مزدلفة , لأن النبي r لم يزل واقفا بعرفة حتى غربت الشمس, وغادرها r , وقد شنق لناقته الزمام , حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله , ويقول بيده اليمنى : أيها الناس ! السكينة .. السكينة " ، ويكثرون من التلبية والاستغفار في طريقهم .
فإذا وصل إلى مزدلفة , صلى بها المغرب والعشاء جمعاً مع قصر العشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين , لكل صلاة إقامة , وذلك فور وصولهم دون تأخير ( وإذا لم يتمكنوا من وصول مزدلفة قبل منتصف الليل فإنهم يصلون المغرب والعشاء في طريقهم خشية خروج الوقت ) .
ثم يبيت بمزدلفة حتى يصلي الفجر في أول الوقت , ثم يدعو الله إلى أن يسفر , ثم يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس .
فإن كان من الضعفة كالنساء والصبيان ونحوهم , فإنه يجوز له أن يتعجل في الدفع من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل , وكذلك يجوز لأولياء الضعفة الانصراف معهم بعد منتصف الليل , أما الأقوياء الذين ليس معهم ضعفة , فينبغي لهم البقاء حتى يصلوا الفجر ، فإذا صلوا الفجر أكثروا من الذكر والدعاء إلى أن يسفروا ، ثم ينصرفون إلى منى مكثرين من التلبية في طريقهم .
فالمبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج , لا يجوز تركه لمن وصلها قبل منتصف الليل , أما من وصلها بعد منتصف الليل , فإنه يجزئه البقاء فيها ولو قليلا , والأفضل أن يبقى إلى أن يصلي فيها الفجر .
ويجوز لأهل الأعذار ترك المبيت بمزدلفة , كالمريض المحتاج لمستشفى .
اليوم العاشر ( يوم النحر – العيد )
ينطلق من مزدلفة إلى منى قبيل طلوع الشمس ، ويأخذ حصى الجمار من طريقه قبل وصول منى , هذا أفضل , أو يأخذه من مزدلفة , أو من منى , كله جائز وتكون الحصاة في حجم الظفر تقريباً ، أي أكبر من الحمص قليلا .
فيذهب لجمرة العقبة وتسمى الجمرة الكبرى , فيرميها بسبع حصيات , واحدة واحدة , بعد طلوع الشمس , ويمتد زمن الرمي إلى الغروب ، وإن رمى في الليل جاز ، وينتهي وقت الرمي بفجر يوم الحادي عشر .
ولا بد أن تقع الحصى في حوض الجمرة , سواء استقرت فيه أو سقطت بعد ذلك , فيجب على الحاج أن يصوب الحصا إلى حوض الجمرة , لا إلى العمود الشاخص , فإن هذا العمود لم يبن لأجل أن يرمى , وإنما بني ليكون علامة على الجمرة , فلو ضربت الحصاة العمود , وطارت , ولم تمر على الحوض , لم تجزئه ، وإن ضربت العمود وسقطت في الحوض فوراً لكنها تدحرجت منه وخرجت ، فرميه صحيح .
والضعفة يرمون بعد منتصف ليلة مزدلفة , وإن رمى غير الضعفة بعد منتصف الليل أيضاً , جاز لكنه خلاف الأفضل .
ويسن أن لا يبدأ بشيء حين وصوله إلى منى قبل رمي جمرة العقبة ; لأنه تحية منى , ويستحب أن يكبر مع كل حصاة , ويقول : " اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا " ولا يرمي في يوم النحر غير جمرة العقبة .
وبعد الرمي ينحر الحاج هديه إن كان متمتعاً أو قارناً ، فيأكل منه ويتصدق ويهدي ، ويمتد وقت الذبح إلى غروب الشمس يوم ( 13 ذي الحجة ) مع جواز الذبح ليلاً ، ولكن الأفضل المبادرة بذبحه بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد ، لفعله r ( وإذا لم يجد الحاج ثمن الهدي صام 3 أيام في الحج ويستحب أن تكون يوم 11 و 12 و 13 ، و 7 أيام إذا رجع إلى بلده ) .
ثم يحلق رأسه أو يقصره , والحلق أفضل , لقوله تعالى :" مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ " ودعا r للمحلقين ثلاثاً , وللمقصرين مرة واحدة , وعند التقصير يجب أن يعم جميع شعر رأسه , ولا يجزئ قص بعضه أو جانب منه فقط , لقوله تعالى :" مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ " فأضاف الحلق والتقصير إلى جميع الرأس .
والأصلع الذي ليس له شعر, يمر الموسى على رأسه , لقوله r "إذا أمرتكم بأمر , فأتوا منه ما استطعتم " .
والمرأة تقص من كل ضفيرة قدر أنملة ( عقلة أصبع ) , فإن كان شعرها غير مضفور , جمعته , وقصت من أطرافه .
وبعد الرمي والحلق أو التقصير يحل للمحرم الطيب واللباس وغيره , إلا النساء ، وهذا هو التحلل الأول – يحل له كل شيء إلا النساء - .
ثم يتطيب ويذهب إلى الحرم ليطوف طواف الإفاضة لقوله تعالى : " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليَطوّفوا بالبيت العتيق " ولقول عائشة Z : ( كنت أطيب رسول الله r لحله قبل أن يطوف بالبيت ) ، ثم يسعى بعد هذا الطواف سعي الحج .
وبعد هذا الطواف يحل للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام حتى النساء ، ويسمى هذا التحلل : التحلل الثاني أو التام .
والأفضل أن يرتب فعل هذه الثلاثة هكذا : الرمي ، ثم الحلق أو التقصير ، ثم طواف الإفاضة ، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج ، ويحصل التحلل الأول بفعل اثنين من هذه الثلاثة ، والتحلل الثاني يحصل بفعل هذه الثلاثة كلها , فإذا فعلها , حل له كل شيء .
وصفة الطواف والسعي كما تقدم في صفة العمرة .
أيام التشريق ( 11-12-13 ذو الحجة )
وبعد طواف الإفاضة يوم العيد يرجع إلى منى , فيبيت بها وجوبا , لأنه r لم يرخص لأحد أن يبيت بمكة , إلا للعباس لأجل سقايته " رواه ابن ماجه . فيبيت بمنى ثلاث ليالٍ ( 10مساءً ليلة الحادي عشر ، و11مساءً ليلة الثاني عشر ، و12مساءً ليلة الثالث عشر ) إن لم يتعجل , وإن تعجل , بات ليلتين : (10مساءً ليلة الحادي عشر ، و11مساءً ليلة الثاني عشر ) ويصلي الصلوات في منى قصرا بلا جمع , بل كل صلاة في وقتها .
ويرمي الجمرات الثلاث كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال ( بعد أذان الظهر ) , لقول ابن عمر " كنا نتحين , فإذا زالت الشمس , رمينا " رواه البخاري ، فقوله : " نتحين " , أي : نراقب الشمس فيها دخل وقت صلاة الظهر رمينا , ولقوله r : " لتأخذوا عني مناسككم " ، فالرمي في اليوم الحادي عشر وما بعده يبدأ وقته بعد الزوال , والرمي قبل الزوال لا يصح ، ولا يجزئ , فكما لا تجوز الصلاة قبل وقتها , فإن الرمي لا يجوز قبل وقته ( ورخص بعض أفاضل أهل العلم من المعاصرين وبعض المتقدمين في الرمي قبل الزوال في أيام التشريق ، لأن النبي r رمى بعد الزوال لكنه لم ينه عن الرمي قبل الزوال ، وما سئل عن شيء قدم وأخر في الحج إلا قال : افعل ولا حرج ، ولأن الترخيص بالرمي قبل الزوال أرفق بالناس ، خاصة مع الزحام الشديد هذا الزمان ، ولأن حديث ابن عمر المتقدم حكاية فعل ، ولكن : الأولى الالتزام بقوله r لتأخذوا عني مناسككم ، وهو r ما رمى إلا بعد الزوال ، والله أعلم .) .
وعند الرمي يبتدئ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ، بسبع حصيات لكل جمرة ، مع التكبير عند رمي كل حصاة .
ويسن له بعد أن يرمي الصغرى أن يتقدم قليلاً ويستقبل القبلة ويدعو طويلاً رافعاً يديه ، و بعد رمي الوسطى يتقدم ويجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة ويدعو طويلاً رافعاً يديه ، أما الجمرة الكبرى ( جمرة العقبة ) فإنه يرميها ولا يقف يدعو ، لفعله r ذلك .رواه البخاري .
ويجوز للمريض وكبير السن والمرأة الحامل والضعيفة ، أن يوكلوا من يرمي عنهم ، ويرمي النائب الجمار عند كل جمرة عن نفسه ، سبع حصيات ، ثم عن مستنيبه سبع حصيات .
ثم بعد رمي الجمرات في اليوم 12 , إن شاء الحاج تعجل وخرج من منى قبل المغرب , وإن شاء تأخر وبات ورمى الجمرات يوم 13 بعد الزوال , وهو أفضل , لقوله تعالى :" فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى" وإن غربت عليه الشمس قبل أن يرتحل من منى يوم 12 , لزمه التأخر والمبيت والرمي في اليوم 13.
وبعد فراغ الحاج من حجه وعزمه الرجوع لبلده أو السفر إلى غيره ، فإنه يطوف طواف الوداع ، قبل سفره من مكة ، لقول ابن عباس Z : ( أمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خُفف عن المرأة الحائض . متفق عليه ، فالحائض ليس عليها طواف وداع .
هل طلع الفجر ؟!!
كان للحسن بن صالح جاريةٌ فاشتراها منه بعضهم .. فلما انتصف الليل عند سيدها الجديد قامت تصيح في الدار : يا قوم ..الصلاة ..الصلاة .. فقاموا فزعين .. وسألوها : هل طلع الفجر ؟ فقالت : وأنتم لا تصلون إلا المكتوبة ؟! ثم قامت تصلي ..فلما أصبحت رجعت سيدها الأول .. وقالت له : لقد بعتني إلى قوم سوء لا يصلون إلا الفريضة ولا يصومون إلا الفريضة فردني فردها ..فليت شعري .. ماذا تقول تلك الجارية لو رأت فريقاً من مسلمي زماننا .. الذين تمر عليهم الأيام تترى .. وهم على فرشهم يتقلبون ..فلا الليلَ يقومون .. ولا صلاةَ الفجر يشهدون ..فكانوا كما قال الله } فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً { ..
مسائل متفرقة ..
حج الصبي
ويصح فعل الحج والعمرة من الصبي نفلا لأن امرأة رفعت إلى النبي r صبيا , فقالت : ألهذا حج , قال : نعم , ولك أجر " رواه مسلم . وقد أجمع أهل العلم على أن الصبي إذا حج قبل أن يبلغ , فعليه الحج إذا بلغ واستطاع , ولا تجزئه تلك الحجة عن حجة الإسلام , وكذا عمرته .
كيفية إحرامه : إن كان الصبي دون التمييز ولا يفهم معنى الإحرام , عقد عنه الإحرام وليه , بأن ينويه عنه , ويجنبه المحظورات , ويطوف ويسعى به محمولا , ويستصحبه في عرفة ومزدلفة ومنى , ويرمي عنه الجمرات.
وإن كان الصبي مميزا , نوى الإحرام بنفسه بإذن وليه , ويؤدي ما قدر عليه من مناسك الحج , وما عجز عنه , يفعله عنه وليه مما يصح فيه التوكيل , كرمي الجمرات , ويطاف ويسعى به راكبا أو محمولا إن عجز عن المشي . وكل ما أمكن الصغير - مميزا كان أو دونه - فعله بنفسه كالوقوف والمبيت , لزمه فعله , بمعنى أنه لا يصح أن يفعل عنه , لعدم الحاجة لذلك , ويجتنب في حجه ما يجتنب الكبير من المحظورات .
من أحكام المرأة
لا يجوز للمرأة السفر لحج ولا لغيره بدون محرم : لقوله r " لا تسافر المرأة إلا مع محرم , ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم " رواه أحمد بإسناد صحيح .
وقال رجل للنبي r : إن امرأتي خرجت حاجة , وإني اكتتبت في غزوة كذا , قال : " انطلق فحج معها " متفق عليه ، وفي " الصحيح " وغيره :" لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم " ..
ومحرم المرأة هو : زوجها , أو من يحرم عليه نكاحها تحريما مؤبدا بنسب , كأخيها وأبيها وعمها وابن أخيها وخالها , أو حرم عليه بسبب مباح , كأخ من رضاع أو بمصاهرة كزوج أمها وابن زوجها , ونفقة محرمها في السفر عليها , فيشترط لوجوب الحج عليها أن تملك ما تنفق عليها وعلى محرمها ذهاباً وإياباً .
المرأة إذا حاضت أو نفست قبل الإحرام ثم أحرمت ، أو أحرمت وهي طاهرة ثم أصابها الحيض أو النفاس وهي محرمة , فإنها تبقى على إحرامها , وتعمل ما يعمله الحاج من الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى , إلا أنها لا تطوف بالبيت ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر من حيضها أو نفاسها ، لكن لو قدر أنها طافت وهي طاهرة , ثم نزل عليها الحيض بعد الطواف , فإنها تسعى بين الصفا والمروة , ولا يمنعها الحيض من ذلك ; لأن السعي لا يشترط له الطهارة ، ويجوز للمرأة أن تأكل حبوب منع العادة لكي لا يأتيها الحيض أثناء الحج .
أحكام الإنابة
إن كان الشخص عاجزاً عن الحج بنفسه ، وكان قادراً بماله دون جسمه , بأن كان كبيرا هرما أو مريضا مرضا مزمنا لا يرجى برؤه , لزمه أن يقيم من يحج عنه ويعتمر حجة وعمرة الإسلام من بلده أو من البلد الذي أيسر فيه , لأن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة , أفأحج عنه , قال : حجي عنه" متفق عليه ، ويشترط في النائب عن غيره في الحج أن يكون قد حج عن نفسه حجة الإسلام , لأنه r سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة , قال : حججت عن نفسك ؟ , قال : لا , قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة " إسناده جيد , وصححه البيهقي .
ويعطى النائب من المال ما يكفيه تكاليف السفر ذهابا وإيابا , ولا تجوز الإجارة على الحج , ولا أن يتخذ ذريعة لكسب المال , وينبغي أن يكون مقصود النائب نفع أخيه المسلم , وأن يحج بيت الله الحرام ويزور تلك المشاعر العظام , فيكون حجه لله لا لأجل الدنيا , فإن حج لقصد المال فحجه غير صحيح .
والنائب ينوي الإحرام عن منيبه , ويلبي عنه , ويكفيه أن ينوي بقلبه النسك عنه , ولو لم يتلفظ باسمه , ويستحب للمسلم أن يحج عن أبويه إن كانا ميتين أو حيين عاجزين عن الحج , ويقدم أمه ; لأنها أحق بالبر .
- ومن وجب عليه الحج ثم مات قبل الحج , أخرج من تركته نفقة من يحج عنه ، لأن امرأة قالت : يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج , فلم تحج حتى ماتت , أفأحج عنها , قال : نعثم , حجي عنها , أرأيت لو كان على أمك دين , أكنت قاضيته , اقضوا الله , فالله أحق بالوفاء" رواه البخاري .
محظورات الإحرام
محظورات الإحرام هي المحرمات التي يجب على المحرم تجنبها بسبب الإحرام , وهي تسعة :
الأول : حلق الشعر من جميع بدنه بلا عذر بحلق أو نتف , لقوله تعالى :" وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ "
الثاني : قص الأظافر ، لكن إن انكسر ظفره فأزاله للضرورة ، جاز .
الثالث : تغطية الرجل رأسه ، بملامس كعمامة وطاقية ، لكن لو استعمل مظلة ، أو استظل بشجرة أو سقف سيارة ، جاز .
الرابع
: لبس الرجل المخيط على بدنه من قميص أو سراويل , وكذلك القفازين والجوارب , لقوله
r عن المحرم : لا يلبس القميص , ولا العمامة ,
ولا البرانس , ولا السراويل , ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران , ولا الخفين "
متفق عليه .
وأما المرأة , فتلبس ما شاءت ، إلا أنها لا تلبس النقاب ، ولاالبرقع ( وهو لباس
تغطي به المرأة وجهها فيه ثقبان على العينين ) بل تغطي وجهها بخمار أو جلباب , ولا
تلبس القفازين , لقوله r :"لا تنتقب المرأة , ولا تلبس القفازين"
رواه البخاري .
الخامس : الطيب ، فيحرم استعماله في بدنه أو لباسه لأنه r قال في المحرم "ولا تمسوه بطيب" رواه مسلم ، وينبغي أن لا يتعمد شم الطيب أيضاً .
السادس : صيد حيوانات البر ، لقوله تعالى " وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا " .
السابع : عقد النكاح لنفسه ( الزواج ) أو لغيره ( تزويج غيره كابنته وأخته ) لقوله r " لا يَنكَح المحرم ولا يُنكِح " رواه مسلم .
الثامن : الجماع ، لقوله تعالى :" فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ" قال ابن عباس : الرفث : الجماع " .
فمن جامع قبل التحلل الأول , فسد حجه , ويلزمه إكماله , وقضاؤه العام القادم , وعليه ذبح بدنة , وإن كان الوطء بعد التحلل الأول , صح حجه , وعليه ذبح شاة .
التاسع : مباشرة المرأة بلمس بشهوة ، أو تقبيل ، ونحوه .
يجب على الحاج أن يبتعد عن هذه المحظورات ، لئلا يقدح في حجه ، ومن فعل شيئاً منها ، فحكمه فيه تفصيل ، من جهة لزوم الفدية أو عدم لزومها ، ولا مجال لتفصيل ذلك هنا ، ويمكن الرجوع إلى أهل العلم عند وقوع ذلك .
أسأل الله أن يتقبل منا عباداتنا ، وأن يجعلها صحيحة على السنة .
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق